ابنة المرجعيه
26-02-2008, 01:38 AM
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المعروف عن بعض الحنابلة انهم من القائلين بالتجسيم , بمعنى أنّ لله تعالى يداً ووجهاً وعيناً وساق , وأنّه متربّع على العرش شأنه شأن الملوك والسلاطين , واستدلّوا على ذلك بآيات من القرآن الكريم , كقوله تعالى " يد الله فوق أيديهم " و " كلّ شيء هالك إلاّ وجهه " و " يوم يكشف عن ساق " و " الرحمن على العرش استوى " وغيرها من الآيات , وقالو:ان اليد والوجه والساق والاستواء جاءت في القرآن على وجه الحقيقة في معانيها وليست مصروفة الى معانيها المجازية .
نعم يد الله ليست كيدن , ووجهه ليس كوجهن , وساقه ليس كساقن , بدليل قوله تعالى:" ليس كمثله شيء " .
ولا يخفى عليك ان ابن تيميّة ومحمّد بن عبد الوهاب يدّعيان انهما من الحنابلة .
واقوال ابن تيميّة في التجسيم كثيرة جد , وللوقوف على ذلك راجع مثلا كتابه(الفتوى الحموية الكبرى) في مجموعة الفتاوى:ج5 , كتاب الاسماء والصفات .
وان عقيدته في التجسيم كانت واحداً من أهمّ محاور الصراع الذي خاضه مع علماء عصره , فهي السبب الوحيد لما دار بينه وبين المالكيّة من فتن في دمشق , وهي السبب الوحيد لاستدعائه الى مصر ثم سجنه هناك , كما كانت سبباً في عدّة مجالس عقدت هنا وهناك لمناقشة أقواله .
ولم ينفرد المالكيّة في الرد عليه , بل كان هذا هو شأن الحنفية والشافعيّة أيض , وأمّا الحنبليّة فقد نصّوا على شذوذه عنهم .
قال الشيخ الكوثري الحنفي في وصف عقيدة ابن تيميّة في الصفات:إنّها تجسيمٌ صريح . ثمّ نقل مثل ذلك عن ابن حجر المكّي في كتابه(شرح الشمائل )ـ انظر:تعليقة الكوثري في ذيل(الأسماء والصفات) للبيهقي:301 ـ .
وللشافعيّة دورهم البارز في مواجهة هذه العقيدة , فقد صنّفوا في بيان أخطاء ابن تيميّة فيها كثير , وربّما يُعدّ من أهمّ تصانيفهم تلك ما كتبه شيخهم شهاب الدين ابن جَهبَل , المتوفّى سنة 733 هـ ويكتسب هذا التصنيف أهميّته لسببين :
أوّلهم:أنّ هذا الشيخ كان معاصراً لابن تيميّة , وقد كتب ردّه هذا في حياة ابن تيميّة موجّهاً إليه .
والثاني:أنّه ختمه بتحدٍّ صريح , قال فيه:" ونحن ننتظر ما يَرِدُ من تمويههِ وفساده , لنبيّن مدارج زيغه وعناده , ونجاهد في الله حقّ جهاده " . ثمّ لم يذكر لابن تيميّة جواباً عليه رغم أنّه قد وضع ردّاً على (الحمويّة الكبرى )التي ألقاها الشيخ ابن تيميّة على المنبر في سنة 698 هـ .
وأمّا دفاعه عن التجسيم فهو دفاع المجسّمة الصُرحاء , فيقول ردّاً على القائلين بتنزيه الله تعالى عن الأعضاء والأجزاء:إنّهم جعلوا عُمدتهم في تنزيه الربّ عن النقائص على نفي التجسيم , ومن سلك هذا المسلك لم يُنزِّه الله عن شيء من النقائص ألبتّة ـ التفسير الكبير 1 / 275 , الفرقان بين الحقّ والباطل:111 , وانظر كلامه في " البعض " و " الكلّ " في(الفتاوى الكبرى )6:413 ـ .
