بنتُ علي
08-04-2008, 09:55 AM
http://www.m0dy.net/vb/uploaded/79599/01195683669.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه المنتجبين
هل لمن توغل فى الحرام من توبة ؟
إن قسما من الناس -هكذا شاءت الأقدار- عاش في وسطٍ غير متدين، فبلغ وهو في بلاد الكفر.. أو في بلاد المسلمين، ولكن في بيئة منحرفة، وأصبح من مدمني الحرام.. وبعد عشرين، أو ثلاثين، أو أربعين سنة، يرى نفسه على تلٍّ من الحرام والمنكر.. فهذا الإنسان إذا تاب توبةً نصوحة، هل يحسُن أن يتذكر الماضي؟.. وهل يحسُن أن يعيش هاجس عدم المغفرة الإلهية؟..
إن من طرق الشيطان لإبقاء الإنسان في أوحال المنكر، إلقاء حالة اليأس في نفس ذلك الإنسان.. فالشيطان يلقّن الإنسان: بإنك لا تستحق الرحمة الإلهية، فقد أمضيت عمراً في المعصية، فأكمل الطريق، ولا سبيل لك إلى العودة!.. إن هذا الكلام خلاف منطق الإسلام.. فهل هناك تاريخ أشد سواداً من الجاهلية؟!.. فقد كان الإنسان في الجاهلية مشركا عابد وثنٍ، ويئد البنت، ويشرب الخمر، ويغير على قومه، ويزني... الخ.. ومن المعلوم أن الذين قاتلوا في بدر وأُحد وحنين، هم هؤلاء الذين عاشوا مآسي الجاهلية.
يقول الإمام الباقر(عليه السلام): (إن ناساً أتوا رسول الله بعد ما أسلموا.. فقالوا: يا رسول!.. أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه)؟.. أي أن أحدنا يذكر ماضيه الأسود أيام الجاهلية.. فماذا يعمل؟..
فقال لهم النبي (ص) - وهو رحمة للعالمين -: ( من حسن إسلامه، وصح يقين إيمانه، لم يأخذه الله تبارك وتعالى بما عمله في الجاهلية ).. الجاهلية وما أدراك ما الجاهلية؟!.. وإذا بكلمتين خفيفتين -أي بالشهادتين- وإذا بالإسلام يجبّ ما قبله.. ولكن النبي (ص) قال أيضاً: ( ومن سخف إسلامه، ولم يصح يقين إيمانه، أخذه الله بالأول والآخر).. فإن الذي يعود إلى الباطل -بعد الهداية وبعد التوبة- فإن الله عز وجل قد ينتقم منه مصداقا لقوله: {وإن عدتم عدنا}.
توصيات عملية بعد التوبة
إن الإنسان حينما يبتلى بمرض، ثم يتعافى منه، فإنه يكون هناك بعض التوصيات الطبية من الأطباء الحاذقين، ليبقى الفرد على سلامته، ولئلا يعود إليه المرض ثانية.. وكذلك فإن الإنسان المذنب بمثابة مريض ابتلي بجراثيم الذنوب -بجرثومة أو أكثر، بحسب المعاصي- والآن وبعد ان تاب هذا المذنب ودخل مستشفى الطب الروحي، من خلال فترة روحانية، أو موسم عبادي، أو حتى ليلة من ليالي الإنابة إلى الله عزوجل.. إذ من الممكن أن تكون بعض ليالي السنة أبرك عمليا حتى من ليلة القدر.
فما هي التوصيات العامة، لهذا الانسان الذي اكتسب عافيته الروحية؟..
