المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب مذهب أهل البيت لسيدعلي نقي الحيدري (ص39-ص76)


خادم نصر الله
07-03-2008, 02:10 PM
وتقاتل على سنتي، وانك غداً في الآخرة اقرب الناس مني، وانك أول من يرد عليّ الحوضّ، وأول من يُكسى معي، وأول داخل في الجنة من أمتي، وان شيعتك على منابر من نور، وان الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك انتهى..) ومضمون هذه الرواية مروي عن مقتل الخوارزمي أيضاً وعن كفاية الطالب للكنجي الشافعي وتاريخ الخطيب ومجمع الزوائد ووسيلة المتعبدين ومناقب الخوارزمي بطريق آخر.

68 ـ ما رواه في المناقب أيضاً عن المنصور الدوانيقي في حديث طويل عنه صلى الله عليه وآله وسلم وفيه: (وان علياً وشيعته غداً هم الفائزون يوم القيامة بدخول الجنة الخ..).
69 ـ ما في المناقب أيضاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (يا علي إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة الله، وأخذت أنت بحجزتي، وأخذ ولدك بحجزتك، واخذ شيعة ولدك بحجزتهم فترى أين يؤمر بنا؟).
70 ـ ما عن وسيلة المتعبدين ونزل السائرين عن أم سلمة (رض) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة). وروي هذا الحديث عن كنوز الحقائق للمناوي، وبمضمونه عن تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي.
71 ـ ما رواه الخوارزمي في مناقبه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (يا علي ان الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك). </SPAN>
الصفحة 40
72 ـ ما عن الخطيب أيضاً وابن مردويه وابن المغازلي المالكي كلّ في مناقبه عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون) (1) الآية. فقال: قال لي جبرئيل ذلك علي وشيعته السابقون إلى الجنة، المقربون من الله بكرامته لهم).
73 ـ ما رواه الخوارزمي أيضاً في مناقبه بطرق عديدة في فصل (19) في حديث طويل ذكر فيه فضل علي عليه السلام وانه أعلم الناس علماً، وأقدم الناس سلماً وانه وشيعته هم الفائزون غداً).
74 ـ ما رواه صاحب الينابيع الحنفي في باب (59) عن الصواعق قال: واخرج احمد في المناقب انه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يا علي أما ترضى انك معي في الجنة والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرياتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا).
75 ـ ما رواه في نفس الباب عن الصواعق أيضاً قال: اخرج الطبراني انه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي: (أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرياتنا وشيعتنا عن إيماننا وشمائلنا).
76 ـ ما رواه في الباب نفسه عن الصواعق أيضاً قال: اخرج الديلمي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي ان الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك فابشر فانك الأنزع البطين،
____________
(1) سورة الواقعة.
الصفحة 41
وأنت وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء مرويين مبيّضة وجوهكم وان عدوّك يردون عليّ الحوض ظلماءً مقمحين).
77 ـ ما رواه في نفس الباب عن ابن حجر في الصواعق قال: الآية الحادية عشرة: (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) أخرج الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي المدني عن ابن عباس قال: ان هذه الآية لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: (يا علي أنت وشيعتك خير البرية، تأتي يوم القيامة أنت وشيعتك راضين مرضيين، ويأتي عدوّك غضاباً مقمحين)، فقال: من عدوّي؟ قال: (من تبرأ منك ولعنك الخ…). وقد روي تفسير الآية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعلي وشيعته عن كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم، والدر المنثور للسيوطي.
78 ـ ما رواه أيضاً في باب (56) عن كتاب مودة القربى لعلي بن شهاب الهمداني في المودة السادسة عن عبدالله بن سلام في حديث طويل فيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: فمن يستظل تحت لوائك؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمنون أولياء الله وشيعة الحق، وشيعتي ومحبي، وشيعة علي ومحبوه وأنصاره فطوبى لهم وحسن مآب، والويل لمن كذبني في عليّ أو كذّب عليّا فيّ أو نازعه في مقامه الذي أقامه الله فيه).
79 ـ ما رواه في نفس الباب عن نفس الكتاب في المودة الثانية عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (ان الله اطّلع الى </SPAN>
الصفحة 42
الأرض إطلاعة من عرشه بلا كيف ولا زوال فاختارني واختار علياً لي صهراً وأعطى له فاطمة العذراء البتول ولم يعط ذلك أحداً من النبيين وأعطى الحسن والحسين ولم يعط أحداً مثلهما وأعطى صهراً مثلي وأعطى الحوض وجعل إليه قسمة الجنة والنار ولم يعط ذلك الملائكة وجعل شيعته في الجنة وأعطى أخاً مثلي وليس لأحد أخ مثلي. أيها الناس من أراد أن يطفئ غضب الرب، ومن أراد أن يقبل الله عمله فليحب علي بن أبي طالب فان حبه يزيد الإيمان وان حبه يذيب السيئات كما تذيب النار الرصاص).
80 ـ ما رواه في نفس الباب عن نفس الكتاب في المودة الثانية عن انس عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (حدثني جبرئيل وقال: إن الله يحب علياً لا يحب الملائكة مثل حب علي. وما من تسبيحة تسبح لله إلا ويخلق الله ملكاً يستغفر لمحبه وشيعته الى يوم القيامة). الى غير ذلك من الأحاديث النبوية التي رواها علماء الجمهور رضي الله عنهم في كتبهم في مدح شيعة علي عليه السلام. وهي كثيرة وقد جمع العلامة الشريف العسكري ما يقارب الأربعين حديثاً نبوياً في مدحهم من كتب علماء أهل السنة وسماه: «الشيعة في حديث الجمهور». </SPAN>
الصفحة 43
مناشدة على ضوء الأحاديث السابقة
أيها المسلم وجهه لله، عرضت بين يديك على منضدة البحث ثمانين حديثاً نبوياً دالاً على توجيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته إلى التمسك بعلم عترته أهل البيت عليهم السلام، وبملاحظة تعدد طرق أكثرها تكون أضعاف هذا العدد فأنشدك الله إلا ما سرحت نظرك فيها فهل تجد بها مغمزاً أو مهمزاً فدلّني عليه لعلي أصل معك إلى ميدان الحقيقة فإني معك طالبها. ألا تجد في قلبك اقتناعاً بمؤداها، وإنقيادأ لمرماها؟ لا شك انك إن نظرت إليها بنظّارة قلبك الطاهر وقلبّت طوائفها وأصنافها تنصهر بنورها وتتكهرب بتيارها إن كنت على ما تعاهدنا عليه من تطهير قلبك من كل علاقة إلا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم ان أردت الازدياد من الأحاديث جئتك بأضعافها من جميع أصنافها. أفلا تكفيك هذه الكمية الوفيرة والحجج الكثيرة التي رواها جل علماء الاسلام وحفاظ السنة في أسفارهم؟ أفلا تدلّك دلالة لا ريب فيها على أن المشرع الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أرشد أمته إلى انتهاج منهج أهل بيته واتّباعهم، وأخذ الأحكام منهم، والاهتداء بطريقتهم، والسير على سيرتهم، واقتفاء آثارهم، والتعلم منهم، وانهم ورثة علمه، وخزّان دينه، وسدنة شريعته، ومصابيح أمته، وأمراء مملكته، وحجج الله في بريته، وسفراؤه بين خليقته، والأدلاء على صراطه، والحفظة لكتابه، وأعلام بلاده، والخلفاء </SPAN>
