ذو النفس الزكية
21-09-2008, 06:39 PM
اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين
اما بعد
فهنا ساكمل بعض الادلة على اثبات امامة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وهي ادلة لاصحاب العقول المتفتحة ولا يكذبها الا الناصبي والجاهل العنيد واسال الله الموفقية
1 - بلاغ الغدير بعد أن أدى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حجه الأخير في السنة الحادية عشرة للهجرة ، والتي عرفت ب ( حجة الوداع ) وحضرها معه ما لا يقل عن تسعين ألفا " حسب
أقل ما روي في ذلك، وقبل أن تتفرق هذه الجموع الغفيرة نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند مكان خارج مكة يدعى غدير خم - وهو المكان الذي تتفرق منه الطرق إلى
المدينة ، والشام ، والعراق ، ومصر - قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة / 67 ] . وقد نزلت
هذه الآية في الثامن عشر من ذي الحجة والتي يظهر منها أن الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه بإعلان بلاغ على أثر ذلك بالتوقف ، وخطب فيهم :( أيها الناس ، إني أوشك أن أدعى فأجيب
، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك الله خيرا " . قال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا " عبده
ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك . قال : اللهم اشهد ، ثم قال : أيها الناس، ألا
تسمعون ؟ قالوا : نعم . قال : فإني فرط على الحوض فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين . فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله، والآخر الأصغر عترتي
، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا . ثم أخذ بيد علي فرفعها ، وعرفه القوم أجمعون فقال : أيها الناس
، من أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه - قالها ثلاث مرات - اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ،
( 1 ) الرازي : التفسير الكبير ، الواحدي : أسباب النزول . ( * )
وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ( 1 ) .
ويتلخص تفسير الشيعة لهذه الخطبة بالنقاط التالية :
أ - إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أراد من خطبته هذه أن يوصي الأمة بأمر في غاية الأهمية متعلق بما سيكون عليه المسلمون بعد رحيله لأنه افتتح خطبته بالتلميح بقرب الأجل ( أوشك أن أدعى فأجيب ) .
ب - كانت مقدمة خطبته صلى الله عليه وآله وسلم بتذكير المسلمين بأهم أركان الإيمان وأصول الدين ( التوحيد ، النبوة ، اليوم الآخر ) ، ثم أراد أن يضيف إليها أمرا " جديدا "
بقوله : ( فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين ) . فما معنى إقران أهل البيت عليه السلام بالقرآن ( إنهما لن يفترقا ) إلا إذا كان هذا الأمر ركنا " جديدا " ذا أهمية قصوى ومتعلقا "
بالحساب الأخروي ( حتى يردا علي الحوض ) ، بمعنى أن الناس سيسألون عن تمسكهم بأهل البيت تماما " كما سيسألون عن تمسكهم بالكتاب .
ج - جاءت كلمة ( مولى ) بمعنى أسمى من مجرد المحب والصديق كما يقول المخالفون للشيعة في تفسيرهم لهذا الحديث . فمن المستبعد أن يكون قول الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) يريد به ( من كنت حبيبه وصديقه فهذا علي حبيبه وصديقه ) . فما الجديد في ذلك وقد وردت الكثير من التوجيهات النبوية التي تحض على حب
جميع المؤمنين وموالاتهم بعضهم البعض ؟ وإذا كان هذا هو المعنى المقصود ، فلماذا سيقتصر هذا التوجيه والبلاغ بعلي وحده دون غيره ، فلا بد إذا أن يكون لهذا التخصيص مراد في غاية الأهمية ومنسجم مع أهمية البلاغ والظروف الزمانية والمكانية التي
( 1 ) هذه الخطبة بالنص الذي أوردناه هي مجمل ما أخرجه العشرات من رجال الحديث بألفاظ متعددة ، فراجع صحيح الترمذي ، ج 6 ص 298 ، وسنن ابن ماجة ، ج 1 ص 43 ، ومسند أحمد ج 4 ص 281 ، وصواعق ابن حجر ص 25 ، وخصائص أمير المؤمنين النسائي ص 93 . ( * )
أحاطت به ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) . فجاءت كلمة ( مولى ) لتكون قرينة لكلمة ( أولى ) إشارة لولاية علي عليه السلام على المؤمنين ، وامتدادا " لولاية الرسول ( أنا أولى بهم من أنفسهم ) .
د - ومما يدل على عظمة هذا البلاغ ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) أن الله سبحانه وتعالى أنزل على نبيه بعد الانتهاء من خطبة الغدير وقبول تفرق جموع الحجيج ( 1 ) : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ) [ المائدة / 3 ] .
