مشاهدة النسخة كاملة : السيرة المطهره لفاطمة الزهراء عليها السلام
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:24 PM
http://o9o9.net/up/get-5-2008-gd2gqaqq.gif (http://o9o9.net/up)
http://www7.0zz0.com/2008/05/18/18/639239923.jpg (http://www.0zz0.com/)
ولادتــــــــها
ان ولادة فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانت في العشرين من شهر جمادي الآخرة, وكان يوم جمعة من السنة الثانية من البعثة.
وكان مبدأ حمل خديجة بها انّ النبي صلى الله عليه وآله يوما كان جالسا بابطح ومعه عمار بن ياسر والمنذر بن الضحضاح, وأبوبكر, وعمر, وعلي بن أبي طالب عليه السلام، والعباس بن عبد المطلب, وحمزة بن عبد المطلب إذ هبط عليه جبرائيل فناداه: يا محمد, العلي الاعلى يقرأ عليك السلام, وهو يأمرك أن تعتزل خديجة أربعين صباحا, فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وآله وكان محبا لها, وبها وامقا, فأقام النبي صلى الله عليه وآله أربعين يوما يصوم النهار ويقوم الليل, حتى إذا كان في آخر أيامه تلك بعث بعمار بن ياسر وقال: قل لها يا خديجة لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة ولا قلى, ولكن ربي عزّ وجلّ أمرني بذلك لينفذ أمره, فلا تظني يا خديجة إلا خيرا, فإن الله عزّ وجلّ ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم مرارا, فإذا جنّك الليل فأجيفي الباب, وخذي مضجعك من فراشك, فإني في منزل فاطمة بنت أسد رضي الله عنها.
فلما كان في كمال الأربعين هبط جبريل عليه السلام فقال: يا محمد, العلي الاعلى يقرئك السلام, وهو يأمرك ان تتأهب لتحيته وتحفته, قال النبي صلى الله عليه واله: يا جبرئيل, وما تحفة رب العالمين وما تحيته؟ قال جبرائيل: لا علم لي.
فبينا النبي صلى الله عليه وآله كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطى بمنديل من سندس أو استبرق, فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله, وأقبل جبرائيل عليه السلام وقال: يا محمد, يأمرك ربك ان تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام.
قال علي بن أبي طالب عليه السلام: كان النبي إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد الى الإفطار, فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي صلى الله عليه وآله على باب المنزل وقال: يابن أبي طالب, إنه طعام محرّم إلاّ عليّ؛ قال علي عليه السلام فجلست على الباب, وخلا النبي صلى الله عليه وآله بالطعام, وكشف الطبق فإذا عذق من رطب وعنقود من عنب وإبريق ماء, فأكل النبي صلى الله عليه وآله منه شبعا, وشرب من الماء ريّاً, ومدّ يده للغسل, فأفاض الماء عليه جبرائيل, وغسل يده ميكائيل, وتمندله إسرافيل عليهم السلام, فارتفع فاضل الطعام مع الإناء الى السماء.
ثم قام النبي صلى الله عليه وآله ليصلّي, فأقبل عليه جبرائيل عليه السلام فقال: الصلاة محرّمة عليك في وقتك, حتى تأتي الى منزل خديجة فتواقعها, فإن الله عزّ وجلّ آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذريّة طيّبة.
فوثب النبي صلى الله عليه وآله الى منزل خديجة.
قالت خديجة رضوان الله عليها: وكنت قد ألفت الوحدة, فكان إذا جنّني الليل غطّيت رأسي, وأسجفت ستري, وغلقت بابي, وصليت وردي, وأطفأت مصباحي, وأويت الى فراشي؛ فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة, إذ جاء النبي صلى الله عليه وآله فقرع الباب: فناديت: من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمّد؟ قالت خديجة: فنادى النبي صلى الله عليه وآله بعذوبة صوته وحلاوة منطقه: افتحي يا خديجة فإني محمد, قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبيّ صلى الله عليه وآله وفتحت الباب, ودخل النبيّ صلى الله عليه وآله المنزل.
كانت خديجة لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله هجرتها نسوان مكة فلم يدخلن عليها, ولا يسلمن عليها, ولا يتركن امرأة تدخل عليها, فاستوحشت خديجة عليها السلام لذلك, وكان جزعها وغمها حذرا عليه، فلما حملت بفاطمة كانت فاطمة تحدثها من بطنها وتصبرها, وكانت تكتم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله, فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة سلام الله عليها, فقال لها: لمن تحدثين؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني, قال: يا خديجة, هذا جبرائيل يخبرني أنّها أنثى, وأنها النسلة الطاهرة الميمونة, وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منه, وسيجعل من نسلها الأئمّة, ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه.
فلم تزل خديجة على ذلك الى أن حضرت ولادتها, فوجهت الى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء من النساء, فأرسلن اليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا, وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب, فقيرا لا مال له؛ فلسنا نجيء ولا نلي من أمرك شيئاً.
فاغتمت خديجة لذلك, فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال, كأنهنّ من نساء بني هاشم, ففزعت منهن لما رأتهن, فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فإنا رسل ربك إليك, ونحن أخواتك, أنا سارة, وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران, وهذه كلثم أخت موسى بن عمران, بعثنا الله إليك لنلي منك ما يلي النساء, فجلست واحدة عن يمينها, وأخرى عن يسارها, والثالثة بين يديها, والرابعة من خلفها؛ فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة, فلما سقطت الى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوت مكة, ولم يبق في شرق الأرض وغربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور.
ودخل عشر من الحور العين, كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة, وفي الإبريق ماء من الكوثر.
"ثم تناولت المرأة التي بين يدي خديجة فاطمة سلام الله عليها, وغسلتها بماء الكوثر" وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن, وأطيب ريحا من المسك والعنبر, فلفتها بواحدة, وقنعتها بالثانية, ثم استنطقتها فنطقت فاطمة سلام الله عليها بالشهادتين وقالت:
"أشهد ان لا إله إلاّ الله, وأنّ أبي رسول الله, سيّد الأنبياء, وأنّ بعْلي سيّد الأوصياء, ووِلْدي سادة الأسباط".
ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها, وأقبلن يضحكن إليها, وتباشرت الحور العين, وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة سلام الله عليها، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.
وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهّرة زكيّة ميمونة, بورك فيها وفي نسلها.
فتناولتها فرحة مستبشرة, وألقمته ثديها فدرّ عليها فكانت فاطمة سلام الله عليها تنمو في اليوم كما ينمو الصبيّ في الشهر, وتنمو في الشهر كما ينمو الصبيّ في السنة.
"وصل على البتول الطاهرة... فاطمة بنت رسولك وبضعة لحمه, وصميم قلبه, وفلذة كبده, والتحية منك له".
http://o9o9.net/up/get-5-2008-jj40h7ew.gif (http://o9o9.net/up)
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:27 PM
نشأتها
لما رأت قريش أن اصحاب الرسول صلى الله عليه وآله قاوموهم وتحملوا أذاهم, وأن الاسلام أخذ يفشو وينتشر في القبائل, وعجزوا عن صده, ائتمروا بينهم على قتل الرسول صلى الله عليه وآله.
فلما احس ابوطالب بذلك انحاز الى شعبه, واجتمع إليه بنو هاشم وبنو المطلب ليحموا الرسول صلى الله عليه وآله، وكان الحمزة عم النبي صلى الله عليه وآله يسلّ سيفه ويحرسه حتى الصباح.
فحاصرتهم قريش حصارا اقتصاديا شديدا, وكتبوا بينهم كتابا يتعاقدون فيه على أن لا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئا, فأقاموا على ذلك سنتين أوثلاثا حتى جهدوا, لا يصل إلى احدهم شئ إلا سرا. والجوع يشتد بهم, ويتعالي صراخ الاطفال الجياع أحيانا.
في جو خطير موحش من هذا القبيل قضت الزهراء عليها السلام شطرا من ايام الرضاعة في شعب ابي طالب, ثم فطمت من اللبن هناك, ودرجت تمشي على رمضاء الشِعب, وتعلمت النطق وهي تسمع أنين الجياع وصراخ الاطفال المحرومين, وبدأت تأكل في زمن الحرمان والفاقة, وإذا ما استيقظت في هدأة الليل وجدت الحرس يدورون ـ بحذر وترقب ـ حول أبيها, يخافون عليه من غدر الاعداء, والسيوف المسلولة تومض أمام عينيها في حلكة الليل.
ثلاث سنين تقريبا والزهراء عليها السلام في هذا السجن لا يربطها بالعالم الخارجي أي شئ, وحينما أدركت سن الخامسة عادت الى البيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وبني هاشم, بعد أن تركوا الشِعب ونجوا من المخمصة, وكانت الحياة الجديدة بما فيها من النعم والرزق وراحة البيت عالما جديدا على الزهراء عليها السلام يبعث على الفرحة والسرور.
وفاة الأم
ومما يذيب القلب حسرة ان خديجة عليها السلام توفيت قبل مضي عام واحد على خروج النبي صلى الله عليه وآله وصحبه من شعب أبي طالب, والزهراء بعد لم تذق طعم الحياة وتتنفس الصعداء وتتلمس الراحة, حين فجعت بوفاة أمها الرؤوم, فأخذ هذا الحادث المفاجئ منها مأخذا عظيما, وصدع روحها الشفيفة ومشاعرها الحساسة وصدمها صدمة ذوت لها زهور الامل, وانهمرت دموعها الساخنة على فقد أمها الحبيبة, وهي تبحث عنها في كل مكان.
