سيهاتي 1
18-08-2008, 09:59 AM
علي (عليه السلام) يوم خيبر
قال الطبرسي (رحمه الله): لما قدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة، ثم خرج منها غازياً إلى خيبر.
"خيبر اسم منطقة تبعد عن المدينة المنورة ساعات، وهي عبارة عن حصون وقلاع محصنة، كانت اليهود تسكنها يومذاك"، فلما وصل النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى خيبر، واستعد للقتال واصطف العسكران، خرج رجل من المسلمين اسمه: عامر بن الأكوع يبارز رجلاً من اليهود اسمه مرحب، وكان مرحب يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
فأجابه عامر:
قــد عـلمت خيبر أني عامر
شاكي السلاح بطل مغامر
فتضاربا بالسيف، فوقع سيف عامر على ركبته فمات منه.
وحاصر النبي (صلى الله عليه وآله) تلك الحصون خمساً وعشرين يوماً، ثم أعطى رايته أبا بكر وقيل: أعطى الراية إلى عمر بن الخطاب أولاً فنهض ونهض معه المسلمون فلقوا أهل خيبر فرجعوا.
وأعطى الراية أبا بكر في اليوم الثاني فذهب مع المسلمين فرجع يجبِّن أصحابه ويجبنونه، فلما علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ذلك قال: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.
فبات الناس يتفكرون حول الرجل الموصوف بهذا الصفات، المقصود بكلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكان علي (عليه السلام) غائباً في تلك الغزوة، وما كان الناس يحسبونه المقصود بكلام النبي (صلّى الله عليه وآله) ، حتى قال بعضهم: أما علي فقد كُفيتموه فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه.
بل كان كل منهم يرجو أن يعطى الراية، وأصبح الصباح وخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالراية، وأقبل الناس إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) ليعرفوا الرجل الذي يستحق أن يكون حاملاً لراية الإسلام وفاتحاً لحصون اليهود؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فقال (صلّى الله عليه وآله) : أرسلوا إليه.
فجاءوا به على بغلة وعينه معصوبة بخرقة، فأخذ سلمة بن الأكوع بيده وأتى به إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال النبي: ما تشتكي يا علي؟ قال: رمد ما أبصر معه، وصداع برأسي.
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): اجلس وضع رأسك على فخذي.
ففعل علي (عليه السلام) ذلك، فدعا له النبي (صلّى الله عليه وآله) وتفل في يده فمسح بها على عينيه ورأسه فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع وقال النبي (صلّى الله عليه وآله): اللهم قِهِ الحر والبرد ، وأعطاه الراية وكانت بيضاء فقال له: خذ الراية وامض بها، فجبرائيل معك، والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي أنهم يجدون في كتابهم: أن الذي يدمر عليهم اسمه: "إيليا" فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء الله.
فأقبل علي (عليه السلام) بالراية يهرول بها ولحقه الناس فركز رمحه قريباً من الحصن، وأشرف عليه حبر من الأحبار فقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال اليهودي: غُلبتم وما أُنزل على موسى ـ أي غلبتم قسماً بالتوراة التي نزلت على موسى (عليه السلام) فخرج إليه مرحب في عامة اليهود، وعليه مغفرة وحجر قد ثقبه مثل البيضة على أُم رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد عـلمت خيبر أنـي مرحب
شاكي السلاح بطل مجــرب
أطعن أحياناً وحيناً أضـــرب
فقال علي (عليه السلام):
أنا الذي سمتني أمي حيـــــــدره
ضــــــرغام آجام وليث قســوره
على الأعادي مثل ريح صرصره
أكيلكم بالسيف كيل السنـــــــدره
أضرب بالسيف رقاب الكفــــــره
فلما سمع مرحب منه ذلك هرب ولم يقف، خوفاً مما حذرته منه ظئره، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود
فقال له: إلى أين يا مرحب؟
فقال مرحب: قد تسمى علي هذا القرن بحيدرة
فقال له إبليس: فما حيدرة؟
قال مرحب: إن فلانة ظئري "مرضعتي" كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه: حيدرة،وتقول: إنه قاتلك.
فقال إبليس: شوهاً لك! لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله، تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن، وحيدرة في الدنيا كثير، فارجع فلعلك تقتله، فإن قتلته سدت قومك، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود لك.
