الحيدرية
07-01-2008, 09:28 PM
دخل رجل في العقد السادس من العمر وقور وسمح المحيا ،أحد محلات الصاغة ، وطلب من الصائغ أن يضع له حجرا كريماعلى خاتمه ، فقدم له الصائغ شايا وطفق الزبون يحدثه في شتى المواضيع في أسلوب شيقويعرج على المواعظ والحكم والأمثال . حينا دخلت المحل امرأة على عجلة من أمرهاوتريد من الصائغ إصلاح سلسلة ذهبية مكسورة فقال لها الصائغ : انتظري قليلا حتى ألبيطلب هذا الرجل الذي أتاني قبلك ، ولكن المرأة نظرت إلى الصائغ في دهشة وقالت أي رجليا مجنون وأنت تجلس لوحدك ؟ ! ثم خرجت من المحل ، واستأنف الصائغ عمله . ثم دخلعليه رجل يطلب منه تقييم حلية ذهبية كانت يحملها ، فطلب منه أن ينتظر قليلا إلى أنيفرغ من إعداد الخاتم الذي طلبه الزبون الجالس إلى جواره ، فصاح الرجل : عمّ تتحدثفأنا لا أرى في المحل سواك! فسأله الصائغ : ألا ترى الرجل الجالس أمامي ؟ فقالالزبون الجديد : كلا ثم حوقل وبسمل ، وخرج . هنا أحس الصائغ بالفزع ونظر إلى الرجلالوقور وتساءل : ماذا يعني كل هذا ؟ فرد الرجل : تلك فضيلة تحسب لك والله أعلم ، ثمأردف قائلا : تريث ريثما يأتيك اليقين ..بعد قليل دخل المحل رجل وزوجتهوقالا أنهما يرغبان في فحص خاتم معروض في واجهة المحل فطلب منهما الصائغ أن يمهلاهبضع دقائق حتى يسلم الزبون الجالس معه خاتمه ، فاحتد الرجل وقال : أي رجل ونحن لانرى غيرك في المحل والتفت إلى زوجته وقال لها : يبدو أن هذا الصائغ لا يرغب في بيعالخاتم لنا .. لنذهب إلى محل آخر! هنا انتابت الصائغ حالة من الهلع الشديد ، ونظرفي ضراعة إلى الرجل الجالس قبالته ، وسأله : قل لي بربك ماذا يحدث! هنا اعتدلالزبون في جلسته وحلق ببصره بعيدا وقال في صوت أقرب إلى الهمس : أنا من عباد اللهالصالحين ولا يراني إلا من حمل صفاتي! هنا حلت النشوة محل الفزع في قلب الصائغ وكادأن يحلق من فرط السعادة عندما أكد له الرجل أنه أي الصائغ من أهل الحظوة ، وقال لهإن سيحقق له أي أمنية ، ولأن الصائغ كان يملك ما تشتهيه نفسه من عرض الدنيا فقد ردعلى الرجل بقوله : لا أريد سوى الظفر بالجنة فابتسم الرجل وقدم للصائغ منديلا أبيضوقال له : ضعه على أنفك واستنشق بقوة ففي المنديل عطر الجنة ، ففعل الصائغ ذلك وأحسبالنشوة تسري في أوصاله في نعومة ولطف ، وبعد دقائق معدودة تلفت حوله فلم يجد الرجلولم يجد المجوهرات التي كانت معروضة داخل المحل !! أدرك بعد أن فات عليه الفوات أنعطر الجنة المزعوم كان مخدرا ! وأن الزبائن الذين أتوه ثم أنكروا رؤية الزبونالجالس أمامه كانوا أعضاء في عصابة الرجل الخفي " وبالطبع لمتعثر الشرطة على الرجل لأنه لا يراه إلا الأغبياء )