السيف أصدق
30-04-2008, 10:08 PM
قليلاً ما نرى بعض البيوت ـ للأسف ـ غير مبتلاة بالغيبة، التهمة، الشائعة، والكذب، وقليلاً ما نرى افراداً يمتنعون عن التوغل في هكذا معاصي خطيرة، وخصوصاً معصية الهمز واللمز السائدة هذه الأيام، أو معصية التجريح والاستهزاء.
فعلى سبيل المثال: يسخر الرجل من زوجته حين تطبخ غذاءً لا يستهويه، أو لا يتلائم مع طبيعة شهيّته، أو تسخر المرأة من زوجها حينما تراه وقد اشترى حاجة من السوق لا تنسجم وطبيعة ذوقها "ويل لكل همزة لمزة".
أيتها السيدة! اعلمي بأن سخريتك تلك ستدخلك إلى إحدى زنزانات جهنم الحامية لتحترقي ولا تستطيعي فعل شيء، بل تُكرهين على القبول بتلك الحياة الأبدية. واعلمي بأن تلك النيران لن تحرق الجلد فقط بل تتعدّاه إلى العظم.
فالنار التي تصل إلى العظم على حد قول القرآن الكريم، حالها حال الغيبة التي تعتبر أكلاً للحم المؤمن الغائب، فلا تغتابوا أحداً، ولا تطعموا الميتة، ولا تجعلوا من بيوتكم مطاعم للجيف فتذهبوا ببركتها، كمثل البيوت التي تذهب بركتها جرّاء لعب ساكنيها مع الكلاب والقردة.
إن تلك البيوت خالية من البركة، وخالية من اللطف الإلهي، ولا ينظر الله إليها، ولا يمكن أن تعتبر إلا نجسةً وقذرة.
جاء في كتاب تحف العقول عن الإمام الهمام عليّ بن الحسين السجاد أنه قال: "كُفَّ عن الغيبة فإنَّها إدامُ كلاب النار".
إن الذي لا يكفّ عن الغيبة سيرى نفسه بعد مدّة معتاداً عليها، أي أنها ستضحى ملكة لو لم يمتنع عن الاستمرار، وهذه الملكة هي التي ستحدد هويته، هذا بالإضافة إلى أن الغيبة ستحوّل الإنسان المغتاب إلى كلب يوم القيامة، وسيرمى في جهنم ليكون غذاؤه تلك الغيبة التي تتجسد على شكل جيفة، ولحم ميتة، وللأسف أقول: أيّ البيوت تخلو من الغيبة؟ وأيّ البيوت تخلو من الاستهزاء والسخرية؟.
أيها السيد! لا تسخر من ابنك، وأنت أيتها السيدة! لا تستهزئي بابنتك ولا تحاولي تحقيرها، واسعي دائماً للحفاظ على حالة الاحترام في داخل بيتك، ولا تجرحي كبرياء زوجك، وإذا ما حدث ذلك فستبرز الغيبة بينكما، عندها تلتهب النار في بيتكم الذي طغت عليه الهوية الحيوانية بدل الهوية الإنسانية.
والأنكى من الغيبة والأسوأ هي التهمة، والفرق بينها وبين الغيبة هو: التهمة يعني الافتراء وإلصاق ما ليس فيه به، أما الغيبة فهي كشف العيب المستور، وتشترك التهمة والغيبة بأنهما تحدثان في غياب الشخص في بعض الأحيان، وتفترق التهمة عن الغيبة في أحيان أخرى كونها قد تحدث بحضور المتهم.
أما بالنسبة للتجريح فقد أسماه القرآن المجيد باللمزة.
إن الحديث الذي قد يتبجّح به العوام من الناس، وهو شائع بينهم قول أحدهم لصاحبه لا تغتب فلاناً، فيجيب أن ما أقوله موجود فيه! وهو جواب شيطاني، لأنّ كشف العيب المستور يسمى غيبة، ومن اغتاب الناس سيضحى كلباً في يومٍ من الأيام، أما إذا لم يكن فيه ذلك العيب فسيعتبر المتحدث من المفترين، فهل تعرف ماذا يقول الله على المفترين. إنه يقول:
[إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون] (النحل/ 105).
قال الإمام الصادق جعفر بن محمّد"ع":
"إذا أتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان من قلبه، كما ينماث الملح في الماء".
وكما يتعرض الإمام الصادق"ع" في مكان آخر ويصف هذا الذي يتهم أخاه، بالوقوف على تلٍ من قيح ودمٍ، فإن استغفر زال ذلك التل، وإن لم يستغفر بقي عليه لمدة 50 عاماً عن كلًّ اتهام، أو عن كل شائعة أشاعها في زمن الحياة الدنيا.
هل يمكن أن يقول أحدكم أنه لم يمارس بثّ الشائعات؟ إن المقدسين والمتدينين في زماننا هذا لا يتأتى لهم ادعاء ذلك، فوالله ينبغي لنا أن نبكي بدل الدموع دماً على مثل هذه المصائب والبلايا، فنحن السبب في وجودها.
قال تعالى في محكم كتابه بصدد الشائعات: (إذ تلقونه بألسنتكم، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم) (النور/ 15).
