الزٍهرٍآء
14-02-2008, 02:38 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
في أغلاط أهل السنة والجماعة في اختيار أبي بكر
من عجيب أمرهم : أنهم قصدوا إلى رجل أمر الله بتأخيره ، ولم يره أهلا للنيابة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في تأدية تسع آيات من سورة براءة إلى أهل مكة ، وهم بعض الأمة ، هذا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حي موجود مع قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " المؤمنون أكفاء تتساوى دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويجير عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم " (سنن النسائي : 8 / 24 . المطالب العالية : 1 / 444 ، ح 1486 . كنز العمال : 1 / 93 ، ح 403 ) ، فلا يراه الله تعالى مع ذلك أهلا لتأدية ذمة ، ولا منفذ الأمر فيه مصلحة للأمة ، وعزله عن جيش ظهر فيه غوله و عجزه ، ومنعه من سكنى المسجد وسد بابه ، وأخره عن الصلاة التي قدمه بلال إليها بأمر عائشة ابنته ، فقدموه بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رئيسا على جميع أمته ، وردوا إليه أحكام ملته ، حيث يكون تتميم تنفيذ الأمم في يديه ، وإقامة حدود الشريعة مردودة كلها إليه ، ويكون القائم مقام خير خلق الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والمنفذ لشرعه ، إن هذا لشئ عجيب ، يحار فيه عقل الحازم اللبيب !
ومن عجيب أمرهم : اعتقادهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمر الناس بأن يختاروا لأنفسهم إذا اجتمعوا إماما للصلاة ، ويروون عنه أنه قال : " اختاروا أئمتكم فإنهم وفدكم إلى الله عز وجل " (المعجم الكبير : 20 / 328 ، ح 777 . مجمع الزوائد : 2 / 64 . ) . وقال : " يؤمكم أقرؤكم " (سنن أبي داود : 1 / 159 - 160 ، ح 585 . السنن الكبرى للبيهقي : 3 / 125 ) . وفي خبر آخر : قالوا له : فإن كانوا في القراءة سواء ؟ قال : " فأفقههم وصاحب المسجد أولى بمسجده ". ثم يروون مع ذلك أن من الواجب تقديم أبي بكر على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إماما ، ويعتقدون أنه أولى منه بالتقديم على الناس في الصلاة مع علمهم بأن أبا بكر لم يكن حافظا لكتاب الله وأن أمير المؤمنين كان حافظا له بغير خلاف ، ولم يكن أبو بكر فقيها وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أفقه منه ومن جميع الأمة بغير خلاف ، ومع علمهم بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سد جميع أبواب الصحابة التي كانت إلى المسجد حتى سد باب عمه العباس ( رحمه الله ) وترك باب علي ( عليه السلام ) ، وقال : " إن الله تعالى أمر موسى بن عمران أن يتخذ بيتا طهرا لا يجنب فيه إلا هو وهارون وابناه شبر وشبير ، وأنه أمرني أن أتخذ بيتا طهرا لا يجنب فيه إلا أنا وعلي وابناه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) " (الدر المنثور : 4 / 383 . ) ، فاجتمعت الخصال الموجبة لتقدم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إماما في الصلاة ، فلم يختاروه ( 3 ) ، وكان الصواب عندهم أن يؤخروه ، وعدمها كلها أبو بكر فاختاروه وقدموه ، إن هذا لهو الرأي المعكوس !
