ابو تراب الناصري
14-01-2009, 01:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأعظاء في شبكة انا شيعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعظم الله لنا ولكم الأجر بأستشهاد مولانا ومقتدانا ابو عبد الله الحسين وأهل بيته واصحابه في كربلاء الدم والشهادة
وبعد :- فهذا بحث قد وفقني الله لكتابته يستعرض عقيدة الأمامة العظمى ويرد شبهات النواصب والمخالفين حول تلك العقيدة المباركة تحت عنوان (( الأمامة فوق الشبهات )) .
وسأقوم بنشرها في المنتدى على شكل حلقات متتابعة لكي تعم الفائدة وأرجوا ان لايبخل علي الأخوة بالنقد والتقييم وكذلك أرجوا من الأخوة السنة في المنتدى ان يعطوا رأيهم في ما كتب من رد شبهاتهم الواهية حول عقيدة الأمامة ...
الإمــــــــــــــامـــــــــــــــــــــة
فـــــــــوق الشبــــــــــــهات
مطارحة نقدية لما أثير من شبهات حول عقيدة الإمامة
بقلم
أبو تراب الناصري
الإهداء..
إلى نفس الرسول
وزوج البتول
وسيف ذي الجلال
ومقلب الأحوال
ومنزل الأهوال
وساقي السلسبيل الزلال
إلى سيدي ومولاي أبو الأئمة خليل الرسول المخصوص بالأخوة
أبو الحسنين علي العلي ...
أهدي سيدي ما تفضلتم به علي عسى أن يكون بضاعة في ميزان أعمالي يوم لا ينفع مال ولا بنون الأ من أتى بقلب سليم مفعم بحبك وولايتك .
المقدمة
أن قضية الإمامة حجر الزاوية في العقيدة لدى مدرسة أهل البيت ((ع)) وتعتبر عندهم ثابت أسلامي أصيل حيث تمثل الامتداد التشريعي لرسالة الرسول ((ص)) والديانة الخاتمة والضمانة الحقيقة لأحقية هذه الرسالة في تأدية دورها في قيادة البشرية نحو بر الأمان وقد بنيت كل مفاصل العقيدة لدى الفرقة الحقة على أساس هذا المبدأ الشامخ .
ولقد تعرض هذا الثابت الإسلامي المقدس الى موجة من التشكيكات والشبهات من قبل أعداء المذهب فهو نقطة الافتراق بين مذهب أتباع الحق وبقية المدارس والمحور الأساس الذي بنيت عليه عقيدتهم وضنوا أنهم بذلك سيهدموا أساس المذهب لينهار وجوده وتذهب شرعيته بذلك ولكن هل تستطيع أفواه الظلمة أن تطفى نور الله بتلك الشبهات الواهية كلا والله سبحانه يقول (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون )).
ولقد تصدى أئمة الهدى ومصابيح الدجى لما أثير من شبهات وتشكيكات حول ذلك المبدأ الأصيل وربوا جيلا مباركا من علماء وفقهاء ومتكلمين أتقنوا فن الجدال والمناظرة فأسسوا المعارف الإلهية الحقة ودافعوا عنها بمنهج قويم مستندا على القران الكريم والسنة المطهرة وما يرتضيه العقل السليم .
وأخذ البعض اليوم يردد نفس تلك الشبهات القديمة ولكن بعرضها بأسلوب منمق وخصوصا من دعاة الوهابية السلفية, فاندفعوا بكل ما يملكونه من قدرات مالية وإعلامية ضخمة في حملة ظالمة هدفها التشويش على عقائد أبناء مذهب أهل البيت فانتشرت المؤلفات والبحوث والتي تناقش عقائد الشيعة وملئوا بها مواقعهم الالكترونية ومنتدياتهم بل وتعدى الأمر إلى عقد حورات نقاشية في بعض القنوات الفضائية يوجهون بها الدعوة إلى علماء المذهب ومفكريهم للمشاركة في تلك الندوات والمناظرات العلمية .
ولقد خطط لتلك البرامج تخطيطا محكما بحيث تجعل من يمثل الشيعة فيها في زاوية حرجة بحيث يظهر وكأنه هو المغلوب والخاسر والمهزوم علميا وأن الشيعة لا يملكون على عقيدتهم أي دليل عقلي أو قراني أو روائي وهو تيار نتج من احتكاك المسلمين ببعض من أسلم من اليهود والفرس وغيرهم .
ولقد أثرت تلك المناظرات التلفزيونية في عقيدة الكثير من الناس ومنهم طلاب جامعيون وأساتذة وأشخاص مثقفون خصوصا مع بلوغ المد المادي مبلغه من النفوس بسبب النجاحات التي حققها في عالم التكنولوجيا مما أدى إلى ضعف أيمان الناس بالأمور الغيبية وقد سرت عدوى تلك الحالة حتى إلى بعض الكتاب الإسلاميين .
ونرى أن هذا المد جاء متوازيا مع ظهور صيحات من داخل المذهب الشريف تدعوا إلى مراجعة التراث الفكري والعقائدي لشيعة أهل البيت ((ع)) تحت غطاء مقولات تجديد الخطاب الديني والتفسير الحركي لسيرة أهل البيت وما إلى ذلك من اليافطات التي تظهر شيء وتبطن أشياء وأشياء وما هي الأ حلقة من مشروع تأمري على عقيدة أهل البيت (( عليهم السلام )) ولم يترك هذا الخط المنحرف مقدس الأ وأقتحمه بدا من إنكار ظلامه الزهراء (( عليها السلام )) وتبرير ما قامت به زمرة النفاق من اغتصاب الخلافة الإلهية بحيث عبر عنه (( أن خلاف شرعي حول من يحكم )) وأن الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير وغيره تنصيب الأمام علي لمقام الخلافة بل فهموا منه معنى أخر وان كلام الرسول في وقتها لم يكن واضح لأنه أراد للتجربة أن تتحرك .
وتطور الأمر إلى نفي خصوصيات المعصومين والتشكيك بها من مثل العلم أللدني الإلهامي والولاية التكوينية والتشريعية والعصمة من الخطأ وغير ذلك .بل وجوز أن يخطأ الرسول في تبليغ أية أو حكم ومن ثم يصحح ذلك وأن خطأ الرسول في الحكم مرتين أو ثلاث لا يؤثر على صحة الاقتداء به ولا ينافي العصمة .
ولم تبقى عقيدة من عقائد المذهب الأ وشكك بها هذا المنهج , وأنكر نسبة الكثير من الأحاديث والروايات إلى المعصومين (( عليهم السلام )) وشن حملة ضد الزيارات والأدعية المنسوبة للمعصومين وأفتى بحذف مقاطع اللعن من زيارة عاشوراء بل وأعتبر كل الزيارة غير ثابتة سندا وإذا حاولنا إحصاء ما أثاره هذا الخط من تشكيكات في العقيدة لطال بنا المقام .