الصفحة 44
على عباده. وفي بعض هذه الأحاديث كفاية لمن أراد الهداية. فكيف وما ذكرناه لك هو يسير من غدير فتصفح أيها الطالب للحق صفحات الكتب وبطون الأسفار لتقف على اكثر ما أرشدناك إليه. وإن أردت الاستعانة أعنّاك على ذلك فكلنا طالب حق، وراغب صدق، فيكون هذا بيدك حجة لك يوم السؤال، يوم تعرضون عليه لا تخفى منكم خافية، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم. فان الحجة التي تنفعك ذلك اليوم، وتقبل منك بعد كلام الله هو كلام نبيك الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى. وحجة عقلك الذي يحتج الله به عليك.
وكأني ببعض من لا يحب ذكر آل محمد عليهم السلام بفضلٍ أبداً إذا نظر في هذه الأحاديث قال: هذه كلها من أباطيل الشيعة وإن استلزم كلامه هذا تكذيب جلّ علماء الإسلام، وتفنيد كتبهم وأحاديثهم. فان هذه الأحاديث كلها من طرق إخواننا أهل السنة وكتبهم وترويها الشيعة أيضاً بنصها أو بمعناها في كتبهم الطافحة بها المكتبات.
أو كأني ببعض من ينظر الى الشيعة بمؤخر عينه إذا نظر إلى مدائح النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيعة أهل بيته غمز في تطبيق الاسم على المسمى وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى في عصره أتباع علي عليه السلام المنقطعين اليه والمتمسكين بحبل ولايته بالشيعة واستمر هذا الاسم علماً لهم حتى عصرنا هذا وحتى تقوم الساعة لا تزحزحه التشكيكات للتخلص من التبعات. </SPAN>
الصفحة 45
حديث «أصحابي كالنجوم»
ولا يعارض هذه الأحاديث ما رواه بعض طوائف المسلمين دون الآخرين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم) وذلك لوجوه:
الأول: إن هذا الحديث بعد الغض عما في سنده يرويه بعض الطوائف دون الآخرين وتلك الأحاديث التي جازت حد التواتر مجمع عليها بين المسلمين كما عرفت. وما رواه البعض دون الآخر لا يكون مستوفياً لشرائط الحجية في مقام الاستدلال على مذهب أو نحوه. ولا يكون حجة على الباقي.
الثاني: إن هذا الحديث معارض بالأحاديث النبوية الدالة على أن بعض أصحابه بدّل بعده صلى الله عليه وآله وسلم أو أحدث أو ارتدّ على ما رواها صحيح البخاري في باب الحوض بطرق، ورواها صحيح مسلم بطرق وغيرهما من المسانيد.
الثالث: مخالفته للعقل ولإجماع الصحابة لأنه يستحيل في العقل ان المقتدي بكلّ منهم يكون مهتدياً مع أن منهم من تقاتلوا فيما بينهم وتلاعنوا. ويلزم عليها أن من اقتدى بمعاوية وابن العاص وطلحة والزبير فقاتل علياً والحسن والحسين ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومئات من الصحابة الكرام بل قتلهم فقد اهتدى!!! ومن قتل عثمان رضي الله عنه اقتداءً بطلحة والزبير وبعض من حرّض على قتله من الصحابة وبعض </SPAN>
الصفحة 46
أمهات المؤمنين فهو مهتد!!! ومن اقتدى بهم ثانية في الطلب بثأره وقتل الأبرياء من دمه فهو مهتد!!! ومن اقتدى ببسر بن أرطاة فقتل ألوف المسلمين وذبح طفلي عبيدالله بن العباس فهو مهتد!!! ومن اقتدى بمروان بن الحكم في قتله لطلحة فقد اهتدى!!! ومن اقتدى بالحكم فاختلج إستهزاءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد اهتدى!!! وهكذا…
والحكم بهذا مهزلة وأي مهزلة. وكيف يمكن ترتيب الأثر على مثل هذه الرواية والبناء على اجتهادهم وعدالتهم جميعاً بغير استثناء وهي مخالفة لإجماع الصحابة أنفسهم والتابعين لأنهم لم يعملوا بها. بل النبي الذي نسبت إليه لم يرتب أثراً عليها فإنه صلى الله عليه وآله وسلم جلد وعزّر ونفى وطرد ولعن وعاقب كثيراً من الصحابة وأمر علياً وصيّه بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم متواتراً. وقادتهم من الصحابة وهم طلحة والزبير ومن معهم من اصحاب الجمل ومعاوية وعمرو بن العاص ومن معهم والخوارج. فكيف يتفق هذا مع عدالتهم واجتهادهم؟!! وكذلك من حاصر عثمان رضي الله عنه ومن قتله لم يبن على اجتهاده وعدالته. وكذلك طلحة والزبير ومن لف لفهما لم يبنوا على اجتهاد علي عليه السلام وبقية أهل البيت عليهم السلام والصحابة الذين كانوا معه وعدالتهم وإلاّ لتركوا قتالهم وقتلهم أو يفسقوا بقتالهم. وكذلك عليّ عليه السلام والصحابة الذين معه لم يبنوا على عدالة معاوية وابن العاص ومن معهما من الصحابة ولا على اجتهادهم </SPAN>
الصفحة 47
وإلاّ لما قاتلوهم. وكذلك الخلفاء الراشدون فقد أقاموا الحدود والتعزيرات وغير ذلك على بعض الصحابة ولم ينطق أحد ممن حوصر أو عزّر أو شرّد أو طرد أو أقيم عليه الحد بأني محكوم علي بالعدالة والاجتهاد لأني صحابي فعلام تقتلونني أو تقيمون عليّ حداً؟ ولا ذكر أحد ذلك، ولو بني على مثل هذه الآراء التي خلقتها السياسة القائمة بعد عصر الصحابة ولم تطرق ذهن أي صحابي لتهدم بناء كثير من الأسس، ولتعطلت الحدود واختلط الحابل بالنابل من قواعد الدين. وإنما الحقيقة التي ليس عليها قتر ولا غبار والتي لا محيص عنها أن في الصحابة الكرام مجتهدين وعدولاً وصلحاء وأبراراً وفيهم غير ذلك… نعم للصحبة فضلها العظيم، ولها منزلتها الرفيعة، وفيها شرف باذخ، ولعمري لهي مكرمة وأي مكرمة ولكنها نظير السيادة أعني الانتساب لهاشم. ونظير التفقه في الدين وأمثال ذلك من الرتب السامية والمنازل الرفيعة ولكنها لا تستلزم في نفسها عدالة ولا اجتهاداً. وإنما العدالة ملكة في الإنسان. تحصل من ورعه وتقواه في أمور دينه ودنياه. والاجتهاد ملكة تحصل من الجد والكد في استنباط أحكام الدين. وليست صحبته صلى الله عليه وآله وسلم توجب حصول الملكتين. نعم لصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الفضل والمقام الرفيع ما لا يوصف. كيف وقد مدح الله في كتابه المهاجرين والأنصار. والذين معه بآيات. ولكن ذم في كتابه أيضاً المنافقين من أهل المدينة الذين مردوا على النفاق وذم جماعة منهم بقوله: </SPAN>
الصفحة 48
(حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر عصيتم) (1) وذم طائفة بقوله (يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية) (2) وذم أقواماً ولّوا الدبر وهؤلاء كلهم معدودون من جملة الصحابة أيضاً.
ولا يمكن الجمع بين هذه الآيات إلاّ بأن يكون المدح للمهاجرين والأنصار المخلصين في هجرتهم ونصرتهم لله ولرسوله. ويكون الذم للمنافقين الذين اظهروا الصحبة والنصرة ولكن انطوت ضمائرهم على الكيد بالإسلام والمكر والغدر بالمسلمين. أو للمؤمنين المرتكبين لجرائم تبعدهم عن ساحة العدالة.

