العم ابو علي
23-09-2006, 10:30 PM
عند الزاوية الشمالية الغربية من الحضرة في مصلى النساء فتح لنا باباً فضياً عملاقاً حيث دخلنا غرفة مربعة وطلب منا ان نخلع ملابسنا بعد ان أغلق الباب خلفنا الزميل حسن النواب الذي رافقني ..
نادانا قائلاً : ” توكلوا على الله “ بعد ان فتح أقفالاً في الارض ورفع شباكاً حديدياً يغلق مدخل السرداب ..
من الخارج شاهدت الماء الذي كان حكاية الحكايات بالنسبة للكثير من الناس .. هبطنا درجات من المرمر الابيض المزخرف بخطوط سود ، كانت ثماني درجات ، ومع كل درجة اهبطها كان الماء يتسلق ساقي حتى استقر فوق ركبتي ، عندها وجدتني في دهليز يبلغ عمقه نحو مترين وعرضه اكثر من متر يمتد امامي بعمق متساوٍ لكنه ينحني مشكلاً دائرة شبه مضلعة ، مضاءة بمصابيح كهربائية اعتيادية .. كانت المياه صافية مثل الزلال بحيث كنت أرى من خلالها تفاصيل خطوط أظافر قدمي ، بالرغم من طبقة الغبار الخفيف المتسلل من فتحات جانبية تشكل نهايتي دهليزين جانبيين ينفتحان خارج مبنى الروضة للتهوية ولكن بمسافة بعيدة عن الدهليز الدائري ..
اول شيء فعلته هو انني شربت الماء لأتذوق طعمه ، فكان عذباً ونقياً وليس مجاً او مالحاً كما هو شأن المياه الجوفية ، وعلمت انه محافظ على مستواه حتى وان تغيرت مناسيب المياه الجوفية في اراضي كربلاء ..
في اثناء تقدمنا لم يتغير صفاء الماء بالرغم من ان السيد زكي قد سبقني مؤدياً طقوس الزيارة والبسملات والحوقلات والصلوات ، سقف الدهليز الذي يشكل ارضية الحضرة المطهرة في الاعلى مبنية من الاسمنت والجانبان من الطابوق ، الجانب الخارجي مبني بالطابوق الحديث ، اما الداخلي الذي يشكل غلافاً للكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز فأغلبها مبني بالطابوق الفرشي القديم يعود الى عصور ماضية متعددة حسب فترات الترميم ، بعضه مبني بالاسمنت ، والبعض الآخر بالنورة والرماد حيث لا يوجد اسمنت آنذاك ..
الكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز تكاد تكون بقدر مساحة الحضرة ، حيث يقوم في الاعلى الصندوق او الخاتم المصنوع من الصاج الفاخر ومطعم بالاصداف والزخارف النادرة وعليه الشباك الفضي المغطى بالذهب الخالص المزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والفنية .. اما الدهليز الذي نمشي فيه فيكاد يكون تحت رواق الطواف على الشباك تماماً ..
بعد خطوات ينفتح في الكتلة الدائرية دهليز آخر أضيق قليلاً ويشكل قطراً للكتلة الدائرية وفي منتصف القطر الذي هو منتصف الكتلة الدائرية ينهمر ضوء ساطع على فراغ حيث يقوم القبر المطهر الشريف مغموراً بالضوء بشكله المربع .. الذي تقدر مساحته بحدود .. ”3 × 3 “ م هنا وجدت رأسي يمتد ويتوقف محشوراً في المنتصف ، يتملى القمر الهاشمي المضمخ بدماء الشهادة والثبات بلا ذراعين تحوم حوله تلك الهالة العظيمة التي صنعها شرف النسب والمواقف والموت التراجيدي للبطل ..
