مصطفى الهادي
20-08-2024, 10:26 PM
الخلافة والنبوة عند بني إسرائيل، وأثرها على المسلمين.
مصطفى الهادي.
(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبر بشبر).(1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة).(2)
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا، قالوا أنى يكونُ لهُ الملكُ علينا ونحن أحق بالملك منه).(3)
كان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة، وسبط مملكة. ومن هنا كانوا أول من فصل الدين عن الدولة. فكانت النبوة في سبط لاوي . والملك في داود وسُليمان. ولذلك نرى بني إسرائيل عندما طلبوا من نبيٍّ لهم أن يبعث معهم ملكا يُقاتلوا معهُ ، فبعث الله لهم طالوت ملكا. فاعترضوا وتمردوا ولم يقبلوا وقالوا لنبيهم: (قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه). (4) ولم تنفع كل أقوال نبيهم معهم من أن الله قد اختاره: (قال إن الله اصطفاهُ عليكم). فثاروا عليه وانقلبوا واجتمعوا في سقيفتهم (خيمة الاجتماع) وقاموا باختيار ملك من بينهم. وتصف لنا التوراة هذا المشهد بقولها: (بغوا هم وآباؤنا، وصلّبوا رقابهم ولم يسمعوا لوصاياك، وأبوا الاستماع، ولم يذكروا عجائبك التي صنعت معهم، وأعطوا كتفا معاندة، وعند تمردهم أقاموا رئيسا).(5)
عقيدة فصل الإمامة عن النبوة، أو ما يُسمى اليوم : (فصل الدين عن الدولة)، حسب قولهم : لكم الدين ولنا الدولة. هي عقيدة يهودية ثم نصرانية بامتياز لا يُنازعهم فيها أحد. وهي لا زالت سائدة إلى هذا اليوم. واتفقت المسيحية المبتدعة مع اليهود على فصل الدين عن الدولة، فوضعوا نصا على لسان السيد المسيح يقول فيه : (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله).(6) فأصبحت سلطة الدولة بيد الملك (القيصر) وسلطة الله بيد الكنيسة (البابا).
اليهود لم يكونوا ينتظرون نبيا بل كانوا ينتظرون ملكهم المُسيّا العسكري. (ضمن النبوءات المسيانية في العهد القديم فإن المُسيّا هو المخلص المنتظر، وهو القائد المعيّن من قبل الله، ويكون ملكا لإسرائيل ويجب أن يخرج من صلب داود الملك يحكم الشعب اليهودي ويوحد أسباط إسرائيل ويعلن عن بدء العصر المسياني، وحسب نظر اليهود من خلال التلمون والمدراش وغيره ، فإن المُسيّا المنتظر سيأتي قبل (6000) سنة من خلق العالم، وحاليا نحن في عام 2010 والذي يُقابل سنة (5770) للخليقة حسب العقيدة اليهودية).(7) والمسيّا حسب عقيدتهم هو الذي يُعيد لهم مجدهم وهو ملك وليس نبي، ولذلك نراهم عند بداية دعوة السيد المسيح يفرحون ويُبشّر بعضهم بعضا ويقولون : (قد وجدنا مُسيّا).(8) وقد شاع بين الناس بأن المُسيّا قد ظهر : (قالت له المرأة : أنا أعلم أن مسيا، يأتي.. قال لها يسوع: أنا الذي أكلمك هو).(9) ولكنهم لم يكونوا ينتظروا نبيا، بل ملكا يحكمهم فكانوا يقتلون كل نبي يأتي وكان آخر من قتلوه زكريا وابنه يحيى. ولذلك عندما اصحر السيد المسيح بنبوته، ودعاهم إلى رسالته، وقال لهم : (مملكتي ليست من هذا العالم).(10) رافضا بذلك أن يدعوه ملكا. وقال لهم بأنهُ نبي : (يسوع الناصري، الذي كان إنسانا نبيا مقتدرا أمام الله).(11) فشاع ذلك، وأخذ الناس يتنادون به فيما بينهم (فقالت الجموع : هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل).(12)
رفضوا دعوته وبدأوا بالتخطيط لقتله، مع أن البعض من اليهود في البداية ، اعتقدوه هو الملك المنتظر حيث كانوا يُسلّمون عليه بتحية المُلك (السلام يا ملك اليهود ، هذا هو يسوع ملك اليهود).(13) وفي إنجيل لوقا قال كانوا يُسلمون عليه ويدعون له قائلين : (مبارك الملك الآتي باسم الرب).(14) يضاف إلى ذلك أن اليهود فهموا من قول السيد المسيح بأنهُ الملك، وأنهُ أمر بقتل كل من لم يؤمن بملوكيته كما يقول في لوقا: (أما أعدائي، أولئك الذين لم يُريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي).(15) ولكن عندما علموا بأن السيد المسيح نبي وليس ملك انزعج الكهنة كثيرا ووشوا به إلى القيصر واستغلوا بعض أقواله لاتهامه بأنه ملك ضد القيصر، تمهيدا لقتله. يقول الكتاب المقدس : (اليهود كانوا يصرخون قائلين : من يجعل نفسه ملكا يُقاوم قيصر).(16) فقبض عليه بيلاطس الوالي وسأله : (فسأله بيلاطس :هل أنت ملك اليهود).(17) ولكن المسيح أنكر ذلك ولم يجد عند السيد المسيح أي شيء يُدينه، فقال بيلاطس لليهود : (هوذا ملككم، فصرخوا: خذه خذه اصلبه. فقال لهم بيلاطس : أأصلب ملككم؟ فأجاب رؤساء الكهنة : ليس لنا ملك إلا قيصر).(18) فاليهود كانوا ينتظرون ملكا، لأنهم يؤمنون بأن عصر الأنبياء قد انقضى. ولذلك لم يقبلوا السيد المسيح لا ملكا ولا نبيا. لأنهم أنكروا أن يكون السيد المسيح مُسّياهم.
