melika
11-11-2006, 11:17 AM
إنّ الابتلاء هو عبارة عن الاختبار و كشف الحقيقة الكامنة في ذات الإنسان عن طريق المحن والشدائد والآلام والتكاليف و أنواع البلاء من جهة ، و عن طريق النعم و سعة العيش و توفير القوّة والمال والسلطة والجاه من جهة أخرى ، إذا عرفنا ذلك ، فلنعد ثانية لقراءة الآيات التي تحدّثت عن البلاء والمحنة ، و لنقف على ما اختزنته من تشخيص و قراءة لذات الإنسان ، و كشف عن أعماقه ، و بيان لما ينبغي أن يسير عليه و ينتهجه حين البلاء وعند التعامل مع وسائل الاختبار والابتلاء .
إنّ القرآن يؤكد من خلال آياته تلك عدّة حقائق أساسية هي :
1 ـ إنّ الابتلاء والاختبار سنّة إلهيّة ، و لا بدّ للإنسان من أن يمر بحالة من حالات الاختبار والابتلاء الفردي أو الجماعي ، و عليه أن يعد نفسه ، و يهيئها لذلك الاختبار ، فلا يفاجأ ، و لا يستولي عليه الاهمال والامهال .
قال تعالى :
( الَّذِي خَلَقَ الموتَ والحَياةَ لِيَبلوَكُم أيُّكُم أحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ ) .
( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُترَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنونَ وَ لَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ ) .
فالحياة ساحة اختبار و مجال للكشف عن حقيقة النفس و محتوى الذات ، ليعرف الصادق من الكاذب المدّعي ، ذلك لأنّ الحياة مسؤولية و جزاء ، و لا يمكن أن تحدّد المسؤولية ، و يستحق الإنسان الجزاء إلاّ بعد المرور بمرحلة الاختبار والامتحان ، و عند ذلك تنكشف حقائق الناس لأنفسهم ، و للآخرين ، فيبدون على حقيقتهم من غير حجاب و لا ستار .
إنّ حياة الرخاء والسعة والاستقرار تغطي حالة الضعف ، و تستر نواقص الإنسان و خفاياه الكامنة ، و تظهر حين المحنة ، و في ساعة العسرة والشدّة والاختبار الصعب ، لذلك يؤكد القرآن أنّ ادعاء الإيمان والمبدئية ، و حمل شعار المسؤولية والاخلاص لله وللمبادئ والشكلية الظاهرية ليس بكاف لتصديق المدّعي ، و لا يترك الناس على ما هم عليه حتى يختبرهم الله و يعرّفهم لأنفسهم و للناس الآخرين ، و كم تساقط اُناس في ساحة المحنة ، و كم هوت شخصيات و كيانات و كبت في ميدان الامتحان ، شخصيات كان الناس يعدّونها قمماً و طلائع و قدوة للآخرين .
2 ـ إنّ الله بعدله و حكمته جعل الاختبار والابتلاء بمستوى الاستطاعة البشرية ، و لا يختبر الله الإنسان إلاّ بما وهبه و أعطاه من طاقات وامكانات ، لذا ورد في القاعدة المأثورة : « إذا سلب ما وهب فقد سقط ما وجب » .
والقرآن يوضّح هذه الحقيقة ، و يكشفها بوضوح و جلاء بقوله : ( لِيَبلُوَكُمْ فِيما آتاكُم ) .
