ضد المنحرفين
07-03-2008, 02:35 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم ..
على مر العصور والأزمنة وفي أغلب الديانات والمذاهب تنتظر البشرية ظهور المخلص الذي بظهوره يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجورا, وكل له عقيدة خاصة في هذا المخلص, ومعتقدات وآراء مختلفة, إلأ أنهم يتفقون في أن هذا المخلص هو من سيملأ الأرض عدلاً ونورا بعدما ملئت ظلماً وجورا ..
وقد أولى الرسول (ص) قضية الإمام المهدي عليه السلام إهتماماً خاصاً, وأخبر عنه وعن إسمه وأوصافه وأصحابه .. حتى أنه وصف أصحاب الإمام المهدي عليه السلام وقال : ( آه شوقاً إلى إخواني ) ..
وقال : ( المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، اشبه الناس بي خَلَقاً وخلقاً...) ..
إلا أن هناك بعض الإختلافات بين المذاهب الإسلامية في قضية الإمام المهدي عليه السلام .. وبالأخص بين المذهب الشيعي الإمامي وبين المذهب السني ..
ولادة الإمام المهدي عليه السلام ..
يعتقد الشيعة الإمامية بولادة الإمام المهدي عليه السلام في الخامس عشر من شعبان 255 هـ ، بمدينة سامراء في العراق .. بخلاف أهل السنة .. وقد جاء عن الإمام الرضا عليه السلام وهو يخبر عن ولادة المهدي عليه السلام أنه قال : ( سقط من بطن أمه جاثياً على ركبتيه, رافعاً سبابته نحو السماء, ثم عطس فقال : ألحمد لله رب العالمين, وصلى الله على محمد وآله, عبدٌ ذاكرٌ لله, غير مستنكف ولا مستكبر . زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة . ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك .. ) ..
وكانت المخابرات العباسية تنتظر هذا المولود وتفتش عنه, وتراقب نساء وجواري الإمام العسكري عليه السلام حتى يظفرون بالإمام المهدي عليه السلام ويقتلونه خوفاً من أن يفني دولتهم وينهي خلافتهم .. لذلك كان الإمام المهدي عليه السلام مغيباً عن الناس وعن الشيعة بإستثناء بعض الثقات من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ..
وكان ممن رآه السيدة حكيمة عمة الإمام العسكري عليه السلام وإبنة الإمام الجواد عليه السلام, ورآه السفراء الأربعة, ورآه خادم أبيه "ظريف", ورآه خادم أبيه "أبو غانم", ورأته الخادمة "نسيم" .. وغيرهم من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ..
وهناك من علماء السنة من يثبت ولادة الإمام المهدي عليه السلام على سبيل المثال لا الحصر :
1 ـ سهل بن عبد الله البخاري ( ت / 341 هـ ) سر السلسلة العلوية : 39 .
2 ـ الخوارزمي ( ت / 387 هـ ) مفاتيح العلوم : 32 طبعة ليدن / 1895م .
3 ـ يحيى بن سلامة الخصفكي الشافعي ( ت / 568 هـ ) كما في تذكرة الخواص للعلاّمة سبط ابن الجوزي : 360 .
4 ـ عبد الله بن محمد المفارقي ( ت / 590 هـ ) المعروف بابن الأزرق في تاريخ ميافارقين ، كما في وفيات الاعيان لابن خلكان 4 : 176 / 562 .
5 ـ فريد الدين النيشابوري الهمداني ( ت / 627 هـ ) مظهر الصفات كما في ينابيع المودّة 3 : 141 ـ باب 87 .
6 ـ سبط ابن الجوزي ( ت / 654 هـ ) تذكرة الخواص : 363 .
7 ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ( ت / 658 هـ ) كفاية الطالب / الصفحة الاخيرة.
8 ـ ابن خلكان ( ت / 681 هـ ) وفيات الاعيان 4 : 176 / 562 .
