تراب البقيع...
18-09-2008, 06:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الجملة تلخص لنا حركة التاريخ الخاص بالسنة والشيعة . . السنة كانت دائمة الحضور وقد منحت الفرصة كاملة للبروز والانتشار . . والشيعة كانت دائمة الغياب بفعل الحصار والبطش والارهاب . .
-------------------------------------------------
لأن السنة كانت على وئام مع الحكام وتدين لهم بالسمع والطاعة برهم وفاجرهم فقد منحت حرية الدعوة وشرعية التواجد . . ولأن الشيعة تحمل راية أهل البيت الذين يخشاهم الحكام وتدين بالطاعة والولاء لائمتهم الأطهار لم تنل رضا الحكام وأخرجت من دائرة الإسلام فغابت عن الأنام . .
ولأن السنة كانت ظاهرة فقد أصبحت معروفة . . ولأن الشيعة كانت غائبة قفد أصبحت مجهولة . . ولكون الشيعة خصم للسنة غائب عن الأنظار فقد كثرت من حوله الشائعات ولفت له شتى الاتهامات التي تحولت بمرور الزمن إلى حقائق بنيت على أساسها مواقف ودانت بها مذاهب وصاحب الحق غائب . .
هكذا يجسم لنا التاريخ قضية السنة والشيعة وكيف تحولت إلى لعبة سياسية في أيدي حكام بني أمية وبني العباس وسائر الحكام . . وسوف تستمر السنة أداة الحكام على مر الزمان في مواجهة الشيعة وبدونها لن يجدوا الشرعية التي تبرر
استمرارهم في الحكم . . والسنة يدورها سوف تظل تتحصن بالحكام وتستمد منهم القدرة والدعم على مواجهة الشيعة والاستمرار في الصدارة
كيف نشأت فرقة أهل السنة ؟
كان المسلمون في العصر الأول لا يخوضون في الآيات المتشابهة ويعتنقدون بها كما هي من دون تساؤلات أو استفسارات عن المراد منها أو ما ترمي إليه ، وقد امتد هذا العصر حتى مطلع القرن الثالث من الهجرة . .
وحتى هذه الفترة لا نستطيع القول إنه كانت هناك عقيدة مدونة . . إلا أن الأمر اختلف بعد عصر الترجمات وانفتاح الأمة على تراث اليونان . عند ذلك بدأ الصدام الفكري بين المسلمين حول الآيات المتشابهات . وهناك قطاع من الفقهاء توقف عن الخوض في هذه الآيات مثل مالك . . .
ولقد جنت هذه الترجمات على الأمة وعلى عقيدتها وعلى عقول المسلمين حيث كان الغالبية من المترجمين من اليهود والنصارى وشابت هذه الترجمات الأخطاء والتناقضات والتحريفات . في ظل هذا الجو نشأ ما سمي علم الكلام وهو علم
خاص بالعقيدة وقد نشأ كرد فعل لخوض الفلاسفة والمتكلمين في الآيات المتشابهات . . إلا أنه لم يحظ بتأييد أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم . . وإذا كانت هناك ثلاثة اتجاهات في الساحة الإسلامية هي اتجاه الشيعة واتجاه الخوارج ثم
الاتجاه الرسمي الحكومي قبا عصر الترجمات وظهور علم الكلام - فقد ظهر على الساحة بعد عصر الترجمات عشرات الاتجاهات المتناحرة فيما بينها وفي مقدمتها المشبهة والمعطلة . .
ويبدو أن هذه الاتجاهات التي استثمرت المنطق والفلسفة في إجراء عملية تحرر في طريقة التفكير الإسلامي قد استفزت الحكام الذين خشوا من أن تأخذ هذه الاتجاهات امتدادها في الوسط الجماهيري . .
وهنا برزت الحاجة إلى ظهور اتجاه حديد يواجه هذه الاتجاهات ويحد من انتشارها ويعزل الجماهير عنها . فكان أن ظهر اتجاه أهل السنة في البداية على يد أحمد بن حنبل والحنابلة من بعده ثم تطور بعد ذلك على يد الأشعري الذي انشق عن المعتزلة بعد أن قضى أربعين عاما يدعو لاتجاههم . . . .