أولا: من الممكن بين فترة وأخرى أن يراوده الحنين إلى الحرام الذي تركه.. فإن بعض المعاصي يقوم بها الإنسان، ثم يستغفر منها.. إلا أنه من الممكن أن تُبقي بعض التغيرات الفسيولوجية في بدنه.. فالإنسان الذي توغل في عالم الشهوات، ربما تتغير حتى تركيبته البدنية، فيصبح إنسانا سريع الإثارة، وسريع التفاعل مع موارد الحرام.. إن ارتكاب الحرام المتواصل، من الممكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة الوخيمة؛ ولهذا فإنه يحتاج إلى ما يشبه الاستبراء في الحيوانات الجلالة -مع فارق التشبيه- فالطير عندما يأكل طعاما محرما فترة، فإنه يحتاج إلى فترة يأكل فيها طعاما طاهرا، ليعود الى حالته الطبيعية.. فإذن، إن على الإنسان بعد التوبة، أن يحذر كثيراً من الشياطين وفخوخها المنصوبة؛ لأن الشيطان يتألم ويتأذى عندما يرى إنساناً تائبا.. كما أن الله عز وجل يفرح عندما يرى إنسانا تائبا.. قال الباقر (ع): (ألا إنّ الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجلٍ ضلّت راحلته في أرض قفر وعليها طعامه وشرابه.. فبينما هو كذلك لا يدري ما يصنع، ولا أين يتوجّه، حتى وضع رأسه لينام، فأتاه آت فقال له: هل لك في راحلتك؟.. قال: نعم، قال: هو ذه فاقبضها.. فقال الباقر(ع): والله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من ذلك الرجل حين وجد راحلته).. والشيطان يتألم بنفس النسبة من ترك المنكر.. ولذا فإن على الإنسان أن يحذر من العودة إلى الحرام، الذي قد يحن إليه.
ثانيا: إن هذا الإنسان الذي هو في طور العافية، من الممكن أن تخدعه نفسه وشيطانه، فيقول له: ما دمت قد ارتكبت المعاصي في برهة من حياتك؛ فإذن لا يمكنك أن تدخل نادي الأبطال.. فهؤلاء لم يصبهم مرض قط؛ وأنت إنسان كنت في المستشفى، والآن خرجت منها، فاقنع بما أنت فيه من العافية، ولا تفكر في طموحات أكبر مما أنت فيه.. وهذا كلام شيطاني، فالإنسان التائب، ولو أنه يعيش حالة الخجل من الله، والتبرم من الماضي، والتقزز مما صدر منه.. إلا أنه عندما يجلس بين يدي ربه، فإنه يتفاعل في دعائه ومناجاته، أكثر من الإنسان الذي لم يقترف المعصية.. فإذن، إن هذا التاريخ الأسود هو من ناحية نقطة سلبية، ولكنه من ناحية أخرى نقطة إيجابية لمن عاد إلى رشده.. وعليه، فإنه من الممكن أن يصبح الإنسان بطلا، بعد أن يتعافى من مرضه.. والتاريخ مليء بهذه العناصر المتميزة بعد توبتها.
ثالثا: إن العاصي عندما يعود إلى طريق الطاعة، وخاصة إذا كان متجاهرا ببعض المعاصي: كامرأة سافرة تحجبت، أو شاب مراهق، يرتكب المعاصي علنا ثم تاب؛ فهذا من الممكن أن يخاف من النظرة الإجتماعية إليه.. فعندما يدخل المسجد أو يواجه المجتمع، ويرى نظرات الناس تجاهه، فإنه يعيش حالة من حالات الخجل الاجتماعي، وهذه حالة سلبية.. فإن المهم هو أن رب العالمين عفا عنه، ورضي عنه.. فعندما نجعل رضا المولى بجانب سخط المخلوق أو احتقاره، فلا قيمة لهذا الاحتقار، إذا لم يكن يكشف عن تحقير المولى له، وفي بعض الروايات: (لو كان في يدك جوزةٌ وقال الناس: لؤلؤةٌ، ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزةٌ.. ولو كان في يدك لؤلؤةٌ وقال الناس: أنّها جوزةٌ، ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤةٌ).. فعلى الإنسان أن لا يفتح حسابا للخلق في هذا المجال، ويكون شعاره (إلهي!.. إن لم يكن لك عليّ غضب، فلا أبالي).
رابعاً: إن الانسان المعافى من مرضه، يحاول في فترة النقاهة أن يتغذى غذاءً سليما مقويا، ليستعيد العافية بسرعة.. وكذلك فإن الإنسان التائب عليه أن يكثر من بعض الأمور الاستحبابية، والتي توجب له سرعة القرب من المولى، ليجتاز الفترة الحرجة بين المعصية وبين الاستقرار.. فهنالك فترة انتقالية لا بد أن يضاعف الجهد فيها، لتستقر أموره في خط الطاعة، ويتحقق فيه هذا العنوان: (صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى).