أن حفظ عقيدة المجتمع المسلم من الانحراف واجبا مقدما على كل واجب وعلى الجميع التصدي لهذه الشبهات كل بحسب طاقته ووسعه فإذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه فعليه لعنة الله وهل هناك بدعة أشد من التشكيك بعقيدة المجتمع المسلم .
وسنحاول في هذه السطور أن نبين مصدر ثبات تلك العقيدة المقدسة من الكتاب الشريف والسنة المقدسة ونستعرض الخصائص التي تميز بها هذا المبدأ الإسلامي العظيم لمعرفة الأهمية التي يتمتع بها بحيث ورد عن المعصوم ((ع)) أن الأرض تسيخ بدون وجود الأمام .
وقد يجد البعض في طيات الكتاب ما يخالف بعض المشهورات التي تعودوا عليها حتى باتوا لا يروا شيئا سواها فنقول لهم كمن مشهور لا أصل له وكفى بتهمة مخالفة المشهور سبة أنها كانت الشعار الذي حورب الأنبياء والمصلحين تحت لوائه الخاسر .
ولكل شخص من الباحثين والعلماء ثقله ودوره الذي قام به في الدفاع عن المذهب فجزاهم الله خير الجزاء عن أهل بيت النبوة , ولكل منهم رأيه وفهمه وإنما يتكلم بحسب ما قام عليه الدليل لديه وما توفر من القرائن بين يديه وما دمنا لا نقول بعصمة أحد سوى الهداة من أل محمد ((ص)) فلنا أن نناقش في ما أوروده وذكروه فلا قداسة لفكر أحدا سوى المعصوم ((ع)) وكل ما عداه فقابل للمناقشة والأخذ والرد ومن الله نستمد العون وعليه نتوكل في الشدة والرخاء .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهة الكريم وأن يرزقنا به شفاعة أمير المؤمنين ((ع)) يوم يقوم بين الجنة والنار يقول للنار هذا لك فخذيه وهذا لي فدعيه ...
أبو تراب الناصري
26 / ذي القعدة
الإمامة
بين الثابت والمتحول
أن المقياس الذي نستطيع من خلاله أن نصنف أمرا ما ضمن خانة الثوابت أو المتغيرات ضمن عقيدتنا الإسلامية هو شهادة كتاب الله سبحانه
(( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ))
وسنة نبيه ((ص)) الموضحة للقران الكاشفة عن أحكامه ( ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهو )) فما أثبته القران كعقيدة هو الثابت وما صرح بتحوله وتبدله هو المتغير ولو اتفقت الأمة على مثل هذه القاعدة ورجعت في خلافاتها إلى القران لما حدث الذي حدث من التمزق والتشتت الذي ما نزل القران الكريم الأ من أجل أزالته :
(( وما أنزلنا عليك الكتاب الأ لتبين لهم الذي اختلفوا فيه )) النحل 64.
(( فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )) البقرة 213.
وقد تقول أننا نرى اليوم جميع المذاهب على اختلاف مشاربها وعقائدها ذلك الاختلاف الشنيع الذي جر على الأمة المصائب والويلات بحيث لم يبقى بينهم جامع سوى قولهم بألسنتهم (( لا اله الأ الله )) ,كل منها أنه يدعي صاحب القران وحامله والمتبع لآياته ويستشهد بآيات الكتاب على صحة معتقداته , فهل هذا يعني أن القران ما عصمهم من الانحراف وما أزال من بينهم الاختلاف .
فأقول لك أن هذه الفرق والمذاهب أنما تتأول آيات القران على غير معانيها لتوافق أهوائها ومعتقداتها وقد حذر القران من هذا المنهج في التعامل مع آياته الشريفة وطرح المنهج السليم للتعامل مع آياته المباركة وذلك في قوله تعالى :
(هو الذين أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الأ الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا)) .أل عمران
حيث قسمت هذه الآية المباركة آيات الكتاب المبين إلى قسمين محكم وهو الواضح البين الذي يقع على معنى واحد ويمكن معرفته وفهمه من خلال عامة الخلق ووصفه بأنه أم الكتاب أي أصله ومتشابه الذي يقع على معاني متعددة ولا يمكن معرفة المراد والمقصود منه لعامة الخلق .
وفي مقابل هذا التقسيم الثنائي لآيات الكتاب العزيز عرضت الآية المباركة لمنهجين في التعامل مع القران الكريم وهما
منهج (( الذين في قلوبهم زيغ)) الذين يتبعون المتشابه من آيات الكتاب ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله أي أنهم سيتأولون المتشابهات من آيات الكتاب على غير معناها لتكون موافقة لما يعتقدون , وهذا المنهج لا يأتي للقران مطيعا مسلما لكي يتعرف على ما يريده الله سبحانه منه من ناحية الأعمال والاعتقادات , بل يأتي وهو يحمل أحكاما وعقائد مسبقة فيحمل القران على تلك العقائد والأحكام المسبقة مع أن الآيات الشريفة تصرخ بعدم دلالتها على ما يريد أن يريدها أن تكون دليلا عليه .
وتجب الإشارة هنا أن الذم المتوجه إلى من يتبع المتشابه هو بخصوص من يتبعه ابتغاء للفتنه أو ابتغاء لتأويله على غير وجهه وذلك لأن المحكم والمتشابه بشقيه من آيات الكتاب الذي يجب على المسلم أن يؤمن به .
منهج ((الراسخين في العلم )) الذين يؤمنون بأن كلا من المحكم والمتشابه من آيات الله سبحانه التي يجب الأيمان بها , فيعملون بالمحكم الواضح البين ويبنون العقائد والأحكام عليه ويؤمنون بأن علم المتشابه عند الله سبحانه وتعالى فيتوجهون إليه في معرفة مراده سبحانه من تلك الآيات ولما علم الله منهم الإخلاص في التوجه إليه وطلب العلم منه عز وجل قذف الله في قلوبهم نور العلم ورزقهم التفقه في آيات الله سبحانه .
ومن هنا تعلم أن المقصود من قوله سبحانه (( لا يعلم تأويله الأ الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به )) وما ورد عن أهل بيت النبوه (( نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله )) أنهم ((ع)) أنما علموا بتأويله بتعليم الله إياهم ذلك بعد أن امنوا بأنه لا قدرة على أحد أن يعلم تأويله الأ بتعليم منه سبحانه .
والمنهجان اللذان أوضحهما الله في هذه الآية المباركة هما منهجا القادة والأئمة بالمعنى الواسع فمنهج الذين في قلوبهم زيغ منهج أئمة الكفر والانحراف الذين حرفوا آيات الكتاب وحملوها على غير معانيها بينما منهج (( الراسخين في العلم )) هو منهج أئمة الدين والقيمين على الشريعة الذين هم أل محمد ((ص)) .