9 ـ عزيز بن محمد النسفي الصوفي ( ت / 686 هـ ) في رسالته ، كما في ينابيع المودّة 3 : 143 باب 87 .
10ـ كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني ( ت / 730 هـ ) تحفة الإخوان في خصائص الفتيان ، كما في كتاب ( سر جشمه تصوّف در ايران ) لسعيد النفيسي : 216 .
عمر الإمام المهدي عليه السلام ..
قال الإمام الصادق(ع)لأحد أصحابه حين رآه يتعجب من طول الغيبة ..
إن الله تعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل: (قدر مولده تقدير مولد موسى, وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى, وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح, وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح دليلا على عمره "يعني الخضر عليه السلام" ) ..
فكثيرا ماورد عن النبي (ص) وعن آله المعصومين كون القائم فيه سنة من نوح وهي طول العمر .. أوردوا ذلك مورد تأكيد لاريب فيه, حتى أن الصادق (ع) قال مرة مستهجنا : ( ماتنكرون أن يمد الله لصاحب هذا الأمر في العمر كما مد لنوح عليه السلام في العمر؟!! ) ..
قد قيل إن عزيرا خرج مع أهله وامرأته في شهرها, وله خمسون سنة . فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه أماته مئة عام ثم بعثه .. فرجع الى أهله وهو ابن خمسين سنة, فاستقبله ابنه وهو ابن مئة سنة!!! ورد الله عزيرا الى الذي كان به..
أهذه أعجب أم قضية صاحبنا عليه السلام؟؟؟
وخذ الثانية قبل أن ينقضي عجبك, فإن نصر بن دهمان -من غطفان- قد عاش مئة وتسعين سنة, ثم اعتدل بعدها, وعاد شابا . فتعجب معاصروه من ذلك أشد العجب حتى أن العرب لم يروا مثلها أعجوبة فريدة!.
فلا أخال إطالة عمر المهدي (ع) إلى مايزيد على الألف سنة موضوعا فيه إشكال ذو بال وإن كان المستنكرون يرونه المشكلة كل المشكلة, مع إن الإمام المعصوم يخلقه الله تعالى تام التركيب الجسمي, معتدلا في جميع مقومات حياته, ولا يصيبه الموت إلا بعارض خارجي كالقتل والسم كما حدث لآباء القائم (ع). على أن الإنسان العادي, السليم الجسم, لايدهمه الموت إلا إذا طرأ عليه مايخرب جسمه ويعطل بعض مقوماته .. وهانحن نبحث عن هذه الظاهرة-ظاهرة طول العمر- من نواحيها الدينية. والحياتية والطبيعية.
٭٭٭
الناحية الدينية : لاأحسب أن الخالق الذي طور سلالة الطين الى إنسان متين الصنع, وجعل من النطفة كائنا مستوي الخلقة قال عنه : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين, لاأظنه عاجزا عن أبسط من ذلك من الأمور.
فالله القادر على إنشاء الإنسان من العدم, والذي قال متعجبا وموبخا : {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى} (37) سورة القيامة, وقال مستهزئا به ومقرعا له:{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ, فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ}(21) سورة المرسلات, لتكون منه النطفة فالعلقة فالمضغة فالعظام فاللحم, فالخلق السوي الذي يشد بالعصب, ويجري فيه الروح والنفس والدم في القلب والعروق..هذا الخالق قادر على أن يفعل مايشاء, كيف يشاء, حين يشاءّ!.
فأقبح بالإنسان منكرا ومتنكرا لما يقع تحت حسه, فضلا عما لايقع تحت حسه ولا يصل إليه إدراكه!!!
ألا إن ذلك لايدل على عجب في الموضوع, بمقدار مايدل على عجز الحواس, وقصور في الإدراك, وضعف عند الإنسان, بل يدل على تفاهته وعقوقه, لأنه لايكاد يقف على قدميه حتى يتطلع الى تقويض السماء, والشرك بربه الذي {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} (4) سورة النحل, يعلن العداوة للدين والديان, وتنصب النطفة القذرة نفسها خصيما مبينا لبارئها..لله..الذي يقهرها بالموت فيجعلها جيفة يتعجل ذووها لطمرها بالتراب للتخلص من نتنها!!!
