العلوي1
26-06-2008, 05:30 AM
فقد قال في كتابه القراءات المتواترة وأثرها في الرسم القرآني والاحكام الشرعية 50-59 الذي نال شهادة الدكتوراه عليها
والكتاب مقرض من عالمين من كبار علماء الشام
1- الفقيه الاصولي المفسر الدكتور وهبة الزحيلي
2- رئيس مجلس قراء دمشق الشيخ صادق حبنكة الميداني
فقد قال في كتابه المزبور :
(فائدة)
موقف مجتهدي الشيعة من مسألة سلامة النص القرآني :
نجد من الأمانة العلمية هنا ان نتطرق الى أمر غاية في الاهمية ، وهو موقف الشيعة من فرية تحريف القرآن ، ومسألة سلامة النص القرآني ، فقد كثر الحديث حول هذه المسألة ، واتخذها بعض الناس سببا للطعن في ايمان القوم ووصمهم بالزندقة ، واعتقاد النقص والزيادة في كتاب الله .
والحق ان الطعن في سلامة النص القرآني منقول عن طائفة من علماء الشيعة ، بل في بعض الكتب المصادر عند القوم ، وهو ما يزيد المسألة تعقيداً ، فقد ورد على سبيل المثال في الكافي للكليني وهو من اوثق مراجع القوم في الرواية النصوص التالية :
عن جعفر بن محمد قال : ( لم يجمع القرأن كله إلا الأئمة – وإن القرأن الذي جاء به جبريل الى محمد (ص) كان سبع عشر ألف آية ) .
عن ابي الحسن المضاي قال : " قرأ امير المؤمنين : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ) { من خلافة علي } ( وان لم تفعل فما بلغت رسالته ) ، فقلت : تنزيل ؟ فقال : نعم "
وفي الكافي للكليني ايضا في تأويل قوله تعالى : ( فاتوا بكتاب من قبل هذا او اثارة من علم ) : { ان الله تعالى لم قبض نبيه (ص) ، وتوزعت فاطمة في ميراثها من رسول الله (ص) فاعتزلت الناس خمس وسبعين يوما حتى كتبت مصحفها فأرسل الله جبريل إليها حتى كتبت مصحفا فيه علم ما كان وما يكون ، وما يكن الى يوم القيامة }
عن محمد بن جهم الهلالي ان ابا عبد الله قال : ( امة هي ازكى من امة ) في سورة النحل ، ليست كذاك ولكنها : )ائمة هي ازكى من ائمتكم(.
ومثل ذلك في الكافي ايضا عن الامام محمد الباقر قوله :
" ما ادعى احد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما انزل الا علي بن ابي طالب والائمة بعده "
وقد ادى ورود مثل هذه الروايات عن القوم الى فتح باب الطعن في عقائد الشيعة ، وذهب بعض المتشددين من اهل السنة الى الحكم بكفر القوم وفساد عقائدهم .
والحق ان من يعتقد تحريف القران الكريم كافر بالاجماع ، مخالف لهذه الامة ، ولكن ينبغي ان لا نتعجل على الناس حتى نتبين حقيقة ما يعتقدون ، فليس مجرد وجود الرواية في كتبهم دليلا على انها لهم اعتقاد ، وكذلك فانه ينبغي ان نتبين مذهبهم في تاويل ما يروون .
والمحققون من الشيعة لا يعتقدون صحة سائر ما في الكافي للكليني ، ولم ينزلوه عندهم منزلة صحيح البخاري عندنا – كما يعتقد عامة الناس – بل انهم يذكرون ان فيه ضعيفا ومرسلا كثيرا وان الشيخ المتقي الكلينيصنف كتابه في عشرين سنة ، يسند عمن يسمع ، فالعهدة على الاسناد ، كما صنع الامام الطبري ، اذ اثبت لك اسانيده ، قال هذا اسنادي ، ومن اسند فقد اعذر .
وفي دراسة علمية صدرت حديثا لمحقق شيعي هو السيد هاشم الحسيني جزم فيها بقوله : " ان المتقدين لم يجمعوا على جميع مرويات الكليني جملة وتفصيلا " .
