المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول أدعية الامام الحسين(ع) فى يوم عاشوراء (يوم الطف)..


كهف الوراء
15-01-2009, 02:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآله الطيبين الطاهرين

(( دراسة ))
حول أدعية الامام الحسين(ع) فى يوم عاشوراء (يوم الطف)..


إن للإمام الحسين (ع)أدعية قيّمة فى موضوعات متعدّدة وأغراض شتّى سواء انتهى السند إليه أم ارتقى منه إلى جدّه المصطفى (ص) وأبيه المرتضى(ع) وهذه الأدعية قد وردت فى مصادر الحديث والأدب وكتب الدعاء والتاريخ وهى تمثّل عنصرا أساسيّا من عناصر الثقافة وتحتوى على مضامين أخلاقية سامية ومفاهيم عقائدية عالية تدعو الإنسان إلى معرفة الحقائق الدينيّة والسياسية فى الإسلام كدعائه فى يوم ألطف وعشيّة عرفات وفى الحرز والقنوت والمهّمات وفى الاحتجاب والاستشفاء والاستكفاء وطلب التوفيق والعافية وفى دفع شرّ الأعداء وإهلاك الظالم كما روى بعضها أيضا للفرج والأمن والكفاية وقضاء الحاجات و الحفظ والوقاية.
ولاشكّ أنّ كثيرا من هذه الأدعية التى يدور البحث عليها، تختّص بواقعة الطفّ وهى لاتخرج من قسمين رئيسين: الأول ما قاله الإمام الحسين (ع) بلسان العواطف والإحساسات فى مناجاته للّه تعالى وتضحية أولاده وإخوانه وأنصاره ومظلوميتهم، والثانى ماعبّر به الإمام عن إنكاره الشديد على الظلمة والفسقة والفجرة واللئام والتعبير لهم ولابدّ لنا أن نقوم بالبحث من ثلاثة أبعاد:
الف) دعاء الإمام الحسين لنفسه الزكية بناء على ماجاء فى الجوامع الروائية والموسوعات التاريخية والدينيّة إنّ الإمام الحسين (ع) كان يدعو اللّه لنفسه يوم عاشوراء فى ستّة مواقف:
1- دعاؤه عندالدخول بكر بلاء فى رواية: لمّا وصل الحسين (ع) قرب كربلاء، دمعت عيناه ثمّ قال:«اللهم إنّى أعوذ بك من الكرب والبلاء».1
2- دعاؤه فى الثناء على اللّه ليلة عاشوراء قال على بن الحسين (ع): جمع الحسين (ع) أصحابه عند قرب المساء فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذا ذاك مريض، فسمعت أبى يقول لأصحابه:«أثنى على اللّه أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللهمّ إنّى أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلمتنا القرآن، وفقّهتنا فى الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين».2
3- دعاؤه فى الإلتجاء إلى اللّه تبارك وتعالى رُوى عن على بن الحسين زين العابدين عليهما السلام أنّه قال: لمّا أصبحت الخيل تقبل على الحسين (ع)، رفع يديه وقال:«اللهمّ أنت ثقتى فى كلّ كرب، وأنت رجائى فى كلّ شدّة، وأنت لى فى كلّ أمر نزل بى ثقة وعدّة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحليلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدّو، أنزلته بك، وشكوته إليك، رغبة منّى إليك عمّن سواك، ففّرجته وكشفته، فأنت ولىّ كلّ نعمة، وصاحب كلّ حسنة، ومنتهى كلّ رغبة»3
4- دعاؤه فى يوم الطف إنّ الحسين (ع) دعااللّه بكلمات طيّبة فى ذلك اليوم فقال: «اللهمّ متعالى المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، غنّى عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر على ماتشاء، قريب الرحمة، صادق الوعد، سابغ النعمة، حسن البلاء، قريب إذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبة لمن تاب إليك، قادر على ماأردت،ومدرك ما طلبت، وشكور إذا شكرت، وذكور إذا ذكرت، أدعوك محتاجا، وأرغب إليك فقيرا، وأفزع إليك خائفا، وأبكى إليك مكروبا، وأستعين بك ضعيفا، وأتوكلّ عليك كافيا.أحكم بيننا وبين قومنا بالحقّ، فانّهم غرّونا وخدعونا وغدروابنا وقتلونا، ونحن عترة نبيّك وولد حبيبك محمّد بن عبداللّه، الّذى اصطفيته بالرسالة، وائتمنته على وحيك، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا برحمتك ياأرحم الراحمين»4
