الثابت
02-01-2008, 03:25 AM
اِقرأ هذا الحوار
في ليلة جمعة من أواخر شهر محرم الحرام سنة (1414 هـ)، كنت في حسينية الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) في العاصمة الدنماركية وقد تأخرتُ بعد دعاء كميل في خدمة السائلين، فلما وصلتُ إلى سكني المؤقت - في شقة أحد الأخوة في كلية الطلبة الجامعيين (كوليگيوم) كان أخي العزيز والصديق المؤمن (أبو علي) في انتظاري قال: انتهزتُ فرصة تأخرّك فذهبت هنا في صالة المناسبات، حيث وجدت إعلاناً يدعو إلى (الصداقة)، قلتُ: لا بأس أن اكتشف ما المناسبة؟!
دخلتُ.. فرحبوا بي كثيراً، وخيّروني بين شرب القهوة أو الشاي! ثم سألوني: بأيّة لغة تتكلم؟
قلتُ: العربية أو الإنجليزية أو الدنماركية، ولكني أفضّل الثانية.
فنادوا شخصاً يتقن الإنجليزية اسمه (أكبر)، بادرته بالسؤال: ما يجري ها هنا؟
قال: نحن مسيحيون، ندعو إلى الصداقة بين الناس عبر اعتناق دين النبي عيسى!
قلت له: من أين أنت؟
قال: من إيران، هاجرتها قبل تسعة أعوام، وإني أشكر الله الذي هداني إلى ديانة المسيح، وأتمنى الهداية لأهلي وللناس كلهم.
فأخذ يثني على الديانة المسيحية ويتأسف على أهله (المسلمين)!
قلتُ له: أنا شاب مسلم شيعي، هل ترغب في الحوار، فإما أقتنع برأيك وأما تقتنع برأيي؟
فأخذ يقول: إن المسيحية دين محبة و... وهكذا استرسل في كلامه، فقارعته بتناقضاته، وأوقفته لدى عدة نقاط تهافت فيها حول الإنجيل الحقيقي والإنجيل المحرَّف، وكيف يكون عيسى (عليه السلام) ابن الله، وهو رافض ذلك في حياته، وإن الله لا يمكن أن يكون له ابن، وإلا فهو مخلوق وليس بخالق، وقضايا كثيرة ضاع فيها صاحبنا (أكبر). ولعله كان يلوم نفسه على إقحامها وتوريطها في هذا الحوار!
المهم انه تزعزع قليلاً والوقت انتهى بنا إلى منتصف الليل حيث جئتك الآن، وأضاف الأخ أبو علي (دام عزه) قائلاً لي: ما رأيك أن تذهب إليه غداً فتكمل المشوار! خاصة وأنت تتقن لغته الفارسية؟
قلت: طيّب، فكرة جميلة.
وهكذا جاء يوم الغد، فدخلت الصالة، ورأيت الترحيب مثل ما رحبوا بصديقي.
وبالطبع لم أكن بعمامتي، كما لم يعرفوا علاقتي بالأخ، كنت واضعاً في بالي خطة للدخول في الحوار مع المسكين (أكبر)، مؤداه إحباط نفسي له، بعد أن حاوره صديقي في الجانب الفكري. فكان هذا الحوار، وإليك خلاصته:
قلت له: إنني من البحرين ولغتي العربية، إلا أنني أتقن الفارسية.
قال: أجل في البحرين كثيرون يتكلمون الفارسية.
قلت: لقد جئتُ لأسمع ما عندك من كلام ودعوة، لأني باحث عن دين جديد في عالم يسوده الفساد والضياع والدمار والفتن؟!
فأخذ صاحبنا يتحدث لي عن المسيحية بحماس، وقد انكسر له قلبي على ما بذل من جهد لمدة نصف ساعة، وأنا حافر له الحفيرة ومعِدٌّ له الكلمة الأخيرة! وتناول في كلامه المسهب المواضيع التالية:
- جاء النبي عيسى بدين المحبة والإخاء بين الناس.
- أمرنا أن نعبد الله ونحبه.
- وقد ضحى عيسى بن مريم بنفسه من أجل أن يربط الناس بربهم ويقول لهم لا تسفكوا دماء بعضكم البعض.
ثم لما وجدني المسكين(أكبر) ساكتاً أستمِعُ إليه من دون نقاش، قال أرى نور النبي عيسى قد شعّ في قلبك، وهذا وجهك المضيء يخبرني أن الهداية ليست بعيدة عنك، فما رأيك أن نقرأ معاً (دعاء الهداية) ليعتنقك (الحق)؟!
قلت: لا بأس، إني أبحث عن الهداية إلى الحق دائماً، وما جئت هنا إلا لأجله!
