عشقي حيدره
26-11-2008, 05:51 PM
لمن أمنح دمي
لمن أمنح دمي
أخذتْ تحومُ فوقَ رأسي .. تفرضُ عليَّ سماعَ ألحانِها التي تتشنّجُ لها أعصابي وتشمئزُّ منها نفسي .. حاولتُ إصابتها بضرباتٍ عشوائيةٍ من يدي ، لكنْ دونَ جدوى فهي تبتعدُ للحظاتٍ قصيرةٍ ثمَّ تعودُ من جديد .
أرخيتُ أعصابي وانتظرتُ أنْ تحطَّ رحالها على موضعٍ ما من جسدي .
وقفتْ فوقَ جبيني ، وقبلَ غرزِ إبرتِها في لحمي ، استجمعتُ قوّتي وهويتُ عليها بكفّي لكنَّ اللعينةَ طارتْ قبلَ أن تصلَ إليها يدي ، واكتشفتُ أنّي ما ضربتُ إلا نفسي مما زادَ إرهاقَ أعصابي .
بينما أنا في هذهِ الدوامةِ سمعتُ صوتاً يخاطبُني :
- أستاذ .. أستاذ .. أتريدُ أن أخلصَكَ منها ؟.
التفتُّ إلى مصدرِ الصوتِ ونظرتُ باستهزاءٍ إلى محدّثي ، ثمّ أجبتُهُ :
- أنتَ أيّها القزمُ !.
- أجلْ .
- كيف ؟.
- بنفخةٍ واحدةٍ .
صرختُ بهِ متعجّباً: أنا الرجلُ الطويلُ العريضُ المنكبينِ لا أستطيعُ قتلَها وأنتَ بنفخةٍ واحدةٍ تقضي عليها !.
-لا يغرُّكَ الشكلُ أيّها السيدُ ، وكما يقولُ المثلُ " الحجر التي لا تعجبك تفجك "
تأملتُهُ وأنا أسترجعُ ذاكرتي ، لقدْ رأيتُهُ منْ قبل ، وسرعانَ ما تذكرتُهُ فقلتُ لهُ : أنتَ الذي يستعرضُ عضلاتَهُ كلَّ يومٍ على شاشةِ التلفزيون .
- أجلْ أنا مبيدُ الحشراتِ .. جرّبني وستعرفُ كمْ أنا مفيدٌ لكَ ولأعصابِكَ .
- ماذا تريدُ مقابلَ ذلك ؟.
تمتمَ : لاشيء . واستدركَ قائلاً : مئةٌ وخمسونَ ليرة .
صرختُ بهِ : مئةٌ وخمسونَ ليرة ، أجرةُ يومٍ كاملٍ ، لا شكراً لكَ ولخدماتِكَ .
- لماذا يا سيدي ؟.
- لا أريدُ منكَ شيئاً .. دعني وشأني .
نظرَ إليَّ باستخفافٍ وقالَ : لتحترقْ أعصابَكَ إذن .
وما إنْ رحلَ عني حتى انتابَني شعورُ الشوقِ إلى البعوضةِ المسكينة ، ويبدو أنها أحسّتْ بي فعادتْ تغرّدُ حولي .
شعرتُ بالارتياحِ ورحبتُ بها : أهلاً بكِ في أيِّ وقتٍ تشائين.
نظرتْ إليَّ مستغربةً وهمستْ : ما بكَ يا سيدي ؟.
- لاشيء .. اكتشفتُ أنكِ صديقةٌ رائعةٌ .
- رفرفتْ بجناحيها وابتعدتْ قليلاً ، ثمَّ عادتْ متسائلةً :كيفَ وأنا أمتصُّ دمَكَ ؟.
- خذي منهُ ما تشائين .
- "إن لله في خلقه شؤون " ماذا ألمَّ بكَ يا سيدي !؟.
- أدركتُ أنكِ صديقةٌ مخلصةٌ لأنكِ تنسيني همومي عندما تأتينَ إليَّ وكلُ حاجتِكِ مني هيَ نقطةُ دمٍ صغيرةٍ لنْ تؤثرَ بي إذا أعطيتُكِ إياها منْ بحرِ الدمِ الذي يموجُ في عروقي .
- مستحيل ! .. لا أصدقُ ما أسمع !.
- أنتِ أفضلُ ألفَ مرّةٍ منْ مبيدِ الحشراتِ الذي يريدُ أن يمتصَّ دمي كلَّهُ .
- شكراً لكَ يا سيدي .
- تعالي .. أينَ تذهبين ؟.
- كرمُكَ أخجلَني .
- لا .. لا تخجلي فأنا أمنحُكِ ما تريدينَ بسرور .
حلقتْ بعيداً وتركتْني وحيداً دونَ مؤنسٍ .. شعرتُ بوحشةٍ تداهمُ ذاتي ، ووجدتُني مشتاقاً للبعوضةِ ولسماعِ ألحانِها ، لأصبَّ جامَ غضبي عليها علّني أنسى همومي ومتاعبي وأتخلصُ منْ لجّةِ التفكيرِ في الراتبِ الشهريِّ الذي يتبخرُ بعدَ يومينِ منْ تشريفِهِ إلى جيبي.
http://www.noraletra.com/vb/images/smilies/114.gif
لمن أمنح دمي
أخذتْ تحومُ فوقَ رأسي .. تفرضُ عليَّ سماعَ ألحانِها التي تتشنّجُ لها أعصابي وتشمئزُّ منها نفسي .. حاولتُ إصابتها بضرباتٍ عشوائيةٍ من يدي ، لكنْ دونَ جدوى فهي تبتعدُ للحظاتٍ قصيرةٍ ثمَّ تعودُ من جديد .