وجعلت تلوذ برسول الله صلى الله عليه وآله وتدور حوله وتقول: أبه أين أمي؟
فنزل جبرئيل فقال له: ربّك يأمرك ان تقرأ فاطمة السلام وتقول لها: إن أمّك في بيت من قصب لا تعب فيه ولا نصب.
لقد عاشت الزهراء عليها السلام الوقائع والحوادث المرّة في طفولتها؛ وتركت آثارا على روحها الشفيفة, ومن تلك الآثار هي:
1ـ إن من يعيش مثل هذه الظروف القاسية والايام الصعبة, وتتخدش عواطفه منذ الطفولة بصدمات كثيرة, ينشأ حزينا كئيبا دائم الهم. وقد ذكروا في أحوال فاطمة عليها السلام أنها كانت حزينة مغمومة دائما.
2ـ إن الزهراء عليها السلام التي كبرت في مثل هذا الجو المتشنج, وقضت ايام الرضاعة والطفولة المبكرة في السجن, وفتحت عينيها على الحياة من خلال جدران المعتقل, ورأت بعيني الطفولة البريئة كيف يعذب أبواها واصحابه وهم يضحون ويؤثرن بكلّ شيء, ويقاومون الضغوط والصعوبات, من أجل الاهداف المقدّسة.
إن مثل هذه تنشأ قوية صلبة لا تهزها الهزاهز, ولا تفر من الميدان لأول مشكلة, وإنما تقاوم بصلابة, وتتحمل السجن والتعذيب من أجل الوصول الى الاهداف النبيلة.
3ـ إن فاطمة عليها السلام التي عاشت الفداء والتضحية والعزوف عن الدنيا, وتحمل الحرمان والمشاق, من أجل ترويج دين الله, ونشر كلمة التوحيد, ورفع راية العدالة, والرضى بكل شئ من أجل نجاة البشرية وهداية الإنسانية, بأبويها وصحبهم, كانت تتوقع من الخلف الذين خلفوا أباها السير على هداه, والجهاد في سبيل تحقيق أهدافه المقدسة, والإستقامة على صراطه المستقيم.
بعد رحيل الأم
توفي أبوطالب وخديجة في السنة العاشرة من المبعث الشريف, فحزن النبي صلى الله عليه وآله لذلك حزنا شديدا, وسمي ذلك العام بـ(عام الحزن), لأنه فقد ناصريه وحامييه في مكة, شريكة حياته ووزيرته وأم أولاده(خديجة) وسنده ومانعه(أبوطالب).
فتغيرت حياته صلى الله عليه وآله في داخل البيت وخارجه, واشتدت عليه قريش ووصلوا من أذاه بعد وفاة أبي طالب إلى ما لم يكونوا يصلون إليه في حياته, حتى نثر بعضهم التراب على رأسه, وحتى أنّ بعضهم طرح عليه رحم الشاة وهو يصلي.
فيعود إلى البيت محزونا مكروبا, فيرى وجه ابنته الشاحب الذابل, وعينيها الدامعتين على فراق أمها, وما تراه يجري على أبيها من الأذى خارج البيت, ففي مرة رأت قريشا اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا: لو رأينا محمدا لقمنا إليه مقام رجل واحد ولنقتلنه. فدخلت عليها السلام على النبي صلى الله عليه وآله باكية وحكت مقالهم.
وفي ذات يوم نثر أحد المشركين التراب على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بيته والتراب على رأسه ـ قامت إليه إحدى بناته فاطمة عليها السلام تغسل عنه التراب وهي تبكي, ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا بنية, فإن الله مانع اباك.
وعن ابن عباس, ان النبي دخل الكعبة وافتتح الصلاة, فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري وتناول فرثا ودما وألقى ذلك عليه. فجاءت فاطمة عليها السلام فأماطته, ثم اوسعتهم شتما وهم يضحكون, فلما سلّم النبي صلى الله عليه وآله دعا عليهم.
نعم, كانت فاطمة عليها السلام تعيش هذه الحوادث المؤلمة منذ صغرها وتهب لنصرة ابيها وتخدمه حتى سماها بأم أبيها. فلما توفيت خديجة عليها السلام وقعت مسؤولية البيت على عاتقها. ولم يوضح لنا التأريخ تلك الفترة المشجية العسيرة التي مرّت على بيت النبي صلى الله عليه وآله وليس فيه سوى الزهراء عليها السلام, ولكن عين البصيرة تنفذ لترى أحوال ساكنيه التي تبعث على الرقة والأسى.
وانقضت هذه الفترة ثم تزوّج الرسول صلى الله عليه وآله بسودة واختار نساء آخريات أيضا كن يظهرن الحب لفاطمة عليها السلام بشكل أو بآخر, ولكن من الصعب على اليتيم أن يفقد أمه ويرى غيرها في محلها, وزوجة الاب مهما رؤمت وكانت حنونا لا تغني عن صفاء الحب والحنان الأموي. والأم لوحدها تستطيع أن تبعث بحنانها الطمأنينة والقوة في قلب صغيرها.
وكلما ازداد شعور الزهراء عليها السلام بالحرمان من الأم ازداد حب النبي لها وأشعرها بذلك الحب, لأنّه صلى الله عليه وآله يعرف ما تعانيه فاطمة عليها السلام من فقد أمها ويحيره, لهذا ولغيره كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا ينام حتى يقبل عرض وجنة فاطمة عليها السلام .
وكانت فاطمة عليها السلام في نشأتها مضرب المثل في الكمال والجلال، فهي عليها السلام تمثل اشرف ما في المرأة من انسانية، وصيانة، وكرامة، وقداسة، ورعاية، وعناية، الى ما كانت عليه من ذكاء وقاد، وفطنة حادة، وعلم واسع. وكفاها فخراً انها تربت في مدرسة النبوة، وتخرجت في معهد الرسالة، وتلقت عن ابيها الرسول الامين صلى الله عليه وآله وسلم ما تلقاه عن رب العالمين، ومما لاشك فيه انها تعلمت في دار ابويها مالم تتعلمه طفله غيرها في مكه.
وعن جعفر الصادق عليه السلام، قال : لما جاءت فاطمه تشكو الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعض امرها اعطاها كربه (وهي اصل السعفة العريض الغليظ) كانوا يكتبون عليها، فقال تعلمي ما فيها، فاذا فيها: "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر، فليقل خيراً او ليسكت".
ولكنها قد تعلمت كذلك كل ما يتعلمه غيرها من البنات في حاضرة الجزيرة العربية، فلا عجب ان نسمع عنها بعد ذلك انها كانت تضمد جراح ابيها في غزوة احد، وانها كانت تقوم وحدها بصنيع بيتها، ولا يعينها احد من النساء في اكثر أيامها.
هجرة الزهراء إلى المدينة
هاجر النبي صلى الله عليه وآله في السنة 13 من مكة إلى المدينة ـ حفاظا على نفسه وإبقاءاً على دعوته ـ وأمر عليا عليه السلام أن يتخلف بعده في مكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس, فلما وصل صلى الله عليه وآله المدينة كتب إليه ـ بيد أبي واقد الليثي ـ يأمره بالمسير إليه.
فتهيأ على عليه السلام للهجرة, وخرج بالفواطم إلى ذي طوي ـ والفواطم هن: سيدة النساء فاطمة, وفاطمة بنت أسد أم علي عليه السلام وفاطمة بنت حمزة, ونساء آخريات.
وأبو واقد يسوق الرواحل فأعنف بهن فقال علي عليه السلام: أرفق بالنسوة ـ أبا واقد ـ إنهن من الضعايف.
فقال: إني أخاف أن يدركنا الطلب.
فقال عليه السلام : أربع عليك, إن النبي قال لي: يا علي إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه.
ثم جعل علي يسوق بهن سوقاً رفيقاً, فلما شارف(ضجنان) أدركه الطلب بثمانية فوارس, فأنزل النسوة واستقبلهم منتضيا سيفه, وكان يشتد على القوم شد الاسد على فريسته, فانتشروا عنه, فسار ظاهرا قاهرا لوجهه, حتى قدم المدينة.
شيعية موالية
18-05-2008, 11:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلً على محمد وآلِ محمد وعجل فرجهم يا كريم
اللهم صلً على الزهراء وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما احاط به علمك واحصاه كتابك
السلام على مكسورة الاضلاع مولاتنا المظلومة فاطمة الزهراء عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها افضل التحيه والسلام
عظم الله اجورنا واجوركم وتقبل الله اعمالنا واعمالكم
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:27 PM
زواجها
ومرت الايام وبلغت السيدة الزهراء من العمر تسع سنوات, وكانت تتمتع بالنمو الجسمي و النضج الفكري والرشد العقلي والذهن الوقاد و فضائلها الموروثة والمكتسبة وثقافتها الدينية والأدبية لا تحتاج إلى توضيح لأنها خريجة مدرسة النبوة وكلية الوحي والرسالة...
وقد خطبها كبار الصحابة والنبي صلى الله عليه وآله يعتذر دائما بقوله: أمرها إلى ربها, إن شاء يزوّجها زوجّها...