ويقول : " ان احاديث الكافي التي بلغت سنة عشر الف حديث ومئة وتسعة وتسعين ، يكون الصحيح منها خمسة الاف واثنين وسبعين حديثا ، والحسن مئة واربعة واربعين حديثا ، والموثق الفا ومئة وثمانية وعشرين حديثا ، والقوي ثلاث مئة وحديثين ، والضعيف تسعة الاف واربع مئة وثمانين حديثا .
الصحيح الحسن الموثق القوي الضعيف مجموع ما في الكافي
5072 144 1128 302 9480 16199
وقد تعقب النقاد من الشيعة روايات تحريف القرآن الواردة في الكافي فإذا هي نحو ثلاث مئة رواية وردت من طريق اربعة وهم : ابو عبيد الله السياري ، ويونس بن ظبيان ومنخل بن جميل الكوفي ، ومحمد بن حسن بن جهور .
وهؤلاء الاربعة مطعون في عدالتهم عند علماء الاصطلاح من الشيعة ، واليك ما قولوه فيهم :
يقول الغضائري عن السياري : " ضعيف متهالك غال منحرف " . ويقول عنه الشيخ النجاشي :" ضعيف الحديث فاسد المذهب "
وقال الشيخ النجاشي في يونس بن ظبيان : " ضعيف جدا ، لا يلتفت الى كل ما رواه ، بل كل كتبه نخليط " . وقال عنه ابن الغضائري : كوفي غال كذاب ، وضاع للحديث " .
واما منخل بن جميل فقد نقل السيد هاشم الحسيني عن علماء الرجال انه من الغلاة المنحرفين
وقال العلامة الحلي في محمد بن حسن بن جهور : " كان ضعيفا في الحديث ، غاليا في المذهب ، فاسدا في الرواية ، لا يلتفت الى حديثه ، ولا يعتمد على ما يرويه " .
وهكذا ، فان تواثب القوم على توهين رواية هؤلاء وتجريحهم والطعن في صدقهم وامانتهم دليل واضح على تبرؤ مراجع الشيعة من هذه الاوهام ، ويبقى ورودها في الكافي مشروطا بصحة الاسناد ، وهو لم يتحقق كما رايت .
وقد نقل عن ائمة الشيعة نصوص كثيرة تدفع توهم اعتقادهم بشيء من التحريف ، وانا انقل لك طائفة منها :
1ـ العلامة ابو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، المشهور بالصدوق ( ت 381 هـ )
( اعتقادنا ان القران الذي انزله الله تعالى على نبيه محمد (ص) هو ما بين الدفتين ، وهو ما في ايدي الناس ليس باكثر من ذلك ، ومن نسب الينا اننا نقول اكثر من ذلك فهو كاذب )
2ـ السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي ( ت 436 هـ )
( ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، واشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت الى حد لم يبلغه شيء اخر .
ان القران كان على عهد رسول الله (ص) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه في ذلك الزمان حتى عين النبي (ص) على جماعة من الصحابة حفظهم له ، وكان يعرض على النبي (ص) ويتلى عليه ، وان جماعة من الصحبة مثل عبد الله بن مسعود ، وابي بن كعب ، وغيرهما ختموا القران على النبي (ص)عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث .... وان من خالف من الامامية والحشوية لا يعتقد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته )
3ـ الشيخ ابو علي الطبرسي ، صاحب تفسير مجمع البيان :
( الكلام في زيادة القران ونقصانه ، فاما الزيادة فمجمع على بطلانها ، واما النقصان منه ، فقد روى جماعة من اصحابنا ، وقوم من الحشوية العامة ان في القرآن تغييرا او نقصانا ، والصحيح من مذهب اصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه )
ولنترك الكلمة في الفصل في هذه المسالة لشيخ الطائفة ابي جعفر ، محمد بن الحسن الطوسي المتوفي سنة ( 461 هـ ) ، اذ يلخص اعتقاد الشيعة في سلامة النص القرآني ، واسباب هذه الشائعة عنهم بقوله :
" واما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، واما النقصان منه فالظاهر ايضا من مذاهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رضي الله عنه ، وهو الظاهر من الروايات ، غير انه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من اي القران ، ونقل شيء منه من موضع الى موضع طريقها الاحاد ولا يستوجب علما ، فالاولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لانه لا يمكنه تاويها ، ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين ، فإذا ذلك معلوم صحته لا يعترضه احد من الامة ولا يدفعه ، وروايتنا متناصرة على قراءته ، والتمسك بما فيه ، ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه ، وعرضها عليه ، فما وافقه عول عليه ، وما خالفه يجتنب ولم يلتفت اليه ، وقد ورد عن النبي (ص) رواية لا يدفها احد انه (ص) قال : " اني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " . وهذا يدل على انه موجود في كل عصر : لانه لا يجوز ان يامرنا بالتمسك به ، كما ان اهل البيت عليهم السلام ، ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت ، واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته : فينبغي ان يتشاغل بتفسيره ، وبيان معانيه ، وترك ما سواه " .