smilies/0006[1].gif
إن شاء الله تكون خاتمة امورنا إلى خير وتحسن خاتمتنا ...ويقبل الله منا القليل ويعفو عنا الكثير من سيئاتناوذنوبنا
العفو العفو العفو
تحياتي:بنتُ علي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه المنتجبين
هل لمن توغل فى الحرام من توبة ؟
إن قسما من الناس -هكذا شاءت الأقدار- عاش في وسطٍ غير متدين، فبلغ وهو في بلاد الكفر.. أو في بلاد المسلمين، ولكن في بيئة منحرفة، وأصبح من مدمني الحرام.. وبعد عشرين، أو ثلاثين، أو أربعين سنة، يرى نفسه على تلٍّ من الحرام والمنكر.. فهذا الإنسان إذا تاب توبةً نصوحة، هل يحسُن أن يتذكر الماضي؟.. وهل يحسُن أن يعيش هاجس عدم المغفرة الإلهية؟..
إن من طرق الشيطان لإبقاء الإنسان في أوحال المنكر، إلقاء حالة اليأس في نفس ذلك الإنسان.. فالشيطان يلقّن الإنسان: بإنك لا تستحق الرحمة الإلهية، فقد أمضيت عمراً في المعصية، فأكمل الطريق، ولا سبيل لك إلى العودة!.. إن هذا الكلام خلاف منطق الإسلام.. فهل هناك تاريخ أشد سواداً من الجاهلية؟!.. فقد كان الإنسان في الجاهلية مشركا عابد وثنٍ، ويئد البنت، ويشرب الخمر، ويغير على قومه، ويزني... الخ.. ومن المعلوم أن الذين قاتلوا في بدر وأُحد وحنين، هم هؤلاء الذين عاشوا مآسي الجاهلية.
يقول الإمام الباقر(عليه السلام): (إن ناساً أتوا رسول الله بعد ما أسلموا.. فقالوا: يا رسول!.. أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه)؟.. أي أن أحدنا يذكر ماضيه الأسود أيام الجاهلية.. فماذا يعمل؟..
فقال لهم النبي (ص) - وهو رحمة للعالمين -: ( من حسن إسلامه، وصح يقين إيمانه، لم يأخذه الله تبارك وتعالى بما عمله في الجاهلية ).. الجاهلية وما أدراك ما الجاهلية؟!.. وإذا بكلمتين خفيفتين -أي بالشهادتين- وإذا بالإسلام يجبّ ما قبله.. ولكن النبي (ص) قال أيضاً: ( ومن سخف إسلامه، ولم يصح يقين إيمانه، أخذه الله بالأول والآخر).. فإن الذي يعود إلى الباطل -بعد الهداية وبعد التوبة- فإن الله عز وجل قد ينتقم منه مصداقا لقوله: {وإن عدتم عدنا}.
توصيات عملية بعد التوبة
إن الإنسان حينما يبتلى بمرض، ثم يتعافى منه، فإنه يكون هناك بعض التوصيات الطبية من الأطباء الحاذقين، ليبقى الفرد على سلامته، ولئلا يعود إليه المرض ثانية.. وكذلك فإن الإنسان المذنب بمثابة مريض ابتلي بجراثيم الذنوب -بجرثومة أو أكثر، بحسب المعاصي- والآن وبعد ان تاب هذا المذنب ودخل مستشفى الطب الروحي، من خلال فترة روحانية، أو موسم عبادي، أو حتى ليلة من ليالي الإنابة إلى الله عزوجل.. إذ من الممكن أن تكون بعض ليالي السنة أبرك عمليا حتى من ليلة القدر.
فما هي التوصيات العامة، لهذا الانسان الذي اكتسب عافيته الروحية؟..
