محمدي
07-09-2006, 01:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل واحد من افراد البشر يحب الكمال بحيث لو خيرته بين شيئين مختلفين لأختار الأفضل منهما ومع ذلك هناك تفاوت بين الناس في الادراك والفهم وسلوك الطرق الأفضل في الحياة وحتى في المفاهيم الاسلامية وفهمها تختلف من واحد لآخر في التطبيق 00
ومن الفضائل الأخلاقية عند الانسان فضيلة الغيرة وهي فضيلة أخلاقية في دائرة القيم والمثل والمعنوية والكمالية للإنسان وحتى أنّ الله تعالى وصف بالغيور (أي الذي يغار كثيراً) ومن ذلك::
ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال:
«إِنَّ اللهَ غَيُورٌ يُحِبُّ كُلَّ غَيُور وَلِغِيرَتِهِ حَرَّمَ الفَواحِشَ ظـاهِرَهـا وَبـاطِنَهـا».
كذلك الانسان ايضا يسلك طريق هذه الفضيلة الأخلاقية الاسلامية كما ورد عن الامام الصادق ايضا في قوله
: «إذا لَم يَغُرِ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنكُوسُ القَلبِ»(1).
وقال العلاّمة المجلسي(قدس سره) إنّ المراد بالقلب المنكوس هنا هو التشبيه بالإناء المقلوب الذي لا يبقى فيه شيء من الطعام أو الماء، فالحديث الشريف يقرّر أنّ قلب مثل هؤلاء الأشخاص الفاقدين للغيرة خال من الصفات الأخلاقية السامية وفارغ من المثل الرفيعة(2).
وهذا التعبير يدلّ بوضوح إلى أنّ صفة الغيرة ترتبط برابطة وثيقة مع سائر الصفات الأخلاقية العليا للإنسان.
ورسول الله صلى الله عليه وآله القدوة الحسنة للعالم يذكرنا بهذه الفضيلة في هذين الحديثين التاليين في قوله:
«كـانَ إِبراهَيمُ أَبِي غَيُوراً وَأَنـا أَغيَرُ مِنهُ وَأَرغَمَ اللهُ أَنفَ مَنْ لا يُغـارُ مِنَ المُؤمِنِينَ»(3).
وقوله: «إِنِّي لَغَيُورٌ وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَغيَرُ مِنِّي وَأَنَّ اللهَ تَعـالى يُحِبِّ الَغَيُورَ» .
وفي حديث آخر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أيضاً أنّه قال:
«إنَّ الغِيرَةَ مِنَ الإِيمـانِ» لأنّ الإيمان يدعو الإنسان إلى حفظ الدين والبلد الإسلامي والسلوك في طريق التصدّي للأخطار التي تواجه هذه المتعلقات المهمّة للإنسان، فمن لم يتحرّك على مستوى الدفاع عنها ولم يتحرك عنصر الغيرة في أعماق ذاته فإنّه بعيد عن الإيمان(4).
والامام علي عليه السلام أيضا يشارك الأمة بقوله:
(قَدْرُ الرَّجُلِ قَدْرِ هِمَّتِهِ... وَشَجـاعَتُهُ عَلى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَعِفَّتِهِ عَلى قَدْرِ غَيرَتِهِ»(5).
ومن أهمية الغيرة عند رسول الله صلى الله عليه وآله مانقرأه في هذه الحادثة المروية عن الامام الباقر سلام الله عليه
«أَتى النَّبِيّ بِاُسارى فَأَمرَ بِقَتلِهِم وَخلاَّ رَجُلاً مِنْ بَينِهِم فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: كَيفَ اطلَقتَ عَنِّي؟
فَقَالَ(صلى الله عليه وآله): أَخبَرَنِي جِبرئيل عَنِ اللهِ أَنَّ فِيكَ خَمسُ خِصال يُحِبُّها اللهُ وَرَسُولُهُ: الغِيرَةُ الشَّدِيدَةُ عَلى حَرَمِكَ وَالسَّخـاءُ وَحُسْنُ الخُلقِ وَصِدقُ اللِّسـانِ وَالشَّجاعَةَ».
فلما سمع الرجل أسلم وحسن اسلامه وقاتل مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى استشهد (6)
وفي حديث آخر عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) ضمن توبيخه لأهل العراق الذين تخرج نساؤهم من منازلهم بدون اهتمام بالحجاب ويختلطن مع الرجال فقال:
«لَعَنَ اللهُ مَنْ لا يغـارُ» (7)
هناك ثمة نقطة يجدر الاشارة اليها وهي الموازنة في الغيرة لاافراط ولا تفريط كما ورد عن الامام علي عليه السلام
و نقرأ في حديث آخر عن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) في أحد كتبه إلى إبنه الإمام الحسن(عليه السلام) يقول:
«وَإِيّاكِ وَالتَّغـايُرَ فِي غَيرِ مَوضِع غَيرَة فَإِنَّ ذَلِكَ يَدعُو الصَّحِيحَةَ إِلى السَّقمِ وَالبَرِيئَةَ إِلى الرَّيب»وفي الحقيقة أنّ الافراط في كل شيء مذموم وخاصة في أمثال هذه الموارد من السلوك الأخلاقي تجاه العرض والحساسية المفرطة تجاه سلوك الزوجات والأرحام من النساء والنظر إلى سلوكهنّ من موقع الريبة والشك والتهمة، فقد يكون هذا الأمر هو السبب في وقوعهنّ في وادي الرذيلة والفساد، وعلى أيّة حال إنّ هذه الموارد من الغيرة وسوء الظن تعتبر حراماً شرعاً ويجب اجتنابها والابتعاد عنها تماماً، وقد ورد في الأخبار المتعلقة بزمن الجاهلية أنّ أحد الأسباب المهمّة لوأد البنات هو عنصر الغيرة المنحرف واللامنطقي لدى هؤلاء الجاهلين حيث كانوا يقولون: إنّ من الممكن أن تكبر هذه البنات وتتعرّض للأسر من قبل أفراد القبيلة المعادية فتكون أعراضنا في معرض النهب والتلاعب بيد الأعداء، فالأفضل أن ندفنهنّ وهنّ صغار لحفظ العرض.
وفقنا الله واياكم في طريق الخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
1. فروع الكافي، ج5، ص536، ح2.
2. مرآة العقول، في ذيل الحديث المبحوث.
3. بحار الانوار، ج100، ص248، ح33; كنز العمال، ج3، ص387، ح7076.
4. كنز العمال، ج3، ص385، ح7065.
5. نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 47
6وسائل الشيعة، ج14، ص109، الباب 77، ح10.
7. بحار الانوار، ج76، ص115، ح7.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل واحد من افراد البشر يحب الكمال بحيث لو خيرته بين شيئين مختلفين لأختار الأفضل منهما ومع ذلك هناك تفاوت بين الناس في الادراك والفهم وسلوك الطرق الأفضل في الحياة وحتى في المفاهيم الاسلامية وفهمها تختلف من واحد لآخر في التطبيق 00
ومن الفضائل الأخلاقية عند الانسان فضيلة الغيرة وهي فضيلة أخلاقية في دائرة القيم والمثل والمعنوية والكمالية للإنسان وحتى أنّ الله تعالى وصف بالغيور (أي الذي يغار كثيراً) ومن ذلك::
ما ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنّه قال:
«إِنَّ اللهَ غَيُورٌ يُحِبُّ كُلَّ غَيُور وَلِغِيرَتِهِ حَرَّمَ الفَواحِشَ ظـاهِرَهـا وَبـاطِنَهـا».
كذلك الانسان ايضا يسلك طريق هذه الفضيلة الأخلاقية الاسلامية كما ورد عن الامام الصادق ايضا في قوله
: «إذا لَم يَغُرِ الرَّجُلُ فَهُوَ مَنكُوسُ القَلبِ»(1).
وقال العلاّمة المجلسي(قدس سره) إنّ المراد بالقلب المنكوس هنا هو التشبيه بالإناء المقلوب الذي لا يبقى فيه شيء من الطعام أو الماء، فالحديث الشريف يقرّر أنّ قلب مثل هؤلاء الأشخاص الفاقدين للغيرة خال من الصفات الأخلاقية السامية وفارغ من المثل الرفيعة(2).
وهذا التعبير يدلّ بوضوح إلى أنّ صفة الغيرة ترتبط برابطة وثيقة مع سائر الصفات الأخلاقية العليا للإنسان.
ورسول الله صلى الله عليه وآله القدوة الحسنة للعالم يذكرنا بهذه الفضيلة في هذين الحديثين التاليين في قوله:
«كـانَ إِبراهَيمُ أَبِي غَيُوراً وَأَنـا أَغيَرُ مِنهُ وَأَرغَمَ اللهُ أَنفَ مَنْ لا يُغـارُ مِنَ المُؤمِنِينَ»(3).
وقوله: «إِنِّي لَغَيُورٌ وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَغيَرُ مِنِّي وَأَنَّ اللهَ تَعـالى يُحِبِّ الَغَيُورَ» .
