دلال
05-09-2008, 03:09 AM
إن العبادة - في نهج البلاغة - ليست سلسلة من الأعمال الجامدة الجافة فقط ، بل إن العمل البدني هو صورة العبادة وجسمها ، وأن الروح هو شيء آخر ، وأن العمل البدني إنما يجد الروح ويستحق اسم العبادة فيما إذا كان فيه ذلك الروح المعنوي لها ، فإن العبادة الواقعية هي نوع من الانتقال من هذا العالم ذي الأبعاد الثلاثة إلى علام آخر مليء بالحركة والنشاط والخواطر القلبية واللذات الروحية الخاصة .
وقد جاء في نهج البلاغة الكثير عن أهل العبادة ، وصور كثيرة عن ملامح العبادة والعُبّاد ، فتارة: عن سهر لياليهم ، وأخرى: عن خوفهم وخشيتهم ، وثالثة: عن شوقهم ولذتهم ، ورابعة: عن حرقتهم والتهابهم ، وخامسة: عن آهاتهم وأنّاتهم وزفراتهم وحسراتهم ، وسادسة: عن تلك العنايات الإلهية الغيبية التي يحصلون عليها بالعبادة والمراقبة وجهاد النفس ، وسابعة: عن أثر العبادة في طرد الذنوب وآثارها ، وثامنة: عن أثر العبادة في علاج الأمراض النفسية والخلقية ، وتاسعة: عن لذتهم وبهجتهم الخالصة غير المحسودة والتي لا شائبة فيها .
( أما الليل ، فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً ، يُحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنها نصب أعينهم ، وإذا أمروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم . وأما النهار: فحلماء علماء ، أبرار أتقياء ) .
الخواطر القلبية
( وقد أحيى عقله ، وأمات نفسه ، حتى دقّ جليله ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق فأبان له الطريق وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه ، وأرضى ربه ) .
والكلام في هذه الجمل - كما ترون - عن حياة أخرى دعاها حياة العقل ، وعن إماتة النفس ، وعن رياضة الروح ، وعن ذلك البرق اللامع الذي يلمع في قلب العابد من أثر عبادته فينير دربه ، وعن المنازل والمراحل التي تسلكها الروح حتى تصل إلى المقصد: ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ ) ( 14 ) وعن السكينة والطمأنينة التي يصل إليها القلب المضطرب للإنسان: ( أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) .
ووصف الإمام ( عليه السلام ) اهتمام هؤلاء بحياة قلوبهم وعقولهم في الخطبة 225 فقال:
( يرون أهل الدنيا ليعظمون موت أجسادهم وهم أشد إعظاماً لموت قلوب أحيائهم ) .
ووصف الجذبة التي تجذب الأرواح ذوات الاستعداد للعروج إلى أعلى فقال:
( صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ) .
وقال ( عليه السلام ): ( لولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب ) .
وقال ( عليه السلام ): ( قد أخلص لله سبحانه فاستخلصه ) .
ووصف العلوم التي تفاض على قلوب العارفين بالله نتيجة لتهذيب نفوسهم فقال:
( هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وانسوا بما استوحش منه الجاهلون ) .
و جاء في التعاليم الإسلامية ، إن لكل ذنب أثراً مظلماً على القلب ، تقل به رغبة المذنب إلى الخيرات والأعمال الصالحة ، وتكثر فيه الرغبة إلى الذنوب . وإن للعبادة وذكر الله أثره في تربية الوجدان الديني للإنسان ، فتكثر فيه الرغبة إلى الخيرات والعمل الصالح ، وتقل فيه الرغبة إلى الشر والفساد والذنوب .
يعني أن العبادة تزيل الظلمات والكدورات الحاصلة من الذنوب وتبدلها بالميل إلى الخير والبر والعمل الصالح .
وقد جاء في ( نهج البلاغة ) خطبة في الصلاة والزكاة وأداء الأمانة ، يقول فيها الإمام ( عليه السلام ) بعد تأكيد شديد على الصلاة:
( وإنها لتحت الذنوب حتى الورق ، وتطلقها إطلاق الربق ، وشبّهها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات ، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن؟ ) .
وفي الخطبة 196 بعد أن يشير إلى عدد من رذائل الأخلاق من قبيل: الطغيان والظلم والكبر ، يقول ( عليه السلام ): ( ومن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات ، تسكيناً لأطرافهم ، وتخشيعاً لأبصارهم ، وتذليلاً لنفوسهم ، وتخفيضاً لقلوبهم ، وإزالة للخيلاء عنهم ) .
وفيها لذة مناجاة الله
( اللهم إنك آنس الآنسين لأوليائك ، وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك ، تشاهدهم في سرائرهم ، وتطلع عليهم في ضمائرهم ، وتعلم مبلغ بصائرهم . فأسرارهم لك مكشوفة ، وقلوبهم إليك ملهوفة ، إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، وإن صُبّت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة بك ) .
ويشير في الخطبة 148 إلى الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ثم يذكر في آخر الخطبة أناساً في آخر الزمان اجتمعت فهيم الشجاعة والحكمة والعبادة ، فيقول ( عليه السلام ) :
( ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل تجلّى بالتنزيل أبصارهم ، ويرمى بالتفسير في مسامعهم ، ويغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح ) .