* * *

حديث «أهل بيتي كالنجوم»
نعم نظير حديث: (أصحابي كالنجوم) الحديث الذي رواه الفريقان في أهل البيت عليهم السلام وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أهل بيتي كالنجوم) وفي بعضها: (كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة). وهو مروي عن الإمام أحمد بن حنبل في مناقبه، وابنه في الزيادات وأبي يعلى في مسنده، والشيخ إبراهيم في فرائد السمطين، والحاكم في المستدرك وغيرهم. وروته الشيعة أيضاً في أسفارها فهو حاوٍ لشرط القبول.
____________
(1) سورة آل عمران.
(2) سورة آل عمران.
الصفحة 49
والمراد بأهل البيت هم أهل الكساء الذين نزلت فيهم آية التطهير وهم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها. على ما خصصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (هؤلاء أهل بيتي) عند نزول الآية كما ورد ذلك من طرق السنة والشيعة. وقد أحصى صاحب غاية المرام وحده (39) حديثاً من طرق أهل السنة و(82) حديثاً من طرق الشيعة في تخصيص الآية بهم عليهم السلام خاصة. ويدخل في خصائص أهل البيت وامتيازاتهم جميع أئمة أهل البيت الأثنى عشر إلى المهدي المنتظر بمقتضى أحاديث جمة مذكورة في كتابنا هذا وغيره.

شهادات بعض عظماء الأمة
في أهل البيت عليهم السلام
كلما مر عليك هي شهادات نبوية في العترة الطاهرة. وإليك الآن شهادات بعض عظماء الأمة وزعمائها فيهم عليه السلام وأنهم أعلم البشر وأفضلهم.

1 ـ شهادة أبي بكر رضي الله عنه
في غاية المرام باب (53) عن كتاب محمد بن علي الحكيم الترمذي وهو من أكابر علماء السنة قال قال أبو بكر الصدّيق: (أقيلوني فان علياً أحق مني بهذا الأمر) قال: وفي رواية كان الصديق يقول ثلاث مرات: (أقيلوني أقيلوني فإني لست بخير منكم </SPAN>
الصفحة 50
وعلي فيكم). ثم قال: وإنما قال ذلك لعلمه بحال علي كرم الله وجهه ومرتبته في الخلافة في الحقيّة الحقيقية الأصلية اليقينية، تخلفاً وتحققاً، وتعقلاً وتعلقاً. انتهى ما عن الترمذي.

2 ـ شهادة عمر رضي الله عنه
في ذخائر العقبى عن عمر أنه قال: (علي أقضانا). ورواه في الينابيع في باب (59) عن الصواعق قال: أخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال قال عمر: (علي أقضانا). وعن شرح ابن أبي الحديد: قول عمر في حقه عليه السلام: (والله لولا سيفه لما قام عمود الإسلام وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شرفها). ونقل صاحب «غاية المرام» عن «الجمع بين الصحيحين» قول عمر: (أقضانا علي). وأقوال عمر في حقه عليه السلام كثيرة ومشهورة.

3 ـ شهادة عائشة رضي الله عنها
روى في فرائد السمطين في الجزء الأول في باب (68) مسندا: ان عائشة قالت في علي عليه السلام: (هو أعلم بالسنة). وفي رواية الخوارزمي عنها: (هو أعلم الناس بالسنة). وروى في الينابيع في باب (59) عن الصواعق قولها: (انه أعلم بالسنة). وفي باب (54) في علي عليه السلام أيضاً: (ذاك خير البشر لا يشك إلا كافر). وروى المحب الطبري في ذخائر العقبى قولها في علي: (أما أنه أعلم الناس بالسنة). </SPAN>
الصفحة 51

4 ـ شهادة ابن عباس رضي الله عنه
عن شرح ابن أبي الحديد المعتزلي عن ابن عباس حبر الأمة أنه قيل له: ما علمك من علم ابن عمك علي؟ فقال: (كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط). وعن كتاب شفاء الصدور للنقاش ما يرويه عن ابن عباس أيضاً قال: (إن علياً علم علماً علّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورسول الله علّمه الله. فعلم النبي من علم الله، وعلم علي من علم النبي، وعلمي من علم علي. وما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلاّ كقطرة من سبعة أبحر). ورواه في الينابيع في باب (14) عن الكلبي عن ابن عباس.
وفي الينابيع أيضاً في باب (65) عن كتاب فصل الخطاب روى قول ابن عباس: (أن القرآن نزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلاّ له ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب علم الظاهر والباطن). وفيه أيضاً في باب (14) عن الدر المنظوم للحلبي الشافعي عن ابن عباس أنه قال: (أعطي الإمام علي رضي الله عنه تسعة أعشار العلم وأنه لأعلمهم بالعشر الباقي). ورواه عن شرح الفتح المبين مثله إلى أن قال: كانت الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إليه ـ أي إلى علي ـ في أحكام الكتاب ويأخذون عنه الفتاوى كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدة مواطن: (لولا علي لهلك عمر). ورواه في ذخائر العقبى عن ابن عباس أيضاً. </SPAN>
الصفحة 52

5 ـ شهادة ابن مسعود رضي الله عنه
روى في الينابيع في باب (14) عن فرائد السمطين بسنده عن ابن مسعود أنه قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف له ظهر وبطن وأن عند علي علم القرآن ظاهره وباطنه). ورواه عن كتاب فصل الخطاب عن ابن مسعود أيضاً. وروى في باب (56) عن كتاب مودة القربى عن ابن مسعود أنه قال: (قرأت سبعين سورة من في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقرأت البقية على أعلم هذه الأمة بعد نبيّها صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب). وروى نحوه الخوارزمي.

6 ـ شهادة حذيفة رضي الله عنه
روى في الينابيع باب (56) عن كتاب مودة القربى في المودة الثالثة عن حذيفة قال: (علي خير البشر ومن أبى فقد كفر). ويظهر أن هذه الكلمة الخالدة في علي عليه السلام سمعها حذيفة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه مرّ عليك أنه صلى الله عليه وآله وسلم قالها في حق علي عليه السلام.