فلا طريق لأحد أن يعرف تأويل القران الكريم وتبيين مراده سبحانه من آياته سوى الراسخين في العلم لأن ألآخرين أنما يقولوا في كتاب الله سبحانه بحسب ما وصلت إليه عقولهم من العلم وما يدركون (( ولا يمكن لشخص أن يتجاوز حدود فهمه )) والفهم مقيد بحدود الزمان والمكان ومحبوس في داخل الأطر الاجتماعية والسياسية والفكرية التي يعيشها كل ذلك وغيره يجعل من الفهم البشري للقران قابلا للانحراف وعدم أدراك المعنى الواقعي لكلام الله سبحانه وتعالى , ومن الواضح أن الله تعبدنا بالمعاني الواقعية التي يريدها من كلامه المبارك وليس فهم فلان وفلان لكتاب الله الذي هو فهم ظني قابل للخطأ لعدم استناده على أدوات يقينية في معرفة كتاب الله .
بينما لا يقول الراسخون في العلم بكتاب الله شي برأيهم الخاص (( لو صح التعبير )) أنما هم يكشفون عن معاني القران الحقيقية التي انعكست في نفوسهم الشريفة بالعلم الذي توارثوه كابرا عن كابرا
(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))
أو بالعلم اللدني الإلهامي الذين حباهم الله به .
وهذا هو مبدأ ألإمامة أو مبدأ وجوب وجود الحجة في كل زمان لأنه الشاهد على أعجاز القران والضمان لخلود الشريعة واستيعابها لكل مناحي الحياة وقابليتها للتطبيق في كل عصر وزمن .
وهو يعني وجوب وجود منهج الراسخين في العلم على طول الخط والى أن يرث الله الأرض ومن عليها لأنه هو الخط الوحيد الذي يمكن أخذ معاني القران وتأويله منه فتأويل غيرهم نابع من الظن والأوهام وغيرها التي هي عرضة للخطأ بينما العلم الذي عندهم نور قذفه الله في قلوبهم لا يمكن ان يحدث فيه خطأ أو اشتباه .
على ضوء هذه الحقيقية القرآنية كيف يمكن ان نجيب على من يدعي عدم وجود دليل قراني محكم بين واضح على عقيدة الإمامة وأنها عقيدة ابتدعت من قبل بعض المتكلمين وليس لها أي شاهد أو دليل من القران والسنة .
وأن ما يذكر من الآيات التي يستدل بها على هذه العقيدة ما هو الأ تأول لآيات القران على غير معانيها بالاعتماد على المتشابه الذي نهى الله عن أتباعه بدلا من المحكم الذي أمر ببناء العقيدة والدين على أساسه .
ورغم أن القران كله دليلا على مبدأ الإمامة بل يمكن القول أن الإمامة هي جوهر وروح القران الكريم ومن خلالها تكون الحجة البالغة لله سبحانه وتعالى على الخلق وبدونها تصبح الحجة للناس على الله سبحانه (( وحاشاه )) حيث سيكون نزول القران سببا للتشتت والتنازع والتفرق والاختلاف وليس رافعا لذلك كله كما صرح القران عن نفسه في أيات عديدة منها:
(( وما أنزلنا عليك الكتاب الأ لتبين لهم الذي اختلفوا فيه )) النحل 64.
(( فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )) البقرة 213.
حيث أن كل جهة تدعي أن القران معها وهي الناطقة باسمه بدون وجود عاصم من الانحراف يمثل الضمان لعدم انحراف المسيرة وسنوضح هذه النقطة في كلامنا حول الإمامة التشريعية والإمامة السياسية .
وسنسلط الضوء هنا حول أية مباركة وهي الآية (( 124)) من سورة البقرة وسنترك الحديث عن بقية الآيات المباركة إلى بقية فصول الكتاب عند الحديث عن أنواع الإمامة .
قال تعالى :-
(( وإذا أبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي للظالمين )). سورة البقرة 124.
وفي هذه الآية المباركة نلاحظ الدلالات الآتية :-
الدلالة الأولى :- أن الإمامة جعل وعهد ألهي ليس لاختيار الناس مدخليه فيها فكما أن النبوة لا تكون باختيار البشر كذلك تكون الإمامة .
وهذا ما يدل عليه قوله تعالى (( أني جاعلك للناس أماما )) وتعبيره سبحانه عن الإمامة بعهدي .
ولقد دلت الكثير من الآيات المباركة على أن الإمامة والخلافة جعل الهي
(( وأذا قال ربك للملائكة أني جاعلا في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني لأعلم ما لاتعلمون )).
(( يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالعدل ))
((وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)).
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
((وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)).
الدلالة الثانية :- أن الأمام لابد أن يكون معصوما وهذا ما يدل عليه قوله تعالى (( لا ينال عهدي للظالمين )) فالإمامة عهد الهي لا يمكن أن يناله من تلبس بالظلم ولو للحظة واحدة من حياته .
وقد قرب العلامة الطبطبائي ((قدس )) الاستدلال بهذه الآية على العصمة بما يلي (( أن الناس بالنسبة للتلبس بالظلم ينقسمون الى أربعة أقسام من تلبس بالظلم كل حياته أو من تلبس بالظلم في أخر عمره أو من تلبس بالظلم في أول عمره ثم تاب منه ومن لم يتلبس بالظلم طوال حياته .
ونحن نجل إبراهيم ((ع)) من طلب الإمامة للقسمين الأول والثاني فيتعين أنه طلبها للقسم الثالث والرابع فنفت الآية المباركة إمامة القسم الثالث ولم يبقى سوى القسم الرابع الذي لا يممن صدور الظلم منه وهو المعصوم )) تفسير الميزان ج1ص270بتصرف .
الدلالة الثالثة :- أن الإمامة مستمرة إلى نهاية عالم التكليف وهو ما دل عليه قوله تعالى (( لا ينال عهدي الظالمين )) حيث ورد الفعل بصيغة المضارع التي تفيد الاستمرارية أي أن الإمامة مستمرة لا انقطاع لها ولا يمكن أن ينالها غير المعصوم .
الدلالة الرابعة :-أن الأمام لا يمكن تشخيصه من قبل الناس ولا بد في تعيينه من الرجوع إلى النص الشريف وذلك لأن الإمامة فوق طاقات البشر بما فيهم الأنبياء والرسل الذين لم يصلوا إلى رتبة الإمامة قال تعالى (( ولقد عهدنا إلى ادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما )) حيث ورد في تفسيرها لم نجد له عزما على تحمل الإمامة .
أما ما يقوله مفسري العامة (( وبعض من تأثر بهم من مفسرينا )) أن الإمامة هنا بمعنى النبوة فهناك في الآية المباركة قرينتان على أن الإمامة هنا ليس بمعنى النبوة بل هي مقام عال فوق النبوة وهما
الأولى :- أن الآية أشارت أن الله سبحانه قد جعل إبراهيم ((ع)) أماما بعد أن تجاوز مرحلة من الامتحانات الإلهية عبر عنها هنا بالكلمات والتي تمثل ما واجه أبراهيم ((ع)) في طريق دعوته إلى الله من الإلقاء في النار إلى هجرانه لقومه وتركه لأهله في واد غير ذي زرع بدون محامي ولا راع ومن ثم اختباره بذبح ولده الوحيد إسماعيل الذي رزق به على الكبر فيسلم إلى الله سبحانه في حالة من التسليم المطلق هو و ولده إسماعيل بحيث يصف القران حالهما (( فلما أسلما وتله للجبين )) بحيث تذكر الروايات أن إسماعيل ((ع)) طلب من أبيه أن يديره على قفاه من أجل أن لا تأخذه الرأفة به عند النظر إلى عينيه فيتوانى في تنفيذ أمر الله سبحانه , فلم أتم تلك الاختبارات بنجاح من الله عليه بأن جعله للناس أماما .