فرجع مرحب إلى قتال علي (عليه السلام) فدعاهم علي (عليه السلام) إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب فاختاروا الحرب، فضربه الإمام بالسيف على رأسه ضربة قطعت الحجر والمغفر رأسه حتى وقع السيف في أضراسه، فخر صريعاً، وحمل علي (عليه السلام) على الجيش اليهودي فانهزموا ودخلوا الحصن، وسدوا بابه، وكان الباب حجراً منقوراً في صخر، والباب من الحجر في ذلك الصخر المنقور، كأنه حجر رحى، وفي وسطه ثقب لطيف، وقد ذكرنا في الجزء الثاني من شرح نهج البلاغة بياناً حول الباب المزبور.
رمى علي (عليه السلام) القوس من يده اليسرى وجعل يده اليسرى في ذلك الثقب الذي في وسط الحجر وكان السيف بيده اليمنى ثم جذبه إليه فانهار الصخر المنقور، وصار الباب في يده اليسرى، فحملت عليه اليهود، فجعل علي (عليه السلام) الباب ترساً له، وحمل عليهم فانهزموا، فرمى الحجر بيده اليسرى إلى خلفه فمر الحجر على رؤوس الناس من المسلمين إلى أن وقع في آخر العسكر، وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في قصيدته مخاطباً الإمام (عليه السلام):
يا قالع الباب الذي عـن هـزه
عجزت أكف أربعون وأربـــع
واجتمع المسلمون ليرفعوا ذلك الحجر فلم يستطيعوا وهم أربعون رجلاً، وفتح علي (عليه السلام) تلك الحصون.
وتقدم حسان بن ثابت واستأذن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يقول شعراً فقال له: قل.
فأنشأ يقول:
وكان عـلي أرمد العــين يبتغـــي
دواء فـلما لـم يحـس مداويـــــــا
شفاه رسـول الله منه بتفـلــــــــة
فبورك مرقياً وبورك راقيــــــــــا
وقال: سأعطي الراية اليوم صارماً
كمياً محباً للـرسول مواليــــــــــــا
يحب إلهـي والإلـه يحبــــــــــــــه
به يفتح الله الحصون الأوابيـــــــا
فأصفـى بها دون البـرية كلـــــــها
عـلياً وسماه الوزير المواخيــــــــا
فعند ذلك قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ إلا أخذوا من تراب رجليك، ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك: أن تكون أنت مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنك مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وأنك تبرئ ذمتي وتقاتل على سنتي، وأنك في الآخرة أقرب الناس مني، وأنك غداً على الحوض خليفتي، وأنك أول من يرد علي الحوض غداً، وأنك أول من يكسى معي، وأنك أول من يدخل الجنة من أمتي، وأن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وأن حربك حربي، وأن سلمك سلمي، وأن سرك سري، وأن علانيتك علانيتي، وأن سريرة صدرك كسريرة صدري، وأن ولدك ولدي، وأنك تنجز عدتي، وأن الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، وأن الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وأنه لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك غداً حتى يردوا الحوض معك. فخر علي (عليه السلام) ساجداً شكراً لله.
وقال المرحوم الشيخ الأزري في قصيدته الفريدة:
ولـه يـوم خيبـر فـتكـــــــــــات
كبـرت منظراً على من رآهـــــا
يوم قال النبي: إني لأعطــــــي
رايتي ليثها وحامي حماهـــــا
فاستطالت أعناق كل فـريـــــق
ليروا أي ماجــد يعطاهــــــــــا
فدعى: أين وارث العلم والحلـم
مجير الأيام من باساهـــــــــــا
أين ذو النجــدة الذي لو دعتــه
في الثريا مـروعة لباهـــــــــا
فأتاه الوصي أرمـد عـيــــــــن
فـسقاها من ريقه فـشفاهـــــا
ومضى يطلب الصفوف فولــّت
عـنه عـلماً بأنه أمضاهــــــــا
وبرى مـرحباً بكـف اقـتــــدار
أقوياء الأقدار من ضعفاهـــــا
ودحى بابها بقـوة بــــــــــأس
لو حمتها الأفلاك منه دحاهــا
عائــــد للمؤمليـــــــــن مجيب
سامـع ما تسر من نجواهـــــا
إنما المصطفى مدينة علــــــم
وهو الباب مـن أتاه أتـــــاها
وهـما مقـلتا العـوالم: يسرا هـ
ـــــا عـلي وأحمـد يمـــناهـــــا
انتهــــــــــــــهى
سلام الله عليك سيدي يا أمير المؤمنين
قال الطبرسي (رحمه الله): لما قدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة، ثم خرج منها غازياً إلى خيبر.
