فارس
23-09-2006, 08:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع مهم في غاية الاهمية
الفتاة مسؤولية وموقف
التدبير المنزلي فكرة وتطبيق
لا للحيرة.. نعم للقرار
إمتلاك الروح الطيبة
الفتاة مسؤولية وموقف!
يخطئ الأب كثيراً في إطلاق صرخاته، وإلقاء توبيخه الجاف، على ابنته الكبرى دون اعتبار لأتفه الأسباب، فتسرع (...) مهرولة إليه، نظرت له في رعب وكأنها تشاهد فيلماً من أفلام داركولا " مصاص الدماء.
مسكينة (...) بنت جيراننا، لطالما سمعت صرخات والدها تخترق حائطنا ثم تعود كأنها رجع عنيف لطبول همجية!!
كيف للفتاة.. أن تعيش الواقع الدرامي المؤلم؟!
وأين تجد نفسها في هذه الحقيقة المرة؟
من المؤسف جداً، أن نرى اللامعقول، يصبح معقولاً في عصر يرفض كل أساليب الكبت والحرمان!
إن لوجود الفتاة في بيت والديها مؤشراً أوليّاً لبداية نموها السيكولوجي والبيولوجي الذي يعدها لبيتها الجديد..
فبالأمس القريب، كانت طفلة تلهو وتمرح، أما اليوم، فهي شابة يافعة، وما هي إلا خطوات قلائل، وتصبح في القريب العاجل زوجة ومربية ومسؤولة.
فحتى لا تتفاجأ بحياتها المبهمة القادمة، والمجهولة لديها، وقد تخطئ، وربما تصيب وأفكار تتقاذفها يمنة ويسرة، فلأجل الاطمئنان على الوضع المستقبلي القادم، يحق لها أن تتهيأ وتستعد لمواجهة الحياة القادمة من النواحي الفكرية والإدارية والكمال النضجي والحسي، فهي لا تصل إلى كل هذا، إلا بمجهودها المضني، الذي تبذله في سبيل تحقيق ما تنشده من ضالتها في الارتقاء بفكرها والنضوج بعقلها والمهارة بقدراتها وكفاءتها..
وأنا.. في هذا الموقع، أحادثها هي، ولنكف عن صرخاتنا الموجهة لوالديها، ولنبدأ صفحة مشرقة معها بشيء من التفتح والوضوح!
عزيزتي الشابة!
هل أدركت موقفك البناء في محيطك العائلي؟؟
حضرت نقاشاً بين إحدى المعيدات في الكلية وإحدى طالباتها حول بحث كُلفت بكتابته عن الوضع العام للفتيات وبالخصوص الفتاة في المنزل وقبل انتقالها إلى عش الزوجية. وكم كان النقاش جميلاً ومثمراً، إذ استطاعت المعيدة أن تضع الفتاة في دورها الحيوي البناء مع أفراد أسرتها، وخلق حياة كريمة مع الجميع في المنزل بالأسلوب العذب، وبالحديث الشيق والمبادرات الهادفة وامتلاك روح الهمة، والأخلاق والسلوك، فبإمكان الفتاة أن تفعل كل هذا!
وليس الأمر بالصعوبة التي تتوقعها.. وكل هذا تهيئة في الواقع لحياتها الجديدة القادمة، الأكثر محصوداً ومحصولاً.
فلا تنسي هذا الدور، الذي يفتح أمامك الآفاق، ويصنع منك الإنسانة الواقعية بكل معنى الكلمة.
أولاً: التدبير المنزلي.. فكرة وتطبيق
شدتني إحدى النساء المثقفات إلى حديثها عن وضعها العائلي مع شقيقتها الصغرى وكم كان الأهل يقارنون بين حالتيهما، ومدى استيعابهما وتفهمهما لمجموعة من الخبرات والممارسات الواجبة في المنزل.
فالأخت الكبرى تنال دائماً على درجة الإعجاب، وعبارات المدح والإطراء، بعكس الصغرى، التي لم يكن يلحظ عليها، إلا صراخها وضوضائيتها للقيام بهذه المبادرات، حتى تزوجت..