ومن العجب : أن يردوا الأمر والنهي والحل والعقد وتنفيذ أحكام الشرع وإقامة الحدود في الخلق إلى من قد عرفوا ضعف فهمه ، وعدم فقهه وعلمه ، وفساد حفظه ، وقلة تيقظه ، ومن يقر بذلك على نفسه ، ويعترف بكثرة زلله وخلله وقلة علمه ، وبقوله على رؤوس الأشهاد : " وليتكم ولست بخيركم ، فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني ، فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي ، فإذا رأيتموني مغضبا فتجنبوني ، لا أوثر في أشعاركم و لا أبشاركم " (تاريخ الطبري : 3 / 224 . شرح نهج البلاغة : 17 / 110 ) ، ثم يسأل عن الكلالة ، فلا يعلمها ، وعن الأب فلا يفهمه ، والفقه فلا يخبره ، والقرآن فلم يكن يحفظه ، والشجاعة ففي معزل عنها ، والرئاسة فليس من أهلها ، ومن إذا كشفت أحواله ، وتتبعت أفعاله ، وجدت ما ذكرناه بعض صفاته ، فيقدم على الكافة ، وتجعل يده منبسطة على جميع أهل القبلة ، ويقال له : أنت خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ويؤخرون من قد عرفوا فائض فضله وكماله ، وعظم علمه ، وتقدم سبقه في جهاده ونصرته ، وحسن أثره ، وشريف أهله ، ومشتهر زهده ، وباهر آياته ، وبديع بيناته ، ومن هو قيم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخوه ، بل القائم مقام نفسه ، حسب ما شهد به كتاب الله تعالى ، ومن هو أحب الخلق إلى الله تعالى ، ومن افتقرت إليه الكافة ولم يفتقر هو إلى أحد من الأمة ، فيجعل هذا رعية مؤخرا تابعا للناقص في خلال الخير كلها ! إن هذا رأي عجيب ، واختيار طريف ، وفيه تقول فاطمة البتول ، ابنة السيد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : " وإن تعجب فقد أعجبك الحادث ، في أي طريق سلكوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ؟ استبدلوا والله الذنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فقبحا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ألا إنهم هم الأخسرون ولكن لا يعلمون " (معاني الأخبار : 355 . بحار الأنوار : 43 / 158 ) .
ومن العجب : أن يجتمعوا في السقيفة لطلب الخلافة فتحتج الأنصار بأنها هي التي تستحقها بنصرتها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ويحتج المهاجرون بقربهم منه ، وليس فيهم من يذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي لم يلحقه الأنصار في نصرته ، ولا تدانيه قريش في قرابته! ومن العجب: قول قريش : إن الخلافة لا تكون إلا حيث كانت النبوة ، وإنما يستحقها بذلك ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قريش ، ولم يعلمها أحد من الأنصار في الحال ، إن بني هاشم أولى منكم بها على هذه الحجة ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) من بني هاشم ، لكن صرفهم عن أن يحاجوهم بهذا اتفاق جميع من حضر السقيفة على صرف الأمر عن أهله ومنعه عن مستحقه . وقد روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال في كلام له أنفذه إلى معاوية : " فما راعني إلا والأنصار قد اجتمعت ، فمضى إليهم أبو بكر فيمن تبعه من المهاجرين فحاجهم بقرب قريش من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن كانت حجته عليهم بذلك ثابتة فقد كنت أنا إذا أحق بها من جماعتهم ، لأني أقربهم منه وأمسهم به رحما ، وإن لم يجب لي بذلك فالأنصار على حجتهم ". وروي عنه ( عليه السلام ) أنه قال : فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب . . .
ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم . وانظر تاريخ الطبري : 3 / 218 وما بعدها . وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب (نهج البلاغة : 503 . شرح نهج البلاغة : 18 / 437 . بحار الأنوار : 29 / 609 . ديوان الإمام علي ( عليه السلام ) : 12 ).
