al-baghdady
25-01-2009, 10:32 PM
أول مأتم حسيني في بغداد
محمد حسن الجابري
كاتب عراقي
ذكرَى كربلاء- او ما اصطلح على تسميتها ذكرى عاشوراء- اهيمة لا تعادلها اهمية اية ذكرة دينية.. وقد اعتاد موالو آل البيت النبوي في شتى انحاء العالم ان يحيوا ذكرى كربلاء على مدى عشرة ايام متتالية تبدأ في اليوم الاول من محرم الحرام وتنتهي في العاشر منه. وتكرس هذه الايام للحزن الذي تغيب عنه كل مظاهر الفرح وحتى التسلية.. فلا غناء ولا رقص ولا حفلات زواج، ولا اي شيء من هذا القبيل. وعلى الجميع رجالا ونساء في هذه الايام العشرة ان يمتنعوا عن اي شكل من اشكال التبرج.. والغالبية العظمى يرتدون اللباس الاسود. لهذا كله كان اول مأتم حسيني اقيم في بغداد كان في اول سنة 352هـ /866م على ما نقله الذهبي في تاريخه. قال في حوادث السنة المذكورة ما نصهيوم عاشوراء قال ثابت: الزم معز الدولة الناس بغلق الاسواق ومنع الهراسين والطباخين من الطبخ ونصبوا القباب في الاسواق وعلقوا عليها المسوح واخرجوا نساء منشورات الشعور مضمخات يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم على الحسين عليه السلام وهذا اول يوم نيح عليه ببغداد وجرت العادة في كل سنة الى يومنا هذا يأتون الى مشهد الامامين الكاظمين عليهما السلام يعزونهما باستشهاد جدهما الامام الحسين عليه السلام. وفي سنة 604 هجرية امر الخليفة العباسي الناصر ببناء دور في اطراف بغداد لاطعام الفقراء وسميت بدور الضيافة وكان المشهد الكاظمي من جملة من بني فيه مثل هذه الدور يطبخ فيها اللحم للزائرين ويقدم لهم الطعام والخبز الجيد ليفطروا به. وظهر في العالم الاسلامي فيما بعد شكل جدي لتمثيل قصة استشهاد الامام الحسين وآل بيته عليهم السلام والتي اخذت تعرف باسم (التعزية) وتمثل التعزية الاحداث المأساوية التي احاطت باستشهاد الامام الحسين بن علي في كربلاء وآل بيت الرسول (ص).. وكانت مسرحيات (التشابيه) او التعزية هذه تعرض في الذكرى السنوية لهذا الحدث الأليم وان كان عرضها لا يقتصر على ذلك الوقت من السنة كما صيغت بعض الحوادث التاريخية الاخرى في صورة ادب تمثيلي وعرضت على نحو مماثل وقد بقيت نماذج عديدة من نصوص هذا الادب المسرحي المعروف بالتعزية او (قصة مقتل الامام الحسين عليه السلام).
يا حسين.. يا حسين!!
صوت واحد مذبوح يخرج من اعماق المعزين والقصة حيّة خالدة كأنها وقعت بالأمس كل التفاصيل تروى.. يدخلها الشعر تارة وتارة يدخلها البكاء وابدا لا يفارقها ذلك الحزن الذي لا حدود له. ولقد تكون بعض الاضافات ادخلت على القصة الاصلية من كثرة التكرار.. ولكن الخطوط الرئيسة لا تزال هي هي لم تتغير. ويتولى مقرئون متمرسون قراءة سيرة كربلاء على مدى الايام العشرة وجرت العادة ان تخصص كل ليلة من الليالي التسع الاولى لتلاوة مصرع واحد من اصحاب الحسين عليهم السلام كيوم للقاسم ويوم.. وهكذا اما اليوم العاشر فيخصص لتلاوة السيرة كلها وللمقرئين او ما يعرفون باللهجة العامية (الروزخونية) اسلوب خاص في القراءة فهم ينغمونها بطريقة حزينة ويجمعون اليها البكاء الذي ما يلبث ان ينتشر بين السامعين. فمن ابرز هؤلاء القراء الشيخ عبد الزهرة الكعبي واعتبر من ابرز رجال التعزية الحسينية وصور قصة استشهاد الامام الحسين باسلوب خطابي جمع بين الاسلوب الفصيح في الكلام واللهجة العامية الشعبية. ان كربلاء كانت تدعى قديما نينوى او كور بابل ولم يكن فيها قبل وقوف الامام الحسين عندها ما يميزها عن سواها من مدن العراق.. وقيل ان الامام الحسين عليه السلام سأل عن اسمها عندما وصل اليها فقيل له كربلاء فدمعت عيناه وقال: (اللهم اعوذ بك من الكرب والبلاء.. هنا محط ركابنا وسفك دمائنا ومحل قبورنا). دعاء الامام الحسين (ع) خلال الشدة: (يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لاتنام واكنفني بركنك الذي لا يرام).
