بحر النور
28-05-2008, 07:46 PM
من هو اليتيم :
شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تُوَجَّه أنظار المسلمين ومشاعرهم إلى بعض شرائح المجتمع الضعيفة، والتي لا تقوى على القيام بدورها الطبيعي في المجتمع إلا بدعم مساند من جهات أخرى، ولعلَّ على رأس هذه الفئات هي شريحة الأيتام، والتي فيها من الضعف والحاجة إلى العطف والحنان والمساعدة المادية والإنسانية الشيء الكثير، ولقد كان الرسول من أوائل الذين لمسوا آلام اليتيم وأحزانه؛ ولذلك سجَّل في حديثه الشريف: "أَنَا وَكافِلُ اليَتِيْمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُما" رواه البخاري، والأعجب من ذلك أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد ذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة، وفي ذلك إشارة واضحة للمسلمين للانتباه والوقوف وقفة جادة أمام هذه الفئة وأمام احتياجاتها، والمشاكل التي قد تواجهها سواءً أكانت معنوية أم مادية أم اجتماعية أم غير ذلك.
والحقيقة أنه في البلاد التي يكثر فيها الفقر والجوع مثل: أفغانستان، وباكستان، وكشمير، وبلاد القوقاز، وبعض بلاد أفريقيا، وغيرها تتضاعف فيها مسئولية المؤسسة الكافلة للأيتام، بسبب ضآلة دور بيت اليتيم أو مجتمعه في عملية تربية اليتيم وتعليمه والحفاظ عليه، فالمؤسسة الكافلة هي التي تلعب دور المربي والمرشد والموجِّه والحاضن لهذا اليتيم، وبناء على وجود مثل هذه المعاني نَوَدُّ أن نشير إلى سلبية هامة أبرزها واقع التجربة والعمل مع الأيتام ألا وهي إنهاء أو قطع كفالة اليتيم عند بلوغه سن السادسة عشرة من عمره، ولعل سَنَّ هذا القانون عند معظم المؤسسات الكافلة للأيتام جاء اعتمادًا على الحديث الشريف "لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلام"، أو وقوفًا عند رغبة بعض الكفلاء الكرام الذين يرغبون في كفالة أيتام في سن مبكرة.
فمن أبرز النقاط السلبية التي لمسناها من خلال واقع التجربة عند قطع وإنهاء كفالة اليتيم عند السن المذكور ما يلي:
1- انقطاع السبيل باليتيم عند الصف الدراسي السابع أو الثامن دون أن يكمل مرحلة الثانوية العامة، وهي المستوى الأدنى من المؤهلات العلمية.
2- بسبب الفقر والجوع وحاجة عائلة اليتيم، غالبًا ما يتَّجِه اليتيم بعد قطع الكفالة إلى ميدان العمل الذي يبعده عن ميدان التعليم، ويبقى دون مؤهل علمي يعينه في الحياة.
3- الكثير من دور الأيتام التابعة للمؤسسات الخيرية الإسلامية في مختلف الدول الآسيوية وغيرها فتحت أبوابها منذ عشرات السنوات، وحتى اللحظة لم يتخرج من الثانوية فيها أحد من الأيتام المكفولين لديها!!، وما ذلك إلا بسبب قطع الكفالة عن اليتيم عند سن السادسة عشر، في حين يتراوح عدد الأيتام في كل دار تقريبًا ما بين 300 : 500 يتيم، فهي معظمها عبارة عن مدارس ابتدائية أو متوسطة.
4- بعض أيتام المؤسسات الخيرية الإسلامية يتخرجون في الصف السادس أو الثامن، ويكملون دراستهم الثانوية مجانًا في بعض المدارس التابعة لمؤسسات نصرانية تبشيرية موجودة في المنطقة بكثرة!!، مما يؤثر على دينهم وسلوكهم.
5- عندما تقطع المؤسسة كفالة اليتيم عند السادسة عشر فإنها تتركه في سن المراهقة، وهو سن خطير ومنعطف كبير في حياة الفرد يحتاج فيه إلى التوجيه والإرشاد في شتى الجوانب العاطفية والفكرية والثقافية وغيرها.
6- عدم إكمال اليتيم للمرحلة الثانوية أو الجامعية يعني تركه دون وعي كافٍ؛ ليواجه صراع مجتمعه البائس.
7- المجتمعات التي تتعامل معها المؤسسات الخيرية الإسلامية في كفالة الأيتام مجتمعات تكثر فيها نسبة الأمية والجهل بنسبة تزيد عن 95 % حسب الإحصائيات الرسمية للأمم المتحدة، وهي بحاجة إلى تأهيل طاقة متعلمة؛ لتساهم في تخفيف وطأة هذه المشكلة، وبسبب قطع كفالة اليتيم عند سن 16 سنة وعدم وجود سياسيات طويلة المدى، فالمؤسسات الإسلامية الكافلة لا يكون لها في النهاية دور فعال في علاج هذه المشكلة الكبيرة.
8- هناك عدد لا بأس به من الأيتام الأذكياء المتفوقين الذين لو واصلوا مسيرتهم التعليمية لأصبحوا من العلماء النابغين الذين قد يقومون بدور حقيقي في رُقِيِّ وتطوير مجتمعاتهم، ولكن هذه الفئة - وللأسف الشديد - يكون مصيرها في النهاية مثل مصير البقية: بائعا في السوق، أو مستخدما في مكان ما!!.
9- عندما ترفع الكفالة عن اليتيم ويخرج من دار الأيتام إلى أحضان مجتمعه القاسي وبين رفقاء السوء، وفي سن لا تتميز بالوعي يصبح من السهل أن يُقاد هذا اليتيم إلى عالم الجريمة والأخلاق الرديئة.
10- انقطاع الكفالة عن اليتيم في هذا السن قد يُحْدِث عند اليتيم حالة نفسية، أو ردة فعل عكسية تجاه المؤسسات الإسلامية الكافلة وقد حصل ذلك مع بعض الأيتام.
11- اختلاف مناهج التدريس في بعض دور الأيتام التابعة للمؤسسات الإسلامية عن غيرها من المدارس الحكومية والعامة في المنطقة؛ يجعل من إمكانية مواصلة اليتيم لدراسته أمرًا صعبًا جدًّا.
12- إذا أرادت بعض المؤسسات أن تُعَلِّم اليتيم مهنة فنية تكون له عائلاً ومصدر رزق، فإن ذلك لا يمكن في سِنٍّ مبكرة، وتكون عملية قطع كفالة اليتيم عند سن 16 سنة عائقًا كبيرًا أمام هذا الأمر.
13- الغالبية العظمى من الأيتام في مجتمعات الجهل والتخلف يلتحقون بالدراسة في سن متأخرة عن الحد الطبيعي (6 سنوات) إلى سن التاسعة أو العاشرة، وعندما تُقْطَع كفالته عند سن 16 سنة فإنه قد يكون لم يكمل الابتدائية بعد.
والفقه الإسلامي لم يمكن ليقف موقفًا جامدًا أمام هذه الظاهرة التي ذكرناها، والتي تؤثر على مستقبل أجيال من الأيتام الذين تقوم على كفالتهم ورعايتهم المؤسسات الخيرية الإسلامية، وإنما حاول الفقهاء تفسير الحديث الشريف: "لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلام" بأن ما يزول هنا عن اليتيم في هذا السن (سن البلوغ) هو الاسم فقط أي مصطلح يتيم، أما الصفة فتبقى إلى أن يصل اليتيم إلى سن الرشد، أو بالأحرى السن التي يستطيع فيها أن يستكمل آليات كسب الرزق، وكثير من علماء الفقه أجمعوا على أن كفالة اليتيم والوصاية عليه لا تنتهي إلا بوصول اليتيم إلى سن الرشد، فبعضهم قال في 22 سنة، وأبو حنيفة أجازه إلى سن 25 سنة.
وبناء على ما تقدم فإننا نناشد الكفلاء الكرام والمؤسسات الخيرية الإسلامية العمل الجاد على تجاوز هذه السلبية المذكورة سلفًا وآثارها السيئة؛ كي تتوفر الفرصة الكافية لصناعة رجال يمكن أن يكون لهم دور إيجابي مستقبلاً على صعيد مجتمعاتهم أولاً وأمتهم ثانيًا.
شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تُوَجَّه أنظار المسلمين ومشاعرهم إلى بعض شرائح المجتمع الضعيفة، والتي لا تقوى على القيام بدورها الطبيعي في المجتمع إلا بدعم مساند من جهات أخرى، ولعلَّ على رأس هذه الفئات هي شريحة الأيتام، والتي فيها من الضعف والحاجة إلى العطف والحنان والمساعدة المادية والإنسانية الشيء الكثير، ولقد كان الرسول من أوائل الذين لمسوا آلام اليتيم وأحزانه؛ ولذلك سجَّل في حديثه الشريف: "أَنَا وَكافِلُ اليَتِيْمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُما" رواه البخاري، والأعجب من ذلك أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد ذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة، وفي ذلك إشارة واضحة للمسلمين للانتباه والوقوف وقفة جادة أمام هذه الفئة وأمام احتياجاتها، والمشاكل التي قد تواجهها سواءً أكانت معنوية أم مادية أم اجتماعية أم غير ذلك.
والحقيقة أنه في البلاد التي يكثر فيها الفقر والجوع مثل: أفغانستان، وباكستان، وكشمير، وبلاد القوقاز، وبعض بلاد أفريقيا، وغيرها تتضاعف فيها مسئولية المؤسسة الكافلة للأيتام، بسبب ضآلة دور بيت اليتيم أو مجتمعه في عملية تربية اليتيم وتعليمه والحفاظ عليه، فالمؤسسة الكافلة هي التي تلعب دور المربي والمرشد والموجِّه والحاضن لهذا اليتيم، وبناء على وجود مثل هذه المعاني نَوَدُّ أن نشير إلى سلبية هامة أبرزها واقع التجربة والعمل مع الأيتام ألا وهي إنهاء أو قطع كفالة اليتيم عند بلوغه سن السادسة عشرة من عمره، ولعل سَنَّ هذا القانون عند معظم المؤسسات الكافلة للأيتام جاء اعتمادًا على الحديث الشريف "لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلام"، أو وقوفًا عند رغبة بعض الكفلاء الكرام الذين يرغبون في كفالة أيتام في سن مبكرة.
فمن أبرز النقاط السلبية التي لمسناها من خلال واقع التجربة عند قطع وإنهاء كفالة اليتيم عند السن المذكور ما يلي:
1- انقطاع السبيل باليتيم عند الصف الدراسي السابع أو الثامن دون أن يكمل مرحلة الثانوية العامة، وهي المستوى الأدنى من المؤهلات العلمية.
2- بسبب الفقر والجوع وحاجة عائلة اليتيم، غالبًا ما يتَّجِه اليتيم بعد قطع الكفالة إلى ميدان العمل الذي يبعده عن ميدان التعليم، ويبقى دون مؤهل علمي يعينه في الحياة.
3- الكثير من دور الأيتام التابعة للمؤسسات الخيرية الإسلامية في مختلف الدول الآسيوية وغيرها فتحت أبوابها منذ عشرات السنوات، وحتى اللحظة لم يتخرج من الثانوية فيها أحد من الأيتام المكفولين لديها!!، وما ذلك إلا بسبب قطع الكفالة عن اليتيم عند سن السادسة عشر، في حين يتراوح عدد الأيتام في كل دار تقريبًا ما بين 300 : 500 يتيم، فهي معظمها عبارة عن مدارس ابتدائية أو متوسطة.
4- بعض أيتام المؤسسات الخيرية الإسلامية يتخرجون في الصف السادس أو الثامن، ويكملون دراستهم الثانوية مجانًا في بعض المدارس التابعة لمؤسسات نصرانية تبشيرية موجودة في المنطقة بكثرة!!، مما يؤثر على دينهم وسلوكهم.
5- عندما تقطع المؤسسة كفالة اليتيم عند السادسة عشر فإنها تتركه في سن المراهقة، وهو سن خطير ومنعطف كبير في حياة الفرد يحتاج فيه إلى التوجيه والإرشاد في شتى الجوانب العاطفية والفكرية والثقافية وغيرها.
6- عدم إكمال اليتيم للمرحلة الثانوية أو الجامعية يعني تركه دون وعي كافٍ؛ ليواجه صراع مجتمعه البائس.
7- المجتمعات التي تتعامل معها المؤسسات الخيرية الإسلامية في كفالة الأيتام مجتمعات تكثر فيها نسبة الأمية والجهل بنسبة تزيد عن 95 % حسب الإحصائيات الرسمية للأمم المتحدة، وهي بحاجة إلى تأهيل طاقة متعلمة؛ لتساهم في تخفيف وطأة هذه المشكلة، وبسبب قطع كفالة اليتيم عند سن 16 سنة وعدم وجود سياسيات طويلة المدى، فالمؤسسات الإسلامية الكافلة لا يكون لها في النهاية دور فعال في علاج هذه المشكلة الكبيرة.
8- هناك عدد لا بأس به من الأيتام الأذكياء المتفوقين الذين لو واصلوا مسيرتهم التعليمية لأصبحوا من العلماء النابغين الذين قد يقومون بدور حقيقي في رُقِيِّ وتطوير مجتمعاتهم، ولكن هذه الفئة - وللأسف الشديد - يكون مصيرها في النهاية مثل مصير البقية: بائعا في السوق، أو مستخدما في مكان ما!!.
9- عندما ترفع الكفالة عن اليتيم ويخرج من دار الأيتام إلى أحضان مجتمعه القاسي وبين رفقاء السوء، وفي سن لا تتميز بالوعي يصبح من السهل أن يُقاد هذا اليتيم إلى عالم الجريمة والأخلاق الرديئة.
10- انقطاع الكفالة عن اليتيم في هذا السن قد يُحْدِث عند اليتيم حالة نفسية، أو ردة فعل عكسية تجاه المؤسسات الإسلامية الكافلة وقد حصل ذلك مع بعض الأيتام.
11- اختلاف مناهج التدريس في بعض دور الأيتام التابعة للمؤسسات الإسلامية عن غيرها من المدارس الحكومية والعامة في المنطقة؛ يجعل من إمكانية مواصلة اليتيم لدراسته أمرًا صعبًا جدًّا.
12- إذا أرادت بعض المؤسسات أن تُعَلِّم اليتيم مهنة فنية تكون له عائلاً ومصدر رزق، فإن ذلك لا يمكن في سِنٍّ مبكرة، وتكون عملية قطع كفالة اليتيم عند سن 16 سنة عائقًا كبيرًا أمام هذا الأمر.
13- الغالبية العظمى من الأيتام في مجتمعات الجهل والتخلف يلتحقون بالدراسة في سن متأخرة عن الحد الطبيعي (6 سنوات) إلى سن التاسعة أو العاشرة، وعندما تُقْطَع كفالته عند سن 16 سنة فإنه قد يكون لم يكمل الابتدائية بعد.
والفقه الإسلامي لم يمكن ليقف موقفًا جامدًا أمام هذه الظاهرة التي ذكرناها، والتي تؤثر على مستقبل أجيال من الأيتام الذين تقوم على كفالتهم ورعايتهم المؤسسات الخيرية الإسلامية، وإنما حاول الفقهاء تفسير الحديث الشريف: "لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلام" بأن ما يزول هنا عن اليتيم في هذا السن (سن البلوغ) هو الاسم فقط أي مصطلح يتيم، أما الصفة فتبقى إلى أن يصل اليتيم إلى سن الرشد، أو بالأحرى السن التي يستطيع فيها أن يستكمل آليات كسب الرزق، وكثير من علماء الفقه أجمعوا على أن كفالة اليتيم والوصاية عليه لا تنتهي إلا بوصول اليتيم إلى سن الرشد، فبعضهم قال في 22 سنة، وأبو حنيفة أجازه إلى سن 25 سنة.
وبناء على ما تقدم فإننا نناشد الكفلاء الكرام والمؤسسات الخيرية الإسلامية العمل الجاد على تجاوز هذه السلبية المذكورة سلفًا وآثارها السيئة؛ كي تتوفر الفرصة الكافية لصناعة رجال يمكن أن يكون لهم دور إيجابي مستقبلاً على صعيد مجتمعاتهم أولاً وأمتهم ثانيًا.