من كل ذلك نفهم أن جوهر العقيدة اليهودية هي (الملك) وليس النبوة (أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه).(19) ولذلك سعوا جاهدين لفصل النبوة عن الخلافة (الملك). ثم ينسبون هذه العقيدة إلى الله تعالى فتقول توراتهم بأن الله هو من فصل بين النبوة والمُلك : (امسح ياهو بن نمشي ملكا على إسرائيل، وامسح أليشع بن شافاط نبيا).(20)
هذه العقيدة الفاسدة نرى لها في الإسلام تطبيقا حرفيا من قبل بعض تلاميذ اليهود الذين أسلموا. وقد بدت معالم ذلك تتكشف بوضوح كلما اقترب النبي من ساعاته الأخيرة. ففي حجة الوداع عندما أمر الله نبيه ان يقوم بتنصيب عليا (ع) خليفة بعده جامعا له كل مواريث النبوة والإمامة. ثارت ثائرة قريش واعترضت وصلّبت رقابها، وصاح صائحهم : (اللهم إن كان هذا هو الحق منعندك فأمطر علينا حجارة من السماء أوائتنابعذابأليم ).(21) فلم يقبلوا بأن يكون عليا وليا عليها وبمجرد أن علموا باحتضار النبي (ص) منعوه من كتابة وصيته وانقلبوا صلّبوا رقابهم وتمردوا ولم يسمعوا لوصايا الله تعالى في خلافة النبي (ص) وقاموا بتعيين خليفة ــ رئيسا ــ اختاروه منهم وهذا ما سمعناه وبكل وضوح من عمر بن الخطاب عندما تسلّم الأمر بعد أبي بكر وأصبح قويا لا يخشى أحد، أظهر حقيقة تآمرهم كما في الرواية التالية : (قال عمر : يا بن عباس، أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت. فقال ابن عباس لعمر: أمّا قولك: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزّ وجلّ لها لكان الصواب).(22)
قول عمر بن الخطاب هنا كأنهُ مقتبس حرفيا من عقائد اليهود في عدم اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد كما يقول: (كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة). وهذا كلام غامض مبهم من عمر، من هم الذين كرهوا ذلك؟ صحيح انهم أضافوا اسم (قريش) فيما بعد ولكن هذا لا ينفي أن هناك من كان يراقب مجريات الأحداث بعد وفاة رسول الله (ص) وكان لهُ تأثير على قرارات أهل السقيفة. هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أغلب الذين اجتمعوا في السقيفة من أتباع أبي بكر وعمر كانوا ممن يدرسون على يد اليهود في (مدراش العوالي) وتربطهم بهم علاقات وثيقة جدا باعترافهم ، كما يروي عمر نفسه فيقول : (إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم ، فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك ، لأنك تأتينا).(23) وقد شهد جابر بن عبد الله على عمر فقال : (نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به إلى النبي).(24) فهل يبقى بعد ذلك شك في أن خلافتهم باطلة وأنها كانت نسخة كوبي من عقيدة اليهود التي نرى تأثيرها اليوم من خذلان أتباعهم لإخوانهم في الدين والمذهب والعروبة، لا بل ينصرون إخوان القردة والخنازير ومدّهم بكل ما يُبقيهم أحياء ليستمروا في عملية الذبح والإبادة.
أن عمرا ليس وحده من يؤمن باليهود . فهذه عائشة زوجة النبي أيضا ممن يؤمن باليهود فقد كانت عائشة تشعر بزوال أمراضها عندما تقرأ عليها يهودية من التوراة كما تلاحظ في هذه الرواية التي يرويها مالك فيقول : (أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي مريضة ويهودية ترقيها! فقال أبو بكر: إرقيها بكتاب الله).(25) فلم يصدر من أبي بكر أي اعتراض على وجود يهودية عند ابنته ترقيها بالتوراة .
