نور المستوحشين
21-01-2009, 08:05 PM
هَــذا الّـــذي تَـعــرِفُ البَـطْـحـاءُ وَطْـأتَــهُ، وَالـبَــيْــتُ يـعْــرِفُــهُ وَالــحِـــلُّ وَالــحَـــرَمُ
هــــذا ابــــنُ خَــيــرِ عِــبــادِ الله كُـلّــهِــمُ، هـــذا الـتّـقــيّ الـنّـقــيّ الـطّـاهِــرُ الـعَـلَــمُ
هـــذا ابـــنُ فـاطـمَـةٍ، إنْ كُـنْــتَ جـاهِـلَـهُ، بِـــجَـــدّهِ أنْــبِــيَــاءُ الله قَــــــدْ خُــتِــمُـــوا
وَلَـيْــسَ قَـوْلُــكَ: مَـــن هـــذا؟ بـضَـائـرِه، الـعُــرْبُ تَـعــرِفُ مـــن أنـكَــرْتَ وَالـعَـجـمُ
كِـلْـتــا يَــدَيْــهِ غِــيَــاثٌ عَــــمَّ نَـفـعُـهُـمَـا، يُـسْـتَـوْكَـفــانِ، وَلا يَـعـرُوهُــمــا عَـــــــدَمُ
سَـهْــلُ الخَلِـيـقَـةِ، لا تُـخـشــى بَــــوَادِرُهُ، يَزِيـنُـهُ اثـنـانِ: حُـسـنُ الـخَـلـقِ وَالـشّـيـمُ
حَــمّــالُ أثــقــالِ أقــــوَامٍ، إذا افـتُــدِحُــوا، حُـلــوُ الشّـمـائـلِ، تَـحـلُــو عــنــدَهُ نَــعَــمُ
مـــا قـــال: لا قــــطُّ، إلاّ فــــي تَـشَـهُّــدِهِ، لَـــــوْلا الـتّـشَـهّــدُ كـــانَـــتْ لاءَهُ نَـــعَـــمُ
عَــــمَّ الـبَـرِيّــةَ بـالإحـســانِ، فانْـقَـشَـعَـتْ عَـنْـهــا الـغَـيـاهِـبُ والإمْــــلاقُ والــعَـــدَمُ
إذ رَأتْــــــهُ قُـــرَيْـــشٌ قــــــال قـائِـلُــهــا: إلــــى مَــكَــارِمِ هــــذا يَـنْـتَـهِــي الــكَـــرَمُ
يُغْـضِـي حَـيـاءً، وَيُغـضَـى مــن مَهابَـتِـه، فَـــمَــــا يُــكَــلَّـــمُ إلاّ حِـــيــــنَ يَـبْــتَــسِــمُ
بِــكَــفّــهِ خَـــيْـــزُرَانٌ رِيـــحُـــهُ عَـــبِـــقٌ، مـــن كَـــفّ أرْوَعَ، فـــي عِرْنِـيـنِـهِ شـمَــمُ
يَــكـــادُ يُـمْـسِـكُــهُ عِـــرْفـــانَ رَاحَـــتِـــهِ، رُكْـــنُ الحَـطِـيـمِ إذا مـــا جَــــاءَ يَـسـتَـلِـمُ
الله شَــــرّفَــــهُ قِــــدْمـــــاً، وَعَـــظّـــمَـــهُ، جَـــرَى بِـــذاكَ لَـــهُ فـــي لَــوْحِــهِ الـقَـلَــمُ
أيُّ الـخَـلائِــقِ لَـيْـسَــتْ فــــي رِقَـابِــهِــمُ، لأوّلِـــيّــــةِ هَـــــــذا، أوْ لَــــــــهُ نِــــعــــمُ
مَــــن يَـشــكُــرِ الله يَـشــكُــرْ أوّلِــيّـــةَ ذا؛ فـالـدِّيـنُ مِـــن بَـيــتِ هـــذا نَـالَــهُ الأُمَـــمُ
يُنـمـى إلــى ذُرْوَةِ الـدّيـنِ الـتــي قَـصُــرَتْ عَنـهـا الأكـــفُّ، وعـــن إدراكِـهــا الـقَــدَمُ
مَـــنْ جَـــدُّهُ دان فَـضْــلُ الأنْـبِـيــاءِ لَــــهُ؛ وَفَــضْــلُ أُمّــتِـــهِ دانَـــــتْ لَـــــهُ الأُمَـــــمُ
مُـشْـتَـقّــةٌ مِـــــنْ رَسُـــــولِ الله نَـبْـعَـتُــهُ، طَــابَــتْ مَـغـارِسُــهُ والـخِــيــمُ وَالـشّــيَــمُ
يَنْـشَـقّ ثَــوْبُ الـدّجَـى عــن نــورِ غـرّتِــهِ كالشمـس تَنـجـابُ عــن إشرَاقِـهـا الظُّـلَـمُ