"خيبر اسم منطقة تبعد عن المدينة المنورة ساعات، وهي عبارة عن حصون وقلاع محصنة، كانت اليهود تسكنها يومذاك"، فلما وصل النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى خيبر، واستعد للقتال واصطف العسكران، خرج رجل من المسلمين اسمه: عامر بن الأكوع يبارز رجلاً من اليهود اسمه مرحب، وكان مرحب يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
فأجابه عامر:
قــد عـلمت خيبر أني عامر
شاكي السلاح بطل مغامر
فتضاربا بالسيف، فوقع سيف عامر على ركبته فمات منه.
وحاصر النبي (صلى الله عليه وآله) تلك الحصون خمساً وعشرين يوماً، ثم أعطى رايته أبا بكر وقيل: أعطى الراية إلى عمر بن الخطاب أولاً فنهض ونهض معه المسلمون فلقوا أهل خيبر فرجعوا.
وأعطى الراية أبا بكر في اليوم الثاني فذهب مع المسلمين فرجع يجبِّن أصحابه ويجبنونه، فلما علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ذلك قال: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.
فبات الناس يتفكرون حول الرجل الموصوف بهذا الصفات، المقصود بكلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكان علي (عليه السلام) غائباً في تلك الغزوة، وما كان الناس يحسبونه المقصود بكلام النبي (صلّى الله عليه وآله) ، حتى قال بعضهم: أما علي فقد كُفيتموه فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه.
بل كان كل منهم يرجو أن يعطى الراية، وأصبح الصباح وخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالراية، وأقبل الناس إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) ليعرفوا الرجل الذي يستحق أن يكون حاملاً لراية الإسلام وفاتحاً لحصون اليهود؟ فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فقال (صلّى الله عليه وآله) : أرسلوا إليه.
فجاءوا به على بغلة وعينه معصوبة بخرقة، فأخذ سلمة بن الأكوع بيده وأتى به إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال النبي: ما تشتكي يا علي؟ قال: رمد ما أبصر معه، وصداع برأسي.
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): اجلس وضع رأسك على فخذي.
ففعل علي (عليه السلام) ذلك، فدعا له النبي (صلّى الله عليه وآله) وتفل في يده فمسح بها على عينيه ورأسه فانفتحت عيناه وسكن ما كان يجده من الصداع وقال النبي (صلّى الله عليه وآله): اللهم قِهِ الحر والبرد ، وأعطاه الراية وكانت بيضاء فقال له: خذ الراية وامض بها، فجبرائيل معك، والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي أنهم يجدون في كتابهم: أن الذي يدمر عليهم اسمه: "إيليا" فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء الله.
فأقبل علي (عليه السلام) بالراية يهرول بها ولحقه الناس فركز رمحه قريباً من الحصن، وأشرف عليه حبر من الأحبار فقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال اليهودي: غُلبتم وما أُنزل على موسى ـ أي غلبتم قسماً بالتوراة التي نزلت على موسى (عليه السلام) فخرج إليه مرحب في عامة اليهود، وعليه مغفرة وحجر قد ثقبه مثل البيضة على أُم رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد عـلمت خيبر أنـي مرحب
شاكي السلاح بطل مجــرب
أطعن أحياناً وحيناً أضـــرب
فقال علي (عليه السلام):
أنا الذي سمتني أمي حيـــــــدره
ضــــــرغام آجام وليث قســوره
على الأعادي مثل ريح صرصره
أكيلكم بالسيف كيل السنـــــــدره
أضرب بالسيف رقاب الكفــــــره
فلما سمع مرحب منه ذلك هرب ولم يقف، خوفاً مما حذرته منه ظئره، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود
فقال له: إلى أين يا مرحب؟
فقال مرحب: قد تسمى علي هذا القرن بحيدرة
فقال له إبليس: فما حيدرة؟
قال مرحب: إن فلانة ظئري "مرضعتي" كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه: حيدرة،وتقول: إنه قاتلك.
فقال إبليس: شوهاً لك! لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله، تأخذ بقول النساء وهن يخطئن أكثر مما يصبن، وحيدرة في الدنيا كثير، فارجع فلعلك تقتله، فإن قتلته سدت قومك، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود لك.