فتوفقت الأولى في حياتها والأخرى رجعت إلى منزل والديها من جديد، لأنها فشلت وللمرة الألف في أن تتخطى القليل من العقبات الهامشية، وفقدان الهمة في القيام بالأعمال المنزلية، مما أدى بها إلى التشاؤم والاستياء، وابتعادها عن زوجها، وابتعاده عنها مما جعل الطلاق حلاً مناسباً لهما فيما بعد.
إذن.. ضعي في اعتبارك.. القدرة على إدارة هذه الأمور التي تعدُ من الضروريات الأساسية التي يجب عليك تفهمها وحسن أدائها.
فأحياناً.. تكون الفتاة هي المترفعة عن هذا، بحجة واجباتها المدرسية، ودورات الامتحانات التي لا تنتهي، وعدم التوفيق في الجانبين ووجود الخادمة، والدلال الزائد عن حده،... و... و... وأسباب ومبررات أخرى تحولها مع مرور الوقت إلى فتاة سيئة التصرف، قليلة التدبير، تفقد قيمتها، وتكن وبالاً على زوجها المسكين!
وغالباً ما يكون السبب المُوصل إلى هذه النتيجة السيئة، والتدني في المستوى التقني في الشؤون المنزلية إلى الأم المسامحة والغافرة لبنتها مثل هذا التقصير.
= ومما يجب على الأم في هذه المرحلة ان تلتفت بنوع خاص إلى فتياتها فتعلمهن واجبات ربة البيت الصالحة، على ألا ننسى ما للقدوة الصالحة من أثر في تهيئة فتاتها لملء مركزها عند الزواج[1].
إن عاطفة الأمومة يجب الا تجعلنا نضعف أمام الأبناء.. نرضخ لمطالبهم ونتسامح أمام تكاسلهم ونؤدي نيابة عنهم أعمالاً يتوجب عليهم أداؤها، فهذا ليس من صالحهم، ومن هذا المنطلق ينصح المتخصصون في مجال التربية كل أم بضرورة إشراك أبنائها في أداء الأعمال المنزلية منذ الصغر[2].
تروي إحدى الأمهات تجربتها في إشراك أبنائها في أعمال المنزل:
كنت في البداية أعتقد أن أطفالي أصغر من أن يساعدوني في اعمال المنزل، وكنت أقضي عطلة نهاية الأسبوع، وأنا أجري يميناً ويساراً لأنجز الأعمال المنزلية، والآن تغير الحال فبناتي يقمن بمساعدتي في عمليات الترتيب وغسل الصحون والملابس... وفي المساء نشترك معاً في إعداد الطعام، وكل صباح نقضي حوالي 1/ 4 ساعة في ترتيب المنزل، وهكذا توفر الوقت الكافي لي لكي أقضي معهم وقتاً أكثر من السابق.
يقول المتخصصون في ذلك:
" كلما جعلت أطفالك يتحملون المسؤولية مبكراً، سهلت على نفسك الحياة، وقدمت لهم خدمة كبرى للمستقبل ".
[يقول بل ديورانت في كتابه قصة الحضارة[3]:
فيما يتعلق بآداب النساء اليونانيات، أما البنات فكن يدرسن في منازلهن، وكان تعليمهن يقتصر في الغالب على عمل " تدبير المنزل " وكانت أمهاتهن يعلمنهن القراءة والكتابة والحساب والغزل والنسيج والتطريز].
وعليك بالاستفادة الكاملة من والدتك، وما تقوم به من أعمال، وكوني سباقة لإنجاز العمل في الترتيب والتنظيف وتهيئة الطعام والاهتمام بالإخوان و... و... حتى تظفري القسط وافر من السعادة، وتتهيئي للنجاح في المستقبل القريب.
ثانياً: لا للحيرة، نعم للقرار
إنني لأجهل نفسي بكل ما تتصور، وأجهل شخصيتي وهوايتي، بكل ما تتطلب وبكل معانيها وأحاسيسها، ولكني أتراجع أمام جرأة قلمي وأتساءل..
