صدى المهدي
18-12-2024, 11:29 AM
http://www.alshirazi.net/monasabat/monasabat/118a.jpg
وأزهرت الأرض بنور فاطمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أسمها: فاطمة بنت خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله أمها: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، جدها: عبد الله والد النبي ، وكنيتها: أم أبيها وأم الأئمة وقد روى أكثر العلماء والشيخ الطوسي في المصباح ان ولادة تلك المخدَّرة تصادف العشرين من شهر جمادى الآخرة، وقيل في يوم الجمعة لسنتين بعد المبعث وقيل في السنة الخامسة من البعثة.
وقال العلامة المجلسي في حياة القلوب: روى صاحب العدد ان فاطمة الزهراء ولدت في السنة الخامسة من البعثة من خديجة رضي الله عنها.
كيفية حملها صلوات الله عليها:
فقد روي انه بينما النبي جالس بأبطح ومعه عمار بن ياسر والمنذر بن الضحضاح وأبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب، إذ هبط عليه جبرئيل في صورته العظمى وقد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب، فناداه يا محمد، العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحاً.
... فأقام النبي أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال: قل لها يا خديجة لا تظني ان انقطاعي عنك هجرة ولا قلى (بغض)، ولكن ربي عز وجل أمرني بذلك لينفذ أمره... فإذا جنك الليل فاجيفي الباب وخذي مضجعك من فراشك في منزل فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.
نهاية الأربعين:
فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مراراً لفقد رسول الله فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته، ثم هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس، فوضعه بين يدي النبي وأقبل جبرئيل على النبي وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام.
فقال علي بن أبي طالب : كان النبي إذ أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يريد إلى الإفطار، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي على باب المنزل وقال: يابن أبي طالب انه طعام محرم الا عليّ.
قال علي فجلست على الباب وخلا النبي بالطعام وكشف الطبق فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب، فأكل النبي منه شبعاً وشرب من الماء رياً ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله اسرافيل .
فارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء، ثم قام النبي ليصلي فأقبل عليه جبرائيل فقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فان الله عزوجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله إلى منزل خديجة.
قالت خديجة رضي الله عنها: وكنت قد الفت الوحدة، فكان إذا جنني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري (أي أرسلته) وغلقت بابي وصليت وردي وأطفأت مصباحي وآويت إلى فراشي فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي فقرع الباب، فناديت من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد ؟
قالت خديجة: فنادى النبي افتحي يا خديجة فاني محمد، قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وفتحت الباب ودخل النبي المنزل.
وكان إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيها ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء ولم يتأهب للصلاة غير انه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه .... فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي حتى حسست بثقل فاطمة في بطني.
كيفية ولادتها:
روى الشيخ الصدوق رضي الله عنه بسند معتبر عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام؟ فقال: نعم، ان خديجة لما تزوج بها رسول الله هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلنَّ عليها ولا يسلمنَّ عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذراً عليه صلى الله عليه وآله، فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة تحدثها من بطنها وتصِّبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله .
فدخل رسول الله يوماً فسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: ياخديجة من تحدثين؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني إنها أنثى وإنها الطاهرة الميمونة وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفائه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة على ذلك إلى ان حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء، فأرسلن إليها أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له فلسنا نجيء ولا نلي من أمرك شيئاً.
فاغتمت خديجة رضي الله عنها لذلك فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوةٍ سمرٍ طوالٍ كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن لما رأتهن، فقالت إحداهن لا تحزني يا خديجة، أرسلنا ربك إليك ونحن أخواتك، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر.
فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين اشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وعصبتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: اشهد ان لا اله الا الله وان أبي رسول الله سيد الأنبياء وان بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط.
ثم سلمت عليهن وسمّت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وفي الشهر كما ينمي الصبي في السنة.
أسماءها الشريفة:
روى ابن بابويه بسند معتبر عن يونس بن ظبيان انه، قال أبو عبد الله :
لفاطمة تسعة أسماء عند الله عز وجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدَثة والزهراء.
