عامر الموسوي
14-08-2008, 06:00 PM
التدبير الإلهي لولادته
ولد سلام الله عليه في دار أبيه الحسن العسكري عليه السلام في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان وهي من الليالي المباركة التي يستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب أهل السنة(1) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#1) إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت عليهم السلام(2) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#2). وكانت سنة ولادته (255 هـ ) على أشهر الروايات، وثمة روايات أخرى تذكر أن سنة الولادة هي (256 هـ ) أو (254 هـ ) مع الاتفاق على يومها وروي غير ذلك، إلا أن الأرجح هو التأريخ الأول لعدة شواهد، منها وروده في أقدم المصادر التي سجلت خبر الولادة وهو كتاب الغيبة للشيخ الثقة الفضل بن شاذان الذي عاصر ولادة المهدي عليه السلام وتوفي قبل وفاة أبيه الحسن العسكري عليهما السلام بفترة وجيزة(3) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#3)، ومنها أن معظم الروايات الأخرى تذكر أن يوم الولادة كان يوم جمعة منتصف شهر شعبان وإن اختلفت في تحديد سنة الولادة، ومن خلال مراجعتنا للتقويم التطبيقي(4) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#4) وجدنا أن النصف من شعبان صادف يوم جمعة في سنة (255 هـ) وحدها دون السنين الاخرى المذكورة في تلك الروايات. ومثل هذا الاختلاف أمر طبيعي جار مع تواريخ ولادات ووفيات آبائه وحتى مع جده الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، دون أن يؤثر ذلك على ثبوت ولادتهم عليهم السلام، كما أنه طبيعي للغاية بملاحظة سرّيّة الولادة عند وقوعها حفظاً للوليد المبارك كما سنلاحظ ذلك لاحقاً.
كيفية ظروف الولادة
يستفاد من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادته عليه السلام، أن والده الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه أحاط الولادة بالكثير من السرية والخفاء، فهي تذكر أن الإمام الحسن العسكري قد طلب من عمته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر من شهر شعبان واخبرها بأنه سيولد فيها إبنه وحجة الله في أرضه، فسألته عن أمه فأخبرها أنها نرجس فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل، فعادت للإمام واخبرته بذلك، فابتسم عليه السلام وبيّن لها أن مثلها مثل أم موسى عليه السلام التي لم يظهر حملها ولم يعلم به أحد الى وقت ولادتها لأن فرعون كان يتعقب أولاد بني إسرائيل خشية من ظهور موسى المبشر به فيذبح ابناءهم ويستحي نساءهم، وهذا الأمر جرى مع الإمام المهدي عليه السلام أيضاً لأن السلطات العباسية كانت ترصد ولادته إذ قد تنبأت بذلك طائفة من الأحاديث الشريفة كما سنشير لاحقاً. ويستفاد من نصوص الروايات أن وقت الولادة كان قبيل الفجر وواضح أنّ لهذا التوقيت أهمية خاصة في إخفاء الولادة; لأن عيون السلطة عادةً تغط في نوم عميق. كما يستفاد من الروايات أنه لم يحضر الولادة سوى حكيمة التي لم تكن تعرف بتوقيتها بشكل دقيق أيضاً(6) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#6).
وتوجد رواية واحدة يرويها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة تصرح باستقدام عجوز قابلة من جيران الإمام لمساعدة حكيمة في التوليد مع تشديد الوصية عليها بكتمان الأمر وتحذيرها من إفشائه(7) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#7).
ففي ليلة النصف من شعبان من عام ( 255 ) للهجرة وفي مدينة سامراء عاصمة الخلافة في عهد المعتصم العباسي ولد الإمام الحجة عليه السلام. وكان لولادته شواهد دلت على ما قدّر اللـه لهذا المولود السعيد من أثر على حياة البشرية. قالت السيدة حكيمة بنت الإمام محمد بن علي الجواد وعمة الإمام الحسن في ولادة الحجة: " بعث إليّ أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام فقال: يا حكيمة أجعلي افطارك عندنا هذه الليلة، فانها ليلة النصف من شعبان فان اللـه تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجته على أرضه. قالت فقلت له: ومن أمه؟
قال لي: نرجس.
قلت له: جعلت فداك واللـه ما بها من أثر.
فقال: هو ما أقول لك.
قالت: فجئت فلما سلمت وجلست جاءت، نرجس، تنزع خفي وقالت لي يا سيدتي، وسيدة أهلي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي، فأنكرت قولي، وقالت: ما هذا يا عمة! (قالت) فقلـت لها: " ان اللـه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاماً سيداً في الدنيا والآخرة ". قالت: فخجلت واستحيت، فلما ان فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت وأخذت مضجعها فرقدت، فلما ان كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادثة، ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعة وهي راقدة، ثم قامتْ فصلت، ونامت، قالت حكيمة: فخرجت أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الأول كذئب السرحان وهي نائمة فدخلني الشك، فصاح بي أبو محمد عليه السلام من المجلس، فقال لي: " لا تعجلي يا عمة! فهناك الأمر قد قرب "، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة ويس. فبينما أنا كذلك انتبهتْ فزعة فوثبت إليها فقلت اسم اللـه عليك، ثم قلت لها أتحسين شيئـــاً؟ قالت نعم يا عمة. فقلت لها اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك. فأخذتني فترة وأخذتّها فطـرة، وانتبهت بحس سيدي فكشفت عنها، فإذا أتي به عليه السلام ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته عليه السلام، فإذا أنا به نظيف منظف. فصاح بي أبو محمد عليه السلام هلمي إليّ ابني يا عمة. فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليته وظهره ووضع قدميه في صدره ثم أدلى لسانه في فيه، وأمرّ يده على عينيه ومفاصله ". وبعدما ولد، أجرى له والده الإمام الحسن عليه السلام مراسيم الولادة بما يلي تفصيله. تصدق عنه، عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً، وعق عنه، بذبح ثلاثمائة شاة، بعثها حية من يومه إلى بني هاشم والشيعة. ثم بعث إلى الخاصة من أصحابه يخبرهم بولادته وانه الوصي من بعده ويأمرهم بكتمان ذلك عن كل أحد فقد أثر عن محمد بن الحسن بن إسحاق القمي قال: لما ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام إلى جدي أحمد بن إسحاق كتاب وإذا فيه مكتوب بخط يده الذي كان يرد به التوقيعات عليه: " ولد المولود فليكن عندك مستوراً وعند جميع الناس مكتوماً، فإنا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته والمولى لولايته. أحببنا اعلامك ليسرك اللـه كما سرّنا والسلام ".