أتوجد نفس بشرية لا تدري ما تريده جوانحها؟
تثبيت نفيها عند كل البشر، ولكن! عندي أنا المثقفة، وما تهتزّ له مشاعرها؟! وما تخفق له دقات قلبها؟!
إن هذا السؤال جوابه، الإبهام والسكوت، لا لأني لا أعرف ما تحمله جوانحي، وما تهتز له مشاعري، ولكن! الحيرة تعتريني عندما أريد أن أقرر مصيري في دراستي في خضم هذه الحياة، فأنا أفضل الكتابة وأفضل الخطابة وأفضل الدراسة وأفضل الصحافة والنشر و... و...
ولكني حائرة أي مسلك أختار، لأضع بين يديه مستقبل حياتي، هائمة لأصل إلى ذروته العليا... دون جدوى!؟
كل هذه المحاولات تهدف للسعي الصادق في تغيير نمط سلوكها الخاطئ والبحث عن التكامل والسمو.
[إن للاختيار أهميته الخاصة في وعي المراهق نفسه، وتحقيق ذاته كشخصية حرة مستقلة وفاعلة، وتفسح حرية الاختيار المجال أمامه ليتعلم ويعدل اتجاهاته وأنماط سلوكه ويغير قيمه ومواقفه ويؤكد استقلاليته][4].
والأفراد المراهقون لا يمتلكون نفس النسبة في درجة أحاسيسهم ورغباتهم.
[ويختلف المراهقون في درجة وعي ذواتهم ومقوماتها اختلافهم في استواء اتجاهاتهم وشذوذها، فبعضهم يعرف عقله ويعرف ما يريد، أما بعضهم الآخر فقد يجهل رغباته الخاصة ومعتقداته، وما يريد، وما لا يريد، يبتدئ أثر معرفة الذات، أو عدم معرفتها، واضحاً في النواحي الانفعالية وما تحمله من نتائج تنعكس في مجمل حياة المراهق.
فقد ينسحب المراهق من الحياة الزاخرة بسبب جهله لحقيقة مشاعره وانفعالاته، وهذا يؤكد أن استواء السلوك أو شذوذه، يتجدد بدرجة وعي الذات، والتعرف الواضح على مقومات السلوك][5].
إن الفتاة في مرحلة النمو والنضج العقلي تعيش الحيرة بكل أبعادها، ليس للحيرة بذاتها، وإنما للبحث عن الأفضل والسعي نحو التكامل، والطريق إلى الانطلاق السليم.
[هذه الحيرة بين مختلف الاتجاهات، تتصف بها الفتاة المراهقة في طموحها إلى النمو، طموحاً يـلازمه الخوف والإشفاق، بسبب الصراع النفسـي، ومحاولـة السعي إلى الانطـلاق وجدانياً وفكرياً][6].
أنا معك..
بأن المرء يخاف المستقبل المجهول، ولكن!
لا يعني هذا إنغراقه في الإستسلام والسأم والتردد، حاولي طرد الأفكار السوداء عن مخيلتك، وحددي هدفك بوضوح أمام نور الشمس، فالطرق أمامك واضحة، وأنت صاحبة القرار، أيهما تسلكين، الطريق السهل، أم نقيضه الصعب؟ ومن يضمن لك السعادة والنجاح؟ ومن يضمن لك التعاسة والشقاء؟!
لا شك أنك ستختارين الجانب الأول.. ولن أشك في ذلك بعد الآن. ضعي في اعتبارك بأن الحيرة شيء فطري مكنون في ذات الإنسان ولكن! أنت سيدة القرار الأول في الانتصار عليه، أو الانهزام أمامه.
ثالثاً: امتلاك الروح الطيبة
يكفي ما لقيته أمك، من عناء في تربيتك، والسهر على راحتك حتى وصلت إلى ربيع العمر، فالآن!
جاء دورك لتردي لها الجميل بالجميل.
ـ هل خطر على بالك ذات يوم! أن تجلسي مع والدتك وتفتحي معها موضوعاً شيّقاً!؟
ـ هل تفكرين الآن.. بأن تخصصي لنفسك وقتاً للاهتمام بإخوانك الصغار وتتفقدي أمور مذاكراتهم.
