السلامي
04-04-2008, 10:17 PM
علة الغيبة بجميع حيثياتها والاحاطة التامة بها غير ممكنة بل مستحيلة ولا يعلمها إلا الله تعالى والمعصومون عليهم السلام.
ورد عن الامام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف : وأما علة ما وقع من الغيبة فان الله عزّ وجلّ قال: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم
ولكن بالتتبع والاستمارة باحاديث المعصومين عليهم السلام ذكر للغيبة علل تقريبة أحصاها علمائنا الاعلام ومنهم الشيخ الصدوق أعلى الله تعالى مقامه الشريف . نذكر منها:
أولا : حتى لا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج .
عن محمد بن موسى بن المتوكل (رض) حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : صاحب هذا الامر تعمى ولادته على هذا الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج .
ثانيا : حتى تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم .
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد السمرقدني جميعا قالا : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا جبرائيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي قال : حدثني الحسن بن محمد الصيرفي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن للقائم منا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : يابن رسول الله ولم ذلك ؟ قال ك لان عزوجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الانياء (ع) في غيباتهم ، وإنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى : ((لتركبنّ طبقا عن طبق)) أي سنن من كان قبلكم.
ثالثا : الخوف على نفسه الشريفة.
وبالاسناد المتقدم عن محمد بن مسعود قال : حدثني محمد بن ابراهيم الوراق قال : حدثنا حمدان بن أحمد القلانسي ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه ـ قال زرارة : يعني القتل .
رابعا : الغيبة سر من أسرار الله لم يؤذن الله لأحد في كشفه.
حدثنا عبدالواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال : حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال : حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني أحمد بن عبداله بن جعفر المدائني ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد (ع) يقول : إن لصاحب الامر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ؟ قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد طهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر (ع) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى (ع) إلى وقت افتراقهما .
يا ابن الفضل : إنّ هذا الأمر أمر من أمر الله تعالى وسر من سرالله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.
تلاحظ ان الامام عليه السلام في هذا الحديث لم يكشف ولم يصرح بما هو المقصود والمتوخى من الغيبة واختفاء الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عن الأنظار فبقي هذا سراً إلى يومنا هذا، الا أنّ الأئمة عليهم السلام أشاروا إلى بعض حكم الغيبة، منها :
ـ ان الأئمة المعصومين هم خلف للأنبياء وأوصياؤهم والقائمون بحجة الله تعالى على من يكون بعدهم، فكل ما كان جائزاً في الأنبياء فهو واجب لازم في الأئمة عليهم السلام حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
وان الله تعالى اجرى بعض سننه على أنبيائه، ومن جملة هذه السنن، مسألة الغيبة، فكانوا عليهم وعلى نبينا صلوات الله وسلامه عليه يغيبون مدداً مديدة تبعاً للمصلحة والحكمة الالهية، وها هي الغيبة في أمة الإسلام وصاحبها الأمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
قال سديد الصيرفي: «قال الصادق عليه السلام ان للقائم عليه السلام من غيبة يطول أمدها فقلت: ولم ذلك يابن رسول الله؟
قال: ان الله عز وجل آلا الا أن يجري منه سنن الأنبياء في غيباتهم، وأنه لابدّ له ـ ياسديد ـ من استيفاء مدد غيباتهم. قال الله تعالى: «لتركبن طبقاً عن طبق». أي سنناً على سنن من كان قبلكم(بحار الأنوار 52 / 90).
ومنها: حتى لا يكون في عنقه بيعة لأحد.
وكذلك من الحكم الواردة في روايات أهل البيت عليهم السلام أن لا تكون في عنقه بيعة لأحد، فهو لا يخضع لأي سلطة أياً كان نوعها وهذا هو شأنه عجل الله تعالى فرجه الشريف، فعليه لابدّ له من بقائه غائباً حتى يأذن الله تعالى له بالقيام.
روى علي بن حسن الفضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: كأني بالشيعة عند فقدانهم الثالث من ولدي يطلبون المدعى فلا يجدونه.
قلت له: ولم ذلك يابن رسول الله؟
قال: لأن إمامهم يغيب عنهم.
فقلت: ولِمَ.
قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة.
ومنها: اختبار الشيعة وتمييزهم.
قال الامام الصادق عليه السلام: (والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، ثم يذهب من كل عشرة شيء، ولا يبقى منكم إلا الأندر، ثم تلا هذه الآية:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).
فاختبار الشيعة وامتحانهم في غيبة امامهم لتمييز المخلص منهم لهو من أصعب الاختبارات ومن أهل الحكم في غيبة صاحب الزمان الامام المهدي عليه السلام.