وروي عن إبراهيم صاحب الإمام الحسن العسكري عليه السلام انه قال:
وجّه إليّ مولاي أبو محمد بأربعة أكباش وكتب إلي:
بسم اللـه الرحمن الرحيم
" هذه عن ابني محمد المهدي وكل هنيئاً واطعم من وجدت من شيعتنا ".
أوصافه
لقد تم وصف الإمام بدقة من قبل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الهداة.
قال النبي صلى الله عليه وآله:
"المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، المهدي من ولدي وجهه كالقمر الدرّي، عينه مستديرة، اللون لون عربي، وجهه كالدينار، أسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار".
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
"المهدي أقبل أجعد، هو صاحب الوجه الأحمر والجبين الأزهر، صاحب الشامة والعلامة، العالم الغيور، المعلم المخبر بالآثار، هو أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً، يومئ للطير فيسقط على يده، ويغرس قضيباً في الأرض فيخضر ويورق".
قال الإمام الحسين عليه السلام:
"تعرفون المهدي بسكينة ووقار، ومعرفته الحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلى أحد".
قال الإمام الباقر عليه السلام:
"وهو درّي المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين، مدمج البطن، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي، مقرون الحاجبين مسترخهما، ظاهر العينين من سهر الليل والتبتل والعبادة، دري المقلتين، بوجهه أثر، واسع الصدر، مسترسل المنكبين عظيم مشاشتهما".
قال الإمام الصادق عليه السلام:
"حسن الوجه، أدم، أسمر، مشرب بحمرة، أزج، أبلج أدعج، أعين، أشم الأنف، أقنى، أجلى، وهو خاشع كخشوع الزجاجة، هيوب، قريب إلى الناس والنفوس، عذب المنطق، حسن الصورة، أحمس الساقين مخدشهما، هو قوي في بدنه، إذا صاح بالجبال تدكدكت صخورها، لا يضع يده على عبد إلاّ صار قلبه كزبر الحديد، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، واسع الصدر، صلت الجبين، مقرون الحاجبين، على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة العنبر".
قال الإمام الرضا عليه السلام:
"هو شبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور، تتوقد بشعاع القدس، موصوف باعتدال الخلق، ونضارة اللون، يشبه رسول الله في الخلق، علامته ان يكون شيخ السن، شاب المنظر حتى ان الناظر ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وان من علامته الاّ يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتى يأتي أجله".
المهدي (عج) في القرآن
ومما أشار به القرآن إلى ظهور المصلح العظيم -المهدي- الذي جعله الله من ولد فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله، وذريتها المباركة، كما ذكر المفسرون ذلك، هو:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) (الأنبياء\105)
ولقد فسر العلامة الطبرسي -رحمه الله- معتمدا على الروايات الصحيحة، هذه الاية بقوله:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) قيل فيه أقوال، أحدها: إن الزبور كتب الأنبياء، ومعناه كتبنا في الكتب التي أنزلناها على الأنبياء من بعد كتابته في الذكر، أيَّ أم الكتاب الذي في السماء، وهو اللوح المحفوظ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد، وهو اختيار الزجاج، قال: لأن الزبور والكتاب بمعنى واحد، وزبرت كتبت، وثانيها: إن الزبور الكتب المنزّلة بعد التوراة، والذكر هو التوراة، عن أبن عباس والضحاك، وثالثها: إن الزبور زبور داود، والذكر توراة موسى، عن الشعبي، وروي عنه أيضاً أن الذكر القرآن وبعد بمعنى قبل (ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) قيل يعني أرض الجنة يرثها عبادي المطيعون، عن أبن عباس وسعيد بن جبير وابن زيد، فهو مثل قوله: (وأورثنا الأرض) وقوله: (الذين يرثون الفردوس)، وقيل هي الأرض المعروفة يرثها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بالفتوح بعد إجلاء الكفار، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربه، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منه، عن أبن عباس في رواية أخرى، وقال أبو جعفر عليه السلام، هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، انه قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض، عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجوراً.
ومن الاشارت القرآنية المبشّرة بالمهدي، هو قوله تعالى:
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). (التوبة\33)
فقد فسّر الطبرسي هذه الاية بقوله:
(هو الذي أرسل رسوله) محمد، وحمّله الرسالات التي يؤديها إلى أمته، (بالهدى) أيَّ بالحجج والبيّنات والدلائل والبراهين، (دين الحق) وهو الإسلام وما تضمنه من الشرائع التي يستحق عليها الجزاء بالثواب وكل دين سواه باطل يستحق به العقاب، (ليظهره على الدين كله) معناه ليعلي دين الإسلام على جميع الاديان بالحجة والغلبة والقهر له، حتى لا يبقى على وجه الأرض دين إلاّ مغلوب، ولا يغلب أحد أهل الإسلام بالحجة، وهم يغلبون أهل سائر الاديان بالحجة، وأما الظهور بالغلبة، فهو أن كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك، ولحقهم قهر من جهتهم، وقيل أراد عند نزول عيسى بن مريم لا يبقى أهل دين إلاّ أسلم أو أدى الجزية، عن الضحاك، قال أبو جعفر(ع): ان ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد، فلا يبقى أحد إلاّ أقر بمحمد، وهو قول السدي، وقال الكلبي: لا يبقى دين إلاّ ظهر عليه الإسلام، وسيكون ذلك ولم يكن بعد ولا تقوم الساعة حتى يكون ذلك، وقال المقداد بن الأسود، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر، إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام، أما بعزّ عزيز، وأما بذل ذليل، أما يعزّهم فيجعلهم الله من أهله فيعزوا به، وأما يذلهم فيدينون له، وقيل: إن الهاء في (ليظهره) عائدة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أيَّ ليعلمه الله الاديان كله، حتى لا يخفى عليه شئ منه، عن أبن عباس، (ولو كره المشركون) أيَّ وإن كرهوا هذا الدين فان الله يظهره رغماً لهم).
وفسّر أبو حيان الاندلسي في تفسيره الشهير البحر المحيط، عند تفسير قول الله تعالى: (ليظهره على الدين كله)، بقوله:
(وقال السدي: ذلك عند خروج المهدي، لا يبقى أحد إلاّ دخل في الإسلام، أو أدى الخراج).