ـ هل فاجأتِ أباك منذ الصباح بإعداد وجبة الإفطار الساخنة؟!
كوني في البيت كالبلسم الشافي.. بأخلاقك وطيبتك مع جميع أفراد أُسرتك، ولكن لا تفهمي من كلامي بان تكوني المتسلطة المتجبرة، فهذا ما لا أريده لك، بل بطيبتك وحنانكِ على الجميع لتكوني أمّاً ثانية في منزلكم السعيد.
ذكر علماء النفس بأن مرحلة المراهقة تتحمس فيها الفتاة المراهقة للمثل الأخلاقية، والبحث عن المثل العليا، وقد تشق طريقها جازمة للوصول إلى العلا برغم كل الصعوبات المتعددة التي تلقاها في طريقها.
[من خصائص المراهقة فضلاً عن التحمس للدين، التحمس للمثل الأخلاقية تحمساً لا يقل في حرارته عن التحمس الديني، وذلك عامل من عوامل شقاء المراهقات. إذ يرون الفرق شاسعاً بين المثل العليا التي تنطوي عليها نفوسهن، وما يستشرى في العالم الواقعي من كذب ونفاق، وقد تجد الفتاة لذة في مزاولة الفضـائل الصعبـة، واحتمال شتى ضـروب الحـرمان في سبيلها][7].
وباختصار شديد، إستفيدي من تجارب والدتك وكوني لها عوناً دائماً، واطمحي أن تكوني ربة بيت مثالية وحاولي أن تخلقي في أعماقك معرفة الدرب الذي يضمن لك السعادة وامتلكي الروح الطيبة، والله خير معين لك....
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الروابط الاجتماعية في الإسلام : ص39 .
[2] زهرة الخليج : عدد 556 ، ص24 .
[3] قصة الحضارة : ج7 ، ص48 .
[4] مشكلات الطفولة والمراهقة : ص236 .
[5] مشكلات الطفولة والمراهقة : ص236 .
[6] النمو النفسي : ص358 .
[7] النمو النفسي : ص372 .
الموضوع منقول للفائدة
نسالكم الدعاء
موضوع مهم في غاية الاهمية
الفتاة مسؤولية وموقف
التدبير المنزلي فكرة وتطبيق
لا للحيرة.. نعم للقرار
إمتلاك الروح الطيبة
الفتاة مسؤولية وموقف!
يخطئ الأب كثيراً في إطلاق صرخاته، وإلقاء توبيخه الجاف، على ابنته الكبرى دون اعتبار لأتفه الأسباب، فتسرع (...) مهرولة إليه، نظرت له في رعب وكأنها تشاهد فيلماً من أفلام داركولا " مصاص الدماء.
مسكينة (...) بنت جيراننا، لطالما سمعت صرخات والدها تخترق حائطنا ثم تعود كأنها رجع عنيف لطبول همجية!!
كيف للفتاة.. أن تعيش الواقع الدرامي المؤلم؟!
وأين تجد نفسها في هذه الحقيقة المرة؟
من المؤسف جداً، أن نرى اللامعقول، يصبح معقولاً في عصر يرفض كل أساليب الكبت والحرمان!
إن لوجود الفتاة في بيت والديها مؤشراً أوليّاً لبداية نموها السيكولوجي والبيولوجي الذي يعدها لبيتها الجديد..
فبالأمس القريب، كانت طفلة تلهو وتمرح، أما اليوم، فهي شابة يافعة، وما هي إلا خطوات قلائل، وتصبح في القريب العاجل زوجة ومربية ومسؤولة.
فحتى لا تتفاجأ بحياتها المبهمة القادمة، والمجهولة لديها، وقد تخطئ، وربما تصيب وأفكار تتقاذفها يمنة ويسرة، فلأجل الاطمئنان على الوضع المستقبلي القادم، يحق لها أن تتهيأ وتستعد لمواجهة الحياة القادمة من النواحي الفكرية والإدارية والكمال النضجي والحسي، فهي لا تصل إلى كل هذا، إلا بمجهودها المضني، الذي تبذله في سبيل تحقيق ما تنشده من ضالتها في الارتقاء بفكرها والنضوج بعقلها والمهارة بقدراتها وكفاءتها..