أولا: من الممكن بين فترة وأخرى أن يراوده الحنين إلى الحرام الذي تركه.. فإن بعض المعاصي يقوم بها الإنسان، ثم يستغفر منها.. إلا أنه من الممكن أن تُبقي بعض التغيرات الفسيولوجية في بدنه.. فالإنسان الذي توغل في عالم الشهوات، ربما تتغير حتى تركيبته البدنية، فيصبح إنسانا سريع الإثارة، وسريع التفاعل مع موارد الحرام.. إن ارتكاب الحرام المتواصل، من الممكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة الوخيمة؛ ولهذا فإنه يحتاج إلى ما يشبه الاستبراء في الحيوانات الجلالة -مع فارق التشبيه- فالطير عندما يأكل طعاما محرما فترة، فإنه يحتاج إلى فترة يأكل فيها طعاما طاهرا، ليعود الى حالته الطبيعية.. فإذن، إن على الإنسان بعد التوبة، أن يحذر كثيراً من الشياطين وفخوخها المنصوبة؛ لأن الشيطان يتألم ويتأذى عندما يرى إنساناً تائبا.. كما أن الله عز وجل يفرح عندما يرى إنسانا تائبا.. قال الباقر (ع): (ألا إنّ الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجلٍ ضلّت راحلته في أرض قفر وعليها طعامه وشرابه.. فبينما هو كذلك لا يدري ما يصنع، ولا أين يتوجّه، حتى وضع رأسه لينام، فأتاه آت فقال له: هل لك في راحلتك؟.. قال: نعم، قال: هو ذه فاقبضها.. فقال الباقر(ع): والله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من ذلك الرجل حين وجد راحلته).. والشيطان يتألم بنفس النسبة من ترك المنكر.. ولذا فإن على الإنسان أن يحذر من العودة إلى الحرام، الذي قد يحن إليه.
ثانيا: إن هذا الإنسان الذي هو في طور العافية، من الممكن أن تخدعه نفسه وشيطانه، فيقول له: ما دمت قد ارتكبت المعاصي في برهة من حياتك؛ فإذن لا يمكنك أن تدخل نادي الأبطال.. فهؤلاء لم يصبهم مرض قط؛ وأنت إنسان كنت في المستشفى، والآن خرجت منها، فاقنع بما أنت فيه من العافية، ولا تفكر في طموحات أكبر مما أنت فيه.. وهذا كلام شيطاني، فالإنسان التائب، ولو أنه يعيش حالة الخجل من الله، والتبرم من الماضي، والتقزز مما صدر منه.. إلا أنه عندما يجلس بين يدي ربه، فإنه يتفاعل في دعائه ومناجاته، أكثر من الإنسان الذي لم يقترف المعصية.. فإذن، إن هذا التاريخ الأسود هو من ناحية نقطة سلبية، ولكنه من ناحية أخرى نقطة إيجابية لمن عاد إلى رشده.. وعليه، فإنه من الممكن أن يصبح الإنسان بطلا، بعد أن يتعافى من مرضه.. والتاريخ مليء بهذه العناصر المتميزة بعد توبتها.
ثالثا: إن العاصي عندما يعود إلى طريق الطاعة، وخاصة إذا كان متجاهرا ببعض المعاصي: كامرأة سافرة تحجبت، أو شاب مراهق، يرتكب المعاصي علنا ثم تاب؛ فهذا من الممكن أن يخاف من النظرة الإجتماعية إليه.. فعندما يدخل المسجد أو يواجه المجتمع، ويرى نظرات الناس تجاهه، فإنه يعيش حالة من حالات الخجل الاجتماعي، وهذه حالة سلبية.. فإن المهم هو أن رب العالمين عفا عنه، ورضي عنه.. فعندما نجعل رضا المولى بجانب سخط المخلوق أو احتقاره، فلا قيمة لهذا الاحتقار، إذا لم يكن يكشف عن تحقير المولى له، وفي بعض الروايات: (لو كان في يدك جوزةٌ وقال الناس: لؤلؤةٌ، ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزةٌ.. ولو كان في يدك لؤلؤةٌ وقال الناس: أنّها جوزةٌ، ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤةٌ).. فعلى الإنسان أن لا يفتح حسابا للخلق في هذا المجال، ويكون شعاره (إلهي!.. إن لم يكن لك عليّ غضب، فلا أبالي).
رابعاً: إن الانسان المعافى من مرضه، يحاول في فترة النقاهة أن يتغذى غذاءً سليما مقويا، ليستعيد العافية بسرعة.. وكذلك فإن الإنسان التائب عليه أن يكثر من بعض الأمور الاستحبابية، والتي توجب له سرعة القرب من المولى، ليجتاز الفترة الحرجة بين المعصية وبين الاستقرار.. فهنالك فترة انتقالية لا بد أن يضاعف الجهد فيها، لتستقر أموره في خط الطاعة، ويتحقق فيه هذا العنوان: (صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى).
smilies/0006[1].gif
إن شاء الله تكون خاتمة امورنا إلى خير وتحسن خاتمتنا ...ويقبل الله منا القليل ويعفو عنا الكثير من سيئاتناوذنوبنا
العفو العفو العفو
تحياتي:بنتُ علي