ثم طريق اثبات شيء على المتهم لا يتم بإقراره فقط ومن كتبه فإنّه قد لا يذكر ذلك صريحاً خوفاً من المسلمين , ولكن هناك طريقة اخرى وهي شهادة شهود عليه , فان هذا من اقوى ادلّة الاثبات , خاصة اذا كانوا كثيرين .
وقد شهد على ابن تيميّة الكثير منهم:ابن بطوطة في كتابه(رحلة ابن بطوطة:95 )إذ يقول تحت عنوان :(حكاية الفقيه ذي اللُّوثة ـ اللُّوثة بالضمّ:مَسُّ جنون ـ ! ): كان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقيّ الدين ابن تيميّة , كبير الشأم , يتكلّم في الفنون , إلاّ أنّ في عقله شيئاً ! وكان أهل دمشق يُعظّمونه أشدّ التعظيم ويعظهم على المنبر , وتكلّم بأمرٍ أنكره الفقهاء ..
قال:وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعِظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم , فكان من جُملة كلامه أن قال :(إنّ الله ينزِلُ إلى سماء الدنيا كنزولي هذ )ونزل درجةً من المنبر ! .
فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء , وأنكر ما تكلّم به , فقامت العامّة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتّى سقطت عمامته وظهر على رأسه شاشيّة حرير , فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم قاضي الحنابلة , فأمر بسجنه , وعزّره بعد ذلك ..
ومقولة ابن تيميّة هذه ذكرها ابن حجر العسقلاني أيضاً في الدرر الكامنة ـ 1 / 154 ـ .
تلك صورةٌ عن عقيدته في الله تعالى .. فهو يجيز عليه تعالى الانتقال والتحوّل والنزول , وفي هذا التصوّر من التجسيم ما لا يخفى , فالذي ينتقل من مكان إلى مكان , وينزل ويصعد , فلابُدّ أنّه كان أوّلاً في مكان ثمّ انتقل إلى مكان آخر , فخلا منه المكان الأوّل , واحتواه المكان الثاني , والذي يحويه المكان لا يكون إلاّ محدوداً ! فتعالى الله عمّا يصفون !!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المعروف عن بعض الحنابلة انهم من القائلين بالتجسيم , بمعنى أنّ لله تعالى يداً ووجهاً وعيناً وساق , وأنّه متربّع على العرش شأنه شأن الملوك والسلاطين , واستدلّوا على ذلك بآيات من القرآن الكريم , كقوله تعالى " يد الله فوق أيديهم " و " كلّ شيء هالك إلاّ وجهه " و " يوم يكشف عن ساق " و " الرحمن على العرش استوى " وغيرها من الآيات , وقالو:ان اليد والوجه والساق والاستواء جاءت في القرآن على وجه الحقيقة في معانيها وليست مصروفة الى معانيها المجازية .
نعم يد الله ليست كيدن , ووجهه ليس كوجهن , وساقه ليس كساقن , بدليل قوله تعالى:" ليس كمثله شيء " .
ولا يخفى عليك ان ابن تيميّة ومحمّد بن عبد الوهاب يدّعيان انهما من الحنابلة .
واقوال ابن تيميّة في التجسيم كثيرة جد , وللوقوف على ذلك راجع مثلا كتابه(الفتوى الحموية الكبرى) في مجموعة الفتاوى:ج5 , كتاب الاسماء والصفات .
وان عقيدته في التجسيم كانت واحداً من أهمّ محاور الصراع الذي خاضه مع علماء عصره , فهي السبب الوحيد لما دار بينه وبين المالكيّة من فتن في دمشق , وهي السبب الوحيد لاستدعائه الى مصر ثم سجنه هناك , كما كانت سبباً في عدّة مجالس عقدت هنا وهناك لمناقشة أقواله .
ولم ينفرد المالكيّة في الرد عليه , بل كان هذا هو شأن الحنفية والشافعيّة أيض , وأمّا الحنبليّة فقد نصّوا على شذوذه عنهم .
قال الشيخ الكوثري الحنفي في وصف عقيدة ابن تيميّة في الصفات:إنّها تجسيمٌ صريح . ثمّ نقل مثل ذلك عن ابن حجر المكّي في كتابه(شرح الشمائل )ـ انظر:تعليقة الكوثري في ذيل(الأسماء والصفات) للبيهقي:301 ـ .