وأنا.. في هذا الموقع، أحادثها هي، ولنكف عن صرخاتنا الموجهة لوالديها، ولنبدأ صفحة مشرقة معها بشيء من التفتح والوضوح!
عزيزتي الشابة!
هل أدركت موقفك البناء في محيطك العائلي؟؟
حضرت نقاشاً بين إحدى المعيدات في الكلية وإحدى طالباتها حول بحث كُلفت بكتابته عن الوضع العام للفتيات وبالخصوص الفتاة في المنزل وقبل انتقالها إلى عش الزوجية. وكم كان النقاش جميلاً ومثمراً، إذ استطاعت المعيدة أن تضع الفتاة في دورها الحيوي البناء مع أفراد أسرتها، وخلق حياة كريمة مع الجميع في المنزل بالأسلوب العذب، وبالحديث الشيق والمبادرات الهادفة وامتلاك روح الهمة، والأخلاق والسلوك، فبإمكان الفتاة أن تفعل كل هذا!
وليس الأمر بالصعوبة التي تتوقعها.. وكل هذا تهيئة في الواقع لحياتها الجديدة القادمة، الأكثر محصوداً ومحصولاً.
فلا تنسي هذا الدور، الذي يفتح أمامك الآفاق، ويصنع منك الإنسانة الواقعية بكل معنى الكلمة.
أولاً: التدبير المنزلي.. فكرة وتطبيق
شدتني إحدى النساء المثقفات إلى حديثها عن وضعها العائلي مع شقيقتها الصغرى وكم كان الأهل يقارنون بين حالتيهما، ومدى استيعابهما وتفهمهما لمجموعة من الخبرات والممارسات الواجبة في المنزل.
فالأخت الكبرى تنال دائماً على درجة الإعجاب، وعبارات المدح والإطراء، بعكس الصغرى، التي لم يكن يلحظ عليها، إلا صراخها وضوضائيتها للقيام بهذه المبادرات، حتى تزوجت..
فتوفقت الأولى في حياتها والأخرى رجعت إلى منزل والديها من جديد، لأنها فشلت وللمرة الألف في أن تتخطى القليل من العقبات الهامشية، وفقدان الهمة في القيام بالأعمال المنزلية، مما أدى بها إلى التشاؤم والاستياء، وابتعادها عن زوجها، وابتعاده عنها مما جعل الطلاق حلاً مناسباً لهما فيما بعد.
إذن.. ضعي في اعتبارك.. القدرة على إدارة هذه الأمور التي تعدُ من الضروريات الأساسية التي يجب عليك تفهمها وحسن أدائها.
فأحياناً.. تكون الفتاة هي المترفعة عن هذا، بحجة واجباتها المدرسية، ودورات الامتحانات التي لا تنتهي، وعدم التوفيق في الجانبين ووجود الخادمة، والدلال الزائد عن حده،... و... و... وأسباب ومبررات أخرى تحولها مع مرور الوقت إلى فتاة سيئة التصرف، قليلة التدبير، تفقد قيمتها، وتكن وبالاً على زوجها المسكين!
وغالباً ما يكون السبب المُوصل إلى هذه النتيجة السيئة، والتدني في المستوى التقني في الشؤون المنزلية إلى الأم المسامحة والغافرة لبنتها مثل هذا التقصير.
= ومما يجب على الأم في هذه المرحلة ان تلتفت بنوع خاص إلى فتياتها فتعلمهن واجبات ربة البيت الصالحة، على ألا ننسى ما للقدوة الصالحة من أثر في تهيئة فتاتها لملء مركزها عند الزواج[1].
إن عاطفة الأمومة يجب الا تجعلنا نضعف أمام الأبناء.. نرضخ لمطالبهم ونتسامح أمام تكاسلهم ونؤدي نيابة عنهم أعمالاً يتوجب عليهم أداؤها، فهذا ليس من صالحهم، ومن هذا المنطلق ينصح المتخصصون في مجال التربية كل أم بضرورة إشراك أبنائها في أداء الأعمال المنزلية منذ الصغر[2].