وفي حديث آخر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أيضاً أنّه قال:
«إنَّ الغِيرَةَ مِنَ الإِيمـانِ» لأنّ الإيمان يدعو الإنسان إلى حفظ الدين والبلد الإسلامي والسلوك في طريق التصدّي للأخطار التي تواجه هذه المتعلقات المهمّة للإنسان، فمن لم يتحرّك على مستوى الدفاع عنها ولم يتحرك عنصر الغيرة في أعماق ذاته فإنّه بعيد عن الإيمان(4).
والامام علي عليه السلام أيضا يشارك الأمة بقوله:
(قَدْرُ الرَّجُلِ قَدْرِ هِمَّتِهِ... وَشَجـاعَتُهُ عَلى قَدْرِ أَنَفَتِهِ وَعِفَّتِهِ عَلى قَدْرِ غَيرَتِهِ»(5).
ومن أهمية الغيرة عند رسول الله صلى الله عليه وآله مانقرأه في هذه الحادثة المروية عن الامام الباقر سلام الله عليه
«أَتى النَّبِيّ بِاُسارى فَأَمرَ بِقَتلِهِم وَخلاَّ رَجُلاً مِنْ بَينِهِم فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: كَيفَ اطلَقتَ عَنِّي؟
فَقَالَ(صلى الله عليه وآله): أَخبَرَنِي جِبرئيل عَنِ اللهِ أَنَّ فِيكَ خَمسُ خِصال يُحِبُّها اللهُ وَرَسُولُهُ: الغِيرَةُ الشَّدِيدَةُ عَلى حَرَمِكَ وَالسَّخـاءُ وَحُسْنُ الخُلقِ وَصِدقُ اللِّسـانِ وَالشَّجاعَةَ».
فلما سمع الرجل أسلم وحسن اسلامه وقاتل مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) حتى استشهد (6)
وفي حديث آخر عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) ضمن توبيخه لأهل العراق الذين تخرج نساؤهم من منازلهم بدون اهتمام بالحجاب ويختلطن مع الرجال فقال:
«لَعَنَ اللهُ مَنْ لا يغـارُ» (7)
هناك ثمة نقطة يجدر الاشارة اليها وهي الموازنة في الغيرة لاافراط ولا تفريط كما ورد عن الامام علي عليه السلام
و نقرأ في حديث آخر عن الإمام أميرالمؤمنين(عليه السلام) في أحد كتبه إلى إبنه الإمام الحسن(عليه السلام) يقول:
«وَإِيّاكِ وَالتَّغـايُرَ فِي غَيرِ مَوضِع غَيرَة فَإِنَّ ذَلِكَ يَدعُو الصَّحِيحَةَ إِلى السَّقمِ وَالبَرِيئَةَ إِلى الرَّيب»وفي الحقيقة أنّ الافراط في كل شيء مذموم وخاصة في أمثال هذه الموارد من السلوك الأخلاقي تجاه العرض والحساسية المفرطة تجاه سلوك الزوجات والأرحام من النساء والنظر إلى سلوكهنّ من موقع الريبة والشك والتهمة، فقد يكون هذا الأمر هو السبب في وقوعهنّ في وادي الرذيلة والفساد، وعلى أيّة حال إنّ هذه الموارد من الغيرة وسوء الظن تعتبر حراماً شرعاً ويجب اجتنابها والابتعاد عنها تماماً، وقد ورد في الأخبار المتعلقة بزمن الجاهلية أنّ أحد الأسباب المهمّة لوأد البنات هو عنصر الغيرة المنحرف واللامنطقي لدى هؤلاء الجاهلين حيث كانوا يقولون: إنّ من الممكن أن تكبر هذه البنات وتتعرّض للأسر من قبل أفراد القبيلة المعادية فتكون أعراضنا في معرض النهب والتلاعب بيد الأعداء، فالأفضل أن ندفنهنّ وهنّ صغار لحفظ العرض.
وفقنا الله واياكم في طريق الخير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
1. فروع الكافي، ج5، ص536، ح2.
2. مرآة العقول، في ذيل الحديث المبحوث.
3. بحار الانوار، ج100، ص248، ح33; كنز العمال، ج3، ص387، ح7076.
4. كنز العمال، ج3، ص385، ح7065.
5. نهج البلاغة، الكلمات القصار، الكلمة 47
6وسائل الشيعة، ج14، ص109، الباب 77، ح10.
7. بحار الانوار، ج76، ص115، ح7.