فنادى بعجلة زميلاً له من أخوتنا السود الأفريقيين، يبشّره بأن المسيحية ارتفع عددها (بإضافة نفر واحد)!
فجاء الأسود (الطيب) وجلس معنا على طرف من الطاولة، وأخذا يرددان كلمات بالإنجليزية وظاهرهما الخشوع!
طلبت من أكبر أن يترجمها لي في الأثناء فكان يترجمها. ومضى على سكوتي واستماعي نصف ساعة، إضافةً إلى عشر دقائق للدعاء، وكانا فرحين بإنجاز هدف كبير!
هنا بدأت أقول: لقد استمتعت إليكم بدقة، وأرجو الآن أن تستمعوا إليّ بدقة أيضاً، ذلك لأننا نبحث عن الجديد في الهداية والحق، أليس كذلك؟!
قال أكبر وهو يترجم كلامي لزميله الأسود ولم يتوقع مني شيئاً غير السمع والطاعة:
أجل، بالطبع، ونحن نلتقي في الكنيسة الكبيرة في شارع...، كل أسبوع يوم الأحد، فنراك هناك فسوف أعطيك كتابنا (بايبل) وكتباً أخرى!
قلت: لا تعجل، دعني أقول كلمتي، نحن المسلمون منذ صغرنا يتلو علينا آباؤنا وأمهاتنا الآيات القرآنية وفيها ما ذكرتموه من الدعوة إلى المحبة بين الناس والتزام جانب الأخوة وأهمية حب الله، ودور عبادة الله تعالى في تحسين حياة الإنسان وإشاعة الخير في المجتمع ولقد جاء النبي محمد وهو يعبّر عن النبي عيسى بأخي، ورسالته الإسلامية مع رسالة النبي عيسى نازلتان من رب واحد لا شريك له، مع فارقين أساسيين هما أن الرسالة المسيحية محدودة التشريعات للناس في ذلك العصر من باب التمهيد لمجيء النبي محمد برسالة الإسلام الكاملة، والفارق الثاني هو أن الإنجيل الذي بشّر بظهور النبي محمد - ونسخته الأصلية محجوزة في متحف اليونان ومحظورة الاستنساخ - قد حُرّف وزوِّر تماماً كما صرّح بذلك كبار علماء المسيحية، حتى أنقسم العالم المسيحي إلى تكتّلات عديدة، والكتاب المقدس الذي يطلق اليوم على التوراة والإنجيل لا يمت إليهما بصلة أبداً، وإنما هو شتات أفكار لعلماء المسيحية واليهودية جمعوها عبر القرون الماضية على شكل وصايا أخلاقية أطلقوا عليها (بايبل)، وجمع اليهود منها ما تيسّر لهم فأطلقوا عليه اسم (التوراة).
بينما الكتاب المقدس عند المسلمين - الذي يُعرف باسم (القرآن) هو ذات الكتاب الذي نزل على النبي محمد من الله رب العالمين، ولم يدخل فيه تحريف أبداً اتفاق جميع المسلمين وفرقهم المتعددة واعتراف المؤرخين من غير المسلمين.
مضافاً إلى أن القرآن كتاب شامل يحتوي جميع الوصايا السماوية للإنسان، فكل ما يخطر في بالك تجد للقرآن فيه رأياً وبصيرة في صميم حاجة الإنسان الواقعية.
هذا ما تلا عليا آباؤنا وأمهاتنا من صغرنا، ثم دخلنا المدارس الدينية فقرأنا ذلك بالتفصيل، حتى صرنا اليوم أحراراً في انتقاء الأفكار واختيار السلوكيات، وأنا أودّ القول بأنني لم أجد خيراً مما وجدته في القرآن والذي قلتموه عندنا في القرآن أفضل منه ولقد علمنا القرآن البحث الحرّ، وما جئتكم إلا بهذا الدافع، إذ كان شعار النبي محمد في دعوة أتباع الأديان الأخرى إلى الحوار بقوله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هُدىً أو في ضَلالٍ مُبين).
ثم إن الإسلام قد عالج معاناة البشرية في كل أبعادها، فالمسألة الأخلاقية في الإسلام لها تعاليم إن اطلعتم عليها انبهرتم بها، والمشكلة الاقتصادية، في الإسلام لها قوانين، والمشكلة العنصرية والمشاكل الإنسانية في الإسلام لها حلول، وللقضايا الاجتماعية والمجالات العلمية والسياسية توجيهات تربوية رائدة في الإسلام، إذا التزم الإنسان والمجتمع العالمي بالديانة الإسلامية في جميع أبعادها، فسوف تنعم البشرية في الدنيا بكل أنواع الخير ويسود العالم السلام والإخاء والمحبة، ولكن كما في المسيحية هناك من لا يعمل بنصائح السيد المسيح، كذلك في المسلمين هناك من لا يعمل بنصائح نبي الإسلام، وكما في العالم المسيحي تجدون حكاماً وأنظمة يتاجرون بالأسلحة الفتاكة وبدماء الشعوب وفرض الحروب المدمرة، وتبقى الشعارات الإنسانية والتعاليم الدينية أداة للتضليل والإسراف في ظلم الناس وتكريس التخلف، كذلك عندنا نحن المسلمين، فإن الإسلام الحقيقي معزول عن أكثر الميادين التطبيقية لدى حكّامنا، وبالتالي أصبح أكثر المسلمين على طريقة حكّامهم.