7 ـ شهادة معاوية
روي عن مسند أحمد بن حنبل عن معاوية أنه قال: (أن علياً كان رسول الله يغره العلم غراً) إلى قوله: (وكان عمر إذا أشكل عليه أمر شيء يأخذ منه). ورواه الطبري في ذخائر العقبى بتغيير يسير. ورواه صاحب الفرائد في باب (68) الجزء الأول. وروايات أخذ عمر والصحابة رضي الله عنهم منه العلم وأنهم كانوا عيالاً عليه فيه </SPAN>
الصفحة 53
مستفيضة. وروي في الفصول المهمة قول معاوية لضرار: صف لي علياً قال: (فانه والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من لسانه. إلى آخر ما وصفه. فبكى معاوية وقال: (رحم الله أبا السحن لقد كان والله كذلك).

8 ـ شهادة عمرو بن العاص
ذكر أرباب السير والمناقب منهم موفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي في المناقب. أن معاوية كتب إلى عمرو بن العاص كتاباً حين أراد أغواءه في حرب الإمام علي عليه السلام فأجابه عمرو بكتاب طويل نقتصر منه على بعض فقراته قال فيه: (فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي، والتهور في الضلالة معك، وإعانتي إياك على الباطل، واختراط السيف في وجه علي رضي الله عنه وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووصيّه، ووارثه، وقاضي دينه، ومنجز وعده) إلى أن قال: وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم: (ألا ومن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من وآلاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله) وهو الذي قال فيه يوم الطير: (اللهم ائتني بأحب الخلق إليك) وقد قال فيه (علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله). وقال فيه: (علي وليكم من بعدي). وقال: (إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي). (وأنا مدينة العلم </SPAN>
الصفحة 54
وعلي بابها). ثم ذكر آيات نزلت في فضله: ـ
منها: (يوفون بالنذر) (1). ومنها: (إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (2). ومنها: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) (3). وقال له النبي: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى سلمك سلمي وحربك حربي. يا علي من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد ابغضني. من أحبك ادخله الله الجنة، ومن أبغضك أدخله الله النار).
وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين) انتهى…
أنظر إلى اعتراف هذا المخادع وإقراره بالحق المغتصب، ثم خروجه على أمير المؤمنين علي عليه السلام.

9 ـ شهادة معاوية بن يزيد
روى صاحب الينابيع في باب (60) عن ابن الخوري عن القاضي أبي يعلى في كتابه قال بعد ذكره موبقات يزيد: أن معاوية ابن يزيد لما ولي الأمر صعد المنبر فقال: (أن هذه الخلافة حبل الله تعالى وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ومن هو أحق به منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه) ثم ذكر اغتصاب أبيه الحق من الحسين عليه السلام الخ…
____________
(1) سورة الدهر.
(2) سورة المائدة.
(3) سورة الشورى.

يتبع.......>

خادم نصر الله
07-03-2008, 02:14 PM
الصفحة 55
وعن الدميري في حياة الحيوان أنه قال: إن معاوية بن يزيد قال على المنبر في مجتمع أهل الشام: (ألا أن جدي معاوية قد نازع في هذا الأمر من كان أولى به منه ومن غيره، لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعظم فضله، وسابقته، أعظم المهاجرين قدراً، وأشجعهم قلباً، وأكثرهم علماً، وأولهم إيماناً، وأشرفهم منزلة، وأقدمهم صحبة، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصهره، وأخوه، زوّجه ابنته فاطمة وجعله لها بعلاً باختياره لها وجعلها له زوجة باختيارها له، أبو سبطيه سيدي شباب أهل الجنة، وأفضلي هذه الأمة). إلى آخر كلامه… وروي عن الخوازرمي نظيره.

10 ـ شهادة عمر بن عبدالعزيز
عن ابن أبي الحديد المعتزلي انه روى خبر المحاكمة الشهيرة التي وقعت عند عمر بن عبدالعزيز في امرأة حلف زوجها عليها بالطلاق في أن علياً عليه السلام خير هذه الأمة وأفضلها بعد نبيّها صلى الله عليه وآله وسلم وأدّعى أبوها أنها قد طلقت منه فجمع عمر بن عبدالعزيز الهاشميين والأمويين عنده وعرض عليهم الحكم فقام هاشمي من بني عقيل وقال: بُرّ قسمه، ولم تطلّق زوجته ثم أحتج على ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تفضيله لعلي عليه السلام على سائر الأمة. فقال عمر: (صدقت وبررت يا عقيلي) ثم قال: (والله يا بني عبدمناف ما نجهل ما يعلم غيرنا، وما بنا إلا عمىً في ديننا) والقصة مشهورة. </SPAN>الصفحة 56

11 ـ شهادة المأمون
ذكر في الينابيع في باب (92) كتاب المأمون إلى العباسيين حين حاولوا صرفه عن تولية ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام وهو طويل مذكور في كتب كثيرة نذكر لك بعض جملة. قال بعد ذكر فضل علي عليه السلام وجملة من مناقبه وأنه أول من أسلم: (وأفقههم في دين الله، وهو صاحب الولاية في غدير خم، وهو نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم المباهلة، والله جمع المناقب والآيات المادحة فيه. ثم نحن وبنو علي عليه السلام كنا يداً واحدة حتى قضى الله الأمر إلينا ضيّقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم) ثم ذكر المهدي المنتظر عليه السلام. طالعه ففيه تنوير للأفكار.

12 ـ شهادة ابن أبي الحديد المعتزلي
ذكر العلامة البحاثة المعتزلي في حق علي عليه السلام في مقدمة شرحه لنهج البلاغة ما ننقله لك بإختصار قال: (ما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة. فهو رئيس الفضائل وينبوعها. وأن أشرف العلوم «العلم الإلهي» وهو من كلامه اقتُبس، وعنه نقل، وإليه انتهى، ومنه ابتدأ لان كبيرهم واصل بن عطاء وهو تلميذ أبي هاشم بن محمد ابن الحنفية وهو تلميذ أبيه، وأبوه تلميذ أبيه علي عليه السلام.
وأما الأشعرية فإنهم ينتمون إلى أبي الحسن الأشعري وهو تلميذ </SPAN>الصفحة 57 أبي علي الجبائي وهو أحد مشايخ المعتزلة فهم ينتهون أخيراً اليه عليه السلام.
وأما الامامية والزيدية فانتماؤهم أليه ظاهر.
ومن العلوم «علم الفقه» وهو أصله وأساسه. فكل فقيه في الإسلام فهو عيال عليه، ومستفيد من فقهه. أما أصحاب أبي حنيفة فأخذوا عن أبي حنيفة. وأما الشافعي فهو تلميذ تلميذ أبي حنيفة. وأما ابن حنبل فهو تلميذ الشافعي. وأبو حنيفة قرأ على جعفر الصادق وعلمه ينتهي إلى علم جده علي عليه السلام). ثم أنهى فقه مالك إلى علي عليه السلام أيضاً.
(وأما الشيعة فرجوعهم إليه ظاهر). ثم أنهى فقه فقهاء الصحابة إليه عليه السلام كعمر وابن عباس. ثم ذكر أقوال عمر رضي الله عنه في حقه كقوله: (لا يفتينّ أحد في المسجد وعلي حاضر) وذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أقضاكم علي). ثم أستعرض باقي العلوم وعزاها إليه عليه السلام. وذكر نحو هذا في موضع آخر من شرحه. وانتساب سائر العلوم والكمالات إليه مما صرّح به كثير من علماء الإسلام مثل كمال الدين الشافعي في مطالب السئول وغيره.