وروي شعيب بن سعد المصري في(الروض الفائق):«فلما استنارت في سماء الرسالة شمس جمالها, وتم في أفق الجلالة بدر كمالها, امتدت إليها مطالع الأفكار وتمنت النظر الى حسنها أبصار الأخبار, وخطبها سادات المهاجرين والأنصار, ردهم(المخصوص من الله بالرضا) وقال: إني أنتظر بها القضاء».
وخطبها أبوبكر وعمر فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنها صغيرة وخطبها عبد الرحمن بن عوف, فلم يجبه النبي بل أعرض عنه.
أما علي بن ابي طالب فقد نزل في بيت سعد بن معاذ, و صادف أن يعمل في بعض بساتين المدينة, وجاء اليه سعد بن معاذ وقال: ما يمنعك أن تخطب فاطمة من ابن عمك؟
و في (منتخب العمال): إنطلق عمر إلى علي عليه السلام فقال: ما يمنعك من فاطمة فقال: أخشي أن لا يزوِّجني! قال: فإن لم يزوجك فمن يزوج؟ وأنت أقرب خلق الله إليه...الخ.
وطلب علي فاطمة من أبيها, رسول الله صلى الله عليه و آله وهو الذي له الولاية العامة على جميع المسلمين والمسلمات دون استثناء, حتى على عليّ وفاطمة, لكن الرسول لم يعلن موافقته لعليّ قبل الاستئذان من السيدة الزهراء, حفظا لكرامتها, ولتكن سنّة لعامة المسلمين...
ودخل النبي على ابنته واكتفى بقوله:« يا فاطمة إن علي بن أبي طالب من قد عرفت قرابته وفضله و إسلامه, وإني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه, و أحبهم اليه, وقد ذكر عن أمرك شيئا, فما ترين؟».
فسكتت, ولم تولّ وجهها, ولم ير فيها رسول الله صلى الله عليه وآله كراهة, فقام وهو يقول: الله اكبر! سكوتها إقرارها.
ثم عاد الرسول إلى علي, فأخبره بالموافقة وسأله: هل معك شئ أزوجك به؟ أجاب علي: فداك أبي وأمي! والله لا يخفى عليك من أمري شئ, أملك سيفي و درعي وناضحي(البعير الذي يحمل عليه الماء). و أشار رسول الله صلى الله عليه وآله على عليّ أن يبيع الدرع وكان ثمنه صداقا لإبنته سيد الأنبياء والمرسلين...
وكان الله (عزّ وجل) قد زوج فاطمة الزهراء من علي بن أبي طالب عليه السلام في السماء قبل أن يزوجها رسوله على الأرض كرامة لها ولأبيها, وبعلها وبنيها الذين سيولدون منها, وهم حجج الله على الخلق أجمعين.
فباع علي عليه السلام درعه. يقول أبوبكر: وكانت الدراهم التي أعطانيها ثلاثة وستين درهما؛ فحضروا السوق فكانوا يعترضون الشيء مما يصلح, فكان مما اشتروه:
فراشان من خيش مصر, حشو أحدهما ليف, وحشو الآخر من جز الغنم
نطع من أدم
وسادة من أدم حشوها من ليف النخل
عباءة خيبرية
قربة للماء
كيزان وجرار وعاء للماء
مطهرة للماء مزفّتة
ستر صوف رقيق
قميص بسبعة دراهم
خمار بأربعة دراهم
قطيفة سوداء
سرير مزمل بشريط
أربعة مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر
حصير هجري
رحى لليد
مخضب من نحاس
قعب للبن
شنٌّ للماء
وعُرض المتاع على رسول الله وكان في حجرة أم سلمة جعل يقلبه بيده ويقول: بارك الله لأهل البيت. وفي رواية رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم بارك لقوم جُلُّ آنيتهم الخزف...
هذا جميع الأثاث والمتاع الذي اشتروه لسيدة نساء العالمين. و ثلثاً لشراء الطيب والعطر للزفاف, وثلثا تركه أمانة عند أم سلمة ثم رده إلى عليٍ قبيل الزفاف إعانةً ومساعدة منه إليه لطعام وليمة الزفاف.
حفل الزواج
يقول أنس بن مالك إن الرسول صلى الله عليه وآله قال له: إنطلق وادع لي أبابكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وغيرهم من الأنصار. وانطلق أنس بن مالك فدعاهم فلما أخذوا مجالسهم قال لهم الرسول صلى الله عليه وآله: «الحمد لله المحمود بنعمته المحمود بقدرته، المطاع لسلطانه المهروب اليه من عذابه, النافذ أمره في أرضه وسمائه الذي خلق الخلق بقدرته و نوّرهم بأحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وآله إن الله عزّ وجلّ جعل المصاهرة نسبا لاحقا وأمرا مفترضا وحكما عادلا وخيرا جامعا أو شج بها الأرحام و ألزمها الأنام. فقال الله عزّ وجلّ: «وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا» وأمر الله يجري إلى قضائه, وقضاؤه يجري إلى قدره ولكل اجل كتاب, يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب, ثم ان الله تعالي أمرني أن أزوج فاطمة من علي وأشهدكم أني زوجت فاطمة من عليٍّ على أربعمائة مثقال فضة إن ترض بذلك علي السنة القائمة والفريضة الواجبة فجمع شملها وبارك لها واطاب نسلها و جعل نسلهما مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة و أمن الأمة. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي و لكم». و يقول أنس بن مالك إن علياً خر ساجداً لله سبحانه وتعالى شكراً له فلما رفع عليٌّ رأسه من سجدته قال له الرسول صلى الله عليه وآله: ـ بارك الله لكما وعليكما وأسعد جدكما وأخرج منكما الكثير الطيِّب. و في ليلة الزفاف أرسل المهاجرون والأنصار بالكثير من الهدايا إلى الرسول صلى الله عليه وآله كالبُرِّ والسَّمنِ والبقر والأغنام. فأمر الرسول صلى الله عليه وآله بطحن الحبوب وذبح الأغنام والمواشي.. ودعا الناس إلى الطعام فكان عدد من أكل في ليلة زفاف الزهراء أربعة آلاف, واقتصر طعام الوليمة على الثريد المكون من الخبز واللحوم.. وركبت الزهراء بغلة الرسول(الشهباء) وأمسك بمقودها رجل يدعى سلمان وسار من خلفها أبوها صلى الله عليه وآله ومعه حمزة وجعفر وعقيل وبنو طالب شاهرين سيوفهم. ولما وصل الموكب إلى دار العروسين أمسك الرسول صلى الله عليه وآله يد فاطمة بيده اليسرى وأمسك يد عليٍّ بيده اليمنى ثم قال لهما ووَجهُه الكريم يفيض بالبشر والسرور. ـ اذهبا إلى بيتكما.. جمع الله بينكما.. وأصلح بالكما. أستودعكما الله.. وهكذا كانت حفلة زواج خير خلق الله وأحبهم اليه وسيدة نساء العالمين.
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:29 PM
الأسرة الفاطمية
وتنتقل فاطمة عليها السلام الى بيت زوجها المتواضع علي بن ابي طالب عليه السلام سعيدة راضية وتعيش في كنف زوجها قريرة العين سعيدة النفس لا تفارقها البساطة, فهي زوجة علي عليه السلام بطل الاسلام ورجل البطولة والفداء وحامل لواء النصر والجهاد وعليها ان تكون بمستوى هذه المهمة الخطيرة وان تكون لعلي كما كانت امها لرسول الله تشاركه في جهاده وتصبر على قساوة الحياة ومرحلة الدعوة الصعبة التي يتصدر علي طلائعها ببطولة وبسالة.
روي عن الامام عليه السلام في حديث تزويجه بفاطمة قال: ثم صاح بي رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي عليه السلام. فقلت: لبيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله, فقال : ادخل بيتك و ألطف بزوجتك وارفق بها فان فاطمة عليها السلام بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها ويسرني ما يسرها. قال علي عليه السلام: فوالله ما اغضبتها ولا اكرهتها على امر حتى قبضها الله عزوجل, ولا اغضبتني ولا عصت لي امرا, ولقد كنت عندما انظر اليها تنكشف عني الهموم والاحزان.
لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله ليترك هذا الغرس النبوي دون ان يرعاه ويحتضنه, فمد رسول الله صلى الله عليه وآله رعايته وحاط فاطمة عليها السلام وعلياً بتوجيهه وعنايته حتى انه اذا اراد الخروج في سفر أو غزوة كانت فاطمة عليها السلام آخر انسان يودعه واذا عاد من سفرة من غزوة كان أول انسان يلتقي به هو فاطمة عليها السلام.
فعن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله اذا سافر آخر عهده اتيان فاطمة عليها السلام واول من يدخل عليه اذا قدم فاطمة عليها السلام.
وتعيش فاطمة عليها السلام في بيتها كربّة بيت, تعتني بشؤون منزلها وتدير حاجاتها بالاعتماد على جهودها.. فلم يكن لديها خدم ولا عبيد فكل حياتها كدح وجهاد.. كانت تطحن الشعير وتدير الرحى بيدها وتصنع اقراص الخبز بنفسها وتكنس البيت وتدبر مستلزمات الاسرة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي يريان ذلك من فاطمة عليها السلام فيشاركانها العناء ويهونان عليها مصاعب الحياة.. بل وكان علي عليه السلام وربما النبي صلى الله عليه وآله يساعدان في أعمال المنزل وتدبير شؤون البيت.