5- دعاؤه ربّه للطلب بدمه جاء فى رواية ابن عساكر أنّ مسلم بن رباح مولى على بن أبى طالب (ع)قال:كنت مع الحسين بن على(ع) يوم قُتل، فرمى فى وجهه بنشّابة فقال لى:«يامسلم، أدن يديك من الدم» فأدنيتهما فلّما امتلأتا قال:«أسكبه فى يدى»، فسكبته فى يده فنفح بهما إلى السماء وقال:«اللهمّ اطلب بدم ابن بنت نبيّك».5
6- دعاؤه قبيل شهادته قال أبومخنف: بقى الحسين (ع) ثلاث ساعات من النهار ملطّخا بدمه رامقا بطرفه إلى السماء وينادنى:«ياإلهى، صبرا على قضائك، ولامعبود سواك، ياغياث المستغيثين».6
ب) دعاء الإمام الحسين لأصحابه الأبرياء
جاء فى الروايات المعتبرة أنّ الإمام الحسين (ع) دعااللّه لبعض أصحابه الأبرياء بعد ماخرجوا إلى ساحة القتال وقاتلوا قتال المشتاقين إلى لقاء ربّهم العظيم حتّى أثخنوا بالجراح وصُرعوا ولم يستطيعوا حراكا، ووفقالإحصائنا ايّاهم يبلغ عددهم إلى ثلاثة عشر بطلاً كمايلى:
1- دعاؤه لأم وهب روى أنّ أم وهب زوجة عبداللّه بن عمير الكلبى بعد ماخرج زوجها إلى ساحة المعركة، أخذت عمودا، ثمّ أقبلت نحوه وهى تقول له: فداك أبى وأمّى! قاتل دون الطيّبين ذريّة محمد(ص)، فأقبل عبداللّه إليها يردّها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثم قالت:إنّى لن أدعك دون أن أموت معك، فناداها الحسين:«جُزيتم من أهل البيت خيرا، ارجعى رحمك اللّه إلى النساء فاجلسى معهن، فإنّه ليس على النساء قتال» فانصرفت اليهن.7
ويلاحظ فى روايتين اسم «وهب بن عبداللّه بن حباب الكلبى» بدل «عبداللّه بن عمير الكلبى»، ويختلف فيهما نصّ كلام الإمام عمّا سبق و كمايلى:
الرواية الأولى:«جزيتم من أهل بيتى خيرا، إرجعى إلى النساء رحمك اللّه».8
الرواية الثانية:«إرجعى يا أمّ وهب، أنت وابنك مع رسول اللّه، فإنّ الجهاد مرفوع عن النساء»، فرجعت وهى تقول: إلهى لاتقطع رجائى، فقال لها الحسين (ع):«لايقطع اللّه رجاك يا أم وهب».9
2- دعاؤه للحرّبن يزيد الرياحى. لمّا لحق الحرّ بالحسين (ع) راكبا، قال:إنّى قدجئتك تائبا ممّا كان منّى إلى ربّى ومواسيا لك بنفسى حتّى أموت بين يديك، أفترى ذلك لى توبة؟
قال الإمام:«نعم، يتوب اللّه عليك»، فأنزل قال: أنا لك فارسا خير منّى راجلاً، أقاتلهم لك على فرسى ساعة وإلى النزول مايصير آخر أمرى. فقال له الحسين (ع):«فاصنع يرحمك اللّه مابدالك».10
3- دعاؤه لمسلم بن عوسجة.روى أنّ عمروبن الحّجاج حمل على الحسين من نحو الفرات، فاضطربوا ساعة، فصُرع مسلم بن عوسجة الأسدى، وانصرف عمرو و مسلم صريع، فمشى إليه الحسين وبه رمق فقال:«رحمك اللّه يا مسلم بن عوسجة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدّلوا تبديلاً»11 و 12
4- دعاؤه لأبى ثمامة الصائدى قال أبوثمامة للحسين: يا أبا عبداللّه، نفسى لك الفداء! إنّى أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، واللّه لا تُقتل حتّى أُقتل دونك إن شاءاللّه، وأحبّ أن ألقى ربّى وقد صلّيت هذه الصلاة التى دنا وقتها فرفع الحسين (ع) رأسه، ثمّ قال:«ذكرت الصلاة، جعلك اللّه من المصلّين الذاكرين».13
5- دعاؤه لحبيب بن مظاهر. لمّا برز حبيب فى ساحة القتال، لم يزل يقاتل حتّى قتل منهم خلقا كثيرا، ثمّ قال الحسين(ع): «يرحمك اللّه يا حبيب، لقد كنت تختم القرآن فى ليلة واحدة وأنت فاضل».14