فالواقع الذي تعيشه البشرية اليوم سواء في الشرق أو الغرب هو الانسلاخ عن القيم السماوية واستغلال بعضها في سبيل المزيد من الانسلاخ وإذلال الشعوب، مقدمةً لاستعمارها وديمومةً لنهب ثرواتها.
وأضفت لهما قائلاً: أنا قرأت في الإسلام وقرأت في غيره من الأديان بحثاً عن الأفضل لعلاج ما تعانيه البشرية، فلم أجد شيئاً جديداً يُرجَّح على الإسلام، ففيه الأفضل وفيه كل المطلوب، وهذا لا تفسره بالتعصب مني، بل أنا مستعد للحوار ولقراءة كتبكم كما قرأتها من قبل، ولو كنت متعصباً لما كنت هنا معكم على هذه الطاولة. كلنا أخوة في الخلق وأخوة في ظل الديانة السماوية، إنما القضية هي البحث عن الأفضل، والإسلام الذي لم تقرأوه - وأنا متأكد من كلامي - هو الأفضل، فلو قرأتموه لما اتخذتم المسيحية المحرَّفة عن دين المسيح عيسى (عليه السلام) ديناً لكم.
هذا والغريب جداً أن المسكين (اكبر) كان يترجم كلامي هذا بالإنجليزية لصديقنا الأفريقي، وحيث أن مسألة العنصرية والملوّنين في الغرب تعتبر مسألة مهمة وعاطفية، انتقلت في كلامي إلى رأي الإسلام فيها، فاستعرضت الحديث النبوي الشريف الذي يقول: (لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى).
وشرحت مفهوم التقوى بأنه التزام بحقوق الإنسان، وعمل وفق الطبيعة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وان التقوى تعني حب الخير للآخرين، وتعني ذكر الله والدعاء ومناجاة الله، وتعني الخوف من عذاب الله إذا همّ الإنسان بظلم أخيه الإنسان وارتكاب جريمة في المجتمع، والتقوى رادع داخل القلب، ينظّم سلوك الإنسان وتصرّفه مع نفسه وربه والناس حوله، وحتى مع الحيوانات والبهائم والمزارع والنباتات وكل شيء، فلا يتصرف تجاه هذه الأمور كلها إلا ويراقب أولاً رغبة الإله الحق، فإن لم يغضب الله، أقدم، وأن رأى فيه سخطه أحجم. فكُرْهُ الإنسان لأخيه الإنسان وظلمه وقتله وإيذائه بأي شكل من الأشكال لمجرد أنه أسود أو أبيض، أو أنه عربي أو أعجمي، مرفوض في الإسلام، ويترتب عليه عقاب في الدنيا وكذلك في الآخرة.
أليس الله تعالى هو الذي خلق الناس شعوباً وقبائل في ألوان ولغات متفاوتة من أجل أن يتعارفوا ويتعاونوا في الخير والتقوى؟
إذن من يؤذي غيره بسبب اللون أو اللغة وما أشبه فهو محارب لله وخارج على سنة الخالق الحكيم الذي قال في القرآن الكريم: (يا أيها الناسُ إنا خلقناكُم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارَفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكُم، إن الله عليمٌ خبير).
من هنا فإن القرآن كتاب سماوي يحتوي العلاج لكل ما يعانيه المجتمع البشري وينبغي أن تحطّموا الأغلال النفسية التي نسجتها الأوهام الجاهلية والإعلام المضلِّل للحكومات الغربية ضد الإسلام.. كونوا أحراراً في أفكاركم تعالوا واقرأ فكر الإسلام مباشرة من دون الاعتماد على تقارير أعدائه الحاقدين الذين يرتكبون من أجل مصالحهم الدنيوية كل ما يحلو لهم.
وهنا طلب الأخ الأفريقي مني أن أهديه قرآناً مترجماً إلى الإنجليزية، وظهر عليه التأثر سريعاً، وفي الأثناء نادته زوجته، فقام واعتذر وأكّد أنه يريد أن يقرأ القرآن، فإنه رغب في الإسلام! ثم كتب لي عنوانه ورقم الهاتف، وودّعني بحرارة.