فقد صوّر لنا التاريخ ودوّن كتاب السير والاثر, صورة الحياة العائلية الفريدة التي كانت تعيشها فاطمة عليها السلام مع زوجها وابنائها -اهل بيت النبوة- عليهم السلام تحت ظلال ابيها رسول الله صلى الله عليه وآله, فقد روي انه دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على فاطمة عليها السلام وهي تبكي وتطحن بالرحى وعليها كساء من أجلة الابل, فلما رآها بكى, وقال : يافاطمة تجرعي مرارة الدنيا اليوم لنعيم الاخرة غدا, فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله صلى الله عليه وآله، الحمد لله على نعمائه والشكر لله على الآئه.
ودخل النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة عليها السلام وهي تطحن مع علي عليه السلام, فقال النبي صلى الله عليه وآله لأيكما اعقب, فقال علي عليه السلام لفاطمة فانها قد اعيت, فقامت فاطمة عليها السلام, فطحن النبي صلى الله عليه وآله مع علي لفاطمة.
وروي عن الامام جعفر الصادق عليه السلام انه: تقاضى علي عليه السلام وفاطمة الى رسول الله صلى الله عليه وآله في الخدمة، فقضى على فاطمة عليها السلام بخدمتها ما دون الباب, وقضىعلى علي عليه السلام بما خلفه, فقالت فاطمة عليها السلام: فلا يعلم ما دخلني من السرور إلا الله باكفائي رسول الله صلى الله عليه وآله تحمّل ارقاب الرجال.
وقد روي : "بينما النبي صلى الله عليه وآله والناس في المسجد ينتظرون بلال ان يأتي فيؤذن اذ أتى بلال فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما حبسك يا بلال؟ فقال: اني اجتزت بفاطمة وهي تطحن واضعة الحسن عليه السلام عندها وهو يبكي فقلت لها: ايهما احب اليك, ان شئت كفيتك ابنك وان شئت كفيتك الرحى, فقالت: انا ارفق بابني , فأخذت الرحى فطحنت, فذاك الذي حبسني, فقال النبي صلى الله عليه وآله :رحمتها رحمك الله.
هذه الصورة العائلية واللقطة الفذة من حياة المجتمع الاسلامي والحياة النبوية الكريمة توضح لنا صور الحياة التعاونية وعلاقة الرجل بالمرأة, وعظمة التواضع عند قادة الاسلام وعظماء البشرية فمحمد صلى الله عليه وآله يساعد فاطمة عليها السلام ويعينها على طحن طعامها, وعلي يشاطرها العمل في المنزل.. وبلال يعرض خدماته على فاطمة عليها السلام فيعينها فينجز بعض اعمالها.. انها الصورة المثالية لحياة مجتمع صنعه الاسلام بمبادئه واخلاقه, وانها الصيغة التشريعية لحياة العائلة المثالية في الاسلام ولمكانة المرأة وعلاقتها بالزوج والاسرة في هذه الرسالة الالهية الخالدة.
روت أسماء بنت عميس عن فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله: ان رسول الله صلى الله عليه وآله اتاها يوما, فقال: اين ابناي؟ يعني حسنا وحسينا, قالت: اصبحا وليس في بيتنا شئ نذوقه.
فقال علي عليه السلام :اذهب بهما فاني اتخوف ان يبكيا عليك وليس عندك شئ.
فذهب بهما الى فلان.. فتوجه اليه رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدهما يلعبان في مسربة بيد ايدهما فضل من تمر.
فقال: يا علي عليه السلام الا تقلب ابني قبل ان يشتد الحر عليهما؟ فقال علي عليه السلام اصبحنا وليس في بيتنا شئ, فلو جلست يا رسول الله حتى اجمع لفاطمة تمرات.
فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي ينزع لليهودي كل دلو بتمرة -اجرا عليه- حتى اجتمع له شئ من تمر فجعله في حجزته ثم اقبل, فحمل رسول الله صلى الله عليه وآله احدهما وحمل علي عليه السلام الآخر.
هذه صورة من حياة الكدح والصبر على شظف العيش ومعاناة اهل البيت عليهم السلام -علي وفاطمة والحسن والحسين- وهذا رسول الله يشاطرهم تلك الحياة الصعبة, يشاطرهم بروحه واحاسيسه وبجهده واهتمامه..
روي عن علي عليه السلام انه قال: ان فاطمة عليها السلام شكت ماتلقاه من اثر الرحى, فأتى النبي صلى الله عليه وآله سبي. فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله اخبرته عائشة بمجئ فاطمة عليها السلام. فجاء النبي صلى الله عليه وآله الينا وقد اخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم, فقال : على مكانكما, فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري, فقال. ألا اعلمكما خيرا مما سألتماني اذا اخذتما مضاجعكما, فكبرا اربعا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين, فهو خير لكم من خادم يخدمكما.
هذا الدرس هو تواضع القيادة في المجتمع الاسلامي وتعودها على ان تعيش بمستوى الطبقات الفقيرة الكادحة في مجتمع المسلمين. ففاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وغيرها من عامة المسلمين سواء, لا فارق بينها وبين غيرها, إلا فارق التقوى وميزة الاخلاص لله, لذا حرص رسول الله صلى الله عليه وآله ان يعلمها درسا في العبادة والتوحيد, ويوجه نظرها الى الارتباط بالله سبحانه وسحب العلائق من عالم الدنيا, كي تكون مثلا في حياتها ومركزها, وقدوة في التواضع وحب العمل.. ورائدة في المساواة والزهد في الحياة.
فأين الاسلام من الترف الفاجر الذي نعلم به ونشاهده اليوم لدى القادة والزعماء..
واين الاسلام من المحسوبية والمنسوبية المتفشية في صفوف الطبقات السائدة..
واين سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله واهل بيته عليه السلام من غطرسة الاغنياء وتبذير المترفين والى جانبهم الجياع والفقراء.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله:- ".. ان الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا -يعني عليا-".
وتثمر شجرة النبوة وتلد فاطمة عليها السلام الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام فيستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وآله كاستقباله لميلاد فاطمة عليها السلام ويسميهما حسنا وحسينا.. ويحتلان من نفسه موقع الولد الحبيب من قلب ابيه الحنون, وتبدأ هذه العلاقة الابوية والروحية بين رسول الله صلى الله عليه وآله, وبين الحسن عليه السلام والحسين من يوم الميلاد, فهي علاقة النبوة بالامامة, وعلاقة حفظ الشريعة وقيادة الامة -بعد رسول الله صلى الله عليه وآله- بالتبليغ والرسالة, فكانت هذه العلاقة علاقة نسب وروح ومبدأ وهدف, لذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحتضن الحسن عليه السلام والحسين ابني فاطمة عليها السلام ويقول: "كل ولد اب فان عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة عليها السلام فاني انا ابوهم وعصبتهم".
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله ما اراد, فقد ترك ولده الامامان الحسن والحسين عليهما السلام اثرهما البالغ على تاريخ هذه الامة وقيادة روح اليقظة وتجديد شباب الاسلام بالمعارضة والشهادة والدم الطاهر المعطاء في حياتهما وبعد مماتهما.
فقد امتدت روح الحسين الشهيد ثورة عارمة في ضمير الامة الاسلامية وقوة محركة لركودها واستكانتها, وكانت ذرية الحسن والحسين عليهما السلام واحفادهما وانصارهم فيما بعد طاقة محركة في تاريخ هذه الامة وقوة دافعة فيه, فكانوا منطلق الثورة والمعارضة لكل ظلم وطغيان على امتداد تاريخ هذه الامة. وهذا بعض ماكان يستهدفه رسول الله صلى الله عليه وآله من عنايته بالحسنين, وتأكيد ابوته لهما, والاعلان عن حبه وعطفه عليهما..
فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله قوله:
"هذان ابناي من احبّهما فقد احبني".
"الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة".
"ابناي هذان امامان قاما أو قعدا".
وشهد المسلمون حب رسول الله صلى الله عليه وآله للحسن والحسين وعنايته بتربيتهما والحث على حبهما والتمسك بهما.. فرفعوا مقامهما وخبروا مكانتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله..
ثم ولدت فاطمة عليها السلام بعد الحسين عليه السلام زينب الكبرى. وكانت ولادتها المباركة في اليوم السابع عشر من شهر رجب في السنة الخامسة من الهجرة النبوية. فزفت البشرى الى رسول الله صلى الله عليه وآله فاتجه الى ابنته فاطمة عليها السلام يشاركها فرحتها وسرورها, واتى مهنئا الى بيتها وسمى المولودة الجديدة "زينب" فحملت زينب هذا الاسم الوسام ليلمع عنوانا بارزا في جهاد الحسين عليه السلام وملحمة كربلاء ومأساة اهل البيت عليه السلام هناك.
ثم تحمل فاطمة عليها السلام بحمل آخر, فتلد بنتاً, فتكون الرابعة في ابناء فاطمة عليها السلام فيسري نبأ الميلاد الى رسول الله صلى الله عليه وآله ويأتي كعادته الى فاطمة عليها السلام, يسرها ويهنئها ويسمي المولودة "زينب الصغرى" ثم تلقب "بأم كلثوم".