هذا وقد قام صاحب كشف الارتياب في رد فصل الخطاب بنقل مجموعة من توكيدات ائمة الطائفة الامامية بشان سلامة النص القرأني ، فعد منهم :
1ـ ابو جعفر ابن بابويه القمي ( ت 381 هـ )
2ـ السيد المرتضى على الموسوي ( ت 436 هـ )
3ـ شيخ الطائفة الطوسي ( ت 461 هـ )
4ـ ابو علي الطبرسي ( ت 548 هـ )
5ـ السيد ابن طاووس ( ت 644 هـ )
6ـ ملا محسن الفيض الكاشاني ( ت 1091 هـ )
7ـ محمد بهاء الدين العاملي البهائي ( ت 1030 هـ )
8ـ محمد بن الحسن الحر العاملي ( ت 1104 هـ )
9ـ المحقق زين الدين البياضي .
10 ـ القاضي سيد نور الله التستري .
إضافة الى عدد من علماء الشيعة ومراجعهم المعاصرين كالسيد كاشف الغطاء ، ومحمد جواد البلاغي ، ومهدي الطباطبائي ، والسيد محسن الامين العاملي ، ومحمد مهدي الشيرازي ، وشهاب الدين النجفي مرعشي ، والسيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ، والسيد رضا الكلبايكاني ، والسيد اية الله الخميني ، وغيرهم كثير .
ويجب القول هنا بان كثير من الروايات التي حملها المتجادلون محمل التحريف انما هي اوهام رجال توهموها ، ثم فاؤوا الى رشدهم فها ، وهي موجودة في كتب السنة كما في كتب الشيعة ، ولا مسوغ لاتهام احدى الطائفتين الأخرى بأنها تعتقد شيئا من ذلك بعد أن ثبت سلامة مراجع إعتقاد الطائفتين جميعا بسلامة النص القرآني .
وهكذا فانه لا مسوغ لا تهام طائفة عظيمة من المسلمين بالقول بتحريف القران ، بسبب هذه المرويات التي يجب حمها على واحد من اربعة محامل :
1ـ الطعن في اسنادها ورواتها .
2ـ حملها على انها اوهام رواة ، وجل الذي لم يعصم غير نبيه (ص) .
3ـ حملها على انها من باب المنسوخ .
4ـ حملها على انها مما كتبه الصحابة في مصاحفهم على سبيل التفسير .
ومن اراد تفصيل القول في هذه الوجوه فليرجع الى الاتقان للسيرطي ، او مناهل العرفان للزرقاني .
بقي ان تقول : ان الشيعة اليوم تلتزم القراءة برواية حفص عن عاصم ، وهي القراءة السائدة في العالم الاسلامي ، لا تخالف جمهور الامة في شيء منها ، لا في رسم ولا شكل ، ولا ضبط ، ولا علامة وقف ، ولا علامة ابتداء ، ولا رقم آية ولا رقم سورة ، ولا اثبات علامة صلة ، ولا حذفها ، ولا اثبات الف خنجرية ، ولا حذفها .
