عاشق الزهراء
19-07-2008, 09:03 AM
اللهم أنصره وأنتصر به
بدأ كقائد شيعي وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته: مفارقة حسن نصر الله
عبد الحليم قنديل
14/07/2008
http://gfx2.hotmail.com/mail/w3/pr01/ltr/i_safe.gif
معني الكاريزما أوسع من حسن الهيئة الشخصية، ومن بلاغة زائدة في إلقاء خطب السياسة، ومن جاذبية سحرية يتمتع بها قيادي، فالثقة المتحصلة من ممارسة مرئية هي الأساس الخرساني الصلب لتكون أسطورة الزعيم السياسي .
والسيد حسن نصر الله مثال رفيع علي كاريزما الزعامة السياسية، فقد تحول من زعيم حزب إلي زعيم أمة، ومن منتسب لطائفة الشيعة إلي رمز لطائفة المقاومة في الأمة كلها، ولا يكاد المواطن العربي يصدق أحدا من المشايخ أو من قادة السلاح أو من زعماء السياسة بأكثر مما يفعل مع حسن نصر الله، ولا يحتشد الناس لسماع خطبة زعيم ـ منذ عصر جمال عبد الناصر ـ كما يحدث مع السيد حسن .
وتبدو زعامة السيد حسن ظاهرة مفارقات حقيقية، فلم يولد وفي يده طبق زعامة فضي موروث، ولم تتزاحم علي موائد عصره ملاعق ذهب تعطي الزعامة للراغبين والطامعين .
فقد ظهرت وتطورت ظاهرة السيد في سياق تراجع عربي عام، انكسرت موجة المد القومي العربي من أواسط السبعينيات، وسقط دور مصر القيادي في بلاعة كامب ديفيد، وانفسح المجال لعربدة إسرائيلية متصلة في الشرق العربي، ضربت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي بينما كان بيغين مجتمعا مع السادات، وزحفت إسرائيل بالغزو الشاروني إلي بيروت، وبدا أن إسرائيل نجحت في احتلال عاصمة عربية خارج فلسطين لأول مرة، وفي وسط الحطام تكونت ظاهرة المقاومة اللبنانية، وكانت تياراتها الأولي قومية ويسارية متأثرة بتراث المقاومة الفلسطينية، وسرعان ما تحول المشهد مع بروز حركة أمل بميولها الطائفية الظاهرة، ثم مع الانشقاق عن أمل ، وتكون النواة الأولي لحزب الله، ودور المؤسس الأول الشهيد عباس الموسوي، ثم خلافة حسن نصر الله، ومع تطور حزب الله ـ تحت زعامة السيد حسن ـ من منظمة مقاومة استشهادية إلي رقم صعب في معادلات المنطقة كلها .
وكان لافتا أن يحدث ذلك في لبنان بالذات، بتركيب الموزاييك فيه، وبكونه أضعف الدول العربية في قوة السلاح النظامي، وبكون الدولة اللبنانية أقرب إلي الشركة المساهمة منها إلي الكيان القابض، وربما تكون هذه السمات الفريدة للبنان هي التي أسهمت في نجاح مسعي حسن نصر الله، فقد بدا لبنان كأرض أحلام، حريات حركة للناس، وانفتاح لحدود لبنان علي ما عداه، بيئة حرية وتحد في الوقت ذاته، وموطئا لميلاد مفارقة العصر العربي التي حملت اسم نصر الله، وفي بيئة ثقافة إيمانية عميقة، وتطلع لمصائر الشهادة باعتبارها أغلي المني، كل ذلك لعب دوره في بناء ظاهرة الحزب المقاوم والزعيم المتفرد بطاقة الإلهام .
ونظن أن سنوات التسعينيات كانت هي الزمن المثالي لبلورة مفارقة حسن نصر الله، فقد خرج العرب من حرب الخليج الثانية في حالة يرثي لها، ذهبت جيوش عربية للحرب تحت القيادة الأمريكية، وكان الطرف الآخر في الحرب هو جيش العراق، وسيق العرب إلي مدريد، وذهب الفلسطينيون إلي مفاوضات أوسلو السرية، وكان الاتحاد السوفيتي قد ذهب بددا، وذهب تأثيره الموازن نسبيا لنفوذ أمريكا في المنطقة، وبدت لغة المقاومة غريبة تماما كغربة الإسلام في آخر الزمان، وراجت أوهام وخيالات عن حقائق العصر الجديد، وبينها أن المقاومة مودة قديمة، وأن التسويات هي لغة العصر، وأن ملاينة أمريكا ومسايرتها هي طوق النجاة، وذهب زعيم المقاومة الفلسطينية التاريخي ياسر عرفات إلي خيمة غزة ـ أريحا، وإلي سلطة حكم ذاتي هي قبضة هواء.