ثم ظهر في نقس الفترة اتجاه الماتريدي ليشكل مع الأشعري جناحا أهل السنة في العصر العباسي الملئ بالصراعات الفكرية والعقائدية وليصبح هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد ، اتجاه الأغلبية من المسلمين . بينما أصبحت الاتجاهات الأخرى محصورة في زاوية مظلمة من زوايا المجتمع يتبعها الأقلية من الناس . .
ولعل مثل هذه الطفرة أو القفزة الفكرية لأهل السنة فوق الاتجاهات الأخرى تفرض سؤالا هاما هو كيف لاتجاه ناشئ جديد أن يسود وينتشر على حساب اتجاهات ذات وجود وعمق تاريخي مثل الشيعة والمعتزلة وفي فترة قياسية . .
إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في عدة عوامل :
أولا : اندماج هذا الاتجاه في إطار المذاهب الأربعة المنتشرة بين المسلمين وتحركه من خلالها وتحت لافتتها . . .
ثانيا : دعم الحكام لهدا الاتجاه وتيسير السبل أمامه . . .
ثالثا : ضرب الاتجاهات الأخرى وإجهاضها . . .
ورغم قوة ونفوذ أصحاب المذاهب الأربعة الذين أعلنوا خلافهم مع الأشعري إلا أنهم لم يحولوا دون انتشار هذا الاتجاه ولم يعرقلوا مسيرته مما يثير علامات حول هذا الموقف . . أما عن طبيعة الخلاف بين فقهاء المذاهب الأربعة وبين الأشعري
فهذا ما سوف نستعرضه عند الحديث عن التوحيد عند أهل السنة . . ويبدو أن اتجاه الماتريدي قد حاز رضى وقبول فقهاء عصره أكثر من اتجاه الأشعري لكونه أكثر اقترابا من النقل وأبعد عن العقل بينما اتجاه الأشعري يقوم على العقل والنقل
وتارة يغلب العقل على النقل وتارة يغلب النقل على العقل ، والظاهر من تتبع حركة نشأة فرقة السنة أنها لم تظهر على هيئة كيان واحد وفي فترة زمنية محددة كما هو حال الشيعة والمعتزلة والخوارج .
إنما ظهرت تارة على يد أحمد بن حنبل في القرن الثالث . وتارة على يد الأشعري والماتريدي في القرن الرابع . وتارة على يد ابن تيمية في القرن الثامن . . التيار الأول تيار ابن حنبل كان يتوقف عن الخوض في هذه المسائل وقد نبذ علم الكلام .
والتيار الثاني تيار الأشعري خاض في الأسماء والصفات واستفز الأطراف الأخرى .
أما تيار ابن تيمية قفد حاول التحرر من الأطر السابقة فوقع في التشبيه والتجسيم .
ثم ظهر بعد ذلك التيار الصوفي وتبنى نهجا مخالفا لهذه التيارات . . وهذه التيارات الأربعة المختلفة فيما بينها تحمل شعار أهل السنة وتزكي كتب الفقه والعقائد الصادرة عن هذه التيارات مفهوم الفرق بينها . . .
ويحاول البغدادي الخروج من هذا التناقض محاولا شرح عقيدة أهل السنة معددا أصنافهم بقوله :
أولا : من أحاطوا العلم بأبواب التوحيد والنبوة وأحكام الوعد والوعيد والثواب والعقاب وشروط الاجتهاد والإمامة والزعامة وسلكوا في هذا النوع من العلم طرق الصفاتية من المتكلمين الذين تبرأوا من التشبيه والتعطيل ومن بدع الرافضة والخوارج وسائر أهل الأهواء الضالة . .
ثانيا : أئمة الفقه من أهل الرأي والحديث الذين تبرأوا من القدر والاعتزال . وأثبتوا رؤية الله بالأبصار من غير تشبيه ولا تعطيل وسائر العقائد في الخلفاء وطاعة الأمراء والمسح على الخفين وتحريم المتعة ووقوع الطلاق الثلاث . .
ثالثا : الذين أحاطوا عما بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وميزوا بين الصحيح والسقيم منها وعرفوا أسباب الجرح والتعديل ولم يخلطوا علمهم ذلك بشئ من بدع أهل الأهواء الضالة . .
رابعا : الذين أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف ولم يخلطوا علمهم بشئ من يدع القدرية أو الرافضة أو الخوارج . .
