ابو الثوار
19-05-2008, 01:46 PM
( بقلم : الدكتور : خزعل فارس الجابري )
منذ أواخر التسعينات و حتى يومنا هذا لا يكاد أي خطاب صدري سياسي أو ديني أو اجتماعي و حديث الصدريين في مجالسهم و حلقاتهم الخاصة يخلو من ترديد تلك الثنائية التي ابتدعها و للأسف المرحوم السيد محمد صادق الصدر و مهما حاولنا حسن الظن بدوافع وضع تلك القسمة فإن الشيء المفروغ منه أنها أسهمت في تقسيم الحوزة العلمية و فضلائها و أتباعها و المؤيدين لها و سائر الفئات المتدينة و غير المتدينة في المجتمع و أصبح وصف الصامتة أشبه باللقب النبزي للمرجعيات الدينية التي لا تشاطر الصدريين أو لا تتغنى بأمجاد و فتوحات الولي المقدس .
و بالقدر الذي تحمله تلك التسمية من حط لمكانة المرجعية و النيل الواضح منها فإن الأحداث و المعطيات و التجارب أثبتت أن هذا " الصمت " لهو من أسمى صفات و فضائل المرجعية لأنه صمت في مكانه و زمانه و يتم تجاه قضايا بعينها حيث يكون فيها الكلام هو الشيء الوحيد الذي يراه العالم الرباني مشروعا و ملزما به . ولو تتبع المتتبع و المعني مواقف المرجعية و ما قالته و أعلنته لوجده في القضايا الضرورية الملحة فلا يصدر بيان أو خطاب أو تتم الإجابة على استفتاء إلا حين يكون لهذا البيان و ذلك الخطاب و تلك الإجابة دور إيجابي في مجمل القضايا التي تكون موضوعا لكلام المرجع و لعلنا نقصد هنا مرجعية السيد علي السيستاني و بشكل عام مرجعياتنا الأخرى المؤثرة و ذات الكلمة و الثقل .
إن المرجعية بفطنتها و حكمتها و شعورها بالمسئولية لا تلقي الكلام جزافا و لا تكثر منه فالزيادة في عرقها كالنقيصة و ليس كل قضية صالحة للحديث عنها . لهذا وجدنا المرجعية الشيعية لم تصمت في موضع يوجب عليها النطق بالحق و لم تنطق في موضع يوجب الحق فيه أن تصمت ، و الصمت و النطق كلاهما كغيرهما من المفاهيم و القضايا التي تحكمها النسبية تبعا للظرف و المصلحة و شرعية الفعل و القول . من هنا لن يكون الصمت عيبا بل هو فضيلة من الفضائل تماما كالحديث و الكلام ليس كله مما هو فاضل و حسن بل قد يحسن في مقام و يقبح في مقام . و هذا الفهم و الموضوعية لم يأخذه مقسمو المراجع إلى صامتين و ناطقين بل تشبثوا بطبيعة تجربة مرت لها ما لها و عليها ما عليها .
دفعني للحديث عن هذه القضية رغم شعورنا بالمرارة حين نعرض لها ما جاء من تصريحات الناطق الرسمي باسم الصدريين صلاح العبيدي و التي ادعى فيها أن كافة المراجع لا تقبل بحل جيش المهدي بل و لا ترضى بنزع أسلحته كما انه ادعى ادعاء غريبا جاء فيه : إن مقتدى الصدر لا يقرر شيئا إلا بعد الرجوع فيه إلى المراجع و أخذ رأيهم ! بالطبع لم يكن هذا هو التصريح الأول من نوعه فقد سبقته عشرات التصريحات كان للعبيدي جزء منها و كلها ادعت ما ادعاءه هذا الرجل . و هنا قد يتساءل البعض كيف يتسنى لهؤلاء إطلاق ادعاءات مفضوحة و الإصرار على كذب أصلع كما يقال ؟ ألا يخشون أن تكذبهم المرجعيات و عندها يبدون في وضع بائس للغاية ؟ جزء من الإجابة يبدأ بسؤال آخر هو : هل أصدرت المرجعية يوما بيانا أوضحت فيه زيف هذه المدعيات و تقويلها أقوالا لم تقلها قط ؟؟ لا شك أن الجواب هو أن المرجعية لم تقدم على شيء من ذلك و اعني به إصدار بيان يعقب على هذه الأقوال المعروفة مسبقا بأنها تلفيقات و تزييف للحقائق و بعيدة عن الواقع بعد السماء عن الأرض فتعمد فيه المرجعية إلى تكذيب تصريحات الصدريين و إعلان أنها ليست راغبة في عدم حل المليشيات كيف وهي تدعو ليل نهار إلى حصر السلاح بيد الدولة حسب و عدم شرعية أي طرف مسلح يحاول أن يقيم له كيانا داخل كيان الدولة و يتمرد على القانون بقانون خاص يختلقه لنفسه و يأخذ بمحاكمة الناس بموجبه ..