وبالمقابل بدا صعود حزب الله مفارقا، وعدوا عرفات ـ رحمه الله ـ بإقامة دولة فلسطينية قبل قدوم سنة 2000، ولم تقم الدولة الفلسطينية إلي الآن، بينما كانت المقاومة ـ المفارقة ـ عند وعدها بالضبط، ونجحت في طرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ودون أن توقع صكا أو تتعهد بتطبيع، وكانت العظة باهرة، فقد ثبت أن تصميم القوة الذاتية قادر علي قلب المعادلات المفروضة، فقد نجحت خطة حسن نصر الله وخابت خطة عرفات، بل وزحف تاريخ نصر الله إلي جغرافيا عرفات نفسها، وبدت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ترجيعا لصدي انتصار المقاومة في لبنان، فقد نشبت الانتفاضة الثانية بعد النصر اللبناني بشهور، وبدا تحول الانتفاضة الثانية من الحجارة إلي السلاح ملفتا، وبدت إسرائيل منهكة أكثر مع الانتفاضة الثانية، واضطرت لفك الارتباط والجلاء الأرضي عن غزة وتفكيك المستوطنات اليهودية لأول مرة في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وكانت تلك هي الثمرة الثانية المؤكدة لنجاح خط حسن نصر الله، صحيح أن نزعة الاستشهاد في المقاومة الفلسطينية لها تاريخها الطويل، لكن الثقة المستعادة بسلاح المقاومة مع نجاحها في تحرير الجنوب اللبناني، الثقة بجدوي السلاح المقاوم، الثقة في نصر الله الموعود للصابرين والاستشهاديين، هذه الثقة ردت اعتبار المقاومة، وبدت فصائل المقاومة وقادتها موضع استقطاب لمشاعر الناس بعد خيبة الأمل راكبة الجمل في الحكام وجيوشهم النظامية .
ومن مقام البطل إلي مقام الأسطورة تحول حسن نصر الله، فقد ثبت ـ مع تطور حزب الله ـ أن الأمة قادرة علي اجتراح البطولة، وأنها قادرة علي النصر في لبنان وفلسطين، وأن قوة سلاح الجماعات الشعبية قادرة علي قهر الجيش الإسرائيلي الذي قيل طويلا أنه لايقهر، لكن تلك لم تكن نهاية المطاف في دراما المقاومة المفارقة لاستسلام العصر العربي، فقد بدأ حزب الله ـ مع العشرية الأولي من الألفية الثالثة ـ في التحول من جماعة مقاومة إلي قوة من طراز فريد، صحيح أنه ولد وتطور ببركة دم الشهداء، ولم يتخلف حسن نصر الله يوما عن قطار الشهادة، وقدم ابنه هادي شهيدا محتسبا عند الله، لكن حزب الله ـ بقيادة نصر الله ـ تحول من جماعة استشهادية إلي جيش حرب عصابات فائق الخبرة والتكنولوجيا، وأسهم الاستعداد الذاتي الفائق في الاستفادة القصوي من عون إيران وغيرها، ودعمت تكنولوجيا الصواريخ استشهادية رجال الله، مع التدريب العسكري الشاق، وشبكة الأنفاق السرية، وجهاز المخابرات طويل الذراع إلي قلب إسرائيل ذاتها، وتحول حزب الله إلي أكبر وأكفأ قوة عربية إلي الشرق من فلسطين. وبدت مواعظ حرب تموز (يوليو) 2006 ظاهرة بأماراتها، فقد كانت هي الحرب العربية الإسرائيلية الأطول بأيامها، ودخلت النظم العربية ـ من وراء أمريكا ـ طرفا داعما بالسياسة لحرب إسرائيل، لكن حزب الله انتصر، ووضع مدن الداخل الإسرائيلي تحت رحمة صواريخه، وزحف بالهلع إلي قلب قادة إسرائيل المرتبكة، بينما بدا حسن نصر الله بقامته القصيرة ـ نسبيا ـ كأنه المارد العملاق، وبدا وعده الصادق كأنه كلمة الله، وبدت لثغته الرائية المحببة كأنها البلسم الشافي، وبدت تعهداته كأنها الأقدار، تعهد بهزيمة إسرائيل وقد فعلها مرتين، وتعهد بإطلاق سمير القنطار عميد الأسري العرب في سجون إسرائيل، وهاهو الوعد الآن يتحقق .
إنها دراما حسن نصر الله الذي بدأ كقائد شيعي، وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته.