وسيأتي في هذه الدراسة أنهم يقولون بمسح الارجل في الوضوء ، لكن مع ذلك يقرؤون قراءة الجمهور ، الامرة بالغسل ، وذلك موافقة لرواية حفص التي يلتزمونها : ( فامسحو برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين )
وهو وجه ظاهر في التزامهم ما التزامه المسلمون من القراءة على رغم مخالفتهم في بعض الفروع الفقهية.
ويتضح مما سبق ان الامة الاسلامية على اختلاف طوائفها تتفق في التسليم بان القران الكريم مسطور بين الدفتين هو عين ما تلقاء النبي (ص) من الوحي الامين ، وان القراءات المتواترة لا تخرج في حرف من حروفها عن الرسم الذي كتبه عثمان رضي الله عنه في المصاحب ، والذي يتفق المسلمون اليوم على ادق تفصيلاته ، 0 فقد تكفل الله تعالى بحفظ القران ابد الدهر ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) { الحجر : 15/9 } . والمعنى ان للقران حافظون من ان يزاد فيه ما ليس منه ، او ينتقص منه ما هو منه من احكامه وحدوده وفرائضه (
وهذا الحفظ اكد وثاقة النص القراني مكتوبا ومقروءا ، سليما من التغير والتبديل منذ نزوله وحفظه بالاستظهار في الصدور والتدوين في الصحف ، وبقي المصحف كذلك لم يتغير فيه شيء غير تطور رسمه عبر العصور ، ولم يكن الاعتماد على مجرد حفظ الصدور وقراءة المصحف وفقه العمل والحكمة التي طبقها الرسول (ص) .
فقد حفظ القران بظهر الغيب رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات من لدن عصر الصحابة ، ومن تبعهم باحسان ، وظل العدد يتنامى ويزيد على توالي القرون ، ورغم كل الظروف بما حقق تواتر نقله في الاجيال اللاحقة .
وياتي دور الاجيال الاحقة في فهم المعاني ، واستخراج الحكم ، واستخلاص الحلول ، والمعالجات لمشكلات الحياة المتجددة مع تقديرنا لجهود السلف الصالح .
وقد شهد المنصفون من الباحثين – حتى من غير المسلمين – بسلامة النص القراني من التحريف والتبديل ، ومن هؤلاء : المستشرقون الالمان حيث جمعوا النسخ الخطية المتداولة للمصحب ، في شرق العالم الاسلامي وغربه للوقوف على ما توهموا من اختلافات بين النسخ ، وقارنوا بين هذه النسخ على العصور والبلدان المختلفة فلم يجدوا اختلافا اصلا ، مما يؤكد سلامة القران من التغيير والتحريف والتبديل ، وهو رد من داخل الدراسات الغربية على كل ما اثير من شبهات لا اساس لها من الصحة ، ولا غرابة في ذلك ، بعدما شهد القرآن الكريم بان الله تولى حفظه ابد الدهر .
كما تكفل الله تعالى بحفظ القيم في الكتاب والسنة من اي تحريف او تبديل ، سواء في ذلك تحريف الكلم عن مواضعه ، او تحريفه بالتاويل والخروج بالمعنى عما وضع له اللفظ " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " . الحجر 15/9
" ان علينا جمعه وقرأنه ، فاذا قراناه فاتبع قرأنه ، ثم ان علينا بيانه " { القيامة : 75/17-19 }
وهذا التكفل بالحفظ للنص الالهي ، والحراسة لبيانه ، وقيمه عن طريق النبوة يعتبر من ابرز سمات الرسالة الخاتمة ، واخص خصائصها "
والخلاصة ان سائر اهل التوحيد متفقون ان القران الذي نزل به جبريل الامين على النبي محمد (ص) هو المسطور في المصاحف ذاته ، لم يسقط منه حرف ، ولم يزد فيه حرف ، وان من انكر منه شيئا او زاد فيه فقد خرج من اجماع الامة .