أي أن ما تقولونه تعوّدتم عليه، لذا تحسبونه هيّناً، ولكنه عند الله عظيم، وقال أيضاً جلّت أسماؤه:
(ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) (الإسراء/36). أي عليك بالابتعاد عن الشكوك والظنون، وإذا ما سمعت شيئاً فلا ترضاه إلا بدليل، وإذا أردت أن تقول شيئاً يجب أن يكون مسنداً، وإلاّ فإن سمعك وبصرك وفؤادك مسؤول يوم القيامة:
[اليوم نختم على أفواههم، وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجُلُهُمْ بما كانوا يكسبون] (يس/ 65).
وفي يوم القيامة يختم الباري تعالى على الأفواه يكمّها لتشهد عليه يداه، ورجلاه، وجلده، وقلبه، وتراهم يقولون له: إنك أنت الذي كنت تغتاب، وأنت الذي كنت تستمع إلى الغيبة، وتتهم هذا وتقبل التهمة من ذاك، وتشيع الكذب هنا وهناك.
لذا ينبغي للجميع أن يبتعدوا عن هكذا مسائل تؤدي بهم ـ لا سمح الله ـ إلى جهنم الحامية، وعليهم أن يفكروا بالخروج من هذه الأزمات الخطيرة.
فالزوج يجب أن يكون صادقاً مع زوجه، وكذا الزوجة يجب عليها أن تبتعد عن الكذب والدجل ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كي يعمّ الصدق والمحبّة والود جوَّ البيت، وكي يعم الخير والبركة، ويضحى ذلك البيت ممراً لعبور الملائكة.
فالبيت الذي يملؤه الكذب، بيت ملعون، ورائحته كريهة تعجّ منها الملائكة في السموات العلى، فلا تعدوا أبناءكم بما لا تريدون تنفيذه، ولا يكذب بعضكم على بعض. واتخذوا من الحقيقة والإسلام منهجاً لكم، فمن الوضاعة أن يكون الإنسان الذي كرّمه الله الباري تعالى ذا وجهين.
إنّ الذي نراه اليوم في السوق، وفي البيت، وفي الشارع، وفي كل مكان ـ وللأسف ـ هو الكذب، وكلّما زاد الكذب في مدينة علت رائحةٌ نتنةٌ منها إلى عنان المساء فتضجّ الملائكة حينها، وتبدأ باللعن على الذي كان السبب في تلك الرائحة الكريهة.
على أيّة حال، علينا مثلما عليكم أن نلتزم جميعاً بقول الصدق، والإخلاص في الحديث، والأمانة في نقله علّنا نحظى بريح الجنَّة التي لا يشمّها إلاّ من كان صدوقاً.
------------
المصدر- الاخلاق البيتية
فعلى سبيل المثال: يسخر الرجل من زوجته حين تطبخ غذاءً لا يستهويه، أو لا يتلائم مع طبيعة شهيّته، أو تسخر المرأة من زوجها حينما تراه وقد اشترى حاجة من السوق لا تنسجم وطبيعة ذوقها "ويل لكل همزة لمزة".
أيتها السيدة! اعلمي بأن سخريتك تلك ستدخلك إلى إحدى زنزانات جهنم الحامية لتحترقي ولا تستطيعي فعل شيء، بل تُكرهين على القبول بتلك الحياة الأبدية. واعلمي بأن تلك النيران لن تحرق الجلد فقط بل تتعدّاه إلى العظم.
فالنار التي تصل إلى العظم على حد قول القرآن الكريم، حالها حال الغيبة التي تعتبر أكلاً للحم المؤمن الغائب، فلا تغتابوا أحداً، ولا تطعموا الميتة، ولا تجعلوا من بيوتكم مطاعم للجيف فتذهبوا ببركتها، كمثل البيوت التي تذهب بركتها جرّاء لعب ساكنيها مع الكلاب والقردة.
إن تلك البيوت خالية من البركة، وخالية من اللطف الإلهي، ولا ينظر الله إليها، ولا يمكن أن تعتبر إلا نجسةً وقذرة.
جاء في كتاب تحف العقول عن الإمام الهمام عليّ بن الحسين السجاد أنه قال: "كُفَّ عن الغيبة فإنَّها إدامُ كلاب النار".
إن الذي لا يكفّ عن الغيبة سيرى نفسه بعد مدّة معتاداً عليها، أي أنها ستضحى ملكة لو لم يمتنع عن الاستمرار، وهذه الملكة هي التي ستحدد هويته، هذا بالإضافة إلى أن الغيبة ستحوّل الإنسان المغتاب إلى كلب يوم القيامة، وسيرمى في جهنم ليكون غذاؤه تلك الغيبة التي تتجسد على شكل جيفة، ولحم ميتة، وللأسف أقول: أيّ البيوت تخلو من الغيبة؟ وأيّ البيوت تخلو من الاستهزاء والسخرية؟.