13 ـ شهادة ابن الصباغ المالكي
قال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة عند ذكره للإمام الحسن عليه السلام: (حكي عنه عليه السلام أنه كان يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويجتمع الناس حوله فيتكلم بما يشفي غليل </SPAN>الصفحة 58 السائلين، ويقطع حجج المجادلين). ثم ذكر شواهد على ذلك.
وقال هو أيضاً عند ذكره لعلم الحسين عليه السلام: (اطّلع بصفاء سرّه على غوامض المعارف فانكشفت له الحقائق عند إطلاعه وطار صيته بالفضائل والفواضل فاستوى الصديق والعدو في إستماعه). إلى آخر ما ذكره… وستأتي شهاداته في الأئمة الأطهار عليهم السلام.

14 ـ شهادة سعيد بن مسيب
عن تاريخ اليافعي «مرآة الجنان» أنه روي عن جماعة من السلف أنهم قالوا: (ما رأينا أفضل من علي بن الحسين السجاد عليه السلام) منهم سعيد بن المسيّب.

15 ـ شهادة الزهري
جاء في تذكرة الخواص عن حلية الأولياء لأبي نعيم عن الزهري أنه قال: (ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن الحسين). وروى عن أبي حازم: (ما رأيت أفضل منه ولا أفقه). وذكر له عليه السلام كرامات كما ذكر لسائر الأئمة الاثني عشر عليهم السلام. وروي عن كتاب فصل الخطاب لمحمد خواجه البخاري عن الزهري أنه قال: (ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين).

16 ـ شهادة عطاء
في تذكرة الخواص أيضاً عند ذكره للإمام الباقر عليه السلام قال قال عطاء: (ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر </SPAN>الصفحة 59 ـ يعني الباقر ـ لقد رأيت الحكم عنده كأنه عصفور مغلوب). ويعني بالحكم الحكم بن عيينة. وعن أبي نعيم في الحلية رواية هذا القول عن ابن عطاء. وكذلك رواه محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول ولكن قال: (رأيت الحكم عنده متعلماً).
ولقّب بالباقر لأنه بقر العلم ـ أي شقّه ـ فعرف أصله وعلم خفيّه كما ذكره غير واحد من العلماء. وقد روى عن جابر الجعفي وحده سبعين ألف حديث كما عن كتاب الإختصاص. وروى عنه محمد بن مسلم ثلاثين ألف حديث كما عن مناقب ابن شهراشوب.
وعن المناقب أيضاً ممن روى من الصحابة عن الإمام الباقر جابر ابن عبدالله الأنصاري. ومن التابعين نحو جابر بن يزيد الجعفي، وكيسان السختياني صاحب الصوفيّة. ومن الفقهاء نحو ابن المبارك والزهري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وزياد ابن المنذر النهدي. ومن المصنفين نحو الطبري، والبلاذري، والسلامي، والخطيب في تواريخهم. وفي الموطأ، وشرف المصطفى، والإبانة، وحلية الأولياء، وسنن أبي داود، والألكاني، ومسندي أبي حنيفة، والمروزي، وترغيب الأصفهاني، وبسيط الواحدي، وتفسير النقاش، والزمخشري، ومعرفة أصول الحديث، ورسالة السمعاني فيقولون: (قال محمد بن علي) وربما قالوا: (قال محمد الباقر) انتهى.
وقال ابن الصباغ المالكي في فصوله عند ذكره للإمام الباقر عليه السلام: </SPAN>الصفحة 60 (هو باقر العلم وجامعه، وشاهره ورافعه، ومتفوّق درّه وراصعه، صفا قلبه، وزكا عرفه، وطهرت نفسه، وشرفت أخلاقه، وعمرت بطاعة الله تعالى، ورسخ في مقام التقوى قدمه وميثاقه). ثم ذكر بعض مناقبه الباهرة كما ذكر ذلك لجميع أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وقال في فصوله المهمة أيضاً عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: (كان جعفر الصادق عليه السلام من بين أخوته خليفة أبيه ووصيّه والقائم بالإمامة من بعده، برز على جماعته في الفضل، وكان أنبههم ذكراً، وأجلّهم قدراً، نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته وذكره في سائر البلدان) إلى أن قال: (مناقب أبي عبدالله جعفر الصادق فاضلة، وصفاته في الشرف كاملة، وشرفه على جهات الأيام سائلة، وأندية المجد والعز بمفاخره ومآثره آهلة).

17 ـ شهادة المنصور
ذكر صاحب الينابيع في باب (65) عن فصل الخطاب لمحمد خواجه البخاري عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام وبعد الثناء العاطر عليه ووصفه بالعلم الغزير أنه قال: (دعا أبو جعفر المنصور وزيره ليلة وقال: (إئتني بجعفر الصادق حتى أقتله) قال: (هو رجل أعرض عن الدنيا وتوجّه لعبادة المولى فلا يضرّك) قال المنصور: (إنك تقول بإمامته، والله إنه إمامك وإمامي وإمام الخلائق أجمعين والملك </SPAN>الصفحة 61 عقيم فأتني به) إلى آخره… وذكر في الرواية كرامة عظيمة للإمام عليه السلام.
أنظر إلى هذا الملك الجبار كيف أجرى الله الحق على لسانه فاعترف بإمامة الإمام الصادق عليه السلام على جميع الخلائق من قبل الله تعالى ثم هو يقتله بالسم ثم يبكي عليه حين ورود الخبر له بموته، ثم يكتب في الحال لواليه في المدينة المنورة بقتل من أوصى إليه الصادق عليه السلام فيجيبه الوالي بأنه أوصى إلى خمسة أحدهم المنصور فيقول: (ليس إلى قتل هؤلاء من سبيل). روى ذلك الكليني في الكافي عن أبي أيوب الحوزي.
وروى الخوارزمي في المناقب في الفصل التاسع عشر عن سليمان بن مهران عن المنصور أنه حدثه بكرامات جليلة لعلي وفاطمة والحسنين عليهم السلام والحديث طويل جداً راجعه ففيه تبصرة لمن إستبصر. وفي آخره إن سليمان قال للمنصور: (لي الأمان؟) فقال (لك الأمان) فقال: (ما تقول فيمن يقتل هؤلاء؟) قال المنصور: (في النار لا أشك في ذلك) قال: (فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟) قال: فنكّس المنصور رأسه ثم قال: (يا سليمان الملك عقيم).

18 ـ شهادة الإمام مالك رضي الله عنه
عن كتاب مناقب آل أبي طالب في أحوال الإمام الصادق عليه السلام قال: إنه روي عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه أنه قال: </SPAN>الصفحة 62 (ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً).

19 ـ شهادة الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
عنه أيضاً عن مسند أبي حنيفة قال قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل: من افقه من رأيت؟ قال: (جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة أن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد فهيء له مسائلك الشداد. فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إليّ أبو جعفر وهو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست. ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبدالله هذا أبو حنيفة فقال: نعم أعرفه. ثم التفت إلي فقال: الق على أبي عبدالله من مسائلك فجعلت ألقي عليه ويجيبني فيقول: أنتم تقولون وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخلّ منها بشيء) ثم قال أبو حنيفة: (أليس أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس).
ورويت هذه الشهادة من أبي حنيفة باختلاف يسير لا يغيّر المعنى عن جامع مسانيد أبي حنيفة لقاضي القضاة الخوارزمي. </SPAN>الصفحة 63

20 ـ شهادة اليافعي
روى في الينابيع في باب (65) عن فصل الخطاب عن تاريخ اليافعي أنه قال: (كان جعفر الصادق رضي الله عنه واسع العلم، وافر الحلم، وله من الفضائل والمآثر ما لا يحصى).