تروي إحدى الأمهات تجربتها في إشراك أبنائها في أعمال المنزل:
كنت في البداية أعتقد أن أطفالي أصغر من أن يساعدوني في اعمال المنزل، وكنت أقضي عطلة نهاية الأسبوع، وأنا أجري يميناً ويساراً لأنجز الأعمال المنزلية، والآن تغير الحال فبناتي يقمن بمساعدتي في عمليات الترتيب وغسل الصحون والملابس... وفي المساء نشترك معاً في إعداد الطعام، وكل صباح نقضي حوالي 1/ 4 ساعة في ترتيب المنزل، وهكذا توفر الوقت الكافي لي لكي أقضي معهم وقتاً أكثر من السابق.
يقول المتخصصون في ذلك:
" كلما جعلت أطفالك يتحملون المسؤولية مبكراً، سهلت على نفسك الحياة، وقدمت لهم خدمة كبرى للمستقبل ".
[يقول بل ديورانت في كتابه قصة الحضارة[3]:
فيما يتعلق بآداب النساء اليونانيات، أما البنات فكن يدرسن في منازلهن، وكان تعليمهن يقتصر في الغالب على عمل " تدبير المنزل " وكانت أمهاتهن يعلمنهن القراءة والكتابة والحساب والغزل والنسيج والتطريز].
وعليك بالاستفادة الكاملة من والدتك، وما تقوم به من أعمال، وكوني سباقة لإنجاز العمل في الترتيب والتنظيف وتهيئة الطعام والاهتمام بالإخوان و... و... حتى تظفري القسط وافر من السعادة، وتتهيئي للنجاح في المستقبل القريب.
ثانياً: لا للحيرة، نعم للقرار
إنني لأجهل نفسي بكل ما تتصور، وأجهل شخصيتي وهوايتي، بكل ما تتطلب وبكل معانيها وأحاسيسها، ولكني أتراجع أمام جرأة قلمي وأتساءل..
أتوجد نفس بشرية لا تدري ما تريده جوانحها؟
تثبيت نفيها عند كل البشر، ولكن! عندي أنا المثقفة، وما تهتزّ له مشاعرها؟! وما تخفق له دقات قلبها؟!
إن هذا السؤال جوابه، الإبهام والسكوت، لا لأني لا أعرف ما تحمله جوانحي، وما تهتز له مشاعري، ولكن! الحيرة تعتريني عندما أريد أن أقرر مصيري في دراستي في خضم هذه الحياة، فأنا أفضل الكتابة وأفضل الخطابة وأفضل الدراسة وأفضل الصحافة والنشر و... و...
ولكني حائرة أي مسلك أختار، لأضع بين يديه مستقبل حياتي، هائمة لأصل إلى ذروته العليا... دون جدوى!؟
كل هذه المحاولات تهدف للسعي الصادق في تغيير نمط سلوكها الخاطئ والبحث عن التكامل والسمو.
[إن للاختيار أهميته الخاصة في وعي المراهق نفسه، وتحقيق ذاته كشخصية حرة مستقلة وفاعلة، وتفسح حرية الاختيار المجال أمامه ليتعلم ويعدل اتجاهاته وأنماط سلوكه ويغير قيمه ومواقفه ويؤكد استقلاليته][4].
والأفراد المراهقون لا يمتلكون نفس النسبة في درجة أحاسيسهم ورغباتهم.
[ويختلف المراهقون في درجة وعي ذواتهم ومقوماتها اختلافهم في استواء اتجاهاتهم وشذوذها، فبعضهم يعرف عقله ويعرف ما يريد، أما بعضهم الآخر فقد يجهل رغباته الخاصة ومعتقداته، وما يريد، وما لا يريد، يبتدئ أثر معرفة الذات، أو عدم معرفتها، واضحاً في النواحي الانفعالية وما تحمله من نتائج تنعكس في مجمل حياة المراهق.
فقد ينسحب المراهق من الحياة الزاخرة بسبب جهله لحقيقة مشاعره وانفعالاته، وهذا يؤكد أن استواء السلوك أو شذوذه، يتجدد بدرجة وعي الذات، والتعرف الواضح على مقومات السلوك][5].