خامسا : الذين أحاطوا علما بوجوه قراءات القرآن ووجوه تفسير آياته وتأويلها وفق مذهب أهل السنة دون تأويلات أهل الأهواء الضالة . .
سادسا : الزهاد والصوفية ودينهم التوحيد ونفي التشبيه ومذهبهم التفويض إلى الله تعالى والتوكل عليه والإعراض عن الاعتراض عليه . .
سابعا : المرابطون في ثغور المسلمين يحمون الوطن الإسلامي ويظهرون في ثغورهم مذهب أهل السنة والجماعة . .
ويبدو من طرح البغدادي أنه زاد الموضوع تعقيدا وأسهم في تشتيت أهل السنة وتأكيد الفرقة بينهم . كما يبدو التخبط في طرحه من إدخال الأدب والنحو والصرف في العقائد ومحاولة الربط بينهما . .
ولست أدري ما هي صلة النحو والصرف والأدب بالقدرية والخوارج والرافضة . . ؟
هل يريد القول أنه لا يجوز أخذ هذه العلوم الثلاثة من المنتمين لهذه الفرق . . ؟
ثم ما هو سبب الربط بين المرابطين في الثغور وبين مذهب أهل السنة والجماعة . . هل يريد القول أنه لا يجوز جهاد الذين لا يلتزمون بمذهب أهل السنة ؟
أم أن المرابطين يمثلون اتجاها من اتجاهات أهل السنة . . ؟
ثم إذا كان البغدادي يقول لنا إن هذه الاتجاهات جميعها هي أهل السنة والجماعة فكيف تم جمع هذه الاتجاهات في إطار واحد على الرغم من تباينها . . ؟
إن البغدادي لم يجب على هذا السؤال . كما لم يجبنا لماذا ظهر الأشعري على هذه الاتجاهات جميعا وأصبحت له السيادة في دائرة أهل السنة . . ؟
والاجابة على السؤال الثاني هي نفس الإجابة على السؤال التالي : لماذا ظهر تيار ابن تيمية دون تيارات السنة في العصر الحديث واخترق الحركات الإسلامية وبدا وكأن المسلمين في كل مكان ينطقون بلسانه . . ؟
هذه الجملة تلخص لنا حركة التاريخ الخاص بالسنة والشيعة . . السنة كانت دائمة الحضور وقد منحت الفرصة كاملة للبروز والانتشار . . والشيعة كانت دائمة الغياب بفعل الحصار والبطش والارهاب . .
-------------------------------------------------
لأن السنة كانت على وئام مع الحكام وتدين لهم بالسمع والطاعة برهم وفاجرهم فقد منحت حرية الدعوة وشرعية التواجد . . ولأن الشيعة تحمل راية أهل البيت الذين يخشاهم الحكام وتدين بالطاعة والولاء لائمتهم الأطهار لم تنل رضا الحكام وأخرجت من دائرة الإسلام فغابت عن الأنام . .
ولأن السنة كانت ظاهرة فقد أصبحت معروفة . . ولأن الشيعة كانت غائبة قفد أصبحت مجهولة . . ولكون الشيعة خصم للسنة غائب عن الأنظار فقد كثرت من حوله الشائعات ولفت له شتى الاتهامات التي تحولت بمرور الزمن إلى حقائق بنيت على أساسها مواقف ودانت بها مذاهب وصاحب الحق غائب . .
هكذا يجسم لنا التاريخ قضية السنة والشيعة وكيف تحولت إلى لعبة سياسية في أيدي حكام بني أمية وبني العباس وسائر الحكام . . وسوف تستمر السنة أداة الحكام على مر الزمان في مواجهة الشيعة وبدونها لن يجدوا الشرعية التي تبرر
استمرارهم في الحكم . . والسنة يدورها سوف تظل تتحصن بالحكام وتستمد منهم القدرة والدعم على مواجهة الشيعة والاستمرار في الصدارة
كيف نشأت فرقة أهل السنة ؟
كان المسلمون في العصر الأول لا يخوضون في الآيات المتشابهة ويعتنقدون بها كما هي من دون تساؤلات أو استفسارات عن المراد منها أو ما ترمي إليه ، وقد امتد هذا العصر حتى مطلع القرن الثالث من الهجرة . .