وهكذا ولدت فاطمة عليها السلام اربعا ولم يمتد بها العمر الطويل فقد وافاها الاجل وهي لما تزل شابة غضة في مقتبل العمر, فالتحقت بأبيها رسول الله صلى الله عليه وآله .. وبالتحاقها بعالم الخلد والنعيم. بقي ابناؤها واكبرهم لم يتجاوز السابعة من عمره صغارا, في سن الطفولة يحدب عليهم ابوهم علي عليه السلام حدب رسول الله صلى الله عليه وآله على فاطمة عليها السلام في صغرها وصباها فدرجوا وشبوا وتربوا في ظلال علي عليه السلام الذي تربى في ظل رسول الله صلى الله عليه وآله، ونشأ على حب الاسلام والتفاني من اجله, فأثرت هذه الروح والتربية التي تلقاها الحسن والحسين عليهما السلام واختاهما ببيت النبوة في حياتهم وتكوينهم.. فكانوا كما اراد رسول الله صلى الله عليه وآله...
وهكذا تكشف لنا السنة النبوية ان فاطمة عليها السلام هي قاعدة اهل بيت الرسالة, وام الائمة عليهم السلام وامتداد النبوة, تحدّث رسول الله صلى الله عليه وآله عنها وعن زوجها وابنيها الحسن والحسين وعن حبه لهم وارتباطه بهم. لا ليعبر عن مشاعر القربى والنسب أو رابطة العاطفة وعلاقة الابوة... فهو رسول الله صلى الله عليه وآله لسان الوحي الذي لا ينطق عن الهوى, وهو الذي يجسد بكل كلمة وعمل يصدر عنه حكما وتشريعا ومفهوما رساليا للمسلمين, وهو داعية التوحيد والاخلاص الذي لا يحب ولا يبغض الا في الله ولله..
فما كان قوله في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام اذن الا تعبيرا عن مقامهم ومكانتهم عند الله سبحانه وتشخيصا لموقعهم ودورهم في حياة هذه الامة وتاريخها.
حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام:
"انا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم".
وهذا يدل على ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرى فيهم تجسيد الرسالة وتبلور العقيدة حتى جعل سلمهم سلمه, وحربهم حربه، وكما نعلم فان سلم رسول الله صلى الله عليه وآله هو سلم الله وحربه هي حرب الله تعالى.
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:29 PM
وفاة النبي صلى الله عليه وآله
لم تضحك السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، بل عدت من البكائين السته في التاريخ : بكى آدم ندماً، وبكى نوح قومه، وبكى يعقوب ابنه يوسف، وبكى يحي خوف النار، وبكت فاطمة أباها، وبكت ابنتها زينب جميع بني هاشم، وحزنت حزناً شديداً أثر على صحتها. والمرة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، عند ما نظرت - وهي على فراش الموت- الى أسماء بنت عميس، وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت، ونظرت الى نعشها الذي عمل قبل وفاتها وقالت : "سترتموني ستركم الله"، فكانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي رئيت فيها مبتسمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت الزهراء الى جانب ابيها صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه لا تفارقه، تعني به، وتخدمه، ولما شارفه الموت قال صلى الله عليه وآله وسلم : "واكرباه"، فاخذتها اللوعة، وقالت في أنين، ومن قلب حزين : واكرب ابتاه، فادركته صلى الله عليه وآله وسلم عليها رقة ورحمة، فقال لها ليهديء خاطرها: "لاكرب على ابيك بعد اليوم".
ثم تعود فاطمة الى نفسها وتذكر ما أسر به اليها من حضور اجله، وانها اول اهله لحوقاً به، وما بشرها به من قوله: "الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين؟" فأخذت تهديء من روعها، ولكنها لم تستطع ان تقف ما استبق من عبراتها، فأخذت تمسح دموعها حتى لا يراها والدها صلى الله عليه وآله وسلم فيحزنه جزعها، ولكن انى لها ذلك وهي امام هول عظيم، فهذا ابوها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل عليه مرضه، وفتحت له ابواب السماء، واقبلت عليه ملائكة الله عز وجل بروح من الله ورضوان، تبشره بلقاء ربه عز وجل، وما أعده له من الوسيلة والدرجة العظيمة والمقام المحمود، وما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث صلى الله عليه وآله وسلم ان صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية الى ملئها الاعلى، والى جوار رب العالمين، فبكت فاطمة عليها السلام، اذ فقدت اباها البر الكريم، والرءوف الرحيم، وتغشاها الاسي والاكتئاب، وتولتها غصة وفجعة.
وقد روي السدي عن أشياخه، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت فاطمة عليها السلام تندبه :
أبـا وا أبتــاه
أجاب ربا دعاه
جنة الفردوس مأواه
من ربه ما أدناه
الى جبريل نعاه
ولما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقبلت على انس بن مالك فقالت: "يا أنس، كيف طابت انفسكم ان تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟".
ولقد عاشت السيدة الزهراء بعد الرسول عليه الصلاه والسلام خمسه وسبعين يوماً. وعن الصادق عليه السلام: مائة وخمسة وسبعين يوماً، لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل اسبوع مرتين: الاثنين والخميس، فتقول: "ها هنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وها هنا كان المشركون"، وفي رواية عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت، وروي عن الباقر عليه السلام قال: "ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبضت".
وفي السيرة النبوية: عاشت فاطمة بعد أبيها سته أشهر، فما ضحكت تلك المدة.
وروي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب يغشي عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين جدكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة؟ اين ابوكما الذي كان اشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الارض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما كان يفعل؟
وروي انه لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال عن الاذان وقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : أشتهي ان اسمع صوت مؤذن أبي بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فأخذ يؤذن، فلما قال : الله اكبر الله اكبر، ذكرت أباها وأيامه، فلم تتمالك نفسها من البكاء، فلما بلغ قوله: وأشهد ان محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام، وسقطت لوجهها، وغشي عليها، فقيل لبلال: أمسك، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحياة الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فلم يتم الاذان، فافاقت، فسالته اتمامه، فلم يفعل وقال لها: يا سيدة النساء، اني اخشى عليك مما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتي بالاذان، فاعفته من ذلك.
وعن علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، فكانت فاطمة عليها السلام تقول: ارني القميص، فاذا شمته غشي عليها، فلما رأيت ذلك منها غيبته.
وفي روايه أن عليا عليه السلام بنى لها بيتاً في البقيع سمي ببيت الاحزان، وهو باق الى هذا الزمان، وهو الموضع المعروف بمسجد فاطمة في جهة قبة مشهد الحسن و العباس، واليه اشار ابن جبير بقوله: "ويلي القبة العباسية بيت فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويعرف ببيت الحزن"، يقال انه هو الذي اوت اليه، والتزمت الحزن فيه منذ وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم.
وفاة النبي صلى الله عليه وآله
لم تضحك السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، بل عدت من البكائين السته في التاريخ : بكى آدم ندماً، وبكى نوح قومه، وبكى يعقوب ابنه يوسف، وبكى يحي خوف النار، وبكت فاطمة أباها، وبكت ابنتها زينب جميع بني هاشم، وحزنت حزناً شديداً أثر على صحتها. والمرة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، عند ما نظرت - وهي على فراش الموت- الى أسماء بنت عميس، وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت، ونظرت الى نعشها الذي عمل قبل وفاتها وقالت : "سترتموني ستركم الله"، فكانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي رئيت فيها مبتسمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت الزهراء الى جانب ابيها صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه لا تفارقه، تعني به، وتخدمه، ولما شارفه الموت قال صلى الله عليه وآله وسلم : "واكرباه"، فاخذتها اللوعة، وقالت في أنين، ومن قلب حزين : واكرب ابتاه، فادركته صلى الله عليه وآله وسلم عليها رقة ورحمة، فقال لها ليهديء خاطرها: "لاكرب على ابيك بعد اليوم".
ثم تعود فاطمة الى نفسها وتذكر ما أسر به اليها من حضور اجله، وانها اول اهله لحوقاً به، وما بشرها به من قوله: "الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين؟" فأخذت تهديء من روعها، ولكنها لم تستطع ان تقف ما استبق من عبراتها، فأخذت تمسح دموعها حتى لا يراها والدها صلى الله عليه وآله وسلم فيحزنه جزعها، ولكن انى لها ذلك وهي امام هول عظيم، فهذا ابوها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل عليه مرضه، وفتحت له ابواب السماء، واقبلت عليه ملائكة الله عز وجل بروح من الله ورضوان، تبشره بلقاء ربه عز وجل، وما أعده له من الوسيلة والدرجة العظيمة والمقام المحمود، وما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث صلى الله عليه وآله وسلم ان صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية الى ملئها الاعلى، والى جوار رب العالمين، فبكت فاطمة عليها السلام، اذ فقدت اباها البر الكريم، والرءوف الرحيم، وتغشاها الاسي والاكتئاب، وتولتها غصة وفجعة.
وقد روي السدي عن أشياخه، قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت فاطمة عليها السلام تندبه :
أبـا وا أبتــاه
أجاب ربا دعاه
جنة الفردوس مأواه
من ربه ما أدناه
الى جبريل نعاه
ولما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقبلت على انس بن مالك فقالت: "يا أنس، كيف طابت انفسكم ان تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟".
ولقد عاشت السيدة الزهراء بعد الرسول عليه الصلاه والسلام خمسه وسبعين يوماً. وعن الصادق عليه السلام: مائة وخمسة وسبعين يوماً، لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل اسبوع مرتين: الاثنين والخميس، فتقول: "ها هنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وها هنا كان المشركون"، وفي رواية عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت، وروي عن الباقر عليه السلام قال: "ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبضت".