ہ كاتب من مصر
بدأ كقائد شيعي وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته: مفارقة حسن نصر الله
عبد الحليم قنديل
14/07/2008
http://gfx2.hotmail.com/mail/w3/pr01/ltr/i_safe.gif
معني الكاريزما أوسع من حسن الهيئة الشخصية، ومن بلاغة زائدة في إلقاء خطب السياسة، ومن جاذبية سحرية يتمتع بها قيادي، فالثقة المتحصلة من ممارسة مرئية هي الأساس الخرساني الصلب لتكون أسطورة الزعيم السياسي .
والسيد حسن نصر الله مثال رفيع علي كاريزما الزعامة السياسية، فقد تحول من زعيم حزب إلي زعيم أمة، ومن منتسب لطائفة الشيعة إلي رمز لطائفة المقاومة في الأمة كلها، ولا يكاد المواطن العربي يصدق أحدا من المشايخ أو من قادة السلاح أو من زعماء السياسة بأكثر مما يفعل مع حسن نصر الله، ولا يحتشد الناس لسماع خطبة زعيم ـ منذ عصر جمال عبد الناصر ـ كما يحدث مع السيد حسن .
وتبدو زعامة السيد حسن ظاهرة مفارقات حقيقية، فلم يولد وفي يده طبق زعامة فضي موروث، ولم تتزاحم علي موائد عصره ملاعق ذهب تعطي الزعامة للراغبين والطامعين .
فقد ظهرت وتطورت ظاهرة السيد في سياق تراجع عربي عام، انكسرت موجة المد القومي العربي من أواسط السبعينيات، وسقط دور مصر القيادي في بلاعة كامب ديفيد، وانفسح المجال لعربدة إسرائيلية متصلة في الشرق العربي، ضربت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي بينما كان بيغين مجتمعا مع السادات، وزحفت إسرائيل بالغزو الشاروني إلي بيروت، وبدا أن إسرائيل نجحت في احتلال عاصمة عربية خارج فلسطين لأول مرة، وفي وسط الحطام تكونت ظاهرة المقاومة اللبنانية، وكانت تياراتها الأولي قومية ويسارية متأثرة بتراث المقاومة الفلسطينية، وسرعان ما تحول المشهد مع بروز حركة أمل بميولها الطائفية الظاهرة، ثم مع الانشقاق عن أمل ، وتكون النواة الأولي لحزب الله، ودور المؤسس الأول الشهيد عباس الموسوي، ثم خلافة حسن نصر الله، ومع تطور حزب الله ـ تحت زعامة السيد حسن ـ من منظمة مقاومة استشهادية إلي رقم صعب في معادلات المنطقة كلها .
وكان لافتا أن يحدث ذلك في لبنان بالذات، بتركيب الموزاييك فيه، وبكونه أضعف الدول العربية في قوة السلاح النظامي، وبكون الدولة اللبنانية أقرب إلي الشركة المساهمة منها إلي الكيان القابض، وربما تكون هذه السمات الفريدة للبنان هي التي أسهمت في نجاح مسعي حسن نصر الله، فقد بدا لبنان كأرض أحلام، حريات حركة للناس، وانفتاح لحدود لبنان علي ما عداه، بيئة حرية وتحد في الوقت ذاته، وموطئا لميلاد مفارقة العصر العربي التي حملت اسم نصر الله، وفي بيئة ثقافة إيمانية عميقة، وتطلع لمصائر الشهادة باعتبارها أغلي المني، كل ذلك لعب دوره في بناء ظاهرة الحزب المقاوم والزعيم المتفرد بطاقة الإلهام .
ونظن أن سنوات التسعينيات كانت هي الزمن المثالي لبلورة مفارقة حسن نصر الله، فقد خرج العرب من حرب الخليج الثانية في حالة يرثي لها، ذهبت جيوش عربية للحرب تحت القيادة الأمريكية، وكان الطرف الآخر في الحرب هو جيش العراق، وسيق العرب إلي مدريد، وذهب الفلسطينيون إلي مفاوضات أوسلو السرية، وكان الاتحاد السوفيتي قد ذهب بددا، وذهب تأثيره الموازن نسبيا لنفوذ أمريكا في المنطقة، وبدت لغة المقاومة غريبة تماما كغربة الإسلام في آخر الزمان، وراجت أوهام وخيالات عن حقائق العصر الجديد، وبينها أن المقاومة مودة قديمة، وأن التسويات هي لغة العصر، وأن ملاينة أمريكا ومسايرتها هي طوق النجاة، وذهب زعيم المقاومة الفلسطينية التاريخي ياسر عرفات إلي خيمة غزة ـ أريحا، وإلي سلطة حكم ذاتي هي قبضة هواء.
