شيعية موالية
12-05-2008, 01:32 PM
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/3/3b/Zainab55.jpg
وذهب جمهرة من المؤرخين إلى أنّ قبر الصدِّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين، ولابدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.
سبب هجرتها لمصر: وذكر المؤرخون أنّ العقيلة أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها، والانتفاض على السلطة الاُموية، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة، فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومن أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.
وعلى أي حال فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة، وكتب إلى يزيد بخطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى إي بلد شاءت، فامتنعت، وقالت:
(قتل - أي يزيد- خيرنا، وساقنا كما تساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج، وإن اُهرقت دماؤنا).
وانبرت إليها السيّدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة:
يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً، ارحلي إلى بلد آمن.
واجتمعن السيّدات من نساء بني هاشم، وتلطّفن معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين واُختها سكينة، وانتهت إلى مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة، وقد استقبلها والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، فأنزلها في داره بالحمراء فأقامت فيه أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (62هـ) ودفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر، هكذا ذكر العبيدلي وغيره
زيارة المرقد
ويؤمّ المصريون وغيرهم من المسلمين المرقد المعظّم خصوصاً في يوم الأحد المصادف لليوم الذي توفّيت فيه العقيلة، فإنهم يزدحمون على زيارته بما فيهم من العلماء والفقهاء، وقد زارها في هذا اليوم كافور الأخشيدي، وأحمد بن طولون، والظافر بنصر الله الفاطمي، وكان يأتي حاسر الرأس مترجّلاً ويتصدّق عند القبر الشريف على الفقراء، واقتدى به ملوك مصر واُمراؤها.
وإذا حلّ شهر رجب، وهو الشهر الذي توفّيت فيه العقيلة، زحفت الجماهير إلى المرقد المعظّم، ويقيم الكثيرون فيه إلى النصف من رجب، وهم يتلون كتاب الله، والأدعية الشريفة، وقد ذكر ذلك العبيدلي.
عمارة المرقد
واُجريت على المرقد المعظّم في مصر عدة عمارات وإصلاحات من قبل بعض المحسنين من ملوك ووزراء وغيرهم، وكان منهم ما يلي:
1 - أمير مصر، ونقيب الأشراف الزينبيّين، الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي، فقد أشاد عمارة مهمّة على المرقد الشريف.
2 - الأمير علي باشا الوزير، والي مصر من قبل السلطان سليمان خان، فقد شيّد المرقد وأضاف إليه مسجداً يتّصل به وذلك في سنة (956هـ).
3 - الأمير عبد الرحمن كتخدا، فقد عمّر المرقد، وأنشأ به ساقية وحوضاً وذلك في سنة (1174هـ).
4 - وفي سنة (1212هـ) ظهر صدع في بعض حوائط المسجد فندبت حكومة عثمان المرادي لتجديده وإنشائه فابتدأ العمل إلاّ أنّه توقّف لدخول الفرنسيّين لمصر، وأكمله بعد ذلك الوزير يوسف باشا، وذلك في سنة (1326هـ)، وأرخ ذلك بأبيات خطّت على لوح من الرخام وهي:
نــــور بــــنت النبي زينب يعلو مســــجداً فيــــه قبرها والمزار
قــــد بناه الوزير صدر المعالي يوســـــف وهــــو للعلى مختار
زاد جــلاله كما قـــلت: ومسجد مــــشـــــــرق بـــــه أنـــــــوار
وحالت دون إتمام عمارته بعض الموانع فأكمله محمّد علي باشا الكبير جدّ الاُسرة العلوية.
5 - سعيد باشا، أمر بتجديد الوجهة الغربية والبحرية من الضريح، وذلك في سنة (1276هـ) وبعد تمام العمارة كتب على لوح من الرخام التأريخ وهذا نصّه:
في ظلّ أيـــــام الـــسعيد محمّـد ربّ الــفخار مليك مصر الأفخم
من فائض الأوقاف أتحف زينباً عون الـورى بنت النبيّ الأكرم
من يأت ينوي للوضوء مؤرخاً ويسعد فـإنّ وضوءه من زمزم
وكتب على باب المقام هذا البيت:
يـــــا زائـريها قفوا بالباب وابتهلوا بنـــت الرسول لهذا القطر مصباح
وليست العقيلة مصباحاً وشرفاً لمصر، وإنّما هي فخر ونور لجميع أفاليم العالم الإسلامي.
6- الخديوي محمّد توفيق باشا، جدّد الباب المقابل لباب القبّة، جدّده بالمرمر المصري والتركي وذلك في سنة (1294هـ)، وفي سنة (1297هـ) أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة، وتمّ البناء في سنة (1302هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة هذه الأبيات:
بـــــاب الشفاعة عند قبة زينب يلقـــــاه غـــــاد لـلمقام ورائـح
من يـــمن توفيق العزيز مؤرخ نــــور على باب الشفاعة لأئح
كما كتبت هذه الأبيات:
قـــــف تـــوسّل بباب بنت عليّ بخــــضوع وســل إله السمــاء
تــــحظ بـــــالعزّ والقبول وارخ باب اُخــت الحسين باب العلاء
كما رسمت هذه الأبيات:
رفـــــعوا لـــزينب بنت طه قبـّة علــياء محكمة البناء مشيـــّدة
نـــور القبول يقول في تأريخها باب الرضا والعدل باب السيّدة
وفي هذا التأريخ نقشت القبة والمشهد بنقوش رائعة وبديعة، وكان ذلك بأمر محمّد توفيق، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن المرقد المعظم في مصر
ويتشرف ويسمو كل قطر اُقيم فيه لسيّدة النساء العقيلة زينب مرقد أو مقام، فهي بحكم موارثيها وصفاتها أفضل سيّدة خلقها الله بعد اُمّها زهراء الرسول، وبهذا تنطوي الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.
