المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «واقعة فخّ» نجم في سماء التاريخ


يـا عـلي
18-02-2008, 08:43 PM
«فخّ» نجم في سماء التاريخ


لمعت في سماء التاريخ الاسلامي وآفاقِهِ أماكنُ وأحداثٌ وشخصيّاتٌ ، ونزفت من قلب هذه الاُمّة وشرايينها دماءٌ طاهرةٌ سقت شجرةَ الايمان ، وخطّت فصولَ المجد والجهاد بأحرف مُضيئة وبعناوين لامعة .
ومن هذه الاماكن والاحداث والشخصيات والدماء أرضُ فَخٍّ ووقعتها الكبرى ، وقائدها العلوي الحسين بن عليّ بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، والكوكبة النيّرة من طلائع آل أبي طالب ، فكانت فخ حقّاً نجماً في سماء التاريخ ، كما كانت كربلاء وبدر وأمثالها من قبل نجوماً في سماء المجد والجهاد .
إنّ الّذي يقف على وقعة فخ ومأساتها وأهميّتها التاريخية والحركية يدرك أنّها تكرار لواقعة كربلاء وصدىً لصوت الحسين السبط الشهيد، حتّى أنّ الّذي يقرأ تقريعَ زينبَ لاهلِ الكوفة ، ويُصغي إلى لوعتها وشكواها ، لا يشكُّ أنّ كربلاء تكرّرت في فخ ، وأن مأساة أهل البيت (ع) تجدّدت في هذه الارض الطّاهرة ، فزينب بنت الامام عليّ بن أبي طالب ، بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) بالامس تخاطب أهل الكوفة بعد أن شهدت المأساة ووقفت على مصارع أهل البيت وقتلاهم :
«ويلكم ، أتدرونَ أيّ كبد لرسولِ الله فريتم ؟ وأيّ كريمة لم أبرزتم ؟ وأيّ دم له سفكتم ؟ وأيّ حُرمة له انتهكتم ؟ » .
ويعيد التاريخ نفسه فيحدِّثنا أن زينب بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ ابن أبي طالب اُمّ الحسين بن عليّ صاحب ثورة فخ الشهيرة تعيشُ المأساةَ نفسها ، وتعاني اللّوعةَ ذاتها ، تلكَ المرأة العابدة الّتي قَتَلَ أبو جعفر المنصـور أباها وأخاها وعمومتها وبنيهم وزوجها ، فكانت تلبسُ المسـوحَ ولا تجعلُ بين جسدِها وبينها شعاراً حتّى لحقت بالله عزّ وجلّ ، وكانت تندِبُهُم وتبكي حتّى يُغشى عليها ، ولا تذكر أبا جعفر بسوء تحرُّجاً مِن ذلك وكراهة لان تشفي نفسها بما يؤثمها ولا تزيد على أن تقول :
«يا فاطرَ السّماوات والارض ، يا عالِمَ الغيبِ والشّهادة ، الحاكمَ بينَ عباده احكُمْ بيننا وبينَ قومِنا بالحقِّ وأنتَ خيرُ الحاكمين» (56) .
«وكانت زينب تُرقِّصُ الحسينَ وهو صغير وأخاه الحسن وتقول :
تَعَلّمْ يابنَ زينب وهِندْ *** كَم لكَ بالبَطحاءِ مِن مَعَد
مِن خالِ صِدق ماجد وَجَد» (57)
فيأتي دور الحسين ولدها العلوي الثائر ليقتفي أثر الحسين السبط الشهيد ، ويحمل راية الجهاد والشهادة فيُراقُ دمه الطاهر ويفجع به رسـول الله (ص) ، كما فجع من قبل في كربلاء ، ولقد كانت هاتان الواقعتان (فخ ، وكربلاء) عظيمتـين على نفسِ رسول الله وأهل بيته ، وكان قد أنبأ عنهما وبكى ألماً ولوعةً لما يجري على أهل بيته فيهما .
فقد ذكر الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد الماوردي الشافعي في كتابه (أعلام النبوّة) صفحة (83 ) طبع مصر قال :
