الشيخ علي المياحي
09-11-2008, 02:28 PM
ثورة الحسين
صراع بين الولاء لله وبين الولاء للطاغوت
في حضارة الإنسان، وفي مسيرة التاريخ توجد بؤرتان بؤرة الولاء وبؤرة البراءة، وهما موجودتان في كل ساحة اجتماعية.
ونحن لا نستطيع أن نتحدث عن معركة الطف ونصفها بكلمة أصدق وأدق وأشد اختصاراً من أن نقول: إن معركة الطف هي: صراع بين الولاء لله وبين الولاء للطاغوت وهذان الولاءان تقابلا وتصارعا في هذه الساحة، وبقدر الفارق بين الولائين نجد فارقاً في دائرة كل منهما في القيم والمبادئ والمعاني، فدائرة الولاء لله تنطوي على أسمى القيم وأشرف المعاني في حضارة الإنسان، ودائرة الولاء للطاغوت تضم بين دفتيها على أحط المعاني، والأهداف والمبادئ وبتعبير آخر أحداهما هي دائرة النور، والأخرى دائرة الظلام يقول تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) إذن أولياء الله دائماً في دائرة النور. (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) فأولياء الطاغوت دائماً في دائرة الظلام ولكل من الدائرتين خصائصها المميزة لها. فدائرة النور تتميز بالوضوح وسلامة القلب وطهارة القصد والاخلاص واليقين بوعد الله وبالعلم والإيمان أما الدائرة الثانية تتسم بالشك والابهام واللف والدوران، والاعوجاج والانحراف، وعندما ينتقل الإنسان من دائرة إلى أخرى فكأنما ينتقل من عالم إلى عالم آخر يختلف عن عالمه الأول في تصوراته وأهدافه وحركته، فالفاصل بين الجبهتين جبهة الحسين وجبهة يزيد لا يزيد على ميل واحد على الأرض لكن الفاصل بين الجبهتين في التصورات والقيم والأهداف والمنطلقات فاصل واسع عميق الولاء هو الذي يشكل النسيج الحقيقي لأي حضارة كانت، كما يدخل في بناء الأمة أي أمة سواء كانت على هدى أو على ضلال وعندما لا يدخل الولاء في تكوين الأمة ونسيجها فلا تكون تلك المجموعة أمة. ففي المصطلح القرآني الأمة هي التي يربط أفرادها عنصر الولاء ويدخل في نسيج شبكة العلاقات فيما بين أفرادها. فعندما يدخل عنصر الولاء بين أفرادها سواء كانوا على حق أو على باطل فإنهم يشكلون أمة. فإذن الولاء والبراءة يدخلان في نسيج كل أمة وللولاء لله نسيجه الخاص لله أو للطاغوت نسيجه الخاص وقد تختلف أنسجة الولاء للطاغوت من أمة إلى أخرى مثلاً الولاء للطاغوت الأمريكي نسيجه الخاص والولاء لروسيا له نسيجه الخاص فهما يختلفان في تركيبهما ونسيجهما ولكن يجتمعان في حقيقة واحدة هي البراءة من الله ومن أوليائه.
وفي هذين النسيجين الولاء لله والولاء للطاغوت حقيقتان.
الأولى: الجاذبية الموجودة بين أفراد كل واحدة من هذين الولائية وبتعبير القرآن الكريم (بعضهم أولياء بعض) في جانب الولاية بين المؤمنين يقول تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، وفي نسيج الإيمان والولاء بين المهاجرين والأنصار يقول تعالى: (والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض). [الأنفال: 72]
وفي نسيج الولاء للطاغوت يقرر القرآن الكريم هذه الحقيقة يقول تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض). [الأنفال: 73]
الثانية: بعضهم من بعض وهذه الحقيقة مقررة في قوله تعالى: (والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) [التوبة: 67] نسيج النفاق متجانس بعضه يشبه البعض الآخر. (والمنافقون والمنافقات في طينة واحدة وطبيعة واحدة في كل زمان وفي كل مكان تختلف افعالهم وأقوالهم، ولكنها ترجع إلى طبع واحد، وتنبع من معين واحد، سواء الطوية ولؤم السريرة والغمز والدس والضعف عن المواجهة والجبن عن المصارحة...". [في ظلال القرآن م4 ص249]
وبناء على ما قدمنا تتبين لنا الحقيقة وهي أن التصنيف الحقيقي هو التصنيف المبني على أساس الولاء.