21 ـ شهادة كمال الدين الشافعي
قال كمال الدين بن طلحة الشافعي في كتابه مطالب السئول عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: (هو من عظماء أهل البيت وساداتهم عليهم السلام ذو علوم جمة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بيّنة، وتلاوة كثيرة، يتتبّع معاني القرآن الكريم، ويستخرج من بحره جواهره، ويستنتج عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكّر بالأخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا، والاقتداء بهديه يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذرية الرسالة، نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريح، ومالك بن أنس، والثوري، وابن عيينة، وأبي حنيفة، وشعبة، وأيوب السجستاني، وغيرهم، وعدوا أخذهم منه منقبة شرّفوا بها، وفضيلة اكتسبوها) إلى أن قال: (وأما مناقبه وصفاته فتكاد تفوق عدد الحاصر، ويحار في أنواعها </SPAN>الصفحة 64 فهم اليقظ الباصر، حتى أن من كثرة علومه المفاضة على قلبه من سجال التقوى صارت الأحكام التي لا تدرك عللها، والعلوم التي تقصر الافهام عن الإحاطة بحكمها تضاف إليه وتروى عنه) انتهى…

22 ـ شهادة ابن حجر
عن الصواعق المحرقة لابن حجر عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام قال: (ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان). وقال: (روى عنه الأئمة الأكابر كيحيى ابن سعيد، وابن جريح، ومالك، والسفانين، وأبي حنيفة، وشعبة وأيوب). وستأتي شهادته في بعض الأئمة عليهم السلام.

23 ـ شهادة الشعراني الشافعي
عن الشعراني الشافعي في لواقح الأنوار أنه قال ـ عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: ـ (وكان سلام الله عليه إذا احتاج إلى شيء قال: يا ربّاه أنا أحتاج إلى كذا فما يستتم دعاءه إلاّ وذلك الشيء بجنبه موضوع).

24 ـ شهادة ابن الصبان الحنفي
قال ابن الصبان الحنفي في أسعاف الراغبين: (وأما جعفر الصادق فكان إماماً نبيلاً) وقال: (وكان مجاب الدعوة إذا سأل الله شيئاً لا يتم قوله إلاّ وهو بين يديه). </SPAN>الصفحة 65

25 ـ شهادة الشبلنجي
قال الشبلنجي في نور الأبصار عند ذكره للإمام الصادق عليه السلام: (ومناقبه كثيرة تكاد تفوت حد الحاسب ويحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب) إلى أن ذكر عن كتاب «أدب الكاتب» أنه قال: (وكتاب الجفر كتبه الإمام جعفر الصادق ابن محمد الباقر رضي الله عنهما فيه كل ما يحتاجون إلى علمه إلى يوم القيامة) الخ… وستأتي شهادته في بعض الأئمة عليهم السلام.

سبب انتساب الشيعة للإمام الصادق عليه السلام
تأخذ الشيعة أحكام فقهها من الكتاب المجيد وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين من أهل بيته لا نفرّق بين أحد منهم ولكن لأجل ما اتفق للإمام الصادق عليه السلام من بث العلوم ونشر المعارف الإسلامية سمّي مذهباً للشيعة وذلك لسنوح الفرصة له لاشتغال الدولة الأموية في أخريات أيامها بنفسها عن معارضته واشتغال الدولة العباسية بتثبيت مركزها، وتدعيم كيانها، وتطهير البلاد من الأمويين عن ممانعته. بل فسح له المنصور المجال حيناً من الدهر عند ما طلب من الإمام عليه السلام أن يتحفه بشيء يفخر به فأتحفه بمخصره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ففرح بها فرحاً شديداً وقال له: ما جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك وتفشي علمك لشيعتك ولا أتعرض لك ولا لهم فاقعد غير محتشم، وافت الناس. روى ذلك ابن شهراشوب.
وكان عصره عصر ازدهار العلم وانتشاره، واتساع نطاق الفقه والحديث والفلسفة فلذلك انتشر العلم عنه، وأخذ عنه العلماء والرواة من كل الطوائف حتى رووا أنّ من أخذ عنه كان عددهم أربعة آلاف كما عن كتاب أعلام الورى وغيره.
وقد روى عنه أبان بن تغلب وحده ثلاثين ألف حديث، ومحمد بن مسلم ستة عشر ألف حديث.
ومنهم زرارة، وجابر الجعفي فقد أكثرا في الرواية عنه.