منقول
محمد حسن الجابري
كاتب عراقي
ذكرَى كربلاء- او ما اصطلح على تسميتها ذكرى عاشوراء- اهيمة لا تعادلها اهمية اية ذكرة دينية.. وقد اعتاد موالو آل البيت النبوي في شتى انحاء العالم ان يحيوا ذكرى كربلاء على مدى عشرة ايام متتالية تبدأ في اليوم الاول من محرم الحرام وتنتهي في العاشر منه. وتكرس هذه الايام للحزن الذي تغيب عنه كل مظاهر الفرح وحتى التسلية.. فلا غناء ولا رقص ولا حفلات زواج، ولا اي شيء من هذا القبيل. وعلى الجميع رجالا ونساء في هذه الايام العشرة ان يمتنعوا عن اي شكل من اشكال التبرج.. والغالبية العظمى يرتدون اللباس الاسود. لهذا كله كان اول مأتم حسيني اقيم في بغداد كان في اول سنة 352هـ /866م على ما نقله الذهبي في تاريخه. قال في حوادث السنة المذكورة ما نصهيوم عاشوراء قال ثابت: الزم معز الدولة الناس بغلق الاسواق ومنع الهراسين والطباخين من الطبخ ونصبوا القباب في الاسواق وعلقوا عليها المسوح واخرجوا نساء منشورات الشعور مضمخات يلطمن في الشوارع ويقمن المآتم على الحسين عليه السلام وهذا اول يوم نيح عليه ببغداد وجرت العادة في كل سنة الى يومنا هذا يأتون الى مشهد الامامين الكاظمين عليهما السلام يعزونهما باستشهاد جدهما الامام الحسين عليه السلام. وفي سنة 604 هجرية امر الخليفة العباسي الناصر ببناء دور في اطراف بغداد لاطعام الفقراء وسميت بدور الضيافة وكان المشهد الكاظمي من جملة من بني فيه مثل هذه الدور يطبخ فيها اللحم للزائرين ويقدم لهم الطعام والخبز الجيد ليفطروا به. وظهر في العالم الاسلامي فيما بعد شكل جدي لتمثيل قصة استشهاد الامام الحسين وآل بيته عليهم السلام والتي اخذت تعرف باسم (التعزية) وتمثل التعزية الاحداث المأساوية التي احاطت باستشهاد الامام الحسين بن علي في كربلاء وآل بيت الرسول (ص).. وكانت مسرحيات (التشابيه) او التعزية هذه تعرض في الذكرى السنوية لهذا الحدث الأليم وان كان عرضها لا يقتصر على ذلك الوقت من السنة كما صيغت بعض الحوادث التاريخية الاخرى في صورة ادب تمثيلي وعرضت على نحو مماثل وقد بقيت نماذج عديدة من نصوص هذا الادب المسرحي المعروف بالتعزية او (قصة مقتل الامام الحسين عليه السلام).
يا حسين.. يا حسين!!
صوت واحد مذبوح يخرج من اعماق المعزين والقصة حيّة خالدة كأنها وقعت بالأمس كل التفاصيل تروى.. يدخلها الشعر تارة وتارة يدخلها البكاء وابدا لا يفارقها ذلك الحزن الذي لا حدود له. ولقد تكون بعض الاضافات ادخلت على القصة الاصلية من كثرة التكرار.. ولكن الخطوط الرئيسة لا تزال هي هي لم تتغير. ويتولى مقرئون متمرسون قراءة سيرة كربلاء على مدى الايام العشرة وجرت العادة ان تخصص كل ليلة من الليالي التسع الاولى لتلاوة مصرع واحد من اصحاب الحسين عليهم السلام كيوم للقاسم ويوم.. وهكذا اما اليوم العاشر فيخصص لتلاوة السيرة كلها وللمقرئين او ما يعرفون باللهجة العامية (الروزخونية) اسلوب خاص في القراءة فهم ينغمونها بطريقة حزينة ويجمعون اليها البكاء الذي ما يلبث ان ينتشر بين السامعين. فمن ابرز هؤلاء القراء الشيخ عبد الزهرة الكعبي واعتبر من ابرز رجال التعزية الحسينية وصور قصة استشهاد الامام الحسين باسلوب خطابي جمع بين الاسلوب الفصيح في الكلام واللهجة العامية الشعبية. ان كربلاء كانت تدعى قديما نينوى او كور بابل ولم يكن فيها قبل وقوف الامام الحسين عندها ما يميزها عن سواها من مدن العراق.. وقيل ان الامام الحسين عليه السلام سأل عن اسمها عندما وصل اليها فقيل له كربلاء فدمعت عيناه وقال: (اللهم اعوذ بك من الكرب والبلاء.. هنا محط ركابنا وسفك دمائنا ومحل قبورنا). دعاء الامام الحسين (ع) خلال الشدة: (يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لاتنام واكنفني بركنك الذي لا يرام).
منقول