فليس كل مالايقدر أن يستوعبه العقل مستحيلا . ولو كان ذلك للزم إدراك كنه من {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ } (103) سورة الأنعام ..
فبقاء المهدي (ع) كان باختيار الله تعالى وتحت مقدوره, وبمشيئته لا بمشيئتنا ولا اختيارنا ولا موافقتنا, لأننا-إذا جد الجد- لانستطيع زيادة نفس واحد على أنفسنا حين يتحكم سلطان الموت وتختنق الأنفاس!. وهذا هو الفرق بين أن نشاء نحن, وأن يشاء الله رب العالمين!.
ولبقاء المهدي عجل الله تعالى فرجه وجه تقتضيه حكمة الخالق التي لاحظ فيها مصلحة المكلفين أنفسهم, ولولا ذلك لما كانت ضرورة الى هذه التمثيلية التي يصعب تصور دور بطلها المنتظر . كما أن بقاء عيسى عليه السلام ورفعه الى السماء كان لمصلحة المكلفين أيضا, فما من احد يبقى حيا من أهل الكتاب الى يوم نزول المسيح (ع) من السماء إلا ويؤمن به حين يراه فينال نعمة التصديق ويشترك في نصرة دولة الحق والعدل والإيمان.
والمهدي (ع) يعتبر-الى الآن- شابا لو كان من أولاد نوح أو أبناء معاصري نوح مثلا, أو من أبناء لقمان أو غيرهم ممن عاصر أزمنة التعمير, حيث كان يتزوج الرجل لأول مرة بعد بلوغ الثمانمائة سنة, والستمائة سنة والأربعمائة سنة كما سترى!!!وهذا وحده يسقط التعجب من قلوب المرتابين ويثبت المستيقنين على يقينهم..
ثم يجب أن لايغيب عن بالنا أن بقاء المهدي (ع) مشروط بآخر الزمان, لتصدق به أخبار جده الأعظم (ص).
أما تطويل الأعمار فهو هم أساطين الأطباء اليوم, وهم جهابذة علم الحياة الذين يبحثون بوسائلهم الأرضية عن تنشيط الخلايا وإصلاح الأنسجة المستهلكة, وتجديد شباب الشيوخ, أي إنهم يبحثون عن شيء يعرفه الله-ياسيد العارفين- !!!فكيف ننكر عليه أن يجدد الخلايا ويعيد الشباب ويطيل العمر؟!!
وليس أسهل على المتخفي مثل المهدي المنتظر (ع) من أن يتناول بلغة عيشه من طعام الزاهدين-كما قال هو عن نفسه- وشراب المحتاجين, ويكون خالي الفكر من تعقيد الحياة وثقل هم المأكل والمشرب والتنافس بالمال والولد وزبرج الحياة, يقضي الوقت بالطاعة والتبتل والعبادة, تحميه العناية الربانية, ويحفظ سلامة جسمه عدم عبوديته لشره الطعام والشراب, فيكون طول عمره من النواميس الطبيعية الممكنة, التي تستمر في حال عدم وجود العائق المخرب, والتي لاينكرها إلا العقل المحدود..
فلا امتناع في تطويل عمره, بدليل تصافي أهل الأديان السماوية على بقاء عيسى والخضر عليهما السلام حيين, وبقاء إبليس اللعين منظرا منذ نفخ الروح في آدم الى يوم يبعثون..ولو حسبنا عمر الخضر منذ أيام موسى (ع) حتى يومنا هذا لرأيناه يدور في فلك الستة آلاف سنة, وسيبقى مع ذلك مابقيت دنيا الظالمين .. أفليس معقولا أن تقتضي إرادة الله بقاء المهدي (ع) الى آخر الزمان, أي أقل من الخضر بما ينيف على الأربعة آلاف وخمسمائة سنة؟!!