مـــن مَـعـشَـرٍ حُـبُّـهُـمْ دِيـــنٌ، وَبُـغْـضُـهُـمُ كُــفْــرٌ، وَقُـرْبُــهُــمُ مَـنــجــىً وَمُـعـتَـصَــمُ
مُـــقَـــدَّمٌ بـــعـــد ذِكْــــــرِ الله ذِكْـــرُهُــــمُ، فـــي كـــلّ بَـــدْءٍ، وَمَـخـتـومٌ بـــه الـكَـلِـمُ
إنْ عُـــدّ أهْـــلُ الـتّـقَـى كـانــوا أئِـمّـتَـهـمْ، أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَـسـتَـطـيـعُ جَـــــوَادٌ بَــعـــدَ جُــودِهِـــمُ ، وَلا يُـدانِـيـهِــمُ قَــــــوْمٌ، وَإنْ كَـــرُمُـــوا
هُـــمُ الـغُـيُـوثُ، إذا مـــا أزْمَـــةٌ أزَمَــــتْ، وَالأُسـدُ أُســدُ الـشّـرَى، وَالـبـأسُ محـتـدمُ
لا يُنـقِـصُ العُـسـرُ بَسـطـاً مـــن أكُـفّـهِـمُ؛ سِـيّــانِ ذلــــك: إن أثَــــرَوْا وَإنْ عَــدِمُــوا
يُـسـتـدْفَـعُ الــشــرُّ وَالـبَـلْــوَى بـحُـبّـهِــمُ، وَيُـسْــتَــرَبّ بِـــــهِ الإحْــسَـــانُ وَالـنِّــعَــمُ
http://www.alkadhum.org/ar/php-other/images/alimam_albaqer.jpg
الامام علي ابن الحسين السجاد
أحد الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) الذين نصّ عليهم النبىّ(صلى الله
عليه وآله) كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، إذ قال: «الخلفاء
بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش».
وقد ولد الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السلام) في سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين.
وعاش
سبعة وخمسين سنة تقريباً، قضى ما يقارب سنتين أو أربع منها في كنف جدّه
الإمام علىّ(عليه السلام)، ثمّ ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه
الحسين(عليهما السلام) سبطي الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وارتوى من
نمير العلوم النبوية، واستقى من ينبوع أهل البيت الطاهرين.
برز
على الصعيد العلمي إماماً في الدين ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام
الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى، واعترف المسلمون
جميعاً بعلمه واستقامته وأفضليّته، وانقاد الواعون منهم إلى زعامته وفقهه
ومرجعيّته.
كان
للمسلمين عموماً تعلّق عاطفي شديد بهذا الإمام، وولاء روحي عميق له، وكانت
قواعده الشعبية ممتدّة في كلّ مكان من العالم الإسلامي، كما يشير إلى ذلك
موقف الحجيج الأعظم منه، حينما حجّ هشام بن عبد الملك.
لم
تكن ثقة الاُمّة بالإمام زين العابدين(عليه السلام) ـ على اختلاف
اتجاهاتها ومذاهبها ـ مقتصرة على الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت
تؤمن به مرجعاً وقائداً، ومفزعاً في كلّ مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه
امتداداً لآبائه الطاهرين.