وروي عن جابر الجعفي، قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فرجكم؟
فقال: هيهات هيهات لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا، ثم تغربلوا يقولها ثلاثاً حتى يذهب الله تعالى الكدر ويبقى الصفو»
وبهذا التعبير ومثله جاءت روايات أهل البيت تترا لتعكس معنى التمحيص والاختبار، من قبيل قولهم عليهم السلام:
الا بعد إياس، أو حتى يشقى من شقي، أو إنما هي محنة من الله، أو حتى يذهب ثلثا الناس أو كمخيض الكحل في العين، أو لتكسرن كسر الزجاج أو لتكسره كسر الفخار.
فعن الطوسي بسنده عن الربيع بن محمد المسلمي قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام والله لتكسرن كسر الزجاج وأن للزجاج يعاد فيعود كما كان، والله لتكسرن كسر الفخار وأن الفخار لا يعود كما كان والله لتميزن والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزوان من القمح.
والله لتميزن والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزوان من القمح.
وعنه أيضاً عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها أحد.
يابني، لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، انما هي محنة من الله امتحن الله تعالى بها خلقه.
ومنها: الخوف من القتل.
فقد وردت هذه الحكمة وهي الخوف من القتل في طيات أحاديث أهل البيت عليهم السلام فعن زرارة عن الباقر عليه السلام، قال: «ان للغلام غيبة قبل ظهوره.
قلت: لمَ.
قال: يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه.
قال زرارة: يعني القتل».
لا يقال بان الأمام المهدي وهو أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام مع أنهم عاشوا بين الناس وعرضوا أنفسهم للقتل!!
لأن الامام المهدي ليس حاله كحال الأئمة المعصومين عليهم السلام فانهم لو قتل أحدهم كان أحد يقوم مقامه، أما لو قتل الأمام المهدي فمن الذي يقوم مقامه ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً فالخوف من القتل يستوجب الغيبة على الأمام عليه السلام مع العلم بأن الخوف المصرح به في الرواياتع ليس هو الخوف المتعارف عندنا كخيفتنا على أنفسنا من القتل، لأن الامام عليه السلام عنده القتل والشهادة هي أحدى الكرامات التي يفتخر بها ويتوق اليها:
لكنه اذا قتل عليه السلام قبل أن يظهر، فان الأرض ستخلو من الحجة وهذا نقض للغرض وهو غير ممكن.
ومنها: تأديب الناس
فقد جرت سنته تعالى على مجازات الناس على أفعالهم من الكفر بالنعم الإلهية، ومن بين الأساليب المتبعة لتأديب الناس سلب النعمة منهم لالفاتهم إلى ما هم عليه وتنبيهم من غفلتهم ليعودوا إلى رشدهم فيتضرعوا ويبتهلوا إلى الله تعالى كي يعيد عليهم النعم التي سلبها منهم، ومن أهم النعم وأعظمها هي نعمة وجود امام معصوم بين ظهرانيهم، تلك النعمة التي لم يعترفوا بمنزلتها، فحاربوا الأئمة المعصومين عليهم السلام وزجوهم بالسجون وقتلوهم واحداً تلو الآخر.
روى الشيخ الصدوق في علله عن مروان الأنباري قال: «خرج من أبي جعفر عليه السلام: إن الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم».
ومنها: حتى يخرج المؤمنون من صلب الكافرين. فالأمام المهدي لا يظهر حتى تفرغ أصلاب الكافرين من المؤمنين حيث أنه عليه السلام لا يهادن أحد ولا يساوم مع أعدائه، بل يقضي عليهم إن لم يدخلوا في السلم كافة، فرأفته بالمؤمنين اقتضت الارادة الالهية أن تطول غيبة الامام حتى يأتي جميع المؤمنين ممن لا بد أن يولدوا.
روى القمي عن أحمد بن علي، قال: (حدثنا الحسين بن عبد الله السعدي، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن عبدالله بن الحسين، عن بعض أصحابه عن فلان الكرخي، قال رجل لأبي عبدالله عليه السلام: ألم يكن علي قوياً في بدنه، قوياً في أمر الله؟
قال له أبو عبدالله عليه السلام: بلى.
قال له: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟
قال: قد سألت فافهم الجواب، منع علياً من ذلك آية من كتاب الله.
فقال: وأي آية؟
فقرأ: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً)(الفتح:25).
انه كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع، فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله وكذلك قائمنا أهل البيت، لم يظهر أبداً حتى تخرج ودائع الله، فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله
(تفسير القمي: 2 / 316، علل الشرائع: 147).
