سيهاتي 1
15-09-2008, 08:39 AM
السبت 13 رمضان 1429هـ - 13سبتمبر 2008م - العدد14691
جريدة الرياض السعوديه
القرضاوي والاختصار الخاطئ
تركي بن عبدالله السديري
العالم الحضاري المتقدم علمياً.. الذي قطع مسافات فوارق علمية وحضارية شاسعة ما بينه وبين دول العالم الثالث التي ما زالت تستورد أبسط المنتجات، وبدلاً من أن تتجه إلى اللحاق بفئة الصدارة وجدت في الخلافات المحلية ملاذاً تغطي به مظاهر التخلف.. ذلك العالم المتقدم لم يحقق تفوقه صدفة ولا باجتهاد فئة معينة ولكن لأنه خرج نهائياً بعيداً عن مؤثرات التخلف قبل مئتي عام.. العلاقة بين فرنسا مثلاً وايطاليا.. بين اسبانيا وبلجيكا.. بين بريطانيا وأمريكا لا تنظمها إيعازات تدخل مبطن من دول أخرى ولا تستميلها مؤثرات طائفية أو عرقية، ولكن ترابط المصالح المشتركة العائدة لمصلحة المجتمعات هي التي تدفع نحو توثيق التقارب..
في عالمنا العربي يختلف الوضع تماماً ولا يتوقف الأمر عند حدود الاستجابة لمغريات طائفية أو عرقية ولكنه يتجاوز ذلك حين تفتح تلك المغريات مسارب نفوذ أجنبي يشرّع وجاهة الخلافات بل الاقتتال..
إذا كان أن هناك دولاً عربية تورطت بتوطين هذه المفاهيم ومباركة الصراعات المسلحة على أنها أداء وطني مشرف فنحن في المملكة ضد كل هذه التوجهات، وأخطر معيق لتسارع تطور مجتمعنا هو الانصراف نحو هذا النوع من الابتذال في المواطنة..
إنني كرئيس تحرير أتعامل بكثير من الحساسية مع جميع ما ينثر في الأجواء الإعلامية والاجتماعية عربياً من أفكار ومؤثرات تعمل بجهد سيء كي تحيل مجتمعات عربية معينة إلى جزيئات.. هذا هو العراق الكبير في مساحته وثرواته وسكانه يتباعد عن بعضه.. وهذا هو لبنان الصغير في مساحته وثرواته وسكانه يتباعد أيضاً عن بعضه، وفي الجزائر والسودان تنشيط من هذا النوع.. وإذا كان أن المواطن الشيعي واضح التواجد في أزمات العراق ولبنان فإن المتشدد السني واضح التواجد أيضاً بدموية أكثر في دول عربية وغير عربية ولعل تنظيم القاعدة أسوأ مثال..
لذا أحاول فيما ينشر أو تقييم ما يصل دولياً أو عربياً من أخبار ألا أجعل المملكة جزءاً من مشكلة عامة أو تنجح محاولات جرّها لتكون طرفاً في مشاكل غيرها.. وقد استغربت نوعية النص الذي صدر به خبر تصريحات الشيخ القرضاوي الذي نشرته جريدة المصري ونقلته وكالة "ي.ب.أ" حيث أن أحد المحررين اقتطع الجزء الأخير من النص لكي يكون في حجم المساحة الصغيرة لكنه حاصر رؤية الشيخ القرضاوي بشكل يسيء له كما لو كان يتحدث عن خصوصية شيعية، ولذا تم حذف الخبر في الطبعتين وزودت الطبعة الأولى في الغد بنص اعتذار.. وكان من الممكن كما يحدث في معظم الصحف العربية أن يترك الأمر سائباً دون تصويب بل بعض الصحف تتدخل وتحرّف المضمون..
في الحقيقة لست أسلط منظاراً دقيقاً لتصويب خطأ سني أو شيعي يحدث في مواقع عربية وإنما نسعى في "الرياض" لأن نكرّس وحدة ولاء جماعي لوطن واحد تعايشنا فيه عبر قرون طويلة.. وأثبت أنه الأنظف والأسرع توجهاً نحو التقدم.. فنحن في مجتمع يملك مؤهلات عالية جداً ترشحه وتمكنه من أن يكون له مكانة في الصف الأوروبي، وقد نقلت جهات تقييم اقتصادية توقعها لأن تكون المملكة الدولة الأهم في مجالات الاستثمار..
إذاً ليحترق من يوظفون عرقيتهم أو مذهبيتهم في دول عربية أخرى لصالح قوى غير عربية أخرى، أما مجتمعنا فنحن مع دولة في مضمار التقدم العلمي والاقتصادي الذي لا يتماثل معه أي واقع عربي آخر..