ولقد فسر الإمام مالك بن أنس، إمام المالكية، الاية الكريمة:
(ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (القصص\5)
فسرها بان مصداقها لم يتحقق، وأن الامة مازالت تنتظر من تتحقق على يديه هذه الآية، فقد روي أبو الفرج الأصفهاني،إن العلويين عندما أصابهم الاضطهاد العباسي، واشتد عليهم الأذى، شكى محمد بن جعفر العلوي إلى مالك بن أنس ذلك، فأجابه مالك: (إصبر حتى يجيء تفسير هذه الآية: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
فتلك أراء المفسرين ورواياتهم في المصلح المهدي، الذي شاء الله أن يكون من أهل البيت عليهم السلام ومن ولد فاطمة الذي تتحقق على يديه وراثة الصالحين وانتصار الحق، وقيام دولة القرآن العالمية.
إن البشرية تعيش الآن مرحلة جاهلية مروّعة، وإن هذه الجاهلية هي أسوأ من جاهليات الامم الغابرة، وهي بحاجة إلى مصلح ينقذ الإنسان من ضلال الجاهلية وسقوطه، كما فعل الأنبياء الهداة ذلك، ويحقق اهدافهم باقامة العدل، وهداية البشرية وإنقاذها من الضلال والانحطاط.
وقال تعالى ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب) (سورة سبأ، الآية: 51). أخرج الطبري عن حذيفة بن اليمان أن المعنى في هذه الآية منصب على الجيش الذي سيخسف به، وقد تواترت الأحاديث بأن جيشا سيرسل للقضاء على المهدي، وأنه سيخسف بهذا الجيش، وهذا الخسف لم يحصل للآن، وحدوثه مرتهن بظهور المهدي. (راجع تفسير الطبري ج 2 ص 72، وعقد الدرر 84 ب 4 من الفصل الثاني، والحادي للفتاوي للسيوطي ج 2 ص 81، والكشاف للزمخشري ج 3 ص 467 - 468).
قال تعالى: (وإنه لعلم الساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم) (سورة الزخرف، الآية: 61)...
وقال الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان ص 528:
(قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسرين في تفسير قوله عز وجل: (وإنه لعلم الساعة) هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وإماراتها).
وتجد مثل ذلك في الصواعق المحرقة لابن حجر ص 162 ونور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 186، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 ص 126 باب 159.
وقد ذكر القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع ج 3 ص 76 باب 71 الكثير من الآيات التي فسرها أئمة أهل بيت النبوة بالإمام المهدي وظهوره، (راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص 21 - 25). ومن يمعن النظر يجد أن في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي حملت وعودا إلهية دنيوية، وربط تحققها بتوافر ظروف موضوعية معينة، وفق معايير خاصة لا تعرف إلا بالبيان النبوي، ومن استعراض الأحداث التاريخية واستقراء الشرع الحنيف، وما وصل إلينا من الآثار المروية عن الأئمة الأطهار من أهل بيت النبوة يتبين لنا أن الكثير من الوعود الإلهية الدنيوية مرتبط تحقيقها بعصر ظهور المهدي، وقيادة هذا المهدي. فإذا ظهر الإمام المهدي وآلت قيادة الأمة إليه تبدأ عملية ترجمة الوعود الإلهية من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الحركة، لأن ظهور المهدي سيكون في آخر الزمان، ومن أشراط قيام الساعة، ومن المحال عقلا أن تقوم الساعة ولا ينفذ الله وعوده لأنه. أصدق القائلين، ولأنه لا يخلف الميعاد. كل هذه الظروف تجعل من البيان النبوي المفتاح لكل غموض، والطريق الفرد إلى اليقين، في كل متشابه والأساس لكل المعارف الدينية التي صاغت نظرية المهدي المنتظر في الإسلام، والتي بشرت بعصر الظهور. وهذا يستدعي بالضرورة وقفة مطولة عند كل ما صدر عن الرسول حول المهدي المنتظر بالذات وحول عصر ظهوره..
حدثنا أحمدبن هارون القاضي، وجعفربن محمد بن مسرور، وعلي بن - الحسين بن شاذويه المؤدب رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن عبدالله بن جعفر بن - جامع الحميري قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الدقاق، عن محمدبن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سألت الصادق جعفربن محمد عليهما السلام عن قول الله عزوجل: "والعصر إن الانسان لفي خسر" قال عليه السلام: العصر عصر خروج القائم عليه السلام "إن الانسان لفي خسر" يعني أعداء نا "إلا الذين آمنوا" يعني بآياتنا "و عملوا الصالحات" يعني بمواساة الاخوان "وتواصوا بالحق" يعني بالامامة "وتواصوا بالصبر" يعني في الفترة قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إن قوما قالوا بالفترة واحتجوا بها، وزعموا أن الامامة منقطعة كما انقطعت النبوة والرسالة من نبي الى نبي ورسول إلى رسول بعدمحمد صلى الله عليه وآله فأقول وبالله التوفيق: إن هذا القول مخالف للحق لكثرة الروايات التي وردت أن الارض لاتخلو من حجة الى يوم القيامة و لم تخل من لدن آدم عليه السلام إلى هذا الوقت.
من أدعيته (عج)
دعاؤه عليه السلام لغفران ذنوب شيعتهم
أللّهم إنّ شيعتنا خلقت من شعاع أنوارنا، وبقيّة طينتنا، وقد فعلوا ذنوباً كثيرة، إتّكالا على حبّنا وولايتنا، فإن كانت ذنوبهم بينك وبينهم فاصفح عنهم، فقد رضينا، وما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم، وقاصِّ بها عن خمسنا، وأدخلهم الجنّة، وزحزحهم عن النّار، ولاتجمع بينهم وبين أعدائنا في سخطك.
دعاؤه عليه السلام للفقراء و المرضى
اِلهى بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ وبِحَقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ تَفَضَّلْ عَلى فُقَرآءِ الْمُؤمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالْغَناءِ والثَّرْوَةِ وعَلى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ والصِّحَّةِ وعَلى اَحْيآءِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ والْكَرَمِ وعَلى اَمْواتِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ وعَلى غُرَبآءِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ اِلى اَوْطانِهِمْ سالِمينَ غانِمينَ بِمُحَمَّد والِهِ الطّاهِرينَ.
ظهور الإمام القائم في الأحاديث الشريفة
عن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال:
" منا مهدي هذه الأمة. إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث اللـه عند ذلك مهدينا التاسع من صلب الحسين عليه السلام يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غفلاً، يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان. يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ".