وحتى هذه الفترة لا نستطيع القول إنه كانت هناك عقيدة مدونة . . إلا أن الأمر اختلف بعد عصر الترجمات وانفتاح الأمة على تراث اليونان . عند ذلك بدأ الصدام الفكري بين المسلمين حول الآيات المتشابهات . وهناك قطاع من الفقهاء توقف عن الخوض في هذه الآيات مثل مالك . . .
ولقد جنت هذه الترجمات على الأمة وعلى عقيدتها وعلى عقول المسلمين حيث كان الغالبية من المترجمين من اليهود والنصارى وشابت هذه الترجمات الأخطاء والتناقضات والتحريفات . في ظل هذا الجو نشأ ما سمي علم الكلام وهو علم
خاص بالعقيدة وقد نشأ كرد فعل لخوض الفلاسفة والمتكلمين في الآيات المتشابهات . . إلا أنه لم يحظ بتأييد أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم . . وإذا كانت هناك ثلاثة اتجاهات في الساحة الإسلامية هي اتجاه الشيعة واتجاه الخوارج ثم
الاتجاه الرسمي الحكومي قبا عصر الترجمات وظهور علم الكلام - فقد ظهر على الساحة بعد عصر الترجمات عشرات الاتجاهات المتناحرة فيما بينها وفي مقدمتها المشبهة والمعطلة . .
ويبدو أن هذه الاتجاهات التي استثمرت المنطق والفلسفة في إجراء عملية تحرر في طريقة التفكير الإسلامي قد استفزت الحكام الذين خشوا من أن تأخذ هذه الاتجاهات امتدادها في الوسط الجماهيري . .
وهنا برزت الحاجة إلى ظهور اتجاه حديد يواجه هذه الاتجاهات ويحد من انتشارها ويعزل الجماهير عنها . فكان أن ظهر اتجاه أهل السنة في البداية على يد أحمد بن حنبل والحنابلة من بعده ثم تطور بعد ذلك على يد الأشعري الذي انشق عن المعتزلة بعد أن قضى أربعين عاما يدعو لاتجاههم . . . .
ثم ظهر في نقس الفترة اتجاه الماتريدي ليشكل مع الأشعري جناحا أهل السنة في العصر العباسي الملئ بالصراعات الفكرية والعقائدية وليصبح هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد ، اتجاه الأغلبية من المسلمين . بينما أصبحت الاتجاهات الأخرى محصورة في زاوية مظلمة من زوايا المجتمع يتبعها الأقلية من الناس . .
ولعل مثل هذه الطفرة أو القفزة الفكرية لأهل السنة فوق الاتجاهات الأخرى تفرض سؤالا هاما هو كيف لاتجاه ناشئ جديد أن يسود وينتشر على حساب اتجاهات ذات وجود وعمق تاريخي مثل الشيعة والمعتزلة وفي فترة قياسية . .
إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في عدة عوامل :
أولا : اندماج هذا الاتجاه في إطار المذاهب الأربعة المنتشرة بين المسلمين وتحركه من خلالها وتحت لافتتها . . .
ثانيا : دعم الحكام لهدا الاتجاه وتيسير السبل أمامه . . .
ثالثا : ضرب الاتجاهات الأخرى وإجهاضها . . .
ورغم قوة ونفوذ أصحاب المذاهب الأربعة الذين أعلنوا خلافهم مع الأشعري إلا أنهم لم يحولوا دون انتشار هذا الاتجاه ولم يعرقلوا مسيرته مما يثير علامات حول هذا الموقف . . أما عن طبيعة الخلاف بين فقهاء المذاهب الأربعة وبين الأشعري
فهذا ما سوف نستعرضه عند الحديث عن التوحيد عند أهل السنة . . ويبدو أن اتجاه الماتريدي قد حاز رضى وقبول فقهاء عصره أكثر من اتجاه الأشعري لكونه أكثر اقترابا من النقل وأبعد عن العقل بينما اتجاه الأشعري يقوم على العقل والنقل
وتارة يغلب العقل على النقل وتارة يغلب النقل على العقل ، والظاهر من تتبع حركة نشأة فرقة السنة أنها لم تظهر على هيئة كيان واحد وفي فترة زمنية محددة كما هو حال الشيعة والمعتزلة والخوارج .
إنما ظهرت تارة على يد أحمد بن حنبل في القرن الثالث . وتارة على يد الأشعري والماتريدي في القرن الرابع . وتارة على يد ابن تيمية في القرن الثامن . . التيار الأول تيار ابن حنبل كان يتوقف عن الخوض في هذه المسائل وقد نبذ علم الكلام .
والتيار الثاني تيار الأشعري خاض في الأسماء والصفات واستفز الأطراف الأخرى .
أما تيار ابن تيمية قفد حاول التحرر من الأطر السابقة فوقع في التشبيه والتجسيم .
ثم ظهر بعد ذلك التيار الصوفي وتبنى نهجا مخالفا لهذه التيارات . . وهذه التيارات الأربعة المختلفة فيما بينها تحمل شعار أهل السنة وتزكي كتب الفقه والعقائد الصادرة عن هذه التيارات مفهوم الفرق بينها . . .
ويحاول البغدادي الخروج من هذا التناقض محاولا شرح عقيدة أهل السنة معددا أصنافهم بقوله :
أولا : من أحاطوا العلم بأبواب التوحيد والنبوة وأحكام الوعد والوعيد والثواب والعقاب وشروط الاجتهاد والإمامة والزعامة وسلكوا في هذا النوع من العلم طرق الصفاتية من المتكلمين الذين تبرأوا من التشبيه والتعطيل ومن بدع الرافضة والخوارج وسائر أهل الأهواء الضالة . .
ثانيا : أئمة الفقه من أهل الرأي والحديث الذين تبرأوا من القدر والاعتزال . وأثبتوا رؤية الله بالأبصار من غير تشبيه ولا تعطيل وسائر العقائد في الخلفاء وطاعة الأمراء والمسح على الخفين وتحريم المتعة ووقوع الطلاق الثلاث . .
ثالثا : الذين أحاطوا عما بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وميزوا بين الصحيح والسقيم منها وعرفوا أسباب الجرح والتعديل ولم يخلطوا علمهم ذلك بشئ من بدع أهل الأهواء الضالة . .
رابعا : الذين أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف ولم يخلطوا علمهم بشئ من يدع القدرية أو الرافضة أو الخوارج . .
خامسا : الذين أحاطوا علما بوجوه قراءات القرآن ووجوه تفسير آياته وتأويلها وفق مذهب أهل السنة دون تأويلات أهل الأهواء الضالة . .
سادسا : الزهاد والصوفية ودينهم التوحيد ونفي التشبيه ومذهبهم التفويض إلى الله تعالى والتوكل عليه والإعراض عن الاعتراض عليه . .
سابعا : المرابطون في ثغور المسلمين يحمون الوطن الإسلامي ويظهرون في ثغورهم مذهب أهل السنة والجماعة . .
ويبدو من طرح البغدادي أنه زاد الموضوع تعقيدا وأسهم في تشتيت أهل السنة وتأكيد الفرقة بينهم . كما يبدو التخبط في طرحه من إدخال الأدب والنحو والصرف في العقائد ومحاولة الربط بينهما . .
ولست أدري ما هي صلة النحو والصرف والأدب بالقدرية والخوارج والرافضة . . ؟
هل يريد القول أنه لا يجوز أخذ هذه العلوم الثلاثة من المنتمين لهذه الفرق . . ؟
ثم ما هو سبب الربط بين المرابطين في الثغور وبين مذهب أهل السنة والجماعة . . هل يريد القول أنه لا يجوز جهاد الذين لا يلتزمون بمذهب أهل السنة ؟
أم أن المرابطين يمثلون اتجاها من اتجاهات أهل السنة . . ؟
ثم إذا كان البغدادي يقول لنا إن هذه الاتجاهات جميعها هي أهل السنة والجماعة فكيف تم جمع هذه الاتجاهات في إطار واحد على الرغم من تباينها . . ؟
إن البغدادي لم يجب على هذا السؤال . كما لم يجبنا لماذا ظهر الأشعري على هذه الاتجاهات جميعا وأصبحت له السيادة في دائرة أهل السنة . . ؟
والاجابة على السؤال الثاني هي نفس الإجابة على السؤال التالي : لماذا ظهر تيار ابن تيمية دون تيارات السنة في العصر الحديث واخترق الحركات الإسلامية وبدا وكأن المسلمين في كل مكان ينطقون بلسانه . . ؟