« ومن إنذاره (ص) ما رواه عروة عن عائشة قال : دخل الحسين بن عليّ (ع) على رسـول الله (ص) وهو يوحى إليه ، فبركَ على ظهره وهو منكَبٌّ ، ولعب على ظهره ، فقال جبرئيل : يا محمّد ! إنّ اُمّتَكَ ستُفتَنُ بعدَك ويُقتَلُ ابنُكَ هذا مِن بعدك . ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء وقال : في هذه الارض يُقتَلُ ابنُكَ ، اسمها الطفُّ . فلمّا ذهب جبرئيل خرج رسول الله (ص) إلى أصحابه والتربة في يده ، وفيهم أبو بكر وعمر وعليّ وحذيفة وعمّار وأبو ذر وهو يبكي ، فقالوا : ما يُبكيكَ يا رسول الله (ص) ؟ فقال : أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يُقتَلُ بعدي بأرضِ الطفِّ ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجَعَه » (58) .
وكما أخبرَ رسول الله (ص) عن كربلاء ، أخبرَ كذلك عن وقعة فخٍّ ، فقد رُوي عن طريق سلسلة من الرواة عن أبي جعفر محمّد الباقر بن عليّ (ع) قال :
« مرّ النبيّ (ص) بفخٍّ فنزلَ فصلّى ركعتين ، فلمّا صلّى الثانية بكى وهو في الصّلاة ، فلمّا رأى الناس النبيّ (ص) يبكي بكوا ، فلمّا انصرفَ قال : ما يُبْكيكم ؟ قالوا : لمّا رأيناك تبكي بكينا ، يا رسول الله . قال : نزل عليَّ جبرئيل لمّا صلّيت الرّكعةَ الاُولى فقال : يا محمّـد ! إنّ رجلاً مِن وُلدِكَ يُقتَلُ في هذا المـكان ، وأجرُ الشهيدِ معه أجرُ شهيدين » (59) .
«وتوقّف الامام جعفر بن محمّد الصادق في أرض فخ في إحدى سفراته من المدينة إلى مكّة فنزل فيها وصلّى ، ثمّ سأله النضر بن قرواش صاحب الجِمال المكراة للسّفر : جُعِلتُ فداكَ رأيتُكَ قد صنعتَ شيئاً ، أفهوَ مِن مناسكِ الحجِّ ؟ قال : لا ، ولكنْ يُقتَلُ هاهنا رجلٌ مِن أهل بيتي في عصابة تسبقُ أرواحُهُم أجسادَهُم إلى الجنّة» (60) .
وروى زيد بن عليّ بن الحسين أنّ رسول الله (ص) صلّى في فَخٍّ وقال :
«يُقتَل هاهنا رجلٌ من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ، ويُنزلُ لهم بأكفان وحُنوط مِنَ الجنّة ، تسبقُ أرواحُهُم أجسادَهُم إلى الجنّة» (61) .
وإذا كان وقع هذه المأساة عظيماً على نفس رسول الله (ص) ومروِّعا لاهل البيت (ع) الّذين لم يشهدوا هذه الواقعة ، فكيف بعميد أهل البيت وإمام المسلمين موسى بن جعفر الكاظم (ع) الّذي عاصرَ المأساة ، وعايَشَ المحنةَ وتحمّلَ آثارها وتبعاتها السياسية والرسالية ، تلك المأساة الّتي وصفها الامام محمدّ الجواد (ع) حفيد الامام الكاظم بقوله :
«لم يكن لنا بعدَ الطفِّ مصرعٌ أعظمُ مِن فخّ» (62) .
لقد تحدّث التاريخ عن أنّ موسى الهادي الخليفة العباسي الّذي وقعت الثورة أيّام خلافته ، عكس آثار هذه الثورة العلوية ونتائجها على الامام موسى ومَن نجا من آل أبي طالب من مذابح بني العباس المروّعة ، فتحمّلها الامامُ بقلبِهِ الكبير وصبره المديد وعزمه الّذي لا يلين ، وهكذا يكون القائد المسلم أقوى من المحنة ، وأكبرَ من عقبات الصِّراع ، وأثبتَ من الخصم ليستطيع مواصلة السير ، وتحمّل أعباء القيادة واجتياز الظّروف الصّعبة وساعات العسرة الشّاقّة ، ولم يحدِّث التاريخُ عن أئمّة أهل البيت إلاّ بتلك الصفات الفذّة والخصال القيادية الرائعة .
وصدق رسول الله (ص) الامين بقوله :
«نحنُ أهلُ بيت لا يُقاسُ بنا أحدٌ» .

يـا عـلي
19-02-2008, 04:07 PM
واقعة فخ تعتبر من الوقائع التارخيه القيمه .. التي ضرب الناس بها المثل .. فلو لا الأمام الحسين قتل في كربلاء .. لكانت واقعة فخ اشد واقعة شهدها التاريخ الأسلامي .. بأكمله .. و يذكرها الدكتور الخـطيب احمد الوائلي رحمة الله عليه في تحدثه عن الامام الكاظم و زمن الأامام الكاظم و موجوده هل المحاظره على الموقع ماله http://www.al-waeli.com/Audio/Lectures/Almaasomin/08_ImamKadhim.ram