ثم قال : أتدري أي شيْ تفسير فاطمة؟ قلت: أخبرني يا سيدى، قال: فطمت من الشر، قال: ثم قال: لولا ان أمير المؤمنين تزوجها لما كان لها كفو إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم فمن دونه.
قال العلامة المجلسي في ذيل ترجمة هذا الحديث: ان الصديقة بمعنى المعصومة، والمباركة بمعنى كونها ذات بركة في العلم والفضل الكمالات والمعجزات والأولاد، والطاهرة بمعنى طهارتها من صفات النقص، والزكية بمعنى نموها في الكمالات والخيرات والراضية بمعنى رضاها بقضاء الله تعالى والمرضية بمعنى مقبوليتها عند الله تعالى، والمحدَثة بمعنى حديث الملائكة، والزهراء بمعنى نورانيتها ظاهراً وباطناً.
واعلم ان هذا الحديث الشريف يدل على أفضلية أمير المؤمنين على جميع الأنبياء والأوصياء إلا خاتم الأنبياء بل استدل بعضهم على أفضلية فاطمة به عليهم، (انتهى).
وقد روت الخاصة والعامة بأحاديث معتبرة متواترة ان النبي قال: إنما سميت فاطمة فاطمة لأن الله عز وجل فطم من أحبها من النار.
صلاتها:
قال في المتهجد: صلاة الطاهرة فاطمة عليها السلام هي ركعتان تقرأ في الأولى الحمد ومائة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر وفي الثانية الحمد ومائة مرة قل هو الله احد فإذا سلمت سبحت تسبيح الزهراء ثم تقول:
سبحان الله ذي العز الشامخ المنيف سبحان من لبس البهجة والجمال سبحان من يرى وقع الطير في الهواء سبحان من هو هكذا لا هكذا غيره.
من مناقبها:
(فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما أذاها)
(أن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
(فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)
فاطمة القدوة:
لم يسمع يوماً أن فاطمة تكبرت وأصابها العجب أو الغرور بالرغم من أن أباها رسول الله صلى الله عليه واله بل كانت على رغم نسبها الرفيع وموقعها الشامخ متواضعة جدا في ملابسها وحياتها اليومية فمثلا كانت لها شملة عباءة قد خيطت أثنى عشر مكانا بسعف النخل وكانت تطحن بالرحى بيدها حتى مجلت وكانت فاطمة وهي ابنة خاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم مطيعة لزوجها طاعة تامة لا تثقل عليه بالطلبات أبدا وترضى منه باليسير من المال والطعام لأنها تعيش الآخرة في قلبها وعقلها فلم تكن الدنيا لها نصيب في فاطمة ولذلك قال علي: (ما أغضبتها يوما ولا أغضبتني) إنها الحياة المثالية.
وكانت تعتني اعتناء عظيماً بتربية الحسنين وتعليمهما الآداب والحكمة والعبادة واحترام الناس والإيثار كما وكانت تهتم بملابسهما وبنظافتهما مراعاة لروحيهما وتجسيدا للإسلام.
ولم يمنعها كل ذلك من دخول ساحة الحرب بعد أن انتهت المعركة لتداوي جراحات النبي وزوجها علي بن أبي طالب فكانت امرأة في البيت وامرأة مجاهدة في ميدان الحرب.
وكانت لها جلسات تعليمية مع نساء المدينة ممن ترغب في التعلم أو تريد أن تستفسر عن حكم شرعي أو تفسير للقرآن....
وهكذا تحتل فاطمة مكان الصدارة في كل شيء فإنها القدوة بحق.