ومن المعلوم أن كل تلك المراحل مر بها إبراهيم ((ع)) بعد بعثته فكيف يستقيم هذا مع خطاب الله بأن يجعله نبيا بعد أن أتم الكلمات .
ولا عبرة بما يقوله البعض من أن جعله أماما كان من ضمن الكلمات التي أبتلاه الله بها لأن سياق الآية لا يساعد إلى مثل ذلك الفهم فالله سبحانه قد وضح ان إبراهيم قد أتم الكلمات وبعد إن أتم تلك الكلمات جعله الله أماما هدية من الله بسبب نجاحه في تلك الأبتلاأت ولأنه أستحق بتجاوزه كل تلك الاختبارات أن يقوم بأعباء ومهام ذلك المقام الشامخ الأ وهو الإمامة فتأمل الآية وتدبر فيها .
الثانية :- أن نبي الله أبراهيم أنما رزق الذرية بعد ان بلغ به الكبر ما بلغ أي بعد بعثته بزمن طويل وهذا ما يدل عليه صريح القران حيث بشر بأسحق ومن بعد أسحق أسماعيل عندما زاره وفد الملائكة الذين أرسلهم الله لعذاب قوم لوط
(( وأمراته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء أسحق يعقوب قالت يا ويلتي ألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا أن هذا لشي عجيب )) هود .
والأية صريحة في أن أبراهيم ((ع)) قد طلب الأمامة لذريته يعني أن جعله أماما متأخرا زمنيا على رزقه الذرية والتي هي بدورها كانت عند كان شيخا وبعد بعثته بزمن طويل .
فمن هذة الأية المباركة نستخلص أن الأمامة مرتبة عالية فوق رتبة النبوة وأنها جعل ألهي وعهد من الله سبحانه وأن الأمام يجب أن يكون معصوما وأنها باقية ما دامت السموات والأرض وأنها بالنص الألهي وهذة كلها دلالات قرانية وليس من نتاج نظريات المتكلمين كما يقول البعض .
والسبب في أعراض بقية المذاهب عن مبدأ الأمامة هو انهم يقصرون الأمامة في الجانب السياسي والتنفيذي فقط بينما نجد أن الأمامة السياسية هي جنبة من جنبات الأمامة عند مدرسة أهل البيت ((ع)) ووظيفة من وظائف الأمام تسير معها جنبا الى جنب وظائف أخرى منها ألأمامة في مقام التكوين والأمامة في مقام التشريع والأمام بمقام الشهادة على الخلق وسنعرض لكل واحدة من تلك المقامات مع ذكر الأيات المباركة الدالة على كل مقام لتتوضح الصورة الكاملة لمبدا ألأمامة ولكنا قبل ذلك سنتطرق الى أركان مبدأ الأمامة أولأ .
أركان الأمامة
أن لعقيدة ألأمامة عند مدرسة أهل البيت ((ع)) ثلاث أركان أساسية وهي مستقاة من أيات الكتاب العزيز والسنة المباركة الشريفة , وردا على ما يثار حول مبدأ الأمامة اليوم من الشبهات ومنها عدم ورود الدليل القراني عليه سنعرض لهذة الأركان موضحين أنها من صميم القران ومما نص عليه .
وهذة الأركان هي النص والعصمة والعلم .
النص :- حيث نعتقد أن الأمام يجب أن يكون منصوصا عليه من قبل الله سبحانه وتعالى ولقد نطق القران الكريم مرارا بهذا المبدأ وأشار اليه في أيات مباركات زاكيات تتلى أناء الليل وأطراف النهار ومنها :-
(( وأذا قال ربك للملائكة أني جاعلا في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني لأعلم ما لاتعلمون )).
(( يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالعدل ))
((وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)).
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)).
فأرتبطت الأمامة بالجعل الألهي في هذة الأيات المباركة فأن البشر ليس في مقدورهم أن يحددوا من هو الأصلح بمقام الأمامة لأن الأمامة مقام ألهي سام لم يصل اليه حتى بعض الأنبياء حتى ورد في تفسير قوله تعالى :-
(( ولقد عهدنا الى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما )).
وتوجد هناك رواية شريفة عن سيدنا ومولانا الأمام المهدي ((ع)) في الحكمة من جعل أمر الأمامة مرتبطا بالنص والتعيين من الله سبحانه دون غيره تغنينا عن تسطي الكلام لمن تدبر فيها والرواية هي :-
عن سعد بن عبد الله القمي – في حديث طويل – قال :- سألت الأمام المهدي ((ع)) وهو طفل صغير في حياة الأمام العسكري ((ع)) :- اخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من أختيار أمام لهم ؟
فقال ((ع)) مصلح أو مفسد ؟
قلت :-مصلح .
فقال ((ع)) :-فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحدا ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد ؟
قلت :- بلى .
فقال ((ع)):- فهي العلة التي أوردتها لك ببرهان يثق بها عقلك , أخبرني عن الرسل الذين أصطفاهم الله و انزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة أذا هم أعلام ألأمم وأهدى الى ألأختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام مع وفور عقلهما و كمال علمهما أذا هما بالأختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهم يظنون أنه مؤمن ؟
قلت :- لا.
فقال :- هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال عمله ونزول الوحي عليه أختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في أيمانهم فوقعت خيرته على على المنافقين , قال تعالى ((وأختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا , الى قوله لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم , فلما وجدنا أختيار من أصطفاه الله للنبوة واقعا على المفسد دون المصلح وهو يضن أنه أصلح دون المفسد علمنا أن لا أختيار الأ ممن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لأختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع أختيار الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الأصلاح )) أثبات الهداة ج1 ص 115-116.
ومن هنا تعلم أنه لا مجال لأختيار الأمام من قبل أي شخص مهما بلغ من الصلاح وكمال العلم و رجاحة العقل حتى الأنبياء ((ع)) ودور الأنبياء والأئمة ((ع)) في النص على من بعدهم هو الكشف عن من نص الله عليه حجة على الخلق من بعده ولا دور للنبي ولا الأمام في أختيار من يليه في مقام الحجية حتى ورد في ذلك أن الأمام الكاظم ((ع)) قد قال لو كانت الأمامة في يدي لأعطيتها لأبني القاسم ((ع)) دون الرضا ((ع)).