لمحة عن سيرة الدكتور محمد الحبش وشهاداته العلمية ومناصبه في سوريا ومؤلفاته وووو
http://www.altajdeed.org/ar/dr/about/aboutdr.htm
والكتاب مقرض من عالمين من كبار علماء الشام
1- الفقيه الاصولي المفسر الدكتور وهبة الزحيلي
2- رئيس مجلس قراء دمشق الشيخ صادق حبنكة الميداني
فقد قال في كتابه المزبور :
(فائدة)
موقف مجتهدي الشيعة من مسألة سلامة النص القرآني :
نجد من الأمانة العلمية هنا ان نتطرق الى أمر غاية في الاهمية ، وهو موقف الشيعة من فرية تحريف القرآن ، ومسألة سلامة النص القرآني ، فقد كثر الحديث حول هذه المسألة ، واتخذها بعض الناس سببا للطعن في ايمان القوم ووصمهم بالزندقة ، واعتقاد النقص والزيادة في كتاب الله .
والحق ان الطعن في سلامة النص القرآني منقول عن طائفة من علماء الشيعة ، بل في بعض الكتب المصادر عند القوم ، وهو ما يزيد المسألة تعقيداً ، فقد ورد على سبيل المثال في الكافي للكليني وهو من اوثق مراجع القوم في الرواية النصوص التالية :
عن جعفر بن محمد قال : ( لم يجمع القرأن كله إلا الأئمة – وإن القرأن الذي جاء به جبريل الى محمد (ص) كان سبع عشر ألف آية ) .
عن ابي الحسن المضاي قال : " قرأ امير المؤمنين : ( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ) { من خلافة علي } ( وان لم تفعل فما بلغت رسالته ) ، فقلت : تنزيل ؟ فقال : نعم "
وفي الكافي للكليني ايضا في تأويل قوله تعالى : ( فاتوا بكتاب من قبل هذا او اثارة من علم ) : { ان الله تعالى لم قبض نبيه (ص) ، وتوزعت فاطمة في ميراثها من رسول الله (ص) فاعتزلت الناس خمس وسبعين يوما حتى كتبت مصحفها فأرسل الله جبريل إليها حتى كتبت مصحفا فيه علم ما كان وما يكون ، وما يكن الى يوم القيامة }
عن محمد بن جهم الهلالي ان ابا عبد الله قال : ( امة هي ازكى من امة ) في سورة النحل ، ليست كذاك ولكنها : )ائمة هي ازكى من ائمتكم(.
ومثل ذلك في الكافي ايضا عن الامام محمد الباقر قوله :
" ما ادعى احد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما انزل الا علي بن ابي طالب والائمة بعده "
وقد ادى ورود مثل هذه الروايات عن القوم الى فتح باب الطعن في عقائد الشيعة ، وذهب بعض المتشددين من اهل السنة الى الحكم بكفر القوم وفساد عقائدهم .
والحق ان من يعتقد تحريف القران الكريم كافر بالاجماع ، مخالف لهذه الامة ، ولكن ينبغي ان لا نتعجل على الناس حتى نتبين حقيقة ما يعتقدون ، فليس مجرد وجود الرواية في كتبهم دليلا على انها لهم اعتقاد ، وكذلك فانه ينبغي ان نتبين مذهبهم في تاويل ما يروون .
والمحققون من الشيعة لا يعتقدون صحة سائر ما في الكافي للكليني ، ولم ينزلوه عندهم منزلة صحيح البخاري عندنا – كما يعتقد عامة الناس – بل انهم يذكرون ان فيه ضعيفا ومرسلا كثيرا وان الشيخ المتقي الكلينيصنف كتابه في عشرين سنة ، يسند عمن يسمع ، فالعهدة على الاسناد ، كما صنع الامام الطبري ، اذ اثبت لك اسانيده ، قال هذا اسنادي ، ومن اسند فقد اعذر .
وفي دراسة علمية صدرت حديثا لمحقق شيعي هو السيد هاشم الحسيني جزم فيها بقوله : " ان المتقدين لم يجمعوا على جميع مرويات الكليني جملة وتفصيلا " .
ويقول : " ان احاديث الكافي التي بلغت سنة عشر الف حديث ومئة وتسعة وتسعين ، يكون الصحيح منها خمسة الاف واثنين وسبعين حديثا ، والحسن مئة واربعة واربعين حديثا ، والموثق الفا ومئة وثمانية وعشرين حديثا ، والقوي ثلاث مئة وحديثين ، والضعيف تسعة الاف واربع مئة وثمانين حديثا .
