المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ لا تشك للناس ! - قصيدة رائعة ]


محمد علي 92
09-09-2023, 09:49 PM
[ لا تشك للناس ! - قصيدة رائعة ]

بيتٌ من الشِّعرِ أذهلني برَوعتِهِ

توسَّد القلبَ منذ أن خَطَّهُ القلمُ

أضحى شِعاري وحَـفَّزني لأكْرِمَهُ*

عشرينَ بيتاً لها مِن مِثلهِ حِكَمُ

"*لا تَشْكُ لِلناسِ جُرْحاً أَنْتَ صَاحِبُهُ

لا يُؤْلِمُ الجُرْحُ إلا مَن بِهِ ألَـمُ "

شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاس مَنْقصَةٌ

ومَن مِنَ النَّاسِ صَاحٍ مَا بِهِ سَقَمُ ؟

فالهمُّ كالسّيْلِ ، والأحزانُ زاخِرَةٌ(1)

حُمْرُ الدَّلائلِ مَهْمَا أهْلُها كَـتمُوا

فَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ طَابَ الزَّمَانُ لَهُ

عَيْنَاكَ تَغْلِي ، وَمَنْ تَشْكُو لَهُ صَنَمُ !

وَإِذَا شَكَوْتَ لِمَنْ شَكْوَاكَ تُسْعِدُهُ

أَضَفْتَ جُرْحاً لِجُرْحِكَ اِسْمُهُ النَّدَمُ !

هَلِ الْمُوَاسَاةُ يَوْماً حرَّرَتْ وَطَناً ؟

أم التّعازي بَدِيلٌ ، إنْ هَوَى العَلَمُ ؟

مَنْ يُنْدِبُ الْحَظَّ يُطْفِئُ عَيْنَ هِمّتِهِ

لَا عِينَ لِلْحَظِ إنْ لَمْ تُبصرِ الْهِمَمُ

كَمْ خَابَ ظَنّي بِمنِ أهدَيتُه ثِقتَي

فَأَجْبَرَتْنِي عَلَى هِجْرَانِهِ التُّهَمُ

كَمْ صُرْتُ جِسْراً لمَن أحببتهُ فَمَشَى

عَلَى ضُلُوعِي وَكَمْ زَلَّت بِهِ قَدَمُ

فَدَاسَ قَلْبي ، وَكَانَ القَلْبُ مَنْزِلهُ

فَمَا وَفَائِي لخِلٍّ مَا لَهُ قِيَمُ

لَا الْيَأسُ ثَوْبي ، وَلَا الأحزان تَكْسِرُني

جُرْحَي عَنِيدٌ ، بلَسْعِ النَّارِ يَلْتَئِمُ !

اِشربْ دمُوعك ! واجْرَع مُرَّهَا عَسَلاً !

يغزو الشُّموعَ حَريقٌ ، وهِيَ تَبتَسِمُ

والْجِمْ هُموْمَكَ ، واسْرِج ظَهْرَها فَرَساً

وانهض كسيْفٍ ، إذا الأنصالُ(2) تَلْتَحِمُ

عدالة الأرضِ مذ خُلِقت مزيّفةٌ ،

والعدلُ في الأرضِ لا عدلٌ ولا ذِمَمُ(3)

فالْخَيْرُ حَملٌ ودِيعٌ خَائِفٌ قَلِقٌ

وَالشَّرُّ ذِئْبٌ خَبِيثٌ مَاكِرٌ نَهِمُ (4)

كلُّ السكاكين صوبَ الشاةِ راكضةٌ

لِتُطَمْئِنَ الذئبَ أنَّ الشملَ مُلتئِمُ

كُنْ ذَا دَهَاءِ (5) ، وَكُنِ لِصّاً بِغَيْرِ يَدٍ

تَرَى الْمَلَذَّاتِ تحتَ يَدِيكَ تَزْدَحِمُ !

فالْمَالُ وَالْجَاهُ تِمْثَالَانِ مِنْ ذَهبٍ ،

لَهُمَا تُصلِّي بِكُلِّ لُغاتِهَا الأُممُ !

والأقـوياءُ طـواغيتٌ فراعـنةٌ

وأغلبُ الناسِ تحتَ عروشِهِم خدمُ

شَكَوَاكَ شَكْوَايَ يَا مِن تَكْتَوِي ألْماً !

ما سالَ دَمْعٌ عَلَى الْخَدَّيْنِ سَالَ دَمُ !

وَمَنْ سِوَى اللهِ نَأْوِي تَحْتَ سِدْرَتِهِ(6)

وَنَسْتَغِيثُ بِهِ عَوناً وَنَعْتَصِمُ

كُن فَيْلَسُوفاً ! ترى أنَّ الجميعَ هُنَا

يَتقاتلونَ على عَدَمٍ ، وهُمُ عَدَمُ !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

/ المرحوم الشاعر كريم العراقي /

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ شرح الكلمات ]

(1) ـ زاخِرَة : ملآنة .
(2) ـ الأنصال : الأسهم / الرماح .

(3) ـ ذِمَم : مفردها الذّمّة : الأمان والعهد .

(4) ـ نَهِمٌ : ذو شراهة .( الشراهةٌ : الرَّغْبَةُ الْمُلِحَّةُ في الطَّعَام ، اِشْتِدَادُ الحِرْصِ عَلَيْهِ، الاشْتِهَاء . )

(5) ـ كُن ذا دَهَاء : كن ذا مَكْرٍ واحتِيال .

(6) ـ سِدْرَتِه : سِدرة : شجرة فوق السماء السابعة عن يمين العرش .

محب علي ع
10-09-2023, 07:00 AM
شكرا لك والرحمة من الله للشاعر العراقي الرائع

جعفر المندلاوي
22-09-2023, 02:27 PM
أحسنتم اخي ، اختيار لطيف
بارك الله بك ، ورحم الله الشاعر العراقي