ورد عن الامام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف : وأما علة ما وقع من الغيبة فان الله عزّ وجلّ قال: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم
ولكن بالتتبع والاستمارة باحاديث المعصومين عليهم السلام ذكر للغيبة علل تقريبة أحصاها علمائنا الاعلام ومنهم الشيخ الصدوق أعلى الله تعالى مقامه الشريف . نذكر منها:
أولا : حتى لا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج .
عن محمد بن موسى بن المتوكل (رض) حدثنا محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : صاحب هذا الامر تعمى ولادته على هذا الخلق لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج .
ثانيا : حتى تجري فيه سنن الأنبياء عليهم السلام في غيباتهم .
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود وحيدر بن محمد السمرقدني جميعا قالا : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا جبرائيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي قال : حدثني الحسن بن محمد الصيرفي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن للقائم منا غيبة يطول أمدها ، فقلت له : يابن رسول الله ولم ذلك ؟ قال ك لان عزوجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الانياء (ع) في غيباتهم ، وإنه لابد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم ، قال الله تعالى : ((لتركبنّ طبقا عن طبق)) أي سنن من كان قبلكم.
ثالثا : الخوف على نفسه الشريفة.
وبالاسناد المتقدم عن محمد بن مسعود قال : حدثني محمد بن ابراهيم الوراق قال : حدثنا حمدان بن أحمد القلانسي ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قال : قلت : ولم ؟ قال : يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه ـ قال زرارة : يعني القتل .
رابعا : الغيبة سر من أسرار الله لم يؤذن الله لأحد في كشفه.
حدثنا عبدالواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضي الله عنه قال : حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال : حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني أحمد بن عبداله بن جعفر المدائني ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد (ع) يقول : إن لصاحب الامر غيبة لابد منها يرتاب فيها كل مبطل ، فقلت : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ؟ قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟ قال : وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد طهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما أتاه الخضر (ع) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى (ع) إلى وقت افتراقهما .
يا ابن الفضل : إنّ هذا الأمر أمر من أمر الله تعالى وسر من سرالله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزوجل حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف.
تلاحظ ان الامام عليه السلام في هذا الحديث لم يكشف ولم يصرح بما هو المقصود والمتوخى من الغيبة واختفاء الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عن الأنظار فبقي هذا سراً إلى يومنا هذا، الا أنّ الأئمة عليهم السلام أشاروا إلى بعض حكم الغيبة، منها :
ـ ان الأئمة المعصومين هم خلف للأنبياء وأوصياؤهم والقائمون بحجة الله تعالى على من يكون بعدهم، فكل ما كان جائزاً في الأنبياء فهو واجب لازم في الأئمة عليهم السلام حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
وان الله تعالى اجرى بعض سننه على أنبيائه، ومن جملة هذه السنن، مسألة الغيبة، فكانوا عليهم وعلى نبينا صلوات الله وسلامه عليه يغيبون مدداً مديدة تبعاً للمصلحة والحكمة الالهية، وها هي الغيبة في أمة الإسلام وصاحبها الأمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
قال سديد الصيرفي: «قال الصادق عليه السلام ان للقائم عليه السلام من غيبة يطول أمدها فقلت: ولم ذلك يابن رسول الله؟
قال: ان الله عز وجل آلا الا أن يجري منه سنن الأنبياء في غيباتهم، وأنه لابدّ له ـ ياسديد ـ من استيفاء مدد غيباتهم. قال الله تعالى: «لتركبن طبقاً عن طبق». أي سنناً على سنن من كان قبلكم(بحار الأنوار 52 / 90).
ومنها: حتى لا يكون في عنقه بيعة لأحد.
وكذلك من الحكم الواردة في روايات أهل البيت عليهم السلام أن لا تكون في عنقه بيعة لأحد، فهو لا يخضع لأي سلطة أياً كان نوعها وهذا هو شأنه عجل الله تعالى فرجه الشريف، فعليه لابدّ له من بقائه غائباً حتى يأذن الله تعالى له بالقيام.
روى علي بن حسن الفضال، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام قال: كأني بالشيعة عند فقدانهم الثالث من ولدي يطلبون المدعى فلا يجدونه.
قلت له: ولم ذلك يابن رسول الله؟
قال: لأن إمامهم يغيب عنهم.
فقلت: ولِمَ.
قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة.
ومنها: اختبار الشيعة وتمييزهم.
قال الامام الصادق عليه السلام: (والله لا يكون الذي تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، ثم يذهب من كل عشرة شيء، ولا يبقى منكم إلا الأندر، ثم تلا هذه الآية:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).
فاختبار الشيعة وامتحانهم في غيبة امامهم لتمييز المخلص منهم لهو من أصعب الاختبارات ومن أهل الحكم في غيبة صاحب الزمان الامام المهدي عليه السلام.