إن الفتاة في مرحلة النمو والنضج العقلي تعيش الحيرة بكل أبعادها، ليس للحيرة بذاتها، وإنما للبحث عن الأفضل والسعي نحو التكامل، والطريق إلى الانطلاق السليم.
[هذه الحيرة بين مختلف الاتجاهات، تتصف بها الفتاة المراهقة في طموحها إلى النمو، طموحاً يـلازمه الخوف والإشفاق، بسبب الصراع النفسـي، ومحاولـة السعي إلى الانطـلاق وجدانياً وفكرياً][6].
أنا معك..
بأن المرء يخاف المستقبل المجهول، ولكن!
لا يعني هذا إنغراقه في الإستسلام والسأم والتردد، حاولي طرد الأفكار السوداء عن مخيلتك، وحددي هدفك بوضوح أمام نور الشمس، فالطرق أمامك واضحة، وأنت صاحبة القرار، أيهما تسلكين، الطريق السهل، أم نقيضه الصعب؟ ومن يضمن لك السعادة والنجاح؟ ومن يضمن لك التعاسة والشقاء؟!
لا شك أنك ستختارين الجانب الأول.. ولن أشك في ذلك بعد الآن. ضعي في اعتبارك بأن الحيرة شيء فطري مكنون في ذات الإنسان ولكن! أنت سيدة القرار الأول في الانتصار عليه، أو الانهزام أمامه.
ثالثاً: امتلاك الروح الطيبة
يكفي ما لقيته أمك، من عناء في تربيتك، والسهر على راحتك حتى وصلت إلى ربيع العمر، فالآن!
جاء دورك لتردي لها الجميل بالجميل.
ـ هل خطر على بالك ذات يوم! أن تجلسي مع والدتك وتفتحي معها موضوعاً شيّقاً!؟
ـ هل تفكرين الآن.. بأن تخصصي لنفسك وقتاً للاهتمام بإخوانك الصغار وتتفقدي أمور مذاكراتهم.
ـ هل فاجأتِ أباك منذ الصباح بإعداد وجبة الإفطار الساخنة؟!
كوني في البيت كالبلسم الشافي.. بأخلاقك وطيبتك مع جميع أفراد أُسرتك، ولكن لا تفهمي من كلامي بان تكوني المتسلطة المتجبرة، فهذا ما لا أريده لك، بل بطيبتك وحنانكِ على الجميع لتكوني أمّاً ثانية في منزلكم السعيد.
ذكر علماء النفس بأن مرحلة المراهقة تتحمس فيها الفتاة المراهقة للمثل الأخلاقية، والبحث عن المثل العليا، وقد تشق طريقها جازمة للوصول إلى العلا برغم كل الصعوبات المتعددة التي تلقاها في طريقها.
[من خصائص المراهقة فضلاً عن التحمس للدين، التحمس للمثل الأخلاقية تحمساً لا يقل في حرارته عن التحمس الديني، وذلك عامل من عوامل شقاء المراهقات. إذ يرون الفرق شاسعاً بين المثل العليا التي تنطوي عليها نفوسهن، وما يستشرى في العالم الواقعي من كذب ونفاق، وقد تجد الفتاة لذة في مزاولة الفضـائل الصعبـة، واحتمال شتى ضـروب الحـرمان في سبيلها][7].
وباختصار شديد، إستفيدي من تجارب والدتك وكوني لها عوناً دائماً، واطمحي أن تكوني ربة بيت مثالية وحاولي أن تخلقي في أعماقك معرفة الدرب الذي يضمن لك السعادة وامتلكي الروح الطيبة، والله خير معين لك....
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الروابط الاجتماعية في الإسلام : ص39 .
[2] زهرة الخليج : عدد 556 ، ص24 .
[3] قصة الحضارة : ج7 ، ص48 .
[4] مشكلات الطفولة والمراهقة : ص236 .
[5] مشكلات الطفولة والمراهقة : ص236 .
[6] النمو النفسي : ص358 .
[7] النمو النفسي : ص372 .
الموضوع منقول للفائدة
نسالكم الدعاء