قال أيضاً - ضمن حديث طويل - حدثه علياً عليه السلام:
" ثم نودي بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين. قلت: مالذلك النداء؟ قال صلى الله عليه وآله: " ثلاثة أصوات في رجب أولها: الا لعنة اللـه على الظالمين، والثاني: أزفت الآزفة والثالث: يرون بدناً بارزاً مع قرن الشمس. الا ان اللـه قد بعث فلاناً، حتى لينسبه إلى علي. فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج " قلت: يا رسول اللـه! فكم يكون بعدي من الأئمة. قال صلى الله عليه وآله: بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم ". وفي حديث آخر عن الرسول صلى الله عليه وآله. فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟
فأوحى اللـه عزّ وجلّ: " يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر القراء، وقل العمل، وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المكر، وأمر امتك به، ونهى عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصار الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمـة، وذوو الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة، خسف بالمشرق، خسف بالغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب بالبصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي عليه السلام وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان وظهور السفياني ". وقال عليه السلام في حديث:
"إحفظْ.. فان علامة ذلك - أي ظهور الإمام عليه السلام - إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الامانة، واستحلوا الكذب، واكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البنيان وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء، واستخفوا بالدماء..". ".. كان الحلم ضعفاً والظلم فخراً، كان الأمراء فجرة والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة والقراء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلى الفجور، وقول البهتان والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنائر وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف، واختلفت الأهواء ونقضت العقود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت أصوات الفساق، واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافة شره، وصدق الكاذب وائتمن الخائن واتخذت المعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير ان يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الظأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف فعند ذلك الوحي الوحي. العجل العجل. خير المساكن يومئذ بيت المقدس. ليأتي على الناس زمان يتمنى أحدهم إنه من سكانه ".
وقال عليه السلام:
" إن لخروجه عشرة علامات، أولها: تخريق الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحـاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتراب النجوم، وهرج ومرج، وقتل ونهب. فتلك عشر علامات، من العلامة إلى العلامة عجب، فإذا تمت العلامات قام قائمنا ".
قال الإمام الحسين عليه السلام:
" إذا رأيتم مناد نادى من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج أهل محمد صلى الله عليه وآله إن شاء اللـه.. ينادي مناد من السماء باسم المهدي فيسمع من المشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الا استيقظ، ولا قائم الا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجله فزعاً، فرحم اللـه من سمع ذلك الصوت فأجاب، فان صوت الأول صوت جبرائيل، الروح الأمين ". وفي حديث عن رسول اللـه صلى الله عليه وآله انه قال:
" أي والذي نفسي بيده يا سلمان ! ان عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب، فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من اللـه لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً ولا يتجافون عن سيء جثتهم جثة الآدمين وقلوبهم قلوب الشياطين..". ثم قال: ".. فلم يلبث إلا قليلاً حتى تخور الأرض خورة فلا يظن كل قوم إلاّ انها حادثة في ناحيتهم، فيمكثون في ملتهم فتلقي لهم الارض افلاذ كبدها. قال: ذهباً وفضةً، ثم أومئ بيده إلى الأساطين فقال: مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة، فهذا معنى قوله: { فقدْ جآء شْراطها } (محمّدْ/18). عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام انه قال:
" لا يظهر المهدي عليه السلام إلاّ على خوف شديد وزلزال وفتنة تصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس، وتشتت في دينهم وتغير في حالهم، يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساءً من عظم ما يرى من تكالب الناس وأكل بعضهم بعضا، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من ان يرى فرجاً، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن خالفه وخالف أمره ". عن أبي عبد اللـه الصادق عليه السلام انه قال:
" خمس قبل قيام القائم عليه السلام: اليماني والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف بالبيداء، وقتل نفس زكية، وقال: ليس بين قائم آل محمد وقتل النفس الزكية إلاّ خمسة عشر يوماً ". وقال في حديث آخر:" تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان، قبل قيام القائم عليه السلام ".
هذا وهناك علامات اخرى كثيرة نكتفي عنها بما سبقت من المشابهة بينها وبين ما قلنا.
وعنه عليه السلام انه قال: " ستخلو كوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جحرها ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم، وتصير معدناً للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الحجال وذلك لا يكون إلا عند قرب ظهور قائمنا فيجعل اللـه ( قم ) وأهلها قائمين مقام الحجة ولولا ذلك لساخت الأرض باهلها، ولم يبق في الارض حجة يفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب فيتم حجة اللـه على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم، ثم يظهر القائم، ويصير سبباً لنقمة اللـه ولسخطه على العباد لأن اللـه لا ينتقم من العباد إلاّ بعد إنكارهم حجته ".
وصايا الإمام المهدي لنا
لقد بعث الإمام المهدي (عج) عدة رسائل للشيخ المفيد يوصيه فيها ببعض البرامج المهمة للشيعة ونحن نقتطف من كلامه بعض الجواهر سلام الله عليه :
1- إعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية
2- فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا
3- ويتجنب ما يدينه من كراهتنا وسخطنا
4- ولو أن أشياعنا على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا .
وفي النهاية نسأل الله تعالى بأن يعجل من فرج إمامنا صاحب العصر و الزمان (عج) روحي وأرواحنا له الفداء وندعوه بنية تعجيل الفرج
(( اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا ))
وصلى الله على محمد وآل محمد
ولد سلام الله عليه في دار أبيه الحسن العسكري عليه السلام في مدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان وهي من الليالي المباركة التي يستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب أهل السنة(1) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#1) إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت عليهم السلام(2) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#2). وكانت سنة ولادته (255 هـ ) على أشهر الروايات، وثمة روايات أخرى تذكر أن سنة الولادة هي (256 هـ ) أو (254 هـ ) مع الاتفاق على يومها وروي غير ذلك، إلا أن الأرجح هو التأريخ الأول لعدة شواهد، منها وروده في أقدم المصادر التي سجلت خبر الولادة وهو كتاب الغيبة للشيخ الثقة الفضل بن شاذان الذي عاصر ولادة المهدي عليه السلام وتوفي قبل وفاة أبيه الحسن العسكري عليهما السلام بفترة وجيزة(3) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#3)، ومنها أن معظم الروايات الأخرى تذكر أن يوم الولادة كان يوم جمعة منتصف شهر شعبان وإن اختلفت في تحديد سنة الولادة، ومن خلال مراجعتنا للتقويم التطبيقي(4) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#4) وجدنا أن النصف من شعبان صادف يوم جمعة في سنة (255 هـ) وحدها دون السنين الاخرى المذكورة في تلك الروايات. ومثل هذا الاختلاف أمر طبيعي جار مع تواريخ ولادات ووفيات آبائه وحتى مع جده الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، دون أن يؤثر ذلك على ثبوت ولادتهم عليهم السلام، كما أنه طبيعي للغاية بملاحظة سرّيّة الولادة عند وقوعها حفظاً للوليد المبارك كما سنلاحظ ذلك لاحقاً.