قصة القلادة:
قال جابر بن عبد الله الأنصاري صلى بنا رسول الله صلى الله عليه واله العصر فلما فرغ أقبل رجل من العرب وقال: إني جائع فأطعمني يا رسول الله وعارٍ فألبسني وفقير فأغنني فقال رسول الله صلى الله عليه واله: «إني لا أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله انطلق إلى بيت فاطمة» وكان بيتها ملاصقاً لبيت النبي صلى الله عليه واله فأخذه بلال إلى منزل فاطمة فأعاد عليها كلماته تلك ولم يكن عند فاطمة شيء إلا جلد كبش ينام عليه الحسنان فأخذته وأعطته للفقير وقالت له: (بِع هذا واقض شأنك) فقال يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فما أصنع بجلد الكبش ولما سمعت منه تأثرت فعمدت إلى عقد في رقبتها كان هدية من فاطمة بنت حمزة بنت عمها فدفعته إلى الفقير وقالت له: (بِع هذا لعل الله يعوضك به ما هو خير لك).
فأخذ الإعرابي العقد وذهب إلى مسجد النبي وعرف رسول الله صلى الله عليه واله القضية فسأل من حضر المسجد في شراء العقد فقام عمار بن ياسر ليستأذن رسول الله صلى الله عليه و اله عن شرائه للعقد فقال النبي: (يا عمار اشتريه فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله) فاشتراه من الإعرابي وأعطاه ما أغناه من المال ثم أخذه إلى بيته وأطعمه ثم عمد عمار إلى القلادة ولفها في بردة يمانية ووضع معه طيب وأرسله إلى النبي مع عبد له اسمه (سهم) وقال له: أنت والعقد لرسول الله صلى الله عليه واله فقبضه النبي ثم أرسله إلى فاطمة مع العبد وأخبرها بما جرى فأخذت العقد وأعتقت العبد لوجه الله فضحك العبد فقالت له: (ما يضحكك يا غلام؟) قال: أضحكني عظم بركة هذا العقد أشبع جائعا وكسا عريانا وأغنى فقيرا وأعتق عبد ورجع إلى صاحبه.
وأزهرت الأرض بنور فاطمة
بسم الله الرحمن الرحيم
أسمها: فاطمة بنت خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله أمها: أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، جدها: عبد الله والد النبي ، وكنيتها: أم أبيها وأم الأئمة وقد روى أكثر العلماء والشيخ الطوسي في المصباح ان ولادة تلك المخدَّرة تصادف العشرين من شهر جمادى الآخرة، وقيل في يوم الجمعة لسنتين بعد المبعث وقيل في السنة الخامسة من البعثة.
وقال العلامة المجلسي في حياة القلوب: روى صاحب العدد ان فاطمة الزهراء ولدت في السنة الخامسة من البعثة من خديجة رضي الله عنها.
كيفية حملها صلوات الله عليها:
فقد روي انه بينما النبي جالس بأبطح ومعه عمار بن ياسر والمنذر بن الضحضاح وأبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب، إذ هبط عليه جبرئيل في صورته العظمى وقد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب، فناداه يا محمد، العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحاً.
... فأقام النبي أربعين يوماً يصوم النهار ويقوم الليل، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر وقال: قل لها يا خديجة لا تظني ان انقطاعي عنك هجرة ولا قلى (بغض)، ولكن ربي عز وجل أمرني بذلك لينفذ أمره... فإذا جنك الليل فاجيفي الباب وخذي مضجعك من فراشك في منزل فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.
نهاية الأربعين:
فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مراراً لفقد رسول الله فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته، ثم هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل سندس، فوضعه بين يدي النبي وأقبل جبرئيل على النبي وقال: يا محمد يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام.
فقال علي بن أبي طالب : كان النبي إذ أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يريد إلى الإفطار، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي على باب المنزل وقال: يابن أبي طالب انه طعام محرم الا عليّ.
قال علي فجلست على الباب وخلا النبي بالطعام وكشف الطبق فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب، فأكل النبي منه شبعاً وشرب من الماء رياً ومد يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل وغسل يده ميكائيل وتمندله اسرافيل .
فارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء، ثم قام النبي ليصلي فأقبل عليه جبرائيل فقال: الصلاة محرمة عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فان الله عزوجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله إلى منزل خديجة.