والأغرب من ذلك أن عمر يُشكك في خلافته فلا يطمئن لها إلا بتزكية من اليهود فقد ورد أن عمر بن الخطاب سأل كعب الأحبار هل أنه خليفة شرعي لرسول الله حقا أم مجرد ملك وحاكم غير شرعي؟! فقد روى نعيم بن حماد أن عمر بن الخطاب قال لكعب: (أنشدك بالله يا كعب! أتجدني خليفةً أم ملكاً؟ قال: بل خليفة! فاستحلفه، فقال كعب: خليفة والله من خير الخلفاء! وزمانك خير زمانا.( (26) ومن هنا نرى أتباع السقيفة إلى هذا اليوم يعتمدون على صحة خلافة أبو بكر وعمر وأضرابهم بأمثال هذه الروايات اليهودية(27).
الخلاصة.
لو جمعنا فلتات عمر واجتهاداته وتأويلاته لرأينا أن عمر يؤسس لدين جديد لا علاقة له بدين النبي محمد (ص).لا بل أن أتباعه أشاعوا بأن الله تعالى لو لم يبعث محمدا نبيا لبعث عمر. وقد ملأت أقوال وأفعال عمر كل كتب مذاهب أهل السنة ، لكونه ملهم من الله، ولذلك واجه الإمام علي عليه السلام صعوبة بالغة في رد الناس إلى سنة رسول الله (ص) ومجرد محاولة صغيرة منه تصايح الناس من كل جانب (وا سنة عمراه) ، وعمر يفعل كل ذلك بجرأة عجيبة.
فمنذ أن أعلن عمر وهو يرعد ويزبد (أن محمدا لم يمت وأن من يقول أن النبي مات علاه بسيفه).(28) وعمر يقرأ قوله تعالى لنبيه (إنك ميت وانهم ميتون). (29) منذ تلك اللحظة تبين أن الرجل يعد لأمر ما. ناهيك عن محاولاته فرض بعض ما في كتب اليهود على النبي (ص) حتى غضب عليه ونسبهُ إلى التهوك. (30) وقد فرضها عمر على الإسلام وفرض اليهود معها بعد وفاة رسول الله (ص) وتسلم خط السقيفة الخلافة. وقد كان عمر الوحيد من بين الصحابة يصول ويجول في أحكام الله تعالى حتى أفرخت أفعاله الكثير من المدارس الفكرية لا علاقة لها بالإسلام وهو ما يُطلق عليه (المذاهب أو الفرق) الإسلامية. وكان على رأس مغامراته العلاقة الغريبة بينه وبين اليهود، حتى يخال إليك أن الرجل يغترف من توراتهم وتلمودهم ثم يرمي به في الإسلام. ولذلك لا نستغرب من اليهود أن يمنحوا عمرا وسام (الفاروقية) كما يقول ابن شهاب: (بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق! ولم يبلغنا أن رسول الله (ص) ذكر من ذلك شيئا).(31) وفي ذكر فتح بيت المقدس يقول الطبري : (لما دخل عمر الشام تلقاه رجل من يهود دمشق، فقال السلام عليك يا فاروق).(32) ونسب الطبري أيضا إلى كعب الأحبار قوله لعمر : (إن الله ارسل نبيا إلى القدس يقول لها أبشري أوري شلم. عليك الفاروق يُنقيك مما فيك). وقد ورد عن الباحث نبيل فياض أن اليهود كانوا يرون عمر بن الخطاب صديق إسرائيل أو عاشق إسرائيل! وكانوا يزعمون أن الملِك الثاني من إسماعيل هو عمر بن الخطاب. وقد نقل الباحث نبيل فياض آراء اليهود في تفسير هذا النص، حيث يقول: (الذي نعتقد أنه كان الفاروق عمر بن الخطاب، يشاركنا في هذا الرأي الباحثان مايكل كوك وباتريشيا كرونه إضافة إلى الموسوعة اليهودية… والتقليد اليهودي يعتبر عمر حاكما خيِّرا، والمدراش (تستاروت أسرار دراف شمعون بار يوحاي) يشير إليه بصديق إسرائيل أو عاشق إسرائيل!… الموسوعة اليهودية كما لاحظنا وأشرنا تقول دون أدنى تردد أن المقصود بالملك الثاني من إسماعيل، حبيب أو صديق إسرائيل، هو عمر بن الخطاب).(33)
أدى التصاق عمر باليهود وانتساخه منهم ما حرَّفوه من كتاب الله إلى غضب استثنائي من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، فالأحاديث تتحدث عن أنه صلى الله عليه وآله (غضب حتى احمرَّتْ وجنتاه) وأن الأنصار حين رأوا هذا الغضب الشديد رفعوا السلاح وقالوا: (أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم! السلاح السلاح! فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختُصر لي اختصارا، ولقد آتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرَّنكم المتهوِّكون).(34) وقوله ص : لا يغرنكم المتهوكون في إشارة إلى عمر بن الخطاب، حيث قال له النبي ذلك في مناسبة أخرى (امتهوكون يا ابن الخطاب).