كيفية ظروف الولادة
يستفاد من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادته عليه السلام، أن والده الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه أحاط الولادة بالكثير من السرية والخفاء، فهي تذكر أن الإمام الحسن العسكري قد طلب من عمته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر من شهر شعبان واخبرها بأنه سيولد فيها إبنه وحجة الله في أرضه، فسألته عن أمه فأخبرها أنها نرجس فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل، فعادت للإمام واخبرته بذلك، فابتسم عليه السلام وبيّن لها أن مثلها مثل أم موسى عليه السلام التي لم يظهر حملها ولم يعلم به أحد الى وقت ولادتها لأن فرعون كان يتعقب أولاد بني إسرائيل خشية من ظهور موسى المبشر به فيذبح ابناءهم ويستحي نساءهم، وهذا الأمر جرى مع الإمام المهدي عليه السلام أيضاً لأن السلطات العباسية كانت ترصد ولادته إذ قد تنبأت بذلك طائفة من الأحاديث الشريفة كما سنشير لاحقاً. ويستفاد من نصوص الروايات أن وقت الولادة كان قبيل الفجر وواضح أنّ لهذا التوقيت أهمية خاصة في إخفاء الولادة; لأن عيون السلطة عادةً تغط في نوم عميق. كما يستفاد من الروايات أنه لم يحضر الولادة سوى حكيمة التي لم تكن تعرف بتوقيتها بشكل دقيق أيضاً(6) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#6).
وتوجد رواية واحدة يرويها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة تصرح باستقدام عجوز قابلة من جيران الإمام لمساعدة حكيمة في التوليد مع تشديد الوصية عليها بكتمان الأمر وتحذيرها من إفشائه(7) (http://arabic.irib.ir/Pages/Monasebat/E-zaman/Con****s/Alsirat03.htm#7).
ففي ليلة النصف من شعبان من عام ( 255 ) للهجرة وفي مدينة سامراء عاصمة الخلافة في عهد المعتصم العباسي ولد الإمام الحجة عليه السلام. وكان لولادته شواهد دلت على ما قدّر اللـه لهذا المولود السعيد من أثر على حياة البشرية. قالت السيدة حكيمة بنت الإمام محمد بن علي الجواد وعمة الإمام الحسن في ولادة الحجة: " بعث إليّ أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام فقال: يا حكيمة أجعلي افطارك عندنا هذه الليلة، فانها ليلة النصف من شعبان فان اللـه تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة، وهو حجته على أرضه. قالت فقلت له: ومن أمه؟
قال لي: نرجس.
قلت له: جعلت فداك واللـه ما بها من أثر.
فقال: هو ما أقول لك.
قالت: فجئت فلما سلمت وجلست جاءت، نرجس، تنزع خفي وقالت لي يا سيدتي، وسيدة أهلي، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي وسيدة أهلي، فأنكرت قولي، وقالت: ما هذا يا عمة! (قالت) فقلـت لها: " ان اللـه تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاماً سيداً في الدنيا والآخرة ". قالت: فخجلت واستحيت، فلما ان فرغت من صلاة العشاء الآخرة، أفطرت وأخذت مضجعها فرقدت، فلما ان كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادثة، ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعة وهي راقدة، ثم قامتْ فصلت، ونامت، قالت حكيمة: فخرجت أتفقد الفجر فإذا أنا بالفجر الأول كذئب السرحان وهي نائمة فدخلني الشك، فصاح بي أبو محمد عليه السلام من المجلس، فقال لي: " لا تعجلي يا عمة! فهناك الأمر قد قرب "، قالت: فجلست وقرأت ألم السجدة ويس. فبينما أنا كذلك انتبهتْ فزعة فوثبت إليها فقلت اسم اللـه عليك، ثم قلت لها أتحسين شيئـــاً؟ قالت نعم يا عمة. فقلت لها اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك. فأخذتني فترة وأخذتّها فطـرة، وانتبهت بحس سيدي فكشفت عنها، فإذا أتي به عليه السلام ساجداً يتلقى الأرض بمساجده، فضممته عليه السلام، فإذا أنا به نظيف منظف. فصاح بي أبو محمد عليه السلام هلمي إليّ ابني يا عمة. فجئت به إليه، فوضع يديه تحت أليته وظهره ووضع قدميه في صدره ثم أدلى لسانه في فيه، وأمرّ يده على عينيه ومفاصله ". وبعدما ولد، أجرى له والده الإمام الحسن عليه السلام مراسيم الولادة بما يلي تفصيله. تصدق عنه، عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً، وعق عنه، بذبح ثلاثمائة شاة، بعثها حية من يومه إلى بني هاشم والشيعة. ثم بعث إلى الخاصة من أصحابه يخبرهم بولادته وانه الوصي من بعده ويأمرهم بكتمان ذلك عن كل أحد فقد أثر عن محمد بن الحسن بن إسحاق القمي قال: لما ولد الخلف الصالح عليه السلام ورد من مولانا أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام إلى جدي أحمد بن إسحاق كتاب وإذا فيه مكتوب بخط يده الذي كان يرد به التوقيعات عليه: " ولد المولود فليكن عندك مستوراً وعند جميع الناس مكتوماً، فإنا لم نظهر عليه إلاّ الأقرب لقرابته والمولى لولايته. أحببنا اعلامك ليسرك اللـه كما سرّنا والسلام ".
وروي عن إبراهيم صاحب الإمام الحسن العسكري عليه السلام انه قال:
وجّه إليّ مولاي أبو محمد بأربعة أكباش وكتب إلي:
بسم اللـه الرحمن الرحيم
" هذه عن ابني محمد المهدي وكل هنيئاً واطعم من وجدت من شيعتنا ".
أوصافه
لقد تم وصف الإمام بدقة من قبل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الهداة.
قال النبي صلى الله عليه وآله:
"المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، المهدي من ولدي وجهه كالقمر الدرّي، عينه مستديرة، اللون لون عربي، وجهه كالدينار، أسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النار".
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام:
"المهدي أقبل أجعد، هو صاحب الوجه الأحمر والجبين الأزهر، صاحب الشامة والعلامة، العالم الغيور، المعلم المخبر بالآثار، هو أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً، يومئ للطير فيسقط على يده، ويغرس قضيباً في الأرض فيخضر ويورق".