قالت خديجة رضي الله عنها: وكنت قد الفت الوحدة، فكان إذا جنني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري (أي أرسلته) وغلقت بابي وصليت وردي وأطفأت مصباحي وآويت إلى فراشي فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي فقرع الباب، فناديت من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد ؟
قالت خديجة: فنادى النبي افتحي يا خديجة فاني محمد، قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي صلى الله عليه وآله وفتحت الباب ودخل النبي المنزل.
وكان إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهر للصلاة ثم يقوم فيصلي ركعتين يوجز فيها ثم يأوي إلى فراشه، فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء ولم يتأهب للصلاة غير انه أخذ بعضدي وأقعدني على فراشه .... فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي حتى حسست بثقل فاطمة في بطني.
كيفية ولادتها:
روى الشيخ الصدوق رضي الله عنه بسند معتبر عن مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله كيف كان ولادة فاطمة عليها السلام؟ فقال: نعم، ان خديجة لما تزوج بها رسول الله هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلنَّ عليها ولا يسلمنَّ عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذراً عليه صلى الله عليه وآله، فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة تحدثها من بطنها وتصِّبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله .
فدخل رسول الله يوماً فسمع خديجة تحدث فاطمة، فقال لها: ياخديجة من تحدثين؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، قال: يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني إنها أنثى وإنها الطاهرة الميمونة وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفائه في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة على ذلك إلى ان حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء، فأرسلن إليها أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له فلسنا نجيء ولا نلي من أمرك شيئاً.
فاغتمت خديجة رضي الله عنها لذلك فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوةٍ سمرٍ طوالٍ كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن لما رأتهن، فقالت إحداهن لا تحزني يا خديجة، أرسلنا ربك إليك ونحن أخواتك، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها وأخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الإبريق ماء من الكوثر.
فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين اشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر فلفتها بواحدة وعصبتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت: اشهد ان لا اله الا الله وان أبي رسول الله سيد الأنبياء وان بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط.
ثم سلمت عليهن وسمّت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها فكانت فاطمة تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وفي الشهر كما ينمي الصبي في السنة.
أسماءها الشريفة:
روى ابن بابويه بسند معتبر عن يونس بن ظبيان انه، قال أبو عبد الله :
لفاطمة تسعة أسماء عند الله عز وجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والراضية والمرضية والمحدَثة والزهراء.
ثم قال : أتدري أي شيْ تفسير فاطمة؟ قلت: أخبرني يا سيدى، قال: فطمت من الشر، قال: ثم قال: لولا ان أمير المؤمنين تزوجها لما كان لها كفو إلى يوم القيامة على وجه الأرض آدم فمن دونه.
قال العلامة المجلسي في ذيل ترجمة هذا الحديث: ان الصديقة بمعنى المعصومة، والمباركة بمعنى كونها ذات بركة في العلم والفضل الكمالات والمعجزات والأولاد، والطاهرة بمعنى طهارتها من صفات النقص، والزكية بمعنى نموها في الكمالات والخيرات والراضية بمعنى رضاها بقضاء الله تعالى والمرضية بمعنى مقبوليتها عند الله تعالى، والمحدَثة بمعنى حديث الملائكة، والزهراء بمعنى نورانيتها ظاهراً وباطناً.
واعلم ان هذا الحديث الشريف يدل على أفضلية أمير المؤمنين على جميع الأنبياء والأوصياء إلا خاتم الأنبياء بل استدل بعضهم على أفضلية فاطمة به عليهم، (انتهى).
وقد روت الخاصة والعامة بأحاديث معتبرة متواترة ان النبي قال: إنما سميت فاطمة فاطمة لأن الله عز وجل فطم من أحبها من النار.
صلاتها:
قال في المتهجد: صلاة الطاهرة فاطمة عليها السلام هي ركعتان تقرأ في الأولى الحمد ومائة مرة إنا أنزلناه في ليلة القدر وفي الثانية الحمد ومائة مرة قل هو الله احد فإذا سلمت سبحت تسبيح الزهراء ثم تقول:
سبحان الله ذي العز الشامخ المنيف سبحان من لبس البهجة والجمال سبحان من يرى وقع الطير في الهواء سبحان من هو هكذا لا هكذا غيره.
