عاشقة النجف
22-08-2008, 08:12 PM
انتظار على حافة الطريق ..
على بوابة المدينة وفي بداية الطريق الذي يدخلها وقف الاحبة ,,
اخوة تتلهف لرؤياها .. واخوات اتعبهن فراقها .. وفي الخلف ام ارهقتها الايام واتعبت جفون عينيها الام السنين وسهر الليالي ..
تحدق بالنظر وتتأمل السيارات التي كانت تمر , وكلما مرت سيارة حمراء من الحجم العائلي كانت انفاسها تتصاعد وابتسامات شفتيها الذابلتين من الاسى تعلو وجهها ممزوجة بالفرح والشوق لكنها سرعان ماتعود لها الخيبة مرة اخرى لكونها ليست هي السيارة المطلوبة ..
الاخ الاكبر كان يتقدم الواقفين , وبين دقيقة واخرى يرفع يده لينظر الى ساعته فيرى الوقت قد تأخر..
اصاب القلق كل من كان ينتظر هناك , لم يكن لديهم طريقة اخرى لمعرفة اي معلومة عن اختهم وزوجها وطفليهم الا الانتظار , فالطريق بعيد ووسائل الاتصال معدومة لدى اختهم فهي لاتملك شريحة تلفون عراقية ..
ابعدتها السنين عن اهلها , خرجت لتلحق بزوجها الذي ابعده الجور عن اهله واحبته , وكان الوعد بأنها ستعود لامها واخوتها بعد شهرين او ثلاثة ان لزم الامر, وان اظطروا ولم تهدء الاحوال سيبقون سنةعلى الاغلب فقد كان بتوقعهم ان الظلم سوف لن يطول ..
مرت الايام واذا بها تصبح 15 سنة...
وبعد ان ذهب الظلم وانتهى الخوف والرعب اللذي يسود البلد كتب الله لهم العودة كغيرهم..
فلم يتوانوا للحظة بالعودة.. فانهوا كل ماكان لديهم هناك , وعادت هي وزوجها وطفلاها الى وطنهم..
هم ينتظرون على الطريق, وهي مع عائلتها في السيارة بصحبة السائق يتلهفون لتلك اللحظات التي يصلون بها ويعانقون احبتهم وتضم هي امها التي فارقتها 15 سنة الى حضنها ..
كان المقرر ان يصلوا الثالثة عصرا الى بيت اهلها ..
الا ان الساعة اصبحت السادسة والنصف المغرب ولم يصل احدا بعد..
استولى القلق على الجميع واخذ الصمت يسودهم , وعيونهم ترنوا الى بعض بصمت الحيرة والخوف والاشتياق الذي كاد ان ينهي عليهم واولهم الام العجوز اللتي ارهقها الوقوف والانتظار .
وهم على هذه الحالة , اذ اتى ابن الاخ الاصغر وهو يقول بصوت مبتهج ويعلو وجهه الفرح : جدتي ... عمي ...هاهم قد وصلوا قد رايتهم هناك عند تلك السيطرة ...
ساد الفرح قلوب الجميع , وابتهجت الوجوه وكادت الأم ان تسقط من فرحتها , ودموع الفرح غسلت وجهها المتعب ...
استعد الجميع للقاء , فاخذ هذا يقول : ياترى كيف هم الان وماشعورهم؟؟
وذاك يقول : يا الله كم انا مشتاق لاختي الغالية عبير.. فقد ذهبت وهي تلك البنت المدللـه ياترى كيف هي الان.؟؟
ويجيبهم الثالث بقوله: اتركوا عنكم الكلام فسنراهم الان...
عيونهم شابحة الى السيارة الحمراء التي طال ما انتظروها ..
لاحت السياره من بعيد واخذت تقترب , وقلوبهم تزداد نبضاتها..
واخيرا وقفت السيارة ,, وكان لونها رمادي .. لم يعيروا للون اهتماما فالمهم انهم وصلوا ,,
علت الزغاريد من الام والاخوات , ووقف الاخوة صفا واحدا رافعي اسلحتهم الى فوق واخذوا يرمون في السماء تعبيرا عن فرحتهم وابتهاجهم بمجيء اختهم التي فارقوها منذ اعوام .
فتحت الباب اللتي في المقدمة ونزل منها زوج الابنة , فاستقبلوه بالترحيب ثم نزل الاولاد وكانوا بنت وولد فأخذهم الجميع في الاحضان..
عند ذلك تقدمت الام فنظرت في وجه زوج ابنتها واردفت قائلة: مابك ياولدي؟ اين ابنتي ياجواد؟
فقاطعت الكلام اخت عبير التي تكبرها عاما واحدا بالقول : من المؤكد انها جالسة في السيارة تتدلع علينا انا اعرف حركات عبير جيدا .. فهي ليست جديدة علي ..
اجابتها الوالدة بلهفة : اذا تنحوا عني لارى ابنتي .. ثم استمرت في الكلام وقالت اين انتي يا عبير انزلي فانا مشتاقه لكِ...
فصرخ بها جواد بصوت عالٍ : خالتي .... عبير ليست معي في هذه السيارة فهي في السيارة الاخرى ستصل الان..