قال الإمام الحسين عليه السلام:
"تعرفون المهدي بسكينة ووقار، ومعرفته الحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه ولا يحتاج إلى أحد".
قال الإمام الباقر عليه السلام:
"وهو درّي المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين، مدمج البطن، بظهره شامتان، شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي، مقرون الحاجبين مسترخهما، ظاهر العينين من سهر الليل والتبتل والعبادة، دري المقلتين، بوجهه أثر، واسع الصدر، مسترسل المنكبين عظيم مشاشتهما".
قال الإمام الصادق عليه السلام:
"حسن الوجه، أدم، أسمر، مشرب بحمرة، أزج، أبلج أدعج، أعين، أشم الأنف، أقنى، أجلى، وهو خاشع كخشوع الزجاجة، هيوب، قريب إلى الناس والنفوس، عذب المنطق، حسن الصورة، أحمس الساقين مخدشهما، هو قوي في بدنه، إذا صاح بالجبال تدكدكت صخورها، لا يضع يده على عبد إلاّ صار قلبه كزبر الحديد، ليس بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللازق، بل مربوع القامة، مدور الهامة، واسع الصدر، صلت الجبين، مقرون الحاجبين، على خده الأيمن خال كأنه فتات مسك على رضراضة العنبر".
قال الإمام الرضا عليه السلام:
"هو شبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور، تتوقد بشعاع القدس، موصوف باعتدال الخلق، ونضارة اللون، يشبه رسول الله في الخلق، علامته ان يكون شيخ السن، شاب المنظر حتى ان الناظر ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وان من علامته الاّ يهرم بمرور الأيام والليالي عليه حتى يأتي أجله".
المهدي (عج) في القرآن
ومما أشار به القرآن إلى ظهور المصلح العظيم -المهدي- الذي جعله الله من ولد فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله، وذريتها المباركة، كما ذكر المفسرون ذلك، هو:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) (الأنبياء\105)
ولقد فسر العلامة الطبرسي -رحمه الله- معتمدا على الروايات الصحيحة، هذه الاية بقوله:
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) قيل فيه أقوال، أحدها: إن الزبور كتب الأنبياء، ومعناه كتبنا في الكتب التي أنزلناها على الأنبياء من بعد كتابته في الذكر، أيَّ أم الكتاب الذي في السماء، وهو اللوح المحفوظ، عن سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد، وهو اختيار الزجاج، قال: لأن الزبور والكتاب بمعنى واحد، وزبرت كتبت، وثانيها: إن الزبور الكتب المنزّلة بعد التوراة، والذكر هو التوراة، عن أبن عباس والضحاك، وثالثها: إن الزبور زبور داود، والذكر توراة موسى، عن الشعبي، وروي عنه أيضاً أن الذكر القرآن وبعد بمعنى قبل (ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) قيل يعني أرض الجنة يرثها عبادي المطيعون، عن أبن عباس وسعيد بن جبير وابن زيد، فهو مثل قوله: (وأورثنا الأرض) وقوله: (الذين يرثون الفردوس)، وقيل هي الأرض المعروفة يرثها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بالفتوح بعد إجلاء الكفار، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربه، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منه، عن أبن عباس في رواية أخرى، وقال أبو جعفر عليه السلام، هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، انه قال: لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض، عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجوراً.
ومن الاشارت القرآنية المبشّرة بالمهدي، هو قوله تعالى:
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون). (التوبة\33)
فقد فسّر الطبرسي هذه الاية بقوله:
(هو الذي أرسل رسوله) محمد، وحمّله الرسالات التي يؤديها إلى أمته، (بالهدى) أيَّ بالحجج والبيّنات والدلائل والبراهين، (دين الحق) وهو الإسلام وما تضمنه من الشرائع التي يستحق عليها الجزاء بالثواب وكل دين سواه باطل يستحق به العقاب، (ليظهره على الدين كله) معناه ليعلي دين الإسلام على جميع الاديان بالحجة والغلبة والقهر له، حتى لا يبقى على وجه الأرض دين إلاّ مغلوب، ولا يغلب أحد أهل الإسلام بالحجة، وهم يغلبون أهل سائر الاديان بالحجة، وأما الظهور بالغلبة، فهو أن كل طائفة من المسلمين قد غلبوا على ناحية من نواحي أهل الشرك، ولحقهم قهر من جهتهم، وقيل أراد عند نزول عيسى بن مريم لا يبقى أهل دين إلاّ أسلم أو أدى الجزية، عن الضحاك، قال أبو جعفر(ع): ان ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد، فلا يبقى أحد إلاّ أقر بمحمد، وهو قول السدي، وقال الكلبي: لا يبقى دين إلاّ ظهر عليه الإسلام، وسيكون ذلك ولم يكن بعد ولا تقوم الساعة حتى يكون ذلك، وقال المقداد بن الأسود، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر، إلاّ أدخله الله كلمة الإسلام، أما بعزّ عزيز، وأما بذل ذليل، أما يعزّهم فيجعلهم الله من أهله فيعزوا به، وأما يذلهم فيدينون له، وقيل: إن الهاء في (ليظهره) عائدة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أيَّ ليعلمه الله الاديان كله، حتى لا يخفى عليه شئ منه، عن أبن عباس، (ولو كره المشركون) أيَّ وإن كرهوا هذا الدين فان الله يظهره رغماً لهم).
وفسّر أبو حيان الاندلسي في تفسيره الشهير البحر المحيط، عند تفسير قول الله تعالى: (ليظهره على الدين كله)، بقوله:
(وقال السدي: ذلك عند خروج المهدي، لا يبقى أحد إلاّ دخل في الإسلام، أو أدى الخراج).
ولقد فسر الإمام مالك بن أنس، إمام المالكية، الاية الكريمة:
(ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) (القصص\5)
فسرها بان مصداقها لم يتحقق، وأن الامة مازالت تنتظر من تتحقق على يديه هذه الآية، فقد روي أبو الفرج الأصفهاني،إن العلويين عندما أصابهم الاضطهاد العباسي، واشتد عليهم الأذى، شكى محمد بن جعفر العلوي إلى مالك بن أنس ذلك، فأجابه مالك: (إصبر حتى يجيء تفسير هذه الآية: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
فتلك أراء المفسرين ورواياتهم في المصلح المهدي، الذي شاء الله أن يكون من أهل البيت عليهم السلام ومن ولد فاطمة الذي تتحقق على يديه وراثة الصالحين وانتصار الحق، وقيام دولة القرآن العالمية.