6- دعاؤه لزهيربن القين خرج زهيربن القين مرتجزا وقاتل قتالاً شديدا، فشدّعليه كثير بن عبداللّه الشعبى ومهاجر بن أوس التميمى فقتلاه، فقال الحسين (ع) حسين صرع زهير: «لايبعدك اللّه يا زهير! ولعن قاتلك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير».15
7- دعاؤه للأخوين الغفاريين لمّاجاء عبداللّه وعبدالرحمن الغفاريان الى الحسين وقالا له:ياأبا عبداللّه، السلام عليك، جئنا لنقتل بين يديك، وندفع عنك، فقال: «جزاكما اللّه يا ابنى أخى بو جدكما من ذلك ومواساتكما ايّاى بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.»16
8- دعاؤه للفتيين الجابريين. إنّ سيف بن الحارث بن سريع ومالك بن عبدبن سريع، وهما ابنا عمّ وأخوان لأمّ، أتياحسينا وهمايبكيان، فقال لهما:مايبكيكما؟ إنّى لأرجوا أن تكونا عن ساعة قريرى عين: فقالا: واللّه ماعلى أنفسنا نيكى، ولكن نبكى عليك، نراك قدأُ حيط بك ولانقدر أن نمنعك! فقال:«جزاكما اللّه جزاء المتقين».17
9- دعاؤه لحنظلة بن أسعد الشبامى رُوى أنّ ابن أسعد جاء، فوقف بين يدى الحسين وجعل ينادى: ياقوم إنّى أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب؛ مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم،ومااللّه يريد ظلما للعباد؛ ويا قوم إنّى أخاف عليكم يوم التناد؛ يوم تولّون مدبرين مالكم من اللّه عاصم،ومن يضلل اللّه فماله من هاد.18 يا قوم لا تقتلوا الحسين فيسحتكم اللّه بعذاب، وقد خاب من افترى19 فقال له الحسين:«يا ابن أسعد، رحمك اللّه، إنّهم قد استوجبوا العذاب حين ردّوا ما دعوتهم إليه من الحق».20
10- دعاؤه للضّحاك بن عبداللّه المشرقى حينما بدأ المشرقى القتال راجلاً مع الأعداء وقتل بين يدى الحسين رجلين وقطع يدآخر، قال له الحسين (ع) يومئذ مرارا:«لاتشلل، لا يقطع اللّه يدك،جزاك اللّه خيرا عن أهل بيت نبيّك (ص)».21
11- دعاؤه لجون مولى أبى ذرالغفارى لمّا تقدّم جون وكان عبدا أسود، واطّلع على ما جرى بينه و بين مولاه، برزإلى القتال مرتجزا، ثمّ قاتل حتّى قتل، فوقف عليه الحسين (ع) و قال:«اللهمّ بيّض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمدوآل محمد».22
12-دعاؤه لأبى الشعثاء الكندى جثا أبوالشعثاء الكندى، وهو يزيد بن زياد، على ركبتيه بين يدى الحسين، فرمى بمائة سهم ما سقط منها إلّا خمسة أسهم، وكان راميا، وكلّما رمى يقول له الحسين:«اللهمّ سدّد درميته واجعل ثوابه الجنّة».23
13- دعاؤه لعروة الغفارى لمّا برز عروة الغفارى وكان شيخا كبيرا شهد بدرا وحنين وصفين، قال له الحسين (ع):«شكر اللّه لك أفعالك ياشيخ».24
ج) دعاء الإمام الحسين لأهل بيته الطاهرين
إنّ البحث هنا يختصّ بالأدعية التى قالها الإمام المفدّى فى حقّ أولاده وإخوانه و أقربائه الأعزّاء الذين لهم عظمة بين المسلمين وجلالة فيهم؛ أولئك الأبطال و الفتيان الذين بذلوا مهجتهم فى سبيل الحق ونصرة الدين بكلّ شجاعة وسخاء، ثمّ صبروا على ضرب السيوف وطعن الرماح حتّى فازوا فوزا عظيما. ولذلك بقيت هذه الأدعية الطّيبة مفخرة لهم على تعاقب العصور، وينّم عن هذا الواقع مايلى:
1- دعاؤه لولده على بن الحسين، إنّ الإمام الحسين(ع) بعد ما ارتحل من قصربنى مقاتل، حمداللّه و استرجع، فأقبل إليه ابنه على الأكبر وجرى بينهما محادثات، ثمّ قال لأبيه: يا أبت إذن لانبالى أن نموت محقيّن فقال له الحسين (ع):«جزاك اللّه من والد خير ماجزى ولدا عن والده».25