أرخيتُ أعصابي وانتظرتُ أنْ تحطَّ رحالها على موضعٍ ما من جسدي .
وقفتْ فوقَ جبيني ، وقبلَ غرزِ إبرتِها في لحمي ، استجمعتُ قوّتي وهويتُ عليها بكفّي لكنَّ اللعينةَ طارتْ قبلَ أن تصلَ إليها يدي ، واكتشفتُ أنّي ما ضربتُ إلا نفسي مما زادَ إرهاقَ أعصابي .
بينما أنا في هذهِ الدوامةِ سمعتُ صوتاً يخاطبُني :
- أستاذ .. أستاذ .. أتريدُ أن أخلصَكَ منها ؟.
التفتُّ إلى مصدرِ الصوتِ ونظرتُ باستهزاءٍ إلى محدّثي ، ثمّ أجبتُهُ :
- أنتَ أيّها القزمُ !.
- أجلْ .
- كيف ؟.
- بنفخةٍ واحدةٍ .
صرختُ بهِ متعجّباً: أنا الرجلُ الطويلُ العريضُ المنكبينِ لا أستطيعُ قتلَها وأنتَ بنفخةٍ واحدةٍ تقضي عليها !.
-لا يغرُّكَ الشكلُ أيّها السيدُ ، وكما يقولُ المثلُ " الحجر التي لا تعجبك تفجك "
تأملتُهُ وأنا أسترجعُ ذاكرتي ، لقدْ رأيتُهُ منْ قبل ، وسرعانَ ما تذكرتُهُ فقلتُ لهُ : أنتَ الذي يستعرضُ عضلاتَهُ كلَّ يومٍ على شاشةِ التلفزيون .
- أجلْ أنا مبيدُ الحشراتِ .. جرّبني وستعرفُ كمْ أنا مفيدٌ لكَ ولأعصابِكَ .
- ماذا تريدُ مقابلَ ذلك ؟.
تمتمَ : لاشيء . واستدركَ قائلاً : مئةٌ وخمسونَ ليرة .
صرختُ بهِ : مئةٌ وخمسونَ ليرة ، أجرةُ يومٍ كاملٍ ، لا شكراً لكَ ولخدماتِكَ .
- لماذا يا سيدي ؟.
- لا أريدُ منكَ شيئاً .. دعني وشأني .
نظرَ إليَّ باستخفافٍ وقالَ : لتحترقْ أعصابَكَ إذن .
وما إنْ رحلَ عني حتى انتابَني شعورُ الشوقِ إلى البعوضةِ المسكينة ، ويبدو أنها أحسّتْ بي فعادتْ تغرّدُ حولي .
شعرتُ بالارتياحِ ورحبتُ بها : أهلاً بكِ في أيِّ وقتٍ تشائين.
نظرتْ إليَّ مستغربةً وهمستْ : ما بكَ يا سيدي ؟.
- لاشيء .. اكتشفتُ أنكِ صديقةٌ رائعةٌ .
- رفرفتْ بجناحيها وابتعدتْ قليلاً ، ثمَّ عادتْ متسائلةً :كيفَ وأنا أمتصُّ دمَكَ ؟.
- خذي منهُ ما تشائين .
- "إن لله في خلقه شؤون " ماذا ألمَّ بكَ يا سيدي !؟.
- أدركتُ أنكِ صديقةٌ مخلصةٌ لأنكِ تنسيني همومي عندما تأتينَ إليَّ وكلُ حاجتِكِ مني هيَ نقطةُ دمٍ صغيرةٍ لنْ تؤثرَ بي إذا أعطيتُكِ إياها منْ بحرِ الدمِ الذي يموجُ في عروقي .
- مستحيل ! .. لا أصدقُ ما أسمع !.
- أنتِ أفضلُ ألفَ مرّةٍ منْ مبيدِ الحشراتِ الذي يريدُ أن يمتصَّ دمي كلَّهُ .
- شكراً لكَ يا سيدي .
- تعالي .. أينَ تذهبين ؟.
- كرمُكَ أخجلَني .
- لا .. لا تخجلي فأنا أمنحُكِ ما تريدينَ بسرور .
حلقتْ بعيداً وتركتْني وحيداً دونَ مؤنسٍ .. شعرتُ بوحشةٍ تداهمُ ذاتي ، ووجدتُني مشتاقاً للبعوضةِ ولسماعِ ألحانِها ، لأصبَّ جامَ غضبي عليها علّني أنسى همومي ومتاعبي وأتخلصُ منْ لجّةِ التفكيرِ في الراتبِ الشهريِّ الذي يتبخرُ بعدَ يومينِ منْ تشريفِهِ إلى جيبي.
http://www.noraletra.com/vb/images/smilies/114.gif