وقف الجميع متسائلا عن السبب ولاحت على ملامح وجوههم علامات الاستفهام....: لم ياجواد؟؟ السيارة كبيرة لم عبير في السيارة الاخرى .؟؟ثم هي مع من؟
فأجابهم : هي بايدي امينة..
لحظات واذا بالسيارة الاخرى تقف الى جانب السيارة الاولى..
رفعت الأم عينيها واذا بها ترى تابوتا قد وضع اعلى السيارة ..وشدَ بحبال قوية خشية ان يقع ..
شهقت الأم شهقة كادت روحها ان تخرج من جسدها.. ثم لطمت راسها وصرخت جواااااااااد...ماهذا .؟؟ اين ابنتي ؟ مالذي حصل ؟؟ اجبني ...
عندها طأطأ جواد راسه الى الاسفل وانحنى ثم بكى بكاءا كبكاء الام الثكلى على ولدها وقال :
خالتي هاهي عبير في التابوت .. رددت لكم الامانة لكن دون روح .. اتيت بها وهي في تابوت المنية اللتي سرقها مني ..
كانت طوال الطريق تقول : عزيزي جواد متى نصل ؟؟ كيف سأرى اهلي ؟؟ ياترى امي ...امي .. كيف هي ؟
اخوتي علي , سجاد , محمد , واخواتي سهاد , علياء, كيف هم؟؟
آه ياجواد لو تعلم كم انا مشتاقة لهم , هل ياترى سأصل لهم واحتضنهم واحدا واحد؟؟
كانت طول الوقت تنسج احلاما وتتخيل لحظة الوصول , لكن بعد ان دخلنا حدود العراق اعترضنا قطاع طرق فاسرع السائق كثيرا وما ان تجاوزنا مرحلة الخطر اخرجت رأسها من النافذة قائلة الله واخيرا شممت هواك ياعراق ,, في تلك اللحظات اذ بنا نصطدم بسيارة كبيرة حطمت السيارة اللتي كنا بها ..
خالتي .....نجونا كلنا من الحادث باعجوبة .. الا هي فقد كان راسها خارج النافذة وجسمها في الداخل وكانت تعتلي وجهها ابتسامة جميلة اخذت كل قلبي معها ..
ذهبت عبير ياخالتي .. نعم اخذها الزمن فلم يبق لي من حبيب ..
ان اردتم عبير فهاهي مخضبة بدمها داخل هذا التابوت المشؤوم ..
كان حلمها ان تصل وها قد وصلت .. لكن الدهر سرق فرحها وادمى قلبي ...
بقلم
عاشقة النجف
على بوابة المدينة وفي بداية الطريق الذي يدخلها وقف الاحبة ,,
اخوة تتلهف لرؤياها .. واخوات اتعبهن فراقها .. وفي الخلف ام ارهقتها الايام واتعبت جفون عينيها الام السنين وسهر الليالي ..
تحدق بالنظر وتتأمل السيارات التي كانت تمر , وكلما مرت سيارة حمراء من الحجم العائلي كانت انفاسها تتصاعد وابتسامات شفتيها الذابلتين من الاسى تعلو وجهها ممزوجة بالفرح والشوق لكنها سرعان ماتعود لها الخيبة مرة اخرى لكونها ليست هي السيارة المطلوبة ..
الاخ الاكبر كان يتقدم الواقفين , وبين دقيقة واخرى يرفع يده لينظر الى ساعته فيرى الوقت قد تأخر..
اصاب القلق كل من كان ينتظر هناك , لم يكن لديهم طريقة اخرى لمعرفة اي معلومة عن اختهم وزوجها وطفليهم الا الانتظار , فالطريق بعيد ووسائل الاتصال معدومة لدى اختهم فهي لاتملك شريحة تلفون عراقية ..
ابعدتها السنين عن اهلها , خرجت لتلحق بزوجها الذي ابعده الجور عن اهله واحبته , وكان الوعد بأنها ستعود لامها واخوتها بعد شهرين او ثلاثة ان لزم الامر, وان اظطروا ولم تهدء الاحوال سيبقون سنةعلى الاغلب فقد كان بتوقعهم ان الظلم سوف لن يطول ..
مرت الايام واذا بها تصبح 15 سنة...
وبعد ان ذهب الظلم وانتهى الخوف والرعب اللذي يسود البلد كتب الله لهم العودة كغيرهم..
فلم يتوانوا للحظة بالعودة.. فانهوا كل ماكان لديهم هناك , وعادت هي وزوجها وطفلاها الى وطنهم..
هم ينتظرون على الطريق, وهي مع عائلتها في السيارة بصحبة السائق يتلهفون لتلك اللحظات التي يصلون بها ويعانقون احبتهم وتضم هي امها التي فارقتها 15 سنة الى حضنها ..
كان المقرر ان يصلوا الثالثة عصرا الى بيت اهلها ..
الا ان الساعة اصبحت السادسة والنصف المغرب ولم يصل احدا بعد..