2- دعاؤه لأخيه العبّاس بن على لمّا وقع العبّاس على الأرض وهو يقول ياأبا عبداللّه، عليك منّى السلام، قال الإمام: واعبّاساه! وامهجة قلباه! وحمل عليهم وكشفهم عنه، وحمله على جواده فأدخله الخيمة، وبكى بكاء شديدا وقال:"جزاك اللّه عنّى خيرالجزاء، فلقد جاهدت حق الجهاد»26
وجاء فى رواية أن الأمام قال:«جزاك اللّه من أخ خيرا، لقد جاهدت فى اللّه حق جهاده»27
3- دعاؤه بعد استشهاد ولده الرضيع عبداللّه. إنّ الحسين (ع) دعابابنه عبداللّه وهو صغير، فأجلسه فى حجره، فرماه حرملة بن كاهل الأسدى بسهم فذبحه، فتلقى الحسين دمه حتّى امتلأت كفّه، ثمّ رمى به إلى السماء وقال:«اللهمّ إن كنت حبست عنّا النصر، فاجعل ذلك لما هو خيرلنا».28
رُوى هذا الدعاء بعبارات شتى كمايلى:
الأول: «ربّ أن تك حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين».29
الثانى: «إلهى إن كنت حبست عنّا النصر، فاجعله لما هو خيرمنه، وانتقم لنا من الظالمين، واجعل ما حلّ بنا فى العاجل ذخيرة لنافى الآجل».30
الثالث:«إلهى‏ترى ماحلّ بنا فى العاجل، فاجعل ذلك ذخيرة لنافى الآجل».31
د) دعاء الإمام الحسين على أعدائه الظالمين
إن للإمام الشهيد أدعية على الأعداء بعد ما قامت الحرب يوم عاشوراء بين الفرقتين، ولاشك في أنّها كانت تجرى على لسان ريحانة الرسول عندما يرى أهل بيته الأبرار وأنصاره الأحرار مضرجين بالدماء في ساحة القتال، ولذلك بقيت لنانماذج كثيرة منها في المصادر الإسلامية الوثيقة كمايلى:
1- دعاؤه على عبداللّه بن حصين، روى أنّ عبداللّه بن حصين الأزدى قال بأعلى صوته: ياحسين، ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبدالسماء! واللّه لاتذوق منه قطرة حتى تموت عطشا. فقال الحسين:«اللهمّ اقتله عطشا، ولا تغفرله أبدا»32 فكان بعد ذلك يشرب الماء ولا يروى حتّى سقى بطنه فمات عطشا.33
2- دعاؤه على عمربن سعد جاء فى رواية أنّ الحسين (ع) أرسل إلى عمربن سعد، فلما التقيا وجرى بينهما محادثات لم تودّ إلى نتيجة مُرضية، انصرف عنه الحسين وهو يقول: «مالك، ذبحك اللّه على فراشك عاجلاً، ولا غفرلك يوم حشرك»34
3- دعاؤه الآخر على ابن سعد لمّا خرج على بن الحسين الأكبر وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا، نظر إليه الحسين (ع) ثم صاح بعمربن سعد:«مالك، قطع اللّه رحمك، ولابارك اللّه لك فى أمرك، وسلّط عليك من يذبحك بعدى على فراشك، كما قطعت رحمى و لم تحفظ قرابتى من رسول اللّه (ص)»35
4- دعاؤه على مالك بن حوزة قال ابن اعثم:أقبل رجل من معسكر عمربن سعد يقال له مالك بن حوزة على فرس له حتى وقف عندالخندق وجعل ينادى: أبشر ياحسين، فقد تلفحك النار فى الدنيا قبل الآخرة! فقال له الحسين (ع): كذبت ياعدّوالله، إنّى قادم على ربّ رحيم وشفيع مطاع، وذلك جدّى رسول اللّه (ص) ثم قال الحسين: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة فقال الحسين (ع): «اللّهم حُزه إلى النار، و أذقه حرّها فى الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة». قال فلم يكن بأسرع أن شبت به الفرس فألقته فى النار، فاحترق قال: فخرّالحسين للّه ساجدا مطيعا، ثم رفع رأسه وقال: يالها من دعوة ماكان أسرع إجابتها! قال: ثم رفع الحسين (ع) صوته ونادى:«اللهمّ إنّا أهل بيت نبيّك و ذريته وقرابته، فاقصم من ظلمناوغصبنا حقّنا، إنّك سميع مجيب».36
وفى رواية: جاء عبداللّه بن حوزة حتى وقف أمام الحسين، فقال: يا حسين، يا حسين! فقال الحسين: ما تشاء؟ قال: أبشر بالنار قال: كلا، إنى أقدم على ربّ رحيم وشفيع مطاع، من هذا؟ قال له أصحابه: هذا ابن حوزة قال:«ربّ حُزه إلى النار». قال: فاضطرب به فرسه فى جدول فوقع فيه، وتعلقت رجله بالركاب، ووقع رأسه فى الأرض، ونفرالفرس، فأخذ يمّر به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتى مات.37