وما يرتبط أيضا " بولاية علي عليه السلام - حسب اعتقاد الشيعة - قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) ( 2 ) ،
وقوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) [ المائدة / 55 ] . وقد ذكر مفسرو الشيعة وأغلب مفسري أهل السنة أن هذه الآية نزلت في علي عندما تصدق بخاتمه أثناء ركوعه في صلاة غير مفروضة ( 3 ) .
وكذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) [ النساء / 59 ] . فعن علي إنه سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : يا نبي الله من هم ؟ قال : أنت أولهم ( 4 ) .
وعن أبي بصير ، أنه سأل الإمام محمد الباقر عليه السلام عن قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، قال : ( نزلت في علي بن أبي طالب ، قلت : إن
الناس يقولون : فما منعه أن يسمي عليا " وأهل بيته في كتابه ، فقال الباقر عليه السلام : قولوا لهم : إن الله أنزل على رسوله الصلاة ولم يسم ثلاثا " ولا أربعا " حتى كان رسول الله يفسر ذلك ، وأنزل الحج فلم ينزل
( 1 ) السيوطي : الدر المنثور ، الخطيب البغدادي تاريخ بغداد .
( 2 ) صحيح الترمذي ، ج 2 ص 297 .
( 3 ) تفسير الطبري ، أسباب النزول للواحدي ، شواهد التنزيل للحسكاني .
( 4 ) الحسكاني شواهد التنزيل ج 1 ص 148 . ( * )
طوفوا سبعا " حتى فسر لهم ذلك رسول الله ، وأنزل ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ففسرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، إني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يردا علي الحوض ، فأعطاني ذلك ) ( 1 ) .
2 - منزلة هارون : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عندما خلفه على المدينة يوم غزوة تبوك : ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ) ( 2 ) .
والمراد بذلك أن المرتبة التي كانت لعلي من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي نفسها التي كانت لهارون من موسى عليه السلام باستثناء النبوة .
ولكن ما هي هذه المرتبة التي كانت لهارون من موسى ؟ وتجد الإجابة في سياق الآيات التالية : ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) [ الأعراف / 142 ]
( قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا " من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا " * ونذكرك كثيرا " ، إنك كنت بنا بصيرا " ، قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ) [ طه / 25 - 36 ] .
( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا " ، فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا " فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) [ القصص / 34 - 35 ] .
وتتلخص أوجه الشبه بين علي وهارون حسب تفسير الشيعة لذلك الحديث وهذه الآيات بما يلي :
أ - كان هارون أخا " للنبي موسى عليه السلام ، وكذلك كان اعتبار علي من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أخرج الترمذي في صحيحه أنه عندما آخى
( 1 ) المصدر نفسه ، ج 1 ص 150 . ( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، ج 5 ص 492 . ( * )
لرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار ، جاءه علي وسأله : آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنت أخي في
الدنيا والآخرة ) ( 1 ) ، بل إنه وحسب روايات أخرى كان أكثر من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له : ( أنت مني وأنا منك ) ( 2 ) ، ومصداقا " لما جاء في قوله تعالى : ( فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم . . ) [ آل عمران / 61 ] حيث دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند نزول هذه الآية عليا وفاطمة وحسنا " وحسينا " ، فقال : ( اللهم هؤلاء أهلي ) ( 3 ) .
ب - كان هارون وزيرا " وشريكا " لموسى عليه السلام لقوله تعالى على لسان موسى : ( واجعل لي وزيرا " من أهلي هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري ) [ طه /
29 - 31 ] ، وكذلك فقد طلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم العون من أقاربه عند نزول قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ الشعراء / 214 ] حيث جمع النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أقاربه من بني عبد المطلب وكانوا يومئذ أربعين رجلا " ، وقال لهم : ( يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله ( عز وجل ) أن أدعوكم إليه ،
فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم . فسكت القوم ، وأعاد ذلك ، وكلما كان يسكت القوم يقول علي : أنا ، وحتى إذا كانت المرة الثالثة ،
أخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي وقال : ( إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ) ( 4 ) .
وروى الحافظ المحدث أبو نعيم الأصفهاني ، بسنده عن ابن عباس ، أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( اللهم إن موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيك
( 1 ) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب 20 ، ح 3720 .
( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي ، باب 9 .
( 3 ) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب 4 ، ح 32 - ( 2404 ) .
( 4 ) مسند أحمد ج 1 ص 111 ، تاريخ الطبري ج 2 ص 62 - 63 . ( * )
أسألك أن تشرح لي صدري ، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا " من أهلي علي بن أبي طالب أخي ، اشدد به أزري وأشركه في أمري ) ( 1 ) .