من مناقبها:
(فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما أذاها)
(أن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
(فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني)
فاطمة القدوة:
لم يسمع يوماً أن فاطمة تكبرت وأصابها العجب أو الغرور بالرغم من أن أباها رسول الله صلى الله عليه واله بل كانت على رغم نسبها الرفيع وموقعها الشامخ متواضعة جدا في ملابسها وحياتها اليومية فمثلا كانت لها شملة عباءة قد خيطت أثنى عشر مكانا بسعف النخل وكانت تطحن بالرحى بيدها حتى مجلت وكانت فاطمة وهي ابنة خاتم الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم مطيعة لزوجها طاعة تامة لا تثقل عليه بالطلبات أبدا وترضى منه باليسير من المال والطعام لأنها تعيش الآخرة في قلبها وعقلها فلم تكن الدنيا لها نصيب في فاطمة ولذلك قال علي: (ما أغضبتها يوما ولا أغضبتني) إنها الحياة المثالية.
وكانت تعتني اعتناء عظيماً بتربية الحسنين وتعليمهما الآداب والحكمة والعبادة واحترام الناس والإيثار كما وكانت تهتم بملابسهما وبنظافتهما مراعاة لروحيهما وتجسيدا للإسلام.
ولم يمنعها كل ذلك من دخول ساحة الحرب بعد أن انتهت المعركة لتداوي جراحات النبي وزوجها علي بن أبي طالب فكانت امرأة في البيت وامرأة مجاهدة في ميدان الحرب.
وكانت لها جلسات تعليمية مع نساء المدينة ممن ترغب في التعلم أو تريد أن تستفسر عن حكم شرعي أو تفسير للقرآن....
وهكذا تحتل فاطمة مكان الصدارة في كل شيء فإنها القدوة بحق.
قصة القلادة:
قال جابر بن عبد الله الأنصاري صلى بنا رسول الله صلى الله عليه واله العصر فلما فرغ أقبل رجل من العرب وقال: إني جائع فأطعمني يا رسول الله وعارٍ فألبسني وفقير فأغنني فقال رسول الله صلى الله عليه واله: «إني لا أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله انطلق إلى بيت فاطمة» وكان بيتها ملاصقاً لبيت النبي صلى الله عليه واله فأخذه بلال إلى منزل فاطمة فأعاد عليها كلماته تلك ولم يكن عند فاطمة شيء إلا جلد كبش ينام عليه الحسنان فأخذته وأعطته للفقير وقالت له: (بِع هذا واقض شأنك) فقال يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فما أصنع بجلد الكبش ولما سمعت منه تأثرت فعمدت إلى عقد في رقبتها كان هدية من فاطمة بنت حمزة بنت عمها فدفعته إلى الفقير وقالت له: (بِع هذا لعل الله يعوضك به ما هو خير لك).
فأخذ الإعرابي العقد وذهب إلى مسجد النبي وعرف رسول الله صلى الله عليه واله القضية فسأل من حضر المسجد في شراء العقد فقام عمار بن ياسر ليستأذن رسول الله صلى الله عليه و اله عن شرائه للعقد فقال النبي: (يا عمار اشتريه فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله) فاشتراه من الإعرابي وأعطاه ما أغناه من المال ثم أخذه إلى بيته وأطعمه ثم عمد عمار إلى القلادة ولفها في بردة يمانية ووضع معه طيب وأرسله إلى النبي مع عبد له اسمه (سهم) وقال له: أنت والعقد لرسول الله صلى الله عليه واله فقبضه النبي ثم أرسله إلى فاطمة مع العبد وأخبرها بما جرى فأخذت العقد وأعتقت العبد لوجه الله فضحك العبد فقالت له: (ما يضحكك يا غلام؟) قال: أضحكني عظم بركة هذا العقد أشبع جائعا وكسا عريانا وأغنى فقيرا وأعتق عبد ورجع إلى صاحبه.