فبقيت أنا مع المسكين (أكبر) الذي خسر (المعركة) وندم على خروج صديقه الأفريقي من ديانته ودخوله في دين الإسلام، وكأن الدعاء الذي قرأه لي قد استجابه الله عكسياً، ولا استبعد ذلك، لأني حينما كانا يقرأن الدعاء، كنت اقرأ في قلبي دعاء الهداية لهما وان يمنحني ربي توفيق كسبهما بإجراء كلام الحق على لساني، وكنت أصلي واسلم على محمد وآل محمد كثيراً كما إن ترجمته لكلامي أيضاً لا أشك بأنها كانت بتدخل غيبي، وإلا فما الدافع لترجمته كلاماً يضرّ هدفه. فالمسكين (اكبر) الذي خسر صديقه الأفريقي ظهرت عليه آثار الهزيمة، وأخذ الخجل واحمرار الوجه منه مأخذه وراح يتصبّب عرقاً.
فسألته: من أي مدن إيران؟
قال: من مدينة مشهد.
قلت: وأهلك هناك الآن.
قال: نعم.
قلت: وهذا يعني إنك كنتَ مسلماً شيعياً؟!
قال: نعم. كنت والآن قد هداني النبي عيسى الذي آثر أن يراق دمه على الصليب من أجل أن يحب الناس ربهم ويحبوا بعضهم البعض!
قلت: نحن في الإسلام لا نعتقد أن النبي عيسى (عليه السلام) قد قُتِل، وإنما شُبّه لليهود القتلة، فقد رفعه الله تعالى إلى السماء، حيّاً وسوف يعود إلى الأرض يوم يخرج القائم من آل محمد، الإمام المهدي (عليه السلام) فيصلي النبي عيسى خلفه معلناً للمسيحيين أن القيادة السماوية العالمية هي للإسلام وحده، وهذا الإمام هو القائد.
ولكن حسب زعم المسيحيين انه مقتول، وأنت تعظّمه لأنه آثر أن يضحي بنفسه لأجل الناس حباً لله تعالى.
حسناً، إذا كان النبي عيسى نفراً واحداً، قد ضحى بنفسه قرباناً على طريق الفضيلة والإنسانية وليجد الناس ربّهم كما تدعي المسيحية، فنحن عندنا رسول الله محمد قد دسّتْ إليه المرأة اليهودية سماً في اللحم، ومن بعده لدينا أهل بيته المظلومون، ألم تسمع في مجالس عزاء الحسين قصة عاشوراء المؤلمة. فإذا كان ضحى عيسى بن مريم بنفسه، فقد ضحى الحسين (عليه السلام) بنفسه وبـ (72) من أفضل أنصاره، وضحى بولده الشاب (علي الأكبر)، وضحى بأخيه (أبي الفضل العباس)، وضحى بطفله الرضيع (علي الأصغر)، وهو كان يعلم مصير الأيتام والنساء من بعده حين يساقون سبايا، وتحرق على رؤوسهم الخيام ويداسون بحوافر الخيول، ولكنه (عليه السلام) ضحى وصبر لكي يقول للتاريخ: لا تقبلوا الضيم، ارفضوا الفساد والظلم، كونوا مع الله، وانشروا الخير بين الناس، وأعملوا للإصلاح في العالم، واصبروا إن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين.
فأيهما أفضل، النبي عيسى أم الحسين الذي قال عنه أحد المثقفين المسيحيين: (لو كان الحسين منا، لنصبنا له في كل قرية ومدينة منبراً).
إنني استغرب منك، كيف ضيعت الطريق إلى الله، وأنت ابن عائلة مسلمة شيعية، ألا تتذكر قبّة الإمام الرضا حفيد الإمام الحسين في مدينتك مشهد المقدسة، ذلك الحرم الشريف الذي يكمن فيه جميع المعاني الفاضلة لخير الإنسان وسعادة البشرية.
عُدْ إلى دينك ومذهبك الحق، واقرأ التاريخ بدقة من دون أن تنظر إلى تصرف بعض المسلمين أو بعض سلوكيات الشيعة، إنها ليست مقاييس للحق، إنما المقياس هو القرآن وسنة رسول الله وأهل بيته الطاهرين، وما ينطبق عليها من سلوك العلماء الصالحين.
وحينما وصل حوارنا مع المسكين (اكبر) إلى هنا، أخذ يلبس (جوربه) ويتهيأ لفضّ الحوار وإنهاء (كسيرته)!
وكانت كلمتي الأخيرة في هذه الأثناء: أرجو أن تتحرّر وتقرأ بانفتاح، من دون التأثر بدعايات المغرضين وبعض سلوكيات المسلمين البعيدة عن الإسلام. وهكذا فقد ذهب عني ولكنه كان منهزماً نفسياً إلى أبعد الحدود.
في ليلة جمعة من أواخر شهر محرم الحرام سنة (1414 هـ)، كنت في حسينية الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) في العاصمة الدنماركية وقد تأخرتُ بعد دعاء كميل في خدمة السائلين، فلما وصلتُ إلى سكني المؤقت - في شقة أحد الأخوة في كلية الطلبة الجامعيين (كوليگيوم) كان أخي العزيز والصديق المؤمن (أبو علي) في انتظاري قال: انتهزتُ فرصة تأخرّك فذهبت هنا في صالة المناسبات، حيث وجدت إعلاناً يدعو إلى (الصداقة)، قلتُ: لا بأس أن اكتشف ما المناسبة؟!
دخلتُ.. فرحبوا بي كثيراً، وخيّروني بين شرب القهوة أو الشاي! ثم سألوني: بأيّة لغة تتكلم؟
قلتُ: العربية أو الإنجليزية أو الدنماركية، ولكني أفضّل الثانية.
فنادوا شخصاً يتقن الإنجليزية اسمه (أكبر)، بادرته بالسؤال: ما يجري ها هنا؟
قال: نحن مسيحيون، ندعو إلى الصداقة بين الناس عبر اعتناق دين النبي عيسى!
قلت له: من أين أنت؟
قال: من إيران، هاجرتها قبل تسعة أعوام، وإني أشكر الله الذي هداني إلى ديانة المسيح، وأتمنى الهداية لأهلي وللناس كلهم.
فأخذ يثني على الديانة المسيحية ويتأسف على أهله (المسلمين)!
قلتُ له: أنا شاب مسلم شيعي، هل ترغب في الحوار، فإما أقتنع برأيك وأما تقتنع برأيي؟
فأخذ يقول: إن المسيحية دين محبة و... وهكذا استرسل في كلامه، فقارعته بتناقضاته، وأوقفته لدى عدة نقاط تهافت فيها حول الإنجيل الحقيقي والإنجيل المحرَّف، وكيف يكون عيسى (عليه السلام) ابن الله، وهو رافض ذلك في حياته، وإن الله لا يمكن أن يكون له ابن، وإلا فهو مخلوق وليس بخالق، وقضايا كثيرة ضاع فيها صاحبنا (أكبر). ولعله كان يلوم نفسه على إقحامها وتوريطها في هذا الحوار!
المهم انه تزعزع قليلاً والوقت انتهى بنا إلى منتصف الليل حيث جئتك الآن، وأضاف الأخ أبو علي (دام عزه) قائلاً لي: ما رأيك أن تذهب إليه غداً فتكمل المشوار! خاصة وأنت تتقن لغته الفارسية؟
قلت: طيّب، فكرة جميلة.
وهكذا جاء يوم الغد، فدخلت الصالة، ورأيت الترحيب مثل ما رحبوا بصديقي.
وبالطبع لم أكن بعمامتي، كما لم يعرفوا علاقتي بالأخ، كنت واضعاً في بالي خطة للدخول في الحوار مع المسكين (أكبر)، مؤداه إحباط نفسي له، بعد أن حاوره صديقي في الجانب الفكري. فكان هذا الحوار، وإليك خلاصته:
قلت له: إنني من البحرين ولغتي العربية، إلا أنني أتقن الفارسية.
قال: أجل في البحرين كثيرون يتكلمون الفارسية.
قلت: لقد جئتُ لأسمع ما عندك من كلام ودعوة، لأني باحث عن دين جديد في عالم يسوده الفساد والضياع والدمار والفتن؟!
فأخذ صاحبنا يتحدث لي عن المسيحية بحماس، وقد انكسر له قلبي على ما بذل من جهد لمدة نصف ساعة، وأنا حافر له الحفيرة ومعِدٌّ له الكلمة الأخيرة! وتناول في كلامه المسهب المواضيع التالية:
- جاء النبي عيسى بدين المحبة والإخاء بين الناس.
- أمرنا أن نعبد الله ونحبه.
- وقد ضحى عيسى بن مريم بنفسه من أجل أن يربط الناس بربهم ويقول لهم لا تسفكوا دماء بعضكم البعض.
ثم لما وجدني المسكين(أكبر) ساكتاً أستمِعُ إليه من دون نقاش، قال أرى نور النبي عيسى قد شعّ في قلبك، وهذا وجهك المضيء يخبرني أن الهداية ليست بعيدة عنك، فما رأيك أن نقرأ معاً (دعاء الهداية) ليعتنقك (الحق)؟!
قلت: لا بأس، إني أبحث عن الهداية إلى الحق دائماً، وما جئت هنا إلا لأجله!
فنادى بعجلة زميلاً له من أخوتنا السود الأفريقيين، يبشّره بأن المسيحية ارتفع عددها (بإضافة نفر واحد)!