ولماذا لانرضى حلا لهذه العقدة لولي من أولياء الله المخلصين, ونرتضيها لغيره من المخلوقين؟؟؟ فلو أن نوحا عليه السلام كان من مواليد عهد محمد (ص) لكان اليوم في مقتبل عمره وريعان شبابه, ولكنا نقول مثلا : هذا أمر خارق للطبيعة المألوفة لدينا, ثم نتعجب منه .. فلنقل : إن أمر المهدي (ع) خارق للطبيعة لدى قصيري الأعمار أمثال أهل زماننا!.ولنتعجب منه دون أن ننكره لأنه في إطار الإمكان .. ولولا سوء ظن الناس بالله وبقدرته, وعدم تصديقهم به بادئ بدء, لما استغرب احد طول عمر المهدي (ع) . لأن من قدر على خلق الإنسان من نطفة قذرة كدرة. لايعجز عن إبقائه بعد إيجاده .. وقد نبهنا الله تعالى إلى إمكان ذلك حين حكى قصة يونس (ع) بعد أن ابتلعه الحوت في البحر, فقال : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ,َللبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} , وهذا يعني انه حين يقدر أن يقاص يونس فيطيل عمره إلى يوم البعث, يطيل عمر الحوت أيضا ليبقى يونس في بطنه حيا محتجزا, في ظروف غير ملائمة لبقاء الحي-أيها العقلاء- مما يشكل معجزة فوق التصور . على أننا لا نعرف كيف خرج يونس من بطن الحوت حيا حتى ولو كان لبثه في بطنه دقائق معدودة دون تنفس ولا هواء صالح للحياة !!! فأحر بمهدينا عليه السلام أن يعيش حرا طليقا غير محتجز في بطن حوت ولا في قعر بحر, بل محجوبا عن عقول عشش فيها الشك فلا تريد أن تستوعب قضيته لا بالطول ولا بالعرض !!!
يتبع إن شاء الله ..
على مر العصور والأزمنة وفي أغلب الديانات والمذاهب تنتظر البشرية ظهور المخلص الذي بظهوره يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجورا, وكل له عقيدة خاصة في هذا المخلص, ومعتقدات وآراء مختلفة, إلأ أنهم يتفقون في أن هذا المخلص هو من سيملأ الأرض عدلاً ونورا بعدما ملئت ظلماً وجورا ..
وقد أولى الرسول (ص) قضية الإمام المهدي عليه السلام إهتماماً خاصاً, وأخبر عنه وعن إسمه وأوصافه وأصحابه .. حتى أنه وصف أصحاب الإمام المهدي عليه السلام وقال : ( آه شوقاً إلى إخواني ) ..
وقال : ( المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، اشبه الناس بي خَلَقاً وخلقاً...) ..
إلا أن هناك بعض الإختلافات بين المذاهب الإسلامية في قضية الإمام المهدي عليه السلام .. وبالأخص بين المذهب الشيعي الإمامي وبين المذهب السني ..
ولادة الإمام المهدي عليه السلام ..
يعتقد الشيعة الإمامية بولادة الإمام المهدي عليه السلام في الخامس عشر من شعبان 255 هـ ، بمدينة سامراء في العراق .. بخلاف أهل السنة .. وقد جاء عن الإمام الرضا عليه السلام وهو يخبر عن ولادة المهدي عليه السلام أنه قال : ( سقط من بطن أمه جاثياً على ركبتيه, رافعاً سبابته نحو السماء, ثم عطس فقال : ألحمد لله رب العالمين, وصلى الله على محمد وآله, عبدٌ ذاكرٌ لله, غير مستنكف ولا مستكبر . زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة . ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك .. ) ..
وكانت المخابرات العباسية تنتظر هذا المولود وتفتش عنه, وتراقب نساء وجواري الإمام العسكري عليه السلام حتى يظفرون بالإمام المهدي عليه السلام ويقتلونه خوفاً من أن يفني دولتهم وينهي خلافتهم .. لذلك كان الإمام المهدي عليه السلام مغيباً عن الناس وعن الشيعة بإستثناء بعض الثقات من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ..