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنهُ منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق).(35)
المصادر:
1- رواه البخاري (3456) في كتاب الأنبياء، ومسلم (2669) في كتاب العلم.
2- ابن أبي شيبة في مصنفه -كتاب الصلاة – باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
قالوا : إسناد جيد.
3-البقرة : 247.
4- البقرة : 247.
5- سفر نحميا 9 : 16 ـ 17.عن أبي جعفر عليه السلام (إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه، وروي أنه أرميا النبي، فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد).
6- إنجيل مرقس 12 : 17.
7- مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت (https://st-takla.org/)، أسئلة عن الكتاب المقدس. المسيح في رأي اليهود. يعني من وجهة نظر اليهود فإن المتبقي حتى ظهور مُسيّاهم (230) سنة.
8- إنجيل يوحنا1 : 41.
9- إنجيل يوحنا 4 : 25.
10- إنجيل يوحنا 18 : 36.
11- إنجيل لوقا 24 : 19.
12- إنجيل متى 12 : 11.
13- إنجيل متى 27: 29 ــ 37.
14- إنجيل لوقا 19 : 38.
15- إنجيل لوقا 19 : 27.
16- إنجيل يوحنا 19: 15.
17- إنجيل لوقا 23 : 3.
18- إنجيل يوحنا 19: 15.
19- البقرة : 247.
20- سفر الملوك الأول19 : 16.
21- الأنفال : 32.
22- تاريخ الطبري”ج٢ ص ٥٧٨.
23- الدر المنثور جلال الدين السيوطي، الجزء الأول ص 90 . استغل اليهود عمر وطمعوا في أن يتركوا تأثيرا على النبي بواسطته خصوصا بعد نزول القرآن وهو يطعن في التوراة. فقاموا بترجمة التوراة للعربية وكلفوه ان يأخذها للنبي ويعرضها عليه لكي يعترف بها فقد روى عمر قائلا : (يا رسول الله إني مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال فتغير وجه رسول الله. وقال والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم).
24- مجمع الزوائد للهيثمي الجزء الأول ص 174. و علاقة عمر باليهود لم تكن عابرة فقد كان ابن الخطاب مواظبا على الحضور في (المدراس) منبهرا باليهودية التي أخذت أحاديها بقلبه. فيقول: (إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا.).الدر المنثور للسيوطي ح5 ص : 148. لقد كان طريق عمر على مدراس اليهود، وكان كلما دخل عليهم سمع منهم كما يقول : (كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة). تفسير الطبري ج2 ص: 287 ــ 290. و : تفسير السيوطي ج1 ص : 223.
25- مالك في موطأه الجزء الثاني ص 943.
26- المتقي الهندي في كنز العمال ج 12 ص 574. وقول كعب لعمر (وزمانك خير زمانا). يعني به أن زمن عمر كان ربيع اليهود. لأن عمرا قام بإقناع (70) عائلة يهودية بالعودة إلى القدس، فكان أول توطين رسمي لهم. كتاب سايمون صبّاغ مونتفيوري: القدس السيرة الذاتية. صحيفة القدس العربي عدد الأثنين ، 19 أغسطس ، 2024 . مقال تحت عنوان : هآرتس : هكذا أقنع الخليفة عمر بن الخطاب 70 عائلة يهودية بالعودة إلى القدس.
27- مؤاخاة عمر مع اليهود على لسانه ، يقول: (إني مررتُ بأخٍ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة). مسند أحمد حديث رقم: 15864.
28- لما توفي رسول الله (ص) قام عمر بي الخطاب فقال إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران). الملل والنحل ج1 ص: 29. تاريخ الذهبي 1/ 317 ، والبداية والنهاية لابن كثير 5/ 242 ، وتاريخ أبي الفداء 1/ 164 ، وأنساب الأشراف 1/ 565 ، وتاريخ الخميس 2/ 185 ، ومسند أحمد 6/ 219 ، ونهاية الأرب 18/ 385.
29- الزمر : 31.
30- وهو ما ذكره الإمام أحمد في مسنده من أن عمرا كتب نسخ من جوامع التوراة وعرضها على النبي فقال له (امتهوكون فيها يا ابن الخطاب). الإمام أحمد ج4 ص265.
31- تاريخ المدينة لابن شبة النمري ج2، ص : 662. والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص : 271.
32- الطبري ج3 ص : 607.
33- نصان يهوديان حول الإسلام ، نبيل فيّاض ص:60. 2020 ، نشر دار الليبرالية السورية.
34- تفسير ابن كثير ج4 ص315.
35- المائدة : 51. و : سورة الممتحنة آية : 1.
مصطفى الهادي.