ازاء هذا الخاطر وجدت ان الاسمنت يغلف هالات من النور والتقوى وهي بعض اسرار قداسة ارضنا .. سألني حسن النواب : هل تشم هذه الرائحة الطيبة ؟ لم أجبه .. فأنا واقف الآن تماماً على المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ يتفقد جراح اخيه ، فقد انشغلت بتحديد الاتجاه الذي ركض به سيد الشهداء الامام الحسين ”ع “ بعد مصرع اخيه وحامل لوائه .. تنحيت عن مكاني ومن ثم دسست رأسي وكأني احاول تحديد المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ ووضع رأس أخيه المفلوق في حجره ..
كان ثمة فراغ بين القبر وكتلة الدائرة التي بدا التهري على طابوقها الفرشي لقدمه .. اختلط علي الضوء والماء ، ثمة رسائل واوراق تطفو ما بين الماء والضوء ، التقطها وافضها برغم بللها واحاول ان اقرأها ، انها رسائل شكوى واستجارة بهذا الولي الصالح من ضيم الدنيا ، حاولت قراءة الاسماء والكلمات كانت رائحة الفجيعة محسوسة من الحبر المنتشر على الورق بفعل المياه ..
استدرت في الدهليز ، اجتزت النصف الايسر من الكتلة الدائرية وتوقفت عند الطرف الاخر من الدهليز الوسطي الذي يشكل قطر الدائرة واطل مرة اخرى على القبر .. المياه لا تغمر القبر وانما تصل الى نصف ارتفاعه وثمة فراغ بين القبر والكتلة الدائرية .. يلوح من تحت الماء فيها الكاشي الكربلائي الذي بلطت فيه الارضية المحيطة بالقبر وكأنها وضعت فاصلة بين القبر ومن يريد الاقتراب منه ..
اسحب رأسي واستدير على النصف الايمن من الكتلة الدائرية اذ اجد دهليزا ثالثا يقود الى منتصف الدائرة ” القبر “ لكنه متعرج واضيق من ان تمد رأسك فيه فتعلق عند منتصفه بالطين ، من الواضح ان يعود الى عصور تاريخية ليست قريبة .. اتركه لاجد نفسي عند نقطة الانطلاق اذ تنتهي الدائرة فاصعد الدرجات المرمرية حاملا معي اجابات عن الكثير من الاسئلة التي بدت لي غامضة قبل نزولي السرداب ..
نادانا قائلاً : ” توكلوا على الله “ بعد ان فتح أقفالاً في الارض ورفع شباكاً حديدياً يغلق مدخل السرداب ..
من الخارج شاهدت الماء الذي كان حكاية الحكايات بالنسبة للكثير من الناس .. هبطنا درجات من المرمر الابيض المزخرف بخطوط سود ، كانت ثماني درجات ، ومع كل درجة اهبطها كان الماء يتسلق ساقي حتى استقر فوق ركبتي ، عندها وجدتني في دهليز يبلغ عمقه نحو مترين وعرضه اكثر من متر يمتد امامي بعمق متساوٍ لكنه ينحني مشكلاً دائرة شبه مضلعة ، مضاءة بمصابيح كهربائية اعتيادية .. كانت المياه صافية مثل الزلال بحيث كنت أرى من خلالها تفاصيل خطوط أظافر قدمي ، بالرغم من طبقة الغبار الخفيف المتسلل من فتحات جانبية تشكل نهايتي دهليزين جانبيين ينفتحان خارج مبنى الروضة للتهوية ولكن بمسافة بعيدة عن الدهليز الدائري ..
اول شيء فعلته هو انني شربت الماء لأتذوق طعمه ، فكان عذباً ونقياً وليس مجاً او مالحاً كما هو شأن المياه الجوفية ، وعلمت انه محافظ على مستواه حتى وان تغيرت مناسيب المياه الجوفية في اراضي كربلاء ..
