الصابر!!!!!
27-06-2008, 07:54 PM
احتجاج أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
وفيما يلي نذكر بعض خطبه واحتجاجاته في الخلافة ، و بعض النصوص التي تكشف عن موقفه تجاههم :
1 ـ روي أن علياً ـ عليه السلام ـ أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله ، وأخو رسوله ، فقيل له بايع أبا بكر.
فقال : أنا أحقُّ بهذا الامر منكم ، لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الامر من الانصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً ؟ ألستم زعمتم للانصار أنكم أولى بهذا الامر منهم لمّا كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الامارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار ، نحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون .
فقال عمر : إنك لست متروكاً حتى تبايع .
فقال له عليّ : احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردد عليك غداً ، ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه . ـ إلى أن قال لهم ـ :
الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تُخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لانّا أهل البيت ، ونحن أحقُّ بهذا الامر منكم ، أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الامور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بُعداً . / الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص18 ـ 19 ، السقيفة للجوهري ص60 ـ 61 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 11 ـ 12.
2 ـ لما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجُددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي ـ عليه السلام ـ فقال : أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم تَرْعَ لنا حقا.
فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة / مروج الذهب للمسعودي ج2 ص307 ، و في نسخة دار الكتاب اللبناني ص 594 .
3 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : واعجبا أن تكون الخلافةُ بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة.
قال الشريف الرضي ـ رحمه الله ـ : وقد رويَ له شعر قريب من هذا المعنى وهو :
فإِن كنتَ بالشُّورَى ملكت أُمُورَهُم ْ * فكيف بهذا والمشيرُونَ غُيَّبُ
وإن كنتَ بالقربى حججت خصيمَهُم ْ * فغيرُك أَوْلى بالنَّبِي وأَقرَب(1)ُ
(1)نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص502 من حكمه رقم : 190.
قال بن أبي الحديد في شرح النهج ج18 ص416 : حديثه ـ عليه السلام ـ في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر.
أما النثر فإلى عمر توجيهه ، لان أبا بكر لما قال لعمر : امدد يدك ، قال له عمر : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلّها ، شدّتها ورخائها ، فامدد أنت يدك. فقال عليّ ـ عليه السلام ـ : إذا احتججتَ لاستحقاقه الامر بصحبته إيّاه في المواطن كلّها ، فهلا سلّمت الامر إلى من قد شركه في ذلك ، وزاد عليه بالقرابة !!.
وأما النظم فموجّه إلى أبي بكر ؛ لان أبا بكر حاج الانصار في السقيفة. فقال : نحن عترة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، وبيضته التي تفقّأت عنه ، فلما بويع احتجّ على الناس بالبيعة ، وأنها صدرت عن أهل الحلّ والعقْد. فقال علي ـ عليه السلام ـ : أما احتجاجك على الانصار بأنك من بيضة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ومن قومه ، فغيرك أقرب نسبا منك إليه.
وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك ، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت !.
4 ـ قوله ـ عليه السلام : اللهم إني أستعديك على قريش ومن أَعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأَكفئوُا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، وقالوا : ألا إنَّ في الحق أَن تأخذَه وفي الحق أن تُمنَعَهُ ، فاصبر مغمُوما ، أومُت مُتأسفا. فنظرتُ فإذا ليس لي رَافِدٌ ، ولا دابُّ ولا مُساعِدٌ ، إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنيَّةِ ، فأَغضيتُ على القذى ، وجرعْتُ ريقي على الشَّجا ، وصبرت من كظم الغيظ على أمَرَّ من العلقمِ ، وآلم للقلب من وخز الشفار / نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص336 من كلام له رقم : 217 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11 ص109
5 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نذيرا للعالمين ، ومهيمنا على المُرسلين ، فلما مضى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ تنازع المسلمون الامر من بعدهِ ، فو الله ما كان يُلقى في روعي ، ولا يخطرُ ببالي أن العرب تُزعجُ هذا الامرَ من بعده ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ عن أهل بيته ، ولا أنّهمُ مُنحُّوه عنّي من بعده ، فما راعني إلاّ انثيالُ الناس على فُلان يُبايعُونَهُ ، فأمسكتُ بيدي حتى رأيتُ راجعة النَّاس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فخشيت إن لم أَنْصُر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المُصيبةُ به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاعُ أيَّام قلائِل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أو كما يتقشع السَّحاب ، فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأنَّ الدين وتنهنه / نهج البلاغة للامام علي ص451 كتاب رقم : 62 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج17 ص151 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص133 بتفاوت .
7 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ يقول : وقد قال قائلٌ : إنك على هذا الامر يا بن أبي طالب لحريصٌ ، فقلت : بل أنتم والله لاحرصُ وأَبعد ، وأنا أخصُّ وأقربُ ، وإنَّما طلبتُ حقا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينهُ ، وتضربون وجهِي دُونَهُ ، فلما قرّعتُهُ بالحُجةِ في الملأ الحاضرين هَبَّ كأنهُ بُهتَ لا يدري ما يُجِيبني به ؟
اللهم إني أستعَديك على قُريش ومن أعانهُم ! فإنهُم قطعوا رحمي ، وصغَّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذهُ وفي الحق أن تتركه... الخ الخطبة . / نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص 246 رقم الخطبة : 172 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص305 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص144 ط مصطفى محمد بمصر وج1 ص134 ط الحلبي ، بتفاوت.
على أن تذمر الامام عليّ ـ عليه السلام ـ من قريش لا يخفى على كل باحث إذ أعرب بصراحة في مواقف عديدة عن عداء قريش لال محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكذلك أخبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بذلك وقد روته كتب السنّة أجمع ، فكان صرف الخلافة عنه لازما بموجب هذا العداء ، وأما تذرع من يتذرع بصغر سن الامام وخوف الفتنة فما هو إلا كتمسك الغريق بقشة ، راجع : كتاب الغدير والمعارضون للسيد جعفر مرتضى العاملي لتقف على عشرات النصوص المصرحة بهذا العداء بعهد النبي الاكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والمنقولة من كتب السنة.
8 ـ سأله بعض أصحابه : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟
فقال ـ عليه السلام ـ : يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ، تُرسِلُ في غير سدد ، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم :
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الاعلون نسبا ، والاشدون برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نوطا ، فإنها كانت أثرةً (1) شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه يوم القيامة.
ودع عنك نهبا صِيحَ في حَجَرَاتِه ِ * ولكِنْ حَديثا ما حديث ُ الرَّواحلِ (2)
1-وقد أشار النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى ذلك بقوله للانصار : ستلقون بعدي أثرة ، والاثرة هي : الاستئثار والاستبداد بالامر. راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد ج9 ص243.
2- نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ من كلام له رقم : 162 ص231 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص241.
9 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ قال : حتى إذا قبض الله رسوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، رجع قومٌ على الاعقاب (1) ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج (2) ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب (3) الذي أُمِرُوا بمودته ، ونقلوا البناءَ عن رص (4) أساسه ، فبنوه في غير موضعه ، معادن كل خطيئة ، وأَبواب كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سُنَّةٍ من آل فرعون ، من مُنَقِطعٍ إلى الدنيا راكن ، أو مُفارِقٍ للدين مُبَاين (5).
1-وهذا الحدث التاريخي قد صرحت به الاية الشريفة ( وما مُحَمّد إلاّ رسول قد خَلت مِنْ قَبله الرّسُل أفائِن مات او قُتِلَ انقلبتُم على أعقابكم ومَنْ ينقَلِب على عَقبيه فلن يَضُرَّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) سورة آل عمران : الاية 144.
2- الولائج جمع وليجة ، وهي : البطانة يتخذها الانسان لنفسه.
وفيما يلي نذكر بعض خطبه واحتجاجاته في الخلافة ، و بعض النصوص التي تكشف عن موقفه تجاههم :
1 ـ روي أن علياً ـ عليه السلام ـ أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله ، وأخو رسوله ، فقيل له بايع أبا بكر.
فقال : أنا أحقُّ بهذا الامر منكم ، لا أبايعكم ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الامر من الانصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً ؟ ألستم زعمتم للانصار أنكم أولى بهذا الامر منهم لمّا كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الامارة ، وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار ، نحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون .
فقال عمر : إنك لست متروكاً حتى تبايع .
فقال له عليّ : احلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم أمره يردد عليك غداً ، ثم قال : والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه . ـ إلى أن قال لهم ـ :
الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تُخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعر بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به ، لانّا أهل البيت ، ونحن أحقُّ بهذا الامر منكم ، أما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الامور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بُعداً . / الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص18 ـ 19 ، السقيفة للجوهري ص60 ـ 61 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 11 ـ 12.
2 ـ لما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجُددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي ـ عليه السلام ـ فقال : أفسدت علينا أمورنا ، ولم تستشر ، ولم تَرْعَ لنا حقا.
فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة / مروج الذهب للمسعودي ج2 ص307 ، و في نسخة دار الكتاب اللبناني ص 594 .
3 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : واعجبا أن تكون الخلافةُ بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة.
قال الشريف الرضي ـ رحمه الله ـ : وقد رويَ له شعر قريب من هذا المعنى وهو :
فإِن كنتَ بالشُّورَى ملكت أُمُورَهُم ْ * فكيف بهذا والمشيرُونَ غُيَّبُ
وإن كنتَ بالقربى حججت خصيمَهُم ْ * فغيرُك أَوْلى بالنَّبِي وأَقرَب(1)ُ
(1)نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص502 من حكمه رقم : 190.
قال بن أبي الحديد في شرح النهج ج18 ص416 : حديثه ـ عليه السلام ـ في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر.
أما النثر فإلى عمر توجيهه ، لان أبا بكر لما قال لعمر : امدد يدك ، قال له عمر : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلّها ، شدّتها ورخائها ، فامدد أنت يدك. فقال عليّ ـ عليه السلام ـ : إذا احتججتَ لاستحقاقه الامر بصحبته إيّاه في المواطن كلّها ، فهلا سلّمت الامر إلى من قد شركه في ذلك ، وزاد عليه بالقرابة !!.
وأما النظم فموجّه إلى أبي بكر ؛ لان أبا بكر حاج الانصار في السقيفة. فقال : نحن عترة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، وبيضته التي تفقّأت عنه ، فلما بويع احتجّ على الناس بالبيعة ، وأنها صدرت عن أهل الحلّ والعقْد. فقال علي ـ عليه السلام ـ : أما احتجاجك على الانصار بأنك من بيضة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ومن قومه ، فغيرك أقرب نسبا منك إليه.
وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك ، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت !.
4 ـ قوله ـ عليه السلام : اللهم إني أستعديك على قريش ومن أَعانهم ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأَكفئوُا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري ، وقالوا : ألا إنَّ في الحق أَن تأخذَه وفي الحق أن تُمنَعَهُ ، فاصبر مغمُوما ، أومُت مُتأسفا. فنظرتُ فإذا ليس لي رَافِدٌ ، ولا دابُّ ولا مُساعِدٌ ، إلاّ أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنيَّةِ ، فأَغضيتُ على القذى ، وجرعْتُ ريقي على الشَّجا ، وصبرت من كظم الغيظ على أمَرَّ من العلقمِ ، وآلم للقلب من وخز الشفار / نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص336 من كلام له رقم : 217 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج11 ص109
5 ـ قوله ـ عليه السلام ـ : أما بعد ، فإن الله سبحانه بعث محمدا ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نذيرا للعالمين ، ومهيمنا على المُرسلين ، فلما مضى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ تنازع المسلمون الامر من بعدهِ ، فو الله ما كان يُلقى في روعي ، ولا يخطرُ ببالي أن العرب تُزعجُ هذا الامرَ من بعده ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ عن أهل بيته ، ولا أنّهمُ مُنحُّوه عنّي من بعده ، فما راعني إلاّ انثيالُ الناس على فُلان يُبايعُونَهُ ، فأمسكتُ بيدي حتى رأيتُ راجعة النَّاس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فخشيت إن لم أَنْصُر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المُصيبةُ به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاعُ أيَّام قلائِل ، يزول منها ما كان كما يزول السراب ، أو كما يتقشع السَّحاب ، فنهضت في تلك الاحداث حتى زاح الباطل وزهق ، واطمأنَّ الدين وتنهنه / نهج البلاغة للامام علي ص451 كتاب رقم : 62 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج17 ص151 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص133 بتفاوت .