ومما يجدرإليه الإشارة هنا أن فى اسم ابن حوزة اختلاف، بعض يقوله:مالك و بعض آخر يقول: عبدالله، كما رأيناهما فى الروايات السابقة؛ وبما أنّ نصوص تلك الروايات متماثلة، يحتمل كونها رجلاً واحدا.
5- دعاؤه على جبيرة الكلبي. جاء فى رواية أن أصحاب الإمام الحسين (ع) حفروا حول الخيمة خندقا وملأوه نارا حتى تكون الحرب من جهة واحدة، فقال رجل ملعون: عجلت يا حسين بنار الدنيا قبل الآخرة فقال الحسين: تعيرنى بالنار وأبى قاسمها وربّى غفور رحيم، ثم قال لأصحابه: أتعرفون هذا الرجل؟ فقالوا: هو جبيرة الكلبي لعنه للّه فقال الحسين:«اللهم احرقه بالنار فى الدنيا قبل نار الآخرة». فما استتمّ كلامه حتى تحرك به جواده فطرحه مكّبا على رأسه فى وسط النار فاحترق، فكّبروا، ونادى منادمن السماء: هنيت بالإجابة سريعا ياابن رسول اللّه.39
6- دعاؤه علىشمر رُوى أنّ شمر بن ذى الجوشن حمل على فسطاط الحسين فطعنه بالرمح، ثمّ قال: علىّ بالنار حتى أحرّق هذا البيت على أهله فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، وصاح به الحسين: «يابن ذى الجوشن، أنت تدعو بالنار لتحرّق بيتى على أهلى، حرّقك اللّه بالنار!»40
7- دعاؤه على تميم بن حصين الفزارى رُوى أنّه برز من عسكر عمر بن سعد رجل يقال له: تميم بن حصين الفزارى، فنادى: ياحسين ويا أصحاب الحسين، أما ترون الفرات يلوح كأنّه بطون الحيّات؟ واللّه لا أذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جُرعا، فقال الحسين(ع):«هذا وأبوه من أهل النار، اللهمّ اقتل هذا عطشا فى هذا اليوم». قال فخنقته العطش حتّى سقط من فرسه فوطأته الخيل بسنابكها فمات.41
وفى رواية «أللهمّ اقتله عطشا ولاتغفرله أبدا»42
وفى رواية أخرى: «أللهمّ أمته عطشا». قال: واللّه لقد كان هذا الرجل يقول: أسقونى ماء، فيؤتى بماء، فيشرب حتى يخرج من فيه وهو يقول: اسقونى قتلنى العطش، فلم يزل كذلك حتى مات.43
8- دعاؤه على محمدبن الأشعث لمّا دعا الحسين(ع) على مالك بن حوزة، سمع كلامه محمدبن الأشعث وجرى بينهما محادثات، ثمّ قال الإمام (ع):«اللهمّ أرنى فيه فى هذا اليوم ذلّا عاجلاً»44
وفى رواية: رفع الحسين رأسه إلى السماء فقال:«اللهمّ أذلّ محمدبن الأشعث ذلّا فى هذا اليوم لاتعزّه بعد هذا اليوم أبدا». فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرّز فسلّط اللّه عليه عقربا فلدغته فمات.45
وفى رواية أخرى: قال الحسين (ع):«اللهمّ إن كان عبدك كاذبا فخذه إلى النار، و اجلعه اليوم آية لأصحابه». فما هوإلّا أن ثنى عنان فرسه، فرمى به، وثبتت رجله فى الركاب فضربه حتى قطعه.46
9- دعاؤه على ابن أبى جويرية المزنى، ورُوى أنّه أقبل رجل من عسكر عمربن سعد على فرس يقال له: ابن أبى جويرية المزنى، فلما نظر إلى النار تتّقد، صفّق بيده ونادى: يا حسين ويا أصحاب الحسين، أبشروا بالنار، فقد تعجلّتموها فى الدنيا، فقال الحسين (ع): «اللهمّ أذقه عذاب النّار فى الدنيا» فنفر به فرسه وألقاه فى تلك النار فاحترق.47
10- دعاؤه على زرعة الدارمى رُوى أنّ رجلاً من بنى أبان بن دارم، يقال له زرعة، شهد قتل الحسين (ع)، فرمى الحسين بسهم فأصاب حفكه، وذلك أنّ الحسين (ع) دعا بماء ليشرب فرماه فحال بينه و بين الماء، فقال:«اللهمّ أظمئه» قال: فحدّثنى من شهد موته و هو يصيح من الحرّ فى بطنه ومن البرد فى ظهره، و بين يديه الثلج والمراوح و خلفه الكانون و هو يقول: أسقونى أهلكنى العطش.48