في اثناء تقدمنا لم يتغير صفاء الماء بالرغم من ان السيد زكي قد سبقني مؤدياً طقوس الزيارة والبسملات والحوقلات والصلوات ، سقف الدهليز الذي يشكل ارضية الحضرة المطهرة في الاعلى مبنية من الاسمنت والجانبان من الطابوق ، الجانب الخارجي مبني بالطابوق الحديث ، اما الداخلي الذي يشكل غلافاً للكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز فأغلبها مبني بالطابوق الفرشي القديم يعود الى عصور ماضية متعددة حسب فترات الترميم ، بعضه مبني بالاسمنت ، والبعض الآخر بالنورة والرماد حيث لا يوجد اسمنت آنذاك ..
الكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز تكاد تكون بقدر مساحة الحضرة ، حيث يقوم في الاعلى الصندوق او الخاتم المصنوع من الصاج الفاخر ومطعم بالاصداف والزخارف النادرة وعليه الشباك الفضي المغطى بالذهب الخالص المزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والفنية .. اما الدهليز الذي نمشي فيه فيكاد يكون تحت رواق الطواف على الشباك تماماً ..
بعد خطوات ينفتح في الكتلة الدائرية دهليز آخر أضيق قليلاً ويشكل قطراً للكتلة الدائرية وفي منتصف القطر الذي هو منتصف الكتلة الدائرية ينهمر ضوء ساطع على فراغ حيث يقوم القبر المطهر الشريف مغموراً بالضوء بشكله المربع .. الذي تقدر مساحته بحدود .. ”3 × 3 “ م هنا وجدت رأسي يمتد ويتوقف محشوراً في المنتصف ، يتملى القمر الهاشمي المضمخ بدماء الشهادة والثبات بلا ذراعين تحوم حوله تلك الهالة العظيمة التي صنعها شرف النسب والمواقف والموت التراجيدي للبطل ..
ازاء هذا الخاطر وجدت ان الاسمنت يغلف هالات من النور والتقوى وهي بعض اسرار قداسة ارضنا .. سألني حسن النواب : هل تشم هذه الرائحة الطيبة ؟ لم أجبه .. فأنا واقف الآن تماماً على المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ يتفقد جراح اخيه ، فقد انشغلت بتحديد الاتجاه الذي ركض به سيد الشهداء الامام الحسين ”ع “ بعد مصرع اخيه وحامل لوائه .. تنحيت عن مكاني ومن ثم دسست رأسي وكأني احاول تحديد المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع“ ووضع رأس أخيه المفلوق في حجره ..
كان ثمة فراغ بين القبر وكتلة الدائرة التي بدا التهري على طابوقها الفرشي لقدمه .. اختلط علي الضوء والماء ، ثمة رسائل واوراق تطفو ما بين الماء والضوء ، التقطها وافضها برغم بللها واحاول ان اقرأها ، انها رسائل شكوى واستجارة بهذا الولي الصالح من ضيم الدنيا ، حاولت قراءة الاسماء والكلمات كانت رائحة الفجيعة محسوسة من الحبر المنتشر على الورق بفعل المياه ..
استدرت في الدهليز ، اجتزت النصف الايسر من الكتلة الدائرية وتوقفت عند الطرف الاخر من الدهليز الوسطي الذي يشكل قطر الدائرة واطل مرة اخرى على القبر .. المياه لا تغمر القبر وانما تصل الى نصف ارتفاعه وثمة فراغ بين القبر والكتلة الدائرية .. يلوح من تحت الماء فيها الكاشي الكربلائي الذي بلطت فيه الارضية المحيطة بالقبر وكأنها وضعت فاصلة بين القبر ومن يريد الاقتراب منه ..
اسحب رأسي واستدير على النصف الايمن من الكتلة الدائرية اذ اجد دهليزا ثالثا يقود الى منتصف الدائرة ” القبر “ لكنه متعرج واضيق من ان تمد رأسك فيه فتعلق عند منتصفه بالطين ، من الواضح ان يعود الى عصور تاريخية ليست قريبة .. اتركه لاجد نفسي عند نقطة الانطلاق اذ تنتهي الدائرة فاصعد الدرجات المرمرية حاملا معي اجابات عن الكثير من الاسئلة التي بدت لي غامضة قبل نزولي السرداب ..