الشوملي
04-09-2008, 04:20 PM
التوسل على ضوء الآيات القرآنيّة والدليل العقلي:
إنّ التوسل بأولياء الله لأجل حل المشاكل المادية والمعنوية من أهم المباحث وأكثرها نقاشاً بين الوهابيين وسائر المسلمين في العالم.
يصرح الوهابيون بأنّ التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة لا إشكال فيه، ولكن لا يجوز التوسل بأولياء الله، ويعتبرونه نوعاً من الشرك، في الوقت الذي يرى سائر مسلمي العالم جواز التوسل بأولياء الله، بناء على ما سنذكره من توضيح لمعناه.
تصور الوهابيون أنّ بعض الآيات القرآنيّة تمنع من التوسل، وتعتبره شركاً، ومن جملتها هذه الآية حيث قوله سبحانه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(1)التي تحكي لسان حال مشركي الجاهلية حول ما يعبدون، مثل الملائكة وغيرها، والقرآن يعتبر هذا الكلام شركاً، وفي آية أخرى يقول عزّ وجلّ: (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)(2).
ويقول سبحانه في آية أخرى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْء)(1).
توهم الوهابيون وتصوروا أنّ هذه الآيات تنفي التوسل بأولياء الله، وإضافة إلى هذا لديهم بحث آخر، وهو أنه على فرض أنّ التوسل بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) حال حياته جائز; وفقاً لبعض الروايات، لكن لا دليل لدينا على جوازه بعد مماته. هذا خلاصة ما يدّعونه.
ولكن للأسف وبسبب هذا الكلام الفاقد للدليل، قام الوهابيون باتهام الكثير من المسلمين بالشرك والكفر، وأباحوا دماءهم وأموالهم، فبهذه الذريعة قاموا بسفك دماء كثيرة ونهبوا الكثير من الأموال.
والآن وبعد أن عرفنا اعتقادهم بشكل جيد نعود إلى أصل البحث، ونعالج موضوع التوسل من جذوره.
في البداية نستعرض مفهوم «التوسل» في اللغة والآيات القرآنيّة والروايات.
التوسل لغة: «التوسل» في اللغة هو بمعنى اختيار الوسيلة، والوسيلة: تعني ما يتقرب به إلى الغير.
يقول ابن منظور في كتابه المعروف «لسان العرب»: «وَسَلَ فلانٌ إلى الله وسيلةً إذا عَمِل عملاً تقرّب به إليه ... والوسيلة، ما يتقرّب به إلى الغير»(2).
وجاء في «مصباح اللغة» أيضاً: «الوسيلة: ما يتقرب به إلى الشيء والجمع الوسائل».
ونقرأ في «مقاييس اللغة»: «الوسيلة: الرغبة والطلب».
وعلى هذا فالوسيلة هي بمعنى التقرب وما يتقرب به إلى الغير أيضاً، فالوسيلة لها مفهوم واسع جدّاً.
وأمّا بالنسبة للقرآن فقد استعمل مصطلح الوسيلة في آيتين:
الأولى: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(1)، فهذه الآية تخاطب جميع المؤمنين، وفيها ثلاثة أوامر:
الأوّل: الأمر بالتقوى.
الثاني: الأمر باختيار الوسيلة، التي تقربنا إلى الله سبحانه.
الثالث: الأمر بالجهاد في سبيل الله.
ونتيجة اجتماع هذه الصفات الثلاثة (التقوى، التوسل، الجهاد) يتحقق ما ذكر في ذيل الآية: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
الثانية: في الآية السابعة والخمسين من سورة الإسراء، ولفهم هذه الآية نستعرض الآية التي سبقتها وهي: (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً)(2) وبالالتفات إلى جملة (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ) يتضح أنّ المقصود في الآية ليست هي الأصنام وغيرها ـ لأنّ (الذين) هم أصحاب العقول ـ بل إنّ المقصود بها هم الملائكة التي كانت تُعبد من دون الله، أو النبي عيسى(عليه السلام) الذي كان يُعبد من قبل بعض المجموعات من دون الله، فالآية تصرّح بأنّ ما تدعون من الملائكة أو المسيح لا يستطيعون دفعون الضرّ عنكم ولا يحلّون مشاكلكم
والآية التي تليها وهي المقصودة بالبحث قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أيُّهُم أقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)(1)، الاشتباه الكبير الذي وقع فيه الوهابيون هو تصورهم أنّ مفهوم التوسل بأولياء الله هو أنهم يكشفون الضر ويحلّون المشاكل،وتصوروا أنّ قضاءهم للحاجات ودفعهم للكربات يتحقق منهم على نحو الاستقلال، مع أنّ ما نقصده من التوسل ليس هذا معناه.