ومن
هنا نجد أنّ عبد الملك بن مروان قد استنجد بالإمام زين العابدين(عليه
السلام) لحلّ مشكلة التعامل بالنقود الرومية إبّان تهديد الملك الروماني
له بإذلال المسلمين.
وقد
قدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد
استشهاد أبيه (عليه السلام) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في
مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي
أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها
العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة
وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من
العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.
تعرضت الاُمة الإسلامية في عصر هذا الإمام (عليه السلام) لخطرين كبيرين:
الخطر
الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة، والذي قد ينتهي بالاُمة
إلى التميّع والذوبان وفقدان أصالتها، فكان لابدّ من عمل علمي يؤكّد
للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدة من
الكتاب والسنّة. وكان لابدّ من تأصيل للشخصية الاسلامية، وذلك من خلال زرع
بذور الاجتهاد.
وهذا
ما قام به الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) فقد بدأ حلقة من البحث
والدرس في مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله) وأخذ يحدّث الناس بصنوف
المعرفة الإسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، وراح يفيض عليهم
من علوم آبائه الطاهرين.
وهكذا
تخرّج من هذه الحلقة الدراسيّة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه
الحلقة المباركة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس الفقه الإسلامي
وكانت الأساس لحركة الفقه الناشطة.
الخطر
الثاني : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والانسياق مع ملذّات الحياة
الدنيا والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة، وبالتالي ضمور الشعور
بالقيم الخلقية.
وقد
اتّخذ الإمام زين العابدين(عليه السلام) من الدعاء أساساً لدرء هذا الخطر
الكبير الذي ينخر في الشخصية الإسلامية ويهزّها من داخلها هزّاً عنيفاً
ويحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها. ومن هنا كانت «الصحيفة
السجادية» تعبيراً صادقاً عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه
على الإمام(عليه السلام) إضافة إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على
مرّ الدهور مصدر عطاء ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية
بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد إليه حاجة كلّما ازداد
الشيطان للإنسانية إغراءً والدنيا فتنةً له.
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
الإمام ( عليه السلام ) والوليد بن عبد الملك :
تأزَّم الوضع بعد موت عبد الملك بن مروان ، واستلام الوليد ابنه زمام الأمور ، حيث بقي الإمام السجاد ( عليه السلام ) مواصلاً لخطواته الإصلاحية بين صفوف الأمة الإسلامية ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر .
مما أقضَّ مضاجع قادة الحكم الأموي ، بسبب عدم تَمَكُّنهم من الاستمرار في أهدافهم التحريفية ، للرسالة الإلهية .
وقد كان الوليد من أحقد الناس على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، لأنه كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام ( عليه السلام ) .
الذي كان يتمتَّع بشعبية كبيرة ، حتى تحدث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه ، وفقهه ، وعبادته .
وعجّت الأندية بالتحدُّث عن صبره وسائر ملكاته ( عليه السلام ) ، واحتلَّ مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم ، فكان السعيد من يحظى برؤيته ، ويتشرَّف بمقابلته ، والاستماع إلى حديثه .
وقد شقَّ على الأمويين عامة هذا الموقع المتميّز للإمام ( عليه السلام ) ، وأقضَّ مضاجعهم .
ورُوِي عن الوليد أنَّه قال : لا راحة لي وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا ، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، والتخلص منه .
شهادته ( عليه السلام ) :
أرسل الوليد سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة ، وأمَرَه أن يدسَّه للإمام ( عليه السلام ) ، ونفَّذ عامله ذلك .
فسَمَتْ روح الإمام ( عليه السلام ) العظيمة إلى خالقها ، بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها ، وعباداتها ، وجهادها ، وتجرُّدِها من الهوى .
وكان ذلك في الخامس والعشرين من محرم 95 هـ ، وعلى رواية أخرى أنّه شهادته ( عليه السلام ) كانت في الثاني عشر من محرم 95 هـ .
دفن الإمام ( عليه السلام ) :
تولَّى الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) بتجهيز جثمان أبيه ( عليه السلام ) ، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له ، جِيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة .
فحفروا قبراً بجوار قبر عَمِّه الزكي الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) ، سيد شباب أهل الجنة .
وأنزل الإمام الباقر ( عليه السلام ) جثمان أبيه زين العابدين وسيد الساجدين ( عليه السلام ) ، فواراه في مَقَرِّه الأخير .
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
قيدوه على نياق هزال...ضربوه بأكعب من رماح
أسروه كسبى ترك وروم...أحدقوا حوله ببيض الصفاح
نهبوا ثقله ونادوا هلمّوا...اقتلوا فقتله من فلاح
قلّبوه على التراب عناداً ...حيث جروا من نطعه المستباح
يا له الله من أسير يعاني ...طعنة القوم في المسا والصباح
حشروه مع النساء أسيراً ...وجميعاً طول الثرى في مناح
وأمام السجاد رأس أبيه ...وذويه مرفوعة في الرماح
يشخب الدم عنقه بحديد ...قيدوه به بغير سماح
أحضروه مجالس الخمر للتشـ ...ـهير فيها به لدى الضحضاح
قرضوه على ألماعنا ويا ...سبأ برت لها طويل النباح
ثم سموّه بعد هذا وهذا، ...اطفؤا النور من سنا المصباح
هدموا قبره أخيراً بظلم...حيث تسفي عليه هوج الرياح
http://www.al-hodaonline.com/sound/images/aa/haidar21.jpg
علي السجاد أبو الباقر أنا يا شيعتي مظلوم
و انا فوق المرض لني تقطع جبدي المسموم
و ما ظل بالخلق مثلي حمل ضيم و صبر و اهموم
و لا دمعي نشف ساعة من طف كربله و لليوم
و يا جرح البعد يلتام و حيلي من المرض مهدوم
شحجي و شقولن عن محنتي لوعة مصابي لو حسرتي
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
فلنعزي مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف
والأمة الإسلامية جمعاء وشيعة أهل البيت عليهم السلام بمناسبة
حلول *ذكرى استشهاد الإمام زين العابدين عليه السلام *
عظم الله أجورنا وأجوركم
تحياتي نور...
هــــذا ابــــنُ خَــيــرِ عِــبــادِ الله كُـلّــهِــمُ، هـــذا الـتّـقــيّ الـنّـقــيّ الـطّـاهِــرُ الـعَـلَــمُ
هـــذا ابـــنُ فـاطـمَـةٍ، إنْ كُـنْــتَ جـاهِـلَـهُ، بِـــجَـــدّهِ أنْــبِــيَــاءُ الله قَــــــدْ خُــتِــمُـــوا
وَلَـيْــسَ قَـوْلُــكَ: مَـــن هـــذا؟ بـضَـائـرِه، الـعُــرْبُ تَـعــرِفُ مـــن أنـكَــرْتَ وَالـعَـجـمُ
كِـلْـتــا يَــدَيْــهِ غِــيَــاثٌ عَــــمَّ نَـفـعُـهُـمَـا، يُـسْـتَـوْكَـفــانِ، وَلا يَـعـرُوهُــمــا عَـــــــدَمُ
سَـهْــلُ الخَلِـيـقَـةِ، لا تُـخـشــى بَــــوَادِرُهُ، يَزِيـنُـهُ اثـنـانِ: حُـسـنُ الـخَـلـقِ وَالـشّـيـمُ
حَــمّــالُ أثــقــالِ أقــــوَامٍ، إذا افـتُــدِحُــوا، حُـلــوُ الشّـمـائـلِ، تَـحـلُــو عــنــدَهُ نَــعَــمُ
مـــا قـــال: لا قــــطُّ، إلاّ فــــي تَـشَـهُّــدِهِ، لَـــــوْلا الـتّـشَـهّــدُ كـــانَـــتْ لاءَهُ نَـــعَـــمُ
عَــــمَّ الـبَـرِيّــةَ بـالإحـســانِ، فانْـقَـشَـعَـتْ عَـنْـهــا الـغَـيـاهِـبُ والإمْــــلاقُ والــعَـــدَمُ