الصحيح الحسن الموثق القوي الضعيف مجموع ما في الكافي
5072 144 1128 302 9480 16199
وقد تعقب النقاد من الشيعة روايات تحريف القرآن الواردة في الكافي فإذا هي نحو ثلاث مئة رواية وردت من طريق اربعة وهم : ابو عبيد الله السياري ، ويونس بن ظبيان ومنخل بن جميل الكوفي ، ومحمد بن حسن بن جهور .
وهؤلاء الاربعة مطعون في عدالتهم عند علماء الاصطلاح من الشيعة ، واليك ما قولوه فيهم :
يقول الغضائري عن السياري : " ضعيف متهالك غال منحرف " . ويقول عنه الشيخ النجاشي :" ضعيف الحديث فاسد المذهب "
وقال الشيخ النجاشي في يونس بن ظبيان : " ضعيف جدا ، لا يلتفت الى كل ما رواه ، بل كل كتبه نخليط " . وقال عنه ابن الغضائري : كوفي غال كذاب ، وضاع للحديث " .
واما منخل بن جميل فقد نقل السيد هاشم الحسيني عن علماء الرجال انه من الغلاة المنحرفين
وقال العلامة الحلي في محمد بن حسن بن جهور : " كان ضعيفا في الحديث ، غاليا في المذهب ، فاسدا في الرواية ، لا يلتفت الى حديثه ، ولا يعتمد على ما يرويه " .
وهكذا ، فان تواثب القوم على توهين رواية هؤلاء وتجريحهم والطعن في صدقهم وامانتهم دليل واضح على تبرؤ مراجع الشيعة من هذه الاوهام ، ويبقى ورودها في الكافي مشروطا بصحة الاسناد ، وهو لم يتحقق كما رايت .
وقد نقل عن ائمة الشيعة نصوص كثيرة تدفع توهم اعتقادهم بشيء من التحريف ، وانا انقل لك طائفة منها :
1ـ العلامة ابو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي ، المشهور بالصدوق ( ت 381 هـ )
( اعتقادنا ان القران الذي انزله الله تعالى على نبيه محمد (ص) هو ما بين الدفتين ، وهو ما في ايدي الناس ليس باكثر من ذلك ، ومن نسب الينا اننا نقول اكثر من ذلك فهو كاذب )
2ـ السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي العلوي ( ت 436 هـ )
( ان العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، واشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدت ، والدواعي توفرت على نقله وحراسته ، وبلغت الى حد لم يبلغه شيء اخر .
ان القران كان على عهد رسول الله (ص) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه في ذلك الزمان حتى عين النبي (ص) على جماعة من الصحابة حفظهم له ، وكان يعرض على النبي (ص) ويتلى عليه ، وان جماعة من الصحبة مثل عبد الله بن مسعود ، وابي بن كعب ، وغيرهما ختموا القران على النبي (ص)عدة ختمات ، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث .... وان من خالف من الامامية والحشوية لا يعتقد بخلافهم ، فإن الخلاف في ذلك مضاف الى قوم من اصحاب الحديث نقلوا اخبارا ضعيفة ظنوا صحتها لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته )
3ـ الشيخ ابو علي الطبرسي ، صاحب تفسير مجمع البيان :
( الكلام في زيادة القران ونقصانه ، فاما الزيادة فمجمع على بطلانها ، واما النقصان منه ، فقد روى جماعة من اصحابنا ، وقوم من الحشوية العامة ان في القرآن تغييرا او نقصانا ، والصحيح من مذهب اصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه )
ولنترك الكلمة في الفصل في هذه المسالة لشيخ الطائفة ابي جعفر ، محمد بن الحسن الطوسي المتوفي سنة ( 461 هـ ) ، اذ يلخص اعتقاد الشيعة في سلامة النص القرآني ، واسباب هذه الشائعة عنهم بقوله :
" واما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به لان الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، واما النقصان منه فالظاهر ايضا من مذاهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى رضي الله عنه ، وهو الظاهر من الروايات ، غير انه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من اي القران ، ونقل شيء منه من موضع الى موضع طريقها الاحاد ولا يستوجب علما ، فالاولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها ، لانه لا يمكنه تاويها ، ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين ، فإذا ذلك معلوم صحته لا يعترضه احد من الامة ولا يدفعه ، وروايتنا متناصرة على قراءته ، والتمسك بما فيه ، ورد ما يرد من اختلاف الاخبار في الفروع اليه ، وعرضها عليه ، فما وافقه عول عليه ، وما خالفه يجتنب ولم يلتفت اليه ، وقد ورد عن النبي (ص) رواية لا يدفها احد انه (ص) قال : " اني مخلف فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي اهل بيتي ، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " . وهذا يدل على انه موجود في كل عصر : لانه لا يجوز ان يامرنا بالتمسك به ، كما ان اهل البيت عليهم السلام ، ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت ، واذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحته : فينبغي ان يتشاغل بتفسيره ، وبيان معانيه ، وترك ما سواه " .
