سيهاتي 1
18-08-2008, 07:27 AM
أحرجنا حزب الله
فهمي هويدي (http://22.myvnc.com/writers.php?id=82)* (http://22.myvnc.com/artc.php?id=23171#writer_descwriter_desc) - « صحيفة الدستور (http://22.myvnc.com/writers.php?id=1914&t=1) » - 11 / 7 / 2008م - 3:37 م
لا يكف حزب الله عن إحراج حكوماتنا، ومعها كل رموز «الاعتدال» في العالم العربي «حسب التصنيف الأمريكي»، فزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله خرج عن مألوف السياسة العربية، حيث لم يكذب على الناس، وما قاله فعله وما وعد به أنجزه، ثم إنه قبل التحدي الإسرائيلي ونجح رجال حزبه في التصدي لمحاولة اجتياح لبنان في عام 2006، وفي الوقت ذاته ألحق هزيمة منكرة بالجيش الإسرائيلي الذي خرج من لبنان مجرحاً وكسيراً، بالتالي فإنه أجهز على أسطورة القوة الإسرائيلية التي لا تقهر، وطوى إلى الأبد صفحة الردع الإسرائيلي، وفوق هذا وذاك فإن الحزب أجرى مفاوضات مع إسرائيل عبر الطرف الألماني أسفرت عن صفقة تم خلالها استعادة آخر الأسرى اللبنانيين لديها مع عدد آخر من الأسرى الفلسطينيين، وكان من بين الأسرى اللبنانيين الذين أفرج عنهم سمير القنطار الذي اعتبرته "إسرائيل" دائماً خطاً أحمر، ورفضت تسليمه طوال الثلاثين عاماً الأخيرة.
في مقابل ذلك، ما الذي أنجزه «المعتدلون العرب» المتحالفون مع الولايات المتحدة، والمتصالحون مع إسرائيل؟! لقد هادنوهم واستجابوا لرغباتهم، وتعلقوا بخريطة الطريق التي أعطت الأولوية لنزع سلاح المقاومة، وهرولوا إلى «أنابوليس» لكي يؤكدوا على مرجعية الخطة الأمريكية، ويسلموا بالإشراف الأمريكي على تنفيذها، وفي الوقت ذاته، لم تلتزم بشيء من كل ما وعدت به، فاستمرت في توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ووصلت اجتياحاتها وتصفياتها، وتمسكت بيهودية الدولة التي أيدها فيها الرئيسان بوش وساركوزي، الأمر الذي يمهد لطرد عرب «48» من ديارهم وزراعاتهم، وفي حين ظلت تفاوض ممثلي السلطة في رام الله وتلاعبهم، طوال الأشهر الماضية، فإن المفاوضات لم تنجز شيئاً له قيمته، فلا رفع حاجز من الضفة الغربية ولا أطلق سراح سجين واحد من بين أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني في "إسرائيل".
إن المتابع للجدل الإسرائيلي الداخلي الذي يدور منذ إقرار الصفقة على حزب الله يلاحظ أن الأغلبية الساحقة من الجنرالات والساسة والمعلقين اعتبروا أن "إسرائيل" ارتكبت خطأ استراتيجياً عندما قامت باعتقال أو أسر عناصر من حزب الله أو أي مواطنين لبنانيين، على اعتبار أن ذلك وفر للحزب مبررات لشن عمليات عسكرية يتم خلالها اختطاف جنود أو مستوطنين يهود، وهو ما حذر هؤلاء من تكراره، على النحو الذي يرغم "إسرائيل" على التراجع عن «خطوطها الحمراء»، مع كل ما يعنيه ذلك من مساس بقوة ردعها، وتشجيع «أعدائها» على ضربها مرة أخرى، إضافة إلى أن الإذعان الإسرائيلي يضعف معسكر المعتدلين، ويعزز «المتطرفين» في العالم العربي.
هذا الموقف الإسرائيلي عبر عنه مائير دجان رئيس جهاز الموساد حين قال إن الصفقة تشكل صفعة لـ«المعتدلين العرب»، إذ في حين سيختفي حلفاء أمريكا والغرب حرجاً وخجلاً، فإن حزب الله وحلفاءه سيملأون الدنيا صخباً احتفاء بما حققوه، وهذا أمر بالغ الخطورة، لأنه يرشد الشباب العربي عن المكان الذي يجب أن يكونوا فيه، والطرف الذي ينبغي أن ينحازوا إليه، وذلك كله ضد مصالح "إسرائيل" في نهاية المطاف.
أما المعلق الإسرائيلي روعي مخمياس فقد ذهب إلى أبعد، حين قال إن صفقة تبادل الأسرى سيكون لها تداعيات بالغة الخطورة على الوضع الاستراتيجي لـ"إسرائيل"، وسيزيد من قدرة أعدائها على ابتزازها، إلى جانب مساهمتها في تعزيز قوة ونفوذ حزب الله في لبنان، وهو ما سوف يكون له تأثيره على الانتخابات التشريعية القادمة هناك.
إن حزب الله لم يحقق معجزة، ولم يبتكر سلاحاً سحرياً، ولكن كل الذي فعله أنه اختار ألا يساوم، وأن يأخذ التحدي على محمل الجد، معتمداً على الله وعلى طاقة مناضليه، فصبر وظفر واستحق الاحترام في حين أن الذين ساوموا وراهنوا على الأمريكيين أكلوا الهواء واستحقوا الاحتقار.