إذ رَأتْــــــهُ قُـــرَيْـــشٌ قــــــال قـائِـلُــهــا: إلــــى مَــكَــارِمِ هــــذا يَـنْـتَـهِــي الــكَـــرَمُ
يُغْـضِـي حَـيـاءً، وَيُغـضَـى مــن مَهابَـتِـه، فَـــمَــــا يُــكَــلَّـــمُ إلاّ حِـــيــــنَ يَـبْــتَــسِــمُ
بِــكَــفّــهِ خَـــيْـــزُرَانٌ رِيـــحُـــهُ عَـــبِـــقٌ، مـــن كَـــفّ أرْوَعَ، فـــي عِرْنِـيـنِـهِ شـمَــمُ
يَــكـــادُ يُـمْـسِـكُــهُ عِـــرْفـــانَ رَاحَـــتِـــهِ، رُكْـــنُ الحَـطِـيـمِ إذا مـــا جَــــاءَ يَـسـتَـلِـمُ
الله شَــــرّفَــــهُ قِــــدْمـــــاً، وَعَـــظّـــمَـــهُ، جَـــرَى بِـــذاكَ لَـــهُ فـــي لَــوْحِــهِ الـقَـلَــمُ
أيُّ الـخَـلائِــقِ لَـيْـسَــتْ فــــي رِقَـابِــهِــمُ، لأوّلِـــيّــــةِ هَـــــــذا، أوْ لَــــــــهُ نِــــعــــمُ
مَــــن يَـشــكُــرِ الله يَـشــكُــرْ أوّلِــيّـــةَ ذا؛ فـالـدِّيـنُ مِـــن بَـيــتِ هـــذا نَـالَــهُ الأُمَـــمُ
يُنـمـى إلــى ذُرْوَةِ الـدّيـنِ الـتــي قَـصُــرَتْ عَنـهـا الأكـــفُّ، وعـــن إدراكِـهــا الـقَــدَمُ
مَـــنْ جَـــدُّهُ دان فَـضْــلُ الأنْـبِـيــاءِ لَــــهُ؛ وَفَــضْــلُ أُمّــتِـــهِ دانَـــــتْ لَـــــهُ الأُمَـــــمُ
مُـشْـتَـقّــةٌ مِـــــنْ رَسُـــــولِ الله نَـبْـعَـتُــهُ، طَــابَــتْ مَـغـارِسُــهُ والـخِــيــمُ وَالـشّــيَــمُ
يَنْـشَـقّ ثَــوْبُ الـدّجَـى عــن نــورِ غـرّتِــهِ كالشمـس تَنـجـابُ عــن إشرَاقِـهـا الظُّـلَـمُ
مـــن مَـعـشَـرٍ حُـبُّـهُـمْ دِيـــنٌ، وَبُـغْـضُـهُـمُ كُــفْــرٌ، وَقُـرْبُــهُــمُ مَـنــجــىً وَمُـعـتَـصَــمُ
مُـــقَـــدَّمٌ بـــعـــد ذِكْــــــرِ الله ذِكْـــرُهُــــمُ، فـــي كـــلّ بَـــدْءٍ، وَمَـخـتـومٌ بـــه الـكَـلِـمُ
إنْ عُـــدّ أهْـــلُ الـتّـقَـى كـانــوا أئِـمّـتَـهـمْ، أوْ قيل: «من خيرُ أهل الأرْض؟» قيل: هم
لا يَـسـتَـطـيـعُ جَـــــوَادٌ بَــعـــدَ جُــودِهِـــمُ ، وَلا يُـدانِـيـهِــمُ قَــــــوْمٌ، وَإنْ كَـــرُمُـــوا
هُـــمُ الـغُـيُـوثُ، إذا مـــا أزْمَـــةٌ أزَمَــــتْ، وَالأُسـدُ أُســدُ الـشّـرَى، وَالـبـأسُ محـتـدمُ
لا يُنـقِـصُ العُـسـرُ بَسـطـاً مـــن أكُـفّـهِـمُ؛ سِـيّــانِ ذلــــك: إن أثَــــرَوْا وَإنْ عَــدِمُــوا
يُـسـتـدْفَـعُ الــشــرُّ وَالـبَـلْــوَى بـحُـبّـهِــمُ، وَيُـسْــتَــرَبّ بِـــــهِ الإحْــسَـــانُ وَالـنِّــعَــمُ
http://www.alkadhum.org/ar/php-other/images/alimam_albaqer.jpg
الامام علي ابن الحسين السجاد
أحد الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) الذين نصّ عليهم النبىّ(صلى الله
عليه وآله) كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، إذ قال: «الخلفاء
بعدي اثنا عشر كلّهم من قريش».