والعجب كله لقوم رأوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد ولى عمرو بن العاص وأسامة بن زيد على أبي بكر ثم يولونه على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والعباس ( رضي الله عنه ) . ومن عجيب أمرهم : دعواهم أن إمامة أبي بكر ثبتت عن إذن من أهل الحل والعقد ، وتأمل واختيار ، هذا مع سماعهم قول عمر بن الخطاب : " كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " (أنساب الأشراف : 2 / 264 . تاريخ الطبري : 3 / 205 . شرح نهج البلاغة : 2 / 275 . نهج الحق : 264 . تاريخ الخلفاء : 67 ) ، فشهد بأنها كانت قد وقعت بغتة من غير روية ، وحصلت فجأة عن عجلة من غير مشورة ، وفي هذا غاية الذم لها ، والتكذيب لهم فيما ادعوه فيها مع التهديد بسفك دم من عاد إلى مثلها ، وليس يشك عاقل في أن الفلتة التي هي العجلة والبدار تضاد ما يدعون من التأمل والاختيار . ومن عجيب أمرهم : دعواهم أن الأمة اجتمعت على إمامة أبي بكر مع علمهم بقلة عدد العاقد لها ، وتأخر من تأخر عنها ، وإنكار المنكرين لها ، والخلف الواقع فيها في حال السقيفة وبعدها ، فيقولون : إن من خالف من الأنصار ، وتأخر من بني هاشم الأخيار ، مع وجوه الصحابة وأعيانهم ، وبني حنيف بأسرهم ، وما ظهر من إنكارهم أمارته ، وخلافهم كلهم شذاذ لا يخرقون الإجماع ، ثم ينكرون أن يكون الإجماع حصل على حصار عثمان وخلعه ، وتكفيره وقتله ، ولم يكن بالمدينة من أهلها ولا ممن كان بها من أهل مصر وغيرهم إلا محارب أو خاذل ، ولم يحفظ في الإنكار عليهم قول لقائل . ويدعون أنه وعبيده المحاصرين معه في الدار ومروان ابن عمه قادحون في الإجماع . هذا ، وقد رام قوم من بني أمية أن يصلوا عليه فلم يتمكنوا ، وهموا أن يدفنوه في مقابر المسلمين ، فلم يتركوا حتى مضوا به إلى حش كوكب (ذكر في مراصد الاطلاع : 1 / 405 أنه اشتراه عثمان . وذكر الطبري في تاريخه : 4 / 412 أن اليهود كانت تدفن فيه موتاهم .) وهو بستان بقرب البقيع ، ثم أتوا به ليحتزوا رأسه فصاح نسوة من أهله وضربن وجوههن فتركوه ، وداسه عمير بن ضابئ فكسر ضلعا من أضلاعه ، وبقي مكانه مرميا ثلاثة أيام لم يستعظم ذلك في بابه مستعظم ، ولا أنكره منكر ، ومن تأمل هذه الحال علم أنها أحق وأولى بالإجماع (تاريخ الطبري : 4 / 412 . الكامل في التاريخ : 3 / 180 ) .
اللهم صل على محمد وآل محمد
في أغلاط أهل السنة والجماعة في اختيار أبي بكر
من عجيب أمرهم : أنهم قصدوا إلى رجل أمر الله بتأخيره ، ولم يره أهلا للنيابة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في تأدية تسع آيات من سورة براءة إلى أهل مكة ، وهم بعض الأمة ، هذا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حي موجود مع قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " المؤمنون أكفاء تتساوى دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويجير عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم " (سنن النسائي : 8 / 24 . المطالب العالية : 1 / 444 ، ح 1486 . كنز العمال : 1 / 93 ، ح 403 ) ، فلا يراه الله تعالى مع ذلك أهلا لتأدية ذمة ، ولا منفذ الأمر فيه مصلحة للأمة ، وعزله عن جيش ظهر فيه غوله و عجزه ، ومنعه من سكنى المسجد وسد بابه ، وأخره عن الصلاة التي قدمه بلال إليها بأمر عائشة ابنته ، فقدموه بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رئيسا على جميع أمته ، وردوا إليه أحكام ملته ، حيث يكون تتميم تنفيذ الأمم في يديه ، وإقامة حدود الشريعة مردودة كلها إليه ، ويكون القائم مقام خير خلق الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والمنفذ لشرعه ، إن هذا لشئ عجيب ، يحار فيه عقل الحازم اللبيب !