وقد جاء في نهج البلاغة الكثير عن أهل العبادة ، وصور كثيرة عن ملامح العبادة والعُبّاد ، فتارة: عن سهر لياليهم ، وأخرى: عن خوفهم وخشيتهم ، وثالثة: عن شوقهم ولذتهم ، ورابعة: عن حرقتهم والتهابهم ، وخامسة: عن آهاتهم وأنّاتهم وزفراتهم وحسراتهم ، وسادسة: عن تلك العنايات الإلهية الغيبية التي يحصلون عليها بالعبادة والمراقبة وجهاد النفس ، وسابعة: عن أثر العبادة في طرد الذنوب وآثارها ، وثامنة: عن أثر العبادة في علاج الأمراض النفسية والخلقية ، وتاسعة: عن لذتهم وبهجتهم الخالصة غير المحسودة والتي لا شائبة فيها .
( أما الليل ، فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً ، يُحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنها نصب أعينهم ، وإذا أمروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم وأكفّهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم . وأما النهار: فحلماء علماء ، أبرار أتقياء ) .
الخواطر القلبية
( وقد أحيى عقله ، وأمات نفسه ، حتى دقّ جليله ولطف غليظه ، وبرق له لامع كثير البرق فأبان له الطريق وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب إلى باب السلامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة ، بما استعمل قلبه ، وأرضى ربه ) .
والكلام في هذه الجمل - كما ترون - عن حياة أخرى دعاها حياة العقل ، وعن إماتة النفس ، وعن رياضة الروح ، وعن ذلك البرق اللامع الذي يلمع في قلب العابد من أثر عبادته فينير دربه ، وعن المنازل والمراحل التي تسلكها الروح حتى تصل إلى المقصد: ( يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ ) ( 14 ) وعن السكينة والطمأنينة التي يصل إليها القلب المضطرب للإنسان: ( أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) .
ووصف الإمام ( عليه السلام ) اهتمام هؤلاء بحياة قلوبهم وعقولهم في الخطبة 225 فقال:
( يرون أهل الدنيا ليعظمون موت أجسادهم وهم أشد إعظاماً لموت قلوب أحيائهم ) .
ووصف الجذبة التي تجذب الأرواح ذوات الاستعداد للعروج إلى أعلى فقال:
( صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ) .
وقال ( عليه السلام ): ( لولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب ) .
وقال ( عليه السلام ): ( قد أخلص لله سبحانه فاستخلصه ) .
ووصف العلوم التي تفاض على قلوب العارفين بالله نتيجة لتهذيب نفوسهم فقال:
( هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وانسوا بما استوحش منه الجاهلون ) .
و جاء في التعاليم الإسلامية ، إن لكل ذنب أثراً مظلماً على القلب ، تقل به رغبة المذنب إلى الخيرات والأعمال الصالحة ، وتكثر فيه الرغبة إلى الذنوب . وإن للعبادة وذكر الله أثره في تربية الوجدان الديني للإنسان ، فتكثر فيه الرغبة إلى الخيرات والعمل الصالح ، وتقل فيه الرغبة إلى الشر والفساد والذنوب .
يعني أن العبادة تزيل الظلمات والكدورات الحاصلة من الذنوب وتبدلها بالميل إلى الخير والبر والعمل الصالح .
وقد جاء في ( نهج البلاغة ) خطبة في الصلاة والزكاة وأداء الأمانة ، يقول فيها الإمام ( عليه السلام ) بعد تأكيد شديد على الصلاة:
( وإنها لتحت الذنوب حتى الورق ، وتطلقها إطلاق الربق ، وشبّهها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بالحمّة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات ، فما عسى أن يبقى عليه من الدرن؟ ) .
وفي الخطبة 196 بعد أن يشير إلى عدد من رذائل الأخلاق من قبيل: الطغيان والظلم والكبر ، يقول ( عليه السلام ): ( ومن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات ، تسكيناً لأطرافهم ، وتخشيعاً لأبصارهم ، وتذليلاً لنفوسهم ، وتخفيضاً لقلوبهم ، وإزالة للخيلاء عنهم ) .
وفيها لذة مناجاة الله
( اللهم إنك آنس الآنسين لأوليائك ، وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك ، تشاهدهم في سرائرهم ، وتطلع عليهم في ضمائرهم ، وتعلم مبلغ بصائرهم . فأسرارهم لك مكشوفة ، وقلوبهم إليك ملهوفة ، إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، وإن صُبّت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة بك ) .
ويشير في الخطبة 148 إلى الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ثم يذكر في آخر الخطبة أناساً في آخر الزمان اجتمعت فهيم الشجاعة والحكمة والعبادة ، فيقول ( عليه السلام ) :
( ثم ليشحذن فيها قوم شحذ القين النصل تجلّى بالتنزيل أبصارهم ، ويرمى بالتفسير في مسامعهم ، ويغبقون كأس الحكمة بعد الصبوح ) .