أجمل ملاك
02-09-2006, 12:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على ابا القاسم محمد وال بيته الطيبين الطاهرين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بدأت الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عج) عام 260ه، واستمرت تسعاً وستين سنة إلى العام 329هـ بداية الغيبة الكبرى. وقد عيَّن الإمام خلال غيبته الصغرى أربعة سفراء شكّلوا صلة الوصل بينه وبين الناس، فكان يعيّن واحداً كلما توفي الذي قبله إلى حين وفاة السفير الرابع فلم يعيّن أحداً بعده. ومن سفرائه محمد بن عثمان العمري (رض) الذي كان ينقل أسئلة المؤمنين إلى الإمام، ويرد أجوبته إليهم، وقد نقل إلينا الشيخ الكليني صاحب "الكافي" عن إسحاق بن يعقوب قال: سألتُ محمد بن عثمان العمري (رض) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ، فورد التوقيع بخط
مولانا صاحب الزمان (عج)، ومما جاء فيه:
"وأمَّا علة ما وقع من الغيبة، فإن اللَّه عزَّ وجلَّ يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ"، إنه لم يكن لأحد من آبائي (عليهم السلام) إلاَّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عمري. وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب، وإني لأمانٌ لأهل الارض كما أن النجوم أمانٌ لأهل السماء، فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا علم ما قد كُفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى"(1).
يتضح من الفقرة المختارة من التوقيع (الاجابة) ثلاثة أمور أساسية:
1 تجنب السؤال عن الأمور المجهولة التي يصعب معرفة أسرارها، إمّا لأنها من الغيب المؤجل الذي يتم الكشف عنه في وقته كموعد يوم القيامة، وإمّا لأن تكليفنا يقتصر على معرفة ما يعنينا، فيكون الالحاح بالسؤال سبباً لاستدراج اجابات قاصرة أو غير دقيقة، إذ لم ييسّر اللَّه تعالى علمها لنا لعدم حاجتنا إليها. فقد كفانا اللَّه تعالى علم ما نحتاجه بما أرسله إلينا من القرآن الكريم وما علّمنا إياه النبي )ص( والأئمة (ع). بل لعلَّ الاطلاع على بعض الأسرار والخفايا خاصة إذا كانت عن الناس وأحوالهم الشخصية تسيء إلى العلاقات الاجتماعية، وتعقِّد الحياة الإنسانية.
كما نلاحظ بعض المؤمنين يهتمون كثيراً بالبحث عن الروايات الضعيفة والمرسلة التي لا تصلح نصاً ولا سنداً، ويتعلّقون بمضمونها فيما تنقله من أمور غيبية، ما يسيء إلى البنية المعرفية للمؤمن ويشوّش أفكاره ويضيِّع عليه سلامة الطريق إلى اللَّه تعالى. فما بالنا لا نكتفي بما ورد إلينا واضحاً صريحاً؟! وما بالنا نتعلَّق بتفاصيلَ لم يُرد الشارع المقدس إبلاغنا بها؟! ليكن اهتمامنا بما يسَّر اللَّه لنا معرفته فيما يُصلح دنيانا وآخرتنا.
2 الغيبة الكبرى تحوي منافع كثيرة للمؤمنين، وحتى لو لم ندرك هذه المنافع فإنها تحيط بنا من كل جانب، وانظروا معي إلى تعبير الإمام المهدي (عج) عن سعة الانتفاع بغيبته: "كالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب"، ولو اقتصر الأمر على الأمان الذي يحقّقه لأهل الأرض بحضوره منتظراً للظهور، واستعداده لاقامة دولة العدل، وإبقائه للأمل عند البشرية بقيادتها نحو سعادتها، وانتظار الفرج بغلبته على الظلم والفساد، لكان ذلك فائدة كبرى لا تعادلها فائدة، فما بالكم بنوره المشعّ على البشرية، وتوفيق الله للمؤمنين بالتعلق به، وما يعطينا إياه رب العالمين من خيرات ببركة وجوده؟... إننا بحاجة إلى نعمة الأمان في ظلال إمامنا المهدي (عج)، وهذا ما يشكل للمؤمن حافزاً وأملاً بالمستقبل مهما واجه من صعوبات وآلام وتضحيات.
3 الفرج : بإكثار الدعاء لتعجيل الفرج، إذ كلما ذكرنا الإمام (عج) ودعونا بفرجه، ارتاحت نفوسنا لتعلقنا بالمنقذ، وتعزّز أملنا بالتغيير نحو الأفضل، وعشنا شعور قرب الظهور وما يعنيه من استعدادات تنعكس إيجاباً على حياتنا. الفرج هو فسحة الأمل التي تطرد اليأس، وباب الطاعة الذي يتحدى المعصية، وطريق الارتباط بالقيادة التي تحدّد المسار وتنقذ من الضياع.
أدعُ دعاءاً بالفرج يجعل قلبكم متعلقاً بعنان السماء، لتعيش معه صعقة الحب الإلهي الذي يغمر حياتك، عندها لا شيء في حياتك إلاّ الانتظار، ومعه تنزل عليك كل بركات وتوفيقات السماء.
(1) الشيخ الصدوق ، كمال الدين وتمام النعمة، ص 483.