وفي السيرة النبوية: عاشت فاطمة بعد أبيها سته أشهر، فما ضحكت تلك المدة.
وروي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب يغشي عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين جدكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة؟ اين ابوكما الذي كان اشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الارض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما كان يفعل؟
وروي انه لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال عن الاذان وقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : أشتهي ان اسمع صوت مؤذن أبي بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فأخذ يؤذن، فلما قال : الله اكبر الله اكبر، ذكرت أباها وأيامه، فلم تتمالك نفسها من البكاء، فلما بلغ قوله: وأشهد ان محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام، وسقطت لوجهها، وغشي عليها، فقيل لبلال: أمسك، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحياة الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فلم يتم الاذان، فافاقت، فسالته اتمامه، فلم يفعل وقال لها: يا سيدة النساء، اني اخشى عليك مما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتي بالاذان، فاعفته من ذلك.
وعن علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، فكانت فاطمة عليها السلام تقول: ارني القميص، فاذا شمته غشي عليها، فلما رأيت ذلك منها غيبته.
وفي روايه أن عليا عليه السلام بنى لها بيتاً في البقيع سمي ببيت الاحزان، وهو باق الى هذا الزمان، وهو الموضع المعروف بمسجد فاطمة في جهة قبة مشهد الحسن و العباس، واليه اشار ابن جبير بقوله: "ويلي القبة العباسية بيت فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويعرف ببيت الحزن"، يقال انه هو الذي اوت اليه، والتزمت الحزن فيه منذ وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم.
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:30 PM
رحلتها
عن اسماء بنت عميس: رأيتها عليها السلام في مرضها جالسة الى القبلة, رافعة يديها الى السماء قائلة:
إلهي وسيِّدي أسألك بالذين اصطفيتهم, وببكاء ولدي في مفارقتي, أن تغفر لعصاة شيعتي وشيعة ذرِّيّتي.
روي عن علي عليه السلام أنه قال: فلما كانت الليلة التي أراد الله ان يكرمها ويقبضها إليه أقبلت تقول: وعليكم السلام, وهي تقول لي: يابن عم قد أتاني جبرئيل مسلماًـ الى أن قال: فسمعناها تقول:
إليك ربّي, لا الى النار.
ثم غمضت عينيها ومدت يديها ورجليها, كأنها لم تكن حية قط.
و قالت عليها السلام في وصيتها الى علي عليه السلام: اذا أنا متّ فغسلني بيدك, وحنّطني وكفّنّي, وادفنّي ليلا, ولا يشهدني فلان وفلان, ولا زيادة عندك في وصيتي إليك, وأستودك الله تعالى حتى ألقاك.
جَمَعَ اللهُ بينِي وبينَكَ في دارِهِ وقُربِ جَوَارِهِ.
روي عن عبدالله بن الحسن, عن أبيه, عن جده عليه السلام أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لما احتضرت نظرت نظرا حادا, ثم قالت:
السلام على جبرائيل, السلام على رسول الله, اللهم مع رسولك, اللهم في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام.
قالت أم سلمى زوجة أبي رافع: كنت أمرض فاطمة أيام شكاتها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها فقالت لي: يا أماه اسكبي لي غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت لي: يا أماه اعطيني ثيابي الجدد فلبستها وأمرتني أن اقدم فراشها وسط البيت ففعلت فنامت عليه مستقبلة القبلة وقالت: يا أماه اني مقبوضة الآن فلا يكشفني أحد.
تقول اسماء بنت عميس: لما دخلت فاطمة البيت انتظرتها هنيئة ثم ناديتها فلم تجب فناديت: يا بنت محمد المصطفى يا بنت أكرم من حملته النساء يا بنت خير من وطأ الحصى يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدني فلم تجب فدخلت البيت وكشفت الرداء عنها فإذا بها قد قضت نحبها شهيدة صابرة مظلومة محتسبة ما بين المغرب والعشاء فوقعت عليها اقبلها وأقول: يا فاطمة إذا قدمت على أبيك صلي الله عليه وآله فاقرئيه مني السلام فبينا هي كذلك وإذا بالحسن والحسين دخلا الدار وعرفا انها ميتة فوقع الحسن يقبلها ويقول: يا اماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني والحسين يقبّل رجلها ويقول: يا اماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت ثم خرجا الى المسجد وأعلما أباهما بشهادة امهما فأقبل أمير المؤمنين الى المنزل وهو يقول: بمن العزاء يا بنت محمد كنت بك أتعزي ففيم العزاء من بعدك.
و قال عليه السلام: اللهم اني راض عن ابنة نبيك صلي الله عليه وآله اللهم انها قد أوحشت فآنسها وهجرت فصلها وظلمت فاحكم لها يا أحكم الحاكمين.
و خرجت ام كلثوم متجللة برداء وهي تصيح: يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقداً لا لقاء بعده وكثر الصراخ في المدينة على ابنة رسول الله واجتمع الناس ينتظرون خروج الجنازة فخرج اليهم أبوذر وقال: انصرفوا ان ابنة رسول الله اخر إخراجها هذه العشية.
و أخذ أمير المؤمنين في غسلها وعلله الإمام الصادق عليه السلام بأنها صديقة فلا يغسلها إلا صدّيق كما ان مريم لم يغسلها إلا عيسى عليه السلام وقال عليه السلام: ان عليا أفاض عليها من الماء ثلاثا وخمسا وجعل في الخامسة شيئا من الكافور وكان يقول: اللهم انها أمتك وبنت رسولك وخيرتك من خلقك اللهم لقنها حجتها وأعظم برهانها واعل درجتها واجمع بينها وبين محمد صلي الله عليه وآله. وحنطها من فاضل حنوط رسول الله الذي جاء به جبرئيل فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي ويا فاطمة هذا حنوط من الجنة دفعه الى جبرئيل وهو يقرئكما السلام ويقول لكما اقسماه وأعزلا منه لي ولكما. فقالت فاطمة ثلثه لك والباقي ينظر فيه علي عليه السلام فبكى رسول الله وضمها إليه وقال: انك موفقة رشيدة مهدية ملهمة يا علي قل في الباقي، فقال: نصف منه لها ونصف لمن ترى يا رسول الله، قال هو لك.
و كفنها في سبعة أثواب وقبل أن يعقد الرداء عليها نادى: يا ام كلثوم يا زينب يا فضة يا حسن يا حسين هلموا وتزودوا من امكم الزهراء فهذا الفراق واللقاء في الجنّة. فأقبل الحسنان عليهما السلام يقولان: واحسرتا لا تنطفيء من فقد جدنا محمد المصطفى وامنا الزهراء إذا لقيت جدنا فاقرأيه منا السلام وقولي له إنّا بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا, فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اشهد الله انها حنّت وأنّت ومدت يديها وضمتها الى صدرها مليا وإذا بهاتف من السماء ينادي! يا أبا الحسنين ارفعها عنها فلقد ابكيها والله ملائكة السماء فرفعها عنها وعقد الرداء عليها.
و صلي عليها ومعه الحسن والحسين وعقيل وعمار وسلمان والمقداد وأبوذر ودفنها في بيتها.
ولما وضعها في اللحد قال: بسم الله الرحمن الرحيم
"بسم الله وبالله وعلي ملة رسول الله محمد بن عبدالله سلمتك أيتها الصديقة الى من هو أولى بك مني ورضيت لك بما رضي الله لك ثم قرأ: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى".
و في حديث غيرنا ان أمير المؤمنين لما أنزلها في القبر وسواه عليها سألها الملكان: من ربك؟ قالت: الله ربي, قالا: ومن نبيك؟ قالت: أبي محمد, قالا: ومن إمامك؟ قالت: هذا القائم على قبري علي.
ثم انه عليه السلام سوى في البقيع سبعة قبور أو أربعين قبرا ولما عرف الشيوخ دفنها وفي البقيع قبور جدد أشكل عليهم الامر فقالوا: هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور لنخرجها ونصلي عليها فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فخرج مغضبا عليه قباؤه الأصفر الذي يلبسه عند الكريهة وبيده ذوالفقار وهو يقسم بالله لئن حول من القبور حجر ليضعنّ السيف فيهم فتلقاه عمر ومعه أصحابه فقال له مالك: والله يا أبا الحسن لننبشن قبرها ونصلي عليها.
فأخذ أمير المؤمنين بمجامع ثوبه وضرب به الأرض وقال له: يا ابن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم وأما قبر فاطمة فو الذي نفس عليٍّ بيده لئن حول منه حجر لأسقينّ الأرض من دمائكم. وجاء أبوبكر وأقسم عليه برسول الله أن يتركه فخلي عنه وتفرّق الناس.
بعد دفنها
لما وضع أمير المؤمنين عليه السلام الصديقة الطاهرة في لحدها وسوى التراب على القبر هاج به الحزن وأرسل دموعه على خدّيه وأنشأ يقول:
وكل الذي دون الفراق قليل
لكل اجتماع من خليلين فرقة
دليل على أن لا يدوم خليل
وان افتقادي فاطما بعد أحمد
وقال ايضا:
يا ليتها خرجت مع الزفرات
نفسي على زفراتها محبوسة
أبكي مخافة أن تطول حياتي
لا خير بعدك في الحياة وانما
ثم حوّل وجهه الى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: السلام عليك يا رسول الله مني ومن ابنتك وحبيبتك وقرة عينيك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار لها الله سرعة اللحاق بك قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي الا ان لي في التأسي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك موضع التعزي فلقد وسدتك في ملحودة قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي وتولّيت أمرك بنفسي نعم وفي كتاب الله أنعم القبول إنا لله وإنا اليه راجعون.
قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد لا يبرح الحزن أو يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم كمد مقيح وهم مهيج سرعان ما فرق بيننا والى الله أشكو.
و ستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلا ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
سلام عليك سلام مودع لا سأل ولا قال فإن أنصرف لا عن ملالة وإن أقم فلا سوء ظن بما وعد الله الصابرين والصبر أيمن وأجمل, ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما واللبث عنده معكوفا ولأعولت أعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا ويهتضم حقها قهرا ويمنع إرثها جهرا ولم يطل العهد ولم يخل منك الذكر فإلي الله المشتكى وفيك أجمل العزاء وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته.
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:31 PM
فضائلها في الحديث
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
ولوكان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي اعظم، ان فاطمة ابنتي خير اهل الارض عنصراً وشرفاً وكرماً وعنه صلى الله عليه وآله: انما فاطمة حذية مني، ويقبضني ما يقبضها. وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان فاطمة شعرة مني، فمن آذي شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذي الله، ومن آذي الله لعنه الله ملء السماوات والارض. وعن ابن عباس قال: قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي ان فاطمة بضعة مني، هي نور عيني وثمره فؤادي، يسوءني ما ساءها، ويسرني ما سرها، وانها اول من يلحقني من اهل بيتي، فاحسن اليها من بعدي. والحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي، وهما سيدا شباب اهل الجنة، فليكونا عليك كسمعك وبصرك. ثم رفع صلى الله عليه وآله وسلم يديه الى السماء فقال: اللهم اني اشهدك اني محب لمن احبهم، مبغض لمن ابغضهم، سلم لمن سالمهم، حرب لمن حاربهم، عدو لمن عاداهم، ولي لمن والاهم. وعنه صلى الله عليه وآله: ان فاطمة بنت محمد مضغة مني. وعنه صلى الله عليه وآله: "انما فاطمة بضعه مني، يؤذيني ماآذاها، وينصبني ما أنصبها". وعنه صلى الله عليه وآله: فاطمة شجنة مني، يبسطني ما يبسطها، ويقبضني مايقبضها. وعنه صلى الله عليه وآله: فاطمة مضغه مني، يسرني ما يسرها.
عن علي عليه السلام:
دخلت يوماً منزلي فاذا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس والحسن عن يمينه، والحسين عن يساره، وفاطمة بين يديه، وهويقول: يا حسن ويا حسين، انتما كفتا الميزان، وفاطمة لسانه، ولا تعدل الكفتان الا باللسان، ولايقوم اللسان الا على الكفتين.. انتما الامامان ولامكما الشفاعة.
عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها:
اعلم يا ابا الحسن ان الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله - جل جلاله - ثم اودعه شجرة من شجر الجنة فاضاءت، فلما دخل ابي الجنة اوحى الله اليه الهاما ان اقتطف الثمره من تلك الشجرة وادرها في لهواتك، ففعل، فاودعني الله سبحانه صلب ابي صلى الله عليه وآله، ثم اودعني خديجة بنت خويلد، فوضعتني، وانا من ذلك النور، اعلم ما كان وما يكون ومالم يكن. يا ابا الحسن المومن ينظر بنور الله تعالى.
عن الحسن بن على عليهما السلام:
رأيت امي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولاتدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا اماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني! الجار ثم الدار.
عن الحسين بن على عليهما السلام:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطمة بهجة قلبي،وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والائمة من ولدها امناء ربي، وحبله الممدود بينه وبين خلقه، من اعتصم به نجا، ومن تخلف عنه هوى.
عن على بن الحسين عليهما السلام:
ولم يولد لرسول الله صلى الله عليه وآله من خديجة عليها السلام على فطرة الاسلام الا فاطمة عليها السلام.
عن ابي جعفر، عن آبائه عليهم السلام:
انما سميت فاطمة بنت محمد"الطاهرة" لطهارتها من كل دنس، وطهارتها من كل رفث، وما رأت قط يوماً حمرة ولا نفاساً.
عن ابي عبدالله عليه السلام:
حرم الله النساء على علي مادامت فاطمة حية، لانها طاهرة لاتحيض.
عن ابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام:
لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد او احمد او علي او الحسن او الحسين او فاطمة من النساء عليهم السلام.
عن الرضا عليه السلام:
قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عرج بي الى السماء اخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فادخلني الجنه، فناولني من رطبها، فاكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، ففاطمة حوراء انسية. فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة.
عن ابي الحسن الثالث عليه السلام:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انما سميت ابنتي "فاطمة"، لان الله عزوجل فطمها وفطم من احبها من النار.
عن ابي محمد العسكري عليه السلام:
عن ابي هاشم العسكري: سألت صاحب العسكر عليه السلام: لم سميت فاطمة بالزهراء عليها السلام؟ فقال: كان وجهها يزهر لاميرالمؤمنين عليه السلام من اول النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدري.
عن مولانا المهدي، ارواحنا له الفداء:
ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم والاشفاق عليكم لكنا عن مخاطبتكم في شغل، مما قد امتحنا من منازعة الظالم العتل الضال المتابع في غيه، المضاد لربه، المدعي ما ليس له، الجاحد حق من افترض الله طاعته، الظالم الغاصب. وفي ابنه رسول الله صلى الله عليه وآله لي اسوة حسنة، وسيردي الجاهل رداءة عمله، وسيعلم الكافر لمن عقبي الدار.
جندي المنتظر
18-05-2008, 11:33 PM
مكارم اخلاقها
1- عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العصر فلما انفتل جلس في قبلته والناس حوله، فبينا هم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلل وأخلق وهو لا يكاد يتمالك كبرا وضعفا، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله يستحثه الخبر، فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني، وعاري الجسد فاكسني، وفقير فارشني. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أجد لك شيئا ولكن الدال على الخير كفاعله، انطلق إلى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يؤثر الله على نفسه، انطلق إلى بيت فاطمة كان ملاصق بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه وقال: يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة. فانطلق الأعرابي مع بلال، فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، ومختلف الملائكة، ومهبط جبرائيل الأمين بالتنزيل من عند رب العالمين. فقلت فاطمة عليها السلام: وعليك السلام فمن أنت يا هذا؟ قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر مهاجرا من شقة وأنا يا بنت محمد عاري الجسد، جائع الكبد، فواسيني يرحمك الله، وكان لفاطمة وعلى تلك الحال ورسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا ما طعموا فيها طعاما، وقد علم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك من شأنهما. فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين، فقالت: خذ هذا أيها الطارق! فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه. قال الأعرابي: يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتيني جلد كبش! ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب؟ قال: فعمدت لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها بنت عمها حمزة بن عبد المطلب، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي فقالت: خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه. فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس في أصحابه، فقال: يا رسول الله أعطتني فاطمة (بنت محمد) هذا العقد فقالت: بعه فعسى الله أن يصنع لك. فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: وكيف لا بصنع الله لك وقد أعطتكه فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم. فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال: يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ قال: اشتره يا عمار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار. فقال عمار: بكم العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم، وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي فيها لربي، ودينار يبلغني إلى أهلي، وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خيبر ولم يبق منه شيئا، فقال: لك عشرون دينارا ومأتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك وشبعك من خبز البر واللحم. فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل، وانطلق به عمار فوفاه ما ضمن له. وعاد الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشبعت واكتسيت؟ قال الأعرابي: نعم واستغنيت بأبي أنت وأمي، قال: فاجز فاطمة بصنيعها، فقال الأعرابي: اللهم إنك إله ما استحدثناك، ولا إله لنا نعبده سواك، وأنت على كل الجهات، اللهم أعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. فأمن النبي صلى الله عليه وآله على دعائه، وأقبل على أصحابه فقال: إن الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك: أنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعلي بعلها ولولا علي ما كان لفاطمة كفة أبدا، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة وكان بإزائه مقداد وعمار وسلمان فقال: وأزيدكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال أتاني الروح يعني جبرائيل عليه السلام أنها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها: من ربك؟ فتقول: الله ربي، فيقولان: فمن نبيك؟ فتقول: أبي، فيقولان: فمن وليك؟ فمن وليك؟ فتقول: هذا القائم على شفير قبري علي بن أبي طالب عليه السلام. ألا وأزيدكم من فضلها: إن الله قد وكل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها وهم معها في حياتها وعند قبرها وعند مماتها يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي. ومن زار فاطمة فكأنما زارني، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليا، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما. فعمد عمار إلى العقد، فطيبه بالمسك، ولفه في بردة يمانية، وكان له عبد اسمه سهم، ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنت له، فأخذ المملوك العقد فأتى به رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بقول عمار، فقال النبي صلى الله عليه وآله: انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذت فاطمة عليها السلام العقد وأعتقت المملوك، فضحك الغلام، فقالت: ما يضحكك يا غلام؟ فقال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعا، وكسى عريانا، وأغنى فقيرا، وأعتق عبدا، ورجع إلى ربه.