ولذلك فأننا نجد أن كل واحد من الأنبياء والرسل والأوصياء ((ع)) قد ورد النص ممن سبقه عليه وقد ألف الكثير من علماء الشيعة كتبا ضمت الروايات الدالة على هذا المطلب مثل أثبات الهداة وأثبات الوصية وغيرها
الأخوة الأعظاء في شبكة انا شيعي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعظم الله لنا ولكم الأجر بأستشهاد مولانا ومقتدانا ابو عبد الله الحسين وأهل بيته واصحابه في كربلاء الدم والشهادة
وبعد :- فهذا بحث قد وفقني الله لكتابته يستعرض عقيدة الأمامة العظمى ويرد شبهات النواصب والمخالفين حول تلك العقيدة المباركة تحت عنوان (( الأمامة فوق الشبهات )) .
وسأقوم بنشرها في المنتدى على شكل حلقات متتابعة لكي تعم الفائدة وأرجوا ان لايبخل علي الأخوة بالنقد والتقييم وكذلك أرجوا من الأخوة السنة في المنتدى ان يعطوا رأيهم في ما كتب من رد شبهاتهم الواهية حول عقيدة الأمامة ...
الإمــــــــــــــامـــــــــــــــــــــة
فـــــــــوق الشبــــــــــــهات
مطارحة نقدية لما أثير من شبهات حول عقيدة الإمامة
بقلم
أبو تراب الناصري
الإهداء..
إلى نفس الرسول
وزوج البتول
وسيف ذي الجلال
ومقلب الأحوال
ومنزل الأهوال
وساقي السلسبيل الزلال
إلى سيدي ومولاي أبو الأئمة خليل الرسول المخصوص بالأخوة
أبو الحسنين علي العلي ...
أهدي سيدي ما تفضلتم به علي عسى أن يكون بضاعة في ميزان أعمالي يوم لا ينفع مال ولا بنون الأ من أتى بقلب سليم مفعم بحبك وولايتك .
المقدمة
أن قضية الإمامة حجر الزاوية في العقيدة لدى مدرسة أهل البيت ((ع)) وتعتبر عندهم ثابت أسلامي أصيل حيث تمثل الامتداد التشريعي لرسالة الرسول ((ص)) والديانة الخاتمة والضمانة الحقيقة لأحقية هذه الرسالة في تأدية دورها في قيادة البشرية نحو بر الأمان وقد بنيت كل مفاصل العقيدة لدى الفرقة الحقة على أساس هذا المبدأ الشامخ .
ولقد تعرض هذا الثابت الإسلامي المقدس الى موجة من التشكيكات والشبهات من قبل أعداء المذهب فهو نقطة الافتراق بين مذهب أتباع الحق وبقية المدارس والمحور الأساس الذي بنيت عليه عقيدتهم وضنوا أنهم بذلك سيهدموا أساس المذهب لينهار وجوده وتذهب شرعيته بذلك ولكن هل تستطيع أفواه الظلمة أن تطفى نور الله بتلك الشبهات الواهية كلا والله سبحانه يقول (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون )).
ولقد تصدى أئمة الهدى ومصابيح الدجى لما أثير من شبهات وتشكيكات حول ذلك المبدأ الأصيل وربوا جيلا مباركا من علماء وفقهاء ومتكلمين أتقنوا فن الجدال والمناظرة فأسسوا المعارف الإلهية الحقة ودافعوا عنها بمنهج قويم مستندا على القران الكريم والسنة المطهرة وما يرتضيه العقل السليم .
وأخذ البعض اليوم يردد نفس تلك الشبهات القديمة ولكن بعرضها بأسلوب منمق وخصوصا من دعاة الوهابية السلفية, فاندفعوا بكل ما يملكونه من قدرات مالية وإعلامية ضخمة في حملة ظالمة هدفها التشويش على عقائد أبناء مذهب أهل البيت فانتشرت المؤلفات والبحوث والتي تناقش عقائد الشيعة وملئوا بها مواقعهم الالكترونية ومنتدياتهم بل وتعدى الأمر إلى عقد حورات نقاشية في بعض القنوات الفضائية يوجهون بها الدعوة إلى علماء المذهب ومفكريهم للمشاركة في تلك الندوات والمناظرات العلمية .
ولقد خطط لتلك البرامج تخطيطا محكما بحيث تجعل من يمثل الشيعة فيها في زاوية حرجة بحيث يظهر وكأنه هو المغلوب والخاسر والمهزوم علميا وأن الشيعة لا يملكون على عقيدتهم أي دليل عقلي أو قراني أو روائي وهو تيار نتج من احتكاك المسلمين ببعض من أسلم من اليهود والفرس وغيرهم .
ولقد أثرت تلك المناظرات التلفزيونية في عقيدة الكثير من الناس ومنهم طلاب جامعيون وأساتذة وأشخاص مثقفون خصوصا مع بلوغ المد المادي مبلغه من النفوس بسبب النجاحات التي حققها في عالم التكنولوجيا مما أدى إلى ضعف أيمان الناس بالأمور الغيبية وقد سرت عدوى تلك الحالة حتى إلى بعض الكتاب الإسلاميين .
ونرى أن هذا المد جاء متوازيا مع ظهور صيحات من داخل المذهب الشريف تدعوا إلى مراجعة التراث الفكري والعقائدي لشيعة أهل البيت ((ع)) تحت غطاء مقولات تجديد الخطاب الديني والتفسير الحركي لسيرة أهل البيت وما إلى ذلك من اليافطات التي تظهر شيء وتبطن أشياء وأشياء وما هي الأ حلقة من مشروع تأمري على عقيدة أهل البيت (( عليهم السلام )) ولم يترك هذا الخط المنحرف مقدس الأ وأقتحمه بدا من إنكار ظلامه الزهراء (( عليها السلام )) وتبرير ما قامت به زمرة النفاق من اغتصاب الخلافة الإلهية بحيث عبر عنه (( أن خلاف شرعي حول من يحكم )) وأن الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير وغيره تنصيب الأمام علي لمقام الخلافة بل فهموا منه معنى أخر وان كلام الرسول في وقتها لم يكن واضح لأنه أراد للتجربة أن تتحرك .
وتطور الأمر إلى نفي خصوصيات المعصومين والتشكيك بها من مثل العلم أللدني الإلهامي والولاية التكوينية والتشريعية والعصمة من الخطأ وغير ذلك .بل وجوز أن يخطأ الرسول في تبليغ أية أو حكم ومن ثم يصحح ذلك وأن خطأ الرسول في الحكم مرتين أو ثلاث لا يؤثر على صحة الاقتداء به ولا ينافي العصمة .
ولم تبقى عقيدة من عقائد المذهب الأ وشكك بها هذا المنهج , وأنكر نسبة الكثير من الأحاديث والروايات إلى المعصومين (( عليهم السلام )) وشن حملة ضد الزيارات والأدعية المنسوبة للمعصومين وأفتى بحذف مقاطع اللعن من زيارة عاشوراء بل وأعتبر كل الزيارة غير ثابتة سندا وإذا حاولنا إحصاء ما أثاره هذا الخط من تشكيكات في العقيدة لطال بنا المقام .
أن حفظ عقيدة المجتمع المسلم من الانحراف واجبا مقدما على كل واجب وعلى الجميع التصدي لهذه الشبهات كل بحسب طاقته ووسعه فإذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه فعليه لعنة الله وهل هناك بدعة أشد من التشكيك بعقيدة المجتمع المسلم .