(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبر بشبر).(1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كأني أنظر إلى أحبار بني إسرائيل واضعي أيمانهم على شمائلهم في الصلاة).(2)
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا، قالوا أنى يكونُ لهُ الملكُ علينا ونحن أحق بالملك منه).(3)
كان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة، وسبط مملكة. ومن هنا كانوا أول من فصل الدين عن الدولة. فكانت النبوة في سبط لاوي . والملك في داود وسُليمان. ولذلك نرى بني إسرائيل عندما طلبوا من نبيٍّ لهم أن يبعث معهم ملكا يُقاتلوا معهُ ، فبعث الله لهم طالوت ملكا. فاعترضوا وتمردوا ولم يقبلوا وقالوا لنبيهم: (قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه). (4) ولم تنفع كل أقوال نبيهم معهم من أن الله قد اختاره: (قال إن الله اصطفاهُ عليكم). فثاروا عليه وانقلبوا واجتمعوا في سقيفتهم (خيمة الاجتماع) وقاموا باختيار ملك من بينهم. وتصف لنا التوراة هذا المشهد بقولها: (بغوا هم وآباؤنا، وصلّبوا رقابهم ولم يسمعوا لوصاياك، وأبوا الاستماع، ولم يذكروا عجائبك التي صنعت معهم، وأعطوا كتفا معاندة، وعند تمردهم أقاموا رئيسا).(5)
عقيدة فصل الإمامة عن النبوة، أو ما يُسمى اليوم : (فصل الدين عن الدولة)، حسب قولهم : لكم الدين ولنا الدولة. هي عقيدة يهودية ثم نصرانية بامتياز لا يُنازعهم فيها أحد. وهي لا زالت سائدة إلى هذا اليوم. واتفقت المسيحية المبتدعة مع اليهود على فصل الدين عن الدولة، فوضعوا نصا على لسان السيد المسيح يقول فيه : (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله).(6) فأصبحت سلطة الدولة بيد الملك (القيصر) وسلطة الله بيد الكنيسة (البابا).
اليهود لم يكونوا ينتظرون نبيا بل كانوا ينتظرون ملكهم المُسيّا العسكري. (ضمن النبوءات المسيانية في العهد القديم فإن المُسيّا هو المخلص المنتظر، وهو القائد المعيّن من قبل الله، ويكون ملكا لإسرائيل ويجب أن يخرج من صلب داود الملك يحكم الشعب اليهودي ويوحد أسباط إسرائيل ويعلن عن بدء العصر المسياني، وحسب نظر اليهود من خلال التلمون والمدراش وغيره ، فإن المُسيّا المنتظر سيأتي قبل (6000) سنة من خلق العالم، وحاليا نحن في عام 2010 والذي يُقابل سنة (5770) للخليقة حسب العقيدة اليهودية).(7) والمسيّا حسب عقيدتهم هو الذي يُعيد لهم مجدهم وهو ملك وليس نبي، ولذلك نراهم عند بداية دعوة السيد المسيح يفرحون ويُبشّر بعضهم بعضا ويقولون : (قد وجدنا مُسيّا).(8) وقد شاع بين الناس بأن المُسيّا قد ظهر : (قالت له المرأة : أنا أعلم أن مسيا، يأتي.. قال لها يسوع: أنا الذي أكلمك هو).(9) ولكنهم لم يكونوا ينتظروا نبيا، بل ملكا يحكمهم فكانوا يقتلون كل نبي يأتي وكان آخر من قتلوه زكريا وابنه يحيى. ولذلك عندما اصحر السيد المسيح بنبوته، ودعاهم إلى رسالته، وقال لهم : (مملكتي ليست من هذا العالم).(10) رافضا بذلك أن يدعوه ملكا. وقال لهم بأنهُ نبي : (يسوع الناصري، الذي كان إنسانا نبيا مقتدرا أمام الله).(11) فشاع ذلك، وأخذ الناس يتنادون به فيما بينهم (فقالت الجموع : هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل).(12)
رفضوا دعوته وبدأوا بالتخطيط لقتله، مع أن البعض من اليهود في البداية ، اعتقدوه هو الملك المنتظر حيث كانوا يُسلّمون عليه بتحية المُلك (السلام يا ملك اليهود ، هذا هو يسوع ملك اليهود).(13) وفي إنجيل لوقا قال كانوا يُسلمون عليه ويدعون له قائلين : (مبارك الملك الآتي باسم الرب).(14) يضاف إلى ذلك أن اليهود فهموا من قول السيد المسيح بأنهُ الملك، وأنهُ أمر بقتل كل من لم يؤمن بملوكيته كما يقول في لوقا: (أما أعدائي، أولئك الذين لم يُريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي).(15) ولكن عندما علموا بأن السيد المسيح نبي وليس ملك انزعج الكهنة كثيرا ووشوا به إلى القيصر واستغلوا بعض أقواله لاتهامه بأنه ملك ضد القيصر، تمهيدا لقتله. يقول الكتاب المقدس : (اليهود كانوا يصرخون قائلين : من يجعل نفسه ملكا يُقاوم قيصر).(16) فقبض عليه بيلاطس الوالي وسأله : (فسأله بيلاطس :هل أنت ملك اليهود).(17) ولكن المسيح أنكر ذلك ولم يجد عند السيد المسيح أي شيء يُدينه، فقال بيلاطس لليهود : (هوذا ملككم، فصرخوا: خذه خذه اصلبه. فقال لهم بيلاطس : أأصلب ملككم؟ فأجاب رؤساء الكهنة : ليس لنا ملك إلا قيصر).(18) فاليهود كانوا ينتظرون ملكا، لأنهم يؤمنون بأن عصر الأنبياء قد انقضى. ولذلك لم يقبلوا السيد المسيح لا ملكا ولا نبيا. لأنهم أنكروا أن يكون السيد المسيح مُسّياهم.