إن البشرية تعيش الآن مرحلة جاهلية مروّعة، وإن هذه الجاهلية هي أسوأ من جاهليات الامم الغابرة، وهي بحاجة إلى مصلح ينقذ الإنسان من ضلال الجاهلية وسقوطه، كما فعل الأنبياء الهداة ذلك، ويحقق اهدافهم باقامة العدل، وهداية البشرية وإنقاذها من الضلال والانحطاط.
وقال تعالى ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب) (سورة سبأ، الآية: 51). أخرج الطبري عن حذيفة بن اليمان أن المعنى في هذه الآية منصب على الجيش الذي سيخسف به، وقد تواترت الأحاديث بأن جيشا سيرسل للقضاء على المهدي، وأنه سيخسف بهذا الجيش، وهذا الخسف لم يحصل للآن، وحدوثه مرتهن بظهور المهدي. (راجع تفسير الطبري ج 2 ص 72، وعقد الدرر 84 ب 4 من الفصل الثاني، والحادي للفتاوي للسيوطي ج 2 ص 81، والكشاف للزمخشري ج 3 ص 467 - 468).
قال تعالى: (وإنه لعلم الساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم) (سورة الزخرف، الآية: 61)...
وقال الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان ص 528:
(قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسرين في تفسير قوله عز وجل: (وإنه لعلم الساعة) هو المهدي يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون قيام الساعة وإماراتها).
وتجد مثل ذلك في الصواعق المحرقة لابن حجر ص 162 ونور الأبصار للشبلنجي الشافعي ص 186، وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 ص 126 باب 159.
وقد ذكر القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع ج 3 ص 76 باب 71 الكثير من الآيات التي فسرها أئمة أهل بيت النبوة بالإمام المهدي وظهوره، (راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص 21 - 25). ومن يمعن النظر يجد أن في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي حملت وعودا إلهية دنيوية، وربط تحققها بتوافر ظروف موضوعية معينة، وفق معايير خاصة لا تعرف إلا بالبيان النبوي، ومن استعراض الأحداث التاريخية واستقراء الشرع الحنيف، وما وصل إلينا من الآثار المروية عن الأئمة الأطهار من أهل بيت النبوة يتبين لنا أن الكثير من الوعود الإلهية الدنيوية مرتبط تحقيقها بعصر ظهور المهدي، وقيادة هذا المهدي. فإذا ظهر الإمام المهدي وآلت قيادة الأمة إليه تبدأ عملية ترجمة الوعود الإلهية من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الحركة، لأن ظهور المهدي سيكون في آخر الزمان، ومن أشراط قيام الساعة، ومن المحال عقلا أن تقوم الساعة ولا ينفذ الله وعوده لأنه. أصدق القائلين، ولأنه لا يخلف الميعاد. كل هذه الظروف تجعل من البيان النبوي المفتاح لكل غموض، والطريق الفرد إلى اليقين، في كل متشابه والأساس لكل المعارف الدينية التي صاغت نظرية المهدي المنتظر في الإسلام، والتي بشرت بعصر الظهور. وهذا يستدعي بالضرورة وقفة مطولة عند كل ما صدر عن الرسول حول المهدي المنتظر بالذات وحول عصر ظهوره..
حدثنا أحمدبن هارون القاضي، وجعفربن محمد بن مسرور، وعلي بن - الحسين بن شاذويه المؤدب رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن عبدالله بن جعفر بن - جامع الحميري قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الدقاق، عن محمدبن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سألت الصادق جعفربن محمد عليهما السلام عن قول الله عزوجل: "والعصر إن الانسان لفي خسر" قال عليه السلام: العصر عصر خروج القائم عليه السلام "إن الانسان لفي خسر" يعني أعداء نا "إلا الذين آمنوا" يعني بآياتنا "و عملوا الصالحات" يعني بمواساة الاخوان "وتواصوا بالحق" يعني بالامامة "وتواصوا بالصبر" يعني في الفترة قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إن قوما قالوا بالفترة واحتجوا بها، وزعموا أن الامامة منقطعة كما انقطعت النبوة والرسالة من نبي الى نبي ورسول إلى رسول بعدمحمد صلى الله عليه وآله فأقول وبالله التوفيق: إن هذا القول مخالف للحق لكثرة الروايات التي وردت أن الارض لاتخلو من حجة الى يوم القيامة و لم تخل من لدن آدم عليه السلام إلى هذا الوقت.
من أدعيته (عج)
دعاؤه عليه السلام لغفران ذنوب شيعتهم
أللّهم إنّ شيعتنا خلقت من شعاع أنوارنا، وبقيّة طينتنا، وقد فعلوا ذنوباً كثيرة، إتّكالا على حبّنا وولايتنا، فإن كانت ذنوبهم بينك وبينهم فاصفح عنهم، فقد رضينا، وما كان منها فيما بينهم فأصلح بينهم، وقاصِّ بها عن خمسنا، وأدخلهم الجنّة، وزحزحهم عن النّار، ولاتجمع بينهم وبين أعدائنا في سخطك.
دعاؤه عليه السلام للفقراء و المرضى
اِلهى بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ وبِحَقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ تَفَضَّلْ عَلى فُقَرآءِ الْمُؤمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالْغَناءِ والثَّرْوَةِ وعَلى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ والصِّحَّةِ وعَلى اَحْيآءِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ والْكَرَمِ وعَلى اَمْواتِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ وعَلى غُرَبآءِ الْمُؤْمِنينَ والْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ اِلى اَوْطانِهِمْ سالِمينَ غانِمينَ بِمُحَمَّد والِهِ الطّاهِرينَ.
ظهور الإمام القائم في الأحاديث الشريفة
عن الرسول صلى الله عليه وآله انه قال:
" منا مهدي هذه الأمة. إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقر كبيراً، فيبعث اللـه عند ذلك مهدينا التاسع من صلب الحسين عليه السلام يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غفلاً، يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان. يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ".
