سيهاتي 1
28-09-2008, 09:06 AM
من كرامات الإمام الرضا (عليه السلام)
"الإمام الرؤوف"
المريضة المعافاة .. زهراء المنصوري
من مدينة خُرَّم آباد
الحالة المرضيّة .. سكتة قلبيّه
تاريخ الشفاء .. تموز 1987،
هجموا عليها، قبضوا على يديها ورجليها، صرخَتْ،
اتركوني!
لكنّهم لم يتركوها، أمسكوها بقوّة، تكاد تختنق ، قالت بتوسّل،
لخاطر الله، اتركوني!
انهالت عليها ضربات شديدة مبرِّحة، الأوجاع في كلّ مكان، أشدّ الأوجاع في يدها اليمنى وفي الكتف، لا تقوى على الحركة، جرّبت أن تتحرّك، فأخفقت، تحاملت لتجرّب مرّة أخرى، لكن بلا جدوى،
المتلفّعون بالسواد كانوا يقبضون عليها بعنف، بكت منتحبة، نحيبها يختلط بأصوات المتلفّعين بالسواد العابثة وهم يضحكون، إنّهم يدورون حولها في رقصة بغيضة هازئة، وراحت تتملاّهم ببصرها، غارقون في السواد، حتّى وجوههم مقنّعة بالأسود،
مَن يكون هؤلاء ؟!
وانتفضت من نومها مرعوبة، الألم يمور في كتفها الأيمن، همّت أن تقوم، لم تستطع، الألم يتمشّى ثقيلاً كريهاً من كتفها إلى أطراف الأصابع، ثمّ ينعطف سارياً إلى رقبتها حتّى استولى منها على الوجه، راحت تتلوّى من الألم، وأطلقت صوتها بالصراخ، جاءها صوت من باحة الدار، وتناهى إلى سمعها وقعُ أقدام مرتبكة ترتقي السلّم على عجل، دخل الغرفة شبح رجل، صرخت،
إلحقْني!
ركض إليها الرجل، وطوّق بيده رأسها برفق،
ماذا بك يا زهراء ؟!
انفجرت تبكي، أمسك بها الرجل من عَضُدَيها ليُنهضها، صرخت تتلوّى من الألم، الألم في كل مكان، هرع الرجل إلى خارج الدار، وبعد أمد، حضر ومعه أمّها والطبيب، المرأة عيناها شابحتان، نصف وجهها بدون حسّ ولا حركة، فمها أمالته لقوة شلل، وفقدت السيطرة على نصف بدنها الأيمن، ضربت أمّها كفّاً على كفّ قائلة،
لا حول ولا قوّة إلاّ بالله!
الطبيب منهمك بالفحص، وبعد دقائق خرج من الغرفة، وخرج معه الرجل، الأمّ جالسة عندها، تختضنها، وتحرّك شفتيها بالدعاء، عاد الرجل، فقرأت الأمّ على ملامحه علامات الحزن والأسى، سألته،
ماذا قال ؟
مشى الرجل باتّجاه النافذة مُديراً ظهره للأمّ، وغارزاً أصابع كفَّيه بشعر رأسه،
يجب أن نأخذها إلى المستشفى، اتّصلتُ هاتفياً، لتأتي سيّارة الإسعاف،
لطمت الأمّ وجهها، نَدّت منها شبه صيحة،
لأيّ شيء ؟! ما الذي نزل بها ؟!
استدار الرجل، وسمعته الأمّ في استدارته يقول،
سكتة،
ضربت الأم جبينها بيدها، وقالت مستعبرة،
أيّها الإمام الرضا،
وفي تلك اللحظة كان صوت سيارة الإسعاف يُسمع من بعيد،
عباس! عباس!