أيها السيد! لا تسخر من ابنك، وأنت أيتها السيدة! لا تستهزئي بابنتك ولا تحاولي تحقيرها، واسعي دائماً للحفاظ على حالة الاحترام في داخل بيتك، ولا تجرحي كبرياء زوجك، وإذا ما حدث ذلك فستبرز الغيبة بينكما، عندها تلتهب النار في بيتكم الذي طغت عليه الهوية الحيوانية بدل الهوية الإنسانية.
والأنكى من الغيبة والأسوأ هي التهمة، والفرق بينها وبين الغيبة هو: التهمة يعني الافتراء وإلصاق ما ليس فيه به، أما الغيبة فهي كشف العيب المستور، وتشترك التهمة والغيبة بأنهما تحدثان في غياب الشخص في بعض الأحيان، وتفترق التهمة عن الغيبة في أحيان أخرى كونها قد تحدث بحضور المتهم.
أما بالنسبة للتجريح فقد أسماه القرآن المجيد باللمزة.
إن الحديث الذي قد يتبجّح به العوام من الناس، وهو شائع بينهم قول أحدهم لصاحبه لا تغتب فلاناً، فيجيب أن ما أقوله موجود فيه! وهو جواب شيطاني، لأنّ كشف العيب المستور يسمى غيبة، ومن اغتاب الناس سيضحى كلباً في يومٍ من الأيام، أما إذا لم يكن فيه ذلك العيب فسيعتبر المتحدث من المفترين، فهل تعرف ماذا يقول الله على المفترين. إنه يقول:
[إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون] (النحل/ 105).
قال الإمام الصادق جعفر بن محمّد"ع":
"إذا أتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان من قلبه، كما ينماث الملح في الماء".
وكما يتعرض الإمام الصادق"ع" في مكان آخر ويصف هذا الذي يتهم أخاه، بالوقوف على تلٍ من قيح ودمٍ، فإن استغفر زال ذلك التل، وإن لم يستغفر بقي عليه لمدة 50 عاماً عن كلًّ اتهام، أو عن كل شائعة أشاعها في زمن الحياة الدنيا.
هل يمكن أن يقول أحدكم أنه لم يمارس بثّ الشائعات؟ إن المقدسين والمتدينين في زماننا هذا لا يتأتى لهم ادعاء ذلك، فوالله ينبغي لنا أن نبكي بدل الدموع دماً على مثل هذه المصائب والبلايا، فنحن السبب في وجودها.
قال تعالى في محكم كتابه بصدد الشائعات: (إذ تلقونه بألسنتكم، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم) (النور/ 15).
أي أن ما تقولونه تعوّدتم عليه، لذا تحسبونه هيّناً، ولكنه عند الله عظيم، وقال أيضاً جلّت أسماؤه:
(ولا تقف ما ليس لك به علم، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) (الإسراء/36). أي عليك بالابتعاد عن الشكوك والظنون، وإذا ما سمعت شيئاً فلا ترضاه إلا بدليل، وإذا أردت أن تقول شيئاً يجب أن يكون مسنداً، وإلاّ فإن سمعك وبصرك وفؤادك مسؤول يوم القيامة:
[اليوم نختم على أفواههم، وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجُلُهُمْ بما كانوا يكسبون] (يس/ 65).
وفي يوم القيامة يختم الباري تعالى على الأفواه يكمّها لتشهد عليه يداه، ورجلاه، وجلده، وقلبه، وتراهم يقولون له: إنك أنت الذي كنت تغتاب، وأنت الذي كنت تستمع إلى الغيبة، وتتهم هذا وتقبل التهمة من ذاك، وتشيع الكذب هنا وهناك.
لذا ينبغي للجميع أن يبتعدوا عن هكذا مسائل تؤدي بهم ـ لا سمح الله ـ إلى جهنم الحامية، وعليهم أن يفكروا بالخروج من هذه الأزمات الخطيرة.
فالزوج يجب أن يكون صادقاً مع زوجه، وكذا الزوجة يجب عليها أن تبتعد عن الكذب والدجل ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كي يعمّ الصدق والمحبّة والود جوَّ البيت، وكي يعم الخير والبركة، ويضحى ذلك البيت ممراً لعبور الملائكة.
فالبيت الذي يملؤه الكذب، بيت ملعون، ورائحته كريهة تعجّ منها الملائكة في السموات العلى، فلا تعدوا أبناءكم بما لا تريدون تنفيذه، ولا يكذب بعضكم على بعض. واتخذوا من الحقيقة والإسلام منهجاً لكم، فمن الوضاعة أن يكون الإنسان الذي كرّمه الله الباري تعالى ذا وجهين.
إنّ الذي نراه اليوم في السوق، وفي البيت، وفي الشارع، وفي كل مكان ـ وللأسف ـ هو الكذب، وكلّما زاد الكذب في مدينة علت رائحةٌ نتنةٌ منها إلى عنان المساء فتضجّ الملائكة حينها، وتبدأ باللعن على الذي كان السبب في تلك الرائحة الكريهة.
على أيّة حال، علينا مثلما عليكم أن نلتزم جميعاً بقول الصدق، والإخلاص في الحديث، والأمانة في نقله علّنا نحظى بريح الجنَّة التي لا يشمّها إلاّ من كان صدوقاً.
------------
المصدر- الاخلاق البيتية