أبو شهاب
05-04-2008, 08:24 PM
حوار في الامامة بين شيعي و اباضي
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله تقبل الله اعمالكم و طاعتكم بمزيد من الاجر و الثواب . كلكم تعرفون هشام ابن الحكم هذا المستبصر الصادق في دينه و تدينه الذي اعتنق المذهب الامامي في عهد الائمة عليهم السلام و كان احد اصحاب و اقرب الرجال الى الامام جعفر الصادق , و منه احد رواة اهل البيت عليهم السلام و اعلامهم و قلمهم الذي لا يمحى . ففي هذه المناظرة يناظر هشام ابن الحكم المؤسس الحقيقي لمذهب الاباضية و هو عبد الله الاباضي فكيف كانت المناظرة ؟؟؟ و كيف كانت نتائجها ؟؟؟ حدثنا أحمد بن زياد الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه رضي الله عنهما قالا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد ابن أبي عمير قال : أخبرني علي الأسواري قال : كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة وملة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض ، فبلغ ذلك الرشيد ، فقال ليحيى بن - خالد : يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما شئ مما رفعني به أمير المؤمنين وبلغ بي من الكرامة والرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس ، فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتج بعضهم على بعض ويعرف المحق منهم ، ويتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم . فقال له الرشيد : أنا أحب أن أحضر هذا المجلس وأسمع كلامهم على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني ولا يظهروا مذاهبهم ، قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء ، قال : فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ، ففعل ( ذلك ) وبلغ الخبر المعتزلة ، فتشاوروا بينهم وعزموا على أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على من قال بالإمامة . قال : فحضروا ، وحضر هشام ، وحضر عبد الله بن يزيد ‹ صفحة 363 › الأباضي وكان من أصدق الناس ( 1 ) لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة ( 2 ) ، فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد : يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة . فقال هشام : أيها الوزير ليس لهم علينا جواب ولا مسألة إن هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ، ثم فارقونا بلا علم ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا ، فليس لهم علينا مسألة ولا جواب . فقال بيان ( 3 ) - وكان من الحرورية - : أنا أسألك يا هشام ، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أكانوا مؤمنين أم كافرين ؟ قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف : صنف مؤمنون ، وصنف مشركون ، و صنف ضلال ، فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي : إن عليا عليه السلام إمام من عند الله عز وجل . ومعاوية لا يصلح لها ، فآمنوا بما قال الله عز وجل في علي عليه السلام وأقروا به . وأما المشركون فقوم قالوا : على إمام ، ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ( ف ) لم يعرفوا شيئا من هذا وهم جهال . قال : فأصحاب معاوية ما كانوا ؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلال . ‹ صفحة 364 › فأما الكافرون : فالذين قالوا : إن معاوية إمام ، وعلي لا يصلح لها ، فكفروا من جهتين إذ جحدوا إماما من الله عز وجل ، ونصبوا إماما ليس من الله . وأما المشركون : فقوم قالوا : معاوية إمام ، وعلي يصلح لها ، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر . فانقطع بيان عند ذلك . فقال ضرار : وأنا أسألك يا هشام في هذا ؟ فقال هشام : أخطأت قال : ولم ؟ قال : لأنكم كلكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي ، وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب ؟ قال ضرار : فسل ، قال : أتقول : إن الله عز وجل عدل لا يجور ؟ قال : نعم هو عدل لا يجور تبارك وتعالى ، قال : فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل الله ، وكلف الأعمى قراءة المصاحف والكتب أتراه كان يكون عادلا أم جائرا ؟ قال ضرار : ما كان الله ليفعل ذلك ، قال هشام : قد علمت أن الله لا يفعل ذلك ولكن ذلك على سبيل الجدل والخصومة ، أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائرا إذ كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه ؟ قال : لو فعل ذلك لكان جائزا . قال : فأخبرني عن الله عز وجل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم ؟ قال : بلى ، قال : فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين ، أو كلفهم مالا دليل لهم على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمعقد المشي إلى المساجد والجهاد قال : فسكت ضرار ساعة ، ثم قال : لا بد من دليل وليس بصاحبك ، قال : ‹ صفحة 365 › فتبسم هشام وقال : تشيع شطرك ( 1 ) وصرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية ، قال ضرار : فإني أرجع القول عليك في هذا ، قال : هات ، قال ضرار لهشام : كيف تعقد الإمامة ؟ قال هشام : كما عقد الله عز وجل النبوة ، قال : فهو إذا نبي ، قال هشام : لا لان النبوة يعقدها أهل السماء ، والإمامة يعقدها أهل الأرض ، فعقد النبوة بالملائكة ، و عقد الإمامة بالنبي ( 2 ) والعقدان جميعا بأمر الله جل جلاله ، قال : فما الدليل على ذلك ؟ قال هشام : الاضطرار في هذا ، قال ضرار : وكيف ذلك ؟ قال هشام : لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، فلم يكلفهم ولم يأمرهم ولم ينههم فصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها ، أفتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا أقول هذا ، قال هشام : فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون ( 3 ) قد استحالوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد ، فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم ، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه ، أفتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلي أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق ؟ قال : لا أقول هذا ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم . قال : فبقي الوجه الثالث وهو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه ‹ صفحة 366 › الرسول لهم لا يسهو ولا يغلط ولا يحيف ، معصوم من الذنوب ، مبرء ، من الخطايا ، يحتاج ( الناس ) إليه ولا يحتاج إلى أحد ، قال : فما الدليل عليه ؟ قال هشام : ثمان دلالات أربع في نعت نسبه ، وأربع في نعت نفسه . فأما الأربع التي في نعت نسبه : فإنه يكون معروف الجنس ، معروف القبيلة ، معروف البيت ، وأن يكون من صالب الملة والدعوة إليه إشارة ، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر وعالم وجاهل ، مقر ومنكر ، في شرق الأرض وغربها ولو جاز أن تكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتي على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده ، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم وغيرهم ، ولكان من حيث أراد الله عز وجل أن يكون صلاح يكون فساد ولا يجوز هذا في حكمة الله جل وجلاله و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد ، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة والدعوة ، فلم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة وهي قريش ، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة ، ولما كثر أهل هذا البيت وتشاجروا في الإمامة لعلوها وشرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة والدعوة إشارة إليه بعينه واسمه ونسبه كيلا يطمع فيها غيره . وأما الأربع التي في نعت نفسه : فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسننه وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل ، وأن ‹ صفحة 367 › يكون معصوما من الذنوب كلها ، وأن يكون أشجع الناس ، وأن يكون أسخى الناس . فقال عبد الله بن يزيد الأباضي : من أين قلت : إنه أعلم الناس ؟ قال : لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حده ، ومن وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله عز وجل حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا . قال : فمن أين قلت : إنه معصوم من الذنوب ؟ قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطأ ، فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ويكتم على حميمه وقريبه ، ولا يحتج الله بمثل هذا على خلقه . قال : فمن أين قلت : إنه أشجع الناس ، قال : لأنه فئة للمسلمين الذي يرجعون إليه في الحروب ، وقال الله عز وجل : " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله " ( 1 ) فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عز وجل حجة الله على خلقه . قال : ( ف ) من أين قلت إنه أسخى الناس ؟ قال : لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم ( 2 ) فأخذها فكان خائنا ، و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن . فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين . وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله ، فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك يا جعفر - وكان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر - من يعني بهذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني ‹ صفحة 368 › به موسى بن جعفر ، قال : ما عنى بها غير أهلها ( 1 ) ، ثم عض على شفتيه وقال : مثل هذا حي ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف ، وعلم يحيى أن هشاما قد اني ( 2 ) فدخل الستر فقال : يا عباسي ويحك من هذا الرجال فقال : يا أمير المؤمنين حسبك تكفى تكفى ، ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فلم هشام أنه قد أتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه وانسل ومر ببيته وأمرهم بالتواري وهرب ومر من فوره نحو الكوفة فوافى الكوفة ونزل على بشير النبال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 362 › ( 1 ) في بعض النسخ " كف الطلب عنه " . ‹ هامش ص 363 › ( 1 ) من الصداقة . والإباض - بكسر الهمزة - ومنه الأباضية فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن أباض التميمي . ( الصحاح
حوار في الامامة بين شيعي و اباضي
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله تقبل الله اعمالكم و طاعتكم بمزيد من الاجر و الثواب . كلكم تعرفون هشام ابن الحكم هذا المستبصر الصادق في دينه و تدينه الذي اعتنق المذهب الامامي في عهد الائمة عليهم السلام و كان احد اصحاب و اقرب الرجال الى الامام جعفر الصادق , و منه احد رواة اهل البيت عليهم السلام و اعلامهم و قلمهم الذي لا يمحى . ففي هذه المناظرة يناظر هشام ابن الحكم المؤسس الحقيقي لمذهب الاباضية و هو عبد الله الاباضي فكيف كانت المناظرة ؟؟؟ و كيف كانت نتائجها ؟؟؟ حدثنا أحمد بن زياد الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه رضي الله عنهما قالا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد ابن أبي عمير قال : أخبرني علي الأسواري قال : كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة وملة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض ، فبلغ ذلك الرشيد ، فقال ليحيى بن - خالد : يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما شئ مما رفعني به أمير المؤمنين وبلغ بي من الكرامة والرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس ، فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتج بعضهم على بعض ويعرف المحق منهم ، ويتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم . فقال له الرشيد : أنا أحب أن أحضر هذا المجلس وأسمع كلامهم على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني ولا يظهروا مذاهبهم ، قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء ، قال : فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ، ففعل ( ذلك ) وبلغ الخبر المعتزلة ، فتشاوروا بينهم وعزموا على أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على من قال بالإمامة . قال : فحضروا ، وحضر هشام ، وحضر عبد الله بن يزيد ‹ صفحة 363 › الأباضي وكان من أصدق الناس ( 1 ) لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة ( 2 ) ، فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد : يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة . فقال هشام : أيها الوزير ليس لهم علينا جواب ولا مسألة إن هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ، ثم فارقونا بلا علم ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا ، فليس لهم علينا مسألة ولا جواب . فقال بيان ( 3 ) - وكان من الحرورية - : أنا أسألك يا هشام ، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أكانوا مؤمنين أم كافرين ؟ قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف : صنف مؤمنون ، وصنف مشركون ، و صنف ضلال ، فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي : إن عليا عليه السلام إمام من عند الله عز وجل . ومعاوية لا يصلح لها ، فآمنوا بما قال الله عز وجل في علي عليه السلام وأقروا به . وأما المشركون فقوم قالوا : على إمام ، ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ( ف ) لم يعرفوا شيئا من هذا وهم جهال . قال : فأصحاب معاوية ما كانوا ؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلال . ‹ صفحة 364 › فأما الكافرون : فالذين قالوا : إن معاوية إمام ، وعلي لا يصلح لها ، فكفروا من جهتين إذ جحدوا إماما من الله عز وجل ، ونصبوا إماما ليس من الله . وأما المشركون : فقوم قالوا : معاوية إمام ، وعلي يصلح لها ، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر . فانقطع بيان عند ذلك . فقال ضرار : وأنا أسألك يا هشام في هذا ؟ فقال هشام : أخطأت قال : ولم ؟ قال : لأنكم كلكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي ، وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب ؟ قال ضرار : فسل ، قال : أتقول : إن الله عز وجل عدل لا يجور ؟ قال : نعم هو عدل لا يجور تبارك وتعالى ، قال : فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل الله ، وكلف الأعمى قراءة المصاحف والكتب أتراه كان يكون عادلا أم جائرا ؟ قال ضرار : ما كان الله ليفعل ذلك ، قال هشام : قد علمت أن الله لا يفعل ذلك ولكن ذلك على سبيل الجدل والخصومة ، أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائرا إذ كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه ؟ قال : لو فعل ذلك لكان جائزا . قال : فأخبرني عن الله عز وجل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم ؟ قال : بلى ، قال : فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين ، أو كلفهم مالا دليل لهم على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمعقد المشي إلى المساجد والجهاد قال : فسكت ضرار ساعة ، ثم قال : لا بد من دليل وليس بصاحبك ، قال : ‹ صفحة 365 › فتبسم هشام وقال : تشيع شطرك ( 1 ) وصرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية ، قال ضرار : فإني أرجع القول عليك في هذا ، قال : هات ، قال ضرار لهشام : كيف تعقد الإمامة ؟ قال هشام : كما عقد الله عز وجل النبوة ، قال : فهو إذا نبي ، قال هشام : لا لان النبوة يعقدها أهل السماء ، والإمامة يعقدها أهل الأرض ، فعقد النبوة بالملائكة ، و عقد الإمامة بالنبي ( 2 ) والعقدان جميعا بأمر الله جل جلاله ، قال : فما الدليل على ذلك ؟ قال هشام : الاضطرار في هذا ، قال ضرار : وكيف ذلك ؟ قال هشام : لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، فلم يكلفهم ولم يأمرهم ولم ينههم فصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها ، أفتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا أقول هذا ، قال هشام : فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون ( 3 ) قد استحالوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد ، فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم ، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه ، أفتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلي أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق ؟ قال : لا أقول هذا ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم . قال : فبقي الوجه الثالث وهو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه ‹ صفحة 366 › الرسول لهم لا يسهو ولا يغلط ولا يحيف ، معصوم من الذنوب ، مبرء ، من الخطايا ، يحتاج ( الناس ) إليه ولا يحتاج إلى أحد ، قال : فما الدليل عليه ؟ قال هشام : ثمان دلالات أربع في نعت نسبه ، وأربع في نعت نفسه . فأما الأربع التي في نعت نسبه : فإنه يكون معروف الجنس ، معروف القبيلة ، معروف البيت ، وأن يكون من صالب الملة والدعوة إليه إشارة ، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر وعالم وجاهل ، مقر ومنكر ، في شرق الأرض وغربها ولو جاز أن تكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتي على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده ، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم وغيرهم ، ولكان من حيث أراد الله عز وجل أن يكون صلاح يكون فساد ولا يجوز هذا في حكمة الله جل وجلاله و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد ، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة والدعوة ، فلم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة وهي قريش ، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة ، ولما كثر أهل هذا البيت وتشاجروا في الإمامة لعلوها وشرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة والدعوة إشارة إليه بعينه واسمه ونسبه كيلا يطمع فيها غيره . وأما الأربع التي في نعت نفسه : فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسننه وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل ، وأن ‹ صفحة 367 › يكون معصوما من الذنوب كلها ، وأن يكون أشجع الناس ، وأن يكون أسخى الناس . فقال عبد الله بن يزيد الأباضي : من أين قلت : إنه أعلم الناس ؟ قال : لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حده ، ومن وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله عز وجل حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا . قال : فمن أين قلت : إنه معصوم من الذنوب ؟ قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطأ ، فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ويكتم على حميمه وقريبه ، ولا يحتج الله بمثل هذا على خلقه . قال : فمن أين قلت : إنه أشجع الناس ، قال : لأنه فئة للمسلمين الذي يرجعون إليه في الحروب ، وقال الله عز وجل : " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله " ( 1 ) فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عز وجل حجة الله على خلقه . قال : ( ف ) من أين قلت إنه أسخى الناس ؟ قال : لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم ( 2 ) فأخذها فكان خائنا ، و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن . فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين . وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله ، فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك يا جعفر - وكان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر - من يعني بهذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني ‹ صفحة 368 › به موسى بن جعفر ، قال : ما عنى بها غير أهلها ( 1 ) ، ثم عض على شفتيه وقال : مثل هذا حي ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف ، وعلم يحيى أن هشاما قد اني ( 2 ) فدخل الستر فقال : يا عباسي ويحك من هذا الرجال فقال : يا أمير المؤمنين حسبك تكفى تكفى ، ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فلم هشام أنه قد أتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه وانسل ومر ببيته وأمرهم بالتواري وهرب ومر من فوره نحو الكوفة فوافى الكوفة ونزل على بشير النبال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 362 › ( 1 ) في بعض النسخ " كف الطلب عنه " . ‹ هامش ص 363 › ( 1 ) من الصداقة . والإباض - بكسر الهمزة - ومنه الأباضية فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن أباض التميمي . ( الصحاح ) . ( 2 ) في بعض النسخ " في المحاورة " . ( 3 ) في بعض النسخ " بنان " وكذا فيما يأتي . ‹ هامش ص 365 › ( 1 ) أي بعضك ، ولعل المراد به لسانه حيث أقر بوجود الدليل . ( 2 ) في بعض النسخ " الا أن النبوة تعقد بالملائكة والإمامة تعقد بالنبي " . ( 3 ) صفة للناس . و " استحالوا " أي تحولوا علماء لا يحتاجون إلى علمه صلى الله عليه وآله بعد أن يكون في زمان الرسول يحتاجون إليه في دينهم . ‹ هامش ص 367 › ( 1 ) الأنفال : 16 . ( 2 ) أي اشتاقت ونازعت نفسه إليه . ‹ هامش ص 368 › ( 1 ) أي ما عنى بقوله " أمير المؤمنين " الا من هو أمير المؤمنين عنده . ( 2 ) يعني وقع في الهلكة . ( 3 ) لقمان : 20 . وية الكتب الكتاب | المؤلف | جزء | الوفاة | المجموعة | تحقيق | الطبعة | سنة الطبع | المطبعة | الناشر | ردمك | ملاحظات كمال الدين وتمام النعمة|الشيخ الصدوق||381|مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه|تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري||محرم الحرام 1405 - 1363 ش||مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة|| ) . ( 2 ) في بعض النسخ " في المحاورة " . ( 3 ) في بعض النسخ " بنان " وكذا فيما يأتي . ‹ هامش ص 365 › ( 1 ) أي بعضك ، ولعل المراد به لسانه حيث أقر بوجود الدليل . ( 2 ) في بعض النسخ " الا أن النبوة تعقد بالملائكة والإمامة تعقد بالنبي " . ( 3 ) صفة للناس . و " استحالوا " أي تحولوا علماء لا يحتاجون إلى علمه صلى الله عليه وآله بعد أن يكون في زمان الرسول يحتاجون إليه في دينهم . ‹ هامش ص 367 › ( 1 ) الأنفال : 16 . ( 2 ) أي اشتاقت ونازعت نفسه إليه . ‹ هامش ص 368 › ( 1 ) أي ما عنى بقوله " أمير المؤمنين " الا من هو أمير المؤمنين عنده . ( 2 ) يعني وقع في الهلكة . ( 3 ) لقمان : 20 . وية الكتب الكتاب | المؤلف | جزء | الوفاة | المجموعة | تحقيق | الطبعة | سنة الطبع | المطبعة | الناشر | ردمك | ملاحظات كمال الدين وتمام النعمة|الشيخ الصدوق||381|مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه|تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري||محرم الحرام 1405 - 1363 ش||مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة||
