السلامي
29-07-2008, 12:14 PM
لا تزال بعض الأوساط تنظر إلى المرأة وكأنها أقلّ قيمةً من الرجل، وأنها دونه رتبةً وفضلاً، لذلك يجب أن يكون الرجل دائماً في المقدمة والأمام، وصاحب الرأي والأمر، وأن تبقى المرأة تابعةً خاضعة، لمجرد أنها خلقت أنثى، وكان الرجل ذكراً.
ومن قديم الزمان، كانت هناك تصورات وآراء خاطئة، تميّز بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية، بل وتشكك في إنسانيتها، وفي هدفية وجودها، إن كان لذاتها أو من أجل الرجل.
لكن انبثاق نور الإسلام شكَّل منعطفاً، ونقلةً تاريخية، في مسألة النظر إلى المرأة، وتحديد موقعيتها ومكانتها في المجتمع الإنساني. أكد الإسلام على وحدة النوع الإنساني، وتساوي شقيه الذكور والإناث في القيمة الإنسانية، وفي مصدر الخلقة وأصل التكوين. يقول تعالى: {يا أيّها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها} (النساء/1)، ويقول تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً} (النحل/72). والخطاب للإنسان ذكراً وأنثى، بأن الله تعالى قد خلق له من نفس جنسه ونوعه زوجاً تتكامل به حياته. فالرجل زوج المرأة ومن ذات جنسها، والمرأة زوج الرجل ومن نفس نوعه، وخالقهما واحد هو الله تعالى، وقد أنشأهما من مصدر واحد وعبر نظام وطريقة واحدة. يقول تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى* ألم يكن نطفةً من منيّ يمنى* ثمّ كان علقةً فخلق فسوّى* فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} (المدثر/36-39). والمرأة كالرجل، أوجدها الله تعالى لذاتها، ومن أجل أن تحقّق العبودية والخضوع لله تعالى في حياتها، تماماً كما هو هدف وجود الرجل. يقول تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون} (الذاريات/56). وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إنما النساء شقائق الرجال».
التمايز والتفاضل
وبناءً على أصل المساواة والمشاركة في القيمة الإنسانية بين الرجل والمرأة، لا تكون الذكورة ميزةً للتفوّق والتميّز، فالرجل باعتباره رجلاً، ليس أفضل من المرأة لكونها امرأة. ذلك أن الإسلام أقرّ معايير وقيماً للتفاضل والتمايز بين أبناء البشر، ذكوراً وإناثاً، فمن كان منهم أقرب إلى تلك المعايير، وأكثر التزاماً بتلك القيم، فهو الأفضل. رجلاً كان أو امرأةً.
ومعايير التفاضل والتمايز في الإسلام ثلاثة:
1 - التقوى: وهي تعني الالتزام بمنهج الله تعالى وأمره، فالأوفر حظاً منها، هو الأقرب إلى الله، والأعلى شأناً عنده، من أي عرق كان، وإلى أي قبيلة انتسب، ذكراً كان أو أنثى، يقول تعالى: {يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير} (الحجرات/13). وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ونبيكم واحد، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجميّ على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى}.
2 - العلم: والذي هو ميزة الإنسان عمَّن سواه من المخلوقات، وبه يعرف ربه، ويدرك ذاته، ويفهم ما حوله، وكل من كان أكثر نصيباً من العلم، أصبح أكثر أهليةً وجدارةً. يقول تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة/11)، ويقول تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر/9). وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم أنه قال: «أكثر الناس قيمة أكثرهم علماً، وأقل الناس قيمةً أقلّهم علماً». وورد عن الإمام (عليه السلام) قوله: «قيمة كل امرىء ما يحسنه».
3 - العمل: فحركة الإنسان في الاتجاه الصحيح، وإنجازه وفاعليته في طريق الخير، هو الذي يحدِّد موقعيته في الدنيا، ومكانته في الآخرة، يقول تعالى: {ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا وما ربّك بغافلٍ عمّا يعملون}(الأنعام/132). ويقول تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} (الملك/2).
وواضح للمتأمّل، أن هذه المعايير التي أقرها الإسلام للتمايز والتفاضل، تعبّر عن قيم حقيقية وواقعية، فالتقوى والعلم والعمل، كل واحدة منها تفرز نتائج ومعطيات مؤثّرة لصالح حياة الفرد والمجتمع، بينما قد تسود في بعض المجتمعات معايير ومقاييس لا واقعية لها، أو تدفع باتجاه مؤثرات سلبية، كالتفاضل على أساس العرق أو اللّغة أو اللّون، أو مسابقات اختيار ملكات الجمال، أو لمجرد تسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كتربية أطول شارب، وصنع أكبر فطيرة أو كعكة، وإنجاز أطول قبلة.