وقد ولد الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السلام) في سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين.
وعاش
سبعة وخمسين سنة تقريباً، قضى ما يقارب سنتين أو أربع منها في كنف جدّه
الإمام علىّ(عليه السلام)، ثمّ ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه
الحسين(عليهما السلام) سبطي الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وارتوى من
نمير العلوم النبوية، واستقى من ينبوع أهل البيت الطاهرين.
برز
على الصعيد العلمي إماماً في الدين ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام
الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى، واعترف المسلمون
جميعاً بعلمه واستقامته وأفضليّته، وانقاد الواعون منهم إلى زعامته وفقهه
ومرجعيّته.
كان
للمسلمين عموماً تعلّق عاطفي شديد بهذا الإمام، وولاء روحي عميق له، وكانت
قواعده الشعبية ممتدّة في كلّ مكان من العالم الإسلامي، كما يشير إلى ذلك
موقف الحجيج الأعظم منه، حينما حجّ هشام بن عبد الملك.
لم
تكن ثقة الاُمّة بالإمام زين العابدين(عليه السلام) ـ على اختلاف
اتجاهاتها ومذاهبها ـ مقتصرة على الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت
تؤمن به مرجعاً وقائداً، ومفزعاً في كلّ مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه
امتداداً لآبائه الطاهرين.
ومن
هنا نجد أنّ عبد الملك بن مروان قد استنجد بالإمام زين العابدين(عليه
السلام) لحلّ مشكلة التعامل بالنقود الرومية إبّان تهديد الملك الروماني
له بإذلال المسلمين.
وقد
قدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد
استشهاد أبيه (عليه السلام) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في
مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي
أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها
العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة
وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من
العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.
تعرضت الاُمة الإسلامية في عصر هذا الإمام (عليه السلام) لخطرين كبيرين:
الخطر
الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة، والذي قد ينتهي بالاُمة
إلى التميّع والذوبان وفقدان أصالتها، فكان لابدّ من عمل علمي يؤكّد
للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدة من
الكتاب والسنّة. وكان لابدّ من تأصيل للشخصية الاسلامية، وذلك من خلال زرع
بذور الاجتهاد.
وهذا
ما قام به الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) فقد بدأ حلقة من البحث
والدرس في مسجد الرسول(صلى الله عليه وآله) وأخذ يحدّث الناس بصنوف
المعرفة الإسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، وراح يفيض عليهم
من علوم آبائه الطاهرين.
وهكذا
تخرّج من هذه الحلقة الدراسيّة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه
الحلقة المباركة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس الفقه الإسلامي
وكانت الأساس لحركة الفقه الناشطة.
الخطر
الثاني : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والانسياق مع ملذّات الحياة
الدنيا والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة، وبالتالي ضمور الشعور
بالقيم الخلقية.
وقد
اتّخذ الإمام زين العابدين(عليه السلام) من الدعاء أساساً لدرء هذا الخطر
الكبير الذي ينخر في الشخصية الإسلامية ويهزّها من داخلها هزّاً عنيفاً
ويحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها. ومن هنا كانت «الصحيفة
السجادية» تعبيراً صادقاً عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه
على الإمام(عليه السلام) إضافة إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على
مرّ الدهور مصدر عطاء ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية
بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد إليه حاجة كلّما ازداد
الشيطان للإنسانية إغراءً والدنيا فتنةً له.
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
الإمام ( عليه السلام ) والوليد بن عبد الملك :
تأزَّم الوضع بعد موت عبد الملك بن مروان ، واستلام الوليد ابنه زمام الأمور ، حيث بقي الإمام السجاد ( عليه السلام ) مواصلاً لخطواته الإصلاحية بين صفوف الأمة الإسلامية ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر .
مما أقضَّ مضاجع قادة الحكم الأموي ، بسبب عدم تَمَكُّنهم من الاستمرار في أهدافهم التحريفية ، للرسالة الإلهية .
وقد كان الوليد من أحقد الناس على الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، لأنه كان يرى أنه لا يتم له الملك والسلطان مع وجود الإمام ( عليه السلام ) .
الذي كان يتمتَّع بشعبية كبيرة ، حتى تحدث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه ، وفقهه ، وعبادته .
وعجّت الأندية بالتحدُّث عن صبره وسائر ملكاته ( عليه السلام ) ، واحتلَّ مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم ، فكان السعيد من يحظى برؤيته ، ويتشرَّف بمقابلته ، والاستماع إلى حديثه .
وقد شقَّ على الأمويين عامة هذا الموقع المتميّز للإمام ( عليه السلام ) ، وأقضَّ مضاجعهم .
ورُوِي عن الوليد أنَّه قال : لا راحة لي وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا ، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، والتخلص منه .
شهادته ( عليه السلام ) :
أرسل الوليد سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة ، وأمَرَه أن يدسَّه للإمام ( عليه السلام ) ، ونفَّذ عامله ذلك .
فسَمَتْ روح الإمام ( عليه السلام ) العظيمة إلى خالقها ، بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها ، وعباداتها ، وجهادها ، وتجرُّدِها من الهوى .
وكان ذلك في الخامس والعشرين من محرم 95 هـ ، وعلى رواية أخرى أنّه شهادته ( عليه السلام ) كانت في الثاني عشر من محرم 95 هـ .
دفن الإمام ( عليه السلام ) :
تولَّى الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) بتجهيز جثمان أبيه ( عليه السلام ) ، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له ، جِيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة .
فحفروا قبراً بجوار قبر عَمِّه الزكي الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) ، سيد شباب أهل الجنة .
وأنزل الإمام الباقر ( عليه السلام ) جثمان أبيه زين العابدين وسيد الساجدين ( عليه السلام ) ، فواراه في مَقَرِّه الأخير .
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
قيدوه على نياق هزال...ضربوه بأكعب من رماح
أسروه كسبى ترك وروم...أحدقوا حوله ببيض الصفاح
نهبوا ثقله ونادوا هلمّوا...اقتلوا فقتله من فلاح
قلّبوه على التراب عناداً ...حيث جروا من نطعه المستباح
يا له الله من أسير يعاني ...طعنة القوم في المسا والصباح
حشروه مع النساء أسيراً ...وجميعاً طول الثرى في مناح
وأمام السجاد رأس أبيه ...وذويه مرفوعة في الرماح
يشخب الدم عنقه بحديد ...قيدوه به بغير سماح
أحضروه مجالس الخمر للتشـ ...ـهير فيها به لدى الضحضاح
قرضوه على ألماعنا ويا ...سبأ برت لها طويل النباح
ثم سموّه بعد هذا وهذا، ...اطفؤا النور من سنا المصباح
هدموا قبره أخيراً بظلم...حيث تسفي عليه هوج الرياح
http://www.al-hodaonline.com/sound/images/aa/haidar21.jpg
علي السجاد أبو الباقر أنا يا شيعتي مظلوم
و انا فوق المرض لني تقطع جبدي المسموم
و ما ظل بالخلق مثلي حمل ضيم و صبر و اهموم
و لا دمعي نشف ساعة من طف كربله و لليوم
و يا جرح البعد يلتام و حيلي من المرض مهدوم
شحجي و شقولن عن محنتي لوعة مصابي لو حسرتي
http://www.harouf.com/SiratAhlelbeit/albaqeea.jpg
فلنعزي مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف
والأمة الإسلامية جمعاء وشيعة أهل البيت عليهم السلام بمناسبة
حلول *ذكرى استشهاد الإمام زين العابدين عليه السلام *
عظم الله أجورنا وأجوركم
تحياتي نور...