وذهب جمهرة من المؤرخين إلى أنّ قبر الصدِّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين، ولابدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.
سبب هجرتها لمصر: وذكر المؤرخون أنّ العقيلة أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها، والانتفاض على السلطة الاُموية، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة، فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومن أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.
وعلى أي حال فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة، وكتب إلى يزيد بخطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى إي بلد شاءت، فامتنعت، وقالت:
(قتل - أي يزيد- خيرنا، وساقنا كما تساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج، وإن اُهرقت دماؤنا).
وانبرت إليها السيّدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة:
يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً، ارحلي إلى بلد آمن.
واجتمعن السيّدات من نساء بني هاشم، وتلطّفن معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين واُختها سكينة، وانتهت إلى مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة، وقد استقبلها والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، فأنزلها في داره بالحمراء فأقامت فيه أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (62هـ) ودفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر، هكذا ذكر العبيدلي وغيره
زيارة المرقد
ويؤمّ المصريون وغيرهم من المسلمين المرقد المعظّم خصوصاً في يوم الأحد المصادف لليوم الذي توفّيت فيه العقيلة، فإنهم يزدحمون على زيارته بما فيهم من العلماء والفقهاء، وقد زارها في هذا اليوم كافور الأخشيدي، وأحمد بن طولون، والظافر بنصر الله الفاطمي، وكان يأتي حاسر الرأس مترجّلاً ويتصدّق عند القبر الشريف على الفقراء، واقتدى به ملوك مصر واُمراؤها.
وإذا حلّ شهر رجب، وهو الشهر الذي توفّيت فيه العقيلة، زحفت الجماهير إلى المرقد المعظّم، ويقيم الكثيرون فيه إلى النصف من رجب، وهم يتلون كتاب الله، والأدعية الشريفة، وقد ذكر ذلك العبيدلي.
عمارة المرقد
واُجريت على المرقد المعظّم في مصر عدة عمارات وإصلاحات من قبل بعض المحسنين من ملوك ووزراء وغيرهم، وكان منهم ما يلي:
1 - أمير مصر، ونقيب الأشراف الزينبيّين، الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي، فقد أشاد عمارة مهمّة على المرقد الشريف.
2 - الأمير علي باشا الوزير، والي مصر من قبل السلطان سليمان خان، فقد شيّد المرقد وأضاف إليه مسجداً يتّصل به وذلك في سنة (956هـ).
3 - الأمير عبد الرحمن كتخدا، فقد عمّر المرقد، وأنشأ به ساقية وحوضاً وذلك في سنة (1174هـ).
4 - وفي سنة (1212هـ) ظهر صدع في بعض حوائط المسجد فندبت حكومة عثمان المرادي لتجديده وإنشائه فابتدأ العمل إلاّ أنّه توقّف لدخول الفرنسيّين لمصر، وأكمله بعد ذلك الوزير يوسف باشا، وذلك في سنة (1326هـ)، وأرخ ذلك بأبيات خطّت على لوح من الرخام وهي:
نــــور بــــنت النبي زينب يعلو مســــجداً فيــــه قبرها والمزار
قــــد بناه الوزير صدر المعالي يوســـــف وهــــو للعلى مختار
زاد جــلاله كما قـــلت: ومسجد مــــشـــــــرق بـــــه أنـــــــوار
وحالت دون إتمام عمارته بعض الموانع فأكمله محمّد علي باشا الكبير جدّ الاُسرة العلوية.
5 - سعيد باشا، أمر بتجديد الوجهة الغربية والبحرية من الضريح، وذلك في سنة (1276هـ) وبعد تمام العمارة كتب على لوح من الرخام التأريخ وهذا نصّه:
في ظلّ أيـــــام الـــسعيد محمّـد ربّ الــفخار مليك مصر الأفخم
من فائض الأوقاف أتحف زينباً عون الـورى بنت النبيّ الأكرم
من يأت ينوي للوضوء مؤرخاً ويسعد فـإنّ وضوءه من زمزم
وكتب على باب المقام هذا البيت:
يـــــا زائـريها قفوا بالباب وابتهلوا بنـــت الرسول لهذا القطر مصباح
وليست العقيلة مصباحاً وشرفاً لمصر، وإنّما هي فخر ونور لجميع أفاليم العالم الإسلامي.
6- الخديوي محمّد توفيق باشا، جدّد الباب المقابل لباب القبّة، جدّده بالمرمر المصري والتركي وذلك في سنة (1294هـ)، وفي سنة (1297هـ) أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة، وتمّ البناء في سنة (1302هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة هذه الأبيات:
بـــــاب الشفاعة عند قبة زينب يلقـــــاه غـــــاد لـلمقام ورائـح
من يـــمن توفيق العزيز مؤرخ نــــور على باب الشفاعة لأئح
كما كتبت هذه الأبيات:
قـــــف تـــوسّل بباب بنت عليّ بخــــضوع وســل إله السمــاء
تــــحظ بـــــالعزّ والقبول وارخ باب اُخــت الحسين باب العلاء
كما رسمت هذه الأبيات:
رفـــــعوا لـــزينب بنت طه قبـّة علــياء محكمة البناء مشيـــّدة
نـــور القبول يقول في تأريخها باب الرضا والعدل باب السيّدة
وفي هذا التأريخ نقشت القبة والمشهد بنقوش رائعة وبديعة، وكان ذلك بأمر محمّد توفيق، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن المرقد المعظم في مصر
ويتشرف ويسمو كل قطر اُقيم فيه لسيّدة النساء العقيلة زينب مرقد أو مقام، فهي بحكم موارثيها وصفاتها أفضل سيّدة خلقها الله بعد اُمّها زهراء الرسول، وبهذا تنطوي الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.