أمل هارون
29-03-2008, 04:41 PM
شعرتُ بغصةٍ وحاولتُ مقاومة دموعي وأنا أراها تتمدد في ذاك الركن المشمس من الفناء بجسدها الهزيل كانت تدير لي ظهرها فأجّلت القاء التحيّة والسلام لوقت لاحق أكون فيه أفضل حالا .. هذه ضريبة العمر والسنين ..رددت في نفسي .. شعرتُ بمزيج من الألم والمرارة للحال الذي الت اليه..كانت في الأمس القريب شعلة من النشاط لا تخمد وحين كانت تأتي لزيارتنا كانت تنجز الكثير من الأعمال وتسأل عن كل الأمور وتُشعِر الجميع بفعاليتهم بما تبثه في نفوسهم من ثقة وتشجيع..لا أعرف تحديدا كم عمرها ولكن أعتقد أنها تجاوزت الثمانين.. كنت أقول أن سبب تمتعها بهذه الحيوية أنها لم تنجب الا ولدا واحدا وان زوجها تركها بعد زمن قصير من زواجهما!! اذكر اني كنت أكره حضورها الى بيتنا لانها كانت تقص لي شعري بحجة انه يغطي عيني..واذكر ايضا اني كنت استفسرت منها يوما عن كلمة لم استطع قراءتها في كتاب العلوم للصف الأول فقالت لي ضاحكة أنها لا تقرأ الا الايطالية.. عمتي قالت أنها ليست خالتي فقط إذ انها من ربى الوالدة ..ولكن لم الحظ يوما ان امي تعاملها على هذا الاساس ولكن الواضح كان تأثيرها القوي عليها.. أما في الذكريات الأحدث فأذكر أنها كانت تنتبه الى كل شيئ وتنتقدني باستمرار لعدم ارتدائي لأقراطي الذهبية.. انسانة لا تعرف الاستقرار والسكون دائما لديها ماتنجزه..في نموذجها أحببت المرأة المثقفة لا المتعلمة..المرأة التي يحركها عقلها لا عاطفتها ولطالما كنت استغرب معرفتها للقوانين والنظم والمعاملات والشرائع..امرأة صقلتها الحياة وعاشت كل العصور وخاضت كل التجارب ..شعرت بمعنى العجز والمرض وأنا أراها في وضعها ذاك فالكل الأن يدعوها للراحة ..خطر ببالي مرة أن نقيم لها حفلا كذكرى مولد مثلا لربما اسعدناها بالفكرة والهدايا ولكن ذلك لم يتحقق اذ حال المرض دون ذلك..عندما أراها أعي أن أمامي امرأة عاشت طول عمرها تعطي.. الكل كان ينتظر عطاؤها ولكن اما من نهاية خدمة اما من استقالة أو تقاعد الا اذا سقط المرء مريضا؟؟؟ لقد صمتت من ثلاثة أعوام اثر تعرضها لجلطة..ادعوا لها بالشفاء ..