ومن عجيب أمرهم : اعتقادهم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمر الناس بأن يختاروا لأنفسهم إذا اجتمعوا إماما للصلاة ، ويروون عنه أنه قال : " اختاروا أئمتكم فإنهم وفدكم إلى الله عز وجل " (المعجم الكبير : 20 / 328 ، ح 777 . مجمع الزوائد : 2 / 64 . ) . وقال : " يؤمكم أقرؤكم " (سنن أبي داود : 1 / 159 - 160 ، ح 585 . السنن الكبرى للبيهقي : 3 / 125 ) . وفي خبر آخر : قالوا له : فإن كانوا في القراءة سواء ؟ قال : " فأفقههم وصاحب المسجد أولى بمسجده ". ثم يروون مع ذلك أن من الواجب تقديم أبي بكر على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إماما ، ويعتقدون أنه أولى منه بالتقديم على الناس في الصلاة مع علمهم بأن أبا بكر لم يكن حافظا لكتاب الله وأن أمير المؤمنين كان حافظا له بغير خلاف ، ولم يكن أبو بكر فقيها وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أفقه منه ومن جميع الأمة بغير خلاف ، ومع علمهم بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سد جميع أبواب الصحابة التي كانت إلى المسجد حتى سد باب عمه العباس ( رحمه الله ) وترك باب علي ( عليه السلام ) ، وقال : " إن الله تعالى أمر موسى بن عمران أن يتخذ بيتا طهرا لا يجنب فيه إلا هو وهارون وابناه شبر وشبير ، وأنه أمرني أن أتخذ بيتا طهرا لا يجنب فيه إلا أنا وعلي وابناه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) " (الدر المنثور : 4 / 383 . ) ، فاجتمعت الخصال الموجبة لتقدم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إماما في الصلاة ، فلم يختاروه ( 3 ) ، وكان الصواب عندهم أن يؤخروه ، وعدمها كلها أبو بكر فاختاروه وقدموه ، إن هذا لهو الرأي المعكوس !
ومن العجب : أن يردوا الأمر والنهي والحل والعقد وتنفيذ أحكام الشرع وإقامة الحدود في الخلق إلى من قد عرفوا ضعف فهمه ، وعدم فقهه وعلمه ، وفساد حفظه ، وقلة تيقظه ، ومن يقر بذلك على نفسه ، ويعترف بكثرة زلله وخلله وقلة علمه ، وبقوله على رؤوس الأشهاد : " وليتكم ولست بخيركم ، فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني ، فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي ، فإذا رأيتموني مغضبا فتجنبوني ، لا أوثر في أشعاركم و لا أبشاركم " (تاريخ الطبري : 3 / 224 . شرح نهج البلاغة : 17 / 110 ) ، ثم يسأل عن الكلالة ، فلا يعلمها ، وعن الأب فلا يفهمه ، والفقه فلا يخبره ، والقرآن فلم يكن يحفظه ، والشجاعة ففي معزل عنها ، والرئاسة فليس من أهلها ، ومن إذا كشفت أحواله ، وتتبعت أفعاله ، وجدت ما ذكرناه بعض صفاته ، فيقدم على الكافة ، وتجعل يده منبسطة على جميع أهل القبلة ، ويقال له : أنت خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ويؤخرون من قد عرفوا فائض فضله وكماله ، وعظم علمه ، وتقدم سبقه في جهاده ونصرته ، وحسن أثره ، وشريف أهله ، ومشتهر زهده ، وباهر آياته ، وبديع بيناته ، ومن هو قيم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأخوه ، بل القائم مقام نفسه ، حسب ما شهد به كتاب الله تعالى ، ومن هو أحب الخلق إلى الله تعالى ، ومن افتقرت إليه الكافة ولم يفتقر هو إلى أحد من الأمة ، فيجعل هذا رعية مؤخرا تابعا للناقص في خلال الخير كلها ! إن هذا رأي عجيب ، واختيار طريف ، وفيه تقول فاطمة البتول ، ابنة السيد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : " وإن تعجب فقد أعجبك الحادث ، في أي طريق سلكوا ؟ وبأي عروة تمسكوا ؟ استبدلوا والله الذنابي بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فقبحا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ألا إنهم هم الأخسرون ولكن لا يعلمون " (معاني الأخبار : 355 . بحار الأنوار : 43 / 158 ) .