للكاتب .. الشيخ نعيم قاسم
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على ابا القاسم محمد وال بيته الطيبين الطاهرين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بدأت الغيبة الصغرى للإمام المهدي (عج) عام 260ه، واستمرت تسعاً وستين سنة إلى العام 329هـ بداية الغيبة الكبرى. وقد عيَّن الإمام خلال غيبته الصغرى أربعة سفراء شكّلوا صلة الوصل بينه وبين الناس، فكان يعيّن واحداً كلما توفي الذي قبله إلى حين وفاة السفير الرابع فلم يعيّن أحداً بعده. ومن سفرائه محمد بن عثمان العمري (رض) الذي كان ينقل أسئلة المؤمنين إلى الإمام، ويرد أجوبته إليهم، وقد نقل إلينا الشيخ الكليني صاحب "الكافي" عن إسحاق بن يعقوب قال: سألتُ محمد بن عثمان العمري (رض) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ، فورد التوقيع بخط
مولانا صاحب الزمان (عج)، ومما جاء فيه:
"وأمَّا علة ما وقع من الغيبة، فإن اللَّه عزَّ وجلَّ يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ"، إنه لم يكن لأحد من آبائي (عليهم السلام) إلاَّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عمري. وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب، وإني لأمانٌ لأهل الارض كما أن النجوم أمانٌ لأهل السماء، فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا علم ما قد كُفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى"(1).
يتضح من الفقرة المختارة من التوقيع (الاجابة) ثلاثة أمور أساسية:
1 تجنب السؤال عن الأمور المجهولة التي يصعب معرفة أسرارها، إمّا لأنها من الغيب المؤجل الذي يتم الكشف عنه في وقته كموعد يوم القيامة، وإمّا لأن تكليفنا يقتصر على معرفة ما يعنينا، فيكون الالحاح بالسؤال سبباً لاستدراج اجابات قاصرة أو غير دقيقة، إذ لم ييسّر اللَّه تعالى علمها لنا لعدم حاجتنا إليها. فقد كفانا اللَّه تعالى علم ما نحتاجه بما أرسله إلينا من القرآن الكريم وما علّمنا إياه النبي )ص( والأئمة (ع). بل لعلَّ الاطلاع على بعض الأسرار والخفايا خاصة إذا كانت عن الناس وأحوالهم الشخصية تسيء إلى العلاقات الاجتماعية، وتعقِّد الحياة الإنسانية.
كما نلاحظ بعض المؤمنين يهتمون كثيراً بالبحث عن الروايات الضعيفة والمرسلة التي لا تصلح نصاً ولا سنداً، ويتعلّقون بمضمونها فيما تنقله من أمور غيبية، ما يسيء إلى البنية المعرفية للمؤمن ويشوّش أفكاره ويضيِّع عليه سلامة الطريق إلى اللَّه تعالى. فما بالنا لا نكتفي بما ورد إلينا واضحاً صريحاً؟! وما بالنا نتعلَّق بتفاصيلَ لم يُرد الشارع المقدس إبلاغنا بها؟! ليكن اهتمامنا بما يسَّر اللَّه لنا معرفته فيما يُصلح دنيانا وآخرتنا.
2 الغيبة الكبرى تحوي منافع كثيرة للمؤمنين، وحتى لو لم ندرك هذه المنافع فإنها تحيط بنا من كل جانب، وانظروا معي إلى تعبير الإمام المهدي (عج) عن سعة الانتفاع بغيبته: "كالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب"، ولو اقتصر الأمر على الأمان الذي يحقّقه لأهل الأرض بحضوره منتظراً للظهور، واستعداده لاقامة دولة العدل، وإبقائه للأمل عند البشرية بقيادتها نحو سعادتها، وانتظار الفرج بغلبته على الظلم والفساد، لكان ذلك فائدة كبرى لا تعادلها فائدة، فما بالكم بنوره المشعّ على البشرية، وتوفيق الله للمؤمنين بالتعلق به، وما يعطينا إياه رب العالمين من خيرات ببركة وجوده؟... إننا بحاجة إلى نعمة الأمان في ظلال إمامنا المهدي (عج)، وهذا ما يشكل للمؤمن حافزاً وأملاً بالمستقبل مهما واجه من صعوبات وآلام وتضحيات.
3 الفرج : بإكثار الدعاء لتعجيل الفرج، إذ كلما ذكرنا الإمام (عج) ودعونا بفرجه، ارتاحت نفوسنا لتعلقنا بالمنقذ، وتعزّز أملنا بالتغيير نحو الأفضل، وعشنا شعور قرب الظهور وما يعنيه من استعدادات تنعكس إيجاباً على حياتنا. الفرج هو فسحة الأمل التي تطرد اليأس، وباب الطاعة الذي يتحدى المعصية، وطريق الارتباط بالقيادة التي تحدّد المسار وتنقذ من الضياع.
أدعُ دعاءاً بالفرج يجعل قلبكم متعلقاً بعنان السماء، لتعيش معه صعقة الحب الإلهي الذي يغمر حياتك، عندها لا شيء في حياتك إلاّ الانتظار، ومعه تنزل عليك كل بركات وتوفيقات السماء.
(1) الشيخ الصدوق ، كمال الدين وتمام النعمة، ص 483.
للكاتب .. الشيخ نعيم قاسم