2ـ عن ابن عباس في قوله تعالى: (يوفون بالنذر)، قال: مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه أبو بكر وعمر وعادهما عامة العرب، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا، فكل نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء، فقال علي عليه السلام: علي لله إن برأ ولداي مما بهما صمت ثلاثة أيام شكرا، وقالت فاطمة كذلك، وقالت الجارية يقال لها فضة كذلك، فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل محمد قليل ولا كثير. فانطلق علي عليه السلام إلى شمعون بن حانا فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير فجاء به إلى فاطمة، فقامت إلى صاع فطحنته وخبزته خمسة أقراص لكل واحد منهم قرص، وصلى علي عليه السلام المغرب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين أيديهم، فجاء سائل أو مسكين فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء القراح، ولما كان اليوم الثاني طحنت فاطمة من الشعير وصنعت منه خمسة أقراص وصلى علي عليه السلام المغرب وجاء إلى المنزل، فجاء يتيم فوقف على الباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، يتيم من أولاد المهاجرين، استشهد والدي، أطعموني مما رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنة؟ فرفعوا الطعام وناولوه إياه. ثم أصبحوا وأمسوا في اليوم الثاني كذلك كما كانوا في الأول، فلما كان في اليوم الثالث طحنت فاطمة باقي الشعير ووضعته فجاء علي عليه السلام بعد المغرب، فجاء أسير فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أسير محتاج، تأسرونا ولا تطعمونا! أطعمونا من فضل ما رزقكم الله، ثم رفعوا الطعام وأعطوه للأسير، فلما كان اليوم الرابع دخل علي عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحمل ابنيه كالفرخين، فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: وأين ابنتي؟ قال: في محرابها. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدخل عليها ولقد لصق بطنها بظهرها وغارت عيناها من شدة الجوع، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: واغوثاه بالله: آل محمد يموتون جوعا! فهبط جبرائيل وهو يقرأ: (يوفون بالنذر).
حجابها وعفافها
1 ـ عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما خير للنساء؟ فلم ندر ما نقول، فسار علي إلى فاطمة فأخبرها بذلك، فقالت: فهلا قلت: خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يرونهن. فرجع فأخبره بذلك، فقال له: من علمك هذا؟ قال: فاطمة، قال: إنها بضعة مني.
2- عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: استأذن أعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لها: لم حجبته وهو لا يراك؟ فقلت عليها السلام: إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشهد أنك بضعة مني.
إخلاصها
1- سأل بزل الهروي الحسين بن روح (رضي الله عنه) فقال: كم بنات رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: أربع، فقال: أيتهن أفضل؟ فقال: فاطمة. قال: ولم صارت أفضل وكانت أصغرهن سنا وأقلهن صحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: لخصلتين خصها الله بهما: إنها ورثت رسول الله صلى الله عليه وآله، ونسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، ولم يخصها بذلك إلا بفضل إخلاص عرفه من نيتها.
2- ولم تكن لتصل إلى هذه المرتبة السامية لأنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحسب، فقد كانت للرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بنات أربعة، وكان له زوجات عديدات، ولكنها وصلت إلى تلك الدرجة بفضل إخلاصها وزهدها وعبادتها وجهادها في سبيل الله، وصبرها وتحملها في سبيل الله. لقد اختارت مسيرتها بإرادتها، وقررت أن تصبح سيدة نساء العالمين… ومن استحقت أن تكون رمزا في المجتمع الإسلامي، وإن يعطيها الله فضل أمومة الأوصياء، وشرف الربط بين النبوة والإمامة.
عبادتها
1- قال العلامة ابن فهد الحلي: وكانت فاطمة عليها السلام تنهج في الصلاة من خيفة الله تعالى.
2- عن الحسن بن علي عليهما السلام قل: رأيت أمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه، لو لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار.
3- محمد بن الحسين بن علي عليهم السلام قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سلمانا إلى فاطمة، فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من جوا، وتدور الرحى من برا، ما عندها أنيس. وقال في آخر الخبر: فتبتسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: يا سلمان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها، تفرغت لطاعة الله فبعث الله ملكا اسمه زروقائيل وفي خبر آخر جبرائيل عليه السلام فأدار لها الرحى، وكفاها الله مؤونة الدنيا مع مؤونة الآخرة.
4- روي إنها عليها السلام ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها، فربما بكى ولدها، فرؤي المهد يتحرك وكان ملك يحركه.
5- وفي حديث: فسأل (النبي صلى الله عليه وآله وسلم) كيف وجدت أهلك؟ قال: نعم العون على طاعة الله. وسأل فاطمة، فقالت: خير بعل.
6- الحسن البصري: ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تورم قدماها.
7- وفي حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وأما ابنتي فاطمة عليها السلام فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهن نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم إني قد آمنت شيعتها من النار.
تسبيحها سلام الله عليها وسبب تشريعها
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم ابنته فاطمة عليها السلام أذكارا تقولها عند النوم وفي دبر كل صلاة، واشتهرت بتسبيح فاطمة عليها السلام. قال العلامة المجلسي (رحمه الله): كان السبب في تشريع هذا التسبيح ما رواه الإمامية وغيرهم من أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام قال: لما رأيت ما أصاب فاطمة الزهراء من العناء في خدمة البيت وقد جاء سبي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قلت لها: هلا أتيت أباك تسأليه خادما يكفيك مشقة خدمة البيت؟ فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا عنده جماعة، فانصرفت، وعلم أبوها أنها جاءت لأمر أهمها، فغدا إلى دارها صباحا، وسألها عليهما السلام جاءت له، فاستحت أن تذكر له، فقلت له: أنت تعلم ما تلاقيه فاطمة من القيام بشؤون البيت من الاستقاء والطحن والكنس.
وقد أثر ذلك عليها، فقلت لها: لو سألت أباك يخدمك من يكفيك مشقة ما أنت فيه من العمل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفلا أدلك يا فاطمة على ما هو خير لك من الخادم في الدنيا؟ قالت: بلى يا رسول الله، فعلمها هذا التسبيح المعروف عند النوم وبعد كل صلاة.
قال المرحوم الشيخ البهائي في (مفتاح الفلاح): اعلم أن المشهور استحباب تسبيح الزهراء في وقتين: أحدهما بعد الصلاة، والآخرعند النوم. وقال صاحب الوسائل:عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث نافلة شهر رمضان) قال: سبح تسبيح فاطمة عليها السلام، وهو (الله أكبر) أربعا وثلاثين مرة، و(سبحان الله) ثلاثا وثلاثين مرة و(الحمد لله) ثلاثا وثلاثين مرة. فوالله لو كان شئ أفضل منه لعلمه صلى الله عليه وآله وسلم إياها. وهو في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلى الصادق عليه السلام من صلاة ألف ركعة في كل يوم، ولم يلزمه عبد فشقي، ولذا يؤمر الصبيان به كما يؤمرون بالصلاة إذ هو وإن كان مائة باللسان إلا أنه ألف في الميزان، وطارد للشيطان، ومرضى الرحمن، ويدفع الثقل الذي الآذان، وما قاله عبد قبل أن يثني رجله من المكتوبة إلا غفر له الله، وأوجب الله له الجنة، خصوصا الغداة، وخصوصا إذا أتبعه بلا إله إلا الله، واستغفر بعده، وبه يندرج العبد في الذاكرين الله كثيرا، ويستحق ذكر الله تعالى له كما وعد بقوله تعالى (فاذكروني أذكركم).
نور المستوحشين
18-05-2008, 11:50 PM
أثابك الله أخي الكريم ....
عظم الله أجوركم بمصاب سيدة نساء العالمين
نسألكم الدعاء...
تحياتي نور...
Dr.Zahra
19-05-2008, 12:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك ،،
بارك الله فيك اخي (( جندي المنتظر )) على هذه السيره الفاطمية الزهرائية التي أبكت وأوجعت قلوبنا قبل عيوننا فأي جرأة على الله ورسوله أن يضرم النار بباب بيت النبورة ومعدن الرسالة ومهبط وحي الله تعالى ،،
وأي جرأة على الله تعالى وعلى الرسول حينما سمع الصحابة صوت فاطمة وراء الباب فقالوا ان في الدار فاطمة فقال فلان وإن
اي جرأة فعلها هذا حيث الكل يعلم بأن فقط رفع الصوت فوق صوت النبي يحبط جميع الأعمال فما بالك بهجوم الدار على النبي المصطفى ولطم النبي الأعظم محمد صلوات ربي عليه حيث حصل كل هذا عن طريق البضعة الطاهرة المطهرة (( فاطمة )) سلام الله عليها وهي من قالت :
اعلموا اني فاطمة وابي محمد صلى الله عليهما وآلهما
أجركم على الله تعالى وعلى النبي الأعظم وعلى العترة الطاهرة حيث في هذه الأيام نستقبل ذكرى استشهاد السيدة الزكية المباركة الراضية المرضية واي مقامات نتكلم عنها واي رتبة نتحدث عنها ففي كل اسم من أسمائها وكنى من كناها وفضيلة من فضائلها تفتح صفحة من شخصيتها الرفيعة فسلام الله عليها وعلى ذريتها وأبيها وبعلها والسر المستودع فيها ...
ونسألكم الدعاء
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024