تقلّب في مكانه، وبعد لأي، فتح عينيه الغافيتين،
هـ ،، ا ،،ا ،،ا،
جلست الأمّ في قباله،
رأيتُ رؤيا يا عباس، رؤيا عجيبة،
قعد في مكانه نصف قعدة، ونظر إلى الأمّ بعينين ما يزال يخامرهما النوم،
ها ماما، ماذا رأيت ؟
في الطّيف رأيت زهراء هربت من المستشفى، فأخذناها وأرجعناها إلى المستشفى بالقوّة، وهي لا تسكت عن التوسّل والصياح،
خذوني إلى مشهد،، خذوني إلى مشهد،
فرك عباس عينيه، وأخذت الأمَّ حالةُ بكاء، سترت وجهها بكفّيها باكية، وخلال بكائها سمعها عباس تغمغم،
أنا متأكّدة أنّ شفاءها بيد الإمام الرضا عليه السّلام،
ثمّ كشفت وجهها المبلَّل وقالت لعباس،
خذها إلى مشهد، لخاطر الله خذها،
وبينها وبين نفسها، شرعت تخاطب الإمام،
أيّها الرضا، أيّها الإمالم الرؤوف، بحقّ أمّك الصدّيقة فاطمة الزهراء،
قام عباس، فارتدى ثيابه، وخرج من الدار، ولمّا بلغ المستشفى كان الطبيب المعالج ينزل من السلّم باتّجاه باب الخروج، قفز عباس صاعداً على درجات السلّم واعترض طريق الطبيب
كيف حالتها يا دكتور ؟
نظر إليه الطبيب متعباً، هزّ رأسه قائلاً،
مريضتكم مرخَّصة،
وعزم أن ينصرف لمّا سأله عباس،
يعني، حالتها جيدة ؟
أطرق برأسه، وقال بهدوء،
لا، مع الأسف، ليس في أيدينا شيء، بقاؤها هنا بلا جدوى، خذوها إلى المنزل، إلاّ أن يشاء الله،
خرّ عباس جالساً على إحدى درجات السلّم، هذه المرّة شعر بالهزيمة ترنّحه، مالَ جسده إلى جانب وسقط، انحنى الطبيب يعينه، حتّى عدّل جلسته، ثمّ وضع يده على كتفه وقال يواسيه،
توكّلْ على الله، الجزع لن يغيّر شيئاً، ليكن أملك بالله
ثمّ إنّه أقامه من جلسته، وأعانه آخران، حتّى أجلسوه على المصطبة، كان الطبيب واقفاً أمامه، وعباس يتطلّع إليه، غمغم الطبيب،
مع الأسف،
ثمّ ذهب، ونظرات عباس تتبعه،، حتّى غيّبه باب المستشفى،
نهض عباس مرهقاً، يخطو خطوات متعثّرة باتّجاه غرفة زهراء، فتحت زهراء عينيها متريّثة، انطبعت صورة عباس في عينيها ذابلة مكدودة، ابتسمت زهراء ونطقت، لكنّ عباس لم يميّز ما قالت، مرّة أخرى تحرّكت الشفتان، أدنى عباس أذنه من فمها، كانت تنطق بكلمة واحدة،
مشهد،
ثمّ أطبقت الجفنين، زهراء غافية، إلى جنب الشبّاك الفولاذي، وثَمّةَ حبل موصول من عنقها إلى المشبّك، عباس قاعد إلى جوارها منصرفاً إلى القراءة في كتاب الزيارة، يزور، قامت زهراء واقفة وهي نائمة، تطلّع إليها عباس باستغراب، أمسك بيدها وأجلسها في مكانها، ونهضت مرّة ثانية بعينين نائمتين،
استولت الدهشة على عباس، وحانت منه التفاتة، فرأى الحبل محلولاً من جهة الشباك ومطروحاً على الأرض، سحب الحبل، ثمّ انتزع الحلقة التي تشكّل طرفه الآخر، من عنق زهراء، هزّها من عضدها برفق، محاولاً إيقاظها، تحرّكت أجفان زهراء، ووقع بصرها على عينَي عباس المذهولتين، عيناها صحيحتان! نقّلت بصرها، من عباس، إلى الناس، إلى السماء، إلى المنارة العالية، إلى شبّاك الفولاذ، ثمّ ألصقت بدنها بالشبّاك، واطلقت عنان البكاء، في تلك اللحظة، تفطّن عباس إلى أنّ زوجته ليست مشلولة، لقوة الشلل لا أثر لها، ويدها تتحرّك، صاح عباس صيحة من هذه المفاجئة العظيمة السارّة، وألقى بنفسه قربها على الشباك، وانتحب، كلاهما كان يبكي، تطلّعت زهراء إلى السماء، ورفعت يدَيها بالدعاء وبالشكر الكبير، وكانت تتذوّق لأوّل مرّة معنى من معاني «الإمام الرؤوف» لم يكن قد خطر على بالها من قبل،
ترجمة وإعداد .. إبراهيم رفاعة،
من مجلة الزائر .. العدد 14 نيسان 1995
"الإمام الرؤوف"
المريضة المعافاة .. زهراء المنصوري
من مدينة خُرَّم آباد
الحالة المرضيّة .. سكتة قلبيّه
تاريخ الشفاء .. تموز 1987،
هجموا عليها، قبضوا على يديها ورجليها، صرخَتْ،
اتركوني!
لكنّهم لم يتركوها، أمسكوها بقوّة، تكاد تختنق ، قالت بتوسّل،
لخاطر الله، اتركوني!
انهالت عليها ضربات شديدة مبرِّحة، الأوجاع في كلّ مكان، أشدّ الأوجاع في يدها اليمنى وفي الكتف، لا تقوى على الحركة، جرّبت أن تتحرّك، فأخفقت، تحاملت لتجرّب مرّة أخرى، لكن بلا جدوى،
المتلفّعون بالسواد كانوا يقبضون عليها بعنف، بكت منتحبة، نحيبها يختلط بأصوات المتلفّعين بالسواد العابثة وهم يضحكون، إنّهم يدورون حولها في رقصة بغيضة هازئة، وراحت تتملاّهم ببصرها، غارقون في السواد، حتّى وجوههم مقنّعة بالأسود،
مَن يكون هؤلاء ؟!
وانتفضت من نومها مرعوبة، الألم يمور في كتفها الأيمن، همّت أن تقوم، لم تستطع، الألم يتمشّى ثقيلاً كريهاً من كتفها إلى أطراف الأصابع، ثمّ ينعطف سارياً إلى رقبتها حتّى استولى منها على الوجه، راحت تتلوّى من الألم، وأطلقت صوتها بالصراخ، جاءها صوت من باحة الدار، وتناهى إلى سمعها وقعُ أقدام مرتبكة ترتقي السلّم على عجل، دخل الغرفة شبح رجل، صرخت،
إلحقْني!
ركض إليها الرجل، وطوّق بيده رأسها برفق،
ماذا بك يا زهراء ؟!
انفجرت تبكي، أمسك بها الرجل من عَضُدَيها ليُنهضها، صرخت تتلوّى من الألم، الألم في كل مكان، هرع الرجل إلى خارج الدار، وبعد أمد، حضر ومعه أمّها والطبيب، المرأة عيناها شابحتان، نصف وجهها بدون حسّ ولا حركة، فمها أمالته لقوة شلل، وفقدت السيطرة على نصف بدنها الأيمن، ضربت أمّها كفّاً على كفّ قائلة،
لا حول ولا قوّة إلاّ بالله!
الطبيب منهمك بالفحص، وبعد دقائق خرج من الغرفة، وخرج معه الرجل، الأمّ جالسة عندها، تختضنها، وتحرّك شفتيها بالدعاء، عاد الرجل، فقرأت الأمّ على ملامحه علامات الحزن والأسى، سألته،
ماذا قال ؟
مشى الرجل باتّجاه النافذة مُديراً ظهره للأمّ، وغارزاً أصابع كفَّيه بشعر رأسه،
يجب أن نأخذها إلى المستشفى، اتّصلتُ هاتفياً، لتأتي سيّارة الإسعاف،
لطمت الأمّ وجهها، نَدّت منها شبه صيحة،
لأيّ شيء ؟! ما الذي نزل بها ؟!
استدار الرجل، وسمعته الأمّ في استدارته يقول،
سكتة،
ضربت الأم جبينها بيدها، وقالت مستعبرة،
أيّها الإمام الرضا،
وفي تلك اللحظة كان صوت سيارة الإسعاف يُسمع من بعيد،
عباس! عباس!
تقلّب في مكانه، وبعد لأي، فتح عينيه الغافيتين،
هـ ،، ا ،،ا ،،ا،
جلست الأمّ في قباله،
رأيتُ رؤيا يا عباس، رؤيا عجيبة،
قعد في مكانه نصف قعدة، ونظر إلى الأمّ بعينين ما يزال يخامرهما النوم،
ها ماما، ماذا رأيت ؟
في الطّيف رأيت زهراء هربت من المستشفى، فأخذناها وأرجعناها إلى المستشفى بالقوّة، وهي لا تسكت عن التوسّل والصياح،
خذوني إلى مشهد،، خذوني إلى مشهد،
فرك عباس عينيه، وأخذت الأمَّ حالةُ بكاء، سترت وجهها بكفّيها باكية، وخلال بكائها سمعها عباس تغمغم،
أنا متأكّدة أنّ شفاءها بيد الإمام الرضا عليه السّلام،
ثمّ كشفت وجهها المبلَّل وقالت لعباس،
خذها إلى مشهد، لخاطر الله خذها،
وبينها وبين نفسها، شرعت تخاطب الإمام،
أيّها الرضا، أيّها الإمالم الرؤوف، بحقّ أمّك الصدّيقة فاطمة الزهراء،
قام عباس، فارتدى ثيابه، وخرج من الدار، ولمّا بلغ المستشفى كان الطبيب المعالج ينزل من السلّم باتّجاه باب الخروج، قفز عباس صاعداً على درجات السلّم واعترض طريق الطبيب
كيف حالتها يا دكتور ؟
نظر إليه الطبيب متعباً، هزّ رأسه قائلاً،
مريضتكم مرخَّصة،
وعزم أن ينصرف لمّا سأله عباس،
يعني، حالتها جيدة ؟
أطرق برأسه، وقال بهدوء،
لا، مع الأسف، ليس في أيدينا شيء، بقاؤها هنا بلا جدوى، خذوها إلى المنزل، إلاّ أن يشاء الله،
خرّ عباس جالساً على إحدى درجات السلّم، هذه المرّة شعر بالهزيمة ترنّحه، مالَ جسده إلى جانب وسقط، انحنى الطبيب يعينه، حتّى عدّل جلسته، ثمّ وضع يده على كتفه وقال يواسيه،
توكّلْ على الله، الجزع لن يغيّر شيئاً، ليكن أملك بالله
ثمّ إنّه أقامه من جلسته، وأعانه آخران، حتّى أجلسوه على المصطبة، كان الطبيب واقفاً أمامه، وعباس يتطلّع إليه، غمغم الطبيب،
مع الأسف،
ثمّ ذهب، ونظرات عباس تتبعه،، حتّى غيّبه باب المستشفى،
نهض عباس مرهقاً، يخطو خطوات متعثّرة باتّجاه غرفة زهراء، فتحت زهراء عينيها متريّثة، انطبعت صورة عباس في عينيها ذابلة مكدودة، ابتسمت زهراء ونطقت، لكنّ عباس لم يميّز ما قالت، مرّة أخرى تحرّكت الشفتان، أدنى عباس أذنه من فمها، كانت تنطق بكلمة واحدة،
مشهد،
ثمّ أطبقت الجفنين، زهراء غافية، إلى جنب الشبّاك الفولاذي، وثَمّةَ حبل موصول من عنقها إلى المشبّك، عباس قاعد إلى جوارها منصرفاً إلى القراءة في كتاب الزيارة، يزور، قامت زهراء واقفة وهي نائمة، تطلّع إليها عباس باستغراب، أمسك بيدها وأجلسها في مكانها، ونهضت مرّة ثانية بعينين نائمتين،
استولت الدهشة على عباس، وحانت منه التفاتة، فرأى الحبل محلولاً من جهة الشباك ومطروحاً على الأرض، سحب الحبل، ثمّ انتزع الحلقة التي تشكّل طرفه الآخر، من عنق زهراء، هزّها من عضدها برفق، محاولاً إيقاظها، تحرّكت أجفان زهراء، ووقع بصرها على عينَي عباس المذهولتين، عيناها صحيحتان! نقّلت بصرها، من عباس، إلى الناس، إلى السماء، إلى المنارة العالية، إلى شبّاك الفولاذ، ثمّ ألصقت بدنها بالشبّاك، واطلقت عنان البكاء، في تلك اللحظة، تفطّن عباس إلى أنّ زوجته ليست مشلولة، لقوة الشلل لا أثر لها، ويدها تتحرّك، صاح عباس صيحة من هذه المفاجئة العظيمة السارّة، وألقى بنفسه قربها على الشباك، وانتحب، كلاهما كان يبكي، تطلّعت زهراء إلى السماء، ورفعت يدَيها بالدعاء وبالشكر الكبير، وكانت تتذوّق لأوّل مرّة معنى من معاني «الإمام الرؤوف» لم يكن قد خطر على بالها من قبل،
ترجمة وإعداد .. إبراهيم رفاعة،
من مجلة الزائر .. العدد 14 نيسان 1995