وسنحاول في هذه السطور أن نبين مصدر ثبات تلك العقيدة المقدسة من الكتاب الشريف والسنة المقدسة ونستعرض الخصائص التي تميز بها هذا المبدأ الإسلامي العظيم لمعرفة الأهمية التي يتمتع بها بحيث ورد عن المعصوم ((ع)) أن الأرض تسيخ بدون وجود الأمام .
وقد يجد البعض في طيات الكتاب ما يخالف بعض المشهورات التي تعودوا عليها حتى باتوا لا يروا شيئا سواها فنقول لهم كمن مشهور لا أصل له وكفى بتهمة مخالفة المشهور سبة أنها كانت الشعار الذي حورب الأنبياء والمصلحين تحت لوائه الخاسر .
ولكل شخص من الباحثين والعلماء ثقله ودوره الذي قام به في الدفاع عن المذهب فجزاهم الله خير الجزاء عن أهل بيت النبوة , ولكل منهم رأيه وفهمه وإنما يتكلم بحسب ما قام عليه الدليل لديه وما توفر من القرائن بين يديه وما دمنا لا نقول بعصمة أحد سوى الهداة من أل محمد ((ص)) فلنا أن نناقش في ما أوروده وذكروه فلا قداسة لفكر أحدا سوى المعصوم ((ع)) وكل ما عداه فقابل للمناقشة والأخذ والرد ومن الله نستمد العون وعليه نتوكل في الشدة والرخاء .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهة الكريم وأن يرزقنا به شفاعة أمير المؤمنين ((ع)) يوم يقوم بين الجنة والنار يقول للنار هذا لك فخذيه وهذا لي فدعيه ...
أبو تراب الناصري
26 / ذي القعدة
الإمامة
بين الثابت والمتحول
أن المقياس الذي نستطيع من خلاله أن نصنف أمرا ما ضمن خانة الثوابت أو المتغيرات ضمن عقيدتنا الإسلامية هو شهادة كتاب الله سبحانه
(( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ))
وسنة نبيه ((ص)) الموضحة للقران الكاشفة عن أحكامه ( ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهو )) فما أثبته القران كعقيدة هو الثابت وما صرح بتحوله وتبدله هو المتغير ولو اتفقت الأمة على مثل هذه القاعدة ورجعت في خلافاتها إلى القران لما حدث الذي حدث من التمزق والتشتت الذي ما نزل القران الكريم الأ من أجل أزالته :
(( وما أنزلنا عليك الكتاب الأ لتبين لهم الذي اختلفوا فيه )) النحل 64.
(( فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )) البقرة 213.
وقد تقول أننا نرى اليوم جميع المذاهب على اختلاف مشاربها وعقائدها ذلك الاختلاف الشنيع الذي جر على الأمة المصائب والويلات بحيث لم يبقى بينهم جامع سوى قولهم بألسنتهم (( لا اله الأ الله )) ,كل منها أنه يدعي صاحب القران وحامله والمتبع لآياته ويستشهد بآيات الكتاب على صحة معتقداته , فهل هذا يعني أن القران ما عصمهم من الانحراف وما أزال من بينهم الاختلاف .
فأقول لك أن هذه الفرق والمذاهب أنما تتأول آيات القران على غير معانيها لتوافق أهوائها ومعتقداتها وقد حذر القران من هذا المنهج في التعامل مع آياته الشريفة وطرح المنهج السليم للتعامل مع آياته المباركة وذلك في قوله تعالى :
(هو الذين أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الأ الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا)) .أل عمران
حيث قسمت هذه الآية المباركة آيات الكتاب المبين إلى قسمين محكم وهو الواضح البين الذي يقع على معنى واحد ويمكن معرفته وفهمه من خلال عامة الخلق ووصفه بأنه أم الكتاب أي أصله ومتشابه الذي يقع على معاني متعددة ولا يمكن معرفة المراد والمقصود منه لعامة الخلق .
وفي مقابل هذا التقسيم الثنائي لآيات الكتاب العزيز عرضت الآية المباركة لمنهجين في التعامل مع القران الكريم وهما
منهج (( الذين في قلوبهم زيغ)) الذين يتبعون المتشابه من آيات الكتاب ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله أي أنهم سيتأولون المتشابهات من آيات الكتاب على غير معناها لتكون موافقة لما يعتقدون , وهذا المنهج لا يأتي للقران مطيعا مسلما لكي يتعرف على ما يريده الله سبحانه منه من ناحية الأعمال والاعتقادات , بل يأتي وهو يحمل أحكاما وعقائد مسبقة فيحمل القران على تلك العقائد والأحكام المسبقة مع أن الآيات الشريفة تصرخ بعدم دلالتها على ما يريد أن يريدها أن تكون دليلا عليه .
وتجب الإشارة هنا أن الذم المتوجه إلى من يتبع المتشابه هو بخصوص من يتبعه ابتغاء للفتنه أو ابتغاء لتأويله على غير وجهه وذلك لأن المحكم والمتشابه بشقيه من آيات الكتاب الذي يجب على المسلم أن يؤمن به .
منهج ((الراسخين في العلم )) الذين يؤمنون بأن كلا من المحكم والمتشابه من آيات الله سبحانه التي يجب الأيمان بها , فيعملون بالمحكم الواضح البين ويبنون العقائد والأحكام عليه ويؤمنون بأن علم المتشابه عند الله سبحانه وتعالى فيتوجهون إليه في معرفة مراده سبحانه من تلك الآيات ولما علم الله منهم الإخلاص في التوجه إليه وطلب العلم منه عز وجل قذف الله في قلوبهم نور العلم ورزقهم التفقه في آيات الله سبحانه .
ومن هنا تعلم أن المقصود من قوله سبحانه (( لا يعلم تأويله الأ الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به )) وما ورد عن أهل بيت النبوه (( نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله )) أنهم ((ع)) أنما علموا بتأويله بتعليم الله إياهم ذلك بعد أن امنوا بأنه لا قدرة على أحد أن يعلم تأويله الأ بتعليم منه سبحانه .
والمنهجان اللذان أوضحهما الله في هذه الآية المباركة هما منهجا القادة والأئمة بالمعنى الواسع فمنهج الذين في قلوبهم زيغ منهج أئمة الكفر والانحراف الذين حرفوا آيات الكتاب وحملوها على غير معانيها بينما منهج (( الراسخين في العلم )) هو منهج أئمة الدين والقيمين على الشريعة الذين هم أل محمد ((ص)) .
فلا طريق لأحد أن يعرف تأويل القران الكريم وتبيين مراده سبحانه من آياته سوى الراسخين في العلم لأن ألآخرين أنما يقولوا في كتاب الله سبحانه بحسب ما وصلت إليه عقولهم من العلم وما يدركون (( ولا يمكن لشخص أن يتجاوز حدود فهمه )) والفهم مقيد بحدود الزمان والمكان ومحبوس في داخل الأطر الاجتماعية والسياسية والفكرية التي يعيشها كل ذلك وغيره يجعل من الفهم البشري للقران قابلا للانحراف وعدم أدراك المعنى الواقعي لكلام الله سبحانه وتعالى , ومن الواضح أن الله تعبدنا بالمعاني الواقعية التي يريدها من كلامه المبارك وليس فهم فلان وفلان لكتاب الله الذي هو فهم ظني قابل للخطأ لعدم استناده على أدوات يقينية في معرفة كتاب الله .
بينما لا يقول الراسخون في العلم بكتاب الله شي برأيهم الخاص (( لو صح التعبير )) أنما هم يكشفون عن معاني القران الحقيقية التي انعكست في نفوسهم الشريفة بالعلم الذي توارثوه كابرا عن كابرا
(( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))
أو بالعلم اللدني الإلهامي الذين حباهم الله به .
وهذا هو مبدأ ألإمامة أو مبدأ وجوب وجود الحجة في كل زمان لأنه الشاهد على أعجاز القران والضمان لخلود الشريعة واستيعابها لكل مناحي الحياة وقابليتها للتطبيق في كل عصر وزمن .
وهو يعني وجوب وجود منهج الراسخين في العلم على طول الخط والى أن يرث الله الأرض ومن عليها لأنه هو الخط الوحيد الذي يمكن أخذ معاني القران وتأويله منه فتأويل غيرهم نابع من الظن والأوهام وغيرها التي هي عرضة للخطأ بينما العلم الذي عندهم نور قذفه الله في قلوبهم لا يمكن ان يحدث فيه خطأ أو اشتباه .
على ضوء هذه الحقيقية القرآنية كيف يمكن ان نجيب على من يدعي عدم وجود دليل قراني محكم بين واضح على عقيدة الإمامة وأنها عقيدة ابتدعت من قبل بعض المتكلمين وليس لها أي شاهد أو دليل من القران والسنة .
وأن ما يذكر من الآيات التي يستدل بها على هذه العقيدة ما هو الأ تأول لآيات القران على غير معانيها بالاعتماد على المتشابه الذي نهى الله عن أتباعه بدلا من المحكم الذي أمر ببناء العقيدة والدين على أساسه .
ورغم أن القران كله دليلا على مبدأ الإمامة بل يمكن القول أن الإمامة هي جوهر وروح القران الكريم ومن خلالها تكون الحجة البالغة لله سبحانه وتعالى على الخلق وبدونها تصبح الحجة للناس على الله سبحانه (( وحاشاه )) حيث سيكون نزول القران سببا للتشتت والتنازع والتفرق والاختلاف وليس رافعا لذلك كله كما صرح القران عن نفسه في أيات عديدة منها:
(( وما أنزلنا عليك الكتاب الأ لتبين لهم الذي اختلفوا فيه )) النحل 64.
(( فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )) البقرة 213.
حيث أن كل جهة تدعي أن القران معها وهي الناطقة باسمه بدون وجود عاصم من الانحراف يمثل الضمان لعدم انحراف المسيرة وسنوضح هذه النقطة في كلامنا حول الإمامة التشريعية والإمامة السياسية .
وسنسلط الضوء هنا حول أية مباركة وهي الآية (( 124)) من سورة البقرة وسنترك الحديث عن بقية الآيات المباركة إلى بقية فصول الكتاب عند الحديث عن أنواع الإمامة .
قال تعالى :-
(( وإذا أبتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي للظالمين )). سورة البقرة 124.
وفي هذه الآية المباركة نلاحظ الدلالات الآتية :-
الدلالة الأولى :- أن الإمامة جعل وعهد ألهي ليس لاختيار الناس مدخليه فيها فكما أن النبوة لا تكون باختيار البشر كذلك تكون الإمامة .
وهذا ما يدل عليه قوله تعالى (( أني جاعلك للناس أماما )) وتعبيره سبحانه عن الإمامة بعهدي .
ولقد دلت الكثير من الآيات المباركة على أن الإمامة والخلافة جعل الهي
(( وأذا قال ربك للملائكة أني جاعلا في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني لأعلم ما لاتعلمون )).
(( يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالعدل ))
((وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)).
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
((وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)).
الدلالة الثانية :- أن الأمام لابد أن يكون معصوما وهذا ما يدل عليه قوله تعالى (( لا ينال عهدي للظالمين )) فالإمامة عهد الهي لا يمكن أن يناله من تلبس بالظلم ولو للحظة واحدة من حياته .
وقد قرب العلامة الطبطبائي ((قدس )) الاستدلال بهذه الآية على العصمة بما يلي (( أن الناس بالنسبة للتلبس بالظلم ينقسمون الى أربعة أقسام من تلبس بالظلم كل حياته أو من تلبس بالظلم في أخر عمره أو من تلبس بالظلم في أول عمره ثم تاب منه ومن لم يتلبس بالظلم طوال حياته .
ونحن نجل إبراهيم ((ع)) من طلب الإمامة للقسمين الأول والثاني فيتعين أنه طلبها للقسم الثالث والرابع فنفت الآية المباركة إمامة القسم الثالث ولم يبقى سوى القسم الرابع الذي لا يممن صدور الظلم منه وهو المعصوم )) تفسير الميزان ج1ص270بتصرف .
الدلالة الثالثة :- أن الإمامة مستمرة إلى نهاية عالم التكليف وهو ما دل عليه قوله تعالى (( لا ينال عهدي الظالمين )) حيث ورد الفعل بصيغة المضارع التي تفيد الاستمرارية أي أن الإمامة مستمرة لا انقطاع لها ولا يمكن أن ينالها غير المعصوم .
الدلالة الرابعة :-أن الأمام لا يمكن تشخيصه من قبل الناس ولا بد في تعيينه من الرجوع إلى النص الشريف وذلك لأن الإمامة فوق طاقات البشر بما فيهم الأنبياء والرسل الذين لم يصلوا إلى رتبة الإمامة قال تعالى (( ولقد عهدنا إلى ادم من قبل فنسى ولم نجد له عزما )) حيث ورد في تفسيرها لم نجد له عزما على تحمل الإمامة .
أما ما يقوله مفسري العامة (( وبعض من تأثر بهم من مفسرينا )) أن الإمامة هنا بمعنى النبوة فهناك في الآية المباركة قرينتان على أن الإمامة هنا ليس بمعنى النبوة بل هي مقام عال فوق النبوة وهما
الأولى :- أن الآية أشارت أن الله سبحانه قد جعل إبراهيم ((ع)) أماما بعد أن تجاوز مرحلة من الامتحانات الإلهية عبر عنها هنا بالكلمات والتي تمثل ما واجه أبراهيم ((ع)) في طريق دعوته إلى الله من الإلقاء في النار إلى هجرانه لقومه وتركه لأهله في واد غير ذي زرع بدون محامي ولا راع ومن ثم اختباره بذبح ولده الوحيد إسماعيل الذي رزق به على الكبر فيسلم إلى الله سبحانه في حالة من التسليم المطلق هو و ولده إسماعيل بحيث يصف القران حالهما (( فلما أسلما وتله للجبين )) بحيث تذكر الروايات أن إسماعيل ((ع)) طلب من أبيه أن يديره على قفاه من أجل أن لا تأخذه الرأفة به عند النظر إلى عينيه فيتوانى في تنفيذ أمر الله سبحانه , فلم أتم تلك الاختبارات بنجاح من الله عليه بأن جعله للناس أماما .