فجاء الأسود (الطيب) وجلس معنا على طرف من الطاولة، وأخذا يرددان كلمات بالإنجليزية وظاهرهما الخشوع!
طلبت من أكبر أن يترجمها لي في الأثناء فكان يترجمها. ومضى على سكوتي واستماعي نصف ساعة، إضافةً إلى عشر دقائق للدعاء، وكانا فرحين بإنجاز هدف كبير!
هنا بدأت أقول: لقد استمتعت إليكم بدقة، وأرجو الآن أن تستمعوا إليّ بدقة أيضاً، ذلك لأننا نبحث عن الجديد في الهداية والحق، أليس كذلك؟!
قال أكبر وهو يترجم كلامي لزميله الأسود ولم يتوقع مني شيئاً غير السمع والطاعة:
أجل، بالطبع، ونحن نلتقي في الكنيسة الكبيرة في شارع...، كل أسبوع يوم الأحد، فنراك هناك فسوف أعطيك كتابنا (بايبل) وكتباً أخرى!
قلت: لا تعجل، دعني أقول كلمتي، نحن المسلمون منذ صغرنا يتلو علينا آباؤنا وأمهاتنا الآيات القرآنية وفيها ما ذكرتموه من الدعوة إلى المحبة بين الناس والتزام جانب الأخوة وأهمية حب الله، ودور عبادة الله تعالى في تحسين حياة الإنسان وإشاعة الخير في المجتمع ولقد جاء النبي محمد وهو يعبّر عن النبي عيسى بأخي، ورسالته الإسلامية مع رسالة النبي عيسى نازلتان من رب واحد لا شريك له، مع فارقين أساسيين هما أن الرسالة المسيحية محدودة التشريعات للناس في ذلك العصر من باب التمهيد لمجيء النبي محمد برسالة الإسلام الكاملة، والفارق الثاني هو أن الإنجيل الذي بشّر بظهور النبي محمد - ونسخته الأصلية محجوزة في متحف اليونان ومحظورة الاستنساخ - قد حُرّف وزوِّر تماماً كما صرّح بذلك كبار علماء المسيحية، حتى أنقسم العالم المسيحي إلى تكتّلات عديدة، والكتاب المقدس الذي يطلق اليوم على التوراة والإنجيل لا يمت إليهما بصلة أبداً، وإنما هو شتات أفكار لعلماء المسيحية واليهودية جمعوها عبر القرون الماضية على شكل وصايا أخلاقية أطلقوا عليها (بايبل)، وجمع اليهود منها ما تيسّر لهم فأطلقوا عليه اسم (التوراة).
بينما الكتاب المقدس عند المسلمين - الذي يُعرف باسم (القرآن) هو ذات الكتاب الذي نزل على النبي محمد من الله رب العالمين، ولم يدخل فيه تحريف أبداً اتفاق جميع المسلمين وفرقهم المتعددة واعتراف المؤرخين من غير المسلمين.
مضافاً إلى أن القرآن كتاب شامل يحتوي جميع الوصايا السماوية للإنسان، فكل ما يخطر في بالك تجد للقرآن فيه رأياً وبصيرة في صميم حاجة الإنسان الواقعية.
هذا ما تلا عليا آباؤنا وأمهاتنا من صغرنا، ثم دخلنا المدارس الدينية فقرأنا ذلك بالتفصيل، حتى صرنا اليوم أحراراً في انتقاء الأفكار واختيار السلوكيات، وأنا أودّ القول بأنني لم أجد خيراً مما وجدته في القرآن والذي قلتموه عندنا في القرآن أفضل منه ولقد علمنا القرآن البحث الحرّ، وما جئتكم إلا بهذا الدافع، إذ كان شعار النبي محمد في دعوة أتباع الأديان الأخرى إلى الحوار بقوله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هُدىً أو في ضَلالٍ مُبين).
ثم إن الإسلام قد عالج معاناة البشرية في كل أبعادها، فالمسألة الأخلاقية في الإسلام لها تعاليم إن اطلعتم عليها انبهرتم بها، والمشكلة الاقتصادية، في الإسلام لها قوانين، والمشكلة العنصرية والمشاكل الإنسانية في الإسلام لها حلول، وللقضايا الاجتماعية والمجالات العلمية والسياسية توجيهات تربوية رائدة في الإسلام، إذا التزم الإنسان والمجتمع العالمي بالديانة الإسلامية في جميع أبعادها، فسوف تنعم البشرية في الدنيا بكل أنواع الخير ويسود العالم السلام والإخاء والمحبة، ولكن كما في المسيحية هناك من لا يعمل بنصائح السيد المسيح، كذلك في المسلمين هناك من لا يعمل بنصائح نبي الإسلام، وكما في العالم المسيحي تجدون حكاماً وأنظمة يتاجرون بالأسلحة الفتاكة وبدماء الشعوب وفرض الحروب المدمرة، وتبقى الشعارات الإنسانية والتعاليم الدينية أداة للتضليل والإسراف في ظلم الناس وتكريس التخلف، كذلك عندنا نحن المسلمين، فإن الإسلام الحقيقي معزول عن أكثر الميادين التطبيقية لدى حكّامنا، وبالتالي أصبح أكثر المسلمين على طريقة حكّامهم.