وكان ممن رآه السيدة حكيمة عمة الإمام العسكري عليه السلام وإبنة الإمام الجواد عليه السلام, ورآه السفراء الأربعة, ورآه خادم أبيه "ظريف", ورآه خادم أبيه "أبو غانم", ورأته الخادمة "نسيم" .. وغيرهم من أصحاب الإمام العسكري عليه السلام ..
وهناك من علماء السنة من يثبت ولادة الإمام المهدي عليه السلام على سبيل المثال لا الحصر :
1 ـ سهل بن عبد الله البخاري ( ت / 341 هـ ) سر السلسلة العلوية : 39 .
2 ـ الخوارزمي ( ت / 387 هـ ) مفاتيح العلوم : 32 طبعة ليدن / 1895م .
3 ـ يحيى بن سلامة الخصفكي الشافعي ( ت / 568 هـ ) كما في تذكرة الخواص للعلاّمة سبط ابن الجوزي : 360 .
4 ـ عبد الله بن محمد المفارقي ( ت / 590 هـ ) المعروف بابن الأزرق في تاريخ ميافارقين ، كما في وفيات الاعيان لابن خلكان 4 : 176 / 562 .
5 ـ فريد الدين النيشابوري الهمداني ( ت / 627 هـ ) مظهر الصفات كما في ينابيع المودّة 3 : 141 ـ باب 87 .
6 ـ سبط ابن الجوزي ( ت / 654 هـ ) تذكرة الخواص : 363 .
7 ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ( ت / 658 هـ ) كفاية الطالب / الصفحة الاخيرة.
8 ـ ابن خلكان ( ت / 681 هـ ) وفيات الاعيان 4 : 176 / 562 .
9 ـ عزيز بن محمد النسفي الصوفي ( ت / 686 هـ ) في رسالته ، كما في ينابيع المودّة 3 : 143 باب 87 .
10ـ كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني ( ت / 730 هـ ) تحفة الإخوان في خصائص الفتيان ، كما في كتاب ( سر جشمه تصوّف در ايران ) لسعيد النفيسي : 216 .
عمر الإمام المهدي عليه السلام ..
قال الإمام الصادق(ع)لأحد أصحابه حين رآه يتعجب من طول الغيبة ..
إن الله تعالى أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل: (قدر مولده تقدير مولد موسى, وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى, وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح, وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح دليلا على عمره "يعني الخضر عليه السلام" ) ..
فكثيرا ماورد عن النبي (ص) وعن آله المعصومين كون القائم فيه سنة من نوح وهي طول العمر .. أوردوا ذلك مورد تأكيد لاريب فيه, حتى أن الصادق (ع) قال مرة مستهجنا : ( ماتنكرون أن يمد الله لصاحب هذا الأمر في العمر كما مد لنوح عليه السلام في العمر؟!! ) ..
قد قيل إن عزيرا خرج مع أهله وامرأته في شهرها, وله خمسون سنة . فلما ابتلاه الله عز وجل بذنبه أماته مئة عام ثم بعثه .. فرجع الى أهله وهو ابن خمسين سنة, فاستقبله ابنه وهو ابن مئة سنة!!! ورد الله عزيرا الى الذي كان به..
أهذه أعجب أم قضية صاحبنا عليه السلام؟؟؟
وخذ الثانية قبل أن ينقضي عجبك, فإن نصر بن دهمان -من غطفان- قد عاش مئة وتسعين سنة, ثم اعتدل بعدها, وعاد شابا . فتعجب معاصروه من ذلك أشد العجب حتى أن العرب لم يروا مثلها أعجوبة فريدة!.