ومن المعلوم أن كل تلك المراحل مر بها إبراهيم ((ع)) بعد بعثته فكيف يستقيم هذا مع خطاب الله بأن يجعله نبيا بعد أن أتم الكلمات .
ولا عبرة بما يقوله البعض من أن جعله أماما كان من ضمن الكلمات التي أبتلاه الله بها لأن سياق الآية لا يساعد إلى مثل ذلك الفهم فالله سبحانه قد وضح ان إبراهيم قد أتم الكلمات وبعد إن أتم تلك الكلمات جعله الله أماما هدية من الله بسبب نجاحه في تلك الأبتلاأت ولأنه أستحق بتجاوزه كل تلك الاختبارات أن يقوم بأعباء ومهام ذلك المقام الشامخ الأ وهو الإمامة فتأمل الآية وتدبر فيها .
الثانية :- أن نبي الله أبراهيم أنما رزق الذرية بعد ان بلغ به الكبر ما بلغ أي بعد بعثته بزمن طويل وهذا ما يدل عليه صريح القران حيث بشر بأسحق ومن بعد أسحق أسماعيل عندما زاره وفد الملائكة الذين أرسلهم الله لعذاب قوم لوط
(( وأمراته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء أسحق يعقوب قالت يا ويلتي ألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا أن هذا لشي عجيب )) هود .
والأية صريحة في أن أبراهيم ((ع)) قد طلب الأمامة لذريته يعني أن جعله أماما متأخرا زمنيا على رزقه الذرية والتي هي بدورها كانت عند كان شيخا وبعد بعثته بزمن طويل .
فمن هذة الأية المباركة نستخلص أن الأمامة مرتبة عالية فوق رتبة النبوة وأنها جعل ألهي وعهد من الله سبحانه وأن الأمام يجب أن يكون معصوما وأنها باقية ما دامت السموات والأرض وأنها بالنص الألهي وهذة كلها دلالات قرانية وليس من نتاج نظريات المتكلمين كما يقول البعض .
والسبب في أعراض بقية المذاهب عن مبدأ الأمامة هو انهم يقصرون الأمامة في الجانب السياسي والتنفيذي فقط بينما نجد أن الأمامة السياسية هي جنبة من جنبات الأمامة عند مدرسة أهل البيت ((ع)) ووظيفة من وظائف الأمام تسير معها جنبا الى جنب وظائف أخرى منها ألأمامة في مقام التكوين والأمامة في مقام التشريع والأمام بمقام الشهادة على الخلق وسنعرض لكل واحدة من تلك المقامات مع ذكر الأيات المباركة الدالة على كل مقام لتتوضح الصورة الكاملة لمبدا ألأمامة ولكنا قبل ذلك سنتطرق الى أركان مبدأ الأمامة أولأ .
أركان الأمامة
أن لعقيدة ألأمامة عند مدرسة أهل البيت ((ع)) ثلاث أركان أساسية وهي مستقاة من أيات الكتاب العزيز والسنة المباركة الشريفة , وردا على ما يثار حول مبدأ الأمامة اليوم من الشبهات ومنها عدم ورود الدليل القراني عليه سنعرض لهذة الأركان موضحين أنها من صميم القران ومما نص عليه .
وهذة الأركان هي النص والعصمة والعلم .
النص :- حيث نعتقد أن الأمام يجب أن يكون منصوصا عليه من قبل الله سبحانه وتعالى ولقد نطق القران الكريم مرارا بهذا المبدأ وأشار اليه في أيات مباركات زاكيات تتلى أناء الليل وأطراف النهار ومنها :-
(( وأذا قال ربك للملائكة أني جاعلا في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال أني لأعلم ما لاتعلمون )).
(( يا داود أنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالعدل ))
((وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)).
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)).
فأرتبطت الأمامة بالجعل الألهي في هذة الأيات المباركة فأن البشر ليس في مقدورهم أن يحددوا من هو الأصلح بمقام الأمامة لأن الأمامة مقام ألهي سام لم يصل اليه حتى بعض الأنبياء حتى ورد في تفسير قوله تعالى :-
(( ولقد عهدنا الى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما )).
وتوجد هناك رواية شريفة عن سيدنا ومولانا الأمام المهدي ((ع)) في الحكمة من جعل أمر الأمامة مرتبطا بالنص والتعيين من الله سبحانه دون غيره تغنينا عن تسطي الكلام لمن تدبر فيها والرواية هي :-
عن سعد بن عبد الله القمي – في حديث طويل – قال :- سألت الأمام المهدي ((ع)) وهو طفل صغير في حياة الأمام العسكري ((ع)) :- اخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من أختيار أمام لهم ؟
فقال ((ع)) مصلح أو مفسد ؟
قلت :-مصلح .
فقال ((ع)) :-فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحدا ما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد ؟
قلت :- بلى .
فقال ((ع)):- فهي العلة التي أوردتها لك ببرهان يثق بها عقلك , أخبرني عن الرسل الذين أصطفاهم الله و انزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة أذا هم أعلام ألأمم وأهدى الى ألأختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام مع وفور عقلهما و كمال علمهما أذا هما بالأختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهم يظنون أنه مؤمن ؟
قلت :- لا.
فقال :- هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال عمله ونزول الوحي عليه أختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في أيمانهم فوقعت خيرته على على المنافقين , قال تعالى ((وأختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا , الى قوله لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم , فلما وجدنا أختيار من أصطفاه الله للنبوة واقعا على المفسد دون المصلح وهو يضن أنه أصلح دون المفسد علمنا أن لا أختيار الأ ممن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لأختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع أختيار الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الأصلاح )) أثبات الهداة ج1 ص 115-116.
ومن هنا تعلم أنه لا مجال لأختيار الأمام من قبل أي شخص مهما بلغ من الصلاح وكمال العلم و رجاحة العقل حتى الأنبياء ((ع)) ودور الأنبياء والأئمة ((ع)) في النص على من بعدهم هو الكشف عن من نص الله عليه حجة على الخلق من بعده ولا دور للنبي ولا الأمام في أختيار من يليه في مقام الحجية حتى ورد في ذلك أن الأمام الكاظم ((ع)) قد قال لو كانت الأمامة في يدي لأعطيتها لأبني القاسم ((ع)) دون الرضا ((ع)).
ولذلك فأننا نجد أن كل واحد من الأنبياء والرسل والأوصياء ((ع)) قد ورد النص ممن سبقه عليه وقد ألف الكثير من علماء الشيعة كتبا ضمت الروايات الدالة على هذا المطلب مثل أثبات الهداة وأثبات الوصية وغيرها