وبالمقابل بدا صعود حزب الله مفارقا، وعدوا عرفات ـ رحمه الله ـ بإقامة دولة فلسطينية قبل قدوم سنة 2000، ولم تقم الدولة الفلسطينية إلي الآن، بينما كانت المقاومة ـ المفارقة ـ عند وعدها بالضبط، ونجحت في طرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان سنة 2000، ودون أن توقع صكا أو تتعهد بتطبيع، وكانت العظة باهرة، فقد ثبت أن تصميم القوة الذاتية قادر علي قلب المعادلات المفروضة، فقد نجحت خطة حسن نصر الله وخابت خطة عرفات، بل وزحف تاريخ نصر الله إلي جغرافيا عرفات نفسها، وبدت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ترجيعا لصدي انتصار المقاومة في لبنان، فقد نشبت الانتفاضة الثانية بعد النصر اللبناني بشهور، وبدا تحول الانتفاضة الثانية من الحجارة إلي السلاح ملفتا، وبدت إسرائيل منهكة أكثر مع الانتفاضة الثانية، واضطرت لفك الارتباط والجلاء الأرضي عن غزة وتفكيك المستوطنات اليهودية لأول مرة في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وكانت تلك هي الثمرة الثانية المؤكدة لنجاح خط حسن نصر الله، صحيح أن نزعة الاستشهاد في المقاومة الفلسطينية لها تاريخها الطويل، لكن الثقة المستعادة بسلاح المقاومة مع نجاحها في تحرير الجنوب اللبناني، الثقة بجدوي السلاح المقاوم، الثقة في نصر الله الموعود للصابرين والاستشهاديين، هذه الثقة ردت اعتبار المقاومة، وبدت فصائل المقاومة وقادتها موضع استقطاب لمشاعر الناس بعد خيبة الأمل راكبة الجمل في الحكام وجيوشهم النظامية .
ومن مقام البطل إلي مقام الأسطورة تحول حسن نصر الله، فقد ثبت ـ مع تطور حزب الله ـ أن الأمة قادرة علي اجتراح البطولة، وأنها قادرة علي النصر في لبنان وفلسطين، وأن قوة سلاح الجماعات الشعبية قادرة علي قهر الجيش الإسرائيلي الذي قيل طويلا أنه لايقهر، لكن تلك لم تكن نهاية المطاف في دراما المقاومة المفارقة لاستسلام العصر العربي، فقد بدأ حزب الله ـ مع العشرية الأولي من الألفية الثالثة ـ في التحول من جماعة مقاومة إلي قوة من طراز فريد، صحيح أنه ولد وتطور ببركة دم الشهداء، ولم يتخلف حسن نصر الله يوما عن قطار الشهادة، وقدم ابنه هادي شهيدا محتسبا عند الله، لكن حزب الله ـ بقيادة نصر الله ـ تحول من جماعة استشهادية إلي جيش حرب عصابات فائق الخبرة والتكنولوجيا، وأسهم الاستعداد الذاتي الفائق في الاستفادة القصوي من عون إيران وغيرها، ودعمت تكنولوجيا الصواريخ استشهادية رجال الله، مع التدريب العسكري الشاق، وشبكة الأنفاق السرية، وجهاز المخابرات طويل الذراع إلي قلب إسرائيل ذاتها، وتحول حزب الله إلي أكبر وأكفأ قوة عربية إلي الشرق من فلسطين. وبدت مواعظ حرب تموز (يوليو) 2006 ظاهرة بأماراتها، فقد كانت هي الحرب العربية الإسرائيلية الأطول بأيامها، ودخلت النظم العربية ـ من وراء أمريكا ـ طرفا داعما بالسياسة لحرب إسرائيل، لكن حزب الله انتصر، ووضع مدن الداخل الإسرائيلي تحت رحمة صواريخه، وزحف بالهلع إلي قلب قادة إسرائيل المرتبكة، بينما بدا حسن نصر الله بقامته القصيرة ـ نسبيا ـ كأنه المارد العملاق، وبدا وعده الصادق كأنه كلمة الله، وبدت لثغته الرائية المحببة كأنها البلسم الشافي، وبدت تعهداته كأنها الأقدار، تعهد بهزيمة إسرائيل وقد فعلها مرتين، وتعهد بإطلاق سمير القنطار عميد الأسري العرب في سجون إسرائيل، وهاهو الوعد الآن يتحقق .
إنها دراما حسن نصر الله الذي بدأ كقائد شيعي، وانتهي بأن جعلنا جميعا من شيعته.
ہ كاتب من مصر