فالواقع الذي تعيشه البشرية اليوم سواء في الشرق أو الغرب هو الانسلاخ عن القيم السماوية واستغلال بعضها في سبيل المزيد من الانسلاخ وإذلال الشعوب، مقدمةً لاستعمارها وديمومةً لنهب ثرواتها.
وأضفت لهما قائلاً: أنا قرأت في الإسلام وقرأت في غيره من الأديان بحثاً عن الأفضل لعلاج ما تعانيه البشرية، فلم أجد شيئاً جديداً يُرجَّح على الإسلام، ففيه الأفضل وفيه كل المطلوب، وهذا لا تفسره بالتعصب مني، بل أنا مستعد للحوار ولقراءة كتبكم كما قرأتها من قبل، ولو كنت متعصباً لما كنت هنا معكم على هذه الطاولة. كلنا أخوة في الخلق وأخوة في ظل الديانة السماوية، إنما القضية هي البحث عن الأفضل، والإسلام الذي لم تقرأوه - وأنا متأكد من كلامي - هو الأفضل، فلو قرأتموه لما اتخذتم المسيحية المحرَّفة عن دين المسيح عيسى (عليه السلام) ديناً لكم.
هذا والغريب جداً أن المسكين (اكبر) كان يترجم كلامي هذا بالإنجليزية لصديقنا الأفريقي، وحيث أن مسألة العنصرية والملوّنين في الغرب تعتبر مسألة مهمة وعاطفية، انتقلت في كلامي إلى رأي الإسلام فيها، فاستعرضت الحديث النبوي الشريف الذي يقول: (لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى).
وشرحت مفهوم التقوى بأنه التزام بحقوق الإنسان، وعمل وفق الطبيعة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وان التقوى تعني حب الخير للآخرين، وتعني ذكر الله والدعاء ومناجاة الله، وتعني الخوف من عذاب الله إذا همّ الإنسان بظلم أخيه الإنسان وارتكاب جريمة في المجتمع، والتقوى رادع داخل القلب، ينظّم سلوك الإنسان وتصرّفه مع نفسه وربه والناس حوله، وحتى مع الحيوانات والبهائم والمزارع والنباتات وكل شيء، فلا يتصرف تجاه هذه الأمور كلها إلا ويراقب أولاً رغبة الإله الحق، فإن لم يغضب الله، أقدم، وأن رأى فيه سخطه أحجم. فكُرْهُ الإنسان لأخيه الإنسان وظلمه وقتله وإيذائه بأي شكل من الأشكال لمجرد أنه أسود أو أبيض، أو أنه عربي أو أعجمي، مرفوض في الإسلام، ويترتب عليه عقاب في الدنيا وكذلك في الآخرة.
أليس الله تعالى هو الذي خلق الناس شعوباً وقبائل في ألوان ولغات متفاوتة من أجل أن يتعارفوا ويتعاونوا في الخير والتقوى؟
إذن من يؤذي غيره بسبب اللون أو اللغة وما أشبه فهو محارب لله وخارج على سنة الخالق الحكيم الذي قال في القرآن الكريم: (يا أيها الناسُ إنا خلقناكُم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارَفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكُم، إن الله عليمٌ خبير).
من هنا فإن القرآن كتاب سماوي يحتوي العلاج لكل ما يعانيه المجتمع البشري وينبغي أن تحطّموا الأغلال النفسية التي نسجتها الأوهام الجاهلية والإعلام المضلِّل للحكومات الغربية ضد الإسلام.. كونوا أحراراً في أفكاركم تعالوا واقرأ فكر الإسلام مباشرة من دون الاعتماد على تقارير أعدائه الحاقدين الذين يرتكبون من أجل مصالحهم الدنيوية كل ما يحلو لهم.
وهنا طلب الأخ الأفريقي مني أن أهديه قرآناً مترجماً إلى الإنجليزية، وظهر عليه التأثر سريعاً، وفي الأثناء نادته زوجته، فقام واعتذر وأكّد أنه يريد أن يقرأ القرآن، فإنه رغب في الإسلام! ثم كتب لي عنوانه ورقم الهاتف، وودّعني بحرارة.