وروي عن جابر الجعفي، قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: متى يكون فرجكم؟
فقال: هيهات هيهات لا يكون فرجنا حتى تغربلوا ثم تغربلوا، ثم تغربلوا يقولها ثلاثاً حتى يذهب الله تعالى الكدر ويبقى الصفو»
وبهذا التعبير ومثله جاءت روايات أهل البيت تترا لتعكس معنى التمحيص والاختبار، من قبيل قولهم عليهم السلام:
الا بعد إياس، أو حتى يشقى من شقي، أو إنما هي محنة من الله، أو حتى يذهب ثلثا الناس أو كمخيض الكحل في العين، أو لتكسرن كسر الزجاج أو لتكسره كسر الفخار.
فعن الطوسي بسنده عن الربيع بن محمد المسلمي قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام والله لتكسرن كسر الزجاج وأن للزجاج يعاد فيعود كما كان، والله لتكسرن كسر الفخار وأن الفخار لا يعود كما كان والله لتميزن والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزوان من القمح.
والله لتميزن والله لتمحصن والله لتغربلن كما يغربل الزوان من القمح.
وعنه أيضاً عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام، قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع من الأئمة فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها أحد.
يابني، لابدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، انما هي محنة من الله امتحن الله تعالى بها خلقه.
ومنها: الخوف من القتل.
فقد وردت هذه الحكمة وهي الخوف من القتل في طيات أحاديث أهل البيت عليهم السلام فعن زرارة عن الباقر عليه السلام، قال: «ان للغلام غيبة قبل ظهوره.
قلت: لمَ.
قال: يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه.
قال زرارة: يعني القتل».
لا يقال بان الأمام المهدي وهو أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام مع أنهم عاشوا بين الناس وعرضوا أنفسهم للقتل!!
لأن الامام المهدي ليس حاله كحال الأئمة المعصومين عليهم السلام فانهم لو قتل أحدهم كان أحد يقوم مقامه، أما لو قتل الأمام المهدي فمن الذي يقوم مقامه ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً فالخوف من القتل يستوجب الغيبة على الأمام عليه السلام مع العلم بأن الخوف المصرح به في الرواياتع ليس هو الخوف المتعارف عندنا كخيفتنا على أنفسنا من القتل، لأن الامام عليه السلام عنده القتل والشهادة هي أحدى الكرامات التي يفتخر بها ويتوق اليها:
لكنه اذا قتل عليه السلام قبل أن يظهر، فان الأرض ستخلو من الحجة وهذا نقض للغرض وهو غير ممكن.
ومنها: تأديب الناس
فقد جرت سنته تعالى على مجازات الناس على أفعالهم من الكفر بالنعم الإلهية، ومن بين الأساليب المتبعة لتأديب الناس سلب النعمة منهم لالفاتهم إلى ما هم عليه وتنبيهم من غفلتهم ليعودوا إلى رشدهم فيتضرعوا ويبتهلوا إلى الله تعالى كي يعيد عليهم النعم التي سلبها منهم، ومن أهم النعم وأعظمها هي نعمة وجود امام معصوم بين ظهرانيهم، تلك النعمة التي لم يعترفوا بمنزلتها، فحاربوا الأئمة المعصومين عليهم السلام وزجوهم بالسجون وقتلوهم واحداً تلو الآخر.
روى الشيخ الصدوق في علله عن مروان الأنباري قال: «خرج من أبي جعفر عليه السلام: إن الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم».
ومنها: حتى يخرج المؤمنون من صلب الكافرين. فالأمام المهدي لا يظهر حتى تفرغ أصلاب الكافرين من المؤمنين حيث أنه عليه السلام لا يهادن أحد ولا يساوم مع أعدائه، بل يقضي عليهم إن لم يدخلوا في السلم كافة، فرأفته بالمؤمنين اقتضت الارادة الالهية أن تطول غيبة الامام حتى يأتي جميع المؤمنين ممن لا بد أن يولدوا.
روى القمي عن أحمد بن علي، قال: (حدثنا الحسين بن عبد الله السعدي، قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، عن عبدالله بن الحسين، عن بعض أصحابه عن فلان الكرخي، قال رجل لأبي عبدالله عليه السلام: ألم يكن علي قوياً في بدنه، قوياً في أمر الله؟
قال له أبو عبدالله عليه السلام: بلى.
قال له: فما منعه أن يدفع أو يمتنع؟
قال: قد سألت فافهم الجواب، منع علياً من ذلك آية من كتاب الله.
فقال: وأي آية؟
فقرأ: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً)(الفتح:25).
انه كان لله ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع، فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله وكذلك قائمنا أهل البيت، لم يظهر أبداً حتى تخرج ودائع الله، فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله
(تفسير القمي: 2 / 316، علل الشرائع: 147).