ح - كان هارون المفضل عند موسى على جميع بني إسرائيل ليس لكونه أخاه ، وإنما لاتصافه بمزايا تؤهله للقيام بمهام الدعوة والتبليغ والاستخلاف ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ) [ الأعراف / 142 ] ولو لم يكن كذلك لاستحال اختياره .
وهكذا فإن عليا " لا بد وأن يكون كذلك في الأفضلية لنيله واستحقاقه عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم المراتب نفسها التي كانت مستحقة لهارون عند موسى عليه السلام .
ومن كل ما سبق ، فإن ما كان لهارون عند موسى عليه السلام من مراتب الوزارة ، والاستخلاف ، والشراكة ، والأفضلية تنتقل جميعها إلى علي عليه السلام كمراتب خاصة له باستثناء النبوة .
ومن المعلوم أن هارون عليه السلام مات في حياة موسى ولو عاش بعده لكان خليفته ، وحل مكانه يوشع بن نون ( أو اليسع كما ذكر في القرآن ) ( 2 ) كوصي لموسى عليه السلام .
وأما وجه الشبه بين علي ويوشع بن نون فهو كما ذكر المحقق السيد مرتضى العسكري : ( إن يوشع بن نون كان مع موسى في جبل ولم يعبد العجل ، وأمر الله نبيه موسى أن يعينه وصيا
" من بعده لئلا تكون بني إسرائيل كالغنم بلا راع وكان الإمام علي مع النبي في غار حراء ، ولم يعبد صنما " قط وأمر الله نبيه في رجوعه من حجة الوداع أن يعينه بمسمع من الحجيج قائدا " للأمة بعده ، ولا يترك أمته هملا " ، وقد صدع بذلك
( 1 ) الرياض النضرة ، ج 2 ، ص 163 .
( 2 ) ( وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا " وكلا فضلنا على العالمين ) الأنعام : 86 ،
( واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار ) ص : 48 . ( * )
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم . وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال : ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ) ( 1 ) .
3 - باب مدينة العلم والحكمة في الحديث الشريف ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فيأت الباب ) ( 2 ) .
قال الحاكم النيسابوري : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ( البخاري ومسلم ) ولم يخرجاه .
وفي صحيح الترمذي ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) ( 3 ) .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " في علم علي : ( أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ) ( 4 ) ،
وفي صحيح البخاري ، قال عمر بن الخطاب : ( أقرؤنا أبي وأقضانا علي ) ( 5 ) ، ومن البديهي أن يكون الأقضى هو الأعلم بقوانين الشريعة وأحكامها . ولا غرابة في كثرة رجوع الصحابة إليه بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كلما كانت تواجههم معضلة .
ومن ذلك ، ما رواه ابن عباس قال : ( أتي عمر بمجنونة قد زنت ، فاستشار فيها أناسا " ، فأمر بها عمر أن ترجم ، فمر بها على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : ما شأن هذه ؟
قالوا : مجنونة بني فلان زنت . فأمر بها عمر أن ترجم فقال : ارجعوا بها ، ثم أتاه وقال : يا عمر أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة ، عن المجنون حتى يبرأ ، وعن النائم حتى يستيقظ
، وعن الصبي حتى يعقل ؟ قال : بلى . قال : فما بال هذه ترجم ؟ قال : لا شئ ، قال : فأرسلها . قال ابن عباس :
( 1 ) مرتضى العسكري ، معالم المدرستين ، ج 1 ص 292 ، ط 5 .
( 2 ) المستدرك على الصحيحين ، ج 3 ص 126 .
( 3 ) صحيح الترمذي ج 2 ص 299 .
( 4 ) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 122 .
( 5 ) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، ج 6 ص 10 . ( * )
فجعل عمر يكبر ( 1 ) . وقد أخرج البخاري هذه الرواية مبتورة ( 2 ) .
ومن ذلك أيضا " عندما أمر عمر برجم امرأة حامل زنت ، فقال له علي : وما سلطانك على ما في بطنها ؟ وقد كان عمر يقول تكرارا " كلما كان يجيبه علي عليه السلام عما يسأله ليفرج عنه : ( لولا علي لهلك عمر ) .
وقوله : ( لا أبقاني الله بعدك يا علي ) ( 3 ) .
وقوله : ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس علي فيها ) ( 4 ) .
وإذا كانت صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تعتبر شرفا " وعلو منزلة ، فإن عليا " عليه السلام لم يفارق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته . فمنذ صغره قبل البعثة وقد
أصاب قريش أزمة شديدة ، وكان أبو طالب كثير العيال ، فأخذ العباس جعفرا " ليخفف عنه ، وأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا " ، فكان أول من اتبعه وصدقه عندما بعثه الله نبيا
" ويقول علي عليه السلام في ذلك : ( وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره
، ويكنفني فراشه ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشئ فيلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ) . . . إلى قوله : ( ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ،
يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما " ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة )( 5 ) .
ويقول أيضا " : ( وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته ) ( 6 ) .
( 1 ) سنن أبي داود ، باب المجنون يسرق أو يصيب أحدا " .
( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب المحاربين ، باب لا يرجم المجنون والمجنونة .
( 3 ) ابن حجر ، الصواعق المحرقة ، ص 107 .
( 4 ) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج 17 ص 105 .
( 5 ) نهج البلاغة ، الخطبة رقم 190 ، ج 2 ص 182 - 184 .
( 6 ) المصدر نفسه ، الخطبة رقم 208 . ( * )
وقد كان علي عليه السلام فعلا " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم باب لمدينة علمه حيث كان يقول : ( علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب من العلم ، وتشعب لي من كل باب ألف باب ) ( 1 ) ،
وكان يقول تكرارا " : ( سلوني قبل أن تفقدوني . . . والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت ) ( 2 ) .
وفي قول آخر : ( فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل . . . ) ( 3 )
وروى ابن عساكر عن سعيد بن المسيب ، قال : ( لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( سلوني ) إلا علي ) ( 4 ) .
4 - ميزان الإيمان :
في صحيح مسلم ، قال علي عليه السلام : ( والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ) ( 5 ) .
وعن أم سلمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يحب عليا " منافق ولا يبغضه مؤمن ) ( 6 ) .
وقال أبو سعيد الأنصاري : ( إنا كنا لنعرف المنافقين - نحن معشر الأنصار - ببغضهم علي بن أبي طالب ) ( 7 ) ،
وعن أبي ذر الغفاري قال : ( ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب ) ( 8 ) .
( 1 ) كنز العمال ، ج 6 ص 392 .
( 2 ) البلاذري : أنساب الأشراف ج 1 ص 98 .
( 3 ) ابن سعد : الطبقات الكبرى ج 2 ص 101 .
( 4 ) ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق ج 2 ص 24 ، رقم 1045 .
( 5 ) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب حب علي كرم الله وجهه ، ج 1 ص 262 .
( 6 ) صحيح الترمذي ، ج 2 ص 299 .
( 7 ) المصدر نفسه
( 8 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 129، وقال ( الحاكم ) : هذا الحديث صحيح على شرط مسلم .( * )
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من يريد أن يحيى حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ) ( 1 ) .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك ) ( 2 ) ،
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( إن الأمة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملتي ، وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ) ( 3 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( من سب عليا " فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله تعالى ) ( 4 ) .
5 - عديل الحق والقرآن :
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) ( 5 ) ،
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( علي مع الحق والحق معه ، يدور الحق معه حيث دار ) ( 6 ) .
ومن الواضح أن هذه الأحاديث منسجمة في معناها مع حديث الثقلين الذي مر سابقا " . في صفحات هذا الكتاب .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن منكم من يقاتل على تأويله ( القرآن ) كما قاتلت على تنزيله ) . قال أبو سعيد الخدري : فقام أبو بكر وعمر . فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا ، ولكن خاصف النعل . وكان علي يخصف نعله ) ( 7 )
وقد فهم مفسرو القرآن من الشيعة من هذا الحديث أن الآية : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) [ آل عمران / 7 ] نزلت في أهل البيت عليه السلام .
( 1 ) المصدر نفسه ج 3 ص 128 ، وقال ( الحاكم ) : هذا الحديث صحيح الإسناد .
( 2 ) المصدر نفسه ج 3 ص 135 ، حديث صحيح الإسناد .
( 3 ) المصدر نفسه ، ج 3 ص 142 .
( 4 ) المصدر نفسه ، ج 3 ص 121 .
( 5 ) المصدر نفسه ج 3 ص 124 .
( 6 ) الهيثمي : مجمع الزوائد ج 7 ص 234 .
( 7 ) مسند أحمد ج 3 ص 34 . ( * )
الحمد لله اللذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
اخواني اهل السنة ماذا تنتظرون بعد هذه الادلة الم يحن الوقت الى ان تلتحقوا بالاسلام المحمدي العلوي الحسني الحسيني وتتركوا سنة معاوية وابنائه
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون
اما بعد
فهنا ساكمل بعض الادلة على اثبات امامة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وهي ادلة لاصحاب العقول المتفتحة ولا يكذبها الا الناصبي والجاهل العنيد واسال الله الموفقية
1 - بلاغ الغدير بعد أن أدى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حجه الأخير في السنة الحادية عشرة للهجرة ، والتي عرفت ب ( حجة الوداع ) وحضرها معه ما لا يقل عن تسعين ألفا " حسب
أقل ما روي في ذلك، وقبل أن تتفرق هذه الجموع الغفيرة نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند مكان خارج مكة يدعى غدير خم - وهو المكان الذي تتفرق منه الطرق إلى
المدينة ، والشام ، والعراق ، ومصر - قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ المائدة / 67 ] . وقد نزلت
هذه الآية في الثامن عشر من ذي الحجة والتي يظهر منها أن الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه بإعلان بلاغ على أثر ذلك بالتوقف ، وخطب فيهم :( أيها الناس ، إني أوشك أن أدعى فأجيب
، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجاهدت ، فجزاك الله خيرا " . قال : ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا " عبده
ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : بلى نشهد بذلك . قال : اللهم اشهد ، ثم قال : أيها الناس، ألا
تسمعون ؟ قالوا : نعم . قال : فإني فرط على الحوض فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين . فنادى مناد : وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال : الثقل الأكبر كتاب الله، والآخر الأصغر عترتي
، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا . ثم أخذ بيد علي فرفعها ، وعرفه القوم أجمعون فقال : أيها الناس
، من أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : إن الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه - قالها ثلاث مرات - اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه ، وأبغض من أبغضه ،
( 1 ) الرازي : التفسير الكبير ، الواحدي : أسباب النزول . ( * )
وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ) ( 1 ) .
ويتلخص تفسير الشيعة لهذه الخطبة بالنقاط التالية :
أ - إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أراد من خطبته هذه أن يوصي الأمة بأمر في غاية الأهمية متعلق بما سيكون عليه المسلمون بعد رحيله لأنه افتتح خطبته بالتلميح بقرب الأجل ( أوشك أن أدعى فأجيب ) .
ب - كانت مقدمة خطبته صلى الله عليه وآله وسلم بتذكير المسلمين بأهم أركان الإيمان وأصول الدين ( التوحيد ، النبوة ، اليوم الآخر ) ، ثم أراد أن يضيف إليها أمرا " جديدا "
بقوله : ( فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين ) . فما معنى إقران أهل البيت عليه السلام بالقرآن ( إنهما لن يفترقا ) إلا إذا كان هذا الأمر ركنا " جديدا " ذا أهمية قصوى ومتعلقا "
بالحساب الأخروي ( حتى يردا علي الحوض ) ، بمعنى أن الناس سيسألون عن تمسكهم بأهل البيت تماما " كما سيسألون عن تمسكهم بالكتاب .
ج - جاءت كلمة ( مولى ) بمعنى أسمى من مجرد المحب والصديق كما يقول المخالفون للشيعة في تفسيرهم لهذا الحديث . فمن المستبعد أن يكون قول الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) يريد به ( من كنت حبيبه وصديقه فهذا علي حبيبه وصديقه ) . فما الجديد في ذلك وقد وردت الكثير من التوجيهات النبوية التي تحض على حب
جميع المؤمنين وموالاتهم بعضهم البعض ؟ وإذا كان هذا هو المعنى المقصود ، فلماذا سيقتصر هذا التوجيه والبلاغ بعلي وحده دون غيره ، فلا بد إذا أن يكون لهذا التخصيص مراد في غاية الأهمية ومنسجم مع أهمية البلاغ والظروف الزمانية والمكانية التي
( 1 ) هذه الخطبة بالنص الذي أوردناه هي مجمل ما أخرجه العشرات من رجال الحديث بألفاظ متعددة ، فراجع صحيح الترمذي ، ج 6 ص 298 ، وسنن ابن ماجة ، ج 1 ص 43 ، ومسند أحمد ج 4 ص 281 ، وصواعق ابن حجر ص 25 ، وخصائص أمير المؤمنين النسائي ص 93 . ( * )
أحاطت به ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) . فجاءت كلمة ( مولى ) لتكون قرينة لكلمة ( أولى ) إشارة لولاية علي عليه السلام على المؤمنين ، وامتدادا " لولاية الرسول ( أنا أولى بهم من أنفسهم ) .
د - ومما يدل على عظمة هذا البلاغ ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) أن الله سبحانه وتعالى أنزل على نبيه بعد الانتهاء من خطبة الغدير وقبول تفرق جموع الحجيج ( 1 ) : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ) [ المائدة / 3 ] .
وما يرتبط أيضا " بولاية علي عليه السلام - حسب اعتقاد الشيعة - قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) ( 2 ) ،
وقوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) [ المائدة / 55 ] . وقد ذكر مفسرو الشيعة وأغلب مفسري أهل السنة أن هذه الآية نزلت في علي عندما تصدق بخاتمه أثناء ركوعه في صلاة غير مفروضة ( 3 ) .
وكذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) [ النساء / 59 ] . فعن علي إنه سأل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : يا نبي الله من هم ؟ قال : أنت أولهم ( 4 ) .
وعن أبي بصير ، أنه سأل الإمام محمد الباقر عليه السلام عن قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ، قال : ( نزلت في علي بن أبي طالب ، قلت : إن
الناس يقولون : فما منعه أن يسمي عليا " وأهل بيته في كتابه ، فقال الباقر عليه السلام : قولوا لهم : إن الله أنزل على رسوله الصلاة ولم يسم ثلاثا " ولا أربعا " حتى كان رسول الله يفسر ذلك ، وأنزل الحج فلم ينزل
( 1 ) السيوطي : الدر المنثور ، الخطيب البغدادي تاريخ بغداد .
( 2 ) صحيح الترمذي ، ج 2 ص 297 .
( 3 ) تفسير الطبري ، أسباب النزول للواحدي ، شواهد التنزيل للحسكاني .
( 4 ) الحسكاني شواهد التنزيل ج 1 ص 148 . ( * )
طوفوا سبعا " حتى فسر لهم ذلك رسول الله ، وأنزل ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ففسرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، إني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يردا علي الحوض ، فأعطاني ذلك ) ( 1 ) .
2 - منزلة هارون : قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عندما خلفه على المدينة يوم غزوة تبوك : ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ) ( 2 ) .
والمراد بذلك أن المرتبة التي كانت لعلي من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي نفسها التي كانت لهارون من موسى عليه السلام باستثناء النبوة .
ولكن ما هي هذه المرتبة التي كانت لهارون من موسى ؟ وتجد الإجابة في سياق الآيات التالية : ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) [ الأعراف / 142 ]
( قال رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا " من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا " * ونذكرك كثيرا " ، إنك كنت بنا بصيرا " ، قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ) [ طه / 25 - 36 ] .
( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا " ، فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا " فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) [ القصص / 34 - 35 ] .
وتتلخص أوجه الشبه بين علي وهارون حسب تفسير الشيعة لذلك الحديث وهذه الآيات بما يلي :
أ - كان هارون أخا " للنبي موسى عليه السلام ، وكذلك كان اعتبار علي من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، كما أخرج الترمذي في صحيحه أنه عندما آخى
( 1 ) المصدر نفسه ، ج 1 ص 150 . ( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، ج 5 ص 492 . ( * )
لرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار ، جاءه علي وسأله : آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنت أخي في
الدنيا والآخرة ) ( 1 ) ، بل إنه وحسب روايات أخرى كان أكثر من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم له : ( أنت مني وأنا منك ) ( 2 ) ، ومصداقا " لما جاء في قوله تعالى : ( فمن
حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعو أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم . . ) [ آل عمران / 61 ] حيث دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند نزول هذه الآية عليا وفاطمة وحسنا " وحسينا " ، فقال : ( اللهم هؤلاء أهلي ) ( 3 ) .
ب - كان هارون وزيرا " وشريكا " لموسى عليه السلام لقوله تعالى على لسان موسى : ( واجعل لي وزيرا " من أهلي هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري ) [ طه /
29 - 31 ] ، وكذلك فقد طلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم العون من أقاربه عند نزول قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [ الشعراء / 214 ] حيث جمع النبي صلى الله عليه
وآله وسلم أقاربه من بني عبد المطلب وكانوا يومئذ أربعين رجلا " ، وقال لهم : ( يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله ( عز وجل ) أن أدعوكم إليه ،
فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم . فسكت القوم ، وأعاد ذلك ، وكلما كان يسكت القوم يقول علي : أنا ، وحتى إذا كانت المرة الثالثة ،
أخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بيد علي وقال : ( إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ) ( 4 ) .
وروى الحافظ المحدث أبو نعيم الأصفهاني ، بسنده عن ابن عباس ، أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( اللهم إن موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيك
( 1 ) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب 20 ، ح 3720 .
( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي ، باب 9 .
( 3 ) صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب 4 ، ح 32 - ( 2404 ) .
( 4 ) مسند أحمد ج 1 ص 111 ، تاريخ الطبري ج 2 ص 62 - 63 . ( * )
أسألك أن تشرح لي صدري ، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا " من أهلي علي بن أبي طالب أخي ، اشدد به أزري وأشركه في أمري ) ( 1 ) .
ح - كان هارون المفضل عند موسى على جميع بني إسرائيل ليس لكونه أخاه ، وإنما لاتصافه بمزايا تؤهله للقيام بمهام الدعوة والتبليغ والاستخلاف ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ) [ الأعراف / 142 ] ولو لم يكن كذلك لاستحال اختياره .
وهكذا فإن عليا " لا بد وأن يكون كذلك في الأفضلية لنيله واستحقاقه عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم المراتب نفسها التي كانت مستحقة لهارون عند موسى عليه السلام .
ومن كل ما سبق ، فإن ما كان لهارون عند موسى عليه السلام من مراتب الوزارة ، والاستخلاف ، والشراكة ، والأفضلية تنتقل جميعها إلى علي عليه السلام كمراتب خاصة له باستثناء النبوة .
ومن المعلوم أن هارون عليه السلام مات في حياة موسى ولو عاش بعده لكان خليفته ، وحل مكانه يوشع بن نون ( أو اليسع كما ذكر في القرآن ) ( 2 ) كوصي لموسى عليه السلام .
وأما وجه الشبه بين علي ويوشع بن نون فهو كما ذكر المحقق السيد مرتضى العسكري : ( إن يوشع بن نون كان مع موسى في جبل ولم يعبد العجل ، وأمر الله نبيه موسى أن يعينه وصيا
" من بعده لئلا تكون بني إسرائيل كالغنم بلا راع وكان الإمام علي مع النبي في غار حراء ، ولم يعبد صنما " قط وأمر الله نبيه في رجوعه من حجة الوداع أن يعينه بمسمع من الحجيج قائدا " للأمة بعده ، ولا يترك أمته هملا " ، وقد صدع بذلك
( 1 ) الرياض النضرة ، ج 2 ، ص 163 .
( 2 ) ( وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا " وكلا فضلنا على العالمين ) الأنعام : 86 ،
( واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار ) ص : 48 . ( * )
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم . وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال : ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ) ( 1 ) .
3 - باب مدينة العلم والحكمة في الحديث الشريف ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فيأت الباب ) ( 2 ) .
قال الحاكم النيسابوري : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ( البخاري ومسلم ) ولم يخرجاه .
وفي صحيح الترمذي ، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) ( 3 ) .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " في علم علي : ( أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي ) ( 4 ) ،
وفي صحيح البخاري ، قال عمر بن الخطاب : ( أقرؤنا أبي وأقضانا علي ) ( 5 ) ، ومن البديهي أن يكون الأقضى هو الأعلم بقوانين الشريعة وأحكامها . ولا غرابة في كثرة رجوع الصحابة إليه بعد رحيل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كلما كانت تواجههم معضلة .
ومن ذلك ، ما رواه ابن عباس قال : ( أتي عمر بمجنونة قد زنت ، فاستشار فيها أناسا " ، فأمر بها عمر أن ترجم ، فمر بها على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : ما شأن هذه ؟
قالوا : مجنونة بني فلان زنت . فأمر بها عمر أن ترجم فقال : ارجعوا بها ، ثم أتاه وقال : يا عمر أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة ، عن المجنون حتى يبرأ ، وعن النائم حتى يستيقظ
، وعن الصبي حتى يعقل ؟ قال : بلى . قال : فما بال هذه ترجم ؟ قال : لا شئ ، قال : فأرسلها . قال ابن عباس :
( 1 ) مرتضى العسكري ، معالم المدرستين ، ج 1 ص 292 ، ط 5 .
( 2 ) المستدرك على الصحيحين ، ج 3 ص 126 .
( 3 ) صحيح الترمذي ج 2 ص 299 .
( 4 ) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 122 .
( 5 ) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، ج 6 ص 10 . ( * )
فجعل عمر يكبر ( 1 ) . وقد أخرج البخاري هذه الرواية مبتورة ( 2 ) .
ومن ذلك أيضا " عندما أمر عمر برجم امرأة حامل زنت ، فقال له علي : وما سلطانك على ما في بطنها ؟ وقد كان عمر يقول تكرارا " كلما كان يجيبه علي عليه السلام عما يسأله ليفرج عنه : ( لولا علي لهلك عمر ) .
وقوله : ( لا أبقاني الله بعدك يا علي ) ( 3 ) .
وقوله : ( لا أبقاني الله لمعضلة ليس علي فيها ) ( 4 ) .
وإذا كانت صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تعتبر شرفا " وعلو منزلة ، فإن عليا " عليه السلام لم يفارق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته . فمنذ صغره قبل البعثة وقد
أصاب قريش أزمة شديدة ، وكان أبو طالب كثير العيال ، فأخذ العباس جعفرا " ليخفف عنه ، وأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا " ، فكان أول من اتبعه وصدقه عندما بعثه الله نبيا
" ويقول علي عليه السلام في ذلك : ( وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمني إلى صدره
، ويكنفني فراشه ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشئ فيلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ) . . . إلى قوله : ( ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ،
يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما " ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة )( 5 ) .
ويقول أيضا " : ( وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته ) ( 6 ) .
( 1 ) سنن أبي داود ، باب المجنون يسرق أو يصيب أحدا " .
( 2 ) صحيح البخاري ، كتاب المحاربين ، باب لا يرجم المجنون والمجنونة .
( 3 ) ابن حجر ، الصواعق المحرقة ، ص 107 .
( 4 ) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، ج 17 ص 105 .
( 5 ) نهج البلاغة ، الخطبة رقم 190 ، ج 2 ص 182 - 184 .
( 6 ) المصدر نفسه ، الخطبة رقم 208 . ( * )
وقد كان علي عليه السلام فعلا " بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم باب لمدينة علمه حيث كان يقول : ( علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب من العلم ، وتشعب لي من كل باب ألف باب ) ( 1 ) ،
وكان يقول تكرارا " : ( سلوني قبل أن تفقدوني . . . والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت ) ( 2 ) .
وفي قول آخر : ( فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل . . . ) ( 3 )
وروى ابن عساكر عن سعيد بن المسيب ، قال : ( لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( سلوني ) إلا علي ) ( 4 ) .
4 - ميزان الإيمان :
في صحيح مسلم ، قال علي عليه السلام : ( والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ) ( 5 ) .
وعن أم سلمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يحب عليا " منافق ولا يبغضه مؤمن ) ( 6 ) .
وقال أبو سعيد الأنصاري : ( إنا كنا لنعرف المنافقين - نحن معشر الأنصار - ببغضهم علي بن أبي طالب ) ( 7 ) ،
وعن أبي ذر الغفاري قال : ( ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب ) ( 8 ) .
( 1 ) كنز العمال ، ج 6 ص 392 .
( 2 ) البلاذري : أنساب الأشراف ج 1 ص 98 .
( 3 ) ابن سعد : الطبقات الكبرى ج 2 ص 101 .
( 4 ) ترجمة الإمام علي من تاريخ مدينة دمشق ج 2 ص 24 ، رقم 1045 .
( 5 ) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب حب علي كرم الله وجهه ، ج 1 ص 262 .
( 6 ) صحيح الترمذي ، ج 2 ص 299 .
( 7 ) المصدر نفسه
( 8 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 129، وقال ( الحاكم ) : هذا الحديث صحيح على شرط مسلم .( * )
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من يريد أن يحيى حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فليتول علي بن أبي طالب فإنه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة ) ( 1 ) .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك ) ( 2 ) ،
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( إن الأمة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملتي ، وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ) ( 3 ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( من سب عليا " فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله تعالى ) ( 4 ) .
5 - عديل الحق والقرآن :
قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) ( 5 ) ،
وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضا " : ( علي مع الحق والحق معه ، يدور الحق معه حيث دار ) ( 6 ) .
ومن الواضح أن هذه الأحاديث منسجمة في معناها مع حديث الثقلين الذي مر سابقا " . في صفحات هذا الكتاب .
وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن منكم من يقاتل على تأويله ( القرآن ) كما قاتلت على تنزيله ) . قال أبو سعيد الخدري : فقام أبو بكر وعمر . فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا ، ولكن خاصف النعل . وكان علي يخصف نعله ) ( 7 )
وقد فهم مفسرو القرآن من الشيعة من هذا الحديث أن الآية : ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) [ آل عمران / 7 ] نزلت في أهل البيت عليه السلام .
( 1 ) المصدر نفسه ج 3 ص 128 ، وقال ( الحاكم ) : هذا الحديث صحيح الإسناد .
( 2 ) المصدر نفسه ج 3 ص 135 ، حديث صحيح الإسناد .
( 3 ) المصدر نفسه ، ج 3 ص 142 .
( 4 ) المصدر نفسه ، ج 3 ص 121 .
( 5 ) المصدر نفسه ج 3 ص 124 .
( 6 ) الهيثمي : مجمع الزوائد ج 7 ص 234 .
( 7 ) مسند أحمد ج 3 ص 34 . ( * )
الحمد لله اللذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله
اخواني اهل السنة ماذا تنتظرون بعد هذه الادلة الم يحن الوقت الى ان تلتحقوا بالاسلام المحمدي العلوي الحسني الحسيني وتتركوا سنة معاوية وابنائه
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون
اللهم اهدي القوم فانهم لا يعلمون