فبقيت أنا مع المسكين (أكبر) الذي خسر (المعركة) وندم على خروج صديقه الأفريقي من ديانته ودخوله في دين الإسلام، وكأن الدعاء الذي قرأه لي قد استجابه الله عكسياً، ولا استبعد ذلك، لأني حينما كانا يقرأن الدعاء، كنت اقرأ في قلبي دعاء الهداية لهما وان يمنحني ربي توفيق كسبهما بإجراء كلام الحق على لساني، وكنت أصلي واسلم على محمد وآل محمد كثيراً كما إن ترجمته لكلامي أيضاً لا أشك بأنها كانت بتدخل غيبي، وإلا فما الدافع لترجمته كلاماً يضرّ هدفه. فالمسكين (اكبر) الذي خسر صديقه الأفريقي ظهرت عليه آثار الهزيمة، وأخذ الخجل واحمرار الوجه منه مأخذه وراح يتصبّب عرقاً.
فسألته: من أي مدن إيران؟
قال: من مدينة مشهد.
قلت: وأهلك هناك الآن.
قال: نعم.
قلت: وهذا يعني إنك كنتَ مسلماً شيعياً؟!
قال: نعم. كنت والآن قد هداني النبي عيسى الذي آثر أن يراق دمه على الصليب من أجل أن يحب الناس ربهم ويحبوا بعضهم البعض!
قلت: نحن في الإسلام لا نعتقد أن النبي عيسى (عليه السلام) قد قُتِل، وإنما شُبّه لليهود القتلة، فقد رفعه الله تعالى إلى السماء، حيّاً وسوف يعود إلى الأرض يوم يخرج القائم من آل محمد، الإمام المهدي (عليه السلام) فيصلي النبي عيسى خلفه معلناً للمسيحيين أن القيادة السماوية العالمية هي للإسلام وحده، وهذا الإمام هو القائد.
ولكن حسب زعم المسيحيين انه مقتول، وأنت تعظّمه لأنه آثر أن يضحي بنفسه لأجل الناس حباً لله تعالى.
حسناً، إذا كان النبي عيسى نفراً واحداً، قد ضحى بنفسه قرباناً على طريق الفضيلة والإنسانية وليجد الناس ربّهم كما تدعي المسيحية، فنحن عندنا رسول الله محمد قد دسّتْ إليه المرأة اليهودية سماً في اللحم، ومن بعده لدينا أهل بيته المظلومون، ألم تسمع في مجالس عزاء الحسين قصة عاشوراء المؤلمة. فإذا كان ضحى عيسى بن مريم بنفسه، فقد ضحى الحسين (عليه السلام) بنفسه وبـ (72) من أفضل أنصاره، وضحى بولده الشاب (علي الأكبر)، وضحى بأخيه (أبي الفضل العباس)، وضحى بطفله الرضيع (علي الأصغر)، وهو كان يعلم مصير الأيتام والنساء من بعده حين يساقون سبايا، وتحرق على رؤوسهم الخيام ويداسون بحوافر الخيول، ولكنه (عليه السلام) ضحى وصبر لكي يقول للتاريخ: لا تقبلوا الضيم، ارفضوا الفساد والظلم، كونوا مع الله، وانشروا الخير بين الناس، وأعملوا للإصلاح في العالم، واصبروا إن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين.
فأيهما أفضل، النبي عيسى أم الحسين الذي قال عنه أحد المثقفين المسيحيين: (لو كان الحسين منا، لنصبنا له في كل قرية ومدينة منبراً).
إنني استغرب منك، كيف ضيعت الطريق إلى الله، وأنت ابن عائلة مسلمة شيعية، ألا تتذكر قبّة الإمام الرضا حفيد الإمام الحسين في مدينتك مشهد المقدسة، ذلك الحرم الشريف الذي يكمن فيه جميع المعاني الفاضلة لخير الإنسان وسعادة البشرية.
عُدْ إلى دينك ومذهبك الحق، واقرأ التاريخ بدقة من دون أن تنظر إلى تصرف بعض المسلمين أو بعض سلوكيات الشيعة، إنها ليست مقاييس للحق، إنما المقياس هو القرآن وسنة رسول الله وأهل بيته الطاهرين، وما ينطبق عليها من سلوك العلماء الصالحين.
وحينما وصل حوارنا مع المسكين (اكبر) إلى هنا، أخذ يلبس (جوربه) ويتهيأ لفضّ الحوار وإنهاء (كسيرته)!
وكانت كلمتي الأخيرة في هذه الأثناء: أرجو أن تتحرّر وتقرأ بانفتاح، من دون التأثر بدعايات المغرضين وبعض سلوكيات المسلمين البعيدة عن الإسلام. وهكذا فقد ذهب عني ولكنه كان منهزماً نفسياً إلى أبعد الحدود.