26 ـ شهادة الرشيد
ذكر في الينابيع في باب (65) عن كتاب «فصل الخطاب» لمحمد خواجه البخاري عند تعداد مناقب الأئمة من أهل البيت عليهم السلام واحداً بعد واحد، وذكر فضائلهم الجمة، وعلومهم الغزيرة، حتى جاء إلى ذكر الإمام الكاظم عليه السلام فقال بعد ما ذكر علمه وحلمه وفضله وورعه وشيئاً من مناقبه وكراماته: روى المأمون عن أبيه الرشيد أنه قال لبنيه في حق موسى الكاظم: (هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده، أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وأنه والله لأحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني ومن الخلق جميعاً. ووالله لو نازعني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناه فإن الملك عقيم).
وقال الرشيد للمأمون كما ذكره في نفس الباب: (يا بني هذا </SPAN>الصفحة 67 وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر، إن أردت العلم الصحيح تجد عند هذا) الخ…
ولعمري أن هذا الاعتراف بالحق الصريح من مثل هذا السلطان المتغلب ليهدي إلى قلوب طلاب الحق أنواراً ساطعة، وحججاً لامعة، تضىء لهم السبيل إلى الحقيقة الضائعة. ولا سيما والراوي له أحد كبّار علماء السنة عن كتاب أحد أعاظم رواتهم فراجعه. ومع هذا الاعتراف من الرشيد بحق الإمام عليه السلام فقد حبسه مراراً، ثم أمر السندي بن شاهك بقتله بالسم فقتله به في الحبس كما ذكره أهل السير. منهم ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة.
ونقل في الينابيع في باب (63) عن كتاب الصواعق لابن حجر عند تعداد الأئمة الأنثي عشر وكراماتهم وعلومهم قال: (منهم موسى الكاظم وهو وارثه ـ أي وارث أبيه الصادق ـ علماً ومعرفةً وكمالاً وفضلاً. سمي «الكاظم) لكثرة تجاوزه وحلمه. وكان عند أهل العراق معروفاً بباب قضاء الحوائج. وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم، وأسخاهم) ثم ذكر له كرامات باهرة.
وذكر كمال الدين الشافعي في مطالب السئول وذكر فضله وبعض كراماته كما ذكر لآبائه وأبنائه الطاهرين كرامات جليلة.
وقال ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة عند ذكر الإمام الكاظم عليه السلام: (وكان موسى الكاظم عليه السلام أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم كفّاً، وأكرمهم نفساً وذكر له كرامات تحيّر الألباب. </SPAN>الصفحة 68
وروى الشبلنجي في نور الأبصار هذه الشهادة عن الفصول المهمة أيضاً. ثم ذكر هو له كرامات جليلة باهرة.
وفي الفصول المهمة أيضاً عند ذكر الإمام الرضا عليه السلام قال قال إبراهيم بن العباس: سمعت العباس يقول: (ما سئل الرضا عن شيء إلاّ علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره. وكان المأمون يمتحنه بالسؤال في كل شيء فيجيبه الجواب الشافي).
وروى الشبلنجي في نور الأبصار عن أهل السير قول المأمون: (إن علياً الرضا أفضل آل أبي طالب). وذكر له مناقب عظيمة. وروى عن تاريخ نيشابور كما رواه صاحب الينابيع أيضاً في باب (63) عن الصواعق عند ما بلغ إلى ذكر الإمام الرضا عليه السلام وبيان فضله وكراماته قال ما نصه: (وفي تاريخ نيشابور أنه عليه السلام استقام بها أياماً ثم خرج يريد بلد: «مرو» و«شاهجيان» وعليه مظلة لا يرى من ورائها عرض له الحافظان أبو زرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي ومعهما من طلبة العلم والحديث ما لا يحصى فتضرّعا إليه أن يريهم وجهه الشريف المكرم المبارك ويروي لهم حديثاً عن آبائه. فاستوقف البغلة وأمر غلمانه بكشف المظلة فأقرّ عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة. فكانت له ذوابتان مدليتان على عاتقه والناس بين صارخ وباك ومتمرغ في التراب ومقبّل لحافر بغلته. فصاحت العلماء: معاشر الناس أنصتوا فقال رضي الله عنه: (حدثي أبي موسى الكاظم، عن أبيه جعفر الصادق، عن أبيه محمد الباقر، </SPAN>الصفحة 69 عن أبيه زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين رضاءاً واسعاً وأرضاهم قال حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال حدثني جبرئيل قال سمعت رب العزة يقول: (لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي) ثم أرخى الستر وسار فعدّ الذين يكتبون هذا الحديث فزادوا على عشرين ألفاً.
ثم روى عن فصل الخطاب نصّ هذا الحديث قال: وزاد في روايته فلما مرّت الراحلة نادانا: (بشروطها وأنا من شروطها) قيل: من شروطها الإقرار له بأنه إمام المسلمين مفترض الطاعة انتهى… ثم قال: ويشهد لهذه الرواية ويقوّيها قول علي كرم الله وجهه في كتاب غرر الحكم: (إن للا إله إلا الله شروطاً وأني وذريتي من شروطها) انتهى. وذكر هذه الحكاية في الفصول المهمة عن تاريخ نيشابور أيضاً.
وفي الفصول المهمة عند ذكر أحوال الإمام الجواد عليه السلام ومناقبه الجمة وفضله وعلمه ذكر حكاية تزويج المأمون له بابنته ومحاولة العباسيين صرفه عن ذلك، وما جرى من حكاية سؤال يحيى بن أكثم له وظهور فضله ظهور الشمس تلك الحكاية المشهورة وقول المأمون لهم: اخترته ـ أي الإمام الجواد ـ لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والحلم والمعرفة والأدب مع صغر سنه.
وذكر الشبلنجي له في نور الأبصار مآثر ومناقب مشهورة. </SPAN>الصفحة 70
وفي الفصول المهمة عند ذكر أحوال الإمام الهادي عليه السلام وعلمه وجلالته قال قال بعض أهل العلم: (فضل أبي الحسن علي بن محمد الهادي قد ضرب على المجرة قبابه، ومدّ على نجوم السماء أطنابه. فما تعدّ منقبة إلاّ وإليه نحيلتها، ولا تُذكر كريمة إلاّ وله فضيلتها، ولا تورد محمدة إلاّ وله تفصيلها وجملتها، ولا تستعظم خلة سنية إلا وتظهر عليه أدلتها) الخ…
وعن الصواعق: (إن الإمام الهادي عليه السلام كان وارث أبيه علماً ومنحاً).
وفي الفصول المهمة أيضاً بعد ذكره للإمام الحسن العسكري وفضله قال: (مناقب سيدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنه السري ابن السري فلا يشك في إمامته أحد ولا يمتري) إلى أن قال: (واحد زمانه من غير مدافع، ونسيج وحده من غير منازع، وسيد أهل عصره، وإمام أهل دهره) إلى أن قال: (فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبيّن غوامضها فلا يحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، ومظهر الدقائق بفكره الثاقب). وذكر له فضائل ومناقب تدل على غزير علمه وجلالة قدره.
وذكر الشبلنجي في نور الأبصار له أيضاً كرامات باهرة وفضائل زاهرة.
وفي ينابيع المودة في باب (63) عن الصواعق عند ذكره المهدي عليه السلام قال: (ولم يخلف ـ أي الحسن العسكري عليه السلام ـ </SPAN>الصفحة 71 غير ولده أبي القاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه الله تبارك وتعالى العلم والحكمة ويسمى «القائم المنتظر» لأنه ستر وغاب ولم يعرف أين ذهب) انتهى ما في الصواعق.

27 ـ شهادة القرماني
عن كتاب أخبار الدول للقرماني عند ذكر المهدي عليه السلام أنه قال: (وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين أتاه الله فيها الحكمة كما أوتيها يحيى صبيّاً) الخ…