هذا وقد قام صاحب كشف الارتياب في رد فصل الخطاب بنقل مجموعة من توكيدات ائمة الطائفة الامامية بشان سلامة النص القرأني ، فعد منهم :
1ـ ابو جعفر ابن بابويه القمي ( ت 381 هـ )
2ـ السيد المرتضى على الموسوي ( ت 436 هـ )
3ـ شيخ الطائفة الطوسي ( ت 461 هـ )
4ـ ابو علي الطبرسي ( ت 548 هـ )
5ـ السيد ابن طاووس ( ت 644 هـ )
6ـ ملا محسن الفيض الكاشاني ( ت 1091 هـ )
7ـ محمد بهاء الدين العاملي البهائي ( ت 1030 هـ )
8ـ محمد بن الحسن الحر العاملي ( ت 1104 هـ )
9ـ المحقق زين الدين البياضي .
10 ـ القاضي سيد نور الله التستري .
إضافة الى عدد من علماء الشيعة ومراجعهم المعاصرين كالسيد كاشف الغطاء ، ومحمد جواد البلاغي ، ومهدي الطباطبائي ، والسيد محسن الامين العاملي ، ومحمد مهدي الشيرازي ، وشهاب الدين النجفي مرعشي ، والسيد عبدالحسين شرف الدين العاملي ، والسيد رضا الكلبايكاني ، والسيد اية الله الخميني ، وغيرهم كثير .
ويجب القول هنا بان كثير من الروايات التي حملها المتجادلون محمل التحريف انما هي اوهام رجال توهموها ، ثم فاؤوا الى رشدهم فها ، وهي موجودة في كتب السنة كما في كتب الشيعة ، ولا مسوغ لاتهام احدى الطائفتين الأخرى بأنها تعتقد شيئا من ذلك بعد أن ثبت سلامة مراجع إعتقاد الطائفتين جميعا بسلامة النص القرآني .
وهكذا فانه لا مسوغ لا تهام طائفة عظيمة من المسلمين بالقول بتحريف القران ، بسبب هذه المرويات التي يجب حمها على واحد من اربعة محامل :
1ـ الطعن في اسنادها ورواتها .
2ـ حملها على انها اوهام رواة ، وجل الذي لم يعصم غير نبيه (ص) .
3ـ حملها على انها من باب المنسوخ .
4ـ حملها على انها مما كتبه الصحابة في مصاحفهم على سبيل التفسير .
ومن اراد تفصيل القول في هذه الوجوه فليرجع الى الاتقان للسيرطي ، او مناهل العرفان للزرقاني .
بقي ان تقول : ان الشيعة اليوم تلتزم القراءة برواية حفص عن عاصم ، وهي القراءة السائدة في العالم الاسلامي ، لا تخالف جمهور الامة في شيء منها ، لا في رسم ولا شكل ، ولا ضبط ، ولا علامة وقف ، ولا علامة ابتداء ، ولا رقم آية ولا رقم سورة ، ولا اثبات علامة صلة ، ولا حذفها ، ولا اثبات الف خنجرية ، ولا حذفها .