وللشافعيّة دورهم البارز في مواجهة هذه العقيدة , فقد صنّفوا في بيان أخطاء ابن تيميّة فيها كثير , وربّما يُعدّ من أهمّ تصانيفهم تلك ما كتبه شيخهم شهاب الدين ابن جَهبَل , المتوفّى سنة 733 هـ ويكتسب هذا التصنيف أهميّته لسببين :
أوّلهم:أنّ هذا الشيخ كان معاصراً لابن تيميّة , وقد كتب ردّه هذا في حياة ابن تيميّة موجّهاً إليه .
والثاني:أنّه ختمه بتحدٍّ صريح , قال فيه:" ونحن ننتظر ما يَرِدُ من تمويههِ وفساده , لنبيّن مدارج زيغه وعناده , ونجاهد في الله حقّ جهاده " . ثمّ لم يذكر لابن تيميّة جواباً عليه رغم أنّه قد وضع ردّاً على (الحمويّة الكبرى )التي ألقاها الشيخ ابن تيميّة على المنبر في سنة 698 هـ .
وأمّا دفاعه عن التجسيم فهو دفاع المجسّمة الصُرحاء , فيقول ردّاً على القائلين بتنزيه الله تعالى عن الأعضاء والأجزاء:إنّهم جعلوا عُمدتهم في تنزيه الربّ عن النقائص على نفي التجسيم , ومن سلك هذا المسلك لم يُنزِّه الله عن شيء من النقائص ألبتّة ـ التفسير الكبير 1 / 275 , الفرقان بين الحقّ والباطل:111 , وانظر كلامه في " البعض " و " الكلّ " في(الفتاوى الكبرى )6:413 ـ .
ثم طريق اثبات شيء على المتهم لا يتم بإقراره فقط ومن كتبه فإنّه قد لا يذكر ذلك صريحاً خوفاً من المسلمين , ولكن هناك طريقة اخرى وهي شهادة شهود عليه , فان هذا من اقوى ادلّة الاثبات , خاصة اذا كانوا كثيرين .
وقد شهد على ابن تيميّة الكثير منهم:ابن بطوطة في كتابه(رحلة ابن بطوطة:95 )إذ يقول تحت عنوان :(حكاية الفقيه ذي اللُّوثة ـ اللُّوثة بالضمّ:مَسُّ جنون ـ ! ): كان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقيّ الدين ابن تيميّة , كبير الشأم , يتكلّم في الفنون , إلاّ أنّ في عقله شيئاً ! وكان أهل دمشق يُعظّمونه أشدّ التعظيم ويعظهم على المنبر , وتكلّم بأمرٍ أنكره الفقهاء ..
قال:وكنت إذ ذاك بدمشق فحضرته يوم الجمعة وهو يعِظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم , فكان من جُملة كلامه أن قال :(إنّ الله ينزِلُ إلى سماء الدنيا كنزولي هذ )ونزل درجةً من المنبر ! .
فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء , وأنكر ما تكلّم به , فقامت العامّة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتّى سقطت عمامته وظهر على رأسه شاشيّة حرير , فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم قاضي الحنابلة , فأمر بسجنه , وعزّره بعد ذلك ..
ومقولة ابن تيميّة هذه ذكرها ابن حجر العسقلاني أيضاً في الدرر الكامنة ـ 1 / 154 ـ .
تلك صورةٌ عن عقيدته في الله تعالى .. فهو يجيز عليه تعالى الانتقال والتحوّل والنزول , وفي هذا التصوّر من التجسيم ما لا يخفى , فالذي ينتقل من مكان إلى مكان , وينزل ويصعد , فلابُدّ أنّه كان أوّلاً في مكان ثمّ انتقل إلى مكان آخر , فخلا منه المكان الأوّل , واحتواه المكان الثاني , والذي يحويه المكان لا يكون إلاّ محدوداً ! فتعالى الله عمّا يصفون !!