من كل ذلك نفهم أن جوهر العقيدة اليهودية هي (الملك) وليس النبوة (أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه).(19) ولذلك سعوا جاهدين لفصل النبوة عن الخلافة (الملك). ثم ينسبون هذه العقيدة إلى الله تعالى فتقول توراتهم بأن الله هو من فصل بين النبوة والمُلك : (امسح ياهو بن نمشي ملكا على إسرائيل، وامسح أليشع بن شافاط نبيا).(20)
هذه العقيدة الفاسدة نرى لها في الإسلام تطبيقا حرفيا من قبل بعض تلاميذ اليهود الذين أسلموا. وقد بدت معالم ذلك تتكشف بوضوح كلما اقترب النبي من ساعاته الأخيرة. ففي حجة الوداع عندما أمر الله نبيه ان يقوم بتنصيب عليا (ع) خليفة بعده جامعا له كل مواريث النبوة والإمامة. ثارت ثائرة قريش واعترضت وصلّبت رقابها، وصاح صائحهم : (اللهم إن كان هذا هو الحق منعندك فأمطر علينا حجارة من السماء أوائتنابعذابأليم ).(21) فلم يقبلوا بأن يكون عليا وليا عليها وبمجرد أن علموا باحتضار النبي (ص) منعوه من كتابة وصيته وانقلبوا صلّبوا رقابهم وتمردوا ولم يسمعوا لوصايا الله تعالى في خلافة النبي (ص) وقاموا بتعيين خليفة ــ رئيسا ــ اختاروه منهم وهذا ما سمعناه وبكل وضوح من عمر بن الخطاب عندما تسلّم الأمر بعد أبي بكر وأصبح قويا لا يخشى أحد، أظهر حقيقة تآمرهم كما في الرواية التالية : (قال عمر : يا بن عباس، أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت. فقال ابن عباس لعمر: أمّا قولك: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزّ وجلّ لها لكان الصواب).(22)
قول عمر بن الخطاب هنا كأنهُ مقتبس حرفيا من عقائد اليهود في عدم اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد كما يقول: (كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة). وهذا كلام غامض مبهم من عمر، من هم الذين كرهوا ذلك؟ صحيح انهم أضافوا اسم (قريش) فيما بعد ولكن هذا لا ينفي أن هناك من كان يراقب مجريات الأحداث بعد وفاة رسول الله (ص) وكان لهُ تأثير على قرارات أهل السقيفة. هذا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أغلب الذين اجتمعوا في السقيفة من أتباع أبي بكر وعمر كانوا ممن يدرسون على يد اليهود في (مدراش العوالي) وتربطهم بهم علاقات وثيقة جدا باعترافهم ، كما يروي عمر نفسه فيقول : (إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم ، فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك ، لأنك تأتينا).(23) وقد شهد جابر بن عبد الله على عمر فقال : (نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به إلى النبي).(24) فهل يبقى بعد ذلك شك في أن خلافتهم باطلة وأنها كانت نسخة كوبي من عقيدة اليهود التي نرى تأثيرها اليوم من خذلان أتباعهم لإخوانهم في الدين والمذهب والعروبة، لا بل ينصرون إخوان القردة والخنازير ومدّهم بكل ما يُبقيهم أحياء ليستمروا في عملية الذبح والإبادة.
أن عمرا ليس وحده من يؤمن باليهود . فهذه عائشة زوجة النبي أيضا ممن يؤمن باليهود فقد كانت عائشة تشعر بزوال أمراضها عندما تقرأ عليها يهودية من التوراة كما تلاحظ في هذه الرواية التي يرويها مالك فيقول : (أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي مريضة ويهودية ترقيها! فقال أبو بكر: إرقيها بكتاب الله).(25) فلم يصدر من أبي بكر أي اعتراض على وجود يهودية عند ابنته ترقيها بالتوراة .
