أبو مرتضى عليّ
08-02-2008, 06:49 PM
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والصلاة والسّلام على المصطفى الأمين وآله الأطهار المنتجبين ..
السلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته ..
البُعد الغيبي لنهضة الحسينيّة من المهد إلى اللحد ..
كلّما أردت الحديث عن العترة الطاهرة (ع) رأيت اللسان والقلم يتنصلان من كلّ القيود والقواعد .. حتّى اللغويّة منها وما يتأتّى عنّها من نصب أو جرّ .. ويتّخذان عوضا عن ذلك مبدأ الحبّ والولاء ليرسم من على صفحات الذاكرة مواقف الإيثار والتفاني على الدروب الخالدة بخلود الحقّ والباطل ومن أجل القيّم والإسلام المحمّدي الأصيل والشعار: (( إن كان دين محمّد (ص) لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذوني ..))
تعدّدت الروايات متواترة ومشهورة عن المصير المأساوي لحياة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) . أنبأ بها جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلّم) في أكثر من مناسبة ومنذ اليوم الأوّل من مولده الشريف ..
فعن الإمام الرّضا (ع) عن أباءه عن أسماء بنت عميس قالت : (( لمّا ولد الحسين كنت أخدم فاطمة في نفاسها .. فجاء رسول الله (ص) ،
فقال : هلمّي إبني يا أسماء ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأخذه وحمله في حجره ، وأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليُسرى . قالت ثمّ بكى (ص) وقال : إنّه سيكون لك حديث اللهمّ ألعن قاتله ، لا تعلمي فاطمة بذلك . [1]
كما روي عن أمّ الفضل لبانة بنت الحارث من حديث طويل قالت : .. دخلت يوما على رسول الله (ص) ووضعت الحسين في حجره ، ثمّ حانت منّي إلتفاتة فإذا عينا رسول الله (ص) تهريقا الدموع ..
فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمّي مالك ..؟
وممّ بكائك .؟
فقال : أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل إبني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء.. [2]
وهكذا إتّخذت المسيرة الغيبة لنهضة الحسينيّة تحثّ الخُطا حتّى تضع حلقات أخرى عن ذلك النبأ العظيم . يوم يقف أمير المؤمنين (ع) على أرض الطفوف وهو في طريقه لمعركة الصفين ، لُيعلن عن ما هو كائن ولو بعد حين على ثرى تلك التربة المقدّسة بعد أن شمّها : (( وأها يا تربة .. ليُحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب )) [3]
ولم يقف السرّ المقدّس عند أمير المؤمنين (ع) .. وهو وعدٌ غير مكذوب يتوارثه أهل البيت (ع) لما له من عظمة وحرمة كانت سببا لتغيير مجرى التّاريخ والحفاظ على الدّين القويم .
فهذا الحسن المجتبى (عليه السّلام) يُحي الناعية وهو يحاور أخاه حسينا (عليهما السّلام ) : (( ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يُزدلفُ إليك ثلاثون ألف رجل ، يدّعون أنهم من أمّة جدّنا محمّد (ص) وينتحلون الإسلام ، فيجمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك )) [4]
ومع هذه البصائر نعي بأن حادثة الطفّ تُعتبر سرّا إلهيّا عظيم ، وصاحبها إنسان سماوي ، قد رسم له الغيب دورا رساليا ملؤه الإيثار والتفاني وقد وشّحت بدم الشهادة القاني .. ليكون رمزا للإباء ، وأبا للأحرار مدى الدّهر .. فكانت ثورته يتيمة الدهر في الغاية والهدف حتى قال عنها الكاتب المعروف (( جادلس ديكنز )) إن كان الحسين قد حارب من أجل أمور دنيوية ، فإنّني لا أدرك لماذا إصطحب معه النساء والصبية والأطفال .؟ إذا العقل يحكم إنّه ضحى فقط من أجل الإسلام ..[5].
فهذه شهادة ممن لا يؤمن بالغيب ولا بالشهادة ، ولو علم ذلك لأدرك بأنّ الحسين (ع) كان حامل راية آدم عبر الزمان والمكان حتّى يوم شهادة الحسن المجتبى (ع) .. ولن يحملها بعد أبي عبد الله (ع) إلاّ حفيده قائم آل محمّد (عجّل الله فرجه الشريف) لأنّ شروط حملها تستحيل على الناس العاديين ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .. وهي من قوله (عليه السلام) : (( إنّ الدّعي إبن الدّعي قد ركز بين إثنتين : بين السلّة والذّلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى لنا الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، ونفوس زكية وأنوف أبيّة تأبى طاعة اللئام على مصارع الكرام ..)) فأيّ عظيم له القدرة عن حمل راية هذا شعارها غيرك يامهدي..؟ أدركنا يا مولاي يا صاحب الزمان (أرواحنا لمقدمك الفداء).
فسلام من الله على الحسين ، وعلى عليّ بن الحسين ، وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين .. ورحمة الله تعالى وبركاته .. فيا ليتنا كنّا معكم سادتي ، فنفوز فوزا عظيما .. وإنّا لله وإنّ إليه راجعون .
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أبو مرتضى عليّ
الفهرس
[1] الأماي الشيخ الطوسي – المجلس 23 .
[2] الحاكم في المستدرك ج3 ص 176 و ابن عساكر في تاريخ دمشق ..
[3] شرح النهج ج3 ص 169 ..[4] اللهوف 18 – 19 .
[5] موسوعة عاشوراء لجواد مُحدّثي ص 290 ..
والصلاة والسّلام على المصطفى الأمين وآله الأطهار المنتجبين ..
السلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته ..
البُعد الغيبي لنهضة الحسينيّة من المهد إلى اللحد ..
كلّما أردت الحديث عن العترة الطاهرة (ع) رأيت اللسان والقلم يتنصلان من كلّ القيود والقواعد .. حتّى اللغويّة منها وما يتأتّى عنّها من نصب أو جرّ .. ويتّخذان عوضا عن ذلك مبدأ الحبّ والولاء ليرسم من على صفحات الذاكرة مواقف الإيثار والتفاني على الدروب الخالدة بخلود الحقّ والباطل ومن أجل القيّم والإسلام المحمّدي الأصيل والشعار: (( إن كان دين محمّد (ص) لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذوني ..))
تعدّدت الروايات متواترة ومشهورة عن المصير المأساوي لحياة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) . أنبأ بها جدّه المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلّم) في أكثر من مناسبة ومنذ اليوم الأوّل من مولده الشريف ..
فعن الإمام الرّضا (ع) عن أباءه عن أسماء بنت عميس قالت : (( لمّا ولد الحسين كنت أخدم فاطمة في نفاسها .. فجاء رسول الله (ص) ،
فقال : هلمّي إبني يا أسماء ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأخذه وحمله في حجره ، وأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليُسرى . قالت ثمّ بكى (ص) وقال : إنّه سيكون لك حديث اللهمّ ألعن قاتله ، لا تعلمي فاطمة بذلك . [1]
كما روي عن أمّ الفضل لبانة بنت الحارث من حديث طويل قالت : .. دخلت يوما على رسول الله (ص) ووضعت الحسين في حجره ، ثمّ حانت منّي إلتفاتة فإذا عينا رسول الله (ص) تهريقا الدموع ..
فقلت : يا نبي الله بأبي أنت وأمّي مالك ..؟
وممّ بكائك .؟
فقال : أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ أمّتي ستقتل إبني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء.. [2]
وهكذا إتّخذت المسيرة الغيبة لنهضة الحسينيّة تحثّ الخُطا حتّى تضع حلقات أخرى عن ذلك النبأ العظيم . يوم يقف أمير المؤمنين (ع) على أرض الطفوف وهو في طريقه لمعركة الصفين ، لُيعلن عن ما هو كائن ولو بعد حين على ثرى تلك التربة المقدّسة بعد أن شمّها : (( وأها يا تربة .. ليُحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب )) [3]
ولم يقف السرّ المقدّس عند أمير المؤمنين (ع) .. وهو وعدٌ غير مكذوب يتوارثه أهل البيت (ع) لما له من عظمة وحرمة كانت سببا لتغيير مجرى التّاريخ والحفاظ على الدّين القويم .
فهذا الحسن المجتبى (عليه السّلام) يُحي الناعية وهو يحاور أخاه حسينا (عليهما السّلام ) : (( ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ، يُزدلفُ إليك ثلاثون ألف رجل ، يدّعون أنهم من أمّة جدّنا محمّد (ص) وينتحلون الإسلام ، فيجمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك )) [4]
ومع هذه البصائر نعي بأن حادثة الطفّ تُعتبر سرّا إلهيّا عظيم ، وصاحبها إنسان سماوي ، قد رسم له الغيب دورا رساليا ملؤه الإيثار والتفاني وقد وشّحت بدم الشهادة القاني .. ليكون رمزا للإباء ، وأبا للأحرار مدى الدّهر .. فكانت ثورته يتيمة الدهر في الغاية والهدف حتى قال عنها الكاتب المعروف (( جادلس ديكنز )) إن كان الحسين قد حارب من أجل أمور دنيوية ، فإنّني لا أدرك لماذا إصطحب معه النساء والصبية والأطفال .؟ إذا العقل يحكم إنّه ضحى فقط من أجل الإسلام ..[5].
فهذه شهادة ممن لا يؤمن بالغيب ولا بالشهادة ، ولو علم ذلك لأدرك بأنّ الحسين (ع) كان حامل راية آدم عبر الزمان والمكان حتّى يوم شهادة الحسن المجتبى (ع) .. ولن يحملها بعد أبي عبد الله (ع) إلاّ حفيده قائم آل محمّد (عجّل الله فرجه الشريف) لأنّ شروط حملها تستحيل على الناس العاديين ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .. وهي من قوله (عليه السلام) : (( إنّ الدّعي إبن الدّعي قد ركز بين إثنتين : بين السلّة والذّلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى لنا الله ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحجور طابت وطهرت ، ونفوس زكية وأنوف أبيّة تأبى طاعة اللئام على مصارع الكرام ..)) فأيّ عظيم له القدرة عن حمل راية هذا شعارها غيرك يامهدي..؟ أدركنا يا مولاي يا صاحب الزمان (أرواحنا لمقدمك الفداء).
فسلام من الله على الحسين ، وعلى عليّ بن الحسين ، وعلى أولاد الحسين ، وعلى أصحاب الحسين .. ورحمة الله تعالى وبركاته .. فيا ليتنا كنّا معكم سادتي ، فنفوز فوزا عظيما .. وإنّا لله وإنّ إليه راجعون .
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أبو مرتضى عليّ
الفهرس
[1] الأماي الشيخ الطوسي – المجلس 23 .
[2] الحاكم في المستدرك ج3 ص 176 و ابن عساكر في تاريخ دمشق ..
[3] شرح النهج ج3 ص 169 ..[4] اللهوف 18 – 19 .
[5] موسوعة عاشوراء لجواد مُحدّثي ص 290 ..