إنّ الاختلاف في التكاليف وألوان الاختبار والابتلاء والمحن تستهدف اختبار الناس بما أعطوا و أوتوا من النعم والطاقات والامكانات ، فالعالم يختبره الله بما أعطاه من علم و معرفة ، يختبر بكيفية استخدامه للعلم والمعرفة ، و كيف يتعامل مع الناس بعلمه ، هل يستغل علمه لتدمير البشرية و إذلالها وانقيادها ، أم يستخدمه لخير الإنسان وانتشاله من الظلمات إلى النور ؟ و هل يملأ هذا العلم نفس صاحبه بالغرور والتكبّر والاستعلاء على الآخرين و على خالقه ؟ أم يملأ جوانحه نوراً و هدىً و تواضعاً ؟ و هل يوظّف علمه للدعوة إلى الهدى و تعليم الإنسان سبل الرّشاد ؟ أم يستخدمه للنصب والابتزاز و جمع المال والارتزاق و طلب الزعامة والوجاهة الزائفة ؟ فيحط قيمة العلم و أهدافه النبيلة ، و يحوله إلى أداة تافهة بعيدة عن دور العلم و مسؤوليته الأخلاقية والعملية في الحياة ، و صاحب المال يختبره الله بما أعطاه من مال و خيرات ، و تنكشف حقيقته و سلوكيته حين الغنى وامتلاك الثروة ، فمن الناس من إذا ملك المال طغى و تكبّر و جرّه ماله إلى الفساد والانحطاط والجشع والاستغلال ، فتراه يتقلّب في المعاصي ، و يستخدم النعم التي وهبها الله له في الجريمة والفساد و ظلم الناس ، في حين يوظف صنف آخر ما وهبه الله من مال في طاعة الله ، و فعل الخير واصلاح المجتمع ، و خدمة الإنسان .
و كم من الناس ، الذين يعملون في حقل السياسة والعمل الاجتماعي ، تراه ينادي بالأمن والسلام و حرّية الآخرين ، و حقوق الإنسان و نصرة الضعيف والمظلوم ... الخ ، إلاّ أنّه يتحوّل إلى وحش كاسر و سلطة ارهابية ، و مخلوق عدواني ظالم إذا ما تسلّط على الآخرين ، و رأى نفسه فوقهم ، واستطاع أن يتصرّف بأمورهم و مقاديرهم .
إنّ حقيقة الإنسان الخيّرة والشرّيرة لا تعرف بالادعاء والظواهر ، و عند فقد إمكانية الظلم والتسلّط والاستمتاع المحرم والاستغراق في حبّ الدنيا والعجز عن ممارسة العدوان والمعصية ، و لكنّها تعرف عندما يملك الإنسان القوّة والسلطة والجاه و وسائل المتعة ، و عندما يواجه المواقف و حالات الاختبار الصعب .
* البلاغ
إنّ القرآن يؤكد من خلال آياته تلك عدّة حقائق أساسية هي :
1 ـ إنّ الابتلاء والاختبار سنّة إلهيّة ، و لا بدّ للإنسان من أن يمر بحالة من حالات الاختبار والابتلاء الفردي أو الجماعي ، و عليه أن يعد نفسه ، و يهيئها لذلك الاختبار ، فلا يفاجأ ، و لا يستولي عليه الاهمال والامهال .
قال تعالى :
( الَّذِي خَلَقَ الموتَ والحَياةَ لِيَبلوَكُم أيُّكُم أحْسَنُ عَمَلاً وَ هُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ ) .
( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُترَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنونَ وَ لَقَدْ فَتَنّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الكاذِبِينَ ) .
فالحياة ساحة اختبار و مجال للكشف عن حقيقة النفس و محتوى الذات ، ليعرف الصادق من الكاذب المدّعي ، ذلك لأنّ الحياة مسؤولية و جزاء ، و لا يمكن أن تحدّد المسؤولية ، و يستحق الإنسان الجزاء إلاّ بعد المرور بمرحلة الاختبار والامتحان ، و عند ذلك تنكشف حقائق الناس لأنفسهم ، و للآخرين ، فيبدون على حقيقتهم من غير حجاب و لا ستار .