والأغرب من ذلك أن عمر يُشكك في خلافته فلا يطمئن لها إلا بتزكية من اليهود فقد ورد أن عمر بن الخطاب سأل كعب الأحبار هل أنه خليفة شرعي لرسول الله حقا أم مجرد ملك وحاكم غير شرعي؟! فقد روى نعيم بن حماد أن عمر بن الخطاب قال لكعب: (أنشدك بالله يا كعب! أتجدني خليفةً أم ملكاً؟ قال: بل خليفة! فاستحلفه، فقال كعب: خليفة والله من خير الخلفاء! وزمانك خير زمانا.( (26) ومن هنا نرى أتباع السقيفة إلى هذا اليوم يعتمدون على صحة خلافة أبو بكر وعمر وأضرابهم بأمثال هذه الروايات اليهودية(27).
الخلاصة.
لو جمعنا فلتات عمر واجتهاداته وتأويلاته لرأينا أن عمر يؤسس لدين جديد لا علاقة له بدين النبي محمد (ص).لا بل أن أتباعه أشاعوا بأن الله تعالى لو لم يبعث محمدا نبيا لبعث عمر. وقد ملأت أقوال وأفعال عمر كل كتب مذاهب أهل السنة ، لكونه ملهم من الله، ولذلك واجه الإمام علي عليه السلام صعوبة بالغة في رد الناس إلى سنة رسول الله (ص) ومجرد محاولة صغيرة منه تصايح الناس من كل جانب (وا سنة عمراه) ، وعمر يفعل كل ذلك بجرأة عجيبة.
فمنذ أن أعلن عمر وهو يرعد ويزبد (أن محمدا لم يمت وأن من يقول أن النبي مات علاه بسيفه).(28) وعمر يقرأ قوله تعالى لنبيه (إنك ميت وانهم ميتون). (29) منذ تلك اللحظة تبين أن الرجل يعد لأمر ما. ناهيك عن محاولاته فرض بعض ما في كتب اليهود على النبي (ص) حتى غضب عليه ونسبهُ إلى التهوك. (30) وقد فرضها عمر على الإسلام وفرض اليهود معها بعد وفاة رسول الله (ص) وتسلم خط السقيفة الخلافة. وقد كان عمر الوحيد من بين الصحابة يصول ويجول في أحكام الله تعالى حتى أفرخت أفعاله الكثير من المدارس الفكرية لا علاقة لها بالإسلام وهو ما يُطلق عليه (المذاهب أو الفرق) الإسلامية. وكان على رأس مغامراته العلاقة الغريبة بينه وبين اليهود، حتى يخال إليك أن الرجل يغترف من توراتهم وتلمودهم ثم يرمي به في الإسلام. ولذلك لا نستغرب من اليهود أن يمنحوا عمرا وسام (الفاروقية) كما يقول ابن شهاب: (بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق! ولم يبلغنا أن رسول الله (ص) ذكر من ذلك شيئا).(31) وفي ذكر فتح بيت المقدس يقول الطبري : (لما دخل عمر الشام تلقاه رجل من يهود دمشق، فقال السلام عليك يا فاروق).(32) ونسب الطبري أيضا إلى كعب الأحبار قوله لعمر : (إن الله ارسل نبيا إلى القدس يقول لها أبشري أوري شلم. عليك الفاروق يُنقيك مما فيك). وقد ورد عن الباحث نبيل فياض أن اليهود كانوا يرون عمر بن الخطاب صديق إسرائيل أو عاشق إسرائيل! وكانوا يزعمون أن الملِك الثاني من إسماعيل هو عمر بن الخطاب. وقد نقل الباحث نبيل فياض آراء اليهود في تفسير هذا النص، حيث يقول: (الذي نعتقد أنه كان الفاروق عمر بن الخطاب، يشاركنا في هذا الرأي الباحثان مايكل كوك وباتريشيا كرونه إضافة إلى الموسوعة اليهودية… والتقليد اليهودي يعتبر عمر حاكما خيِّرا، والمدراش (تستاروت أسرار دراف شمعون بار يوحاي) يشير إليه بصديق إسرائيل أو عاشق إسرائيل!… الموسوعة اليهودية كما لاحظنا وأشرنا تقول دون أدنى تردد أن المقصود بالملك الثاني من إسماعيل، حبيب أو صديق إسرائيل، هو عمر بن الخطاب).(33)
أدى التصاق عمر باليهود وانتساخه منهم ما حرَّفوه من كتاب الله إلى غضب استثنائي من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، فالأحاديث تتحدث عن أنه صلى الله عليه وآله (غضب حتى احمرَّتْ وجنتاه) وأن الأنصار حين رأوا هذا الغضب الشديد رفعوا السلاح وقالوا: (أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم! السلاح السلاح! فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه، واختُصر لي اختصارا، ولقد آتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ولا يغرَّنكم المتهوِّكون).(34) وقوله ص : لا يغرنكم المتهوكون في إشارة إلى عمر بن الخطاب، حيث قال له النبي ذلك في مناسبة أخرى (امتهوكون يا ابن الخطاب).