وكما أن البقاء للكيانات القائمة على أساس الولاء، سواء كان ولاء الإيمان أو ولاء الكفر، فإن النفور الحقيقي هو نفور البراءة، ففي التاريخ حروب بين القوميات، لكن هذه الحروب لا تشكل نفوراً حقيقياً، لأن النفور الحقيقي لا يتحقق إلا بالبراءة فعندما تفترق الولاءات ويتشكل ولاءان يحدث صراع بينهما، فيدخل عنصر البراءة فيحدث النفور الحقيقي بينهما، وبتعبير آخر النفور والخلاف الموجود بين النسائج في التاريخ هو نزاع وليس خلاف والفرق بين النزاع والخلاف أن طرفا النزاع يمكن أن يصطلحا ويجتمع الطرفان في يوما ما، وأما في الخلاف فلا يمكن أن يصطلحا ويجتمعا، ولذلك لا يمكن أن نسمي الحروب التي حدثت أو تحدث بين الطواغيت من غير أصحاب الولاء بأنها خلاف ونفور، فهم يختلفون حول مال أو سلطان أو قضية حيثية معينة ويمكن حل هذا النزاع وأما صراع الخلاف فلا يمكن حله. ولذا استحدث مفهوم البراءة، ومن هنا قلنا إن افتراق الولاءات وتصادمها هو أساس الصراع في التاريخ وقلنا نحن نختلف عن الماركسيين في مفهوم الصراع فالماركسية تعتبر الصراع بين الطبقات، أما نحن فنعتقد أن الصراع الحقيقي في التاريخ هو صراع الولاءات ولا ننفي الصراع بين الطبقات ولكنه قد يحدث ثم لا يوشك أن ينتهي فهو لا يستمر ولا يدوم.
إذن حركة التاريخ والحضارة تدور مدار الولاء والبراءة، وإذا فهمنا الولاء والبراءة نفهم الحضارة والتاريخ.
فالبراءة وهي (الانفصال). والولاء وهو (الارتباط) ولكل منهما قوانين.
صراع بين الولاء لله وبين الولاء للطاغوت
في حضارة الإنسان، وفي مسيرة التاريخ توجد بؤرتان بؤرة الولاء وبؤرة البراءة، وهما موجودتان في كل ساحة اجتماعية.
ونحن لا نستطيع أن نتحدث عن معركة الطف ونصفها بكلمة أصدق وأدق وأشد اختصاراً من أن نقول: إن معركة الطف هي: صراع بين الولاء لله وبين الولاء للطاغوت وهذان الولاءان تقابلا وتصارعا في هذه الساحة، وبقدر الفارق بين الولائين نجد فارقاً في دائرة كل منهما في القيم والمبادئ والمعاني، فدائرة الولاء لله تنطوي على أسمى القيم وأشرف المعاني في حضارة الإنسان، ودائرة الولاء للطاغوت تضم بين دفتيها على أحط المعاني، والأهداف والمبادئ وبتعبير آخر أحداهما هي دائرة النور، والأخرى دائرة الظلام يقول تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) إذن أولياء الله دائماً في دائرة النور. (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) فأولياء الطاغوت دائماً في دائرة الظلام ولكل من الدائرتين خصائصها المميزة لها. فدائرة النور تتميز بالوضوح وسلامة القلب وطهارة القصد والاخلاص واليقين بوعد الله وبالعلم والإيمان أما الدائرة الثانية تتسم بالشك والابهام واللف والدوران، والاعوجاج والانحراف، وعندما ينتقل الإنسان من دائرة إلى أخرى فكأنما ينتقل من عالم إلى عالم آخر يختلف عن عالمه الأول في تصوراته وأهدافه وحركته، فالفاصل بين الجبهتين جبهة الحسين وجبهة يزيد لا يزيد على ميل واحد على الأرض لكن الفاصل بين الجبهتين في التصورات والقيم والأهداف والمنطلقات فاصل واسع عميق الولاء هو الذي يشكل النسيج الحقيقي لأي حضارة كانت، كما يدخل في بناء الأمة أي أمة سواء كانت على هدى أو على ضلال وعندما لا يدخل الولاء في تكوين الأمة ونسيجها فلا تكون تلك المجموعة أمة. ففي المصطلح القرآني الأمة هي التي يربط أفرادها عنصر الولاء ويدخل في نسيج شبكة العلاقات فيما بين أفرادها. فعندما يدخل عنصر الولاء بين أفرادها سواء كانوا على حق أو على باطل فإنهم يشكلون أمة. فإذن الولاء والبراءة يدخلان في نسيج كل أمة وللولاء لله نسيجه الخاص لله أو للطاغوت نسيجه الخاص وقد تختلف أنسجة الولاء للطاغوت من أمة إلى أخرى مثلاً الولاء للطاغوت الأمريكي نسيجه الخاص والولاء لروسيا له نسيجه الخاص فهما يختلفان في تركيبهما ونسيجهما ولكن يجتمعان في حقيقة واحدة هي البراءة من الله ومن أوليائه.
وفي هذين النسيجين الولاء لله والولاء للطاغوت حقيقتان.
الأولى: الجاذبية الموجودة بين أفراد كل واحدة من هذين الولائية وبتعبير القرآن الكريم (بعضهم أولياء بعض) في جانب الولاية بين المؤمنين يقول تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، وفي نسيج الإيمان والولاء بين المهاجرين والأنصار يقول تعالى: (والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض). [الأنفال: 72]
وفي نسيج الولاء للطاغوت يقرر القرآن الكريم هذه الحقيقة يقول تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض). [الأنفال: 73]
الثانية: بعضهم من بعض وهذه الحقيقة مقررة في قوله تعالى: (والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) [التوبة: 67] نسيج النفاق متجانس بعضه يشبه البعض الآخر. (والمنافقون والمنافقات في طينة واحدة وطبيعة واحدة في كل زمان وفي كل مكان تختلف افعالهم وأقوالهم، ولكنها ترجع إلى طبع واحد، وتنبع من معين واحد، سواء الطوية ولؤم السريرة والغمز والدس والضعف عن المواجهة والجبن عن المصارحة...". [في ظلال القرآن م4 ص249]
وبناء على ما قدمنا تتبين لنا الحقيقة وهي أن التصنيف الحقيقي هو التصنيف المبني على أساس الولاء.
وكما أن البقاء للكيانات القائمة على أساس الولاء، سواء كان ولاء الإيمان أو ولاء الكفر، فإن النفور الحقيقي هو نفور البراءة، ففي التاريخ حروب بين القوميات، لكن هذه الحروب لا تشكل نفوراً حقيقياً، لأن النفور الحقيقي لا يتحقق إلا بالبراءة فعندما تفترق الولاءات ويتشكل ولاءان يحدث صراع بينهما، فيدخل عنصر البراءة فيحدث النفور الحقيقي بينهما، وبتعبير آخر النفور والخلاف الموجود بين النسائج في التاريخ هو نزاع وليس خلاف والفرق بين النزاع والخلاف أن طرفا النزاع يمكن أن يصطلحا ويجتمع الطرفان في يوما ما، وأما في الخلاف فلا يمكن أن يصطلحا ويجتمعا، ولذلك لا يمكن أن نسمي الحروب التي حدثت أو تحدث بين الطواغيت من غير أصحاب الولاء بأنها خلاف ونفور، فهم يختلفون حول مال أو سلطان أو قضية حيثية معينة ويمكن حل هذا النزاع وأما صراع الخلاف فلا يمكن حله. ولذا استحدث مفهوم البراءة، ومن هنا قلنا إن افتراق الولاءات وتصادمها هو أساس الصراع في التاريخ وقلنا نحن نختلف عن الماركسيين في مفهوم الصراع فالماركسية تعتبر الصراع بين الطبقات، أما نحن فنعتقد أن الصراع الحقيقي في التاريخ هو صراع الولاءات ولا ننفي الصراع بين الطبقات ولكنه قد يحدث ثم لا يوشك أن ينتهي فهو لا يستمر ولا يدوم.
إذن حركة التاريخ والحضارة تدور مدار الولاء والبراءة، وإذا فهمنا الولاء والبراءة نفهم الحضارة والتاريخ.
فالبراءة وهي (الانفصال). والولاء وهو (الارتباط) ولكل منهما قوانين.