جريدة الرياض السعوديه
القرضاوي والاختصار الخاطئ
تركي بن عبدالله السديري
العالم الحضاري المتقدم علمياً.. الذي قطع مسافات فوارق علمية وحضارية شاسعة ما بينه وبين دول العالم الثالث التي ما زالت تستورد أبسط المنتجات، وبدلاً من أن تتجه إلى اللحاق بفئة الصدارة وجدت في الخلافات المحلية ملاذاً تغطي به مظاهر التخلف.. ذلك العالم المتقدم لم يحقق تفوقه صدفة ولا باجتهاد فئة معينة ولكن لأنه خرج نهائياً بعيداً عن مؤثرات التخلف قبل مئتي عام.. العلاقة بين فرنسا مثلاً وايطاليا.. بين اسبانيا وبلجيكا.. بين بريطانيا وأمريكا لا تنظمها إيعازات تدخل مبطن من دول أخرى ولا تستميلها مؤثرات طائفية أو عرقية، ولكن ترابط المصالح المشتركة العائدة لمصلحة المجتمعات هي التي تدفع نحو توثيق التقارب..
في عالمنا العربي يختلف الوضع تماماً ولا يتوقف الأمر عند حدود الاستجابة لمغريات طائفية أو عرقية ولكنه يتجاوز ذلك حين تفتح تلك المغريات مسارب نفوذ أجنبي يشرّع وجاهة الخلافات بل الاقتتال..
إذا كان أن هناك دولاً عربية تورطت بتوطين هذه المفاهيم ومباركة الصراعات المسلحة على أنها أداء وطني مشرف فنحن في المملكة ضد كل هذه التوجهات، وأخطر معيق لتسارع تطور مجتمعنا هو الانصراف نحو هذا النوع من الابتذال في المواطنة..
إنني كرئيس تحرير أتعامل بكثير من الحساسية مع جميع ما ينثر في الأجواء الإعلامية والاجتماعية عربياً من أفكار ومؤثرات تعمل بجهد سيء كي تحيل مجتمعات عربية معينة إلى جزيئات.. هذا هو العراق الكبير في مساحته وثرواته وسكانه يتباعد عن بعضه.. وهذا هو لبنان الصغير في مساحته وثرواته وسكانه يتباعد أيضاً عن بعضه، وفي الجزائر والسودان تنشيط من هذا النوع.. وإذا كان أن المواطن الشيعي واضح التواجد في أزمات العراق ولبنان فإن المتشدد السني واضح التواجد أيضاً بدموية أكثر في دول عربية وغير عربية ولعل تنظيم القاعدة أسوأ مثال..
لذا أحاول فيما ينشر أو تقييم ما يصل دولياً أو عربياً من أخبار ألا أجعل المملكة جزءاً من مشكلة عامة أو تنجح محاولات جرّها لتكون طرفاً في مشاكل غيرها.. وقد استغربت نوعية النص الذي صدر به خبر تصريحات الشيخ القرضاوي الذي نشرته جريدة المصري ونقلته وكالة "ي.ب.أ" حيث أن أحد المحررين اقتطع الجزء الأخير من النص لكي يكون في حجم المساحة الصغيرة لكنه حاصر رؤية الشيخ القرضاوي بشكل يسيء له كما لو كان يتحدث عن خصوصية شيعية، ولذا تم حذف الخبر في الطبعتين وزودت الطبعة الأولى في الغد بنص اعتذار.. وكان من الممكن كما يحدث في معظم الصحف العربية أن يترك الأمر سائباً دون تصويب بل بعض الصحف تتدخل وتحرّف المضمون..
في الحقيقة لست أسلط منظاراً دقيقاً لتصويب خطأ سني أو شيعي يحدث في مواقع عربية وإنما نسعى في "الرياض" لأن نكرّس وحدة ولاء جماعي لوطن واحد تعايشنا فيه عبر قرون طويلة.. وأثبت أنه الأنظف والأسرع توجهاً نحو التقدم.. فنحن في مجتمع يملك مؤهلات عالية جداً ترشحه وتمكنه من أن يكون له مكانة في الصف الأوروبي، وقد نقلت جهات تقييم اقتصادية توقعها لأن تكون المملكة الدولة الأهم في مجالات الاستثمار..
إذاً ليحترق من يوظفون عرقيتهم أو مذهبيتهم في دول عربية أخرى لصالح قوى غير عربية أخرى، أما مجتمعنا فنحن مع دولة في مضمار التقدم العلمي والاقتصادي الذي لا يتماثل معه أي واقع عربي آخر..