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنهُ منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين. يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تُلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق).(35)
المصادر:
1- رواه البخاري (3456) في كتاب الأنبياء، ومسلم (2669) في كتاب العلم.
2- ابن أبي شيبة في مصنفه -كتاب الصلاة – باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
قالوا : إسناد جيد.
3-البقرة : 247.
4- البقرة : 247.
5- سفر نحميا 9 : 16 ـ 17.عن أبي جعفر عليه السلام (إن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه، وروي أنه أرميا النبي، فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وأخذ أموالهم واستعبد نساءهم، ففزعوا إلى نبيهم وقالوا: سل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت، والملك والسلطان في بيت آخر، لم يجمع الله لهم النبوة والملك في بيت واحد).
6- إنجيل مرقس 12 : 17.
7- مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت (https://st-takla.org/)، أسئلة عن الكتاب المقدس. المسيح في رأي اليهود. يعني من وجهة نظر اليهود فإن المتبقي حتى ظهور مُسيّاهم (230) سنة.
8- إنجيل يوحنا1 : 41.
9- إنجيل يوحنا 4 : 25.
10- إنجيل يوحنا 18 : 36.
11- إنجيل لوقا 24 : 19.
12- إنجيل متى 12 : 11.
13- إنجيل متى 27: 29 ــ 37.
14- إنجيل لوقا 19 : 38.
15- إنجيل لوقا 19 : 27.
16- إنجيل يوحنا 19: 15.
17- إنجيل لوقا 23 : 3.
18- إنجيل يوحنا 19: 15.
19- البقرة : 247.
20- سفر الملوك الأول19 : 16.
21- الأنفال : 32.
22- تاريخ الطبري”ج٢ ص ٥٧٨.
23- الدر المنثور جلال الدين السيوطي، الجزء الأول ص 90 . استغل اليهود عمر وطمعوا في أن يتركوا تأثيرا على النبي بواسطته خصوصا بعد نزول القرآن وهو يطعن في التوراة. فقاموا بترجمة التوراة للعربية وكلفوه ان يأخذها للنبي ويعرضها عليه لكي يعترف بها فقد روى عمر قائلا : (يا رسول الله إني مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال فتغير وجه رسول الله. وقال والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم).
24- مجمع الزوائد للهيثمي الجزء الأول ص 174. و علاقة عمر باليهود لم تكن عابرة فقد كان ابن الخطاب مواظبا على الحضور في (المدراس) منبهرا باليهودية التي أخذت أحاديها بقلبه. فيقول: (إن أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا.).الدر المنثور للسيوطي ح5 ص : 148. لقد كان طريق عمر على مدراس اليهود، وكان كلما دخل عليهم سمع منهم كما يقول : (كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة). تفسير الطبري ج2 ص: 287 ــ 290. و : تفسير السيوطي ج1 ص : 223.
25- مالك في موطأه الجزء الثاني ص 943.
26- المتقي الهندي في كنز العمال ج 12 ص 574. وقول كعب لعمر (وزمانك خير زمانا). يعني به أن زمن عمر كان ربيع اليهود. لأن عمرا قام بإقناع (70) عائلة يهودية بالعودة إلى القدس، فكان أول توطين رسمي لهم. كتاب سايمون صبّاغ مونتفيوري: القدس السيرة الذاتية. صحيفة القدس العربي عدد الأثنين ، 19 أغسطس ، 2024 . مقال تحت عنوان : هآرتس : هكذا أقنع الخليفة عمر بن الخطاب 70 عائلة يهودية بالعودة إلى القدس.
27- مؤاخاة عمر مع اليهود على لسانه ، يقول: (إني مررتُ بأخٍ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة). مسند أحمد حديث رقم: 15864.
28- لما توفي رسول الله (ص) قام عمر بي الخطاب فقال إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران). الملل والنحل ج1 ص: 29. تاريخ الذهبي 1/ 317 ، والبداية والنهاية لابن كثير 5/ 242 ، وتاريخ أبي الفداء 1/ 164 ، وأنساب الأشراف 1/ 565 ، وتاريخ الخميس 2/ 185 ، ومسند أحمد 6/ 219 ، ونهاية الأرب 18/ 385.
29- الزمر : 31.
30- وهو ما ذكره الإمام أحمد في مسنده من أن عمرا كتب نسخ من جوامع التوراة وعرضها على النبي فقال له (امتهوكون فيها يا ابن الخطاب). الإمام أحمد ج4 ص265.
31- تاريخ المدينة لابن شبة النمري ج2، ص : 662. والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص : 271.
32- الطبري ج3 ص : 607.
33- نصان يهوديان حول الإسلام ، نبيل فيّاض ص:60. 2020 ، نشر دار الليبرالية السورية.
34- تفسير ابن كثير ج4 ص315.
35- المائدة : 51. و : سورة الممتحنة آية : 1.