كاتب وباحث مصري
فهمي هويدي (http://22.myvnc.com/writers.php?id=82)* (http://22.myvnc.com/artc.php?id=23171#writer_descwriter_desc) - « صحيفة الدستور (http://22.myvnc.com/writers.php?id=1914&t=1) » - 11 / 7 / 2008م - 3:37 م
لا يكف حزب الله عن إحراج حكوماتنا، ومعها كل رموز «الاعتدال» في العالم العربي «حسب التصنيف الأمريكي»، فزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله خرج عن مألوف السياسة العربية، حيث لم يكذب على الناس، وما قاله فعله وما وعد به أنجزه، ثم إنه قبل التحدي الإسرائيلي ونجح رجال حزبه في التصدي لمحاولة اجتياح لبنان في عام 2006، وفي الوقت ذاته ألحق هزيمة منكرة بالجيش الإسرائيلي الذي خرج من لبنان مجرحاً وكسيراً، بالتالي فإنه أجهز على أسطورة القوة الإسرائيلية التي لا تقهر، وطوى إلى الأبد صفحة الردع الإسرائيلي، وفوق هذا وذاك فإن الحزب أجرى مفاوضات مع إسرائيل عبر الطرف الألماني أسفرت عن صفقة تم خلالها استعادة آخر الأسرى اللبنانيين لديها مع عدد آخر من الأسرى الفلسطينيين، وكان من بين الأسرى اللبنانيين الذين أفرج عنهم سمير القنطار الذي اعتبرته "إسرائيل" دائماً خطاً أحمر، ورفضت تسليمه طوال الثلاثين عاماً الأخيرة.
في مقابل ذلك، ما الذي أنجزه «المعتدلون العرب» المتحالفون مع الولايات المتحدة، والمتصالحون مع إسرائيل؟! لقد هادنوهم واستجابوا لرغباتهم، وتعلقوا بخريطة الطريق التي أعطت الأولوية لنزع سلاح المقاومة، وهرولوا إلى «أنابوليس» لكي يؤكدوا على مرجعية الخطة الأمريكية، ويسلموا بالإشراف الأمريكي على تنفيذها، وفي الوقت ذاته، لم تلتزم بشيء من كل ما وعدت به، فاستمرت في توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ووصلت اجتياحاتها وتصفياتها، وتمسكت بيهودية الدولة التي أيدها فيها الرئيسان بوش وساركوزي، الأمر الذي يمهد لطرد عرب «48» من ديارهم وزراعاتهم، وفي حين ظلت تفاوض ممثلي السلطة في رام الله وتلاعبهم، طوال الأشهر الماضية، فإن المفاوضات لم تنجز شيئاً له قيمته، فلا رفع حاجز من الضفة الغربية ولا أطلق سراح سجين واحد من بين أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني في "إسرائيل".
إن المتابع للجدل الإسرائيلي الداخلي الذي يدور منذ إقرار الصفقة على حزب الله يلاحظ أن الأغلبية الساحقة من الجنرالات والساسة والمعلقين اعتبروا أن "إسرائيل" ارتكبت خطأ استراتيجياً عندما قامت باعتقال أو أسر عناصر من حزب الله أو أي مواطنين لبنانيين، على اعتبار أن ذلك وفر للحزب مبررات لشن عمليات عسكرية يتم خلالها اختطاف جنود أو مستوطنين يهود، وهو ما حذر هؤلاء من تكراره، على النحو الذي يرغم "إسرائيل" على التراجع عن «خطوطها الحمراء»، مع كل ما يعنيه ذلك من مساس بقوة ردعها، وتشجيع «أعدائها» على ضربها مرة أخرى، إضافة إلى أن الإذعان الإسرائيلي يضعف معسكر المعتدلين، ويعزز «المتطرفين» في العالم العربي.
هذا الموقف الإسرائيلي عبر عنه مائير دجان رئيس جهاز الموساد حين قال إن الصفقة تشكل صفعة لـ«المعتدلين العرب»، إذ في حين سيختفي حلفاء أمريكا والغرب حرجاً وخجلاً، فإن حزب الله وحلفاءه سيملأون الدنيا صخباً احتفاء بما حققوه، وهذا أمر بالغ الخطورة، لأنه يرشد الشباب العربي عن المكان الذي يجب أن يكونوا فيه، والطرف الذي ينبغي أن ينحازوا إليه، وذلك كله ضد مصالح "إسرائيل" في نهاية المطاف.
أما المعلق الإسرائيلي روعي مخمياس فقد ذهب إلى أبعد، حين قال إن صفقة تبادل الأسرى سيكون لها تداعيات بالغة الخطورة على الوضع الاستراتيجي لـ"إسرائيل"، وسيزيد من قدرة أعدائها على ابتزازها، إلى جانب مساهمتها في تعزيز قوة ونفوذ حزب الله في لبنان، وهو ما سوف يكون له تأثيره على الانتخابات التشريعية القادمة هناك.
إن حزب الله لم يحقق معجزة، ولم يبتكر سلاحاً سحرياً، ولكن كل الذي فعله أنه اختار ألا يساوم، وأن يأخذ التحدي على محمل الجد، معتمداً على الله وعلى طاقة مناضليه، فصبر وظفر واستحق الاحترام في حين أن الذين ساوموا وراهنوا على الأمريكيين أكلوا الهواء واستحقوا الاحتقار.
كاتب وباحث مصري