فرجع مرحب إلى قتال علي (عليه السلام) فدعاهم علي (عليه السلام) إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب فاختاروا الحرب، فضربه الإمام بالسيف على رأسه ضربة قطعت الحجر والمغفر رأسه حتى وقع السيف في أضراسه، فخر صريعاً، وحمل علي (عليه السلام) على الجيش اليهودي فانهزموا ودخلوا الحصن، وسدوا بابه، وكان الباب حجراً منقوراً في صخر، والباب من الحجر في ذلك الصخر المنقور، كأنه حجر رحى، وفي وسطه ثقب لطيف، وقد ذكرنا في الجزء الثاني من شرح نهج البلاغة بياناً حول الباب المزبور.
رمى علي (عليه السلام) القوس من يده اليسرى وجعل يده اليسرى في ذلك الثقب الذي في وسط الحجر وكان السيف بيده اليمنى ثم جذبه إليه فانهار الصخر المنقور، وصار الباب في يده اليسرى، فحملت عليه اليهود، فجعل علي (عليه السلام) الباب ترساً له، وحمل عليهم فانهزموا، فرمى الحجر بيده اليسرى إلى خلفه فمر الحجر على رؤوس الناس من المسلمين إلى أن وقع في آخر العسكر، وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في قصيدته مخاطباً الإمام (عليه السلام):
يا قالع الباب الذي عـن هـزه
عجزت أكف أربعون وأربـــع
واجتمع المسلمون ليرفعوا ذلك الحجر فلم يستطيعوا وهم أربعون رجلاً، وفتح علي (عليه السلام) تلك الحصون.
وتقدم حسان بن ثابت واستأذن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يقول شعراً فقال له: قل.
فأنشأ يقول:
وكان عـلي أرمد العــين يبتغـــي
دواء فـلما لـم يحـس مداويـــــــا
شفاه رسـول الله منه بتفـلــــــــة
فبورك مرقياً وبورك راقيــــــــــا
وقال: سأعطي الراية اليوم صارماً
كمياً محباً للـرسول مواليــــــــــــا
يحب إلهـي والإلـه يحبــــــــــــــه
به يفتح الله الحصون الأوابيـــــــا
فأصفـى بها دون البـرية كلـــــــها
عـلياً وسماه الوزير المواخيــــــــا
فعند ذلك قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): لولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ إلا أخذوا من تراب رجليك، ومن فضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك: أن تكون أنت مني وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنك مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وأنك تبرئ ذمتي وتقاتل على سنتي، وأنك في الآخرة أقرب الناس مني، وأنك غداً على الحوض خليفتي، وأنك أول من يرد علي الحوض غداً، وأنك أول من يكسى معي، وأنك أول من يدخل الجنة من أمتي، وأن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وأن حربك حربي، وأن سلمك سلمي، وأن سرك سري، وأن علانيتك علانيتي، وأن سريرة صدرك كسريرة صدري، وأن ولدك ولدي، وأنك تنجز عدتي، وأن الحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، وأن الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وأنه لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك غداً حتى يردوا الحوض معك. فخر علي (عليه السلام) ساجداً شكراً لله.
وقال المرحوم الشيخ الأزري في قصيدته الفريدة:
ولـه يـوم خيبـر فـتكـــــــــــات
كبـرت منظراً على من رآهـــــا
يوم قال النبي: إني لأعطــــــي
رايتي ليثها وحامي حماهـــــا
فاستطالت أعناق كل فـريـــــق
ليروا أي ماجــد يعطاهــــــــــا
فدعى: أين وارث العلم والحلـم
مجير الأيام من باساهـــــــــــا
أين ذو النجــدة الذي لو دعتــه
في الثريا مـروعة لباهـــــــــا
فأتاه الوصي أرمـد عـيــــــــن
فـسقاها من ريقه فـشفاهـــــا
ومضى يطلب الصفوف فولــّت
عـنه عـلماً بأنه أمضاهــــــــا
وبرى مـرحباً بكـف اقـتــــدار
أقوياء الأقدار من ضعفاهـــــا
ودحى بابها بقـوة بــــــــــأس
لو حمتها الأفلاك منه دحاهــا
عائــــد للمؤمليـــــــــن مجيب
سامـع ما تسر من نجواهـــــا
إنما المصطفى مدينة علــــــم
وهو الباب مـن أتاه أتـــــاها
وهـما مقـلتا العـوالم: يسرا هـ
ـــــا عـلي وأحمـد يمـــناهـــــا
انتهــــــــــــــهى
سلام الله عليك سيدي يا أمير المؤمنين