أجل لم يصدر من المرجعية بيان كهذا و لم تقدم يوما على التعقيب على تصريحات القيادة الصدرية و أتباعها كما نعتقد أنها لن تفعل ذلك مستقبلا إلا إذا اقتضت المصلحة العامة و تبدلت الظروف و رفعت العوائق التي تمنع من اتخاذ الموقف الصارم و المعلن بحيث لا يقود إلى سلبيات مؤثرة . و ما ذلك إلا صمتا في الحق فهي واعية تمام الوعي إلى حقيقة أن تكذيب تلك الأقوال سيقود إلى ما هو سلبي فليس من شيمة المرجعية و لا طبيعتها أن تزرع يوما بذرة خلاف بين اثنين من الناس فيكف و هي أمام مشكلة اسمها الصدر و أتباعه وهي تدرك أن هؤلاء نفر من أنصاف المتعلمين بل قد يكون هذا الوصف غير دقيق فالأغلبية منهم ذوو جهل كامل و مطبق و ما هم إلا أوباش خلفتها ثقافة البعث المقيت ، إنهم ثلة من الشباب النزق الذي يصعب التفاهم معه بغير اللغة التي يفهمونها . لا تريد المرجعية الرد على هذه الاختلاقات و الأكاذيب لأنها إن أقدمت على ذلك أهدت للزمر الخارجة عن القانون خدمة جليلة في الإمعان بتمزيق المجتمع و زرع بذور الخلاف و الشقاق وهي بالتالي ستكون طرفا في سجال و مهاترة إعلامية تربأ بنفسها عن الخوض فيها .
لا تفكر المرجعية الرشيدة بعقلية الولي المقدس الذي لم تترك ثنائياته سوى حشد وافر من الخلافات و حالات التمزق التي أوهنت الصف و أتاحت المجال لأعداء العراق من أن تكون لهم يد في التلاعب بمصير البلد . سيبقى الصدريون يرددون هذه الأقوال التي لا حظ لها من واقع و لا من حقيقة لعلمهم أن المراجع لن يخرجوا عن التزاماتهم الشرعية و الأخلاقية في عدم الدخول بأية قضية تشم منها رائحة الخلاف وهي تدرك تماما طبيعة ما سيقوله الصدريون و ما يشنونه من حملة شرسة لو قامت بتكذيبهم على رؤوس الأشهاد حيث سيتهمونها بالعمالة للمحتل و الارتباط بأطراف خارجية و هلم جرا ، و ليست هذه التهم بنفسها مما تحذره المراجع الشيعية المعروفة بحكمتها و بعد نظرها و حصافتها بل ما ستؤدي إليه من احتقانات و خلافات على صعيد الأتباع و هي حريصة كل الحرص على أن يتعايش الجميع في جو من المودة و الأخوة و الاحترام و هي أحرص ما يكون على سيادة النظام العام و فرض الدولة لسلطتها و قانونها وهذا ما رددته مرارا و تكرارا .
و أخيرا أدعو صلاح العبيدي و غيره من المتقولين أن يراجعوا مفاهيمهم التي تعفنت في عقولهم و أن يهضموا قضية بديهية تقول إن الصمت في الحق خير من النطق بالباطل و لينصفوا بعدها المرجعية في أقوالهم و تقسيماتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان .
منذ أواخر التسعينات و حتى يومنا هذا لا يكاد أي خطاب صدري سياسي أو ديني أو اجتماعي و حديث الصدريين في مجالسهم و حلقاتهم الخاصة يخلو من ترديد تلك الثنائية التي ابتدعها و للأسف المرحوم السيد محمد صادق الصدر و مهما حاولنا حسن الظن بدوافع وضع تلك القسمة فإن الشيء المفروغ منه أنها أسهمت في تقسيم الحوزة العلمية و فضلائها و أتباعها و المؤيدين لها و سائر الفئات المتدينة و غير المتدينة في المجتمع و أصبح وصف الصامتة أشبه باللقب النبزي للمرجعيات الدينية التي لا تشاطر الصدريين أو لا تتغنى بأمجاد و فتوحات الولي المقدس .
و بالقدر الذي تحمله تلك التسمية من حط لمكانة المرجعية و النيل الواضح منها فإن الأحداث و المعطيات و التجارب أثبتت أن هذا " الصمت " لهو من أسمى صفات و فضائل المرجعية لأنه صمت في مكانه و زمانه و يتم تجاه قضايا بعينها حيث يكون فيها الكلام هو الشيء الوحيد الذي يراه العالم الرباني مشروعا و ملزما به . ولو تتبع المتتبع و المعني مواقف المرجعية و ما قالته و أعلنته لوجده في القضايا الضرورية الملحة فلا يصدر بيان أو خطاب أو تتم الإجابة على استفتاء إلا حين يكون لهذا البيان و ذلك الخطاب و تلك الإجابة دور إيجابي في مجمل القضايا التي تكون موضوعا لكلام المرجع و لعلنا نقصد هنا مرجعية السيد علي السيستاني و بشكل عام مرجعياتنا الأخرى المؤثرة و ذات الكلمة و الثقل .
إن المرجعية بفطنتها و حكمتها و شعورها بالمسئولية لا تلقي الكلام جزافا و لا تكثر منه فالزيادة في عرقها كالنقيصة و ليس كل قضية صالحة للحديث عنها . لهذا وجدنا المرجعية الشيعية لم تصمت في موضع يوجب عليها النطق بالحق و لم تنطق في موضع يوجب الحق فيه أن تصمت ، و الصمت و النطق كلاهما كغيرهما من المفاهيم و القضايا التي تحكمها النسبية تبعا للظرف و المصلحة و شرعية الفعل و القول . من هنا لن يكون الصمت عيبا بل هو فضيلة من الفضائل تماما كالحديث و الكلام ليس كله مما هو فاضل و حسن بل قد يحسن في مقام و يقبح في مقام . و هذا الفهم و الموضوعية لم يأخذه مقسمو المراجع إلى صامتين و ناطقين بل تشبثوا بطبيعة تجربة مرت لها ما لها و عليها ما عليها .
دفعني للحديث عن هذه القضية رغم شعورنا بالمرارة حين نعرض لها ما جاء من تصريحات الناطق الرسمي باسم الصدريين صلاح العبيدي و التي ادعى فيها أن كافة المراجع لا تقبل بحل جيش المهدي بل و لا ترضى بنزع أسلحته كما انه ادعى ادعاء غريبا جاء فيه : إن مقتدى الصدر لا يقرر شيئا إلا بعد الرجوع فيه إلى المراجع و أخذ رأيهم ! بالطبع لم يكن هذا هو التصريح الأول من نوعه فقد سبقته عشرات التصريحات كان للعبيدي جزء منها و كلها ادعت ما ادعاءه هذا الرجل . و هنا قد يتساءل البعض كيف يتسنى لهؤلاء إطلاق ادعاءات مفضوحة و الإصرار على كذب أصلع كما يقال ؟ ألا يخشون أن تكذبهم المرجعيات و عندها يبدون في وضع بائس للغاية ؟ جزء من الإجابة يبدأ بسؤال آخر هو : هل أصدرت المرجعية يوما بيانا أوضحت فيه زيف هذه المدعيات و تقويلها أقوالا لم تقلها قط ؟؟ لا شك أن الجواب هو أن المرجعية لم تقدم على شيء من ذلك و اعني به إصدار بيان يعقب على هذه الأقوال المعروفة مسبقا بأنها تلفيقات و تزييف للحقائق و بعيدة عن الواقع بعد السماء عن الأرض فتعمد فيه المرجعية إلى تكذيب تصريحات الصدريين و إعلان أنها ليست راغبة في عدم حل المليشيات كيف وهي تدعو ليل نهار إلى حصر السلاح بيد الدولة حسب و عدم شرعية أي طرف مسلح يحاول أن يقيم له كيانا داخل كيان الدولة و يتمرد على القانون بقانون خاص يختلقه لنفسه و يأخذ بمحاكمة الناس بموجبه ..