من ناحية أخرى، فإن مقاييس التفاضل في الإسلام كلها اختيارية كسبية، يمكن لأي إنسان أن يحصل منها بمقدار سعيه وجهده، وهي ليست كاللون أو العرق أو الشكل، الذي لا دخل للإنسان فيه، وليس هو الذي يختاره، ولو كانت الذكورة من معايير التفاضل عند الله تعالى، لكان ذلك خلاف العدل والإنصاف، لأن الإنسان لا يختار ذكورته أو أنوثته، وإنما هي قدر إلهي، فكيف يكون مقياساً لتحصيل الفضل أو الحرمان منه؟
ومن قديم الزمان، كانت هناك تصورات وآراء خاطئة، تميّز بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية، بل وتشكك في إنسانيتها، وفي هدفية وجودها، إن كان لذاتها أو من أجل الرجل.
لكن انبثاق نور الإسلام شكَّل منعطفاً، ونقلةً تاريخية، في مسألة النظر إلى المرأة، وتحديد موقعيتها ومكانتها في المجتمع الإنساني. أكد الإسلام على وحدة النوع الإنساني، وتساوي شقيه الذكور والإناث في القيمة الإنسانية، وفي مصدر الخلقة وأصل التكوين. يقول تعالى: {يا أيّها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها} (النساء/1)، ويقول تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً} (النحل/72). والخطاب للإنسان ذكراً وأنثى، بأن الله تعالى قد خلق له من نفس جنسه ونوعه زوجاً تتكامل به حياته. فالرجل زوج المرأة ومن ذات جنسها، والمرأة زوج الرجل ومن نفس نوعه، وخالقهما واحد هو الله تعالى، وقد أنشأهما من مصدر واحد وعبر نظام وطريقة واحدة. يقول تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى* ألم يكن نطفةً من منيّ يمنى* ثمّ كان علقةً فخلق فسوّى* فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} (المدثر/36-39). والمرأة كالرجل، أوجدها الله تعالى لذاتها، ومن أجل أن تحقّق العبودية والخضوع لله تعالى في حياتها، تماماً كما هو هدف وجود الرجل. يقول تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون} (الذاريات/56). وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إنما النساء شقائق الرجال».
التمايز والتفاضل
وبناءً على أصل المساواة والمشاركة في القيمة الإنسانية بين الرجل والمرأة، لا تكون الذكورة ميزةً للتفوّق والتميّز، فالرجل باعتباره رجلاً، ليس أفضل من المرأة لكونها امرأة. ذلك أن الإسلام أقرّ معايير وقيماً للتفاضل والتمايز بين أبناء البشر، ذكوراً وإناثاً، فمن كان منهم أقرب إلى تلك المعايير، وأكثر التزاماً بتلك القيم، فهو الأفضل. رجلاً كان أو امرأةً.
ومعايير التفاضل والتمايز في الإسلام ثلاثة:
1 - التقوى: وهي تعني الالتزام بمنهج الله تعالى وأمره، فالأوفر حظاً منها، هو الأقرب إلى الله، والأعلى شأناً عنده، من أي عرق كان، وإلى أي قبيلة انتسب، ذكراً كان أو أنثى، يقول تعالى: {يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير} (الحجرات/13). وورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ونبيكم واحد، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجميّ على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى}.
2 - العلم: والذي هو ميزة الإنسان عمَّن سواه من المخلوقات، وبه يعرف ربه، ويدرك ذاته، ويفهم ما حوله، وكل من كان أكثر نصيباً من العلم، أصبح أكثر أهليةً وجدارةً. يقول تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (المجادلة/11)، ويقول تعالى: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر/9). وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم أنه قال: «أكثر الناس قيمة أكثرهم علماً، وأقل الناس قيمةً أقلّهم علماً». وورد عن الإمام (عليه السلام) قوله: «قيمة كل امرىء ما يحسنه».
3 - العمل: فحركة الإنسان في الاتجاه الصحيح، وإنجازه وفاعليته في طريق الخير، هو الذي يحدِّد موقعيته في الدنيا، ومكانته في الآخرة، يقول تعالى: {ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا وما ربّك بغافلٍ عمّا يعملون}(الأنعام/132). ويقول تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} (الملك/2).
وواضح للمتأمّل، أن هذه المعايير التي أقرها الإسلام للتمايز والتفاضل، تعبّر عن قيم حقيقية وواقعية، فالتقوى والعلم والعمل، كل واحدة منها تفرز نتائج ومعطيات مؤثّرة لصالح حياة الفرد والمجتمع، بينما قد تسود في بعض المجتمعات معايير ومقاييس لا واقعية لها، أو تدفع باتجاه مؤثرات سلبية، كالتفاضل على أساس العرق أو اللّغة أو اللّون، أو مسابقات اختيار ملكات الجمال، أو لمجرد تسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كتربية أطول شارب، وصنع أكبر فطيرة أو كعكة، وإنجاز أطول قبلة.
من ناحية أخرى، فإن مقاييس التفاضل في الإسلام كلها اختيارية كسبية، يمكن لأي إنسان أن يحصل منها بمقدار سعيه وجهده، وهي ليست كاللون أو العرق أو الشكل، الذي لا دخل للإنسان فيه، وليس هو الذي يختاره، ولو كانت الذكورة من معايير التفاضل عند الله تعالى، لكان ذلك خلاف العدل والإنصاف، لأن الإنسان لا يختار ذكورته أو أنوثته، وإنما هي قدر إلهي، فكيف يكون مقياساً لتحصيل الفضل أو الحرمان منه؟