قال أيضاً - ضمن حديث طويل - حدثه علياً عليه السلام:
" ثم نودي بنداء يسمع من البعد كما يسمع من القرب يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين. قلت: مالذلك النداء؟ قال صلى الله عليه وآله: " ثلاثة أصوات في رجب أولها: الا لعنة اللـه على الظالمين، والثاني: أزفت الآزفة والثالث: يرون بدناً بارزاً مع قرن الشمس. الا ان اللـه قد بعث فلاناً، حتى لينسبه إلى علي. فيه هلاك الظالمين، فعند ذلك يأتي الفرج " قلت: يا رسول اللـه! فكم يكون بعدي من الأئمة. قال صلى الله عليه وآله: بعد الحسين تسعة والتاسع قائمهم ". وفي حديث آخر عن الرسول صلى الله عليه وآله. فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟
فأوحى اللـه عزّ وجلّ: " يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر القراء، وقل العمل، وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المكر، وأمر امتك به، ونهى عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصار الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمـة، وذوو الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة، خسف بالمشرق، خسف بالغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب بالبصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي عليه السلام وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان وظهور السفياني ". وقال عليه السلام في حديث:
"إحفظْ.. فان علامة ذلك - أي ظهور الإمام عليه السلام - إذا أمات الناس الصلاة، وأضاعوا الامانة، واستحلوا الكذب، واكلوا الربا، وأخذوا الرشا، وشيدوا البنيان وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام، واتبعوا الأهواء، واستخفوا بالدماء..". ".. كان الحلم ضعفاً والظلم فخراً، كان الأمراء فجرة والوزراء ظلمة، والعرفاء خونة والقراء فسقة، وظهرت شهادة الزور، واستعلى الفجور، وقول البهتان والإثم والطغيان، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وطولت المنائر وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف، واختلفت الأهواء ونقضت العقود، واقترب الموعود، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا، وعلت أصوات الفساق، واستمع منهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، واتقي الفاجر مخافة شره، وصدق الكاذب وائتمن الخائن واتخذت المعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد الشاهد من غير ان يستشهد، وشهد الآخر قضاء لذمام بغير حق عرفه وتفقه لغير الدين، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الظأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجيف فعند ذلك الوحي الوحي. العجل العجل. خير المساكن يومئذ بيت المقدس. ليأتي على الناس زمان يتمنى أحدهم إنه من سكانه ".
وقال عليه السلام:
" إن لخروجه عشرة علامات، أولها: تخريق الرايات في أزقة الكوفة، وتعطيل المساجد، وانقطاع الحـاج، وخسف وقذف بخراسان، وطلوع الكوكب المذنب، واقتراب النجوم، وهرج ومرج، وقتل ونهب. فتلك عشر علامات، من العلامة إلى العلامة عجب، فإذا تمت العلامات قام قائمنا ".
قال الإمام الحسين عليه السلام:
" إذا رأيتم مناد نادى من المشرق ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج أهل محمد صلى الله عليه وآله إن شاء اللـه.. ينادي مناد من السماء باسم المهدي فيسمع من المشرق والمغرب حتى لا يبقى راقد الا استيقظ، ولا قائم الا قعد، ولا قاعد إلا قام على رجله فزعاً، فرحم اللـه من سمع ذلك الصوت فأجاب، فان صوت الأول صوت جبرائيل، الروح الأمين ". وفي حديث عن رسول اللـه صلى الله عليه وآله انه قال:
" أي والذي نفسي بيده يا سلمان ! ان عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب، فالويل لضعفاء أمتي منهم، والويل لهم من اللـه لا يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً ولا يتجافون عن سيء جثتهم جثة الآدمين وقلوبهم قلوب الشياطين..". ثم قال: ".. فلم يلبث إلا قليلاً حتى تخور الأرض خورة فلا يظن كل قوم إلاّ انها حادثة في ناحيتهم، فيمكثون في ملتهم فتلقي لهم الارض افلاذ كبدها. قال: ذهباً وفضةً، ثم أومئ بيده إلى الأساطين فقال: مثل هذا، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة، فهذا معنى قوله: { فقدْ جآء شْراطها } (محمّدْ/18). عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام انه قال:
" لا يظهر المهدي عليه السلام إلاّ على خوف شديد وزلزال وفتنة تصيب الناس، وطاعون قبل ذلك، وسيف قاطع بين العرب، واختلاف شديد بين الناس، وتشتت في دينهم وتغير في حالهم، يتمنى المتمني الموت صباحاً ومساءً من عظم ما يرى من تكالب الناس وأكل بعضهم بعضا، فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من ان يرى فرجاً، فيا طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره والويل كل الويل لمن خالفه وخالف أمره ". عن أبي عبد اللـه الصادق عليه السلام انه قال:
" خمس قبل قيام القائم عليه السلام: اليماني والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف بالبيداء، وقتل نفس زكية، وقال: ليس بين قائم آل محمد وقتل النفس الزكية إلاّ خمسة عشر يوماً ". وقال في حديث آخر:" تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان، قبل قيام القائم عليه السلام ".
هذا وهناك علامات اخرى كثيرة نكتفي عنها بما سبقت من المشابهة بينها وبين ما قلنا.
وعنه عليه السلام انه قال: " ستخلو كوفة من المؤمنين ويأزر عنها العلم كما تأزر الحية في جحرها ثم يظهر العلم ببلدة يقال لها قم، وتصير معدناً للعلم والفضل حتى لا يبقى في الأرض مستضعف في الدين حتى المخدرات في الحجال وذلك لا يكون إلا عند قرب ظهور قائمنا فيجعل اللـه ( قم ) وأهلها قائمين مقام الحجة ولولا ذلك لساخت الأرض باهلها، ولم يبق في الارض حجة يفيض العلم منه إلى سائر البلاد في المشرق والمغرب فيتم حجة اللـه على الخلق حتى لا يبقى أحد على الأرض لم يبلغ إليه الدين والعلم، ثم يظهر القائم، ويصير سبباً لنقمة اللـه ولسخطه على العباد لأن اللـه لا ينتقم من العباد إلاّ بعد إنكارهم حجته ".
وصايا الإمام المهدي لنا
لقد بعث الإمام المهدي (عج) عدة رسائل للشيخ المفيد يوصيه فيها ببعض البرامج المهمة للشيعة ونحن نقتطف من كلامه بعض الجواهر سلام الله عليه :
1- إعتصموا بالتقية من شب نار الجاهلية
2- فليعمل كل امرئ منكم بما يقربه من محبتنا
3- ويتجنب ما يدينه من كراهتنا وسخطنا
4- ولو أن أشياعنا على إجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا .
وفي النهاية نسأل الله تعالى بأن يعجل من فرج إمامنا صاحب العصر و الزمان (عج) روحي وأرواحنا له الفداء وندعوه بنية تعجيل الفرج
(( اللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا ))
وصلى الله على محمد وآل محمد