المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللهم اني بلغت ...اللهم فاشهد .


المحامي عباس الحسيني
12-12-2008, 05:18 PM
السلام عليكم... لقد شدني واحزنني التصريح الاخيرللكاردينال عمانوئيل الثالث دلي الذي حث فيه الجميع خاصة من كان مسؤولا منهم على التركيز على محنة المسيحيين في العراق. ورايت انه من المناسب تناول موضوع الاقليات وفق منظور الشريعة الاسلامية . وحقوق هذه الاقليات في المجتمع الاسلامي. لعل في ذالك ذكرى وموعظة لمن يجهل حقوق هؤلاء في الاسلام . ان الاقلية. هي( جماعة من الناس مرتبطون بصِلة العِِرِْق أو الدين أو اللغة ، ومندمجون في شعب يختلف عنهم ، ويفوقهم قدرةً) ...
ومصطلح الأقلّية الدينية المطروح في المجتمع الإسلامي اليوم ، هو مصطلح معاصر تماشياً مع ما طُرح مِن معاهدات ومواثيق دولية ، فدخلت في موسوعة الثقافة الإسلامية حديثاً ، وإلاّ فالديانات الأخرى في المجتمع الإسلامي ، هي ليست أقليّات حسب نظر الشرع الإسلامي ، بل هم أهل ذمّة وعهْد ، لهم أحكامهم وحقوقهم الكاملة طبقاً للشريعة المقدّسة ، فلهم الحرّية الدينية في الالتزام بدياناتهم واعتقاداتهم ضمن شروط الذمّة . فلولا هذه الشروط ؛ لتصدّع المجتمع بكامله وعمَّته الفوضى ، واختلَّ النظام الاجتماعي . هذا من الناحية الدينية .
أمَّا مِن ناحية اللغة أو اللون ، فلا أقليّة في الإسلام مِن هذه الجهة ، قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) ، فكل المجتمعات الإسلامية ـ بشتّى لُغاتها وألوانها ـ لا فرق فيما بينها في الشريعة المقدّسة بكلّ الحقوق والواجبات .
كذلك لا فرق في الأعراق والأقوام والقبائل في قاموس الإسلام : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) فالتقوى واتّباع الحقّ هو معيار التكريم عنده عزّ وجلّ .
، فالإسلام ينطوي في دستوره على مفاهيم ومبادئ راقية لتنظيم الأمر في دار الدنيا لبني الإنسان ، ومن تلك المبادئ مبدأ " التعامل الإنساني " فيما بين الناس أنفسهم عامّة ، وبين مَن ينتمي لهذا الدين من جهة وبين مَن لا ينتمي له من جهة أخرى خاصّة ، وذلك من خلال الالتزام بمنح الحقوق لغير المسلم من جهة الحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي . ومن هذه الحقوق للاقليات وفق الفكر الاسلامي
1 ـ عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه ، أو إكراهه على عقيدة معيّنة .
2 ـ من حقّ أهل الكتاب ممارسة شعائرهم وطقوسهم بكلّ حرّية .
3 ـ تَرك لهم الإسلام ما أباحه لهم دينهم من الطعام وغيره ، وإن كان غير مباح عند المسلمين .
4 ـ لهم الحرّية في قضايا الزواج والطلاق والنفقة حسب دينهم .
5 ـ حَمى الإسلام كرامتهم وصان حقوقهم ، وجعل لهم الحرّية في الجدل والمناقشة من دون عنف .
6 ـ ساوى بينهم وبين المسلمين في القوانين العامّة للبلاد .
7 ـ حكم من خلال معظم الفقهاء بطهارة أهل الكتاب ، وحلّية طعامهم والتزوّج بنسائهم والمعاملة معهم .
8 ـ حبّذ الإسلام زيارتهم وعيادة مريضهم ، وتقديم الهدايا لهم وقضاء حوائجهم‏ .
ولابد من تبيان هذه الاقليات في المجتمع الاسلامي مع نبذة قصيرة عن كل منها....
1_ اليهود... وهم العبريين المنحدرين من ابراهيم عليه السلام.
قال تعالى : ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ، أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ).
فواضحٌ من الآيات الكريمات ما وصّى إبراهيم ( عليه السلام ) يعقوب ( عليه السلام ) ، و كذلك يعقوب عندما سأل بنيه ـ بنو إسرائيل ـ عن عقيدتهم ، فكان جوابهم : أنّهم مسلمون لله ويعبدونه ولا يعبدون غيره ، فهذه هي عقيدة التوحيد السائرون عليها .
كما أوضح هذه العقيدة ـ بشكل لا لبْس فيه ـ ماجاء في قصّه يوسف ( عليه السلام ) ، وهو من أبناء إسرائيل ( = يعقوب ) ، حيث قال تعالى على لسان يوسف ( عليه السلام ) : ( إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ... ).
ولكن بعدما تكاثر بنو إسرائيل وصاروا أُمّة ، أخذت تترا عليهم الأنبياء ، وهذا مؤشر عن الانحراف الذي دبَّ في عقيدتهم . 2
2- المسيحيون ... فالديانة النصرانية ( هي المسيحية التي أُنزلت على سيّدنا عيسى (عليه السلام) مكمّلة لرسالة موسى (عليه السلام) ، متمّمة لِما جاء في التوراة من تعاليم ، موَجَّهة إلى بني إسرائيل ، لكنّها سرعان ما فقدت أصولها ؛ ممّا ساعد على امتداد يد التحريف إليها ، حيث ابتعدت كثيراً عن صورتها السماوية )
أمّا سبب تسميتهم بـ (النصارى) : فالاقوى لكونهم ( نصروا المسيح عيسى (عليه السلام) عندما قال : ( مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ ) . اما فرق النصارى في الوقت الحاضر فهي
أـ الأرثوذكس : ينتمي معظمهم إلى الكنيسة الشرقية التي انفصلت عن الكنيسة الأم في روما ، واتّخذت مقرّاً لها في القسطنطينية ، ثمّ في الإسكندرية .
وأكثر أتباع هذه الكنيسة في الشرق ولهم بطاركة ، ولا يخضعون لرئاسة كنيسة روما
ب ـ الكاثوليك : هم الذين ينتمون على الكنيسة الأُم في روما ، ورئيس كنيستها هو الحِبر الأعظم الذي يسمّى (البابا) .
ج ـ البروتستانت : عندما اشتدّ عنف الكنيسة الكاثوليكية على المسيحيين ، طالب عدد من رجال الدين وغيرهم بالإصلاح مثال : ( مارتن لوثر في روما ، وزونجلي في سويسرا ، وكلفن
3_ المجوس...وهم ملّة تتّبع تعاليم زَرادَشت لذلك يُطلَق عليهم زرادشتيِّين ، واختلف الفقهاء في كونهم يُعدّون من أهل الكتاب ( كاليهود والنصارى المُتَّفق عليهم ) ، أم أنّهم ليسوا قِسماً ثالثاً من أهل الكتاب ، بل يجوز أخذ الجزية منهم ،وقال الشيخ الطوسي : ( المجوس كان لهم كتاب ثمّ رُفع عنهم ، وهو أصحّ قولَي الشافعي ، وله قول آخر : إنّه لم يكن لهم كتاب وبه قال أبو حنيفة ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ) وحكمهم حكم أهل الكتاب). 4_ الصابئة... فقد نقل العلاّمةُ الحلّي عن ابن الجنيد (من العلماء المتقدّمين) : ( أنّ الصابئة تؤخذ منهم الجزية ؛ لأنّهم من أهل الكتاب ، وإنّما يخالفونهم في فروع المسائل ، لا في الأصول ) .
ورد ذِكر الصابئة في القرآن الكريم عدّة مرّات ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )...اذن نخلص الى القول ان الاربعة المتقدمين يعتبرون من اهل الكتاب. ... اما من ليس لهم كتاب فيكون تفصيلهم كالاتي...
1 ـ الهندوس :
الهندوسية : هي ديانة أكثر أهل الهند الآن ، ولكن ليس لهم صانع لهذا الدين معيّن ، وإنّما هي مجموعة من التقاليد والأوضاع وامتزجت فيما بينها وتطوّرت فأصبحت ديانة ، يقول الدكتور عبد المنعم النمر في كتابه (تاريخ الإسلام في الهند) : ( الهندوسية : أسلوب في الحياة أكثر ممّا هي مجموعة من العقائد والمعتقدات ، فهي خليط لشتّى المعتقدات والفرائض والسُنن ، فليست لها صيَغ محدودة المعالِم ؛ لذا تشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأحجار والأشجار ، وما يرتفع إلى التجريدات الفلسفية الدقيقة ).
ـــــــــــ
2 ـ البوذية :
وهي ديانة ظهرت في الهند بعد الديانة البراهمية (الهندوسية) ، عندما ضعفت في مراحلها الأُولى نتيجة لتذمّر الناس من الطبقية التي سادت في ذلك الوقت ، فظهر الأمير (سيدهاتا) والملقّب ببوذا ـ والتي تعني المستنير ـ والذي قضى طفولته في ترف ، حيث كان والده ملكاً ، لكن لمّا كبر ورأى الطبقية السائدة في المجتمع آنذاك ، ورأى تعاليم الكُتُب الهندوسية غريبة وباطلة ، فعزم على تخليص الناس من آلامهم ، فانتهج لنفسه منهجاً تقشّفياً وخرج من القصر وأصبح راهباً .
3 ـ المشركون :
الشرك : أشرك بالله : جعل له شريكاً في مُلكه تعالى الله عن ذلك .
والاسم الشرك : قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) ..4_ الغلاة
هم الذين يألِّهون النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) ، أو أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أو بعض الأئمّة (عليهم السلام) ، فقد حُكم عليهم عند الإمامية بأنّهم مشركون ، كما في الروايات وفتاوى العلماء .

فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( ما نحن إلاّ عبيد الذي خلَقَنا واصطفانا . والله ، ما لنا على الله حجّة ، ولا معنا من الله براءة ، وإنّا لميّتون وموقوفون ومسئولون ، مَن أحبَّ الغُلاة فقد أبغضنا ، ومَن أبغضهم فقد أحبّنا ، الغلاة كفّار ، والمفوِّضّة مشركون ، لعن الله الغُلاة ، ألا كانوا نصارى ، ألا كانوا قدرية ، ألا كانوا مُرجئة ، ألا كانوا حرورية )
5_الخوارج :
هم فئة خرجت على الإمام علي (عليه السلام) في وقته ؛ نتيجة رفضهم لنتيجة التحكيم في معركة صِفّين ، فرفعوا شعار : ( لا حكم إلاّ لله ) وصار رمزاً لهم . ( وكان أوّل قائد لهم هو عبد الله بن وهب الراسبي ، عندما خرجوا على الإمام علي (عليه السلام) وتجمّعوا في حَرَوراء ـ منطقة قرب المدائن في العراق ـ فقاتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فنجا منهم عشرة وتفرّقوا في البلدان ، وبدأت بِدَع الخوارج تنموا في تلك المناطق التي هاجروا إليها ) ...بعد هذه الايضاحات حري بنا ان نذكر بعض المباديء الاسلامية السامية.

1 ـ المساواة في التعامل :
قال تعالى : ( يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى‏ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
ففي هذه الآية لم يخصّص الباري عزّ وجلّ الحكم بالمسلمين فحسب ، بل يشمل المسلمين والكفّار ، كلّهم. 2 ـ المساواة في الخِلْقة :
لا موجب للتمييز بين بني الإنسان ؛ فالخالق واحد ، والأب ادم واحد ، والمصدر واحد ، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) : ( أيّها الناس ، إنّ ربّكم واحد ، وإنّ أباكم واحد ، كلّكم لآدم وآدم من تراب ... ) وهم متساوون في الخَلْق ، كما قال الإمام علي (عليه السلام) : ( ... فإنّهم صنفان : إمّا أخٌ لك في الدين ، وإمّا نظيرٌ لك في الخَلْق ) ، كما مرّ فالناس متساوون في الخلقة . ولا تميز لسلالة عن سلالة 3ـ المساواة في الابتلاء :
ومن السُنن الإلهية أن تكون هناك مساواة بين جميع الناس في التمتّع ببركات الله والحرمان منها ، حسب ما تقتضيه هذه السُنن لكلّ إنسان . فإن كان من الذين آمنوا واتّقوا ، فأنّه سوف تترتّبْ عليه التمتّع ببركات الباري (عزّ وجلّ) ، وإن كان من المكذّبين بآيات الله (جلّ وعلا) ، فسوف يُحرم من تلك البركات ، سواءً في الدنيا أو في الآخرة ، قال تعالى : ( وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَى‏ آمَنُوا وَاتّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السّماءِ وَالأَرْضِ وَلكِن كَذّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
وجعل الله تبارك وتعالى دار الدنيا ابتلاء وامتحان لكلّ إنسان ، فهي من لوازم الخِلْقة ، دون تمييز قوم عن قوم ، ولا عنصر عن عنصر ؛ لكي يعودوا إلى الإيمان به والاستقامة على منهجه ، قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : ( إنّ الله يبتلي عباده عند الأعمال السيّئة بنقص الثمرات وحبْس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ؛ ليتوب تائب ويقلع مقلع ويتذكّر متذكّر ويزدجر مزدجر ).
4 ـ الناس مختارون ومكلّفون على السواء :
ومن حكمته (عزّ وجلّ) أن ساوى بين خلْقه في منحهم نعمة العقل ، وجعل تبعاً له حريّة الاختيار ، فهم متساوون في هذه الهبة الربّانيّة ، فلكلّ إنسان حريّة اختيار منهجه .
ـــــــــــ
5 ـ لا تفاضل بين العباد إلاّ بالتقوى والعِلم النافع :
الله (عزّ اسمه) كرّم عباده من جهات عدّة ، فهو مكرمهم في الخِلقة ، قال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وكرّمهم بالتمتّع بما سخّره لهم ، لا فرق بين إنسان وآخر ، قال تعالى : ( هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) ، ( وَسَخّرَ لَكُم مَا فِي السّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) ، فللجميع حقّ الاستفادة من الإمكانيات .... وحري بنا ايضا الاشارة الى الحقوق المدنية لغير المسلمين في المجتمع الاسلامي فهذه الحقوق هي :
1 ـ حقّ الحماية والمقاضاة :
أكدّ الإسلام في دستوره على : حماية أتباع الأديان الأخرى من كلّ لون من ألوان الظلم والاضطهاد ، فهم آمنون في كلّ ما يخصّهم ، آمنون على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، وهذا ما جسدّه الإسلام في أوّل ما بُني من أساس للدولة الإسلامية في المدينة ، وذلك حينما كتب الرسول (صلَّى الله عليه وآله) كتاباً رسم فيه نمط العلاقات بين مختلف الكُتل داخل المدينة المنوّرة على اختلاف عقائدهم ، حيث جاء في كتابه الشريف : ( ... وإنّه من تبِعنا من اليهود فإنّ له النصرة والأُسوة ، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم ... وأنّ على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وأنّ بينهم النصر على مَن حارب أهل هذه الصفيحة ، وأنّ بينهم النُصح والنصيحة والبِرّ دون الإثم ).
كما أنّ شرط الجزية على غير المسلمين لأجل حمايتهم ، وليس في معنى الجزية من قبح كما اعتقد البعض.
وعلى الحكومة الإسلامية واجب الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية كدفاعها عن حقوق سائر المواطنين .2ـ حقوق الوصايا والأوقاف والصدقات :
من الحقوق التي أقرّها الإسلام لغير المسلمين هي وصاياهم وأوقافهم وصدقاتهم ، لهم ومنهم .
ففي الوصية : لا بد من الالتزام بمحتواها وعدم تحريفها ، وهذا ما أكّدت عليه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) . فلو أوصى غير المسلم بالتصدّق في ماله أو إنفاقه في مورد معيّن ، أُقرّت وصيّته ؛ فعن محمّد بن مسلم ، قال : ( سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجُل أوصى بماله في سبيل الله ، فقال : ( أعطه لمَن أوصى به له وإنْ كان يهودياً أو نصرانياً ... )
وليس للمسلمين التعرّض لغير المسلمين في تنفيذ وصية أحدهم ، إلاّ في حالة الوصية بخمر أو خنزير . أمّا بالنسبة للصدقات والأوقاف ، فلهم في ذلك كما للمسلمين ، حيث صدقاتهم ماضية في دستور الإسلام ، وكذلك أوقافهم ، ولا يحقّ للمسلمين في إيقاف تنفيذها أو تغيير محتواها ، وصرفها عن موردها ، فلغير المسلمين ( أن يتصدّق بعضهم على بعض ، وعلى مصالحهم وبيوت عباداتهم ) ، ( ولو وهب الذمّي أو تصدّق أو وقف شيئاً من أرض الصُلح على شخص آخر ، انتقلت الأرض إليه )
كما يكون الوَقْف صحيحاً في أمور عباداتهم ، فـ : ( إذا كان الوقْف على أحد المواضع التي يتقرّبون فيها الى الله تعالى كان وقْفاً صحيحاً . وإذا وقف وقْفاً على الفقراء ، كان ذلك الوقْف ماضياً في فقراء أهل ملِّته ، دون غيرهم من سائر أصناف الفقراء )

.
3 ـ حقّ الميراث :
الأنساب والأسباب في الإرث عند الشريعة الإسلامية تختلف عمّا في الشرائع للمِلل الأخرى : ( فلم يشترط أكثر الفقهاء في مسائل إرث غير المسلمين ، أن تُطبّق الشريعة الإسلامية في تحقّق الإرث لهم ) ؛ لذا فلو مات أحدهم تنتقل أمواله الى ورثته .
( يرث الكفّار بعضهم بعضاً ، وإن اختلفت جهات كفرهم )
ـــــــــــ
4 ـ حق النكاح وصحّته :
النكاح عند المِلل الأخرى ، سواء كانوا أهل كتاب أو غيرهم ، صحيح عندنا ، حتّى لو كان مخالفاً لشريعتنا . ولم يأمر الشارع المقدّس في عهد الرسول (صلَّى الله عليه وآله) في إنشاء عقد جديد للكافرين عندما يُسلمون ، بل أقرَّ عقدهم الأوّل وهم في حال كُفر ، حيث وردت كثير من الروايات في هذا المضمار ، يقول الإمام صادق (عليه السلام) : ( إنّ لكلّ أُمّة نكاحاً )
كما أنّه سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين ، ثمّ لحقت به بعد ، أيُمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها ؟ فأجاب : ( يُمسكها وهي امرأته )
وهذا الأمر ـ وهو إقرار نكاح غير المسلمين ـ من الأمور التي هي مورد اتّفاق بين العلماء قديماً وحديثاً . ...........5_ الحقوق الاقتصادية
فلا يؤثّر اختلاف الدين في أحكام المعاملات ؛ والدليل عليه إطلاقات أدلة المعاملات ، فالتعامل مع غير المسلمين في النواحي الاقتصادية يعد من أهم الحقوق التي رعاها
الشرع الإسلامي ، وضرب فيها أروع الأمثلة التي هي من صميم دستوره الحنيف ، حيث:

إضافة إلى ما مرّ من عقد الزواج ، والإرث ، والوصية ، والصدقة ، والوقف ، القاعدة العامّة هي : لا أثر لاختلاف الدين في إنشاء العقود والمعاملات الاقتصادية مع غير المسلمين ، فعلى سبيل المثال في عقود المضاربة والشِركة ، فإنّه تجوز هذه المعاملات مع الكافر ، وإن كانت مكروهة في بعض الصور .
6ـ حق التكافل الاجتماعي :
في المجتمع الإنساني التزامات تجاه بعضهم البعض ، ومن هذه الالتزامات هو التكافل فيما بينهم من الناحية الاقتصادية ، لِما له الأثر في توحيد المشاعر وتقوية الأواصر الاجتماعية .
والتكافل بمعنى التضامن والتساند بين أبناء المجتمع الواحد ، قال في لسان العرب : ( الكفيل هو الضامن ) ، لكن هناك نوعين من التكافل الاجتماعي :
أ ـ تكفّل الدولة الإسلامية .
ب ـ تكافل أبناء المجتمع فيما بينهم .
ـــــــــــ
أمّا بالنسبة للأوّل ، فللدولة الإسلامية مسؤولية تجاه أبناء المجتمع كافّة ، يقول السيد محمّد باقر الصدر في كتابه (اقتصادنا) : ( تكون الدولة مسؤولة بصورة مباشرة عن ضمان معيشة المعوزين والعاجزين ) ، وهذه المسؤولية ليست خاصّة تجاه المسلمين فقط ، بل حتّى غير المسلمين ، حيث يقول (عليه السلام ) : ( الذمّي الذي يعيش في كنف الدولة الإسلامية إذا كَبُر وعجَز عن الكسْب ، كانت نفقته من بيت المال )
أمّا بالنسبة للشقّ الثاني ، وهو كفالة أبناء المجتمع لبعضهم البعض ، أي مسؤولية أبناء المجتمع فيما بينهم ، فقد ذكرنا سابقاً جواز الصدقة والهبة لغير المسلمين ، فعن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ أهل السواد يقتحمون علينا ، وفيهم اليهود والنصارى والمجوس ، فنتصدّق عليهم ؟ فقال (عليه السلام) (نعم) 7_ حقوق الاداب الاجتماعية...
: 1 ـ عدم التجاوز عليهم وحرمة قذفهم :

2 ـ عيادة مريضهم وحُسن صحبتهم وجوارهم :
3 ـ قبول هديّتهم والدعاء لهم :
... بعد كل هذا الذي تقدم.. اقول ان ديننا الاسلامي دينا عظيما. قد حفظ ارواح وحقوق الجميع. سواء كانون مسلمين ام غيرهم ممن يعيشون في كنف المجتمع الاسلامي . فليسال كل منا نفسه . هل طبق هذه الاحكام وهذه المباديء والاخلاقيات العظيمة التي جاء بها الاسلام . هل طبقها فعليا مع الاخرين من غير المسلمين ضمن دولته ومدينته؟ . فاذا كان الجواب نعم . فجزاه الله تعالى خيرا . واذا كان الجواب كنت لا اعلم بذالك وبكل هذه التفاصيل. فاقول له اعلم الان بعد ان قرات هذا المقال وهذا البحث . اما اذا كان الجواب انني اعلم بكل ذالك ولا اريد ان اطبقه مع هذه الاقليات.. فاقول له ( كما بدات معنونا المقال...اللهم اني بلغت ...اللهم فاشهد ).......المحامي عباس الحسيني. الشعبة القانونية في دائرة صحة النجف الاشرف. ماجستير قانون .

المحامي عباس الحسيني
12-12-2008, 05:48 PM
المحامي عباس الحسيني;السلام عليكم... لقد شدني واحزنني التصريح الاخيرللكاردينال عمانوئيل الثالث دلي الذي حث فيه الجميع خاصة من كان مسؤولا منهم على التركيز على محنة المسيحيين في العراق. ورايت انه من المناسب تناول موضوع الاقليات وفق منظور الشريعة الاسلامية . وحقوق هذه الاقليات في المجتمع الاسلامي. لعل في ذالك ذكرى وموعظة لمن يجهل حقوق هؤلاء في الاسلام . ان الاقلية. هي( جماعة من الناس مرتبطون بصِلة العِِرِْق أو الدين أو اللغة ، ومندمجون في شعب يختلف عنهم ، ويفوقهم قدرةً) ...
ومصطلح الأقلّية الدينية المطروح في المجتمع الإسلامي اليوم ، هو مصطلح معاصر تماشياً مع ما طُرح مِن معاهدات ومواثيق دولية ، فدخلت في موسوعة الثقافة الإسلامية حديثاً ، وإلاّ فالديانات الأخرى في المجتمع الإسلامي ، هي ليست أقليّات حسب نظر الشرع الإسلامي ، بل هم أهل ذمّة وعهْد ، لهم أحكامهم وحقوقهم الكاملة طبقاً للشريعة المقدّسة ، فلهم الحرّية الدينية في الالتزام بدياناتهم واعتقاداتهم ضمن شروط الذمّة . فلولا هذه الشروط ؛ لتصدّع المجتمع بكامله وعمَّته الفوضى ، واختلَّ النظام الاجتماعي . هذا من الناحية الدينية .
أمَّا مِن ناحية اللغة أو اللون ، فلا أقليّة في الإسلام مِن هذه الجهة ، قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) ، فكل المجتمعات الإسلامية ـ بشتّى لُغاتها وألوانها ـ لا فرق فيما بينها في الشريعة المقدّسة بكلّ الحقوق والواجبات .
كذلك لا فرق في الأعراق والأقوام والقبائل في قاموس الإسلام : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) فالتقوى واتّباع الحقّ هو معيار التكريم عنده عزّ وجلّ .
، فالإسلام ينطوي في دستوره على مفاهيم ومبادئ راقية لتنظيم الأمر في دار الدنيا لبني الإنسان ، ومن تلك المبادئ مبدأ " التعامل الإنساني " فيما بين الناس أنفسهم عامّة ، وبين مَن ينتمي لهذا الدين من جهة وبين مَن لا ينتمي له من جهة أخرى خاصّة ، وذلك من خلال الالتزام بمنح الحقوق لغير المسلم من جهة الحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي . ومن هذه الحقوق للاقليات وفق الفكر الاسلامي
1 ـ عدم إكراه أحد منهم على ترك دينه ، أو إكراهه على عقيدة معيّنة .
2 ـ من حقّ أهل الكتاب ممارسة شعائرهم وطقوسهم بكلّ حرّية .
3 ـ تَرك لهم الإسلام ما أباحه لهم دينهم من الطعام وغيره ، وإن كان غير مباح عند المسلمين .
4 ـ لهم الحرّية في قضايا الزواج والطلاق والنفقة حسب دينهم .
5 ـ حَمى الإسلام كرامتهم وصان حقوقهم ، وجعل لهم الحرّية في الجدل والمناقشة من دون عنف .
6 ـ ساوى بينهم وبين المسلمين في القوانين العامّة للبلاد .
7 ـ حكم من خلال معظم الفقهاء بطهارة أهل الكتاب ، وحلّية طعامهم والتزوّج بنسائهم والمعاملة معهم .
8 ـ حبّذ الإسلام زيارتهم وعيادة مريضهم ، وتقديم الهدايا لهم وقضاء حوائجهم‏ .
ولابد من تبيان هذه الاقليات في المجتمع الاسلامي مع نبذة قصيرة عن كل منها....
1_ اليهود... وهم العبريين المنحدرين من ابراهيم عليه السلام.
قال تعالى : ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ، أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ).
فواضحٌ من الآيات الكريمات ما وصّى إبراهيم ( عليه السلام ) يعقوب ( عليه السلام ) ، و كذلك يعقوب عندما سأل بنيه ـ بنو إسرائيل ـ عن عقيدتهم ، فكان جوابهم : أنّهم مسلمون لله ويعبدونه ولا يعبدون غيره ، فهذه هي عقيدة التوحيد السائرون عليها .
كما أوضح هذه العقيدة ـ بشكل لا لبْس فيه ـ ماجاء في قصّه يوسف ( عليه السلام ) ، وهو من أبناء إسرائيل ( = يعقوب ) ، حيث قال تعالى على لسان يوسف ( عليه السلام ) : ( إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ... ).
ولكن بعدما تكاثر بنو إسرائيل وصاروا أُمّة ، أخذت تترا عليهم الأنبياء ، وهذا مؤشر عن الانحراف الذي دبَّ في عقيدتهم . 2
2- المسيحيون ... فالديانة النصرانية ( هي المسيحية التي أُنزلت على سيّدنا عيسى (عليه السلام) مكمّلة لرسالة موسى (عليه السلام) ، متمّمة لِما جاء في التوراة من تعاليم ، موَجَّهة إلى بني إسرائيل ، لكنّها سرعان ما فقدت أصولها ؛ ممّا ساعد على امتداد يد التحريف إليها ، حيث ابتعدت كثيراً عن صورتها السماوية )
أمّا سبب تسميتهم بـ (النصارى) : فالاقوى لكونهم ( نصروا المسيح عيسى (عليه السلام) عندما قال : ( مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ ) . اما فرق النصارى في الوقت الحاضر فهي
أـ الأرثوذكس : ينتمي معظمهم إلى الكنيسة الشرقية التي انفصلت عن الكنيسة الأم في روما ، واتّخذت مقرّاً لها في القسطنطينية ، ثمّ في الإسكندرية .
وأكثر أتباع هذه الكنيسة في الشرق ولهم بطاركة ، ولا يخضعون لرئاسة كنيسة روما
ب ـ الكاثوليك : هم الذين ينتمون على الكنيسة الأُم في روما ، ورئيس كنيستها هو الحِبر الأعظم الذي يسمّى (البابا) .
ج ـ البروتستانت : عندما اشتدّ عنف الكنيسة الكاثوليكية على المسيحيين ، طالب عدد من رجال الدين وغيرهم بالإصلاح مثال : ( مارتن لوثر في روما ، وزونجلي في سويسرا ، وكلفن
3_ المجوس...وهم ملّة تتّبع تعاليم زَرادَشت لذلك يُطلَق عليهم زرادشتيِّين ، واختلف الفقهاء في كونهم يُعدّون من أهل الكتاب ( كاليهود والنصارى المُتَّفق عليهم ) ، أم أنّهم ليسوا قِسماً ثالثاً من أهل الكتاب ، بل يجوز أخذ الجزية منهم ،وقال الشيخ الطوسي : ( المجوس كان لهم كتاب ثمّ رُفع عنهم ، وهو أصحّ قولَي الشافعي ، وله قول آخر : إنّه لم يكن لهم كتاب وبه قال أبو حنيفة ، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ) وحكمهم حكم أهل الكتاب). 4_ الصابئة... فقد نقل العلاّمةُ الحلّي عن ابن الجنيد (من العلماء المتقدّمين) : ( أنّ الصابئة تؤخذ منهم الجزية ؛ لأنّهم من أهل الكتاب ، وإنّما يخالفونهم في فروع المسائل ، لا في الأصول ) .
ورد ذِكر الصابئة في القرآن الكريم عدّة مرّات ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )...اذن نخلص الى القول ان الاربعة المتقدمين يعتبرون من اهل الكتاب. ... اما من ليس لهم كتاب فيكون تفصيلهم كالاتي...
1 ـ الهندوس :
الهندوسية : هي ديانة أكثر أهل الهند الآن ، ولكن ليس لهم صانع لهذا الدين معيّن ، وإنّما هي مجموعة من التقاليد والأوضاع وامتزجت فيما بينها وتطوّرت فأصبحت ديانة ، يقول الدكتور عبد المنعم النمر في كتابه (تاريخ الإسلام في الهند) : ( الهندوسية : أسلوب في الحياة أكثر ممّا هي مجموعة من العقائد والمعتقدات ، فهي خليط لشتّى المعتقدات والفرائض والسُنن ، فليست لها صيَغ محدودة المعالِم ؛ لذا تشمل من العقائد ما يهبط إلى عبادة الأحجار والأشجار ، وما يرتفع إلى التجريدات الفلسفية الدقيقة ).
ـــــــــــ
2 ـ البوذية :
وهي ديانة ظهرت في الهند بعد الديانة البراهمية (الهندوسية) ، عندما ضعفت في مراحلها الأُولى نتيجة لتذمّر الناس من الطبقية التي سادت في ذلك الوقت ، فظهر الأمير (سيدهاتا) والملقّب ببوذا ـ والتي تعني المستنير ـ والذي قضى طفولته في ترف ، حيث كان والده ملكاً ، لكن لمّا كبر ورأى الطبقية السائدة في المجتمع آنذاك ، ورأى تعاليم الكُتُب الهندوسية غريبة وباطلة ، فعزم على تخليص الناس من آلامهم ، فانتهج لنفسه منهجاً تقشّفياً وخرج من القصر وأصبح راهباً .
3 ـ المشركون :
الشرك : أشرك بالله : جعل له شريكاً في مُلكه تعالى الله عن ذلك .
والاسم الشرك : قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )..4_ الغلاة
هم الذين يألِّهون النبيّ (صلَّى الله عليه وآله) ، أو أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أو بعض الأئمّة (عليهم السلام) ، فقد حُكم عليهم عند الإمامية بأنّهم مشركون ، كما في الروايات وفتاوى العلماء .

فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام) : ( ما نحن إلاّ عبيد الذي خلَقَنا واصطفانا . والله ، ما لنا على الله حجّة ، ولا معنا من الله براءة ، وإنّا لميّتون وموقوفون ومسئولون ، مَن أحبَّ الغُلاة فقد أبغضنا ، ومَن أبغضهم فقد أحبّنا ، الغلاة كفّار ، والمفوِّضّة مشركون ، لعن الله الغُلاة ، ألا كانوا نصارى ، ألا كانوا قدرية ، ألا كانوا مُرجئة ، ألا كانوا حرورية )
5_الخوارج :
هم فئة خرجت على الإمام علي (عليه السلام) في وقته ؛ نتيجة رفضهم لنتيجة التحكيم في معركة صِفّين ، فرفعوا شعار : ( لا حكم إلاّ لله ) وصار رمزاً لهم . ( وكان أوّل قائد لهم هو عبد الله بن وهب الراسبي ، عندما خرجوا على الإمام علي (عليه السلام) وتجمّعوا في حَرَوراء ـ منطقة قرب المدائن في العراق ـ فقاتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فنجا منهم عشرة وتفرّقوا في البلدان ، وبدأت بِدَع الخوارج تنموا في تلك المناطق التي هاجروا إليها )...بعد هذه الايضاحات حري بنا ان نذكر بعض المباديء الاسلامية السامية.

1 ـ المساواة في التعامل :
قال تعالى : ( يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى‏ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .
ففي هذه الآية لم يخصّص الباري عزّ وجلّ الحكم بالمسلمين فحسب ، بل يشمل المسلمين والكفّار ، كلّهم. 2 ـ المساواة في الخِلْقة :
لا موجب للتمييز بين بني الإنسان ؛ فالخالق واحد ، والأب ادم واحد ، والمصدر واحد ، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) : ( أيّها الناس ، إنّ ربّكم واحد ، وإنّ أباكم واحد ، كلّكم لآدم وآدم من تراب ... ) وهم متساوون في الخَلْق ، كما قال الإمام علي (عليه السلام) : ( ... فإنّهم صنفان : إمّا أخٌ لك في الدين ، وإمّا نظيرٌ لك في الخَلْق ) ، كما مرّ فالناس متساوون في الخلقة . ولا تميز لسلالة عن سلالة 3ـ المساواة في الابتلاء :
ومن السُنن الإلهية أن تكون هناك مساواة بين جميع الناس في التمتّع ببركات الله والحرمان منها ، حسب ما تقتضيه هذه السُنن لكلّ إنسان . فإن كان من الذين آمنوا واتّقوا ، فأنّه سوف تترتّبْ عليه التمتّع ببركات الباري (عزّ وجلّ) ، وإن كان من المكذّبين بآيات الله (جلّ وعلا) ، فسوف يُحرم من تلك البركات ، سواءً في الدنيا أو في الآخرة ، قال تعالى : ( وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَى‏ آمَنُوا وَاتّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السّماءِ وَالأَرْضِ وَلكِن كَذّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
وجعل الله تبارك وتعالى دار الدنيا ابتلاء وامتحان لكلّ إنسان ، فهي من لوازم الخِلْقة ، دون تمييز قوم عن قوم ، ولا عنصر عن عنصر ؛ لكي يعودوا إلى الإيمان به والاستقامة على منهجه ، قال أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : ( إنّ الله يبتلي عباده عند الأعمال السيّئة بنقص الثمرات وحبْس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ؛ ليتوب تائب ويقلع مقلع ويتذكّر متذكّر ويزدجر مزدجر ).
4 ـ الناس مختارون ومكلّفون على السواء :
ومن حكمته (عزّ وجلّ) أن ساوى بين خلْقه في منحهم نعمة العقل ، وجعل تبعاً له حريّة الاختيار ، فهم متساوون في هذه الهبة الربّانيّة ، فلكلّ إنسان حريّة اختيار منهجه .
ـــــــــــ
5 ـ لا تفاضل بين العباد إلاّ بالتقوى والعِلم النافع :
الله (عزّ اسمه) كرّم عباده من جهات عدّة ، فهو مكرمهم في الخِلقة ، قال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) وكرّمهم بالتمتّع بما سخّره لهم ، لا فرق بين إنسان وآخر ، قال تعالى : ( هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) ، ( وَسَخّرَ لَكُم مَا فِي السّماوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) ، فللجميع حقّ الاستفادة من الإمكانيات .... وحري بنا ايضا الاشارة الى الحقوق المدنية لغير المسلمين في المجتمع الاسلامي فهذه الحقوق هي :
1 ـ حقّ الحماية والمقاضاة :
أكدّ الإسلام في دستوره على : حماية أتباع الأديان الأخرى من كلّ لون من ألوان الظلم والاضطهاد ، فهم آمنون في كلّ ما يخصّهم ، آمنون على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم ، وهذا ما جسدّه الإسلام في أوّل ما بُني من أساس للدولة الإسلامية في المدينة ، وذلك حينما كتب الرسول (صلَّى الله عليه وآله) كتاباً رسم فيه نمط العلاقات بين مختلف الكُتل داخل المدينة المنوّرة على اختلاف عقائدهم ، حيث جاء في كتابه الشريف : ( ... وإنّه من تبِعنا من اليهود فإنّ له النصرة والأُسوة ، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم ... وأنّ على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وأنّ بينهم النصر على مَن حارب أهل هذه الصفيحة ، وأنّ بينهم النُصح والنصيحة والبِرّ دون الإثم ).
كما أنّ شرط الجزية على غير المسلمين لأجل حمايتهم ، وليس في معنى الجزية من قبح كما اعتقد البعض.
وعلى الحكومة الإسلامية واجب الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية كدفاعها عن حقوق سائر المواطنين .2ـ حقوق الوصايا والأوقاف والصدقات :
من الحقوق التي أقرّها الإسلام لغير المسلمين هي وصاياهم وأوقافهم وصدقاتهم ، لهم ومنهم .
ففي الوصية : لا بد من الالتزام بمحتواها وعدم تحريفها ، وهذا ما أكّدت عليه مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) . فلو أوصى غير المسلم بالتصدّق في ماله أو إنفاقه في مورد معيّن ، أُقرّت وصيّته ؛ فعن محمّد بن مسلم ، قال : ( سألتُ أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجُل أوصى بماله في سبيل الله ، فقال : ( أعطه لمَن أوصى به له وإنْ كان يهودياً أو نصرانياً ... )
وليس للمسلمين التعرّض لغير المسلمين في تنفيذ وصية أحدهم ، إلاّ في حالة الوصية بخمر أو خنزير . أمّا بالنسبة للصدقات والأوقاف ، فلهم في ذلك كما للمسلمين ، حيث صدقاتهم ماضية في دستور الإسلام ، وكذلك أوقافهم ، ولا يحقّ للمسلمين في إيقاف تنفيذها أو تغيير محتواها ، وصرفها عن موردها ، فلغير المسلمين ( أن يتصدّق بعضهم على بعض ، وعلى مصالحهم وبيوت عباداتهم ) ، ( ولو وهب الذمّي أو تصدّق أو وقف شيئاً من أرض الصُلح على شخص آخر ، انتقلت الأرض إليه )
كما يكون الوَقْف صحيحاً في أمور عباداتهم ، فـ : ( إذا كان الوقْف على أحد المواضع التي يتقرّبون فيها الى الله تعالى كان وقْفاً صحيحاً . وإذا وقف وقْفاً على الفقراء ، كان ذلك الوقْف ماضياً في فقراء أهل ملِّته ، دون غيرهم من سائر أصناف الفقراء )

.
3 ـ حقّ الميراث :
الأنساب والأسباب في الإرث عند الشريعة الإسلامية تختلف عمّا في الشرائع للمِلل الأخرى : ( فلم يشترط أكثر الفقهاء في مسائل إرث غير المسلمين ، أن تُطبّق الشريعة الإسلامية في تحقّق الإرث لهم )؛ لذا فلو مات أحدهم تنتقل أمواله الى ورثته .
( يرث الكفّار بعضهم بعضاً ، وإن اختلفت جهات كفرهم )
ـــــــــــ
4 ـ حق النكاح وصحّته :
النكاح عند المِلل الأخرى ، سواء كانوا أهل كتاب أو غيرهم ، صحيح عندنا ، حتّى لو كان مخالفاً لشريعتنا . ولم يأمر الشارع المقدّس في عهد الرسول (صلَّى الله عليه وآله) في إنشاء عقد جديد للكافرين عندما يُسلمون ، بل أقرَّ عقدهم الأوّل وهم في حال كُفر ، حيث وردت كثير من الروايات في هذا المضمار ، يقول الإمام صادق (عليه السلام) : ( إنّ لكلّ أُمّة نكاحاً )
كما أنّه سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن رجل هاجر وترك امرأته مع المشركين ، ثمّ لحقت به بعد ، أيُمسكها بالنكاح الأوّل أو تنقطع عصمتها ؟ فأجاب : ( يُمسكها وهي امرأته )
وهذا الأمر ـ وهو إقرار نكاح غير المسلمين ـ من الأمور التي هي مورد اتّفاق بين العلماء قديماً وحديثاً . ...........5_ الحقوق الاقتصادية
فلا يؤثّر اختلاف الدين في أحكام المعاملات ؛ والدليل عليه إطلاقات أدلة المعاملات ، فالتعامل مع غير المسلمين في النواحي الاقتصادية يعد من أهم الحقوق التي رعاها
الشرع الإسلامي ، وضرب فيها أروع الأمثلة التي هي من صميم دستوره الحنيف ، حيث:

إضافة إلى ما مرّ من عقد الزواج ، والإرث ، والوصية ، والصدقة ، والوقف ، القاعدة العامّة هي : لا أثر لاختلاف الدين في إنشاء العقود والمعاملات الاقتصادية مع غير المسلمين ، فعلى سبيل المثال في عقود المضاربة والشِركة ، فإنّه تجوز هذه المعاملات مع الكافر ، وإن كانت مكروهة في بعض الصور .
6ـ حق التكافل الاجتماعي :
في المجتمع الإنساني التزامات تجاه بعضهم البعض ، ومن هذه الالتزامات هو التكافل فيما بينهم من الناحية الاقتصادية ، لِما له الأثر في توحيد المشاعر وتقوية الأواصر الاجتماعية .
والتكافل بمعنى التضامن والتساند بين أبناء المجتمع الواحد ، قال في لسان العرب : ( الكفيل هو الضامن ) ، لكن هناك نوعين من التكافل الاجتماعي :
أ ـ تكفّل الدولة الإسلامية .
ب ـ تكافل أبناء المجتمع فيما بينهم .
ـــــــــــ
أمّا بالنسبة للأوّل ، فللدولة الإسلامية مسؤولية تجاه أبناء المجتمع كافّة ، يقول السيد محمّد باقر الصدر في كتابه (اقتصادنا) : ( تكون الدولة مسؤولة بصورة مباشرة عن ضمان معيشة المعوزين والعاجزين ) ، وهذه المسؤولية ليست خاصّة تجاه المسلمين فقط ، بل حتّى غير المسلمين ، حيث يقول (عليه السلام ) : ( الذمّي الذي يعيش في كنف الدولة الإسلامية إذا كَبُر وعجَز عن الكسْب ، كانت نفقته من بيت المال )
أمّا بالنسبة للشقّ الثاني ، وهو كفالة أبناء المجتمع لبعضهم البعض ، أي مسؤولية أبناء المجتمع فيما بينهم ، فقد ذكرنا سابقاً جواز الصدقة والهبة لغير المسلمين ، فعن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ أهل السواد يقتحمون علينا ، وفيهم اليهود والنصارى والمجوس ، فنتصدّق عليهم ؟ فقال (عليه السلام) (نعم) 7_ حقوق الاداب الاجتماعية...
:1 ـ عدم التجاوز عليهم وحرمة قذفهم :

2 ـ عيادة مريضهم وحُسن صحبتهم وجوارهم :
3 ـ قبول هديّتهم والدعاء لهم :
... بعد كل هذا الذي تقدم.. اقول ان ديننا الاسلامي دينا عظيما. قد حفظ ارواح وحقوق الجميع. سواء كانون مسلمين ام غيرهم ممن يعيشون في كنف المجتمع الاسلامي . فليسال كل منا نفسه . هل طبق هذه الاحكام وهذه المباديء والاخلاقيات العظيمة التي جاء بها الاسلام . هل طبقها فعليا مع الاخرين من غير المسلمين ضمن دولته ومدينته؟ . فاذا كان الجواب نعم . فجزاه الله تعالى خيرا . واذا كان الجواب كنت لا اعلم بذالك وبكل هذه التفاصيل. فاقول له اعلم الان بعد ان قرات هذا المقال وهذا البحث . اما اذا كان الجواب انني اعلم بكل ذالك ولا اريد ان اطبقه مع هذه الاقليات.. فاقول له ( كما بدات معنونا المقال...اللهم اني بلغت ...اللهم فاشهد ).......المحامي عباس الحسيني. الشعبة القانونية في دائرة صحة النجف الاشرف. ماجستير قانون .[/quote]