فلا أخال إطالة عمر المهدي (ع) إلى مايزيد على الألف سنة موضوعا فيه إشكال ذو بال وإن كان المستنكرون يرونه المشكلة كل المشكلة, مع إن الإمام المعصوم يخلقه الله تعالى تام التركيب الجسمي, معتدلا في جميع مقومات حياته, ولا يصيبه الموت إلا بعارض خارجي كالقتل والسم كما حدث لآباء القائم (ع). على أن الإنسان العادي, السليم الجسم, لايدهمه الموت إلا إذا طرأ عليه مايخرب جسمه ويعطل بعض مقوماته .. وهانحن نبحث عن هذه الظاهرة-ظاهرة طول العمر- من نواحيها الدينية. والحياتية والطبيعية.
٭٭٭
الناحية الدينية : لاأحسب أن الخالق الذي طور سلالة الطين الى إنسان متين الصنع, وجعل من النطفة كائنا مستوي الخلقة قال عنه : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين, لاأظنه عاجزا عن أبسط من ذلك من الأمور.
فالله القادر على إنشاء الإنسان من العدم, والذي قال متعجبا وموبخا : {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى} (37) سورة القيامة, وقال مستهزئا به ومقرعا له:{أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ, فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ}(21) سورة المرسلات, لتكون منه النطفة فالعلقة فالمضغة فالعظام فاللحم, فالخلق السوي الذي يشد بالعصب, ويجري فيه الروح والنفس والدم في القلب والعروق..هذا الخالق قادر على أن يفعل مايشاء, كيف يشاء, حين يشاءّ!.
فأقبح بالإنسان منكرا ومتنكرا لما يقع تحت حسه, فضلا عما لايقع تحت حسه ولا يصل إليه إدراكه!!!
ألا إن ذلك لايدل على عجب في الموضوع, بمقدار مايدل على عجز الحواس, وقصور في الإدراك, وضعف عند الإنسان, بل يدل على تفاهته وعقوقه, لأنه لايكاد يقف على قدميه حتى يتطلع الى تقويض السماء, والشرك بربه الذي {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} (4) سورة النحل, يعلن العداوة للدين والديان, وتنصب النطفة القذرة نفسها خصيما مبينا لبارئها..لله..الذي يقهرها بالموت فيجعلها جيفة يتعجل ذووها لطمرها بالتراب للتخلص من نتنها!!!
فليس كل مالايقدر أن يستوعبه العقل مستحيلا . ولو كان ذلك للزم إدراك كنه من {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ } (103) سورة الأنعام ..
فبقاء المهدي (ع) كان باختيار الله تعالى وتحت مقدوره, وبمشيئته لا بمشيئتنا ولا اختيارنا ولا موافقتنا, لأننا-إذا جد الجد- لانستطيع زيادة نفس واحد على أنفسنا حين يتحكم سلطان الموت وتختنق الأنفاس!. وهذا هو الفرق بين أن نشاء نحن, وأن يشاء الله رب العالمين!.
ولبقاء المهدي عجل الله تعالى فرجه وجه تقتضيه حكمة الخالق التي لاحظ فيها مصلحة المكلفين أنفسهم, ولولا ذلك لما كانت ضرورة الى هذه التمثيلية التي يصعب تصور دور بطلها المنتظر . كما أن بقاء عيسى عليه السلام ورفعه الى السماء كان لمصلحة المكلفين أيضا, فما من احد يبقى حيا من أهل الكتاب الى يوم نزول المسيح (ع) من السماء إلا ويؤمن به حين يراه فينال نعمة التصديق ويشترك في نصرة دولة الحق والعدل والإيمان.
والمهدي (ع) يعتبر-الى الآن- شابا لو كان من أولاد نوح أو أبناء معاصري نوح مثلا, أو من أبناء لقمان أو غيرهم ممن عاصر أزمنة التعمير, حيث كان يتزوج الرجل لأول مرة بعد بلوغ الثمانمائة سنة, والستمائة سنة والأربعمائة سنة كما سترى!!!وهذا وحده يسقط التعجب من قلوب المرتابين ويثبت المستيقنين على يقينهم..
