دلال
28-09-2008, 03:19 AM
إخواني أخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سنضع في هذه المشاركة شرح للحكم الواردة بنهج البلاغة ابتداءً من حرف (الألف)
أزرى بنفسه من استشعر الطّمع ، و رضي بالذّلّ من كشف ضرّه [ عن ضرّه ] ، و هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه . 1
هذه ثلاثة فصول :
الأوّل في الطمع :
« أزرى بنفسه » ، أي حقّرها و قصّر بها . « استشعر الطمع » ، أي جعله شعاره أي لازمه .
و في الحديث : الطمع الفقر الحاضر . 2 و كان يقال : أكثر مصارع الألباب تحت ظلال الطمع . 3
الثاني في الشكوى :
« من كشف ضرّه » ، أي شكى إلى الناس بؤسه و فقره . و في معناه :
لا تشكونّ إلى أحد فإنّه إن كان عدوّا سرّه ، و إن كان صديقا ساءه ،
و ليست مسرّة العدوّ و لا مساءة الصديق بمحمودة .
الثالث في حفظ اللسان
و قد ورد فيه ما لا يحصى منها : سلامة الإنسان في حفظ اللسان ، و منها : ربّ كلمة سفكت دما ، و أورثت ندما . قال الشاعر :
يموت الفتى من عثرة بلسانه
و ليس يموت المرء من عثرة الرجل
-----------
( 1 ) نهج البلاغة ، الحكمة 2 .
( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 18 85 .
( 3 ) نفس المصدر 18 84 . و في نهج البلاغة ، الحكمة 219 : أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع .
أشرف الغنى ترك المنى . 1
المنى : جمع منيّة بمعنى التمنّي . و ظاهر أنّ ترك المنى يستلزم القناعة و استلزامها للغنى النفسانيّ و عدم الحاجة ظاهر .
احذروا صولة الكريم إذا جاع ، و اللّئيم إذا شبع . 2
يراد بالكريم شريف النفس ، ذو الهمّة العليّة ، و بجوعه ضميمه ،
و امتهانه ، و شدّة حاجته . و ذلك مستلزم لثوران غضبه و حميّته عند عدم التفات الناس إليه ، و شبع اللئيم كناية عن غناه و عدم حاجته .
و ذلك يستلزم تمرّده و أذيّته لمن كان تحت يده ، و من يحتاج إليه من الناس ، فربما كان جوعه سببا لتغيّر أخلاقه و تجويدها ، و نحن شاهدنا ذلك كثيرا .
-----------
1 نهج البلاغة ، الحكمتين 34 و 211 .
2 المصدر ، الحكمة 49 .
أولى النّاس بالعفو أقدرهم بالعقوبة [ على العقوبة ] . 1
قالت الحكماء : ينبغي للإنسان إذا عاقب من يستحقّ العقوبة ، أن لا يكون سبعا في انتقامه ، و أن لا يعاقب حتّى يزول سلطان غضبه ، لئلاّ يقدم على ما لا يجوز ، و لذلك جرت سنّة السلطان بحبس المجرم حتّى ينظر في جرمه ، و يعيد النظر فيه . 2
و قالوا أيضا : لذّة العفو أطيب من لذّة التشفّي و الإنتقام ، لأنّ لذّة العفو يشفعها حميد العاقبة ، و لذّة الانتقام يتّبعها ألم الندم . و قالوا :
و العقوبة ألأم حالات ذي القدرة و أدناها ، و هي طرف من الجزع
إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكم [ الحكمة خ ل ] . 3
النفوس قد يقع لها انصراف عن العلم الواحد و ملال للنظر فيه بسبب مشابهة بعض أجزائه لبعض ، فإذا اطلعت النفس على بعضه قاست 4 ما لم تعلم منه على ما علمت و لم يكن الباقي عندها من الغريب لتلتذّ به و تدوم النظر فيه ، أو المراد أنّ القلوب تملّ من الأنظار العقليّة ، في البراهين الكلاميّة على التوحيد و العدل ، فعند ذلك فابتغوا لها طرائف الحكمة ، أي الأمثال الحكميّة الراجعة إلى الحكمة العملية ،
مثل مدح الصبر ، و الشجاعة ، و الزهد ، و العفّة ، و ذمّ الغضب ، و الشهوة ،
و الهوى ، و ما يرجع إلى سياسة الإنسان نفسه ، و ولده ، و منزله ، و صديقه ، و نحو ذلك .
========
(1) نفس المصدر ، الحكمة 52
(2) شرح ابن أبي الحديد 18 183
( 3 ) المصدر ، الحكمة 91 .
( 4 ) من القياس . منه ( ره ) .
والله يعطيكم العافية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سنضع في هذه المشاركة شرح للحكم الواردة بنهج البلاغة ابتداءً من حرف (الألف)
أزرى بنفسه من استشعر الطّمع ، و رضي بالذّلّ من كشف ضرّه [ عن ضرّه ] ، و هانت عليه نفسه من أمّر عليها لسانه . 1
هذه ثلاثة فصول :
الأوّل في الطمع :
« أزرى بنفسه » ، أي حقّرها و قصّر بها . « استشعر الطمع » ، أي جعله شعاره أي لازمه .
و في الحديث : الطمع الفقر الحاضر . 2 و كان يقال : أكثر مصارع الألباب تحت ظلال الطمع . 3
الثاني في الشكوى :
« من كشف ضرّه » ، أي شكى إلى الناس بؤسه و فقره . و في معناه :
لا تشكونّ إلى أحد فإنّه إن كان عدوّا سرّه ، و إن كان صديقا ساءه ،
و ليست مسرّة العدوّ و لا مساءة الصديق بمحمودة .
الثالث في حفظ اللسان
و قد ورد فيه ما لا يحصى منها : سلامة الإنسان في حفظ اللسان ، و منها : ربّ كلمة سفكت دما ، و أورثت ندما . قال الشاعر :
يموت الفتى من عثرة بلسانه
و ليس يموت المرء من عثرة الرجل
-----------
( 1 ) نهج البلاغة ، الحكمة 2 .
( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 18 85 .
( 3 ) نفس المصدر 18 84 . و في نهج البلاغة ، الحكمة 219 : أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع .
أشرف الغنى ترك المنى . 1
المنى : جمع منيّة بمعنى التمنّي . و ظاهر أنّ ترك المنى يستلزم القناعة و استلزامها للغنى النفسانيّ و عدم الحاجة ظاهر .
احذروا صولة الكريم إذا جاع ، و اللّئيم إذا شبع . 2
يراد بالكريم شريف النفس ، ذو الهمّة العليّة ، و بجوعه ضميمه ،
و امتهانه ، و شدّة حاجته . و ذلك مستلزم لثوران غضبه و حميّته عند عدم التفات الناس إليه ، و شبع اللئيم كناية عن غناه و عدم حاجته .
و ذلك يستلزم تمرّده و أذيّته لمن كان تحت يده ، و من يحتاج إليه من الناس ، فربما كان جوعه سببا لتغيّر أخلاقه و تجويدها ، و نحن شاهدنا ذلك كثيرا .
-----------
1 نهج البلاغة ، الحكمتين 34 و 211 .
2 المصدر ، الحكمة 49 .
أولى النّاس بالعفو أقدرهم بالعقوبة [ على العقوبة ] . 1
قالت الحكماء : ينبغي للإنسان إذا عاقب من يستحقّ العقوبة ، أن لا يكون سبعا في انتقامه ، و أن لا يعاقب حتّى يزول سلطان غضبه ، لئلاّ يقدم على ما لا يجوز ، و لذلك جرت سنّة السلطان بحبس المجرم حتّى ينظر في جرمه ، و يعيد النظر فيه . 2
و قالوا أيضا : لذّة العفو أطيب من لذّة التشفّي و الإنتقام ، لأنّ لذّة العفو يشفعها حميد العاقبة ، و لذّة الانتقام يتّبعها ألم الندم . و قالوا :
و العقوبة ألأم حالات ذي القدرة و أدناها ، و هي طرف من الجزع
إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكم [ الحكمة خ ل ] . 3
النفوس قد يقع لها انصراف عن العلم الواحد و ملال للنظر فيه بسبب مشابهة بعض أجزائه لبعض ، فإذا اطلعت النفس على بعضه قاست 4 ما لم تعلم منه على ما علمت و لم يكن الباقي عندها من الغريب لتلتذّ به و تدوم النظر فيه ، أو المراد أنّ القلوب تملّ من الأنظار العقليّة ، في البراهين الكلاميّة على التوحيد و العدل ، فعند ذلك فابتغوا لها طرائف الحكمة ، أي الأمثال الحكميّة الراجعة إلى الحكمة العملية ،
مثل مدح الصبر ، و الشجاعة ، و الزهد ، و العفّة ، و ذمّ الغضب ، و الشهوة ،
و الهوى ، و ما يرجع إلى سياسة الإنسان نفسه ، و ولده ، و منزله ، و صديقه ، و نحو ذلك .
========
(1) نفس المصدر ، الحكمة 52
(2) شرح ابن أبي الحديد 18 183
( 3 ) المصدر ، الحكمة 91 .
( 4 ) من القياس . منه ( ره ) .
والله يعطيكم العافية