28 ـ شهادة البسطامي
ذكر في الينابيع في باب (67) عن كتاب درة المعارف للشيخ عبدالرحمن البسطامي بعد ذكر انتقال أسرار العلوم إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام واحداً بعد واحد إلى أن بلغ إلى ذكر المهدي المنتظر عليه السلام فقال: (والمهدي أكثر الناس علماً وحلماً وعلى خده الأيسر خال أسود وهو من ولد الحسين بن علي رضي الله عنهم).
وقال في الفصول المهمة عند ذكر الإمام العسكري عليه السلام: (خلف أبو محمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق).
هذه نبذة يسيرة من أقوال بعض أكابر الصحابة رضي الله عنهم وأعاظم أهل السنة وأئمتهم وقادة الرأي منهم في تفضيل أئمة أهل البيت النبوي الطاهر على سائر البشر.
ولو أردنا استقصاء جل ما هنالك لاحتجنا إلى تأليف مجلدات. </SPAN>الصفحة 72
والخلاصة: إن التدليل وإقامة البراهين وسرد الشواهد والشهادات من علية القوم على فضل وغزارة علوم أئمة أهل البيت ورثة علم النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم أعلم الخلق كما نص عليه الرسول يكاد يعدّ من الفضول. لأنه من أوضح الواضحات، وهو بين أعيان المسلمين من المسلمات وهذا كتابنا ينطق بالحق، وينبىء بالصدق عن تلكم الآيات البينات.
وإن تلقي أئمة المذاهب الأربعة علمهم من علم أئمة العترة النبوية معلوم. فإن أخذ الإمام أبي حنيفة والإمام مالك رضي الله عنهما العلم من الإمام الصادق عليه السلام وافتخارهما بذلك قد مر عليك. ومسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه مشحون بذكر علمهم وفضلهم، وكراماتهم. وقد مرت عليكم في غضون هذه الرسالة بعض تلك الأحاديث التي رواها فيهم عليهم السلام وأشعار الإمام الشافعي رضي الله عنه في علوّ شأنهم قد سارت بها الركبان. وما ألفه علماء أهل السنة رضي الله عنهم في فضائلهم، وعلومهم، وتفضيلهم على الأنام، ومآثرهم في الإسلام يعسر حصره،. وشهادة الصحابة رضي الله عنهم بفضلهم وتفضيلهم معروفة. وقد عرضنا لك بعضها ويكفي في فضل سيد العترة الطاهرة أمير المؤمنين عليه السلام شهادة الشيخين أبي بكر وأبي حفص رضي الله عنهما قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي رضي الله عنه الجواز) رواه المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى، ورواه الصبّان </SPAN>الصفحة 73 في إسعاف الراغبين بل رواه الفريقان في مؤلفاتهم وهو حديث مشهور منقول بطرق كثيرة. وقال عمر بن الخطاب. أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لو أن إيمان أهل السموات والأرض وضع في كفة ووضع إيمان علي رضي الله عنه في كفة لرجح إيمان علي ابن أبي طالب) رواه في الينابيع باب (56) عن مودة القربى وأخرجه في ذخائر العقبى ومناقب الخوارزمي بطريقين عن عمر رضي الله عنه عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: (لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعت) الخ… وقال عمر أيضاً كما يرويه في الينابيع في نفس الباب عن نفس الكتاب قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لو أن البحر مداد والرياض أقلام والأنس كتّاب والجن حسّاب ما أحصوا فضائلك يا أبا الحسن) قاله لعلي عليه السلام ومضمون هذين الحديثين مروي بطرق متعددة من الفريقين.
وناهيك من فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام أن الله سبحانه لا يقبل صلاة له إلاّ بالصلاة عليهم. وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة عليه وحده بغير ضم آله إليه كما هو معروف. وقد رواه صاحب الصواعق كما يرويه عنه صاحب الينابيع في باب (59) في ذكر آية (ان الله وملائكته يصلون على النبي) (1) الخ… قال: وصح عن كعب بن عجره قال لما نزلت هذه الآية قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك؟ وكيف نصلي عليك؟ فقال: (قولوا اللهم
____________
(1) سورة الأحزاب. الصفحة 74 صل على محمد وعلى آل محمد) الخ… إلى أن قال ويروى لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء قال تقولون اللهم صل على محمد وتسكتون بل قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وقد أخرج الديلمي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآله). وللشافعي رضي الله عنه.

يا أهل بيت رسول الله حبّكم * فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له
انتهى ما عن الصواعق. والعجب ممن يروون هذا ثم لا يفعلونه سامحهم الله وجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوى. وهذه الشهادات والبينات جاءت على لسان من عرفت عرضناها إتماماً للحجة وإنارة للمحجة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.

تآليف الشيعة عنهم عليهم السلام
وأما ما ألفه الشيعة في علومهم ومآثرهم فهو مما لا يكاد يحصى. وقد ضبط الشيخ الحر العاملي صاحب الوسائل كما ذكره في بعض فوائدها عدد ما ألفه أصحاب الأئمة الأطهار من علومهم وأحاديثهم من عهد أمير المؤمنين إلى عهد الحسن العسكري عليه السلام فكان ستة آلاف وستمائة كتاب ومعظمه كان في عهد الإمام الصادق عليه السلام وبعده. فإن من روى عنه خاصة كان عددهم أربعة آلاف راوٍ من حملة العلم كما روى ذلك عن كتاب </SPAN>الصفحة 75 أعلام الورى وغيره. وقد سُمي أربعمائة من تلك الكتب المؤلفة بالأصول الأربعمائة. ثم لخصت ونقحت في أربع موسوعات في جميع أحاديث أبواب الفقه وما يلحق به.
(أحدها) كتاب (الكافي) في الأصول والفروع المشتمل على (16199) حديثاً للشيخ الثقة الجليل أبي جعفر الكليني المتوفى في بغداد سنة 329 هـ.
(ثانيها) كتاب (من لا يحضره الفقيه) المشتمل على (9044) حديثاً للشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 هـ.

(ثالثها) و(رابعها) كتاب (التهذيب) المشتمل على (13590) حديثاً. وكتاب (الاستبصار) المشتمل على (5511) حديثاً لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي المتوفى في النجف الأشرف سنة 460 هـ. هذه أبسط كتب الحديث وهي مطبوعة عدة طبعات وإن كانت كتب الحديث عند الشيعة تعد بالآلاف سوى كتب فقههم وفتاواهم وغيرها التي تعد بعشرات الألوف. ومن كتبهم كتاب البحار في أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سائر العلوم وهو خزائن من العلم والعرفان في 26 كتاباً ضخماً مطبوع بالطبع الحجري بالقطع الكبير ولو طبع بالحروف لكان أكثر من مائة مجلد ضخم. وإن شئت الإطلاع على علومهم ووفرة مؤلفاتهم فانظر الفهارس التي ألفت في ضبط كتبهم وتصانيفهم وأحاديثهم عن أئمتهم عليهم السلام مثل الذريعة للعلامة البحاثة الشيخ أغا بزرك الطهراني وغيرها. </SPAN>الصفحة 76 ختام وتوديع
هذا نماذج من حجج متبعي مذهب أهل البيت عليهم السلام عرضناها عليك لتكون على بينة من أمرك. ولا تقولن من أين جاء هذا المذهب، وعلى أي استناد استند. كما نسمع هذه الغميزة بين آن وآخر. ونحن لا نقول لمتبع أي مذهب من المذاهب الإسلامية المقدسة أن يتبع ما ذهبنا إليه. ولكن نقول نحن نحترم كل المذاهب المستندة إلى الفقهاء. فاحترموا مذهبنا المستند إلى سادات الأنام ومفخرة الأيام بأمر الصادع بالرسالة صلى الله عليه وآله وسلم كما عرفته. وإني الآن مودعك أيها المسلم الطاهر من أدران كل عاطفة، والنزيه من كل عصبية، وإن كتيبي هذا هدية لك. فانظر فيه بمنظار صاف ترى فيه الحقائق على حالها ناصعة غير مشوشة. وطالع فيه بإمعان وتبصر وتفكر وتدبر فإن توصلت فيه إلى الغاية المنشودة لكل مسلم ومؤمن فذاك. وإن لم تصل فيه إلى شيء فأقل ما تعلم منه هو أن مذهب أهل البيت عليهم السلام مذهب له أدلته ودلائله وبراهينه وبينته من السنة النبوية. وإن الشيعة إنما اعتمدت على ذلك فاتبعت أهل بيت نبيّها صلى الله عليه وآله وسلم في الفقه وأخذ الأحكام. فلا تكن ممن يهمزهم ويلمزهم جهلاً بحقيقة الحال. هذا وإني ابتهل إلى الله جل جلاله في أن يلم شعث المسلمين ويجعل كلمتهم العليا. أنه على ما يشاء قدير. والسلام على من سمع فوعى وأتبع الهدى ورحمة الله وبركاته.