إنّ التوسل بأولياء الله لأجل حل المشاكل المادية والمعنوية من أهم المباحث وأكثرها نقاشاً بين الوهابيين وسائر المسلمين في العالم.
يصرح الوهابيون بأنّ التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة لا إشكال فيه، ولكن لا يجوز التوسل بأولياء الله، ويعتبرونه نوعاً من الشرك، في الوقت الذي يرى سائر مسلمي العالم جواز التوسل بأولياء الله، بناء على ما سنذكره من توضيح لمعناه.
تصور الوهابيون أنّ بعض الآيات القرآنيّة تمنع من التوسل، وتعتبره شركاً، ومن جملتها هذه الآية حيث قوله سبحانه: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)(1)التي تحكي لسان حال مشركي الجاهلية حول ما يعبدون، مثل الملائكة وغيرها، والقرآن يعتبر هذا الكلام شركاً، وفي آية أخرى يقول عزّ وجلّ: (فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)(2).
ويقول سبحانه في آية أخرى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْء)(1).
توهم الوهابيون وتصوروا أنّ هذه الآيات تنفي التوسل بأولياء الله، وإضافة إلى هذا لديهم بحث آخر، وهو أنه على فرض أنّ التوسل بالرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) حال حياته جائز; وفقاً لبعض الروايات، لكن لا دليل لدينا على جوازه بعد مماته. هذا خلاصة ما يدّعونه.
ولكن للأسف وبسبب هذا الكلام الفاقد للدليل، قام الوهابيون باتهام الكثير من المسلمين بالشرك والكفر، وأباحوا دماءهم وأموالهم، فبهذه الذريعة قاموا بسفك دماء كثيرة ونهبوا الكثير من الأموال.
والآن وبعد أن عرفنا اعتقادهم بشكل جيد نعود إلى أصل البحث، ونعالج موضوع التوسل من جذوره.
في البداية نستعرض مفهوم «التوسل» في اللغة والآيات القرآنيّة والروايات.
التوسل لغة: «التوسل» في اللغة هو بمعنى اختيار الوسيلة، والوسيلة: تعني ما يتقرب به إلى الغير.
يقول ابن منظور في كتابه المعروف «لسان العرب»: «وَسَلَ فلانٌ إلى الله وسيلةً إذا عَمِل عملاً تقرّب به إليه ... والوسيلة، ما يتقرّب به إلى الغير»(2).
وجاء في «مصباح اللغة» أيضاً: «الوسيلة: ما يتقرب به إلى الشيء والجمع الوسائل».
ونقرأ في «مقاييس اللغة»: «الوسيلة: الرغبة والطلب».
وعلى هذا فالوسيلة هي بمعنى التقرب وما يتقرب به إلى الغير أيضاً، فالوسيلة لها مفهوم واسع جدّاً.
وأمّا بالنسبة للقرآن فقد استعمل مصطلح الوسيلة في آيتين:
الأولى: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(1)، فهذه الآية تخاطب جميع المؤمنين، وفيها ثلاثة أوامر:
الأوّل: الأمر بالتقوى.
الثاني: الأمر باختيار الوسيلة، التي تقربنا إلى الله سبحانه.
الثالث: الأمر بالجهاد في سبيل الله.
ونتيجة اجتماع هذه الصفات الثلاثة (التقوى، التوسل، الجهاد) يتحقق ما ذكر في ذيل الآية: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
الثانية: في الآية السابعة والخمسين من سورة الإسراء، ولفهم هذه الآية نستعرض الآية التي سبقتها وهي: (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً)(2) وبالالتفات إلى جملة (قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ) يتضح أنّ المقصود في الآية ليست هي الأصنام وغيرها ـ لأنّ (الذين) هم أصحاب العقول ـ بل إنّ المقصود بها هم الملائكة التي كانت تُعبد من دون الله، أو النبي عيسى(عليه السلام) الذي كان يُعبد من قبل بعض المجموعات من دون الله، فالآية تصرّح بأنّ ما تدعون من الملائكة أو المسيح لا يستطيعون دفعون الضرّ عنكم ولا يحلّون مشاكلكم
والآية التي تليها وهي المقصودة بالبحث قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أيُّهُم أقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)(1)، الاشتباه الكبير الذي وقع فيه الوهابيون هو تصورهم أنّ مفهوم التوسل بأولياء الله هو أنهم يكشفون الضر ويحلّون المشاكل،وتصوروا أنّ قضاءهم للحاجات ودفعهم للكربات يتحقق منهم على نحو الاستقلال، مع أنّ ما نقصده من التوسل ليس هذا معناه.