استولى القلق على الجميع واخذ الصمت يسودهم , وعيونهم ترنوا الى بعض بصمت الحيرة والخوف والاشتياق الذي كاد ان ينهي عليهم واولهم الام العجوز اللتي ارهقها الوقوف والانتظار .
وهم على هذه الحالة , اذ اتى ابن الاخ الاصغر وهو يقول بصوت مبتهج ويعلو وجهه الفرح : جدتي ... عمي ...هاهم قد وصلوا قد رايتهم هناك عند تلك السيطرة ...
ساد الفرح قلوب الجميع , وابتهجت الوجوه وكادت الأم ان تسقط من فرحتها , ودموع الفرح غسلت وجهها المتعب ...
استعد الجميع للقاء , فاخذ هذا يقول : ياترى كيف هم الان وماشعورهم؟؟
وذاك يقول : يا الله كم انا مشتاق لاختي الغالية عبير.. فقد ذهبت وهي تلك البنت المدللـه ياترى كيف هي الان.؟؟
ويجيبهم الثالث بقوله: اتركوا عنكم الكلام فسنراهم الان...
عيونهم شابحة الى السيارة الحمراء التي طال ما انتظروها ..
لاحت السياره من بعيد واخذت تقترب , وقلوبهم تزداد نبضاتها..
واخيرا وقفت السيارة ,, وكان لونها رمادي .. لم يعيروا للون اهتماما فالمهم انهم وصلوا ,,
علت الزغاريد من الام والاخوات , ووقف الاخوة صفا واحدا رافعي اسلحتهم الى فوق واخذوا يرمون في السماء تعبيرا عن فرحتهم وابتهاجهم بمجيء اختهم التي فارقوها منذ اعوام .
فتحت الباب اللتي في المقدمة ونزل منها زوج الابنة , فاستقبلوه بالترحيب ثم نزل الاولاد وكانوا بنت وولد فأخذهم الجميع في الاحضان..
عند ذلك تقدمت الام فنظرت في وجه زوج ابنتها واردفت قائلة: مابك ياولدي؟ اين ابنتي ياجواد؟
فقاطعت الكلام اخت عبير التي تكبرها عاما واحدا بالقول : من المؤكد انها جالسة في السيارة تتدلع علينا انا اعرف حركات عبير جيدا .. فهي ليست جديدة علي ..
اجابتها الوالدة بلهفة : اذا تنحوا عني لارى ابنتي .. ثم استمرت في الكلام وقالت اين انتي يا عبير انزلي فانا مشتاقه لكِ...
فصرخ بها جواد بصوت عالٍ : خالتي .... عبير ليست معي في هذه السيارة فهي في السيارة الاخرى ستصل الان..
وقف الجميع متسائلا عن السبب ولاحت على ملامح وجوههم علامات الاستفهام....: لم ياجواد؟؟ السيارة كبيرة لم عبير في السيارة الاخرى .؟؟ثم هي مع من؟
فأجابهم : هي بايدي امينة..
لحظات واذا بالسيارة الاخرى تقف الى جانب السيارة الاولى..
رفعت الأم عينيها واذا بها ترى تابوتا قد وضع اعلى السيارة ..وشدَ بحبال قوية خشية ان يقع ..
شهقت الأم شهقة كادت روحها ان تخرج من جسدها.. ثم لطمت راسها وصرخت جواااااااااد...ماهذا .؟؟ اين ابنتي ؟ مالذي حصل ؟؟ اجبني ...
عندها طأطأ جواد راسه الى الاسفل وانحنى ثم بكى بكاءا كبكاء الام الثكلى على ولدها وقال :
خالتي هاهي عبير في التابوت .. رددت لكم الامانة لكن دون روح .. اتيت بها وهي في تابوت المنية اللتي سرقها مني ..
كانت طوال الطريق تقول : عزيزي جواد متى نصل ؟؟ كيف سأرى اهلي ؟؟ ياترى امي ...امي .. كيف هي ؟
اخوتي علي , سجاد , محمد , واخواتي سهاد , علياء, كيف هم؟؟
آه ياجواد لو تعلم كم انا مشتاقة لهم , هل ياترى سأصل لهم واحتضنهم واحدا واحد؟؟
كانت طول الوقت تنسج احلاما وتتخيل لحظة الوصول , لكن بعد ان دخلنا حدود العراق اعترضنا قطاع طرق فاسرع السائق كثيرا وما ان تجاوزنا مرحلة الخطر اخرجت رأسها من النافذة قائلة الله واخيرا شممت هواك ياعراق ,, في تلك اللحظات اذ بنا نصطدم بسيارة كبيرة حطمت السيارة اللتي كنا بها ..
خالتي .....نجونا كلنا من الحادث باعجوبة .. الا هي فقد كان راسها خارج النافذة وجسمها في الداخل وكانت تعتلي وجهها ابتسامة جميلة اخذت كل قلبي معها ..
ذهبت عبير ياخالتي .. نعم اخذها الزمن فلم يبق لي من حبيب ..
ان اردتم عبير فهاهي مخضبة بدمها داخل هذا التابوت المشؤوم ..
كان حلمها ان تصل وها قد وصلت .. لكن الدهر سرق فرحها وادمى قلبي ...
بقلم
عاشقة النجف