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله تقبل الله اعمالكم و طاعتكم بمزيد من الاجر و الثواب . كلكم تعرفون هشام ابن الحكم هذا المستبصر الصادق في دينه و تدينه الذي اعتنق المذهب الامامي في عهد الائمة عليهم السلام و كان احد اصحاب و اقرب الرجال الى الامام جعفر الصادق , و منه احد رواة اهل البيت عليهم السلام و اعلامهم و قلمهم الذي لا يمحى . ففي هذه المناظرة يناظر هشام ابن الحكم المؤسس الحقيقي لمذهب الاباضية و هو عبد الله الاباضي فكيف كانت المناظرة ؟؟؟ و كيف كانت نتائجها ؟؟؟ حدثنا أحمد بن زياد الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه رضي الله عنهما قالا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد ابن أبي عمير قال : أخبرني علي الأسواري قال : كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة وملة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض ، فبلغ ذلك الرشيد ، فقال ليحيى بن - خالد : يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما شئ مما رفعني به أمير المؤمنين وبلغ بي من الكرامة والرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس ، فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتج بعضهم على بعض ويعرف المحق منهم ، ويتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم . فقال له الرشيد : أنا أحب أن أحضر هذا المجلس وأسمع كلامهم على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني ولا يظهروا مذاهبهم ، قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء ، قال : فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ، ففعل ( ذلك ) وبلغ الخبر المعتزلة ، فتشاوروا بينهم وعزموا على أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على من قال بالإمامة . قال : فحضروا ، وحضر هشام ، وحضر عبد الله بن يزيد ‹ صفحة 363 › الأباضي وكان من أصدق الناس ( 1 ) لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة ( 2 ) ، فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد : يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة . فقال هشام : أيها الوزير ليس لهم علينا جواب ولا مسألة إن هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ، ثم فارقونا بلا علم ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا ، فليس لهم علينا مسألة ولا جواب . فقال بيان ( 3 ) - وكان من الحرورية - : أنا أسألك يا هشام ، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أكانوا مؤمنين أم كافرين ؟ قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف : صنف مؤمنون ، وصنف مشركون ، و صنف ضلال ، فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي : إن عليا عليه السلام إمام من عند الله عز وجل . ومعاوية لا يصلح لها ، فآمنوا بما قال الله عز وجل في علي عليه السلام وأقروا به . وأما المشركون فقوم قالوا : على إمام ، ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ( ف ) لم يعرفوا شيئا من هذا وهم جهال . قال : فأصحاب معاوية ما كانوا ؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلال . ‹ صفحة 364 › فأما الكافرون : فالذين قالوا : إن معاوية إمام ، وعلي لا يصلح لها ، فكفروا من جهتين إذ جحدوا إماما من الله عز وجل ، ونصبوا إماما ليس من الله . وأما المشركون : فقوم قالوا : معاوية إمام ، وعلي يصلح لها ، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر . فانقطع بيان عند ذلك . فقال ضرار : وأنا أسألك يا هشام في هذا ؟ فقال هشام : أخطأت قال : ولم ؟ قال : لأنكم كلكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي ، وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب ؟ قال ضرار : فسل ، قال : أتقول : إن الله عز وجل عدل لا يجور ؟ قال : نعم هو عدل لا يجور تبارك وتعالى ، قال : فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل الله ، وكلف الأعمى قراءة المصاحف والكتب أتراه كان يكون عادلا أم جائرا ؟ قال ضرار : ما كان الله ليفعل ذلك ، قال هشام : قد علمت أن الله لا يفعل ذلك ولكن ذلك على سبيل الجدل والخصومة ، أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائرا إذ كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه ؟ قال : لو فعل ذلك لكان جائزا . قال : فأخبرني عن الله عز وجل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم ؟ قال : بلى ، قال : فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين ، أو كلفهم مالا دليل لهم على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمعقد المشي إلى المساجد والجهاد قال : فسكت ضرار ساعة ، ثم قال : لا بد من دليل وليس بصاحبك ، قال : ‹ صفحة 365 › فتبسم هشام وقال : تشيع شطرك ( 1 ) وصرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية ، قال ضرار : فإني أرجع القول عليك في هذا ، قال : هات ، قال ضرار لهشام : كيف تعقد الإمامة ؟ قال هشام : كما عقد الله عز وجل النبوة ، قال : فهو إذا نبي ، قال هشام : لا لان النبوة يعقدها أهل السماء ، والإمامة يعقدها أهل الأرض ، فعقد النبوة بالملائكة ، و عقد الإمامة بالنبي ( 2 ) والعقدان جميعا بأمر الله جل جلاله ، قال : فما الدليل على ذلك ؟ قال هشام : الاضطرار في هذا ، قال ضرار : وكيف ذلك ؟ قال هشام : لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، فلم يكلفهم ولم يأمرهم ولم ينههم فصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها ، أفتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا أقول هذا ، قال هشام : فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون ( 3 ) قد استحالوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد ، فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم ، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه ، أفتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلي أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق ؟ قال : لا أقول هذا ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم . قال : فبقي الوجه الثالث وهو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه ‹ صفحة 366 › الرسول لهم لا يسهو ولا يغلط ولا يحيف ، معصوم من الذنوب ، مبرء ، من الخطايا ، يحتاج ( الناس ) إليه ولا يحتاج إلى أحد ، قال : فما الدليل عليه ؟ قال هشام : ثمان دلالات أربع في نعت نسبه ، وأربع في نعت نفسه . فأما الأربع التي في نعت نسبه : فإنه يكون معروف الجنس ، معروف القبيلة ، معروف البيت ، وأن يكون من صالب الملة والدعوة إليه إشارة ، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر وعالم وجاهل ، مقر ومنكر ، في شرق الأرض وغربها ولو جاز أن تكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتي على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده ، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم وغيرهم ، ولكان من حيث أراد الله عز وجل أن يكون صلاح يكون فساد ولا يجوز هذا في حكمة الله جل وجلاله و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد ، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة والدعوة ، فلم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة وهي قريش ، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة ، ولما كثر أهل هذا البيت وتشاجروا في الإمامة لعلوها وشرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة والدعوة إشارة إليه بعينه واسمه ونسبه كيلا يطمع فيها غيره . وأما الأربع التي في نعت نفسه : فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسننه وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل ، وأن ‹ صفحة 367 › يكون معصوما من الذنوب كلها ، وأن يكون أشجع الناس ، وأن يكون أسخى الناس . فقال عبد الله بن يزيد الأباضي : من أين قلت : إنه أعلم الناس ؟ قال : لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حده ، ومن وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله عز وجل حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا . قال : فمن أين قلت : إنه معصوم من الذنوب ؟ قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطأ ، فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ويكتم على حميمه وقريبه ، ولا يحتج الله بمثل هذا على خلقه . قال : فمن أين قلت : إنه أشجع الناس ، قال : لأنه فئة للمسلمين الذي يرجعون إليه في الحروب ، وقال الله عز وجل : " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله " ( 1 ) فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عز وجل حجة الله على خلقه . قال : ( ف ) من أين قلت إنه أسخى الناس ؟ قال : لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم ( 2 ) فأخذها فكان خائنا ، و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن . فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين . وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله ، فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك يا جعفر - وكان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر - من يعني بهذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني ‹ صفحة 368 › به موسى بن جعفر ، قال : ما عنى بها غير أهلها ( 1 ) ، ثم عض على شفتيه وقال : مثل هذا حي ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف ، وعلم يحيى أن هشاما قد اني ( 2 ) فدخل الستر فقال : يا عباسي ويحك من هذا الرجال فقال : يا أمير المؤمنين حسبك تكفى تكفى ، ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فلم هشام أنه قد أتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه وانسل ومر ببيته وأمرهم بالتواري وهرب ومر من فوره نحو الكوفة فوافى الكوفة ونزل على بشير النبال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 362 › ( 1 ) في بعض النسخ " كف الطلب عنه " . ‹ هامش ص 363 › ( 1 ) من الصداقة . والإباض - بكسر الهمزة - ومنه الأباضية فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن أباض التميمي . ( الصحاح
حوار في الامامة بين شيعي و اباضي
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله تقبل الله اعمالكم و طاعتكم بمزيد من الاجر و الثواب . كلكم تعرفون هشام ابن الحكم هذا المستبصر الصادق في دينه و تدينه الذي اعتنق المذهب الامامي في عهد الائمة عليهم السلام و كان احد اصحاب و اقرب الرجال الى الامام جعفر الصادق , و منه احد رواة اهل البيت عليهم السلام و اعلامهم و قلمهم الذي لا يمحى . ففي هذه المناظرة يناظر هشام ابن الحكم المؤسس الحقيقي لمذهب الاباضية و هو عبد الله الاباضي فكيف كانت المناظرة ؟؟؟ و كيف كانت نتائجها ؟؟؟ حدثنا أحمد بن زياد الهمداني ، والحسين بن إبراهيم بن ناتانه رضي الله عنهما قالا : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد ابن أبي عمير قال : أخبرني علي الأسواري قال : كان ليحيى بن خالد مجلس في داره يحضره المتكلمون من كل فرقة وملة يوم الأحد ، فيتناظرون في أديانهم ، يحتج بعضهم على بعض ، فبلغ ذلك الرشيد ، فقال ليحيى بن - خالد : يا عباسي ما هذا المجلس الذي بلغني في منزلك يحضره المتكلمون ؟ قال : يا أمير المؤمنين ما شئ مما رفعني به أمير المؤمنين وبلغ بي من الكرامة والرفعة أحسن موقعا عندي من هذا المجلس ، فإنه يحضره كل قوم مع اختلاف مذاهبهم ، فيحتج بعضهم على بعض ويعرف المحق منهم ، ويتبين لنا فساد كل مذهب من مذاهبهم . فقال له الرشيد : أنا أحب أن أحضر هذا المجلس وأسمع كلامهم على أن لا يعلموا بحضوري فيحتشموني ولا يظهروا مذاهبهم ، قال : ذلك إلى أمير المؤمنين متى شاء ، قال : فضع يدك على رأسي أن لا تعلمهم بحضوري ، ففعل ( ذلك ) وبلغ الخبر المعتزلة ، فتشاوروا بينهم وعزموا على أن لا يكلموا هشاما إلا في الإمامة لعلمهم بمذهب الرشيد وإنكاره على من قال بالإمامة . قال : فحضروا ، وحضر هشام ، وحضر عبد الله بن يزيد ‹ صفحة 363 › الأباضي وكان من أصدق الناس ( 1 ) لهشام بن الحكم ، وكان يشاركه في التجارة ( 2 ) ، فلما دخل هشام سلم على عبد الله بن يزيد من بينهم ، فقال يحيى بن خالد لعبد الله بن يزيد : يا عبد الله كلم هشاما فيما اختلفتم فيه من الإمامة . فقال هشام : أيها الوزير ليس لهم علينا جواب ولا مسألة إن هؤلاء قوم كانوا مجتمعين معنا على إمامة رجل ، ثم فارقونا بلا علم ولا معرفة ، فلا حين كانوا معنا عرفوا الحق ، ولا حين فارقونا علموا على ما فارقونا ، فليس لهم علينا مسألة ولا جواب . فقال بيان ( 3 ) - وكان من الحرورية - : أنا أسألك يا هشام ، أخبرني عن أصحاب علي يوم حكموا الحكمين أكانوا مؤمنين أم كافرين ؟ قال هشام : كانوا ثلاثة أصناف : صنف مؤمنون ، وصنف مشركون ، و صنف ضلال ، فأما المؤمنون فمن قال مثل قولي : إن عليا عليه السلام إمام من عند الله عز وجل . ومعاوية لا يصلح لها ، فآمنوا بما قال الله عز وجل في علي عليه السلام وأقروا به . وأما المشركون فقوم قالوا : على إمام ، ومعاوية يصلح لها ، فأشركوا إذ أدخلوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فقوم خرجوا على الحمية والعصبية للقبائل والعشائر ( ف ) لم يعرفوا شيئا من هذا وهم جهال . قال : فأصحاب معاوية ما كانوا ؟ قال : كانوا ثلاثة أصناف : صنف كافرون ، وصنف مشركون ، وصنف ضلال . ‹ صفحة 364 › فأما الكافرون : فالذين قالوا : إن معاوية إمام ، وعلي لا يصلح لها ، فكفروا من جهتين إذ جحدوا إماما من الله عز وجل ، ونصبوا إماما ليس من الله . وأما المشركون : فقوم قالوا : معاوية إمام ، وعلي يصلح لها ، فأشركوا معاوية مع علي عليه السلام . وأما الضلال : فعلى سبيل أولئك خرجوا للحمية والعصبية للقبائل والعشائر . فانقطع بيان عند ذلك . فقال ضرار : وأنا أسألك يا هشام في هذا ؟ فقال هشام : أخطأت قال : ولم ؟ قال : لأنكم كلكم مجتمعون على دفع إمامة صاحبي ، وقد سألني هذا عن مسألة وليس لكم أن تثنوا بالمسألة علي حتى أسألك يا ضرار عن مذهبك في هذا الباب ؟ قال ضرار : فسل ، قال : أتقول : إن الله عز وجل عدل لا يجور ؟ قال : نعم هو عدل لا يجور تبارك وتعالى ، قال : فلو كلف الله المقعد المشي إلى المساجد والجهاد في سبيل الله ، وكلف الأعمى قراءة المصاحف والكتب أتراه كان يكون عادلا أم جائرا ؟ قال ضرار : ما كان الله ليفعل ذلك ، قال هشام : قد علمت أن الله لا يفعل ذلك ولكن ذلك على سبيل الجدل والخصومة ، أن لو فعل ذلك أليس كان في فعله جائرا إذ كلفه تكليفا لا يكون له السبيل إلى إقامته وأدائه ؟ قال : لو فعل ذلك لكان جائزا . قال : فأخبرني عن الله عز وجل كلف العباد دينا واحدا لا اختلاف فيه لا يقبل منهم إلا أن يأتوا به كما كلفهم ؟ قال : بلى ، قال : فجعل لهم دليلا على وجود ذلك الدين ، أو كلفهم مالا دليل لهم على وجوده فيكون بمنزلة من كلف الأعمى قراءة الكتب والمعقد المشي إلى المساجد والجهاد قال : فسكت ضرار ساعة ، ثم قال : لا بد من دليل وليس بصاحبك ، قال : ‹ صفحة 365 › فتبسم هشام وقال : تشيع شطرك ( 1 ) وصرت إلى الحق ضرورة ولا خلاف بيني وبينك إلا في التسمية ، قال ضرار : فإني أرجع القول عليك في هذا ، قال : هات ، قال ضرار لهشام : كيف تعقد الإمامة ؟ قال هشام : كما عقد الله عز وجل النبوة ، قال : فهو إذا نبي ، قال هشام : لا لان النبوة يعقدها أهل السماء ، والإمامة يعقدها أهل الأرض ، فعقد النبوة بالملائكة ، و عقد الإمامة بالنبي ( 2 ) والعقدان جميعا بأمر الله جل جلاله ، قال : فما الدليل على ذلك ؟ قال هشام : الاضطرار في هذا ، قال ضرار : وكيف ذلك ؟ قال هشام : لا يخلو الكلام في هذا من أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون الله عز وجل رفع التكليف عن الخلق بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، فلم يكلفهم ولم يأمرهم ولم ينههم فصاروا بمنزلة السباع والبهائم التي لا تكليف عليها ، أفتقول هذا يا ضرار إن التكليف عن الناس مرفوع بعد الرسول صلى الله عليه وآله ؟ قال : لا أقول هذا ، قال هشام : فالوجه الثاني ينبغي أن يكون الناس المكلفون ( 3 ) قد استحالوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله علماء في مثل حد الرسول في العلم حتى لا يحتاج أحد إلى أحد ، فيكونوا كلهم قد استغنوا بأنفسهم ، وأصابوا الحق الذي لا اختلاف فيه ، أفتقول هذا إن الناس استحالوا علماء حتى صاروا في مثل حد الرسول في العلم بالدين حتى لا يحتاج أحد إلي أحد مستغنين بأنفسهم عن غيرهم في إصابة الحق ؟ قال : لا أقول هذا ولكنهم يحتاجون إلى غيرهم . قال : فبقي الوجه الثالث وهو أنه لا بد لهم من عالم يقيمه ‹ صفحة 366 › الرسول لهم لا يسهو ولا يغلط ولا يحيف ، معصوم من الذنوب ، مبرء ، من الخطايا ، يحتاج ( الناس ) إليه ولا يحتاج إلى أحد ، قال : فما الدليل عليه ؟ قال هشام : ثمان دلالات أربع في نعت نسبه ، وأربع في نعت نفسه . فأما الأربع التي في نعت نسبه : فإنه يكون معروف الجنس ، معروف القبيلة ، معروف البيت ، وأن يكون من صالب الملة والدعوة إليه إشارة ، فلم ير جنس من هذا الخلق أشهر من جنس العرب الذين منهم صاحب الملة والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع " أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " فتصل دعوته إلى كل بر وفاجر وعالم وجاهل ، مقر ومنكر ، في شرق الأرض وغربها ولو جاز أن تكون الحجة من الله على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتي على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده ، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم وغيرهم ، ولكان من حيث أراد الله عز وجل أن يكون صلاح يكون فساد ولا يجوز هذا في حكمة الله جل وجلاله و عدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد ، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون إلا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملة والدعوة ، فلم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملة وهي قريش ، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس إلا في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة إلا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملة و الدعوة ، ولما كثر أهل هذا البيت وتشاجروا في الإمامة لعلوها وشرفها ادعاها كل واحد منهم فلم يجز إلا أن يكون من صاحب الملة والدعوة إشارة إليه بعينه واسمه ونسبه كيلا يطمع فيها غيره . وأما الأربع التي في نعت نفسه : فأن يكون أعلم الناس كلهم بفرائض الله وسننه وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل ، وأن ‹ صفحة 367 › يكون معصوما من الذنوب كلها ، وأن يكون أشجع الناس ، وأن يكون أسخى الناس . فقال عبد الله بن يزيد الأباضي : من أين قلت : إنه أعلم الناس ؟ قال : لأنه إن لم يكن عالما بجميع حدود الله وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حده ، ومن وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله عز وجل حدا على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحا يقع فسادا . قال : فمن أين قلت : إنه معصوم من الذنوب ؟ قال لأنه إن لم يكن معصوما من الذنوب دخل في الخطأ ، فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ويكتم على حميمه وقريبه ، ولا يحتج الله بمثل هذا على خلقه . قال : فمن أين قلت : إنه أشجع الناس ، قال : لأنه فئة للمسلمين الذي يرجعون إليه في الحروب ، وقال الله عز وجل : " ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله " ( 1 ) فإن لم يكن شجاعا فر فيبوء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عز وجل حجة الله على خلقه . قال : ( ف ) من أين قلت إنه أسخى الناس ؟ قال : لأنه خازن المسلمين فإن لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم ( 2 ) فأخذها فكان خائنا ، و لا يجوز أن يحتج الله على خلقه بخائن . فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت ؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين . وكان هارون الرشيد قد سمع الكلام كله ، فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك يا جعفر - وكان جعفر بن يحيى جالسا معه في الستر - من يعني بهذا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني ‹ صفحة 368 › به موسى بن جعفر ، قال : ما عنى بها غير أهلها ( 1 ) ، ثم عض على شفتيه وقال : مثل هذا حي ويبقى لي ملكي ساعة واحدة ؟ ! فوالله للسان هذا أبلغ في قلوب الناس من مائة ألف سيف ، وعلم يحيى أن هشاما قد اني ( 2 ) فدخل الستر فقال : يا عباسي ويحك من هذا الرجال فقال : يا أمير المؤمنين حسبك تكفى تكفى ، ثم خرج إلى هشام فغمزه ، فلم هشام أنه قد أتي فقام يريهم أنه يبول أو يقضي حاجة فلبس نعليه وانسل ومر ببيته وأمرهم بالتواري وهرب ومر من فوره نحو الكوفة فوافى الكوفة ونزل على بشير النبال . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 362 › ( 1 ) في بعض النسخ " كف الطلب عنه " . ‹ هامش ص 363 › ( 1 ) من الصداقة . والإباض - بكسر الهمزة - ومنه الأباضية فرقة من الخوارج أصحاب عبد الله بن أباض التميمي . ( الصحاح ) . ( 2 ) في بعض النسخ " في المحاورة " . ( 3 ) في بعض النسخ " بنان " وكذا فيما يأتي . ‹ هامش ص 365 › ( 1 ) أي بعضك ، ولعل المراد به لسانه حيث أقر بوجود الدليل . ( 2 ) في بعض النسخ " الا أن النبوة تعقد بالملائكة والإمامة تعقد بالنبي " . ( 3 ) صفة للناس . و " استحالوا " أي تحولوا علماء لا يحتاجون إلى علمه صلى الله عليه وآله بعد أن يكون في زمان الرسول يحتاجون إليه في دينهم . ‹ هامش ص 367 › ( 1 ) الأنفال : 16 . ( 2 ) أي اشتاقت ونازعت نفسه إليه . ‹ هامش ص 368 › ( 1 ) أي ما عنى بقوله " أمير المؤمنين " الا من هو أمير المؤمنين عنده . ( 2 ) يعني وقع في الهلكة . ( 3 ) لقمان : 20 . وية الكتب الكتاب | المؤلف | جزء | الوفاة | المجموعة | تحقيق | الطبعة | سنة الطبع | المطبعة | الناشر | ردمك | ملاحظات كمال الدين وتمام النعمة|الشيخ الصدوق||381|مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه|تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري||محرم الحرام 1405 - 1363 ش||مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة|| ) . ( 2 ) في بعض النسخ " في المحاورة " . ( 3 ) في بعض النسخ " بنان " وكذا فيما يأتي . ‹ هامش ص 365 › ( 1 ) أي بعضك ، ولعل المراد به لسانه حيث أقر بوجود الدليل . ( 2 ) في بعض النسخ " الا أن النبوة تعقد بالملائكة والإمامة تعقد بالنبي " . ( 3 ) صفة للناس . و " استحالوا " أي تحولوا علماء لا يحتاجون إلى علمه صلى الله عليه وآله بعد أن يكون في زمان الرسول يحتاجون إليه في دينهم . ‹ هامش ص 367 › ( 1 ) الأنفال : 16 . ( 2 ) أي اشتاقت ونازعت نفسه إليه . ‹ هامش ص 368 › ( 1 ) أي ما عنى بقوله " أمير المؤمنين " الا من هو أمير المؤمنين عنده . ( 2 ) يعني وقع في الهلكة . ( 3 ) لقمان : 20 . وية الكتب الكتاب | المؤلف | جزء | الوفاة | المجموعة | تحقيق | الطبعة | سنة الطبع | المطبعة | الناشر | ردمك | ملاحظات كمال الدين وتمام النعمة|الشيخ الصدوق||381|مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه|تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري||محرم الحرام 1405 - 1363 ش||مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة||