أرجوان
04-06-2008, 02:58 AM
الحلقة الاولى
التمهيد
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. وبعد فإن هذه هي الحلقة الاولى من دروس في علم الاصول وضعناها للمبتدئين بدراسة هذا العلم وتتبعها حلقتان أخريان إن شاء الله تعالى ويتكامل من خلال الحلقات الثلاث إعداد الطالب للدراسة العليا وحضور أبحاث الخارج وقد شرحنا في مقدمة هذه الحلقة ما يتعلق بهذه الحلقات الثلاث ومنهجها وطريقة تدريسها إن شاء الله تعالى ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق. النجف الاشرف محمد باقر الصدر جمادي الاولى 1397 ه.
بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف بعلم الاصول كلمة تمهيدية بعد أن آمن الانسان بالله والاسلام والشريعة، وعرف أنه مسؤول بحكم كونه عبد لله تعالى عن إمتثال أحكامه، يصبح ملزما بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الاسلامية، وبإتخاذ الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعه، ولاجل هذا كان لزاما على الانسان أن يعين هذا الموقف العملي، ويعرف كيف يتصرف في كل واقعة. ولو كانت أحكام الشريعة في كل الوقائع واضحة وضوحا بديهيا للجميع لكان تحديد الموقف العملي المطلوب تجاه الشريعة في كل واقعة أمرا ميسورا لكل أحد، ولما إحتاج إلى بحث علمي ودراسة واسعة، ولكن عوامل عديدة منها بعدنا الزمني عن عصر التشريع أدت إلى عدم وضوح عدد كبير من أحكام الشريعة وإكتنافها بالغموض. وعلى هذا الاساس كان من الضروري أن يوضع علم يتولى دفع الغموض عن الموقف العملي تجاه الشريعة في كل واقعة بإقامة الدليل على تعيينه. وهكذا كان فقد أنشى علم الفقه للقيام بهذه المهمة، فهو يشتمل على تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديدا إستدلاليا والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العملي في كل حدث من أحداث
الحياة، وهذا ما نطلق عليه إسم عملية إستنابط الحكم الشرعي. ولاجل هذا يمكن القول بأن علم الفقه هو: علم إستنابط الاحكام الشرعية أو علم عملية الاستنباط بتعبير آخر. وتحديد الموقف العملي بدليل يتم في علم الفقه بأسلوبين: أحدهما: تحديده بتعيين الحكم الشرعي. والآخر: تحديد الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك بعد إستحكام الشك وتعذر تعيينه. والادلة التي تستعمل في الاسلوب الاول نسميها بالادلة أو الادلة المحرزة إذ يحرز بها الحكم الشرعي والادلة التي تستعمل في الاسلوب الثاني تسمى بالادلة العملية أو الاصول العملية. وفي كلا الاسلوبين يمارس الفقيه في علم الفقه إستنباط الحكم الشرعي أي يحدد الموقف العملي تجاهه بالدليل. وعمليات الاستنابط التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعددها وتنوعها تشترك في عناصر موحدة وقواعد عامة تدخل فيها على تعددها وتنوعها، وقد تطلبت هذه العناصر المشتركه في عملية الاستنباط وضع علم خاص بها لدراستها وتحديدها وتهيئتها لعلم الفقه فكان علم الاصول. تعريف علم الاصول وعلى هذا الاساس نرى أن يعرف علم الاصول بأنه " العلم بالعناصر المشتركة في عملية إستنباط الحكم الشرعي ". ولكي نستوعب هذا التعريف يجب أن نعرف ما هي العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. ولنذكر - لاجل ذلك - نماذج بدائية من هذه العملية في صيغ مختصرة
لكي نصل عن طريق دراسة هذه النماذج والمقارنة بينها إلى فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. إفرضوا أن فقيها واجه هذه الاسئلة: 1 - هل يحرم على الصائم أن يرتمس في الماء ؟ 2 - هل يجب على الشخص إذا ورث مالا من أبيه أن يؤدي خمسه ؟ 3 - هل تبطل الصلاة بالقهقهة في أثنائها ؟ فإذا أراد الفقيه أن يجيب على هذه الاسئلة فإنه سوف يجيب على السؤال الاول مثلا بالايجاب وانه يحرم الارتماس على الصائم ويستنبط ذلك بالطريقة التالية: قد دلت رواية يعقوب بن شعيب عن الامام الصادق (عليه السلام) على حرمة الارتماس على الصائم فقد جاء فيها أنه قال: لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم. والجملة بهذا التركيب تدل في العرف العام على الحرمة وراوي النص يعقوب ين شعيب ثقة والثقة وإن كان قد يخطى أو يشذ أحيانا ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطإ أو الكذب وإعتبره حجة، والنتيجة هي أن الارتماس حرام. ويجيب الفقيه على السؤال الثاني بالنفي لان رواية علي بن مهزيار جاءت في مقام تحديد الاموال التي يجب فيها الخمس وورد فيها أن الخمس ثابت في الميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، والعرف العام يفهم من هذه الجملة أن الشارع لم يجعل خمسا على الميراث الذي ينتقل من الاب إلى ابنه، والراوي ثقة وخبر الثقة حجه، والنتيجة هي أن الخمس في تركة الاب غير واجب. ويجيب الفقيه على السؤال الثالث بالايجاب بدليل رواية زرارة عن الامام الصادق أنه قال: " القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة " والعرف العام
يفهم من النقض أن الصلاة تبطل بها وزرارة ثقة وخبر الثقة حجة، فالصلاة مع القهقهة باطلة إذن. وبملاحظة هذه المواقف الفقهية الثلاثة نجد أن الاحكام التي إستنبطها الفقيه كانت من أبواب شتى من الفقه، وأن الادلة التي إستند إليها الفقيه مختلفة، فبالنسبة إلى الحكم الاول إستند إلى رواية يعقوب بن شعيب، وبالنسبة إلى الحكم الثاني إستند إلى رواية علي إبن مهزيار، وبالنسبة إلى الحكم الثالث استند إلى رواية زرارة ولكل من الروايات الثلاث متنها وتركيبها اللفظي الخاص الذي يجب أن يدرس بدقة ويحدد معناه، ولكن توجد في مقابل هذا التنوع وهذه والاختلافات بين المواقف الثلاثة عناصر مشتركة أدخلها الفقيه في عمليه الاستنباط في المواقف الثلاثة جميعا. فمن تلك العناصر المشتركة الرجوع إلى العرف العام في فهم الكلام الصادر عن المعصوم، وهو ما يعبر عنه بحجية الظهور العرفي فحجية الظهور إذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث، وكذلك يوجد عنصر مشترك آخر وهو حجية خبر الثقة. وهكذا نستنتج أن عمليات الاستنابط تشتمل على عناصر مشتركة كما تشتمل على عناصر خاصة، ونعني بالعناصر الخاصة تلك العناصر التي تتغير من مسألة إلى أخرى فرواية يعقوب إبن شعيب عنصر خاص في عملية إستنباط حرمة الارتماس لانها لم تدخل في عمليات الاستنابط الاخرى بل دخلت بدلا عنها عناصر خاصة أخرى كرواية علي بن مهزيار ورواية زرارة. ونعني بالعناصر المشتركة القواعد العامة التي تدخل في عمليات إستنابط أحكام عديدة في أبواب مختلفة. وفي علم الاصول تدرس العناصر المشتركة وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصة في كل مسألة. وهكذا يترك للفقيه في كل مسألة أن يفحص بدقة الروايات والمدارك
الخاصة التي ترتبط بتلك المسألة ويدرس قيمة تلك الروايات ويحاول فهم ألفاظها وظهورها العرفي وأسانيدها بينما يتناول الاصولي البحث عن حجية الظهور وحجية الخبر وهكذا. وعلم الاصول لا يحدد العناصر المشتركة فحسب بل يحدد أيضا درجات إستعمالها والعلاقة بينها كما سنرى في البحوث المقبلة إن شاء الله تعالى. موضوع علم الاصول لكل علم - عادة - موضوع أساسي ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله وتستهدف الكشف عما يرتبط بذلك الموضوع من خصائص وحالات وقوانين، فالفيزياء مثلا موضوعها الطبيعة وبحوث الفيرياء ترتبط كلها بالطبيعة وتحاول الكشف عن حالاتها وقوانينها العامة. والنحو موضوعه الكلمة لانه يبحث عن حالات إعرابها وبنائها رفعها ونصبها. فما هو موضوع علم الاصول الذي تدور حوله بحوثه ؟. ونحن إذا لاحظنا التعريف الذي قدمناه لعلم الاصول إستطعنا أن نعرف أن علم الاصول يدرس في الحقيقة الادلة المشتركة في علم الفقه لاثبات دليلتها، وبهذا صح القول بأن موضوع علم الاصول هو الادلة المشتركة في عملية الاستنباط. علم الاصول منطق الفقه ولا بد أن معلوماتكم عن علم المنطق تسمح لنا أن نستخدمه كمثال لعلم الاصول، فإن علم المنطق كما تعلمون يدرس في الحقيقة عملية التفكير مهما كان مجالها وحقلها العلمي، ويحدد النظام الذي يجب أن تتعبه لكي يكون التفكير سليما، مثلا يعلمنا علم المنطق كيف يجب أن ننهج في الاستدلال
بوصفه عملية تفكير لكي يكون الاستدلال صحيحا، كيف نستدل على أن سقراط فان ؟ وكيف نستدل على أن نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ؟ وكيف نستدل على أن مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين ؟ وكيف نستدل على أن الخط الممتد بدون نهاية مستحيل ؟ كل هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامة للاستدلال كالقياس والاستقراء، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقا. و وعلم الاصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية غير أنه يبحث عن نوع خاص من عملية التفكير أي عن عملية التفكير الفقهي في إستنباط الاحكام، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليما، فهو يعلمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ؟ وكيف نستنبط إعتصام ماء الكر ؟ وكيف نستنبط الحكم بإستحباب صلاة العيد أو وجوبها ؟ وذلك بوضع المناهج العامة وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط. وعلى هذا الاساس يصح أن يطلق على علم الاصول إسم منطق علم الفقه لانه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشري بصورة عامة. أهمية علم الاصول في عملية الاستنباط ولسنا بعد ذلك بحاجة إلى التأكيد على أهمية علم الاصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط لانه ما دام يقدم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ويضع لها نظامها العام فهو عصب الحياة فيها، وبدون علم الاصول يواجه الشخص في الفقه ركاما متناثرا من النصوص والادلة دون أن يستطيع إستخدامها والاستفادة منها في الاستنباط، كإنسان يواجه أدوات النجارة ويعطى منشارا وفأسا وما إليها من أدوات دون أن يملك أفكارا عامة عن
عملية النجارة وطريقة إستخدام تلك الادوات. وكما أن العناصر المشتركة ضرورية لعملية الاستنباط فكذلك العناصر الخاصة التي تختلف من مسألة إلى أخرى كمفردات الآيات والروايات المتناثرة فإنها الجزء الضروري الآخر فيها، فلا يكفي مجرد الاطلاع على العناصر المشتركة التي يمثلها علم الاصول ومن يحاول الاستنباط على أساس الاطلاع الاصولي فحسب نظير من يملك معلومات نظرية عامة عن عملية النجارة ولا يوجد لديه فأس ولا منشار وما إليهما من أدوات النجارة فكما يعجز هذا عن صنع سرير خشبي مثلا كذلك يعجز الاصولي عن الاستنباط إذ لم يفحص بدقة العناصر الخاصة المتغيرة من مسألة إلى أخرى. فالعناصر المشتركة والعناصر الخاصة قطبان مندمجان في عملية الاستنباط ولا غنى للعملية عنهما معا. الاصول والفقه يمثلان النظرية والتطبيق ونخشى أن نكون قد أوحينا اليكم بتصور خاطى حين أو ضحنا أن المستنبط يدرس في علم الاصول العناصر المشتركة ويحددها ويتناول في بحوث علم الفقه العناصر الخاصة ليكمل بذلك عملية الاستنباط، إذ قد يتصور البعض أنا إذا درسنا في علم الاصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وعرفنا مثلا حجية الخبر وحجية الظهور وما إليهما من العناصر الاصولية فلا يبقى علينا بعد ذلك أي جهد علمي، إذ لا نحتاج ما دمنا نملك تلك العناصر إلا إلى مجرد إستخراج الروايات والنصوص من مواضعها لكي تضاف إلى العناصر المشتركة ويستنبط منها الحكم الشرعي، وهو عمل سهل بطبيعته لا يشتمل على جهد علمي. ولكن هذا التصور خاطى إلى درجة كبيرة لان المجتهد إذا مارس
العناصر المشتركة لعملية الاستنباط وحددها في علم الاصول لا يكتفي بعد ذلك بتجميع أعمى للعناصر الخاصة من كتب الاحاديث والروايات مثلا بل يبقى عليه أن يمارس في علم الفقه تطبيق تلك العناصر المشتركة ونظرياتها العامة على العناصر الخاصة، والتطبيق مهمة فكرية بطبيعتها تحتاج إلى درس وتمحيض، ولا يغني الجهد العلمي المبذول أصوليا عن بذل جهد جديد في التطبيق، فلنفرض مثلا أن المجتهد آمن في علم الاصول بحجية الظهور العرفي فهل يكفيه أن يضع إصبعه على رواية علي بن مهزيار التي حددت مجالات الخمس مثلا يضيفها إلى العنصر المشترك ويستنبط من ذلك عدم وجوب الخمس في ميراث الاب ؟ أو ليس المجتهد بحاجة إلى تدقيق مدلول النص في الرواية لمعرفة نوع مدلوله في العرف العام ودراسة كل ما يرتبط بتحديد ظهوره العرفي من قرائن وإمارات داخل إطار النص أو خارجه لكي يتمكن بأمانة من تطبيق العنصر المشترك القائل بحجية الظهور العرفي ؟ وفي هذا الضوء نعرف أن البحث الفقهي عن العناصر الخاصة في عملية الاستنباط ليس مجرد عملية تجميع، بل هو مجال التطبيق للنظريات الاصولية، وتطبيق النظريات العامة له دائما موهبته الخاصة ودقته ومجرد الدقة في النظريات العامة لا يغني عن الدقة في تطبيقها، ألا ترون أن من يدرس بعمق النظريات العامة في الطب يحتاج في مجال تطبيقها على حالة مرضية إلى دقة وإنتباه كامل وتفكير في تطبيق تلك النظريات على المريض الذي بين يديه. التفاعل بين الفكر الاصولي والفكر الفقهي عرفنا أن علم الاصول يقوم بدور المنطق بالنسبة إلى علم الفقه والعلاقة بينهما علاقة النظرية والتطبيق، وهذا الترابط الوثيق بينهما يفسر لنا التفاعل المتبادل بين الذهنية الاصولية على صعيد النظريات من ناحية وبين الذهنية الفقهية على صعيد التطبيق من ناحية أخرى، لان توسع بحوث التطبيق يدفع
بحوث النظرية خطوة إلى الامام لانه يثير أمامها مشاكل ويضطرها إلى وضع النظريات العامة لحولها، كما أن دقة البحث في النظريات الاصولية تنعكس على صعيد التطبيق إذ كلما كانت النظريات أوفر وأدق تطلبت طريقة تطبيقها دقة وعمقا أكبر. وهذا التفاعل بين الذهنيتين الاصولية والفقهية يؤكده تاريخ العلمين على طول الخط، وتكشف عنه بوضوح دراسة المراحل التي مر بها البحث الفقهي والبحث الاصولي في تاريخ العلم، فقد نشأ علم الاصول في أحضان علم الفقه كما نشأ علم الفقه في أحضان علم الحديث. ولم يكن علم الاصول مستقلا عن علم الفقه في البداية ومن خلال نمو علم الفقه وإتساع أفق التفكير الفقهي أخذت الخيوط العامة، والعناصر المشتركة في عملية الاستنباط تبدو وتتكشف وأخذ الممارسون للعمل الفقهي يلاحظون إشتراك عمليات الاستنباط في عناصر عامة لا يمكن إستخراج الحكم الشرعي بدونها، وكان ذلك إيذانا بمولد علم الاصول وإتجاه الذهنية الفقهية إتجاها أصوليا، فانفصل علم الاصول عن علم الفقه في البحث والتصنيف وأخذ يتسع ويشرى تدريجا من خلال نمو الفكر الاصولي من ناحية وتبعا لتوسع البحث الفقهي من ناحية أخرى، لان إتساع نطاق التطبيق الفقهي كان يلفت أنظار الممارسين إلى مشاكل جديدة فتوضع للمشاكل حلولها المناسبة وتتخذ الحلول صورة العناصر المشتركة في علم الاصول. وكلما بعد الفقيه عن عصر النص تعدد جوانب الغموض في فهم الحكم من مداركه الشرعية وتنوعت الفجوات في عملية الاستنباط نتيجة للبعد الزمني، فيحس أكثر فاكثر بالحاجة إلى تحديد قواعد عامة يعالج بها جوانب الغموض ويملا بها تلك الفجوات، وبهذا كانت الحاجة إلى علم الاصول تاريخية بمعنى أنها تشتد وتتأكد كلما إبتعد الفقيه تاريخيا عن عصر النص وتراكمت الشكوك على عملية الاستنباط التي يمارسها.
يتبع..
التمهيد
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين. وبعد فإن هذه هي الحلقة الاولى من دروس في علم الاصول وضعناها للمبتدئين بدراسة هذا العلم وتتبعها حلقتان أخريان إن شاء الله تعالى ويتكامل من خلال الحلقات الثلاث إعداد الطالب للدراسة العليا وحضور أبحاث الخارج وقد شرحنا في مقدمة هذه الحلقة ما يتعلق بهذه الحلقات الثلاث ومنهجها وطريقة تدريسها إن شاء الله تعالى ومن الله سبحانه نستمد العون والتوفيق. النجف الاشرف محمد باقر الصدر جمادي الاولى 1397 ه.
بسم الله الرحمن الرحيم
التعريف بعلم الاصول كلمة تمهيدية بعد أن آمن الانسان بالله والاسلام والشريعة، وعرف أنه مسؤول بحكم كونه عبد لله تعالى عن إمتثال أحكامه، يصبح ملزما بالتوفيق بين سلوكه في مختلف مجالات الحياة والشريعة الاسلامية، وبإتخاذ الموقف العملي الذي تفرضه عليه تبعيته للشريعه، ولاجل هذا كان لزاما على الانسان أن يعين هذا الموقف العملي، ويعرف كيف يتصرف في كل واقعة. ولو كانت أحكام الشريعة في كل الوقائع واضحة وضوحا بديهيا للجميع لكان تحديد الموقف العملي المطلوب تجاه الشريعة في كل واقعة أمرا ميسورا لكل أحد، ولما إحتاج إلى بحث علمي ودراسة واسعة، ولكن عوامل عديدة منها بعدنا الزمني عن عصر التشريع أدت إلى عدم وضوح عدد كبير من أحكام الشريعة وإكتنافها بالغموض. وعلى هذا الاساس كان من الضروري أن يوضع علم يتولى دفع الغموض عن الموقف العملي تجاه الشريعة في كل واقعة بإقامة الدليل على تعيينه. وهكذا كان فقد أنشى علم الفقه للقيام بهذه المهمة، فهو يشتمل على تحديد الموقف العملي تجاه الشريعة تحديدا إستدلاليا والفقيه في علم الفقه يمارس إقامة الدليل على تعيين الموقف العملي في كل حدث من أحداث
الحياة، وهذا ما نطلق عليه إسم عملية إستنابط الحكم الشرعي. ولاجل هذا يمكن القول بأن علم الفقه هو: علم إستنابط الاحكام الشرعية أو علم عملية الاستنباط بتعبير آخر. وتحديد الموقف العملي بدليل يتم في علم الفقه بأسلوبين: أحدهما: تحديده بتعيين الحكم الشرعي. والآخر: تحديد الوظيفة العملية تجاه الحكم المشكوك بعد إستحكام الشك وتعذر تعيينه. والادلة التي تستعمل في الاسلوب الاول نسميها بالادلة أو الادلة المحرزة إذ يحرز بها الحكم الشرعي والادلة التي تستعمل في الاسلوب الثاني تسمى بالادلة العملية أو الاصول العملية. وفي كلا الاسلوبين يمارس الفقيه في علم الفقه إستنباط الحكم الشرعي أي يحدد الموقف العملي تجاهه بالدليل. وعمليات الاستنابط التي يشتمل عليها علم الفقه بالرغم من تعددها وتنوعها تشترك في عناصر موحدة وقواعد عامة تدخل فيها على تعددها وتنوعها، وقد تطلبت هذه العناصر المشتركه في عملية الاستنباط وضع علم خاص بها لدراستها وتحديدها وتهيئتها لعلم الفقه فكان علم الاصول. تعريف علم الاصول وعلى هذا الاساس نرى أن يعرف علم الاصول بأنه " العلم بالعناصر المشتركة في عملية إستنباط الحكم الشرعي ". ولكي نستوعب هذا التعريف يجب أن نعرف ما هي العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. ولنذكر - لاجل ذلك - نماذج بدائية من هذه العملية في صيغ مختصرة
لكي نصل عن طريق دراسة هذه النماذج والمقارنة بينها إلى فكرة العناصر المشتركة في عملية الاستنباط. إفرضوا أن فقيها واجه هذه الاسئلة: 1 - هل يحرم على الصائم أن يرتمس في الماء ؟ 2 - هل يجب على الشخص إذا ورث مالا من أبيه أن يؤدي خمسه ؟ 3 - هل تبطل الصلاة بالقهقهة في أثنائها ؟ فإذا أراد الفقيه أن يجيب على هذه الاسئلة فإنه سوف يجيب على السؤال الاول مثلا بالايجاب وانه يحرم الارتماس على الصائم ويستنبط ذلك بالطريقة التالية: قد دلت رواية يعقوب بن شعيب عن الامام الصادق (عليه السلام) على حرمة الارتماس على الصائم فقد جاء فيها أنه قال: لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم. والجملة بهذا التركيب تدل في العرف العام على الحرمة وراوي النص يعقوب ين شعيب ثقة والثقة وإن كان قد يخطى أو يشذ أحيانا ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطإ أو الكذب وإعتبره حجة، والنتيجة هي أن الارتماس حرام. ويجيب الفقيه على السؤال الثاني بالنفي لان رواية علي بن مهزيار جاءت في مقام تحديد الاموال التي يجب فيها الخمس وورد فيها أن الخمس ثابت في الميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، والعرف العام يفهم من هذه الجملة أن الشارع لم يجعل خمسا على الميراث الذي ينتقل من الاب إلى ابنه، والراوي ثقة وخبر الثقة حجه، والنتيجة هي أن الخمس في تركة الاب غير واجب. ويجيب الفقيه على السؤال الثالث بالايجاب بدليل رواية زرارة عن الامام الصادق أنه قال: " القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة " والعرف العام
يفهم من النقض أن الصلاة تبطل بها وزرارة ثقة وخبر الثقة حجة، فالصلاة مع القهقهة باطلة إذن. وبملاحظة هذه المواقف الفقهية الثلاثة نجد أن الاحكام التي إستنبطها الفقيه كانت من أبواب شتى من الفقه، وأن الادلة التي إستند إليها الفقيه مختلفة، فبالنسبة إلى الحكم الاول إستند إلى رواية يعقوب بن شعيب، وبالنسبة إلى الحكم الثاني إستند إلى رواية علي إبن مهزيار، وبالنسبة إلى الحكم الثالث استند إلى رواية زرارة ولكل من الروايات الثلاث متنها وتركيبها اللفظي الخاص الذي يجب أن يدرس بدقة ويحدد معناه، ولكن توجد في مقابل هذا التنوع وهذه والاختلافات بين المواقف الثلاثة عناصر مشتركة أدخلها الفقيه في عمليه الاستنباط في المواقف الثلاثة جميعا. فمن تلك العناصر المشتركة الرجوع إلى العرف العام في فهم الكلام الصادر عن المعصوم، وهو ما يعبر عنه بحجية الظهور العرفي فحجية الظهور إذن عنصر مشترك في عمليات الاستنباط الثلاث، وكذلك يوجد عنصر مشترك آخر وهو حجية خبر الثقة. وهكذا نستنتج أن عمليات الاستنابط تشتمل على عناصر مشتركة كما تشتمل على عناصر خاصة، ونعني بالعناصر الخاصة تلك العناصر التي تتغير من مسألة إلى أخرى فرواية يعقوب إبن شعيب عنصر خاص في عملية إستنباط حرمة الارتماس لانها لم تدخل في عمليات الاستنابط الاخرى بل دخلت بدلا عنها عناصر خاصة أخرى كرواية علي بن مهزيار ورواية زرارة. ونعني بالعناصر المشتركة القواعد العامة التي تدخل في عمليات إستنابط أحكام عديدة في أبواب مختلفة. وفي علم الاصول تدرس العناصر المشتركة وفي علم الفقه تدرس العناصر الخاصة في كل مسألة. وهكذا يترك للفقيه في كل مسألة أن يفحص بدقة الروايات والمدارك
الخاصة التي ترتبط بتلك المسألة ويدرس قيمة تلك الروايات ويحاول فهم ألفاظها وظهورها العرفي وأسانيدها بينما يتناول الاصولي البحث عن حجية الظهور وحجية الخبر وهكذا. وعلم الاصول لا يحدد العناصر المشتركة فحسب بل يحدد أيضا درجات إستعمالها والعلاقة بينها كما سنرى في البحوث المقبلة إن شاء الله تعالى. موضوع علم الاصول لكل علم - عادة - موضوع أساسي ترتكز جميع بحوثه عليه وتدور حوله وتستهدف الكشف عما يرتبط بذلك الموضوع من خصائص وحالات وقوانين، فالفيزياء مثلا موضوعها الطبيعة وبحوث الفيرياء ترتبط كلها بالطبيعة وتحاول الكشف عن حالاتها وقوانينها العامة. والنحو موضوعه الكلمة لانه يبحث عن حالات إعرابها وبنائها رفعها ونصبها. فما هو موضوع علم الاصول الذي تدور حوله بحوثه ؟. ونحن إذا لاحظنا التعريف الذي قدمناه لعلم الاصول إستطعنا أن نعرف أن علم الاصول يدرس في الحقيقة الادلة المشتركة في علم الفقه لاثبات دليلتها، وبهذا صح القول بأن موضوع علم الاصول هو الادلة المشتركة في عملية الاستنباط. علم الاصول منطق الفقه ولا بد أن معلوماتكم عن علم المنطق تسمح لنا أن نستخدمه كمثال لعلم الاصول، فإن علم المنطق كما تعلمون يدرس في الحقيقة عملية التفكير مهما كان مجالها وحقلها العلمي، ويحدد النظام الذي يجب أن تتعبه لكي يكون التفكير سليما، مثلا يعلمنا علم المنطق كيف يجب أن ننهج في الاستدلال
بوصفه عملية تفكير لكي يكون الاستدلال صحيحا، كيف نستدل على أن سقراط فان ؟ وكيف نستدل على أن نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ؟ وكيف نستدل على أن مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين ؟ وكيف نستدل على أن الخط الممتد بدون نهاية مستحيل ؟ كل هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامة للاستدلال كالقياس والاستقراء، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقا. و وعلم الاصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية غير أنه يبحث عن نوع خاص من عملية التفكير أي عن عملية التفكير الفقهي في إستنباط الاحكام، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليما، فهو يعلمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ؟ وكيف نستنبط إعتصام ماء الكر ؟ وكيف نستنبط الحكم بإستحباب صلاة العيد أو وجوبها ؟ وذلك بوضع المناهج العامة وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط. وعلى هذا الاساس يصح أن يطلق على علم الاصول إسم منطق علم الفقه لانه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشري بصورة عامة. أهمية علم الاصول في عملية الاستنباط ولسنا بعد ذلك بحاجة إلى التأكيد على أهمية علم الاصول وخطورة دوره في عالم الاستنباط لانه ما دام يقدم لعملية الاستنباط عناصرها المشتركة ويضع لها نظامها العام فهو عصب الحياة فيها، وبدون علم الاصول يواجه الشخص في الفقه ركاما متناثرا من النصوص والادلة دون أن يستطيع إستخدامها والاستفادة منها في الاستنباط، كإنسان يواجه أدوات النجارة ويعطى منشارا وفأسا وما إليها من أدوات دون أن يملك أفكارا عامة عن
عملية النجارة وطريقة إستخدام تلك الادوات. وكما أن العناصر المشتركة ضرورية لعملية الاستنباط فكذلك العناصر الخاصة التي تختلف من مسألة إلى أخرى كمفردات الآيات والروايات المتناثرة فإنها الجزء الضروري الآخر فيها، فلا يكفي مجرد الاطلاع على العناصر المشتركة التي يمثلها علم الاصول ومن يحاول الاستنباط على أساس الاطلاع الاصولي فحسب نظير من يملك معلومات نظرية عامة عن عملية النجارة ولا يوجد لديه فأس ولا منشار وما إليهما من أدوات النجارة فكما يعجز هذا عن صنع سرير خشبي مثلا كذلك يعجز الاصولي عن الاستنباط إذ لم يفحص بدقة العناصر الخاصة المتغيرة من مسألة إلى أخرى. فالعناصر المشتركة والعناصر الخاصة قطبان مندمجان في عملية الاستنباط ولا غنى للعملية عنهما معا. الاصول والفقه يمثلان النظرية والتطبيق ونخشى أن نكون قد أوحينا اليكم بتصور خاطى حين أو ضحنا أن المستنبط يدرس في علم الاصول العناصر المشتركة ويحددها ويتناول في بحوث علم الفقه العناصر الخاصة ليكمل بذلك عملية الاستنباط، إذ قد يتصور البعض أنا إذا درسنا في علم الاصول العناصر المشتركة في عملية الاستنباط وعرفنا مثلا حجية الخبر وحجية الظهور وما إليهما من العناصر الاصولية فلا يبقى علينا بعد ذلك أي جهد علمي، إذ لا نحتاج ما دمنا نملك تلك العناصر إلا إلى مجرد إستخراج الروايات والنصوص من مواضعها لكي تضاف إلى العناصر المشتركة ويستنبط منها الحكم الشرعي، وهو عمل سهل بطبيعته لا يشتمل على جهد علمي. ولكن هذا التصور خاطى إلى درجة كبيرة لان المجتهد إذا مارس
العناصر المشتركة لعملية الاستنباط وحددها في علم الاصول لا يكتفي بعد ذلك بتجميع أعمى للعناصر الخاصة من كتب الاحاديث والروايات مثلا بل يبقى عليه أن يمارس في علم الفقه تطبيق تلك العناصر المشتركة ونظرياتها العامة على العناصر الخاصة، والتطبيق مهمة فكرية بطبيعتها تحتاج إلى درس وتمحيض، ولا يغني الجهد العلمي المبذول أصوليا عن بذل جهد جديد في التطبيق، فلنفرض مثلا أن المجتهد آمن في علم الاصول بحجية الظهور العرفي فهل يكفيه أن يضع إصبعه على رواية علي بن مهزيار التي حددت مجالات الخمس مثلا يضيفها إلى العنصر المشترك ويستنبط من ذلك عدم وجوب الخمس في ميراث الاب ؟ أو ليس المجتهد بحاجة إلى تدقيق مدلول النص في الرواية لمعرفة نوع مدلوله في العرف العام ودراسة كل ما يرتبط بتحديد ظهوره العرفي من قرائن وإمارات داخل إطار النص أو خارجه لكي يتمكن بأمانة من تطبيق العنصر المشترك القائل بحجية الظهور العرفي ؟ وفي هذا الضوء نعرف أن البحث الفقهي عن العناصر الخاصة في عملية الاستنباط ليس مجرد عملية تجميع، بل هو مجال التطبيق للنظريات الاصولية، وتطبيق النظريات العامة له دائما موهبته الخاصة ودقته ومجرد الدقة في النظريات العامة لا يغني عن الدقة في تطبيقها، ألا ترون أن من يدرس بعمق النظريات العامة في الطب يحتاج في مجال تطبيقها على حالة مرضية إلى دقة وإنتباه كامل وتفكير في تطبيق تلك النظريات على المريض الذي بين يديه. التفاعل بين الفكر الاصولي والفكر الفقهي عرفنا أن علم الاصول يقوم بدور المنطق بالنسبة إلى علم الفقه والعلاقة بينهما علاقة النظرية والتطبيق، وهذا الترابط الوثيق بينهما يفسر لنا التفاعل المتبادل بين الذهنية الاصولية على صعيد النظريات من ناحية وبين الذهنية الفقهية على صعيد التطبيق من ناحية أخرى، لان توسع بحوث التطبيق يدفع
بحوث النظرية خطوة إلى الامام لانه يثير أمامها مشاكل ويضطرها إلى وضع النظريات العامة لحولها، كما أن دقة البحث في النظريات الاصولية تنعكس على صعيد التطبيق إذ كلما كانت النظريات أوفر وأدق تطلبت طريقة تطبيقها دقة وعمقا أكبر. وهذا التفاعل بين الذهنيتين الاصولية والفقهية يؤكده تاريخ العلمين على طول الخط، وتكشف عنه بوضوح دراسة المراحل التي مر بها البحث الفقهي والبحث الاصولي في تاريخ العلم، فقد نشأ علم الاصول في أحضان علم الفقه كما نشأ علم الفقه في أحضان علم الحديث. ولم يكن علم الاصول مستقلا عن علم الفقه في البداية ومن خلال نمو علم الفقه وإتساع أفق التفكير الفقهي أخذت الخيوط العامة، والعناصر المشتركة في عملية الاستنباط تبدو وتتكشف وأخذ الممارسون للعمل الفقهي يلاحظون إشتراك عمليات الاستنباط في عناصر عامة لا يمكن إستخراج الحكم الشرعي بدونها، وكان ذلك إيذانا بمولد علم الاصول وإتجاه الذهنية الفقهية إتجاها أصوليا، فانفصل علم الاصول عن علم الفقه في البحث والتصنيف وأخذ يتسع ويشرى تدريجا من خلال نمو الفكر الاصولي من ناحية وتبعا لتوسع البحث الفقهي من ناحية أخرى، لان إتساع نطاق التطبيق الفقهي كان يلفت أنظار الممارسين إلى مشاكل جديدة فتوضع للمشاكل حلولها المناسبة وتتخذ الحلول صورة العناصر المشتركة في علم الاصول. وكلما بعد الفقيه عن عصر النص تعدد جوانب الغموض في فهم الحكم من مداركه الشرعية وتنوعت الفجوات في عملية الاستنباط نتيجة للبعد الزمني، فيحس أكثر فاكثر بالحاجة إلى تحديد قواعد عامة يعالج بها جوانب الغموض ويملا بها تلك الفجوات، وبهذا كانت الحاجة إلى علم الاصول تاريخية بمعنى أنها تشتد وتتأكد كلما إبتعد الفقيه تاريخيا عن عصر النص وتراكمت الشكوك على عملية الاستنباط التي يمارسها.
يتبع..