إنّ حياة الرخاء والسعة والاستقرار تغطي حالة الضعف ، و تستر نواقص الإنسان و خفاياه الكامنة ، و تظهر حين المحنة ، و في ساعة العسرة والشدّة والاختبار الصعب ، لذلك يؤكد القرآن أنّ ادعاء الإيمان والمبدئية ، و حمل شعار المسؤولية والاخلاص لله وللمبادئ والشكلية الظاهرية ليس بكاف لتصديق المدّعي ، و لا يترك الناس على ما هم عليه حتى يختبرهم الله و يعرّفهم لأنفسهم و للناس الآخرين ، و كم تساقط اُناس في ساحة المحنة ، و كم هوت شخصيات و كيانات و كبت في ميدان الامتحان ، شخصيات كان الناس يعدّونها قمماً و طلائع و قدوة للآخرين .
2 ـ إنّ الله بعدله و حكمته جعل الاختبار والابتلاء بمستوى الاستطاعة البشرية ، و لا يختبر الله الإنسان إلاّ بما وهبه و أعطاه من طاقات وامكانات ، لذا ورد في القاعدة المأثورة : « إذا سلب ما وهب فقد سقط ما وجب » .
والقرآن يوضّح هذه الحقيقة ، و يكشفها بوضوح و جلاء بقوله : ( لِيَبلُوَكُمْ فِيما آتاكُم ) .
إنّ الاختلاف في التكاليف وألوان الاختبار والابتلاء والمحن تستهدف اختبار الناس بما أعطوا و أوتوا من النعم والطاقات والامكانات ، فالعالم يختبره الله بما أعطاه من علم و معرفة ، يختبر بكيفية استخدامه للعلم والمعرفة ، و كيف يتعامل مع الناس بعلمه ، هل يستغل علمه لتدمير البشرية و إذلالها وانقيادها ، أم يستخدمه لخير الإنسان وانتشاله من الظلمات إلى النور ؟ و هل يملأ هذا العلم نفس صاحبه بالغرور والتكبّر والاستعلاء على الآخرين و على خالقه ؟ أم يملأ جوانحه نوراً و هدىً و تواضعاً ؟ و هل يوظّف علمه للدعوة إلى الهدى و تعليم الإنسان سبل الرّشاد ؟ أم يستخدمه للنصب والابتزاز و جمع المال والارتزاق و طلب الزعامة والوجاهة الزائفة ؟ فيحط قيمة العلم و أهدافه النبيلة ، و يحوله إلى أداة تافهة بعيدة عن دور العلم و مسؤوليته الأخلاقية والعملية في الحياة ، و صاحب المال يختبره الله بما أعطاه من مال و خيرات ، و تنكشف حقيقته و سلوكيته حين الغنى وامتلاك الثروة ، فمن الناس من إذا ملك المال طغى و تكبّر و جرّه ماله إلى الفساد والانحطاط والجشع والاستغلال ، فتراه يتقلّب في المعاصي ، و يستخدم النعم التي وهبها الله له في الجريمة والفساد و ظلم الناس ، في حين يوظف صنف آخر ما وهبه الله من مال في طاعة الله ، و فعل الخير واصلاح المجتمع ، و خدمة الإنسان .
و كم من الناس ، الذين يعملون في حقل السياسة والعمل الاجتماعي ، تراه ينادي بالأمن والسلام و حرّية الآخرين ، و حقوق الإنسان و نصرة الضعيف والمظلوم ... الخ ، إلاّ أنّه يتحوّل إلى وحش كاسر و سلطة ارهابية ، و مخلوق عدواني ظالم إذا ما تسلّط على الآخرين ، و رأى نفسه فوقهم ، واستطاع أن يتصرّف بأمورهم و مقاديرهم .
إنّ حقيقة الإنسان الخيّرة والشرّيرة لا تعرف بالادعاء والظواهر ، و عند فقد إمكانية الظلم والتسلّط والاستمتاع المحرم والاستغراق في حبّ الدنيا والعجز عن ممارسة العدوان والمعصية ، و لكنّها تعرف عندما يملك الإنسان القوّة والسلطة والجاه و وسائل المتعة ، و عندما يواجه المواقف و حالات الاختبار الصعب .
* البلاغ