وسيأتي في هذه الدراسة أنهم يقولون بمسح الارجل في الوضوء ، لكن مع ذلك يقرؤون قراءة الجمهور ، الامرة بالغسل ، وذلك موافقة لرواية حفص التي يلتزمونها : ( فامسحو برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين )
وهو وجه ظاهر في التزامهم ما التزامه المسلمون من القراءة على رغم مخالفتهم في بعض الفروع الفقهية.
ويتضح مما سبق ان الامة الاسلامية على اختلاف طوائفها تتفق في التسليم بان القران الكريم مسطور بين الدفتين هو عين ما تلقاء النبي (ص) من الوحي الامين ، وان القراءات المتواترة لا تخرج في حرف من حروفها عن الرسم الذي كتبه عثمان رضي الله عنه في المصاحب ، والذي يتفق المسلمون اليوم على ادق تفصيلاته ، 0 فقد تكفل الله تعالى بحفظ القران ابد الدهر ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ) { الحجر : 15/9 } . والمعنى ان للقران حافظون من ان يزاد فيه ما ليس منه ، او ينتقص منه ما هو منه من احكامه وحدوده وفرائضه (
وهذا الحفظ اكد وثاقة النص القراني مكتوبا ومقروءا ، سليما من التغير والتبديل منذ نزوله وحفظه بالاستظهار في الصدور والتدوين في الصحف ، وبقي المصحف كذلك لم يتغير فيه شيء غير تطور رسمه عبر العصور ، ولم يكن الاعتماد على مجرد حفظ الصدور وقراءة المصحف وفقه العمل والحكمة التي طبقها الرسول (ص) .
فقد حفظ القران بظهر الغيب رجال مؤمنون ، ونساء مؤمنات من لدن عصر الصحابة ، ومن تبعهم باحسان ، وظل العدد يتنامى ويزيد على توالي القرون ، ورغم كل الظروف بما حقق تواتر نقله في الاجيال اللاحقة .
وياتي دور الاجيال الاحقة في فهم المعاني ، واستخراج الحكم ، واستخلاص الحلول ، والمعالجات لمشكلات الحياة المتجددة مع تقديرنا لجهود السلف الصالح .
وقد شهد المنصفون من الباحثين – حتى من غير المسلمين – بسلامة النص القراني من التحريف والتبديل ، ومن هؤلاء : المستشرقون الالمان حيث جمعوا النسخ الخطية المتداولة للمصحب ، في شرق العالم الاسلامي وغربه للوقوف على ما توهموا من اختلافات بين النسخ ، وقارنوا بين هذه النسخ على العصور والبلدان المختلفة فلم يجدوا اختلافا اصلا ، مما يؤكد سلامة القران من التغيير والتحريف والتبديل ، وهو رد من داخل الدراسات الغربية على كل ما اثير من شبهات لا اساس لها من الصحة ، ولا غرابة في ذلك ، بعدما شهد القرآن الكريم بان الله تولى حفظه ابد الدهر .
كما تكفل الله تعالى بحفظ القيم في الكتاب والسنة من اي تحريف او تبديل ، سواء في ذلك تحريف الكلم عن مواضعه ، او تحريفه بالتاويل والخروج بالمعنى عما وضع له اللفظ " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " . الحجر 15/9
" ان علينا جمعه وقرأنه ، فاذا قراناه فاتبع قرأنه ، ثم ان علينا بيانه " { القيامة : 75/17-19 }
وهذا التكفل بالحفظ للنص الالهي ، والحراسة لبيانه ، وقيمه عن طريق النبوة يعتبر من ابرز سمات الرسالة الخاتمة ، واخص خصائصها "
والخلاصة ان سائر اهل التوحيد متفقون ان القران الذي نزل به جبريل الامين على النبي محمد (ص) هو المسطور في المصاحف ذاته ، لم يسقط منه حرف ، ولم يزد فيه حرف ، وان من انكر منه شيئا او زاد فيه فقد خرج من اجماع الامة .
لمحة عن سيرة الدكتور محمد الحبش وشهاداته العلمية ومناصبه في سوريا ومؤلفاته وووو
http://www.altajdeed.org/ar/dr/about/aboutdr.htm