المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغير النفس و الواقع في عاشوراء .. ، ضرورة أم نافلة؟


خادم مولاي الحسين
28-12-2008, 03:30 PM
تغير النفس و الواقع في عاشوراء .. ، ضرورة أم نافلة؟

هل نريد التضحية بين يدي الامام الحسين عليه السلام ؟ هل نشتاق للذود عن أبي عبدالله سلام الله عليه وهو يصلي آخر صلاة له، ونستقبل السهام دونه؟ هل نرغب في إيصال الماء إلى مخيم الإمام الحسين عليه السلام حيث العطاشى من الاطفال والنساء ..؟

تطل علينا ذكرى عاشوراء الأليمة ، ذكرى واقعة كربلاء التي لن تجيء واقعة أعظم منها ..
هذه الواقعة التي منذ يومها إلى يومنا هذا وهي تعطينا دروس ودروس في مختلف النواحي ، دروس العزة والإباء، دروس محاربة الظالمين ، ومنها دروس تغيير الواقع وتغيير النفس ودروس الإصلاح..
إن قتل الحسين عليه السلام وقتل أهل بيته لم يكن إلا من أجل الإصلاح ، ذاك الإصلاح الذي طلبه سيد الشهداء عليه السلام عند خروجه، وهو طلب الإصلاح في أمة جده المصطفى صلى الله عليه وآله ..
فمن أراد تغير نفسه وواقعه ومجتمعه ، فعاشوراء من أكبر الفرص للتغيير حيث الارتباط بذلك الإمام العظيم الذي ذَبح من أجل الإصلاح ..
إرادة التغير:
إن إرادة التغيير هي الدافع والمحرك لتغيير النفس، وإلامن لا إرادة له في هذ المجال لن يسعَ للتغيير أبداً، لذلك فإن وجود هذه الإرادة والنية الصادقة للتغيير – في حد نفسه- موجب للتغيير في يوماً ما وإن لم يتبع هذه الإرادة تغيير واقعي وعملي.
ومن لا يسعَ للتغيير فالحياة ماضية دون توقف ، فلن تنتظره ليغير من واقعه ومن نفسه ، بل سيبقى في ظلمة الجهل والمعاصي ، إلى أن يأتي ذلك اليوم ليعض على أنامله ندماً ويقف بين يدي الله تعالى خجلاً مما فرط في حياته ..

التغيير وتعجيل الفرج:
إن لأنصار صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه صفات ذكرتها الروايات، فمن رضي بواقعه دون أن يغير منه فلا يمكنه أن يكون ضمن هذه الفئة ، فإن الارتباط بالامام الحسين عليه السلام هو تجديد عهد بحفيده المنتظر عجل الله فرجه..
فلو نظرنا لحياتنا ، فالامام المهدي عجل الله فرجه لا يريد منا إلا أن نكون على خط الله تعالى ، فمن لا يحافظ على صلاته ، ومن لا يلتزم بالواجبات ، ومن يغتاب وينظر للحرام ويكذب ، فهو بعيد عن نصرة صاحب الأمر، هذه من ضروريات الدين ، فكيف بباقي الأمور؟
فلا يتوقع أحد منا أن يكون من أنصار الحجة عجل الله فرجه ، وصلاة صبحه قضاء-مثلا- ، ولا يتوقع أن ينصر الامام وهو يغتاب الناس ويأكل لحومهم ، إلى آخره من الأمور التي أمرنا الدين بها ...
فلنبدأ في عاشوراء لتغيير الواقع الذي نعيشه، فإن النفس تبقى على ماهي عليه من الهفوات والأخطاء ما لم تُغير ..
والإنسان يبقى على حاله ، فلو مرت عليه مئات المناسبات المباركة كمحرم ، فإن حاله لن يتغير إذا لم يغير في الواقع شيء.

الهمة العالية:
لا يكن هم أحدنا أن يصل إلى مرحلة متدنية من التكامل، بل تكون همته عالية وإن لم يسعفه العمل في بعض الاحيان، فمن همته ترك الحرام فقط- وإن كان هو المطلوب ابتداءً- فسيسعى لذلك وإن وصل إليه سيبقى على حاله..
ولكن من كانت همته عالية أكبر من ترك الحرام، فإنه سيترك الحرام تلقائياً للوصول إلى تلك الدرجة الأكبر والتي لا يمكن الوصول إليها إلا بترك الحرام، فمن كانت عزيمته على الصعود لسطح البناء العالي فإنه لن يكتفي بالوصول إلى أقل من ذلك، وإن لم يوفق لذلك فعلى الأقل ستكون همته في مستوى جيد، فالبعص عندما يسمع عن بعض العرفاء وبعض المؤمنين في درجات تكاملهم ، حتى لا يخطر على باله أن يكون مثلهم في يوم من الأيام وهذا –والله العالم- من تلبيسات ابليس في إبقاء المؤمن على وضعه وإن كان جيداً في حد نفسه..
فعلينا بإعادة صياغة للوضع والوصول إلى نقطة التغيير ، ويكون تغيير الواقع كل بحسبه وبوضعه..
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من طلب شيئاً ناله أو بعضه" ، فمن طلب الإصلاح في شهر محرم ناله أو نال بعضه وذلك بالنية الصادقة والتي يتبعها العمل كما يمكن فهمه من هذه الرواية..

عاشوراء التغيير:
ما كان خروج الامام الحسين عليه السلام إلا لطلب الإصلاح في أمة جده صلى الله عليه وآله، وعاشوراء فرصة للاقتداء بالامام الحسين عليه السلام في هذا الهدف وهو الإصلاح، إصلاح النفس وإصلاح المجتمع بالقدر المتيسر للمؤمن.
فالامام الحسين عليه السلام باب واسع لطلب التغيير، فكما أصلح الأمة فلا يعجزه أن يصلحنا ..
فإحياء عاشوراء ليس مجرد اللطم والبكاء المجرد- وإن كان مطلوباً في حد نفسه- ، ولكن الإحياء الحقيقي أمر آخر ..
فالذي يفوت الصلاة – مثلا- في شهر محرم ، أو حتى يأخرها لما بعد العزاء، كما يمكن أن يتفق للبعض في يوم العاشر ، فهو مشغول بالعزاء في وقت الصلاة ، والحال أن صلاة الظهر في يوم العاشر صلاها الحسين عليه السلام في تلك الظروف ولم يتركها ..
والذي يصرخ واحسيناه وهو لا يعرف دينه ، فهذا أبعد ما يكون عن إمامه الشهيد الذي ما خرج إلا طاعة لأمر الله عزوجل ونصرة لدينه ..
فلنكن أحراراً :
ولنا في الحر الرياحي- رضوان الله عليه- في يوم عاشوراء مثالا للتوبة الصادقة ، ومثالا للتغيير الكبير الذي حصل في حياة هذا العبد الصالح ، وذلك –كما يٌقال- لسابقة له في احترام الإمام الحسين عليه السلام وامتناعه عن ذكر أمه بسوء ، أو لتقديمه الامام عليه السلام للصلاة بالقوم..
فلا يحرم الإنسان نفسه من الخير وإن كان غارقاً بالمعاصي ، فلعل الله سبحانه يتفضل عليه بعدها ..
التغيير والواقع العملي:
كيف نتغير؟ ماذا نعمل؟
الجانب العملي هو الأهم في كل ذلك، فقد يكون الكثير ممن لديه إرادة التغيير ولكن يخونه العمل، والمراحل تختلف باختلاف حال الفرد..
أولى المراحل:
ليست أولى المراحل للتغيير هي الالتزام بالختمات والأذكار سواء الواردة عن أهل البيت عليهم السلام أم المخترعة، وليست أولى المراحل الالتزام بصلاة الليل-مثلا- ، أو الالتزام بالمستحبات..وإن كانت بعض هذه الأمور معينة في هذا الطريق ..
إن الخطوة الأولى هي الالتزام بكل واجب وترك كل محرم، والالتزام بالرسالة العملية لمرجع التقليد، أي الالتزام بالصلوات الخمس في أوقاتها، ودفع الخمس وغيرها من الواجبات ..
وترك الغيبة والنظر المحرم والربا والكذب وغيرها ..
ولكن كيف يكون ذلك؟
في كلام لآية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت حفظه الله يذكر هذا المقطع :
" والظاهر أن ترك المعصية بقول مطلق لا يتم من دون((المراقبة الدائمة))"
وهذه هي أهم المراحل، فيذكر هذا العارف الجليل ايضا :" إذا كان الطالب صادقاً فترك المعصية كاف وواف للعمر كله، حتى لو كان ألف سنة"
دور الدعاء:
للدعاء دور كبير في تغيير الواقع، فالدعاء إنما هو طلب من مقلب القلوب ومالك القلوب لأن يغير هذه القلوب التي أماتتها الذنوب والغفلات، فمن المناسب استغلال ساعات الإستجابة لذكر هذا الطلب.
نماذج لخطوات عملية للتغيير:
الصلاة في وقتها و صلاة الجماعة:
إن الإمام الحسين عليه السلام قدم دماء بعض أصحابه في يوم عاشوراء من أجل أن يصلي جماعة، فكان بإمكانه أن يأمرهم بالصلاة فرادى كل واحد في خيمته بعيداً عن مرمى السهام ، ولكنه لم يفعل..

ونحن ربما نترك صلاة الجماعة لأسباب مهما كانت فهي لن ترقَ للدماء ..
فبئس الأنصار للإمام شعارأ والأعداء عملاً ، فالامام عليه السلام لا يريد شعار بل يريد عمل واتباع حقيقي ، فما بال البعض يذهب من مأتم لمأتم ومن موكب لموكب ولا تراه يفكر للحظة في اقتفاء شيء من سيرة أبي عبد الله عليه السلام ، فتراه مفرطاً في صلاة أول الوقت أو متهاوناً بحضور صلاة الجماعة ومتغافلاً أو جاهلاً بهذا الحديث : عن الامام علي عليه السلام : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد إلا أن يكون له عذر أو به علة ، فقيل ومن جار المسجد يا أمير المؤمنين : قال من سمع النداء .

فكم منا يسمع النداء ( حي على خير العمل ) أي حي على الصلاة التي هي خير الأعمال ، وصاحبنا تراه منشغلاً بشغل من أشغال الدنيا أو نوم أو لهو أو لعب وكأنه في مقام العمل يقول يا رب شغلي ولعبي أفضل من الصلاة ، فما هذا الجفاء.. !!

فليبدأ المؤمن في هذا الشهر الحرام بتغيير نفسه من هذه الجهة ، في محافظته لصلاة أول الوقت وصلاة الجماعة ..
التغيير الثقافي والفكري:
كم من المؤمنين يمضي عليه العمر وقد قطع عن نفسه كل مصادر الثقافة والعلم، فلا يقرأ شيئاً ولو قليلاً ، ولا يستمع للمواعظ والمحاضرات ، ولا يحضر الأنشطة الثقافية..
هل هذا هو المطلوب من المؤمن؟
فالعلم بالنسبة للمؤمن أمر مهم جداً، فالعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، والعالم بأحكام دينه يعرف طريقه في الحياة،وكما تؤكد الروايات أن العالم أفضل من العابد بدرجات كبيرة ، وأن السائر على غير هدى لا تزيده كثرة السير إلا بعداً ..
فمن الأفضل لطالب التغيير والإصلاح أن يسعَ للتغيير في هذا الجانب ولو شيئاً قليلاً ما أمكنه ذلك..
الغضب:
إن الغضب من الأمور التي تعيق المؤمن في مسيرته التكاملية، ذلك الذي تعبر عنه الروايات بأنه جنون في أوله وندم في آخره ..طبعا لا نعني الغضب المحمود والذي يحثنا عليه الإسلام .. ذلك في مكانه .. ولكن الغضب الذي يعيق المؤمن هو الذي لا يكون في محله وذمته الشريعة المقدسة..
الكل يعرف آثار الغضب ونتائجه، وماهذه الدماء التي هدرت ولاتزال تهدر في كل مكان إلا من تلك القوتين الموجودتين في الإنسان وهما الغضب والشهوة..
قد يغضب الإنسان على أمر لا يستحق حتى الإلتفات إليه فضلاً عن الغضب من أجله،وهذا يحتاج إلى أن يرتقي الإنسان قليلاً ، ليرى تفاهة ما كان فيه ..
من أمور التي يُنصح بها لعلاج الغضب هو الوضوء وذلك لتغير الحالة التي كان عليها ، وكذلك توقيف النشاط كلياً ، لا يتكلم ولا يصدر فعلاً إلى حين سكون الغضب، وبعد ذلك سيرى حلاوة الإيمان في قلبه عند كظمه للغيظ ..
النظر المحرم:
في هذه الأيام المباركة، قد يكثر النظر المحرم في ظل الاختلاط في أماكن الإحياء ..
إن هذه النظرة المحرمة سهم يرميه صاحبها على قلب سيد الشهداء، وهو سهم يرميه على قربة الماء التي كان يحملها العباس عليه السلام ، والنظرة نار يحرق بها خيام الطاهرين ..
ليفكر قليلاً ، بعد هذه النظرة ماالذي جناه؟ صورة في الذهن ولا شيء في الواقع وإثارة دون إشباع ، وحسرة تتبعها حسرة..حرام رخيص قام به ولا مسوغ له أبداً ..
فليرفع الإنسان همته في هذه الأيام وينتصر على نفسه و على الشيطان في هذا الجانب ، ليترك هذا الفعل إلى أبد الآبدين ، بنية صادقة ومعاهدة لمولاه الحسين عليه السلام ..


حالات التذبذب:
قد تمر على المؤمن حالات من الخمول والفتور في الهمة، هذا أمر طبيعي ولكن المهم ألا يتنزل إلى مستوى أقل من المستوى المطلوب، وليستجير بالله تعالى ويشكو إليه أمره، وليسأله أن يرزقه العزيمة القوية، والله سبحانه وتعالى أكبر وأرحم من أن يرى العبد داعياً لأمر لا يجده عند غيره فيرده إلا لمصلحة يراها جل ذكره ..

طلب الاستشفاء:
إن أهل البيت عليهم السلام هم أطباء النفوس والأرواح، فبإمكاننا أن نزور عيادتهم، وعيادة الحسين عليه السلام أكبر فهو كما تعبر الروايات أنه كلنا سفن نجاة وسفينة الحسين أسرع..
فليكن ذهابنا إلى المآتم ومواكب العزاء بقصد الشفاء من مرض القلوب والأرواح ، هذا المرض الذي لو ابتعد عنا قليلاً لما كنا من الخاسرين كما نحن الآن ..
وحاشا لأهل بيت العصمة والكرامة أن يردوا المؤمن خائباً ، وهم الذين لم يرجع منهم المسكين واليتيم والأسير خائبين، والاسير قد لا يكون مسلماً، فكيف بالموالي وقد وفد إلى بابهم في مثل هذه الأيام، متأسياً برسول الله صلى الله عليه وآله في تجديد حزنه على سيد الشهداء صلوات الله عليه ..

فلنحول العَبرة إلى عِبرة ، والبكاء المجرد إلى بكاءٍ واعٍ ، ولنكون على خط الحسين عليه السلام وهو خط الله سبحانه وتعالى ، وهو خط نصرة صاحب العصر والزمان ..

وليكن شعارنا في هذه الليالي:
""لبيك داعي الله إن لم يجبك بدني عند استغاثتك ولساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي وسمعي وبصري ورأسي وهواي".
لبيك يا حسين ..

amabbad
28-12-2008, 05:09 PM
مشكور يالغالي و يعطيك العافيه عالموضوع اخوي