أجل لم يصدر من المرجعية بيان كهذا و لم تقدم يوما على التعقيب على تصريحات القيادة الصدرية و أتباعها كما نعتقد أنها لن تفعل ذلك مستقبلا إلا إذا اقتضت المصلحة العامة و تبدلت الظروف و رفعت العوائق التي تمنع من اتخاذ الموقف الصارم و المعلن بحيث لا يقود إلى سلبيات مؤثرة . و ما ذلك إلا صمتا في الحق فهي واعية تمام الوعي إلى حقيقة أن تكذيب تلك الأقوال سيقود إلى ما هو سلبي فليس من شيمة المرجعية و لا طبيعتها أن تزرع يوما بذرة خلاف بين اثنين من الناس فيكف و هي أمام مشكلة اسمها الصدر و أتباعه وهي تدرك أن هؤلاء نفر من أنصاف المتعلمين بل قد يكون هذا الوصف غير دقيق فالأغلبية منهم ذوو جهل كامل و مطبق و ما هم إلا أوباش خلفتها ثقافة البعث المقيت ، إنهم ثلة من الشباب النزق الذي يصعب التفاهم معه بغير اللغة التي يفهمونها . لا تريد المرجعية الرد على هذه الاختلاقات و الأكاذيب لأنها إن أقدمت على ذلك أهدت للزمر الخارجة عن القانون خدمة جليلة في الإمعان بتمزيق المجتمع و زرع بذور الخلاف و الشقاق وهي بالتالي ستكون طرفا في سجال و مهاترة إعلامية تربأ بنفسها عن الخوض فيها .
لا تفكر المرجعية الرشيدة بعقلية الولي المقدس الذي لم تترك ثنائياته سوى حشد وافر من الخلافات و حالات التمزق التي أوهنت الصف و أتاحت المجال لأعداء العراق من أن تكون لهم يد في التلاعب بمصير البلد . سيبقى الصدريون يرددون هذه الأقوال التي لا حظ لها من واقع و لا من حقيقة لعلمهم أن المراجع لن يخرجوا عن التزاماتهم الشرعية و الأخلاقية في عدم الدخول بأية قضية تشم منها رائحة الخلاف وهي تدرك تماما طبيعة ما سيقوله الصدريون و ما يشنونه من حملة شرسة لو قامت بتكذيبهم على رؤوس الأشهاد حيث سيتهمونها بالعمالة للمحتل و الارتباط بأطراف خارجية و هلم جرا ، و ليست هذه التهم بنفسها مما تحذره المراجع الشيعية المعروفة بحكمتها و بعد نظرها و حصافتها بل ما ستؤدي إليه من احتقانات و خلافات على صعيد الأتباع و هي حريصة كل الحرص على أن يتعايش الجميع في جو من المودة و الأخوة و الاحترام و هي أحرص ما يكون على سيادة النظام العام و فرض الدولة لسلطتها و قانونها وهذا ما رددته مرارا و تكرارا .
و أخيرا أدعو صلاح العبيدي و غيره من المتقولين أن يراجعوا مفاهيمهم التي تعفنت في عقولهم و أن يهضموا قضية بديهية تقول إن الصمت في الحق خير من النطق بالباطل و لينصفوا بعدها المرجعية في أقوالهم و تقسيماتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان .