عشق علي (عليه السلام)
17-07-2008, 03:39 PM
الولاية التكوينية والولاية التشريعية في الميزان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، وصلى الله على محمد وآله الأطيبين الأطهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .
حديثنا في هذه النوبة يدور حول مسألة اختلفت دونها الآراء ، وتعددت فيها وجهات النظر .
مسألتنا المقصودة هي مسألة الولاية التكوينية والولاية التشريعية للأنبياء والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) .
وليكن عنوان بحثنا وحديثنا :
الولاية التكوينية والولاية التشريعية في الميزان
الحلقة الأولى
وسنحاول تلخيص الكلام في مقدمة وفصلين ، في كل فصل خمسة مقامات ، وفي كل مقام خمسة مواضع .
المقدمة :
المصادر الأساسية والمعتمدة في المعارف الإسلامية أربعة :
الأول : القرآن الكريم ، والذي وصفه الله تعالى بقوله : { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت42.
وهو الكتاب المعصوم والمصان عن أي تغيير أو تحريف ، { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 .
الثاني : السنة المطهرة ، وتشمل قول وفعل وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) .
طبعاً يوجد خلاف بين علماء الأصول في حقيقة السنة ، فخصها بعضهم بقول وفعل وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله) خاصة ، بينما عممها آخرون لقول وفعل وتقرير كل إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
وتفصيل البحث والكلام موكول إلى موضعه من علم الأصول ، هذا .
وقد اهتم أهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم بتدوين الأحاديث الشريفة ، حتى ألف في ذلك الكتب والأصول ، وكان عند مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) قبل عصر المجاميع ، الأصول الأربع مائة . قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : « قد بلغنا عن مشايخنا - قدس سرهم - انه كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا عن أحد الأئمة ( عليهم السلام ) حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه أو لكله بتمادي الأيام »،انتهى .
إلى أن جاء عصر المحمدين الثلاثة : الكليني وابن بابويه والطوسي .
فألف الأول وهو ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328هـ كتابه (الكافي) في خمسة وعشرين سنة .
وقد وضعه في ثلاثة فنون : الأصول والفروع والروضة ، وإن ادعى بعضهم أن الروضة ليست من تأليف الشيخ الكليني ، إلا أن مشهور العلماء عدها من تأليفه .
ثم جاء من بعده رئيس المحدثين الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، المعروف والمشهور بالصدوق ، المتوفى سنة 381هـ ، فألف كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) أو ( الفقيه لمن لا يحضره الفقيه ) .
ثم انبرى من بعده شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن ، المعروف بالطوسي ، المتوفى سنة 460هـ ، فألف كتابه ( تهذيب الأحكام ) في شرح كتاب أستاذه الشيخ المفيد المتوفى سنة 413هـ ( المقنعة ) ، وقد كتب أجزاء منه في حياة أستاذه المزبور .
ثم ألف كتابه الآخر ( الإستبصار فيما اختلف من الأخبار ) .
ثم انبرى أعلام الطائفة لتأليف الكتب ، وجمع المتفرق من الأحاديث الشريفة .
ولم تقتصر مسؤولية العلماء على التأليف والجمع فقط ، بل كانت مسؤوليتهم الأولى هي تهذيب الأحاديث مما علق بها من أحاديث مدسوسة ، وتنقيتها مما أضافه الوضاعون والكذابون والغلاة وغيرهم إليها .
الثالث : العقل .
الرابع : الإجماع ، وهو إما إجماع مدركي أو لا ، ولا حجة للمدركي عند المحققين ، وغير المدركي ، إما محصل أو منقول ، وهناك خلاف في حجية كليهما أو الأول منهما فقط .
وهناك بحث طويل الذيل عند الأصوليين في حجية الإجماع وعدمها ، ولا أرانا بحاجة إلى استعراض هذا البحث .
وقد أرجع بعض أعلام العصر الأصلين الأخيرين إلى الأصلين الأولين ، وأدخلهما في بحثيهما .
ولا بد أن نشير هنا إلى أن الإجماع لا حجية له إلا من حيث دخول المعصوم في ضمن المجمعين .
وقد ألحق جماعة من الفقهاء الشهرة بالإجماع ، سيما بعد ورود : خذ ما اشتهر بين أصحابك .
وقد اختلف العلماء في آلية قبول الرواية ، فاشترط بعضهم عدالة الراوي ، بينما اكتفي آخرون بوثاقته ، بل اكتفى ثالث بالوثوق بصدور الرواية .
وفي التعديل اشترط بعضهم شهادة عدلين بعدالة الراوي ، واكتفى آخر بشهادة عدل واحد .
وكذا أيضاً بالنسبة إلى الوثاقة .
بل اشترط بعض الفقهاء كون الرواية متواترة أو مقطوعة الصدور ، فلم يكتفي بما هو أقل من ذلك .
طبعاً هناك فوارق وثمرات لكل منهج ، ولعلنا نشير إلى بعض ذلك في حلقة قادمة إن شاء الله .
والحمد لله أولاً وآخراً ، وصلى الله على محمد وآله طاهراً فطاهراً .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، وصلى الله على محمد وآله الأطيبين الأطهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .
حديثنا في هذه النوبة يدور حول مسألة اختلفت دونها الآراء ، وتعددت فيها وجهات النظر .
مسألتنا المقصودة هي مسألة الولاية التكوينية والولاية التشريعية للأنبياء والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) .
وليكن عنوان بحثنا وحديثنا :
الولاية التكوينية والولاية التشريعية في الميزان
الحلقة الأولى
وسنحاول تلخيص الكلام في مقدمة وفصلين ، في كل فصل خمسة مقامات ، وفي كل مقام خمسة مواضع .
المقدمة :
المصادر الأساسية والمعتمدة في المعارف الإسلامية أربعة :
الأول : القرآن الكريم ، والذي وصفه الله تعالى بقوله : { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } فصلت42.
وهو الكتاب المعصوم والمصان عن أي تغيير أو تحريف ، { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 .
الثاني : السنة المطهرة ، وتشمل قول وفعل وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) .
طبعاً يوجد خلاف بين علماء الأصول في حقيقة السنة ، فخصها بعضهم بقول وفعل وتقرير النبي (صلى الله عليه وآله) خاصة ، بينما عممها آخرون لقول وفعل وتقرير كل إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
وتفصيل البحث والكلام موكول إلى موضعه من علم الأصول ، هذا .
وقد اهتم أهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم بتدوين الأحاديث الشريفة ، حتى ألف في ذلك الكتب والأصول ، وكان عند مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) قبل عصر المجاميع ، الأصول الأربع مائة . قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : « قد بلغنا عن مشايخنا - قدس سرهم - انه كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا عن أحد الأئمة ( عليهم السلام ) حديثا بادروا إلى إثباته في أصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه أو لكله بتمادي الأيام »،انتهى .
إلى أن جاء عصر المحمدين الثلاثة : الكليني وابن بابويه والطوسي .
فألف الأول وهو ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328هـ كتابه (الكافي) في خمسة وعشرين سنة .
وقد وضعه في ثلاثة فنون : الأصول والفروع والروضة ، وإن ادعى بعضهم أن الروضة ليست من تأليف الشيخ الكليني ، إلا أن مشهور العلماء عدها من تأليفه .
ثم جاء من بعده رئيس المحدثين الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ، المعروف والمشهور بالصدوق ، المتوفى سنة 381هـ ، فألف كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) أو ( الفقيه لمن لا يحضره الفقيه ) .
ثم انبرى من بعده شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن ، المعروف بالطوسي ، المتوفى سنة 460هـ ، فألف كتابه ( تهذيب الأحكام ) في شرح كتاب أستاذه الشيخ المفيد المتوفى سنة 413هـ ( المقنعة ) ، وقد كتب أجزاء منه في حياة أستاذه المزبور .
ثم ألف كتابه الآخر ( الإستبصار فيما اختلف من الأخبار ) .
ثم انبرى أعلام الطائفة لتأليف الكتب ، وجمع المتفرق من الأحاديث الشريفة .
ولم تقتصر مسؤولية العلماء على التأليف والجمع فقط ، بل كانت مسؤوليتهم الأولى هي تهذيب الأحاديث مما علق بها من أحاديث مدسوسة ، وتنقيتها مما أضافه الوضاعون والكذابون والغلاة وغيرهم إليها .
الثالث : العقل .
الرابع : الإجماع ، وهو إما إجماع مدركي أو لا ، ولا حجة للمدركي عند المحققين ، وغير المدركي ، إما محصل أو منقول ، وهناك خلاف في حجية كليهما أو الأول منهما فقط .
وهناك بحث طويل الذيل عند الأصوليين في حجية الإجماع وعدمها ، ولا أرانا بحاجة إلى استعراض هذا البحث .
وقد أرجع بعض أعلام العصر الأصلين الأخيرين إلى الأصلين الأولين ، وأدخلهما في بحثيهما .
ولا بد أن نشير هنا إلى أن الإجماع لا حجية له إلا من حيث دخول المعصوم في ضمن المجمعين .
وقد ألحق جماعة من الفقهاء الشهرة بالإجماع ، سيما بعد ورود : خذ ما اشتهر بين أصحابك .
وقد اختلف العلماء في آلية قبول الرواية ، فاشترط بعضهم عدالة الراوي ، بينما اكتفي آخرون بوثاقته ، بل اكتفى ثالث بالوثوق بصدور الرواية .
وفي التعديل اشترط بعضهم شهادة عدلين بعدالة الراوي ، واكتفى آخر بشهادة عدل واحد .
وكذا أيضاً بالنسبة إلى الوثاقة .
بل اشترط بعض الفقهاء كون الرواية متواترة أو مقطوعة الصدور ، فلم يكتفي بما هو أقل من ذلك .
طبعاً هناك فوارق وثمرات لكل منهج ، ولعلنا نشير إلى بعض ذلك في حلقة قادمة إن شاء الله .
والحمد لله أولاً وآخراً ، وصلى الله على محمد وآله طاهراً فطاهراً .