7 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ يقول : وقد قال قائلٌ : إنك على هذا الامر يا بن أبي طالب لحريصٌ ، فقلت : بل أنتم والله لاحرصُ وأَبعد ، وأنا أخصُّ وأقربُ ، وإنَّما طلبتُ حقا لي ، وأنتم تحولون بيني وبينهُ ، وتضربون وجهِي دُونَهُ ، فلما قرّعتُهُ بالحُجةِ في الملأ الحاضرين هَبَّ كأنهُ بُهتَ لا يدري ما يُجِيبني به ؟
اللهم إني أستعَديك على قُريش ومن أعانهُم ! فإنهُم قطعوا رحمي ، وصغَّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذهُ وفي الحق أن تتركه... الخ الخطبة . / نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ ص 246 رقم الخطبة : 172 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص305 ، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص144 ط مصطفى محمد بمصر وج1 ص134 ط الحلبي ، بتفاوت.
على أن تذمر الامام عليّ ـ عليه السلام ـ من قريش لا يخفى على كل باحث إذ أعرب بصراحة في مواقف عديدة عن عداء قريش لال محمد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وكذلك أخبر النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بذلك وقد روته كتب السنّة أجمع ، فكان صرف الخلافة عنه لازما بموجب هذا العداء ، وأما تذرع من يتذرع بصغر سن الامام وخوف الفتنة فما هو إلا كتمسك الغريق بقشة ، راجع : كتاب الغدير والمعارضون للسيد جعفر مرتضى العاملي لتقف على عشرات النصوص المصرحة بهذا العداء بعهد النبي الاكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ والمنقولة من كتب السنة.
8 ـ سأله بعض أصحابه : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟
فقال ـ عليه السلام ـ : يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ، تُرسِلُ في غير سدد ، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة ، وقد استعلمت فاعلم :
أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الاعلون نسبا ، والاشدون برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نوطا ، فإنها كانت أثرةً (1) شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه يوم القيامة.
ودع عنك نهبا صِيحَ في حَجَرَاتِه ِ * ولكِنْ حَديثا ما حديث ُ الرَّواحلِ (2)
1-وقد أشار النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ إلى ذلك بقوله للانصار : ستلقون بعدي أثرة ، والاثرة هي : الاستئثار والاستبداد بالامر. راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد ج9 ص243.
2- نهج البلاغة للامام علي ـ عليه السلام ـ من كلام له رقم : 162 ص231 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9 ص241.
9 ـ ومن خطبة له ـ عليه السلام ـ قال : حتى إذا قبض الله رسوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، رجع قومٌ على الاعقاب (1) ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج (2) ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب (3) الذي أُمِرُوا بمودته ، ونقلوا البناءَ عن رص (4) أساسه ، فبنوه في غير موضعه ، معادن كل خطيئة ، وأَبواب كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سُنَّةٍ من آل فرعون ، من مُنَقِطعٍ إلى الدنيا راكن ، أو مُفارِقٍ للدين مُبَاين (5).
1-وهذا الحدث التاريخي قد صرحت به الاية الشريفة ( وما مُحَمّد إلاّ رسول قد خَلت مِنْ قَبله الرّسُل أفائِن مات او قُتِلَ انقلبتُم على أعقابكم ومَنْ ينقَلِب على عَقبيه فلن يَضُرَّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) سورة آل عمران : الاية 144.
2- الولائج جمع وليجة ، وهي : البطانة يتخذها الانسان لنفسه.