وفى رواية:«اللهمّ اقتله عطشا ولا تغفرله».49
11- دعاؤه على أبى الحتوف جاء فى رواية أنّ الحسين(ع) حينما رماه أبوالحقوق الجعفى بسهم فوقع السهم فى جبهته، نزعه من جبهته، فسالت الدماء على وجهه ولحيته، فقال:«اللهمّ إنّك ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة، اللهمّ أحصهم عددا، واقتلهم بدءا، ولاتذر على وجه الأرض منهم أحدا، ولا تغفرلهم أبدا»50
12- دعاؤه على حصين بن نُمير التميمى، رُوى أنّ الحسين (ع) لمّا اشتدّ عليه العطش، دنا من الفرات ليشرب، فرماه حصين بن نمير بسهم، فوقع فى فمه، فجعل يتلقى الدم بيده، ورمى به إلى السماء، ثمّ حمداللّه وأثنى عليه، ثم قال:«اللهمّ إنّى أشكو إليك ما يُصنع بابن بنت نبيك! أللهمّ أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولاتبقِ منهم أحدا».51
وفى رواية:«اللهمّ أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تذرعلى الأرض منهم أحدا». بالإضافة إلى أنّ الرامى كان اسمه حصين بن تميم بدل حصين بن نمير التميمى.52
13- دعاؤه على مالك بن اليسر. إنّ رجلاً من كندة يقال له مالك بن اليسر أتى الحسين بعد ما ضعف من كثرة الجراحات فضربه على رأسه بالسيف وعليه برنس من خز، فقال له الحسين (ع):«لا أكلت بها ولا شربت وحشرك اللّه مع الظالمين». فألقى ذلك البرنس من رأسه فأخذه الكندى فأتى به أهله، فقالت له امرأته: أسَلَبَ الحسين تدخله فى بيتى؟ أخرج فو اللّه لاتدخل بيتى أبدا؛ فلم يزل فقيرا حتى هلك.53
وفى رواية:«لا أكلت بيمنك ولاشربت بها وحشرك اللّه مع القوم الظالمين»، قال ابومخنف: لما أخذ الكندى عمامة الحسين (ع) قالت زوجته: ويلك قتلت الحسين و سلبت ثيابه! فواللّه لا جتمعت معك فى بيت واحد، فأراد أن يلطمها فأصاب مسمار يده قطعت يده من المرفق، ولم يزل فقيرا حتى هلك.54
41- دعاؤه على أعدائه بعد شهاده ولده على الأكبر. رُوى أنّ على بن الحسين الأكبر لمّا تقدم واستأذن أباه بالقتال، أذن له أبوه، ثمّ نظر إليه نظر آيس منه و أرخى عينيه فبكى،55 ثمّ رفع سبّابته نحو السماء وقال: «اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم، فقد برزإليهم غلام أشبه الناس خَلقا وخُلقا ومنطقا برسولك، كنّا إذا إشتقنا إلى نبيّك نظرنا إلى وجهه؛ اللهمّ امنعهم بركات الأرض، وفرّقهم تفريقا، ومزّقهم تمزيقا، واجلعهم طرائق قددا، ولاترض الولاة عنهم أبدا، فإنّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا».56
ثم برز إلى القتال ولم يزل يقاتل حتّى قُتِل، فجاءه الحسين (ع) حتّى وقف عليه و هو يقول:«قتل اللّه قوما قتولك يابنّى، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول! على الدنيا بعدك العفا».57
وجاء فى رواية أنّ الإمام قال:«لعن اللّه قوما قتلوك ياولدى، ما أشدّ جرأتهم على اللّه وعلى انتهاك حرم رسول اللّه (ص)».58
15- دعاؤه على أعدائه بعد شهادة القاسم بن الحسن لمّا خرج القاسم إلى المعركة، فقاتل حتى قُتل، جاءه الحسين(ع) كالصقر المنقض فقال:«بُعدا لقوم قتلوك، و من خصمهم يوم القيامة فيك جدّك».59
وجاء فى رواية أنّ الامام (ع) قال:«اللهمّ أنت تعلم أنّهم دعونا لينصرونا، فخذلونا وأعانوا علينا، اللهمّ احبس عنهم قطر السماء، وأحرمهم بركاتك، اللهمّ لاترض عنهم أبدا. اللهمّ إنّك إن كنت حبست عنّا النصر فى الدنيا، فاجعله لنا ذخرا فى الآخرة، وانتقتم لنا من القوم الظالمين».60
وفى رواية: قد وضع الحسين صدره على صدره، ثمّ قال:«اللهمّ أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، ولا تغفرلهم أبدا؛ صبرا يابنى عمومتى، صبرا يا أهل بيتى، لارأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا».61
61- دعاؤه على أعدائه بعد شهادة عبداللّه بن الحسن رُوى أنّ عبداللّه بن الحسن لمّا ضربه ابجربن كعب بالسيف وقطع يده، نادى يا امّاه! فأخذه الحسين (ع) فضمّه اليه، ثمّ رفع يده المعلقة وقال:«اللهمّ إن متّعتهم إلى حين، ففرّقهم فِرقا، واجعلهم طرائق قِدادا، و لا تُرض الولاة عنهم أبدا، فانّهم دعونا لينصرونا، ثمّ عدوا علينا فقتلونا».62
17- دعاؤه على اعدائه بعد شهادة ولده الصغير عبداللّه. روى أنّ الحسين(ع) جلس أمام الفسطاط فأتى بانه عبداللّه بن الحسين وهو طفل فأجلسه فى حجره فرماهُ رجل من بنى أسد بسهم فذبحه فتلّقى الحسين من دمه ملأكفّه وصبّه على الارض، ثم قال:«ربّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء عندك فاجعل ذلك لما هو خير وانتقم من هؤلاء الظالمين».63
وجاء فى رواية أنّ الامام (ع) قال:«اللهمّ احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا».64
18- دعاؤه على اعدائه بعد شهادة عبداللّه بن مسلم بن عقيل لمّا برز عبداللّه بن مسلم فى ساحة القتال، لم يزل يقاتل حتّى قتل من الأعداء نيفا وخمسين فارسا، ثمّ قُتل فلّما نظر الحسين اليه، قال: «اللهمّ اقتل قاتل آل عقيل»65
19- دعاؤه على رجل من قاتليه رُوى عن ابن عُيينة أنّه قال: أدركت من قتلة الحسين(ع) رجلين، إمّا أحدهما فإنّه طال ذكره حتّى كان يلّفه، وأمّا الآخر فإنّه كان يستقبل الرواية فيشربها إلى آخرها ولايروى، وذلك أنّه نظر إلى الحسين (ع) وقد أهوى إلى فيه بماء وهو يشرب، فرماه بسهم، فقال الحسين (ع): «لا أرواك اللّه من الماء فى دنياك ولاآخرتك». فعطش الرجل حتّى ألقى نفسه فى الفرات وشرب حتّى مات.66
20- دعاؤه على أعدائه لمّا كثرت عليه العساكر رُوى أنّه لما كثرت العساكر على الحسين أيقن أنّه لا محيص له، فقال:«اللهمّ احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا، ثمّ هم يقتلوننا».67
21- دعاؤه على أعدائه يوم عاشوراء، رُوى أنّه لمّا عبّأ عمربن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن على (ع) ورتّبهم مراتبهم، خرج الإمام (ع) حتّى أتى الناس فاستنصتهم، فأبوا أن ينصتوا، ثمّ قال فى كلام له:«اللهمّ احبس عنهم قطر السماء، وابعث عليهم سنين كسنى يوسف، وسلّط عليهم غلام ثقيف، يسقهيم كأسا مصبرّة، ولايدع فيهم أحدا إلّا قتله، قتلة بصتلة، وضربة بضربة، ينتقم لى ولأوليائى وأهل بيتى وأشياعى منهم، فإنّهم غرّونا وكذّبونا وخذلونا، وأنت ربّنا عليك توكّلنا وإليك أَنبنا وإليك المصير».68
هذه الأدعية المختارة التى أوردها المحدثون والمؤرخون فى خلال آثارهم القيمّة، على غاية من الأهمية فى تاريخنا الفكرى والعقائدى، لأنها كاشفة عن قوة قلب الامام المفدّى وقدرة روحه واعتماده على اللّه تعالى فى جميع الامور، ولاشكّ أنّها جواهر نفيسة ومعارف مفيدة تدلّ على تضحية انصارالحسين وجور اعدائه، ولذلك نرى أنّ هذه الأدعية تنقسم إلى قسمين: قسم لعصابة بالعلم مشهورة وبالخير مذكورة وبالنصيحة معروفة وهم أولاده الأعزّاء وأصحابه الأبرياء الذين قاموا حُماة للدين و حفاظا لحقوق المسلمين، وقسم على اعدائه من طواغيت الأمة ونفثة الشيطان ومحرّفى الكتاب ومطفئى السنن وقتلة أولاد الرسول وأنصارهم الأخيار،فهى تَبيّن لنا حقايق كثيرة ودلالات هامّة والتى تعرب عن عظمة الإمام الحسين وقدسيّة حياته الإلهية.
انتهى ..

عاشق المنبر
15-01-2009, 06:55 AM
كهف الورى

ج ــزيل الشكر والتقدير على الموضوع المفيد للغايه وجعله في ميزان حسناتك

تحياتي لك

عاشق المنبر

alsaffar33
15-01-2009, 07:33 AM
* سلام من الله *

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد
قال تعالى :

(عسى أن تكرهوا شاء وهو خير لكم....وعسي أن تحبوا شيء وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون )

عن الإمام الباقر (ع):
" إن ذكرنا من ذكر الله وذكر عدونا من ذكر الشيطان"الكافي ج2 ص 496

موضوع جبد و به فائد إنشاء الله أدعيه و أحراز للحسين -ع-


الحاج \ الصفار

شيعية موالية
15-01-2009, 08:57 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين والسلام على الحوراء زينب ام المصائب والسلام على ابا لاالفضل العباس ساقي عطاشا كربلاء ورحمة الله وبركاته

رزقنا الله في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم

احسنت على الطرح القيم بارك الله فيك وجزاكم الله عن الحسين وأهل بيته الف خير

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

كهف الوراء
15-01-2009, 12:55 PM
بسم الله الرحمن احيم

اللهم صلي على محمد وآله الطاهرين

شكراً خواني على امرور الكريم

وجعلنا الله واياكم بطالبين بثاره مع الإمام الحجة اقائم (عج)

ودمتم في حفظ الله تعالى.

ولايخاف
15-01-2009, 01:40 PM
بسمــ الله الرحمن الرحيم

مشكورة على الموضوع

تحياتي
ولايخاف

كهف الوراء
18-01-2009, 03:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وآله الطاهرين

يسلمو على المرور الكريم

ودمتم في حفظ الله .