ثم يجب أن لايغيب عن بالنا أن بقاء المهدي (ع) مشروط بآخر الزمان, لتصدق به أخبار جده الأعظم (ص).
أما تطويل الأعمار فهو هم أساطين الأطباء اليوم, وهم جهابذة علم الحياة الذين يبحثون بوسائلهم الأرضية عن تنشيط الخلايا وإصلاح الأنسجة المستهلكة, وتجديد شباب الشيوخ, أي إنهم يبحثون عن شيء يعرفه الله-ياسيد العارفين- !!!فكيف ننكر عليه أن يجدد الخلايا ويعيد الشباب ويطيل العمر؟!!
وليس أسهل على المتخفي مثل المهدي المنتظر (ع) من أن يتناول بلغة عيشه من طعام الزاهدين-كما قال هو عن نفسه- وشراب المحتاجين, ويكون خالي الفكر من تعقيد الحياة وثقل هم المأكل والمشرب والتنافس بالمال والولد وزبرج الحياة, يقضي الوقت بالطاعة والتبتل والعبادة, تحميه العناية الربانية, ويحفظ سلامة جسمه عدم عبوديته لشره الطعام والشراب, فيكون طول عمره من النواميس الطبيعية الممكنة, التي تستمر في حال عدم وجود العائق المخرب, والتي لاينكرها إلا العقل المحدود..
فلا امتناع في تطويل عمره, بدليل تصافي أهل الأديان السماوية على بقاء عيسى والخضر عليهما السلام حيين, وبقاء إبليس اللعين منظرا منذ نفخ الروح في آدم الى يوم يبعثون..ولو حسبنا عمر الخضر منذ أيام موسى (ع) حتى يومنا هذا لرأيناه يدور في فلك الستة آلاف سنة, وسيبقى مع ذلك مابقيت دنيا الظالمين .. أفليس معقولا أن تقتضي إرادة الله بقاء المهدي (ع) الى آخر الزمان, أي أقل من الخضر بما ينيف على الأربعة آلاف وخمسمائة سنة؟!!
ولماذا لانرضى حلا لهذه العقدة لولي من أولياء الله المخلصين, ونرتضيها لغيره من المخلوقين؟؟؟ فلو أن نوحا عليه السلام كان من مواليد عهد محمد (ص) لكان اليوم في مقتبل عمره وريعان شبابه, ولكنا نقول مثلا : هذا أمر خارق للطبيعة المألوفة لدينا, ثم نتعجب منه .. فلنقل : إن أمر المهدي (ع) خارق للطبيعة لدى قصيري الأعمار أمثال أهل زماننا!.ولنتعجب منه دون أن ننكره لأنه في إطار الإمكان .. ولولا سوء ظن الناس بالله وبقدرته, وعدم تصديقهم به بادئ بدء, لما استغرب احد طول عمر المهدي (ع) . لأن من قدر على خلق الإنسان من نطفة قذرة كدرة. لايعجز عن إبقائه بعد إيجاده .. وقد نبهنا الله تعالى إلى إمكان ذلك حين حكى قصة يونس (ع) بعد أن ابتلعه الحوت في البحر, فقال : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ,َللبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} , وهذا يعني انه حين يقدر أن يقاص يونس فيطيل عمره إلى يوم البعث, يطيل عمر الحوت أيضا ليبقى يونس في بطنه حيا محتجزا, في ظروف غير ملائمة لبقاء الحي-أيها العقلاء- مما يشكل معجزة فوق التصور . على أننا لا نعرف كيف خرج يونس من بطن الحوت حيا حتى ولو كان لبثه في بطنه دقائق معدودة دون تنفس ولا هواء صالح للحياة !!! فأحر بمهدينا عليه السلام أن يعيش حرا طليقا غير محتجز في بطن حوت ولا في قعر بحر, بل محجوبا عن عقول عشش فيها الشك فلا تريد أن تستوعب قضيته لا بالطول ولا بالعرض !!!
يتبع إن شاء الله ..