ومن العجب : أن يجتمعوا في السقيفة لطلب الخلافة فتحتج الأنصار بأنها هي التي تستحقها بنصرتها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ويحتج المهاجرون بقربهم منه ، وليس فيهم من يذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي لم يلحقه الأنصار في نصرته ، ولا تدانيه قريش في قرابته! ومن العجب: قول قريش : إن الخلافة لا تكون إلا حيث كانت النبوة ، وإنما يستحقها بذلك ، لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قريش ، ولم يعلمها أحد من الأنصار في الحال ، إن بني هاشم أولى منكم بها على هذه الحجة ، لأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) من بني هاشم ، لكن صرفهم عن أن يحاجوهم بهذا اتفاق جميع من حضر السقيفة على صرف الأمر عن أهله ومنعه عن مستحقه . وقد روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال في كلام له أنفذه إلى معاوية : " فما راعني إلا والأنصار قد اجتمعت ، فمضى إليهم أبو بكر فيمن تبعه من المهاجرين فحاجهم بقرب قريش من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن كانت حجته عليهم بذلك ثابتة فقد كنت أنا إذا أحق بها من جماعتهم ، لأني أقربهم منه وأمسهم به رحما ، وإن لم يجب لي بذلك فالأنصار على حجتهم ". وروي عنه ( عليه السلام ) أنه قال : فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب . . .
ولما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلجوا عليهم ، فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم ، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم . وانظر تاريخ الطبري : 3 / 218 وما بعدها . وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب (نهج البلاغة : 503 . شرح نهج البلاغة : 18 / 437 . بحار الأنوار : 29 / 609 . ديوان الإمام علي ( عليه السلام ) : 12 ).
والعجب كله لقوم رأوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد ولى عمرو بن العاص وأسامة بن زيد على أبي بكر ثم يولونه على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والعباس ( رضي الله عنه ) . ومن عجيب أمرهم : دعواهم أن إمامة أبي بكر ثبتت عن إذن من أهل الحل والعقد ، وتأمل واختيار ، هذا مع سماعهم قول عمر بن الخطاب : " كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه " (أنساب الأشراف : 2 / 264 . تاريخ الطبري : 3 / 205 . شرح نهج البلاغة : 2 / 275 . نهج الحق : 264 . تاريخ الخلفاء : 67 ) ، فشهد بأنها كانت قد وقعت بغتة من غير روية ، وحصلت فجأة عن عجلة من غير مشورة ، وفي هذا غاية الذم لها ، والتكذيب لهم فيما ادعوه فيها مع التهديد بسفك دم من عاد إلى مثلها ، وليس يشك عاقل في أن الفلتة التي هي العجلة والبدار تضاد ما يدعون من التأمل والاختيار . ومن عجيب أمرهم : دعواهم أن الأمة اجتمعت على إمامة أبي بكر مع علمهم بقلة عدد العاقد لها ، وتأخر من تأخر عنها ، وإنكار المنكرين لها ، والخلف الواقع فيها في حال السقيفة وبعدها ، فيقولون : إن من خالف من الأنصار ، وتأخر من بني هاشم الأخيار ، مع وجوه الصحابة وأعيانهم ، وبني حنيف بأسرهم ، وما ظهر من إنكارهم أمارته ، وخلافهم كلهم شذاذ لا يخرقون الإجماع ، ثم ينكرون أن يكون الإجماع حصل على حصار عثمان وخلعه ، وتكفيره وقتله ، ولم يكن بالمدينة من أهلها ولا ممن كان بها من أهل مصر وغيرهم إلا محارب أو خاذل ، ولم يحفظ في الإنكار عليهم قول لقائل . ويدعون أنه وعبيده المحاصرين معه في الدار ومروان ابن عمه قادحون في الإجماع . هذا ، وقد رام قوم من بني أمية أن يصلوا عليه فلم يتمكنوا ، وهموا أن يدفنوه في مقابر المسلمين ، فلم يتركوا حتى مضوا به إلى حش كوكب (ذكر في مراصد الاطلاع : 1 / 405 أنه اشتراه عثمان . وذكر الطبري في تاريخه : 4 / 412 أن اليهود كانت تدفن فيه موتاهم .) وهو بستان بقرب البقيع ، ثم أتوا به ليحتزوا رأسه فصاح نسوة من أهله وضربن وجوههن فتركوه ، وداسه عمير بن ضابئ فكسر ضلعا من أضلاعه ، وبقي مكانه مرميا ثلاثة أيام لم يستعظم ذلك في بابه مستعظم ، ولا أنكره منكر ، ومن تأمل هذه الحال علم أنها أحق وأولى بالإجماع (تاريخ الطبري : 4 / 412 . الكامل في التاريخ : 3 / 180 ) .